ديوان الحاج بدقت ألأسدي 19

لنعم خاتمة ألأعمال أبصرها ثم إنقلبت إليها خير منقلب
يا قبره هل درى من فيه منطويا فيك إنطوت شيم ما نالهن أبي ؟
لكنما الخطب قد باخت حرارته بسيد قائد من سادة نجب
فيه التسلي عن الماضين قاطبة فيه المعاذ لدى ألأرزاء والنوب
منير أفق العلى طرا بطلعته مشيّد للنهى بالبذل والقضب
وقاه رب الورى من كل طارقة ودام للدين والتبليغ والخطب

ورثاه الشيح محسن أبو الحب المتوفى سنة 1305 هـ فقال :
أعزيكما من ماجدين بما جد مضى لم يقدم غير إحسانه ألفا
أعزيكما من فاخرين بفاخر مضى لم يعقب غير معروفه حلفا
جواد إذا ما خلته الفخر أعرضت فإن له فيها مفاخر لا تخفى
سل ألأدب المرفوع من ذا خلافه يقيم له بيتا ويعلى له سقفا
أرى أثرا منه على الفضل لايحا تمنى أكف السابقين له قطفا
ألوم حمام ألأيك إن هي غردت سحيرا ولم تغمض لهجعتها طرفا
لقد فقدت إلفا وما هو كالذي فقدت ومثلي لا يرى مثله إلفا
لقد كان في عيني نور ضياهما فها بعده عيناي نورهما يطفى
وقد كان لي سيفا إذا ما سللته بمعركة لا أختشي أبدا خوفا
ويا صاحبا ما كنت أرجو بعاده تخطفه مني جناح الردى خطفا
لقد كنت بالقول البليغ مسددا على أن غير الحق لم تتخذ حلفا
وأن نشر ألأحياء صحف مآثر نشرت لهم من كل صالحة صحفا
أبى الدهر إلا هكذا الفضل أهله شتاتا وإلا هكذا نوره يخفى
لأن حجبتك الدهر عني كأنما محلك في قلبي وحقك لا يعفى
تركت قوافي الشعر بعدك ضيّعا تروح وتغدو لا ترى من به تكفى
فها هي ثكلى لا تمل عويلها عليك ولم تملك حشاشتها رجفا
فجاورت قبرا لو يجاوره إمرؤ أتى بذنوب الخلق لم يعدم اللطفا


ديوان الحاج بدقت ألأسدي 20

إلى جانب البحر الذي في عبابه إلى أبد ألأيام لا تسأم الغرفا
كأن الرزايا حين تبدي صروفه تحاول عن أوفى الورى ذمة كشفا
على أن من لم يتخذ سندا له كهذين لم يذخر لحادثة كهفا
هما السيدان البارعان كلاهما نتيجة هذاك الكريم الذي وفى
قديما رأيت الدهر تعدو خطوبه على شامخات العز تنسفها نسفا
كآل رسول ألله ألقت عليهم كلاكلها حتى أذاقتهم الحتفا
فلا يكتبن رومان غير صوالح أتيت بها والسوء يحذفه حذفا
إلى أن تجيء الحشر في الناس ناشرا صحيفة تبر لا تخاف لها قذفا
فتوردك الحوض الذي من سقاته علي فتسقي من موارده ألأصفى
ويا قده لا جاز مغناك ساكب تحيي ثرى مثواه ديمته الوطفى

وقال الشيخ يوسف بريطم (كان حيا سنة 1288 هـ ) راثيا :
أناخ الزمان علي الخطوبا ففوق سهما وأودى حبيبا
أصاب عيون العلى سهمه وقلب المعالي به قد أصيبا
أخي كنت للعين إنسانها فمذ غبت عنها إستحالت غروبا
أرى الناس من خلفه شيعوا فطورا زفيرا وطورا نحيبا
بقلبي شيعته خلفه فطورا سفيفا وطورا دبيبا
فقلت لقلبي هل من رجوع فقال رجوعي إفكا وحوبا
وإني لحقت بعين الكمال وبحرا طغى ما تراه نضوبا
وقس بن ساعدة(1)جنبه هباءً تراه وريحا هبوبا
وسحبان (2)حاز العلى ضربة ولكن هذا حواه ضروبا
جواد حوى كل فضل قديم وتعبير قول يقال أديبا
تسابق في حلبات السباق فصار السباق إليه نصيبا


(1) قس بن ساعدة من خطباء العرب وبلغائهم .
(2) سحبان وائل : مضرب المثل في الفصاحة .
ديوان الحاج بدقت ألأسدي 21

وقد ملأ الصحف في دره كما ملأ القلب منا لهيبا
وقفت على قبره ناعيا أرقرق دمعا عليه سكوبا
لأعفر نفسي على قبره إذا عفر الناس بزلا وثيبا

ومنهم الشاعر العلامة السيد أحمد بن كاظم الرشتي المقتول سنة 1295 هـ فقال :
قد عثر الدهر الخؤون لا لعا وناعي ألآداب والفضل نعا
وغرد القمري في أوكاره مكتئبا بلحنه قد سجعا
ما للردى أصابنا بفقد من له العلى من أسف ما هجعا
وفوَّق البين بسهمه فما من بعده القوس أبقى منزعا
هلا رعى حرمة نظم قاله في مدح سادات الورى هلا رعا
فسل عن ألآداب من أنيسها ومن محبيها إذا داع دعا
لمن دعا رزء عظيم فادح رزء عظيم فادح لمن دعا
لقد رأيت يا لقومي عجبا بحرا خضما في التراب أودعا
فمن رأى البدر المنير قبله تحت التراب نوره قد سطعا
إن رامت ألآداب أروي منهلا أوت إليه منهلا ومشرعا
ومن أتى من بعده يبغي العلا فعنه في خفي حنين رجعا
وأزهرت من روضه أيامه صار له أوج العلى منتجعا
والمجد والفضل له قد خضعا لما رقى هامهما وإرتفعا
من رام أن يقرع باب الفضل من سوى علاه بابه ما قرعا
واللؤلؤ المنثور من يراعه ينثر من نظيمه ما إجتمعا
وافى إلينا زائرا مسليا وثم ما سلم حتى ودّعا
لقد سعى في مدح سادات الورى و (ليس للإنسان إلا ما سعى)(1)


(1) سورة النجم : ألآية 39 .
ديوان الحاج بدقت ألأسدي 22

في مدح أهل البيت خير الخلق من منهم وعنهم وإليهم رجعا
وإن ذكرت كل خطب في الورى فخطبه كان عظيما أشنعا

ورثاه الشاعر الشيخ إسحاق المؤمن :
فوّق البين سهمه فأصابا مقلة المجد ليته لا أصابا
فرمى عزنا وحامي حمانا لم يزل جوده يحيّي السحابا
كل من رام أن يكون جوادا قيل فأغرب من رام ذلك خابا
كل من يدعي لذاك كذوب كيف للأرض أن تضاهي الشهابا ؟
مات شعر الورى بموت جواد كيف من فوقه أهالوا الترابا ؟
كان في ذي الزمان مثل إبن هاني(1) بل سماه فصاحة وخطابا
إن أهل القريض ناحوا عليه زفرة إثر زفرة وإنتحابا
إن رب العلوم رباه طفلا (كاظم ) لا يزال للطفل بابا
هو شمس الهداة في كل عصر عن سماء الهدى أماط الحجابا
ملأ الكون والوجود علوما من علوم ألإله بابا فبابا
ملأ الكون والوجود سخاء فهو كالبحر حين يبدي العبابا
كل من جاء يطلب الرفد منه لا يرى مانعا ولا بوابا
ولنا بعده بشمس نهار سبب ترتجى به ألأسبابا
عقم الدهر مثله بمضاه كل من رام أن يجاريه خابا

ورثاه الشاعر الشيخ فليح حسون رحيم الجشعمي المتوفى سنة 1296 هـ :
تعس الخطب ماله قد أصابا من ذوي اللب والنهى ألألبابا
ورماها بفادح لو ثناه للجبال المهاد كانت سرابا
ودهاها بأي رزء وأسرى في قلوب ألأحباب منها شهابا
وبفقد الجواد أوهى قواها والحشا والقلوب منها أذابا


(1) الشاعر الكبير محمد هاني ألأندلسي .
ديوان الحاج بدقت ألأسدي 23

حسن الخلق صافي الذهن ندب حالف الفخر والوقار شبابا
تحفة العصر لا يضاهيه شخص في البرايا نباهة وخطابا
قيل لي إرثه فقلت لعمري لا أرى لي لما تقولون بابا
ما عساني أقول فيه وإني لا أرى الشعر فيه شيئا عجابا
هو رب لكل شعر بليغ في قريض يحيّر ألألبابا
هو قطب ألآداب كانت عليه دائرات فأثكل ألآدابا
فاق قسا فصاحة وإبن هاني بفنون القريض بابا فبابا
جلب الحزن كل خل ودود أو حميم بفقده جلبابا
مدح ألآل آل طه رجاء أن يصيب المنى بهم فأصابا
حاز في مدحهم مقاما عليا وتلقى (كواعبا أترابا)(1)
وبهم نال في الجنان جزاء عن مديح له عطاء حسابا
فهنيئا له بما نال منهم من ثواب أكرم بذاك ثوابا
قد دعوه إلى القدوم عليهم آل طه تحننا فأجابا
فأبت بعده دموع المعالي لعظيم المصاب إلا إنسكابا
أحمد الخير لا تزال علينا مشفقا مسعفا لنا أوابا
عش سعيدا وذو المعالي أخوكا ما تجلى بدر السماء وغابا


(1) سورة النبأ : ألآية 33 .
ديوان الحاج بدقت ألأسدي 24


خاتمة :

هذا ما تيسر لي الوقوف على جمع وتبويب وترتيب قصائد صاحب الديوان ، وإن نظرة فاحصة فيما وصل إلينا من شعره ، تظهر لنا بوضوح أن الشاعر كان يحفل بفصاحة اللفظ ، ويتحاشى الغرابة ، وهو كثير العناية ببلاغة العبارة ونقاوتها . ومن المؤسف حقا أن يعيش هذا الشاعر ويموت قبل قرن من الزمان أو يزيد ، ولم يعرف القارئ العربي المعاصر النزر اليسير من حياته ، ولم يتعرف على بنات أفكاره وعرائس أحلامه حتى اليوم ، في حين أنه كان أحد أعلام ألأدب في الفرات ألأوسط من العراق في عصره ، سجل في صفحات الخلود أدبا عبقريا يشار إليه بالبنان .
وإني إذا أقدم هذا الديوان الشعري إلى المعنيين بالتراث العلمي العربي من المثقفين والعلماء والدارسين ، أملي أن أكون قد وقفت لما أصبو إليه من خدمة هذا التراث وإحياء لذكرى شاعرنا الخالد ، راجيا أن يكون نشر هذا الديوان ، إضافة جديدة إلى المكتبة العربية .
وأبتهل إلى العلي القدير أن ينال عملي بالرضا والقبول ، وأشكر السادة ألأفاضل الذين تكرموا بمساعدتي في إنجازه ، سائلا المولى جل وعلا أن يوفق الجميع لما فيه الصلاح والخير ، وألله المحمود وهو المسؤول أن يتقبل هذا خالصا .
كربلاء ـ العراق سلمان هادي محمد مهدي آل طعمة
1 / 7 / 1993 م


ديوان الحاج بدقت ألأسدي 41

قافية الراء
(23)

(من المتقارب)


قال مادحا أهل البيت (ع) وأولها في الغزل :
أرامية سهم لحظ فتور أغيري على من رميت أغيري
فكي وثاق مبرح وجد بقيد إشتياقك مثل ألأسير
وإلا رماك الوصي بمقت يشب إلى الفلك المستدير
فليس يفوت عليه وأنى يفوت عليما بذات الصدور(1)
فهذا الذي بسط الكائنات وقال لأرحية(2)الكون دوري
وأرسى قواعد إيجادها وقرت على دوران ألأثير
وقدر في الناس أقواتها بها مر لطف خفي الظهور
وقوم هذا الوجود بقد.... ....رة مولى على كل شيء قدير


(1) وفيه إقتباس من ألآية الكريمة : «إنه عليم بذات الصدور ».
(2) أرحية : جمع مفردها : رحى .
ديوان الحاج بدقت ألأسدي 42

فلا يلج الريب قلب إمرئ فكل الذي قلت شيء ضروري
كلفت بلطف اللطيف الخبير بأنك لطف اللطيف الخبير
وثقت بشأن العلي الكبير بأنك شأن العلي الكبير
حلفت بعين السميع البصير بأنك عين السميع البصير
إليك انتهاني ومنك إبتدائي ومنك ورودي ومنك صدوري
وإنك أمر ألإله الذي تقلب هذا الورى في ألأمور
وأنت عميدي ومنك وجودي ويوم المعاد إليك مصيري
وأنت تعيد الخلائق بعد ألــ ــفناء وتبعث من في القبور
أغثني بمسفعة من نداك ألــ ـذي قد أطاف بكل الدهور
ببسطي كف السؤول الطرير(1) لبسطك(2)كف الغني القدير
وشأني شأن الظلوم الجهول وشأنك شأن العفو الغفور
أجرني من أليم العذاب مجيري كما أنت من ريب دهري مجيري
لأني أنمى إلى مدحكم وأكرم به مفخرا للفخور
وماذا أقول وهل أستطيع مباراة ما قد أتى في الزبور؟
بكم أظهر ألله أوصافه وأن ولج الشك قلب الكفور


(1) الطرير : الذي طر شاربه ، ويبدو أن الشاعر كان في مطلع شبابه عند نظمه هذه القصيدة .
(2) البسطة : الزيادة والسعة والحسن ، وفي قوله تعالى : «وزاده بسطة في العلم»، فلان بسط يده : إنبسطت بالمعروف والمقصود : العطاء .
ديوان الحاج بدقت ألأسدي 43

(25)

(من المتقارب)


قال راثيا سيد الشهداء ألإمام الحسين بن علي عيهما السلام :
متى فلك الحادثات إستدارا وغادر كل حشى مستطارا
كيوم الحسين ونار الوغى تصاعد للفرقدين الشرارا
فلم تر إلا شهابا ورى وشهما بفيض النجيع (1)توارى
إلى أن أطل بها فادح تزلزل منه الوجود ومارا
وعاد إبن أزكى الورى محتدا(2) وأمنع كل البرايا حوارا
تجول على جسمه الصافنات وتكسوه من نقعها(3)ما إستثارا
فيا ثاويا يملأ الكائنات علا ويضيء الوجود منارا
ويا سابقا قد وهاه العثار فليت العثار أصيب العثارا(4)
فكيف وأنت حسام ألإله تفلل منك المنايا غرارا ؟(5)
وتدعو وأنت حمى المستجير فيعيى عليك الورى أن تجارا
وتستسقي من نفحات الظما فتسقى من المشرفي الحرارا
وتبقى ثلاثا بديمومة معرى بجرعائها لا توارى
وكيف يعفر منك الصعيد(6) محيا به الملكوت إستنارا؟
وصدرك عيبة علم ألإله يعد لخيل ألأعادي مغارا
فذلك أجرى دموعي دما وأوقد ما بين جنبي نارا
وتسري وأنك مأوى ألأسير بناتك فوق المطايا أسارى


(1) النجيع : الدم المائل إلى السواد .
(2) المحتد : ألأصل .
(3) النقع : الغبار .
(4) الظاهر أنها بصيغة المعلوم لا بصيغة المجهول ، فالصواب قولنا : أصاب العثارا .
(5) الغرار : القليل من النوم .
(6) الصعيد : التراب والطريق .
ديوان الحاج بدقت ألأسدي 44

تجوب بها مربعا مربعا وتجتاز فيها ديارا ديارا
أهل تعلم العيس(1) يجاذبها السير ولهى حيارى
فما للحرائر واليعملات(2) وما لإقتحام الفلا (3)والعذارى؟
وما لعقائل أزكى ألأنام لينحى (4)بها في الفلا ويسارا؟
وإن تركب النيب مهزولة وتوسعها في الترامي مغارا
وزينب تدعو ألا هل مجير يجير وأنى لها أن تجارا
بقلب يذيب الصفا شجوه ودمع سكوب يضاهي القطارا
سأهجر إلا البكا والعويل وآلف إلا الهنا والقرارا
أرى واحدي مركزا للرماح ومن بعد يوجس قلبي إصطبارا؟
وتدعو أخاها وأنى تجاب وما كان إلا تجيب إفتقارا
أخي صرت قطب مدار الخطوب يدور علي مدى ما إستدارا
يشاطرني الدهر أحداثه وتدعو بي النائبات البدارا
وقلبي من الثكل في كل آن يموت مرارا ويحي مرارا
أراك تكابد وقع الحمام بحرّ حشاً يضرم القلب نارا
ويجلى كريمك في السمهري وجسمك جلبة قب المهارى(5)
وحولك من هاشم عصبة وصحب وفوا للمعالي ذمارا


(1) العيس : بكسر العين : ألإبل ألبيض الذي يخالط بياضها سواد خفيف ، الواحد منها أعيس ، الواحدة عيساء .
(2) اليعملات : جمع يعملة بسكون العين وهي الناقة النجيبة المطبوعة وفي ألأصل : العوامل .
(3) الفلا : جمع فلاة وهي الصحراء.
(4) وجدت الفعل (ينحى) في ألأصل بدون لام ، وهو خطأ نحوي ، لا يستقيم معه البيت إلا بألإضافة لام التعليل ، والصواب ما أثبتناه ، لأن الفعل معطوف على يُنحى المنصوب بأن المضمرة بعد لام التعليل .
(5) قوله «جلبة قب المهارى» أي ساحة مدار الخيول السريعة الجري .
ديوان الحاج بدقت ألأسدي 45

(26)

(من الطويل)


وقال راثيا ألإمام الحسين بن علي (ع) وهي من القصائد المشهورة :
بواعث إني للغرام مؤازرُ رسوم(1)بأعلى الرقمتين دوائر
يعاقب فيها للجديدين وارد إذا إنفك عنها الجديدين صادر
ذكرت لها الشوق القديم بخاطر به كل آن طارق الشوق خاطر
وإن لم تراع للوداد أوائلا فما لك في دعوى الوداد أواخر!(2)
وتلك التي لو لم تهم بمهجتي لما أنبأت أن اللحاظ سواحر
لحاظ كألحاظ المها إن أتيتها فواتك إلا أن تلك فواتر
وجيد يريك الظبي عند إلتفاتها هي الظبي ما بين الكثيبين (3)نافر
تحملت حتى ضاق ذرعا تحملي ومل إصطباري عظم ما أنا صابر
عدتك فأقلع عن ملائمة الهوى ألم يعتبر بألأولين ألأواخر؟
أهل جاء أن ذو صبوة نال طائلا؟ وإن جاء فإعلم إن تلك نوادر
فإن شئت أن توري بقلبك جذوة يصاعد هما بين جنبيك ساجر
فبادر على رغم المسرة فادحا عظيما له قلب الوجودين ذاعر
غداة أبو السجاد والموت باسط موارد لا تلفى لهن مصادر
أطل على وجه العراق بفتية تباهت بهم للفرقدين ألأواصر
يقيم بهم ركن الهدى وهو والد ويحي بهم ربع العلى وهو داثر(4)


(1) رسوم : جمع رسم ، وهو الطلل البالي .
(2) وفي رواية أخرى يروى البيت هكذا :
وإنك إن لم ترع للود أولا فما لك في دعوى المودة آخر
علما بأن الفعل (تراع) يجب حذف يائه للجزم ، وعند حذفها يحدث زحاف ، ويكون الكلام مستقيما إذا أبدلنا (لم) النافية بـ (لا) النافية غير الجازمة ، ولا يمكن أن تفوت شاعرنا هذه الملاحظة .
(3) الكثيبين : مثنى كثيب وهو تل من الرمل ، جمعه : كثبان.
(4) ورد هذا البيت في مخطوطة الفائزي فقط ؟
ديوان الحاج بدقت ألأسدي 46



فطاف بهم والجيش تأكله القنا(1) وتعبث فيه الماضيات البواتر
على معرك قد زلزل الكون هوله وأحجمن عنه الضاريات الخوادر
يزلزل أعلام المنايا بمثلها فتقضي بهول ألأولين ألأواخر
وينقض أركان المقادير بالقنا إمام على نقض المقادير قادر(2)
أمستنزل ألأقدار من ملكوتها فكيف جرت فيما لقيت المقادر
وأن إضطرابي كيف يصرعك القضا وإن القضا إنفاذ ما أنت آمر
أطل على وجه المعالم موهن وبادر أرجاء العوالم بادر
بأن إبن بنت الوحي قد أجهزت به معاشر تنميها ألأماء العواهر
فما كان يرسو الدهر في خلدي بأن (3) تدور على قطب النظام الدوائر
وتلك الرفيعات الحجاب عواثر بأذيالها بل إنما الدهر عاثر
تجلى بها نور الجلال إلى الورى على هيئة لا أنهن حواسر
يطوف على وجه البراقع نورها فيحسب راء أنهن سوافر(4)
وهب أنها مروية عن حجابها وقاهرها عن لطمة الخد قاهر
فماذا يهين البدر وهو بأفقه بأن الورى كلاً إلى البدر ناظر
ولكن عناها حين وافت حميّها رأته صريعا فوقه النقع ثائر
شكت وتشاكت حين وافت حميّها فألفته ملقى فوقه النقع ثائر(5)
فطورا تواريه العوادي وتارة تشاكل فيه الماضيات البواتر
فيا محكم الكونين أوهى إحتكامها بأنك ما بين الفريقين عافر
(1) القنا : جمع قناة وهي الرمح وتجمع أيضا على (قنوات) وقنى .
(2) ورد هذا البيت في مجلة (الغري ) س2 ع4 ص 460 .
(3) وفي رواية أخرى ورد هذا الشطر هكذا : وما دار قبل اليوم في خلدي بأن .
(4) هذا البيت نظير قول معاصره الشاعر الشيخ عبدالحسين شكر من قصيدة ، ولا ندري أيهما أخذ من ألآخر :
فتخالها حسرى القناع وإنما نور الجلال يطوف فوق البرقع
(5) لم يرد هذا البيت في مجلة (الغري).
ديوان الحاج بدقت ألأسدي 47

وأنك للجرد الضوامر حلبة ألا عقرت من دون ذاك الضوامر
ألست الذي أوردتها مورد الردى فيا ليتها ضاقت عليها المصادر
فيا ليت صدري دون صدرك موطئ ويا ليت خدي دون خدك عافر(1)


(1) عافر : إسم فاعل ، عفره في التراب : مرغه ودسه فيه ، وقد تكررت هذه القافية .
ديوان الحاج بدقت ألأسدي 51

قافية العين
(33)

(من المتقارب)


قال في رثاء ألإمام الحسين عليه السلام ، وهي من عيون شعره :
شجتك (1)الضغائن لا ألأربع وسال فؤادك لا ألأدمع
ولو لم يذب قلبك ألإشتياق فمن أين يسترسل المدمع؟
توسمتها دمنة(2)بلقعا(3) فما أنت والدمنة البلقع


(1) الشجو : الحزن والهم والحاجة ، يقال : بكى شجوة ، ودعت الحمامة لشجوها (أنظر : اللسان ، مادة : شجا) .
(2) دمنة : إسم مكان ، والدمنة : ما إسود من آثار الدار ، جمعها : دمن .
(3) البلقع : المكان المقفر .

السابق السابق الفهرس التالي التالي