ديوان الحاج بدقت ألأسدي 102

قلبوها شعبا شتـ ـى المحارى والطروق
قددا بين طريــ ـق ودعي وطليق
قسما بالمصدر الــ ـفياض والمعنى الدقيق
قولهم بالدين لا قو... ...ل بدين ذي وثوق
قد أرتنا ظاهرا عن بـ ـاطن غير صدوق
قادة الشرك إلى ألــ ـفسق وعبّاد يعوق

قافية الكاف

(من الوافر)

كفاني أن عكفت على هواكا ولو لم تولني إلا جفاكا
كفاني أن أُمني بالتلاقي غرورا قد بلغت به مناكا
كفاني إذ يجن دجى عذولي هدى لسبيل حبك أو فصاكا
كفى الصب المتيم جرح قلب إذا أرسلن فيه مقلتاكا
كللت لما دعوت فلم يجبني فهل أحد أجابه من دعاكا
كأنك لا ترق لحال شأن ولا سيما مشوقك إن شكاكا
كأنك لم تدن بولا علي وهل دين سواه له إنتماكا
كأنك قد قسوت اللب عنه وأن تقسو يدل على إباكا
كأنك لست تعلم ما ولاه وأن لأجله الباري براكا
كمال الدين أن تجنح لدين كفاك بأن تدين له كفاكا
كرمت على ألإله أبا حسين فخصك بالولاية فإرتضاكا
كملت كما يشاء وذاك شأن سوى أبناك عز على سواكا
فإن العالم ألأعلى منوط بأمرك والحقيقة إن ذاكا
كفى الشرطين(1)طائلة فإني رأيت له بنعليك إشتراكا


(1) الشرطين : أحد النجوم.
ديوان الحاج بدقت ألأسدي 103

كفى ألأملاك توحيدا فإني رأيت لنا بطاعتك إنهماكا
كفى ألإيجاد إمدادا فإني أراه مستمدا من نداكا
كفاني سبعة دينا ودنيا بأني لم أدن بسوى ولاكا

قافية اللام

(من الكامل)

لم يبلغ العذال ما قد أملوا يبقى الغرام هو الغرام ألأول
لم يعف مني للصبابة منزل إلا وجدد في فؤادي منزل
لم أهو إلا أن أقيم على الهوى أضعاف ما راموا بأني أعدل
لو يعدلون بما قضوه لأبدلوا أن يعذروا ذا الحب عن أن يعدلوا
لو يسمع المعذول عدل عذوله فالصب عاذله فهلا يعدل
لم لا يعيه وتلك أعظم محنة هذا يذوب إسما وهذا يعذل
ليكف عني عذله لوسيلة عظما بها الرسل الكرام توسلوا
لله حين توسلوا بالمرتضى أفلا تراهم أدركوا ما أمّلوا
لم يخلقوا إلا لنشر صفاته بين الورى وبها إليهم أرسلوا
لله فيه بكل عصر آية كبرى يبلغها نبي مرسل
لم يوح إلا نعته في كتبه ولأجل ذلك لم تزل تتنزل
لما إنتهت لظهوره والمصطفى ألــ ـمبعوث والذكر الكتاب المنزل
لبلوغ معرفة اليسير تقاصرت ألبابها وهو الجلي المجمل
ليكف واصفه فإن جليه لأدق من غيب الغيوب وأشكل


ديوان الحاج بدقت ألأسدي 104

قافية الميم ...ولم تتم

(من المديد)

من مبلغي إرم عند بانتي (1)أضم
ما سوى الوقوف بها بالعرا في الرسم
مثل وقفة سلفت في عراص ذي سلم
من لذي الهيام بها لو تصاب لم يهم

قافية النون ... ولم تتم أيضا

(من مجزوء الرجز)

نهته فذا لك الهنا عن العذول والمنى
نهته وإلا فالجفا أما العذول أو أنا


(1) البانة : الشجرة والبان : إسم موضع.
ديوان الحاج بدقت ألأسدي 105


ملحمة بدقت
في مناقب أهل ألبيت (ع)

للحاج جواد بدقت ألأسدي
(المتوفى سنة 1281 هـ )

تحقيق
سلمان هادي آل طعمة


ديوان الحاج بدقت ألأسدي 106




ديوان الحاج بدقت ألأسدي 107


شيء عن الملحمة :

يبلغ عدد أبياتها (1265) بيتا .
وقد نظمت على غرارها هائية الشيخ كاظم ألأرزي البغدادي التي مطلعها :
لمن الشمس في سماء علاها أخذت كل وجهة بسناها

وكانت نسخة ألأصل منها موجودة في مكتبة السادة آل الرشتي بكربلاء، وهي مشحونة بألأخطاء ألإملائية واللغوية والنحوية والعروضية.
ونسخة ثانية منها محفوظة في مكتبة ألأديب حسن عبدألأمير المهدي .
ونسخة ثالثة منها في مكتبتي الخاصة بخط المرحوم والدي (طيب ألله ثراه) .
وهما منقولتان عن النسخة ألأولى ، وفيهما نفس ألأخطاء.
وقد حاولت قدر إستطاعتي تصحيح ما تمكنت من تصحيحه مع الحفاظ على النص ، آخذا بمبدأ ألأمانة العلمية وألأدبية ، مشيرا إلى ذلك في الهامش، وأبقيت قسم منها كما هو لأن منهج التحقيق لا يسممح لي بالتصرف في النص ... وشرحت في الهامش بعض المعاني للكلمات الغامضة .. آملا أن أكون قد وفقت في خدمة تراثنا ألأدبي .

المحقق



ديوان الحاج بدقت ألأسدي 108

(الخفيف)

أهي الشمس في سماء علاها أخذت كل وجهة بسناها
أم تجلت بوجهة دون أخرى ولما أنت بالغي في هواها
أينما تنبري بطرفين في فــ ـج من الدهر لم تجد إلاها
لا تخل حسبها مصاحب نفسي أخرته وصلا به عن سواها
كل قلب يضمه صدر سر وجهته يد الهوى تلقاها
غير أن الشؤون شتى فكلٌ بسبيل بدت له وإهتواها
وا هيامي(1)بها فليت مجلــ ـيها بإنشاء مهجتي جلاها
هي سر الهوى فإن تلق نفسا لسواها يشفها بإحتواها
بلغ الشوق بي إليها مقاما لو ترى النفس تركه أعياها
كل آن قلب يمزقه ألــ ـبين وعين يبين(2)عنها كراها(3)
وربوع تروي بفيض دموع كان من ماء مهجتي مجراها
إنما حبة الفؤاد تناهت ووجوه ألأشواق لا تتناها(4)
كان مني لمنتهى أحد الشو ... ...ق بلوغ لو كان قصدي سواها
إن رأتها العِين(5)الحسان عيانا ما إنجلت عن حكاية لبهاها
وجميع سامت فؤادي ولكن ما تولى عليه إلا هواها
عندها هان ما عراني(6)ولكن أين منها مستوهن لو عراها


(1) أصل الكلمة (آه للتأسف) .
(2) البين : البعد .
(3) الكرى : أول درجات النوم.
(4) تناهت : أوشكت على النهاية.
(5) العِين : أي ذات العيون الواسعة .
(6) عراني: أصابني.
ديوان الحاج بدقت ألأسدي 109

أنا مهما أحرزت في الحب من شأ... ...وٍ وأحكمت فيه وشك لقاها
لم تسُمني إلا جفاها كأني لم أصانع إلا أسام(1)جفاها
فقد بر عناء نفس وأبصر بك إن كدت أن ترى سيماها
كنت صلبا على الليالي ولكن ذبت مما عانيته من نواها
وعذولي أصمى إلإله عذولي(2) لو به بعض ما بها ما لحاها(3)
حسبته ظلة أهل ظن أن ألــ ـعذل يحمي الفؤاد أن يهواها
أيرى إذ أخال نفس ملاما في الهوى غير أنه إغتراها(4)
خلني والهوى وأهون بنفس إن تناها مؤنبٌ(5)عن هواها
كيف ألوي بمهجتي عن هواها وهو جار كالدوح في أعضاها
كالهيولا(6)فكل عنصر نفس ماغته لا يستقيم قواها
فتبرك ودادها ترك نفسي إن نفسي مخلوقة من هواها
فمتى أعوزت صنيع فتمـ ـد كأن إمدادها وجود لماها(6)
ومتى أذوت التباعد عني كان ميقات بهجتي لقياها
فهي وقف على مراسم ما تقـ ـضيه حتى يقضى عليها نواها
زعم المرجفون (7)باللؤم لو أهــ ـوى سواها لما عدوت قلاها(8)
أين لي في هوى سواها ولوع هل حكاها بما حوته سواها


(1) أسام : أريد إذلاله .
(2) العذول : هو اللائم.
(3) إغتراها : من الغرور.
(4) أنّبه : وبخه . من التقريع والتوبيخ.
(5) الهيولا : إصطلاح فلسفي في المكونات .
(6) اللمى : الريق.
(7) المرجفون : هم الذين يختلقون ألإشاعات لتخويف وتضليل الناس . قال ألله في محكم كتابه : «والمرجفون في المدينة» .
(8) القلا : الكره والملل.
ديوان الحاج بدقت ألأسدي 110

لو عدا الشوق ذرة من فؤادي ودعته عواذلي لو وعاها
أي صب (1)تأبى ألأحبة لقيا... ...ه وعن عذل عاذل واباها
إن ورت في قرارة القلب نار فأوار من الهوى أوراها(2)
لو يعاني شوقي غواشيه(3)كالنفـ ـس لألوى وليته عاناها
يا أخلاي هل مداس لها أ... ...ن الخليل ألأسير من واساها
بارحوها من الصبا بسبيل أوهموها إن لم تبارح صباها
وإذا ما وليتموها براحا عللوها بذكر من يهواها
إن فيها مما هوت نزعات فعساها بأن تبين عساها
ليت قلبي لما دعته لكي يعـ ـلق فيها لم يستجب دعواها
أي عيش أسيغه(4)في زمان ينتهي بين وصلها وجفاها
لا تحل أنها خلود مسر... ...ات الثلتي إن أنعمت بلقاها
ثق بأضعافها ملالا وهجرا إن أنالت بالوصل نفسا مناها
لم ترد حرمة المدامة إلا إنها ضاهت إحتساء لماها
لي فؤاد عاد(5)وإن حال دهري عن شآواته وساغ إحتساها
جردت دونها سيوف لحاظ ليس يؤذي غير القلوب شباها(6)
قد أنالت مرمى الهوى من قلوب لم تنل من ودادها مرماها
لا أراني إلا وقد مثلت بي ويسير لو مثلت لا سراها
لو قضت حتف من تولع فيها وحمته عن قصده ما حماها


(1) الصب : المغرم العاشق .
(2) أوراها : أشعلها .
(3) غواشي : من الغاشية وهي التغطية.
(4) ساغه : إبتلعه : يتجرعه ولا يكاد يسيغه .
(5) عاد : من ألإعتداء والعداء . جاء في محكم كتابه : «فمن إضطر غير باغ ولا عاد» .
(6) الشبا : السيف القاطع : يقول السيد حيدر الحلي ( يا آل فهر أين ذاك الشبا) .
ديوان الحاج بدقت ألأسدي 111

لو بروحي محلة لم يلجها حبها قلت زال سر بقاها
أظمأ الدهر مهجتي وسقاها من كؤوس إشتياقها فرواها
والبرايا على إختلاف المساعي ما عليه تسالمت أراها
أي نفس تولعت بإشتياق ما أمال المقداد غير بقاها
إنما الحتف مقتف سنن الشو ق فأنى (1)تلَتْهُ شوقا تلاها
إن بين النقا وبين المصلى ظبية كل مهجة مرعاها
إن من نبت أن تصاد طوم(2) فهي في أن تصيد من أفتاها
أرأيت ألأشواق ليلة جمع قد تولت من كل نفس حشاها
حيث بتنا والحب لم يبق فينا كبدا بين أضلع ما دماها
فحجبت الفؤاد كي أتقيها أو هل يدرأ المنون نقاها
لم أناجي إلا وكف التصابي أحرزته وصار في إستيلاها
أنا لولا منى ولو كان فيها ما أصابت لي الغواني مناها
يوم ترمي الجمار طورا وتـ ـوري جمرات الهوى بمن يهواها
أفهل كان ذلك الرمي نسكا(3) أي نسك دعا إلى مرماها
وأفاض الهدى لحيث أفاض التـ ـيه وإستأثرت بسيل هواها
لا أرى لي غير المطايا سهاما ما عدا نيل مقصدي من رماها
يعملات ما عانقت من مقيل كل أرض تقلها أدحاها
لو تراها تتلو الرياح إنبعاثا تحسب الريح آخذا ببراها
لرسوم بين الغدير وسلع ليت مر الجديد لا أعفاها
علني أن أبثها بعض ما لي من تصابي من بان عن مغناها


(1) أنى : متى ؟
(2) هكذا ورد في ألأصل .
(3) نسكا : أي تنسك الرجل صار عابدا .
ديوان الحاج بدقت ألأسدي 112

بان عنها معاشر بان قلبي وإقتضاها يسري على مسراها
كلما أرتل الحداة (1)المطايا أرتل الشوق مهجتي وحداها
تجتلي النجم في الحدوج(2)وهل أبــ ـصرت نجما من الحدوج إجتلاها
كم تلتها نفس وراحة المرى هواها وما عيني دواها
وإذا الحي لا طلول فأبكيـ ـها ولا أرسم(3)أقص ثراها
قد محاها الجديد حتى كأن لم تك كانت وأنه قد محاها
فالترامي ما أن ليمس ترامى إن سرى حينها وطال مداها
أوقفت وقفة يذوب بها الــ ـلاح(4)لنفسي على الوقوف لحاها
وقفة تملأ المرابع شجوا لقلوب بتتت فيها شجاها
أم تبين ألأطلال أين إستقل ألـ ـحي عنها إن مكنت أبناها
أو نفاها بموقف العيس أني دمنة هب عائد فذراها
لو درت ما الهوى ألأحبة حالت عن جناها وليته أوراها
ما دعوا ذمة الهوى في محف ذاب في ذمة الهوى إذ رعاها
كلما أحكموا عقود التلاقي منعت ملة الغرام وفاها
كل شجو في مهجتي سره ألـ ـشوق ولو لم يكن لما أشجاها
لو رماها الردى على أنه لا يتحدى نهج الهوى لعداها
أين منها أمنية بلغتها غير الدهر بعد ما وافها
يومنا بين بارق بالمحبات كفاها أن يك عودا كفاها
لا عدا الغيث بارقا من ديار أنا لم أعد غاية في حماها
من لأيامنا على السفح منها أم معيد لنا بها أشباها


(1) الحداة : جمع : الحادي .
(2) الحدوج : حدجة : أبصره ، حقق النظر إليه سهم رماه به .
(3) أرسم : الديار عفاها ، ابقى أثرها لاحقا بألأرض . جمع : رسم .
(4) اللاح : اللاحي : اللائم ، لاحاه ملاحاة : نازعه ، وفي المثل (من لا حاك فقد عاداك) .
ديوان الحاج بدقت ألأسدي 113

كم بها عاطت الخلاعات نفسي رشفات من درها وإحتساها
لِمَ ألوت كأنها لم تنلنا بلغة أم كأننا نلناها
حيث حسبي نيلا من الدهر أن أ... ...جري بسمعي معللا ذكراها
هب بأني صفا لي الدهر حتى بلغ النفس كل ما منّاها
وتمادت على خلودي ألليالي من مبادي الدنيا إلى منتهاها
هل سوى الموت بعده من صنيع أرتجيه أم غاية أرعاها
ما لنفسي لا حزم أحرز دنيا... ...ها ولا شك محرز أخراها
ولجت بي في غامضات الخطايا آه من ذلك التولج آها
عولت بي على ألأماني وما غا ... ...ياتها أن نبت بها عقباها
حطة راقت المعالي لديها فلأي ألأحوال لا ترقاها
كيف أغضت على الحمولة (1)عينا إن دامي هوانها أغضاها
هل لها غادر من المجد إن لم تنتهي من سبيله أنهاها
تتقي غيها وهاتيك حال كان فرضا على المُلبّي إتقاها
أم تولى ريب الزمان عليها وعلى مرتقى العدى أعياها
من لدهري بان تراع وهلا يتقي ما يروع من تلقاها
يخسأ الدهر من تطرق نفس وإلى مدح أحمد منتهاها
سيد ضاقت العوالم ذرعا بشموس المجد التي جلاها
أشرقت من جهاتها فإستقامت ولإشراقها بها مغشاها
وأياديه روح كل وجود حيث قامت أركانه بنداها
آية ألله في العوالم وألآ... ...ية أعلى صفات من أبداها
وله آية على كل شيء شاهد في كماله معناها


(1) الحمول : الهوادج أو ألإبل التي عليها الهوادج يقول إبن نباتة المصري :
هوادج تحملها من سرى فواقع ألآل على مده
ديوان الحاج بدقت ألأسدي 114

لا يرى غير نعته من تردى في جهات ألأشهاد وإستقصاها
وبعنوان كل جوهر ذات أن أثار لطفه كيمياها(1)
رأيه حكمة ألإله فما قدّ ... ...ر شيئا إلا على مقتضاها
إن أعلى كل الوجودات شأنا هو في جنب محده أدناها
هو عين ألله التي كان يرعى نشئات الورى بها ويراها
هو كف ألله التي نستنــ ـيل الخلق مهما تروم من جدواها
ما أراد ألإله أن يلقي الرو... ...ح عليه من أمرها ألقاها
شمس فضل فإن ترى شمس فضل أشرقت فيه لمحة من سناها
وإياديه كل فضل وكل الخــ ـلق وفد والكون دار قراها
وبها غلمة(2)الملائك تولي كل نفس رفدا على مقتضاها
ما أتي عالم الشهادة حتى ضاق من معجزاته فطواها
لاق برهانه على كل وجه للمعالي تنال في إتجاها
كإنشقاق البدر المنير لديه وتهاوى شهب السما من علاها
من رأى قبله رسولا لمن في ألأ... ...رض تبدو آياته في سماها
وإذا كان غيره فهي منه نالها وهو فيه قد ألقاها
وسلام من الظبا معجز في الــ ـخلق أن سلمت عليه ضباها(3)
كل شيء أن مر حياه لكي كل شيء لحكمه ما وعاها
وإذا أنبأت به أمة الرسل فقد كان موجبا أبناها
فاهَ في كفه الجماد ولكن ليس من معجزاته أن فاها(4)
هو قد شاءه إحتماء وقد أولا... ...ه نطقا لغاية أولاها


(1) كذا في ألأصل .
(2) غلمة : غلب شهوة .
(3) الظبا : جمع ظبي وهو الغزال.
(4) فاه : تكلم .
ديوان الحاج بدقت ألأسدي 115

والبليغ المفاه من كل شيء صاد عن أمره بليغا مناها
فهو أكرى هذا وأنطق هذا وجميع لحكمه أمضاها
أن يكن في إنصداع إيوان كسرى(1) معجز كيف ناصرت ما سواها
إنما أربع الهدى قد سماها وربوع الضلال قد عفّاها
كم عليها من آية ما وعاها ذو نباه وحاد عن مقتفاها
لو ترى العالمين تعرب عنه كل نفس بحسبما أولاها
من نداء ألأملاك في العالم ألأعــ ـلى إلى حين صار تحت لواها
وتنادت هواتف الجن تحت ألأرض حتى جاز السماء نداها
إن تقم حجة الهواتف ممن هتفت بإسمه على من دعاها
إنها حجة على كل شيء وعليه ترى الورى سيماها
وبلاغ الكهان(2)حيث إستمرت في نهى كل كائن أنباها
بين هذين وهي حسب المحاباة(3) لما يستطيعه أواها
آية قيدت نهى كل شيء أسعد الخلق كان أم أشقاها
من سرت نفسه لفؤاده ألأ ملاك ليلا سبحان من أسراها(4)
حين أولى أني أتي كره ما (5) فيه منها إلى أن إستقصاها
وتناها عنها سويا كأن لم يولها بل كأنه ما أباها
وتعالى عن خطة الكون حتى جاز من غاية الوجود مداها
وإجتلى من غوامض الغيب ماحا لجتلاها إلا على من جلاها
وعلى متنه أمر بدا منه ولكن لنفسه قد نماها


(1) إيوان كسرى : أثر تاريخي قديم يقع شرق بغداد.
(2) الكهان : جمع كاهن وهو عند النصارى واليهود وعبدة ألأوثان الذي يقدم الذبائح والقرابين وربما كان مأخوذا في ألأصل من معنى القضاء بالغيب .
(3) المحابات : تبال التحية .
(4) أخذه من ألآية الكريمة : «سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً »الإسراء1.
(5) كذا في ألأصل .
ديوان الحاج بدقت ألأسدي 116

لا تخل كالذي يؤم فجاجا (1) وفجاجا من نفسه أخلاها
بل مشى يرتقي لدارة قدس فهو فيها من قبل أن يرقاها
وهو في كل نشأة يتجلى لذويها بمقتضى منشاها
والذي بان في الغمامة من سرِّ رآه من الملا من رأها
بان للخلق أنها ظللته وهو عكس الذي رأوا مجراها
هي رامت دنوه ما إنتثت عـ ـزته أن تذيبها بسناها
وبألطفاه أقام لها ظــ ـلا يقيها أشراقه فوقاها
كل لطف حبى العوالم قدما فهو من روح لطفه قد حباها
لم يرد آدم بها غير منب عن علاه وذاك سر علاها
ليت أني لا أرتقي لوجوه ليس تنهي لقربه مرتقاها
إن نفسي وقد سعت فإذا أبــ ـلغني أرض يثرب مسعاها
فلقد أبلغتني الغاية القصــ ـوى التي لست بالغا ما وراها
كل أرض إن ظللتها سماء فهي قد ظلل السماء ثراها
إن تدبرت في النجوم الجواري ترهُنَّ إنطباع نور حصاها
تلك لولا من أحرزت ما إستقامت كل أرض ولا أصيبت سماها
أحرزت خيرة الورى فيسير أن يطول السبع الشداد رباها
وأقلت من الرسالة شمسا ليس يهدي إلا من إستملاها
إن من ينجلي سناها بعين قد أماط ألإله عنها قذاها
هو ينبيه عن مآثر شمس تتهاوى النجوم عن مرآها
إنها لا تزال مشرقة في كــ ـل شيء لكنه لا يراها
إن إشراقها على كل شيء عين حبس العيون عن مرعاها


(1) الفجاج : بالضم : الطريق الواسع بين جبلين .

السابق السابق الفهرس التالي التالي