دفاع عن التشيع 1




دفاع
عن التشيع

دفاع عن التشيع 2


1423 هـ ـ 2003 م


دفاع عن التشيع 3

دفاع عن التشيع


تبني الرد على الشبهات التي اثارها احمد الكاتب
وكشف التزوير والتحريف والكذب المتعمد على التشيع وعلمائه


تأليف
السيد نذير الحسني


قدم له
سماحة السيد كمال الحيدري


دفاع عن التشيع 4


كلمة شكر

إنطلاقاً من قوله صلى الله عليه واله وسلم :«من لم يشكر الناس لم يشكر الله» لا بد من تسجيل كلمة شكر إلى كل من :
1 ـ أساتذتنا وعلمائنا على ما أبدوه من وجهات نظر قيمة حول الكتاب .
2 ـ مؤتمر الشيخ الطوسي قدس سره الذي منح الكتاب لقب (كتاب السنة) الصادر في قم المقدسة على ساكنتها أفضل التحية والسلام .
3 ـ مؤسسة الكوثر الإسلامية التي آلت على نفسها أن لا تدخر جهداً في طبع ونشر ما هو نافع ومفيد من عقائد الإسلام المحمدي الأصيل .
وأخيراً أسأل الله أن يتقبل من الجميع أحسن القبول وان يجعل هذه البضاعة المزجاة مورداً لرضاه ومحلاً لرحمته «يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه»
المؤلف


دفاع عن التشيع 5


بسم الله الرحمن الرحيم

«لقد ابتغوا الفتنة من قبل وقلبوا لك الأمور حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون»

التوبة / 48

«ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون»

البقرة / 42

«ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزواً أولئك لهم عذاب مهين»

لقمان / 6


دفاع عن التشيع 6




دفاع عن التشيع 7


بسم الله الرحمن الرحيم
تقديم : السيد كمال الحيدري

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين .
غفل العديد ممن كتب في بحث الإمامة من علماء مدرسة أهل البيت عن عدد من الأمور المنهجية التي أثرت على سير بحوثهم ونتائجها . ومن أهمها عدم الالتفات إلى أثر التراث الكلامي لأتباع الخلفاء في التراث الكلامي لأتباع أئمة أهل البيت عليهم السلام . مما أدى بهم إلى أن يؤخروا مواضيع أساسية من حقها أن تتقدم ، وتأخذ موقعها المناسب من البحث والتحقيق والتدقيق ، وبرزوا بدلاً عنها مواضيع ثانوية لا تشكل المحور الأساسي لمثل هذه الأبحاث .
وعلى هذا لابد من التعرض إلى بيان هذه النكتة المنهجية ، وإلى تحديد المنهج المختار في بحث الإمامة ومحاوره الأساسية ولو على نحو الاختصار .

تحرير محل النزاع

انطلقت المدرسة السنية من نقطة مركزية في تكوين نظامها الفكري لفهم نظرية الإمامة تمثلت في أن الإمام أو الخليفة ، يعني القائد والزعيم السياسي المسؤول عن إدارة شؤون الناس على مختلف الأصعدة والمستويات . ثم إنهم عندما أرادوا أن يفهموا شرائط وموانع هذه الإمامة ـ التي هي الخلافة باصطلاح علم الكلام السني ـ حاولوا تأسيس ذلك من خلال الواقع الذي أوجده الخلفاء الثلاثة الأوائل ،

دفاع عن التشيع 8

فصارت بصدد إقامة الأدلة من الطرق المختلفة العقلية والنقلية لإثبات صحة ما انتهت إليه الخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ، فأرادت أن تعرف الحق من خلال معرفة الرجال .
« وحيث لم يتجاوز دور الإمام في النظام الفكري لهذه المدرسة تخوم القيادة والزعامة السياسية ، فقد كان من المنطقي ، بقطع النظر عن دلالات الوحي الإلهي ، أن يولوا وجوههم صوب نظرية الشورى وانتخاب أهل الحل والعقد ، وذلك : أولاً : لأن هذه النظرية أقرب إلى الذوق العرفي .
ثانياً : إن الحكومة شأن من شؤون الناس وعهد بينهم وبين الإمام القائد ، وإذ يكون الأمر كذلك ، فلا بد أن يكون للأمة دور في إدارة الشؤون والنهوض بها ، لأن القرآن ينص «وأمرهم شورى بينهم» (1) ، ومن الواضح أن الإمامة بمعنى القيادة داخلة في أمر الناس ، لهذا اتجهت المجتمعات البشرية صوب نظرية الانتخاب لا النص .
وكان مما ترتب على تلك النواة المحورية في تأسيس نظرية الإمامة ، أنهم التزموا بانقطاعها وعدم دوامها ، لأن المفروض ، أن هذا المنصب لا يتحقق لأحد إلا بعد الانتخاب والبيعة . ومع عدم تحقق ذلك لا يحق لأحد أن يتصدى لهذه المسؤولية ويرغم الناس على القبول .
وعندما انتقلوا إلى الشروط التي لابد من توافرها ، فيمن يتصدى للنهوض بهذا الدور ، لم يجدوا مناصاً من الالتزام ، بأنه لا يشترط أن يكون معصوماً ، بل تكفيه من الناحية السلوكية العدالة بمعناها المتداول في البحث الفقهي ، ومن ناحية التأهيل العلمي تكفيه قدرة علمية ترفعه إلى مستوى أداء المسؤوليات التي انيطت به . وهكذا انتهت عناصر النظام الفكري للمدرسة السنية في الإمام إلى المكونات التالية بشكل عام :
1 ـ لا تعني الإمامة غير الحكم والقيادة السياسية .

(1) الشورى : 38 .
دفاع عن التشيع 9

2 ـ تتم هذه العملية بالانتخاب والشورى .
3 ـ إنها منقطعة ليست دائمة .
4 ـ لا يشترط فيها غير العدالة والعلم بمعناهما المألوف .
ذلك كان التسلسل الذي وجه العملية الفكرية لبناء نظرية الإمامة في التصور السني .

النتائج الخطيرة

عند الانتقال إلى الجانب الآخر من المشهد ، نلمس أن المنهج الكلامي في المدرسة الشيعية ، لم يبادر في الأغلب إلى تحرير محل النزاع وتحديد الخلاف بين المدرستين ، بل دخل إلى تضاعيف البحث مباشرة ، فأشهر نظرية النص بإزاء نظرية الشورى ، وذهب إلى أن الإمامة متصلة ومستمرة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، في مقابل أولئك الذين أنكروا ديمومتها ، كما اشترط العصمة المطلقة على مستوى الاعتقاد والأخلاق والسلوك قبل البلوغ وبعده ، والعلم الكامل التام من غير كسب .
لكن لما كانت انطلاقة الطرفين المتنازعين ، تبدو وكأنها تبدأ من نقطة شروع واحدة ، فقد وجد بعض أن هناك ضرباً من التهافت وعدم الانسجام بين المسؤولية الملقاة على عاتق الإمام ، وهي الزعامة والقيادة السياسية ، وبين الشروط والمواصفات التي ذكرت له . فالشروط تبدو أضخم وأوسع بكثير من المهمة التي ينهض بها الإمام .
ربما هذه النقطة والمفارقة التي استتبعتها ، هي التي تفسر لنا التداعيات التي راحت تتهاوى إليها بعض الكتابات المعاصرة حتى داخل الصف الشيعي ذاته .
فمن هؤلاء من تجاوز تخوم الشك إلى حد رفض نظرية النص في الإمامة ، وما يستتبع ذلك من لوازم ، ومنهم من احتمل أن العصمة تكفي بحد معين لا تتجاوزه، لعدم الحاجة إلى ما هو أزيد من ذلك . وفريق رفض العصمة بنحو كلي ، محتجاً أنها

دفاع عن التشيع 10

لو كانت شرطاً أساسياً في القائد ،فلماذا لم يلتزم أصحاب هذه النظرية بهذا الشرط إلى آخر الشوط ؟ بل تخلو عنه واكتفوا بالقول بأنه يكفي في الإمام ـ أي القائد ـ أن يكون عادلاً لا أكثر في زمن الغيبة .
كما أن منهم من ذهب إلى أن النزاع في من هو الأحق بالإمامة بعد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم نزاع تأريخي عقيم لا طائل من ورائه . ومنهم من راح يتساءل عن الفائدة المترتبة على وجود إمام غائب عن الأنظار ليس بمقدوره أن يواجه مشكلات العصر ويجيب عما يثيره من تحديات ، ويتحمل مسؤوليته فعلاً ، فإن وجود مثل هذا الإمام يعد لغواً لا فائدة منه ، وهو محال على الحكيم سبحانه .
لقد نشأت هذه التساؤلات والاستفهامات على أرضية تلك الانطلاقة التي أسس لها نظام الفكر السني في فهم الإمامة ، وتبعتها بعض الاتجاهات في الكلام الشيعي (1) .

الإمامة القرآنية

إن الذي نستوحيه من القرآن الكريم ، والسنة النبوية الشريفة ، والروايات الصحيحة الواردة عن أئمة أهل البيت عليهم السلام الذين هم عدل القرآن العظيم كما هو نص حديث الثقلين المتواتر سنداً ومضموناً ، أن الإمامة التي تعتقد بها مدرسة أهل البيت عليهم السلام تختلف اختلافاً جوهرياً عن دور الإمامة التي تنحصر في الخلافة والحكم ، وذلك لأن هذا الاتجاه يرى أن للإمامة دوراً فوق دور القيادة والزعامة ، وهو الدور الذي بينه القرآن الكريم من خلال قوله تعالى : «إني جاعل في الأرض خليفة» (2) ، وأشار إليه بقوله لإبراهيم الخليل عليه السلام في قوله تعالى : «إني جاعلك للناس إماماً» (3) ، وهي التي عبر عنها الإمام الرضا عليه السلام : «هل يعرفون قدر الإمامة ومحلها من

(1) بحث حول الإمامة ، نص الحوار مع السيد كمال الحيدري ، حاوره جواد علي كسار ، المقدمة ص 15 .
(2) البقرة : 30 .
(3) البقرة : 124 .
دفاع عن التشيع 11

الأمة ، فيجوز فيها اختيارهم ، إن الإمامة أجل قدراً ، وأعظم شأناً ، وأعلى مكاناً ، وأمنع جانباً ، أو أبعد غوراً ، من أن يبلغها الناس بعقولهم ، أو ينالوها بآرائهم ، أو يقيموا إماماً باختيارهم . إن الإمامة خص الله عزوجل بها إبراهيم الخليل عليه السلام بعد النبوة مرتبة والخلة مرتبة ثالثة وأشاد بها ذكره ، فقال : «إني جاعلك للناس إماماً» » (1) .
وهي التي قال عنها الإمام السجاد عليه السلام : «نحن الذين بنا يمسك الله السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه ، وبنا يمسك الأرض أن تميد بأهلها ، وبنا ينزل الغيث ، وبنا ينشر الرحمة ويخرج بركات الأرض ، ولولا ما في الأرض منا لساخت بأهلها» (2) .
لذا عندما يسأل الإمام الباقر عليه السلام ويقال له : لأي شيء يحتاج إلى النبي والإمام ؟ فقال عليه السلام : «لبقاء العالم على صلاحه . وذلك أن الله عزوجل يرفع العذاب عن أهل الأرض إذا كان فيها نبي أو إمام ، قال الله عزوجل : «وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم» (3)» .
من هنا عبر الرسول الأعظم صلى الله عليه واله وسلم عن هذا الدور لأهل بيته عليهم السلام بقوله : « النجوم أمان لأهل السماء ، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض ، فإذا ذهبت النجوم أتى أهل السماء ما يكرهون ، وإذا ذهب أهل بيتي أتى أهل الأرض ما يكرهون» (4) .
ولعل تشبيه انتفاع الناس بالحجة في زمان غيبته ، عندما يسأل الإمام الصادق عليه السلام : فكيف ينتفع الناس بالحجة الغائب المستور ؟ قال عليه السلام : «كما ينتفعون بالشمس إذا سترها السحاب» (5) يشير إلى حقيقتين أساسيتين :
الأولى : أن الانتفاع به لا يختص بعالم التشريع والاعتبار ، بل يتجاوز ذلك إلى عالم التكوين .
الثانية : أن هذا الأمر غير محسوس ومرئي للناس ، بل يرتبط بعالم الغيب لا نشأة

(1) الأصول من الكافي : ج 1 ، ص 199 ، كتاب الحجة ، باب نادر وجامع في فضل الإمام وصفاته .
(2) بحار الأنوار : ج 23 ، ص 6 ، ح 10 .
(3) الأنفال : 33 .
(4) بحار الأنوار : ج 23 ، ص 19 ، ح 14 .
(5) بحار الأنوار : ج 23 ، ص 6 ، ح 10 .
دفاع عن التشيع 12

الشهادة .
وتأسيساً على ما تقدم فنحن نعتقد أنه لا يمكن الوقوف على فلسفة ما اشترطناه في الإمامة من العصمة والنص والديمومة والعلم الخاص ، إلا إذا أدركنا المهام والمسؤوليات التي انيطت بدور الإمامة والخلافة في النظرية القرآنية . وخصوصاً ما نصطلح عليه بـ (الدور الوجودي) للإمام عليه السلام ، وهو غير (الدور التشريعي) و (القيادة السياسية) و (القدوة الصالحة) . بل إن صح التعبير فإن هذه الأدوار إنما هي ثمرات ذلك الأصل التي عبر عنه القرآن الكريم بـ (الشجرة الطيبة) التي«أصلها ثابت وفرعها في السماء * تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون» (1) .
ومن الواضح أن هذه المقدمة لا تتسع للدخول في بيان تفاصيل هذه النظرية القرآنية ، لكن نقول على نحو الإجمال والإشارة ، أن هناك طريقين لفهم هذه الحقيقة القرآنية ، يختلف أحدهما عن الآخر في الآثار والنتائج المترتبة عليهما :
الطريق الأول : أن نرجع إلى القرآن والسنة المباركة لنرى ماذا يقولان عن حقيقة الإمامة وشرائطها ، بقطع النظر عن المسؤوليات والوظائف التي القيت على عاتقها .
الطريق الثاني : وهو الأسلوب الذي اتبعه كثير من علماء الكلام من الفريقين ، وهو الذي سمي في كلماتهم بالدليل العقلي لإثبات الإمامة وشرائطها . ومنطلقه أن تحدد المسؤوليات الأساسية التي القيت على عاتق النبي أو الإمام ، ثم يلتزمون بالشرائط التي لابد من توفرها في الشخص المسؤول عن ذلك ، من خلال معرفة حدود تلك الوظائف ، ومدى المسؤوليات التي ينهض بها الإمام (2) .
ويمكن التعبير عن الطريق الأول بالمنهج اللمي الذي يتحرك من العلة إلى المعلول لأننا نبحث فيه الإمامة في نفسها لنتعرف على الإمامة القرآنية التي وردت

(1) إبراهيم : 24 ـ 25 .
(2) العصمة ، محاضرات السيد كمال الحيدري ، بقلم محمد القاضي ، ص 18 ، الطبعة الخامسة .
دفاع عن التشيع 13

في قوله تعالى : «إني جاعلك للناس إماماً» (1) وقوله تعالى :«وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون» (2) ، وما هو المراد من الخلافة كمصطلح قرآني لا كلامي ، كما ورد في قوله تعالى : «إني جاعل في الأرض خليفة» ، ثم ننتقل إلى بيان شرائطها وموانعها ، ثم نتوقف عند المسؤوليات والمهام التي اوكات إليها .
كما يمكن التعبير عن الطريق الثاني بالمنهج الإني الذي يتحرك من المعلول إلى العلة ، لأننا ننتهي فيه من خلال المسؤوليات الملقاة على عاتق الإمام إلى شرائط الواجب توفرها فيه ، وسوف نحاول في هذه المقدمة اختيار الطريق الأول في طرح بعض مسائل الإمامة الأساسية :
أولاً : هل إن ظاهرة الإمامة مستمرة أم منقطعة ؟
ثانياً : هل إن الإمامة على فرض استمرارها تنحصر في عدد معين أم لا ؟
ثالثاً : وإذا كانت منحصرة في عدد معين ، فمن هم هؤلاء الأئمة ؟
رابعاً : وإذا تعين الإمام الأخير منهم ، فهل هو حي الآن ، أم سيولد بعد ذلك ؟
و لا يخفى أن بعض عناصر هذه المسائل تدخل في بحوث الإمامة العامة ، وبعضها الآخر في بحوث الإمامة الخاصة .
توضيح ذلك : إن المنهج الذي نقترحه لفهم الإمامة يقوم على أساس البحث في مستويين :
الأول : الإمامة العامة .
الثاني : الإمامة الخاصة .
«وربما كانت أفضل وسيلة لفهم المراد من هذه المستويات ، مقاربة الإمامة بالنبوة منهجياً ، فمن المعروف أن المنهج الكلامي يدرس النبوة على مرحلتين :
الأولى : النبوة العامة : وهذه تدور حول أسئلة من قبيل ، ما حاجة البشر إلى النبوة وبعث الرسل ؟ ولماذا لا يمكن للبشرية أن تستغني بعقلها وتكتفي به في تحقيق

(1) البقرة : 124 .
(2) السجدة : 24 .
دفاع عن التشيع 14

الغاية التي خلقت من أجلها ؟ وما هي شروط النبي العامة ؟ حيث انتهى البحث إلى ضرورة أن يكون أي نبي مبعوث من السماء ، مؤيداً بمعجزة ، مسدداً بالبينات ، بحسب التعبير القرآني ، إلى غير ذلك من البحوث المتداولة في علم الكلام .
الثانية : وتحوم بحوثها حول أسئلة خاصة مثل : من هو النبي ؟ ما هي طبيعة الأوضاع الزمانية والمكانية في عصر بعثته ؟ ما هي المعجزة التي زود بها ؟ لماذا هذه المعجزة بالذات دون سواها ؟ هل يعد من أولي العزم أم لا ؟ هل هو رسول ونبي أم نبي وحسب ؟ إلى غير ذلك من الأسئلة التي تنصب حيال نبوة نبي بعينه ، كنبوة محمد خاتم الأنبياء صلى الله عليه واله وسلم مثلاً .
وكذلك تتم معالجة الإمامة في المنهج المقترح من خلال خطوتين أو مرحلتين ، الإمامة العامة والإمامة الخاصة .
فالمرحلة الأولى تضطلع بالبحث عن المسؤوليات التي انيطت بالإمامة بشكل عام ، وتدرس المكونات الأساسية لنظرية الإمامة بإطلاق أسئلة مثل : هل الإمامة منصوصة أم لا ؟ هل يشترط في الإمام أن يكون معصوماً أم لا ؟ هي ينبغي أن تكون الإمامة دائمة أم منقطعة ؟ إلى غير ذلك من العناصر الأساسية التي تؤلف الأصول العامة لبحث الإمامة . وهذه المرحلة ترتبط بالمفهوم العام للإمامة ، ولا صلة لها بتحديد هوية الأئمة وعددهم ، وما يدخل في مهام المرحلة الثانية .
أما المرحلة الثانية فتنهض ببحث أبعاد الإمامة الخاصة ومسؤولياتها ، وتدرس من هم الأئمة ؟ وما هم عددهم ؟ وما هي صيغ إثبات إمامتهم ؟ ما هي خصائص كل واحد منهم ؟ وهل يتفاضلون فيما بينهم ؟ لماذا اختص بعضهم بخصوصيات لا توجد في غيره ؟ إلى غير ذلك من البحوث التفصيلية» (1) .

(1) بحث حول الإمامة ، المقدمة ص 11 .
دفاع عن التشيع 15

المحور الأول

استمرار الإمامة وديمومتها

لا إشكال أن النبوة كظاهرة إلهية غيبية ، منقطعة وليست مستمرة ، وأنها ختمت بمحمد صلى الله عليه واله وسلم ، قال تعالى :«ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليماً» (1) ، فهل أن الإمامة أيضاً ظاهرة منقطعة كالنبوة ، أم أنها مستمرة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ؟
الظاهر من الآيات والروايات الواردة عن النبي الأكرم صلى الله عليه واله وسلم تؤكد استمرار ظاهرة الإمامة والخلافة وعدم انقطاعها .

دلائل استمرار الإمامة

يمكن الاستدلال على إثبات هذه الحقيقة من خلال الآيات القرآنية أولاً ، ومن طريق الروايات ثانياً .
الطريق الأول : الآيات القرآنية
الآية الأولى : قوله تعالى :«وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون» (2) .
أشارت هذه الآية المباركة إلى :
أولاً : أن هذا الخليفة أرضي ، وهو موجود في كل زمان ، والدال على ذلك قوله :«جاعل» لان الجملة الإسمية ، وكون الخبر على صيغة (فاعل) التي هي بمنزلة الفعل المضارع ، تفيد الدوام والاستمرار ، مضافاً إلى أن الجعل في اللغة كما يقول الراغب في

(1) الأحزاب : 40 .
(2) البقرة : 30 .
دفاع عن التشيع 16

المفردات له استعمالات متعددة ومنها (تصيير الشيء على حالة دون حالة) (1) ، وهذا ما أكده جملة من المفسرين ، كالرازي في التفسير الكبير (2) والآلوسي في روح المعاني (3) ، وعندما يقارن هذا الجعل بما يناظره من الموارد في القرآن الكريم نجد أنه يفيد معنى السنة الإلهية كقوله تعالى : «جعل لكم مما خلق ظلالاً» و«وجعل القمر فيهن نوراً» ونحوهما .
ثانياً : إن هذا الخليفة ليس هو مطلق الإنسان فيكون من قبيل قوله تعالى :«هو الذي جعلكم خلائف في الأرض فمن كفر فعليه كفره» (4) . وإنما المقصود به إنسان بخصوصه ، وذلك بقرينة الآيات اللاحقة التي أثبتت أن هذا الموجود الأرضي إنما استحق الخلافة الإلهية لأنه علم الأسماء كلها مباشرة منه تعالى : «وعلم آدم الأسماء كلها» ، ثم صار واسطة بينه تعالى وبين ملائكته «يا آدم أنبئهم بأسمائهم» ومن الواضح أنه لا يمكن أن يراد به كل انسان ، حتى أولئك الذين عبر عنهم القرآن الكريم «اولئك كالأنعام بل هم أضل» (5) ، إذن فهذه الآية تدل على ضرورة استمرار الخلافة الإلهية ، أما من هو ذلك الخليفة في كل زمان فله بحث آخر ، سنعرض له لا حقاً .
الآية الثانية : قوله تعالى لإبراهيم الخليل عليه السلام : «إني جاعلك للناس إماماً» (6) ، وهذه الإمامة هي غير النبوة والرسالة التي كانت لإبراهيم عليه السلام والشاهد على ذلك :
1 ـ «طلب الإمامة للذرية حيث قال : «ومن ذريتي» ، ومن الواضح أن حصول إبراهيم عليه السلام على الذرية كان في كبره وشيخوخته ، كما قال : «الحمد لله الذي وهب لي

(1) المفردات في غريب القرآن : ص 94 ، مادة « جعل » .
(2) التفسير الكبير : ج 2 ، ص 165 .
(3) روح المعاني : ج1 ، ص 220 .
(4) فاطر : 39 .
(5) الأعراف : 179 .
(6) البقرة : 124 .
دفاع عن التشيع 17

على الكبر إسماعيل وإسحق»
(1) ، وحكى سبحانه عن زوجة إبراهيم : «قالت يا ويلتي أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخاً إن هذا لشيء عجيب» (2) . ولا يصح هذا الطلب إلا لمن كان عنده ذرية ، أما من كان آيساً من الولد ويجيب مبشريه بقوله :«أبشرتموني على أن مسني الكبر فبم تبشرون» (3) ، فلا يصح منه والحالة هذه أن يطلب أي شيء لذريته» (4) .
ولو كان ذلك في أوائل حياته وقبل أن يرزق الذرية ، لكان من الواجب أن يقول : «ومن ذريتي إن رزقتني ذرية» ، وإلا لزم منه أن يخاطب الخليل عليه السلام ربه الجليل بما لا علم له به ، وهذا ما يتنزه عنه مقام إبراهيم الخليل عليه السلام .
2 ـ «إن قوله تعالى : «وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماماً» (5) يدل على أن هذه الإمامة الموهوبة إنما كانت بعد أبتلائه بما ابتلاه الله به من الامتحانات ، وليست هذه الا انواع البلاء التي ابتلي عليه السلام بها في حياته ، وقد نص القرآن على أن من أوضحها قضية ذبح إسماعيل عليه السلام ، قال تعالى :«قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك» إلى أن قال :«إن هذا لهو البلاء المبين» (6) » (7) .
وهذا ما أكدته جملة من الروايات الصحيحة الواردة في المقام . عن الإمام الصادق عليه السلام في حديث مطول يقول فيه : «وقد كان إبراهيم عليه السلام نبياً وليس بإمام حتى قال الله «إني جاعلك للناس إماماً» » (8) .

(1) إبراهيم : 39 .
(2) هود : 72 .
(3) الحجر : 54 .
(4) العصمة : ص 32 .
(5) البقرة : 124 .
(6) الصافات : 106 .
(7) الميزان في تفسير القرآن : ج1 ، ص 268 .
(8) الأصول من الكافي : ج 1 ، ص 174 .
دفاع عن التشيع 18

وهذه الإمامة التي ثبتت لإبراهيم عليه السلام طلبها لذريته من بعده ، حيث قال :«ومن ذريتي» وقد استجاب الحق سبحانه دعاءه ، ولكن لم يجعلها في الظالمين من ذريته ، وإنما في غيرهم . يقول الرازي في ذيل هذه الآية : «وقوله : «ومن ذريتي» طلب للإمامة التي ذكرها الله تعالى ، فوجب أن يكون المراد بهذا العهد هو الإمامة ، ليكون الجواب مطابقاً للسؤال ، فتصير الآية كأنه تعالى قال : (لا ينال الإمامة الظالمين ، وكل عاص فإنه ظالم لنفسه) فكانت الآية دالة على ما قلناه .
فإن قيل : ظاهر الآية يقتضي انتفاء كونهم ظالمين ظاهراً وباطناً ، ولا يصح ذلك في الأئمة والقضاة .
قلنا : أما الشيعة ، فيستدلون بهذه الآية على صحة قولهم في وجوب العصمة ظاهراً وباطناً . وأما نحن فنقول : مقتضى الآية ذلك . إلا أنا تركنا اعتبار الباطن فتبقى العادلة الظاهرة معتبرة» (1) .
لكن لم يبين لنا الرازي ، لماذا ترك ما دلت عليه الآية من وجوب العصمة ظاهرا وباطناً ، واكتفى بالعدالة الظاهرية ، مع اعترافه بدلالة الآية على ذلك ، وكيف كان «ستكتب شهادتهم ويسألون» (2) .
ومن الواضح أن استجابة دعائه في ذريته ، لا يختص بالصلبيين فقط ، بل هو شامل لجميع ذريته شريطة أن لا يكون ظالماً . وهذا ما أكده الإمام الرضا عليه السلام بقوله : «أن الإمامة خص الله عزوجل بها إبراهيم الخليل عليه السلام بعد النبوة والخلة مرتبة ثالثة ، وفضيلة شرفه بها وأشاد بها ذكره ، فقال :«إني جاعلك للناس إماماً» ، فقال الخليل عليه السلام سروراً بها : «ومن ذريتي» قال الله تبارك وتعالى : «لا ينال عهدي الظالمين» فأبطلت هذه الآية امامة كل ظالم الى يوم القيامة ، وصارت في الصفوة ، ثم اكرمه الله تعالى بان جعلها في ذريته أهل الصفوة والطهارة ، فقال :«ووهبنا له إسحق ويعقوب نافلة كلاً جعلنا صالحين وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة

(1) التفسير الكبير : ج 4 ، ص 42 .
(2) الزخرف : 19 .
دفاع عن التشيع 19

وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين»
(1) . فلم نزل في ذريته يرثها بعضاً عن بعض ، قرناً فقرناً ، حتى ورثها الله تعالى النبي صلى الله عليه واله وسلم فقال جل وتعالى : «إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين» فكانت له خاصة ، فقلدها علياً عليه السلام بأمر الله تعالى على رسم ما فرض الله ، فصارت في ذريته الأصفياء الذين آتاهم الله العلم والإيمان بقوله تعالى :«وقال الذين اوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث» (2) فهي في ولد علي عليه السلام خاصة إلى يوم القيامة » (3) .
الآية الثالثة : «وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون * إلا الذي فطرني فإنه سيهدين * وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون» (4) .
«ذهب جمع من المفسرين إلى أن الكلمة الباقية في عقب إبراهيم عليه السلام هي كلمة التوحيد ، إذ براءته مما يعبد قومه ، واتجاهه نحو الذي فطره هو عين معنى كلمة التوحيد (لا إله إلا الله) (5) ، وقوله : «لعلهم يرجعون» ، أي يرجع المشرك منهم بدعوة الموحد إلى الله تعالى .
إذن ، فقد جعل الله تعالى التوحيد باقياً في ذرية إبراهيم عليه السلام وعقبه ، ولا تخلو ذريته من الموحدين . وقد بينا في كتاب (العصمة) أن جميع المعاصي نوع ، بل مرتبة من مراتب الشرك بالله تعالى ، والتوحيد الذي جعله الله تعالى باقياً في عقب إبراهيم عليه السلام لا بد أن يكون التوحيد الحقيقي ، الذي لا يشوبه شيء من الشرك أبداً ، ليستحق الإشادة به في القرآن الكريم ، وإلا فلا يمكن أن يريد به التوحيد الذي

(1) الأنبياء : 73 .
(2) الروم : 56 .
(3) الأصول من الكافي : ج 1 ، ص 199 ، باب نادر وجامع في فضل الإمام وصفاته .
(4) الزخرف : 26 ـ 28 .
(5) البيان : ج 9 ، ص 193 ؛ الكشاف : ج 4 ، ص 246 ؛ التفسير الكبير : ج 27 ، ص 208 ؛ الميزان : ج 18 ، ص 96 .
دفاع عن التشيع 20

وصفه الله سبحانه بقوله : «وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون» (1) .
هذا مضافاً إلى أن ظاهر الآية أن هذا التوحيد الباقي في عقبه هو التوحيد الإبراهيمي الذي لم يخالطه أدنى شرك بالله العظيم . لكن من كان يتحلى بمثل هذا التوحيد الحقيقي علماً وعملاً . ومن كان يحمل بين جوانحه ما يحمله شيخ الموحدين الذي «قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين» (2) .
لا شك أن الذي يتحلى بذلك هو الذي ناله عهد الله سبحانه من ذرية الخليل عليه السلام حينما قال :«ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين» .
ومن ها يتضح جلياً بقاء الإمامة التي جعلها الله تبارك وتعالى لخليله إبراهيم ، ببقاء تلك الكلمة المباركة في عقبه وذريته» (3) .
وعلى هذا الأساس جاءت جملة من الروايات التي بينت أن هذه الكلمة الباقية في عقبه عليه السلام هي الإمامة .
عن أبي هريرة قال : سالت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم عن قوله عزوجل :«وجعلها كلمة باقية في عقبه» قال : «جعل الإمامة في عقب الحسين يخرج من صلبه تسعة من الأئمة ، ومنهم مهدي هذه الأمة» (4) .
وأكتفي بهذا القدر من الآيات التي دلت على استمرار الإمامة والخلافة إلى يوم القيامة ، وهناك آيات اخرى تشير إلى هذه الحقيقة القرآنية ، نؤجل الحديث عنها إلى مواضعها المناسبة .

الطريق الثاني : الروايات
هناك طوائف متعددة من الروايات تشير إلى أن ظاهرة الإمامة مستمرة غير

(1) يوسف : 106 .
(2) البقرة : 131 .
(3) العصمة : ص 35 .
(4) كفاية الأثر : ص 86 .
دفاع عن التشيع 21

منقطعة ، نقف عند بعضها :
الطائفة الأولى : روايات حديث الثقلين
«هذا الحديث يكاد يكون متواتراً ، بل هو متواتر فعلاً ، إذا لوحظ مجموع رواته من الشيعة والسنة في مختلف الطبقات ، واختلاف بعض الرواة في زيادة النقل ونقصيته ، تقتضيه طبيعة تعدد الواقعة التي صدر فيها ، ونقل بعضهم له بالمعنى ، وموضع الالتقاء بين الرواة متواتر قطعاً .
وحسب الحديث لئن يكون موضع اعتماد الباحثين ، أن يكون من رواته ، كل من صحيح مسلم ، وسنن الدارمي ، وخصائص النسائي ، وسنن أبي داود ، وابن ماجة ، ومسند أحمد ، ومستدرك الحاكم ، وذخائر الطبري ، وحلية الأولياء ، وكنز العمال ، وغيرهم ، وأن تعنى بروايته كتب المفسرين أمثال الرازي ، والثعلبي ، والنيسابوري ، والخازن ، وابن كثير ، وغيرهم . بالإضافة إلى الكثير من كتب التاريخ ، واللغة ، والسير ، والتراجم . وما أظن أن حديثاً يملك من الشهرة ما يملكه هذا الحديث ، وقد أوصله ابن حجر في الصواعق المحرقة إلى نيف وعشرين صحابياً . يقول في كتابه : (ثم اعلم أن لحديث التمسك بذلك طرقاً كثيرة وردت عن نيف وعشرين صحابياً) (1) ، وفي غاية المرام وصلت أحاديثه من طرق السنة إلى (39 حديثاً) ، ومن طرق الشيعة إلى (82 حديثاً) » (2) .
بل في نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار للإمام السيد حامد حسيني الكهنوي ، ذكر أن هذا الحديث : «رواه عن النبي صلى الله عليه واله وسلم أكثر من ثلاثين صحابياً ، وما لا يقل عن ثلاثمائة عالم من كبار علماء أهل السنة ، في مختلف العلوم والفنون ، في جميع الأعصار والقرون ، بألفاظ مختلفة وأسانيد متعددة ، وفيهم أرباب الصحاح والمسانيد وأئمة الحديث والتفسير والتاريخ ، فهو حديث صحيح متواتر بين

(1) الصواعق المحرقة : ص 148 .
(2) الأصول العامة للفقه المقارن : ص 164 ، دار الأندلس .
دفاع عن التشيع 22

المسلمين» (1) .
ولسان الحديث ، كما في رواية زيد بن أرقم : «إني تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي ، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض . فانظروا كيف تخلفونني فيهما» (2) . ومقتضى عدم افتراق العترة عن القرآن الكريم ، هو بقاء العترة إلى جنب القرآن إلى يوم القيامة ، وعدم خلو زمان من الأزمنة منهم ، لأنهما لن يفترقا حتى يردا عليه الحوض .
يقول ابن حجر : «وفي أحاديث الحث على التمسك بأهل البيت إشارة إلى عدم انقطاع متأهل منهم ، للتمسك به إلى يوم القيامة ، كما أن الكتاب العزيز كذلك ، ولهذا كانوا أماناً لأهل الأرض» (3) .

الطائفة الثانية : روايات «لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة» :
ورد مضمن هذا الحديث بعبارات مختلفة في كلمات الأعلام من الفريقين منهم الاسكافي المعتزلي في المعيار والموازنة ، وابن قتيبة في عيون الأخبار ، واليعقوبي في تاريخه ، وابن عبد ربه في العقد الفريد ، وأبو طالب المكي في قوت القلوب ، والبيهقي في المحاسن والمساويء ، والخطيب البغدادي في تأريخه وغيرهم (4) .
يقول ابن أبي الحديد : «كي لا يخلو الزمان ممن هو مهيمن لله تعالى على عباده ،

(1) نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار في إمامة الأئمة الأطهار ، لحجة التاريخ والبحث والتحقيق الإمام السيد حامد حسين الكهنوي ، بقلم علي الحسيني الميلاني : ج 1 ، ص 185 ـ 186 ، الطبعة الأولى .
(2) سنن الترمذي : ج 5 ص 664 ، ح 3786 .
(3) الصواعق المحرقة : ص 149 .
(4) المعيار والموازنة : ص 81 ؛ عيون الأخبار : ص 7 ؛ تاريخ اليعقوبي : ج 2 ، ص 400 ؛ العقد الفريد : ج 1 ، ص 265 ؛ قوت القلوب في معاملة المحبوب : ج 1 ، ص 227 ؛ المحاسن والمساويء : ص 400 ؛ تاريخ بغداد : ج 6 ، ص 479 ؛ المناقب للخوارزمي : ص 13 ؛ مفاتيح الغيب للرازي : ج 2 ، ص 192 : فتح الباري في شرح صحيح البخاري : ج 6 ، ص 270 ، ح 3 ، وج 1 ، ص 274 ، ح 3 .

الفهرس التالي التالي