ارشاد العباد الى استحباب لبس السواد 20

شعائر الدين وترويج العلماء والمجتهدين وحضور الجماعات واقامة مجالس العزاء على الائمة والنبى والزهراء صلوات الله عليهم وفقهم الله تعالى لمرضاته هذا وقد أغلقت له الاسواق والدكاكين وحضرته كافة الطبقات .
قال في ص 215 من ج 2 من نجوم السماء : وبتاريخ بيست ودوم ماه صفر در سنة 1321 يكهزار وسيصد وبيست ويك بجوار رحمت ايزدي بمرض حمى مطبقه پيوست ودر مقبره والد ماجد خود مدفون گرديد وعمر شريفش در اين زمن متجاوز او شصت سال بود بسبب كبر سن ازمكان بسيار كمتر بيرون ميآمد كاتب الحروف در اين ايام در مشهد حائر كه سفر ثاني اين حقير بود در تشييع جنازه شريك بودم ديدم تمام دكانها شهر بسته شده ومردمان بسيار سينه زني كردند وعورات بسيار گريستند تا اينكه مدفون گرديد انتهى .
( أقول )


ودفن رحمة الله في كربلاء المقدسة جنب والده وجده في مقبرة السيد المجاهد قده المعروفة الان بمدرسة البقعة الواقعة بين الحرمين الشريفين وفيها قبور جماعة من العلماء المشاهير من آل الطباطبائي صاحب الرياض وغيرهم وقد سمعنا ان المقبرة خربت كلية في هذه الاواخر من جهة اجراء الشارع العام بحكم الدولة الغاشمة الكافرة البعثية خذلهم الله تعالى في الدارين وأذاقهم حر النار والحديد في النشأتين ولعمري كم قتلوا من العلماء والسادات وايتموا الاطفال والعيالات وهدموا أحكام الاسلام وخربوا قواعد شريعة خير الانام

ارشاد العباد الى استحباب لبس السواد 21

ونسأل الله ان يريح الاسلام والمسلمين من شرهم ويطهر البلاد من لوثهم آمين رب العالمين .
هذا وقد رثته الشعراء بمراثي كثيرة لامجال لنا بنقلها فمن رام الاطلاع عليها فليراجع مظانها .
هذا ما تيسر لي من ترجمة المؤلف قده على سبيل العجالة وأنا العبد الفقير الى الله الغني محمد رضا الحسيني الفحّام عفى عنه الملك العلام وحشره مع أجداده الطيبين الطاهرين في دار السلام وصلى الله على محمد وآله الائمة المعصومين .

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد الله رب العالمين والصلاة على خير خلقه محمد وآله الطاهرين .
( مسئلة ) كراهة لبس السواد خصوصاً في الصلاة الثابتة نصاً بالاتفاق وفتوى من الجميع قديماً وحديثاً (1) الجابر لضعف ...

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة السلام على محمد وآله الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين من الاولين والاخرين .
(1) لا يخفى ان كراهة لبس الثياب السود في الصلاة بل مطلقاً هو المشهور بين الاصحاب شهرة عظيمة بل ادعى غير واحد عليه الاجماع .
قال سيدنا الفقيه العقيلي النوري قده في وسيلة المعاد في شرح نجاة العباد ج 2 ص 170 عند شرح قول المصنف قده ما هذا نصه :
( أقول ) أما الكراهة في المستثنى منه وهو مطلق لبس السواد مما لم يحك الخلاف فيه من أصحابنا بل في مفتاح الكرامة أنه مذهب الاصحاب كما في المعتبر وعند علمائنا كما في المنتهى : وفي المواهب السنية في شرح الدرة النجفية ج 3 ص 276 : بلا خلاف يعرف وفي الخلاف الاجماع الا في الكساء والخف والعمامة كما صرح بذلك في اللمعتين والكفاية وعن
ارشاد العباد الى استحباب لبس السواد 24

أسانيدها (1) فرضاً .

الجامع والنفلية والبيان والثانيين ره والكاشاني ره في المفاتيح والنخبة وعن النهاية والمبسوط والنزهة وكتب الفاضلين ره والموجز الاقتصار على استثناء العمامة والخف بل في كشف اللثام ان الكساء لم يستثنه أحد من الاصحاب الا ابن سعيد وعن المراسم الوسيلة والدروس الاقتصار على استثناء العمامة كما عن المقنعة أيضاً الا ان فيها وليس العمامة من الثياب في شيء : واستثنائها محكي عن الموجز الحاوي وكشف الالتباس وحاشية الميسي مجمع البرهان :
وعن المقنع والمهذب والكافي والغنية وعزاه في الذكرى الى كثير من الاصحاب ترك الاستثناء أصلا فلاحظ .
( أقول ) والاستثناء المذكور في النص : مثل مرفوعة أحمد ابن أبي عبدالله قال : كان النبي صلى الله عليه و آله وسلم يكره السواد الا في ثلاث الخف والعمامة والكساء .
ومرفوعة أحمد بن محمد عن أبي عبدالله عليه السلام قال يكره السواد الا في ثلاثة الخف والعمامة والكساء : فلاحظ : كما ان قضية كراهته هو عمومه بالنسبة الى الرجال والنساء كما في جملة من الكتب المتعرضة لبيان الحكم .
(1) الجبر والانكسار انما هو بعمل واعراض المتقدمين من الاصحاب كالشيخ قده ومن تقدمه دون المتأخرين وذلك لقرب عصرهم بعصر المعصومين عليهم السلام واطلاعهم على ما لم يطلع عليه المتأخرون من قرائن الصدور وعدمه : كما ان في اعراض وعمل الشيخ وحده أو من تأخر عنه اشكالا نعم لا إشكال في عدم حجية فهمهم لنا من الرواية : وعليه فلو تم سند روايات المنع من لبس السواد فللاشكال في الدلالة على المنع مجال واسع لاحتمال عدم ارادة الكراهة الذاتية منها بل يستفاد الكراهة منها لاجل التشبه باعداء الله ورسوله وأوليائه عليهم السلام كبني العباس لعنهم الله تعالى الذين أتخذوه
ارشاد العباد الى استحباب لبس السواد 25

مضافاً الى قاعدة التسامح في أدلة الكراهة والسنن (1) هل هي ذاتية



زياً وشعارأ لهم وان لابسه كان يعرف انه منهم ومن أعوانهم : كما يظهر من التعليل والاستثناء كما يحتمل عدم استنادهم اليها في مقام العمل بل القول منهم بالكراهة لعله من باب قاعدة التسامح في أدلة السنن والكراهة الغير التامة وعليه فتكون تلك الادلة غير تامة سنداً ودلالة كما لا يخفى .
(1) اختلف الاصحاب رضوان الله عليهم في مفاد هذه القاعدة المشهورة بقاعدة التسامح هل أنها تدل على ثبوت استحباب الفعل وكراهته بمجرد وصول خبر ضعيف عليه أولا ؟ بل لابد من الاتيان بالفعل يقصد الرجاء والثواب دون ثبوت الاستحباب للفعل نفسه ؟ فالظاهر بين الاخبار هو الثاني ولا دلالة لها على ما ذهب اليه المشهور أصلا : هذا ولا بأس بنقل تلك الاخبار تبركاً وتيمناً بها في المقام .
فهي على ما رواها شيخنا الحر في الوسائل ج ل ص 59 باب استحباب الاتيان بكل عمل مشروع روى له ثواب منهم عليهم السلام .
( منها ) ما رواه عن الصدوق بسنده عن صفوان عن أبي عبدالله عليه السلام قال : من بلغه شيء من الثواب على شيء من الخير فعمل ( فعمله ـ خ ل ) به كان له أجر ذلك وان كان ( وان لم يكن على ما بلغه ـ خ ل ) رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يقله .
( ومنها ) ما رواه عن البرقي ره في المحاسن بسنده عن هشام بن سالم عن أبي عبدالله عليه السلام قال من بلغه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم شيء من الثواب فعمله كان أجر ذلك له كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يقله .
( ومنها ) عن محمد بن مروان عن أبي عبدالله عليه السلام قال من بلغه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم شيء من الثواب ففعل ذلك طلب قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان له ذلك الثواب وان كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يقله .
ارشاد العباد الى استحباب لبس السواد 26

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .




( ومنها ) عن علي بن محمد القاساني عمن ذكره عن عبد الله ابن القاسم الجعفري عن ابي عبد الله عن آبائه عليهم السلام : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من وعده الله على عمل ثواباً فهو منجزه له ومن أوعده على عمل عقاباً فهو فيه بالخيار .
( أقول ) وهذا الحديث يدل على ترتب الثواب على العمل المقطوع ثبوته لا العمل الذي بلغ عليه الثواب وهو لم يثبت في حد نفسه بعد وعليه فهو خارج عما نحن فيه كما لا يخفي فتأمل .
( ومنها ) ما رواه عن شيخنا الكليني قده محمد بن يعقوب عن علي ابن ابراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال : من سمع شيئاً من الثواب على شيء فصنعه كان له وان لم يكن على ما بلغه .
( ومنها ) عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن سنان عن عمران الزعفراني عن محمد بن مروان ، قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : من بلغه ثواب من الله على عمل فعمل ذلك العمل التماس ذلك الثواب أوتيه وان لم يكن الحديث كما بلغه .
( ومنها ) مارواه عن ابن فهد قده في عدة الداعي : قال : روى الصدوق عن محمد بن يعقوب بطرقه الى الائمة عليهم السلام ان من بلغه شيء من الخير فعمل به كان له من الثواب ما بلغه وان لم يكن الامر كما نقل اليه .
( ومنها ) ما رواه عن السيد بن طاووس قده في كتاب ( الاقبال ) عن الصادق عليه السلام قال : من بلغه شيء من الخير فعمل به كان له ذلك الثواب وان لم يكن الامر كما بلغه انتهى .
فهذا هو مجموع ما ذكر من الروايات في هذا الباب : وانت ترى ان هذه الاخبار الساطعة الانوار ظاهرة الدلالة واضحة المقالة ان الاجر والثواب مترتبان على العمل الماتي به بداعي البلوغ ، ورجاء درك الثواب
ارشاد العباد الى استحباب لبس السواد 27

من حيث كونه لبس سواد فلا تتغير وان اعتراه عنوان مطلوب في حد ذاته شرعاً من حيث هو كذلك كلبسه في مأتم مولانا الحسين صلوات الله عليه للتحزن به عليه في أيامه لتواتر الاخبار بشعار ذلك من شيعته ومواليه بأي نحو من أنحائه المتعارفة في العرب والعادة التي منها لبس السواد في أيام المأتم والعزاء المعهود صيرورته شعاراً في العرف العام من قديم الزمان لكل مفقود عزيز أو جليل لهم : أو لا بل يتغير الحكم الكراهي والمنع التنزيهي اذا اندرج تحت هذا العنوان ونحوه مما هو مطلوب شرعاً لم أجد من تفطنه وتعرض لحكمه عدا خالنا العلامة أعلى الله مقامه في برهانه (1) وقبله شيخنا المحدث البحراني قدس

لا صيرورة العمل بهذه الاخبار مستحباً كما ليس للبلوغ والخبر الضعيف سببية في انقلاب العمل عما هو عليه فتكون مفادها هو الارشاد الى حكم العقل بحسن الانقياد غير ان الله تعالى في هذا الانقياد يفضل على العبد بالثواب البالغ على العمل وان كان العمل غير ثابت في الواقع بل وان كان غير مشروع ثبوتاً من دون نظر لها الى اثبات استحباب أصل العمل وكما هو الظاهر من جملة منها المقيدة بطلب قول النبي (ص) أو التماس ذلك الثواب ،
اذاً استحباب العمل بقاعدة التسامح لا يخلو عن التسامح : وأما دلالتها على ترتب الثواب على الترك للعمل البالغ عليه خبر ضعيف بالكراهة فوجهان : أظهرهما ذلك لكون الترك مستنداً الى امتثال قول النبي صلى الله عليه وآله وصدق انه طلب قول النبي (ص) كما لا يخفى فلاحظ جيداً هذا وللقولين ثمرات مذكورة في محلها من رامها فليراجع محلها من كتب الاصول .
(1) المراد به هو العلامة الفقيه السيد علي الطباطبائي آل بحر العلوم قده حيث ذكر ذلك في كتاب الصلاة من البرهان القاطع في شرح المختصر النافع طبع طهران .
ارشاد العباد الى استحباب لبس السواد 28

سره في حدايقه فمال الى الاخير حيث صرح في (1) هذا المقام بأنه لا يبعد استثناء لبس السواد في مأتم الحسين عليه السلام لإستفاضة الاخبار بشعار الحزن عليه : عليه السلام : قال ويؤيده روايـة المجلسي قدس سـره عن البرقي في كتـاب المحاسن (2) عن عمر بن زين العابدين عليه السلام أنه قال



(1) قال في الحدائق ج 2 ص 142 من طبع تبريز سنة 1316 هـ و ج 7 ص 118 من طبع النجف الاشرف سنة 1379 هـ ما هذا نصه :
( أقول ) لا يبعد استثناء لبس السواد في مأتم الحسين عليه السلام من هذه الاخبار ( أي الاخبار الدالة على الكراهة ) لما استفاضت به الاخبار من الامر باظهار شعائر الاحزان ويؤيده ما رواه شيخنا المجلسي ره عن البرقي في كتاب المحاسن أنه روي عن عمر بن زين العابدين عليه السلام أنه قال لما قتل جدي الحسين المظلوم الشهيد لبسن نسآء بني هاشم في مأتمه لباس السواد ولم يغيرنها في حر أو برد وكان الامام زين العابدين عليه السلام يصنع لهن الطعام في المأتم : الحديث منقول عن كتاب جلاء العيون بالفارسية ولكن هذا حاصل ترجمته انتهى .
( أقول ) وسيأتي نقل الحديث عن المحاسن بنصه فلاحظ وراجع .
(2) المحاسن ج 2 ص 402 من طبع طهران سنة 1370 هـ عن الحسن بن ظريف بن ناصح عن أبيه عن الحسين بن زيد عن عمر بن علي بن الحسين عليهم السلام قال : لما قتل الحسين بن علي عليهما السلام لبسن نساء بني هاشم السواد والمسوح وكن لا يشتكين من حر ولا برد وكان علي بن الحسين عليهما السلام يعمل لهن الطعام للمأتم انتهى .
وجه الدلالة على الاستحباب هو لبسهن ذلك بمحضره عليه السلام وعدم منعهن عن لبسه وأمرهن بغيره من مراسم العزاء وخصوصاً بعد وجود مثل الصديقة الصغرى زينب الكبرى عليها السلام الذى لا يقصر فعلها عن فعل المعصوم لكونها تالية له في المقامات العالية والدرجات السامية : كما يدل
ارشاد العباد الى استحباب لبس السواد 29

لما قتل جدي الحسين عليه السلام لبسن نساء بني هاشم في مأتمه ثياب السواد ولم يغيرنها في حر ولا برد و كان أبي علي بن الحسين عليهما السلام يعمل لهم الطعام في المأتم انتهى .
ولعل وجه التأييد ما ذكره الخال العلامة أعلى الله في الدارين مقامه من بعد عدم اطلاع الامام على اتفاقهن على لبس السواد ولم يمنعهن فهو تقرير منه حينئذ .
( قلت ) بل الممتنع عادة عدم اطلاعه على ذلك فهو متضمن لتقريره لا محالة ان صح الحديث (1) وان لم يكن المنع على تقديره منع تحريم لظهور الحديث على تقرير صحته في اتخاذهن ذلك من آداب العزاء وشعار الحزن عليه ، عليه الصلاة والسلام فلو لم يكن ذلك من شعاره المطلوب شرعاً ومن آدابه المندوبة المندرجة في عموم تعظيم شعائر الله لوجب عليه منعهن عن ذلك حذراً من الاغراء بالجهل المستلزم من عدمه بالنسبة اليهن بل والى غيرهن ممن اطلع على ذلك من مواليهم :

على انه شعار الحزن والعزاء على المفقود العزيز الجليل من قديم الزمان وسالف العصر والاوان : وكما هو المرسوم اليوم في جميع نقاط العالم كما لا يخفى فلاحظ .
(1) الظاهر ان رجال الحديث موثقون فان الحسن بن طريف ثقة وكذلك طريف ثقة والحسين بن زيد حسن عمر بن علي حسن ثقة كما في رجال العلامة المامقاني قده اذاً فالرواية حسنة .
ارشاد العباد الى استحباب لبس السواد 30

واعترض عليه السيد الخال الاستاذ (1) حشره الله مع أجداده الامجاد : قائلا بعد نقله عبارة الحدائق كما وقفت عليها .
( وفيه ) مع امكان تنزيل الحزن والمأتم هنا على ما هو المقرر في آدابه في الشرع التي ليس منها لبس السواد ان معارضة ما دل على رجحان الحزن وكراهة السواد نظير معارضة دليل حرمة الغناء من المحرم ورجحان رثاء الحسين (2) عليه السلام وكلما كان من هذا القبيل يفهم المتشرعة منهما تقييد الراجح بغير الممنوع في الشرع حرمة أو كراهة من غير فرق خصوصاً وقد ورد أنه لا يطاع الله من حيث يعصى كما في الاخبار وليس ما نحن وما أشبه الامثل رجحان قضاء اجابة المسؤول

(1) في البرهان القاطع كتاب الصلاة في باب لباس المصلى فراجع ولاحظ .
(2) ذهب الى الجواز جماعة كما صرح بذلك صاحب مشارق الاحكام قال في ص 151 منه وفي مجمع الفائدة جعل ترك الغناء في مراثي الحسين ( ع ) أحوط مشعراً بميله الى الجواز ونقل عن المحقق السبزواري ره في الكفاية انه قال في موضع آخر واستثنى بعضهم مراثي الحسين ( ع ) الى أن قال وهو غير بعيد .
كما حكى الاباحة عن والده المحقق النراقي صاحب المستند قده حيث قال : واختار والدي العلامة ره اباحته في جميع ما ذكر من المستثنيات من القرآن والذكر والمناجات والدعاء والرثاء .
واختار ذلك هو قده في ص 158 حيث قال في المستثنيات ومنها الغناء في مراثي سيد الشهداء وغيره من الحجج وأولادهم عليهم السلام وأصحابهم رحمهم الله تعالى والحق فيه الاباحة فلاحظ وراجع .
( أقول ) هذا ولا يخفى ان المشهور بل المجمع عليه حرمة الغناء مطلقاً كما هو مذكور في محله .
ارشاد العباد الى استحباب لبس السواد 31

وحرمة فعل الزنا فيما اذا سئل من الانسان الاقدام على الزنا (1) فان كان يتأمل هناك في عدم ارادته نحو الزنا واللوط وغيرها من المحرمات من اجابة المسئول وقضاء الحوائج فيتأمل هنا .
وتفاوت الحرمة والكراهة غير فارق في فهم الشمول وعدمه مؤيداً في المقام بأنه لو رجح السواد للمأتم لنقل عنهم كما نقل سائر آداب مأتم الحسين عليه السلام والحزن في مصابه انتهى كلامه رفع في الخلد مقامه .
ولا يخفى أن تحقيق الحق في المقام على وجه يتضح به المرام يقتضى اولا التعرض لنقل ما ورد في الباب عن أئمة الانام الاعلام عليهم من الله الملك العلام أفضل الصلاة والسلام ثم ملاحظة ما اشتمل عليه من المضامين والاحكام لينكشف به الحق ويسفر اسفرار الصبح دجايا الظلام .
فنقول : روى غير واحد عن ثقة الاسلام الكليني قدس سره في الكافي (2) عن أحمد بن محمد رفعه عن ابي عبد الله عليه السلام : قال : يكره السواد الا في ثلاثة الخف والعمامة والكساء :

(1) التمثيل خارج عما نحن فيه حيث ان طلب السائل محرم عليه ولا يجوز له السؤال بذلك فكيف تكون اجابته مستحباً : قال في مشارق الاحكام ص 161 في جواب معاصره ما هذا نصه : وأما التنظير بالزنا في حصول قضاء حاجة المؤمن به فلا مناسبة له بالمقام فان أصل الحاجة وهي الزنا محرمة على المحتاج فكيف يحسن قضائها بل يحسن من الغير الاعانة على منعها بخلاف البكاء انتهى فلاحظ .
(2) رواه عنه الوسائل ج 3 ص 278 حديث 1 .
ارشاد العباد الى استحباب لبس السواد 32

وعنه أيضاً في كتاب الزي (1) مرفوعاً عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يكره السواد الا في ثلاثة الخف والكساء والعمامة .
وروى شيخنا الحر العاملي في وسائله (2) عن الصدوق عن محمد بن سليمان مرسلا عن ابي عبد الله عليه السلام : قال ـ قلت له أأُصلي في القلنسوة السوداء ؟ قال : لا تصل فيها فانها لباس أهل النار .
وروى ايضاً عن الصدوق في الفقيه (3) عن أمير المؤمنين عليه السلام مرسلا وفي العلل والخصال كما في الوسائل عنه ( ع ) مسنداً انه قال لاصحابه لا تلبسوا السواد فانه لباس فرعون وروى ايضاً باسناده كما في الوسائل (4) عن حذيفة بن منصور : قال : كنت عند ابي عبد الله صلى عليه السلام بالحيرة فأتاه رسول أبي العباس الخليفة يدعوه فدعي بمطر (5) أحد وجهيه أسود والاخر

(1) رواه في الكافي ج 2 ص 205 باب لبس السواد من طبع طهران سنة 1315 هـ الا ان فيه كان رسول الله (ص) يكره السواد الا في ثلاث وتقديم العمامة على الكساء فلاحظ .
(2) رواه في الوسائل ج 3 ص 281 باب 20 حديث 3 من أبواب لباس المصلى والصدوق قده في الفقيه ج ل ص 251 : قال وسئل الصادق عليه السلام عن الصلاة في القلنسوة السوداء : فقال لا تصل فيها فانها من لباس أهل النار :
(3) رواه في من لا يحضره الفقيه ج 1 ص 251 من طبع طهران سنة 1392 هـ ونقل عنه الوسائل فيه في ج 3 ص 278 من أبواب لباس المصلى .
(4) رواه في الوسائل في ج 3 ص 279 حديث 7 من أبواب لباس المصلى ورواه الفقيه في ج ل ص 252 والكافي ج 2 ص 205 .
(5) الممطر والممطرة ثوب من صوف يلبس في المطر يتوقى به من المطر كما في لسان العرب ونحوه شيخنا الطريحي في مجمع البحرين بمادة مطر فلاحظ .
ارشاد العباد الى استحباب لبس السواد 33

ابيض فلبسه : ثم قال : عليه السلام أما اني ألبسه وأنا أعلم انه لباس اهل النار اي ألبسه للتقية من الطاغي الخليفة العباسي لإتخاذ العباسيين لأنفسهم لبس السواد كما يفهم ذلك من السير والتواريخ وغيرها .
بل يفصح عنه بعض الاخبار المخبر بأن ذلك من زي بني العباس قبل أن يوجدوا .
مثل ما روى عن الصدوق في الفقيه (1) مرسلا (2) انه قال روى انه هبط جبرئيل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعليه قباء أسود و منطقة فيها خنجر فقال صلى الله عليه وآله وسلم يا جبرئيل ماهذا الزى فقال زي ولد عمك العباس فخرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم الى العباس فقال ياعم ويل لولدي من ولدك :
فقال : يا رسول الله أفاجب نفسي : قال صلى الله عليه وآله وسلم جرى القلم بما فيه .
والظاهر أن المراد بأهل النار في بعض مامر من الاخبار هم المعذبون بها المخلدون فيها يوم القيامة وهم فرعون ومن حذا حذوه واحتذى مثاله ونحوه من الفرق الطاغية الباغية من أشباه الخلفاء العباسية وغيرهم من كفرة هذه الامة المرحومة والامم السابقة الذين اتخذوا السواد ملابس لهم .
كما يرشد اليه ويفصح عنه ما روى ايضاً عن الصدوق

(1) أو في العلل والخصال كما في الوسائل ( منه رحمه الله ) .
(2) رواه في الفقية ج 2 ص 252 من طبع طهران سنة 1392 هـ .
ارشاد العباد الى استحباب لبس السواد 34

في الفقيه (1) بأسناده عن اسماعيل بن مسلم عن الصادق عليه السلام انه قال : أوحى الله الى نبي من أنبيائه عليهم السلام قل للمؤمنين لا تلبسوا ملابس أعدائي ولا تطعموا مطاعم أعدائي ولا تسلكوا مسالك اعدائي فتكونوا أعدائي كما هم أعدائي .
وقال : في كتاب عيون الاخبار على مافي الحدائق بعد نقل الخبر بسند آخر عن علي بن أبي طالب عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نقلا عن المصنف رضي الله عنه : ان لباس الاعداء هو السواد ومطاعم الاعداء النبيذ والمسكر والفقاع والطين والجري من السمك والمارماهي والزمير والطافي وكل ما لم يكن له فلس من السمك والارنب الى أن قال : ومسالك الاعداء مواضع التهمة ومجالس شرب الخمر والمجالس التي فيها الملاهي والمجالس التي تعاب فيها الائمة عليهم السلام والمؤمنون ومجالس أهل المعاصي والظلم والفساد انتهى ملخصاً : (2)
هذا ما وقفنا عليه من الاخبار التي استند اليها لاثبات كراهة لبس السواد مطلقاً .
والذي يظهر من مجموعها بعد ضم بعضها الى بعض والتأمل

(1) رواه في الفقيه ج ل ص 252 من طبع طهران سنة 1392 هـ ثم قال رحمه الله في آخر الحديث فأما لبس السواد للتقية فلا اثم فيه : وظاهر قوله رحمه الله هو التحريم : وهو منفرد به بل لم أجد موافقاً له ولا سمعت ذلك الا من بعض المعاصرين ره وهو كما ترى لعدم الاختصاص بالسواد وحده بل يشمل كل ما اتخذوه زياً لهم ودوران الحكم مدار بقائهم عليه وصدق الشعار على اللابس كما لا يخفى .
(2) ذكر ذلك في ص 193 من عيون الاخبار .
ارشاد العباد الى استحباب لبس السواد 35

في مساقها وما اشتمل عليه من تعليل المنع فيها مرة بأنه لباس فرعون وتارة بأنه لباس أهل النار كما في أكثرها وأخرى بما يقرب منه من أنه زي بني العباس ومن منع التلبس بلباس الاعداء بقول مطلق كالاخير منها الذي هو عند التحقيق كالمتضمن لهبوط جبرئيل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وآله وسلم متلبساً بزي عجيب أخبر بأنه زي بني العباس بمنزلة المبين لعنوان الحكم الكراهي وموضوعه المعلق عليه ان كراهة لبس السواد ليست من حيث كونه لبس سواد تعبداً .
والا لما استثنى منه (1) من نحو الخف والعمامة والكساء بل انما هي من حيث كونه زي أعداء الله سبحانه الذين اتخذوه من بين سائر الالوان ملابس لهم فيكون الممنوع عنه حينئذ التزي بزيهم والتشبه بهم الذي منه التلبس بما اتخذوه ملبساً لأنفسهم الذي لبس منه الكساء والعمامة وغيرهما مما استثنى منه في النصوص المتقدم اليها الاشارة .
ومعلوم ان عنوان التشبه بهم ونحوه من التزي بزبهم لا يتأتى مع كون القصد من ذلك غيره (2) بل الدخول في عنوان هو في نفسه

(1) يعني صحة الاستثناء يكشف ان الكراهة غير ذاتية والا لما صح الاستثناء وعليه فتكون الاخبار الناهية عن لبسه ارشاداً الى النهي عن اتخاذه زيا وشعاراً لئلا تحصل المشابهة باعداء الله تعالى ورسوله ( ص ) وأوليائه عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام ويكون الحكم بالحرمة أو الكراهة بالعنوان الثانوي فتأمل .
(2) يعني ان التشبه من الامور القصدية كما يقتضيه باب التفعل أيضاً ومثله القيام الذي يقصد به التعظيم تارة والسخرية اخرى أو مثل مد الرجل
ارشاد العباد الى استحباب لبس السواد 36

مطلوب من حيث هو كذلك مندوب شرعاً وهو التلبس بلباس المصاب المعهود في العرف والعادة قديماً وحديثاً للتحزن على مولانا الحسين صلوات الله عليه في أيام مأتمه كما يرشد اليه ما مر من حديث لبس نساء أهل البيت السواد بعد قتله عليه السلام في مأتمه المتضمن كما عرفت لتقرير الامام عليه السلام لذلك اذ لولا كون لبس السواد من التلبس بلباس المصاب المعهود من قديم الزمان في العرف والعادة لما أخترن ذلك على غيره مع معلومية كون غرضهن من ذلك ليس الا التحزن به عليه عليه السلام .
هذا مع أن في النساء مثل الصديقة الصغرى زينب بن على صلوات الله عليها التي قال في حقها ابن أخيها الامام السجاد عليه السلام في الحديث المعروف حينما كانت تخطب وتخاطب القوم الفجرة بعد أن أدخلوهم الكوفة بتلك الحالة الشنيعة مخاطباً لها اسكتي يا عمة فأنت

* أمام ضريح الامام عليه السلام أو القرآن فانه تارة يكون لوجع واخرى للاهانة الذي لا شك في حرمته وخلاصة الكلام ان الحكم في أمثال هذه الموارد المشتركة بين الراجح والمرجوح يكون دائراً مدار القصد وعليه فلو قصد من لبسه التشبه يكون مرجوحاً وان قصد التحزن به يكون مستحباً : أو يقال ان لبس السواد حيث ينتزع منه عنوان المشابهة وصدق الشعار عليه يكون مرجوحاً واذا لم ينتزع منه ذلك العنوان بل يتزع منه عنوان العزاء والمصيبة لاجل سيد الشهداء ( ع ) والأئمة كما في عصرنا هذا يكون لبسه راجحاً للعمومات الدالة على استحباب اظهار المصيبة والعزاء كما لا يخفى .

ارشاد العباد الى استحباب لبس السواد 37

بحمد الله عالمة غير معلمة وفهمة غير مفهمة (1) وكفاها بذلك ونحوه (2) مما لا يعد فخراً وعلماً وقدراً .
فكيف يخفى على مثلها مع تلك الجلالة وعظم الشأن والقدر والبالة تلك الكراهة الشديدة المستفادة من الادلة فان هو الا لعدم تحقق ذلك العنوان الغير محبوب .
في نحو هذا التلبس المطلوب من حيث كون المقصود منه عنواناً آخر غير التشبه والتزي بزي الاعداء :
بل التحقيق أنه لا يتأتى العنوان المكروه الا مع غير عنوان التلبس بلباس الحزن في المأتم من سائر الاغراض المستحسنة الممدوحة عرفاً وشرعاً كما لو كان المقصود منه التجمل به مثلا لو كان مما يحصل به ذلك كلبس جبة خز دكناء كما ورد في الحديث المروي عن ابي جعفر عليه السلام بسند معتبر في الوسائل (1) .

(1) هذه الجمل الذهبية الصادرة عن الامام المعصوم (ع) في حق عمته سلام الله عليها من اعظم جمل الثناء والمدح الدالة على أن علمها بالاحكام الالهية يفاض عليها بنحو ما يفاض على المعصوم (ع) وانه لدني غير اكتسابي ويكون نتيجة ذلك حجية فعلها وقولها بل وتقريرها عليها السلام لثبوت جلالتها والمقام المنيع لها عند الائمة عليهم السلام كما لا يخفى فلاحظ .
(2) كوصاياه عليه السلام أياها وتوديع الاهل والعيال والاطفال عندها وغير ذلك من اسرار الامامة كما هو المذكور في كتب المقاتل فلاحظ وراجع
(1) رواه في الوسائل ج 3 ص 278 حديث 3 بسنده عن ابي علي الاشعري عن محمد بن سالم عن أحمد بن النضر عن عمرو بن شمر عن أبي جعفر (ع) : قال : قتل الحسين بن علي (ع ) وعليه جبة خز دكناء الحديث

السابق السابق البداية التالي التالي