يومُ الحسين تناهى ذكــره ألمــا |
|
لو أنصف الدمعُ فيه لاستحال دمـا |
بكت على رزئه الدنيا وما فتِئــتْ |
|
حتى اليراعُ إذا خطّ ( الحسين ) هما |
يظل يمتد في عُمق الزمـان لظـىً |
|
يُثير بركانُها في قلبـه الحمـمــا |
يُذكّي لهيبَ رزايا الطفّ ذاكرُهــا |
|
كأن قلب الهوى يسلو إذا اضطرمـا |
تغيّرت صور الأشياء يومَ قضــى |
|
كأنّها قتلتهُ فانطــوت نـدمـــا |
تبثّ آهاتِها خلفَ التــرابِ وقــد |
|
غالته غائلةٌ واستهدفتـه دُمـــى |
وطالما بثّها أحزانَــه سحـــراً |
|
في الطفّ يُبدي لها من دهره سأمـا |
أنا الحسينُ الذي أوصى النبيُّ بــه |
|
فأين ضاعت وصاياه وما رَسمـا ؟ |
أنا الحسينُ واُمّي فاطـمٌ وأبـــي |
|
كان الإمامَ الوصيَّ المُفردَ العلمــا |
أنا الحسينُ ، فقالت زينبٌ وكفــى |
|
بذكركَ الخير يا أعلى الورى قِدمـا |
فقال يا أخت ماذا جدّ مـن حـدثٍ |
|
حتى أموت غريب الدار مهتضما ؟ |
ماذا جنيتُ ؟ فقالت يا أخي وبكـت |
|
لأنك ابن عليٍّ والمصـابُ نمــا |
فقلّبَ السيفَ في كفّيهِ وارتعــدتْ |
|
يدُ السماءِ وناداها : وهل أثِمــا ؟ |
كأنهمْ نكروا منــه مواقفَـــهُ |
|
في حربِ آبائهم قِدماً وما رحمـا |
لم يُثنه عزمُه عن قَطعِ دابـرهِم |
|
ولم يكن يرعَ في أعدائه ذِمَمــا |
حتى تواصوا على إفناء عترتـه |
|
قتلاً وهتكاً وجاؤوا يركبون عمى |
وما دروا أنّنا أسيافُ حيــدرةٍ |
|
أصداؤنا أورثتهم في الوغى صَمَما |
وكيف نرضى بما تأباهُ عزّتُنــا |
|
لعصبةٍ لم نكن نرضى بهم خدمـا |
فأسبلت عبراتٍ ملـؤها الـــمٌ |
|
كأنّما قلبها في دمعهـا انسجمــا |
وفي غدٍ يتفانى جمعُكُم وأنـــا |
|
أراكُم جُثثاً فوق الثـرى رممــا |
يا ليتما طال ليلي والحسينُ معي |
|
وذاكَ شبلُ عليٍّ يَحرسُ الخيمــا |
لكنّها أشرقت شمسُ الصباحِ بهـا |
|
وظلَّ يقتاتُهم صرفُ الردى نَهِمـا |
حتى تقضّت مناياهُمْ وأفردَهــا |
|
جورُ الزمان ، وساقوهُنّ سَوقَ إما |
يومٌ تَكَشّفَ عن دُنيّـاً مزيّفــةٍ |
|
داست بأقدامها الإسـلام والقيمـا |
عجبتُ كيف يواريه ثرى جـدثٍ |
|
وكيف تحويه أرضٌ والحسينُ سَما |
أليس ذا وأخوه طالمـا ارتقيــا |
|
كتفَ النبيِّ « ونعم الراكبانِ هُما » |
وكيف خَلّف أُختاً لا حياةَ لهــا |
|
إلاّ على قلبــه لكنــه انثلمــا |
وكيف مرّت على أشلائه ورنت |
|
بنظرةٍ تتحرّى الكـفَّ والقَدَمــا |
كانت به تُبصر الأشياءَ فانكسفت |
|
أنوارُه فاستوت في عينها عدمــا |
كانت له ساعداً في يوم محنتــه |
|
وشاطرتُه الرزايا غُربةً وظمــا |
لكنّها امرأةٌ مثكولــةٌ ورثــت |
|
على مصائبها الأيتامَ والحُرمــا |
أبكي الحسينَ وآلَهُ في كربــلا |
|
قُتلوا على ظمأٍ دَوينَ المنـهــلِ |
مَاتوا وَما بلّوا حرارات الحشـا |
|
إلا بطعنةِ ذابـلٍ أو منـصــلِ |
يا كربلا مَا أنـتِ إلا كربــةٌ |
|
ذِكرَاك أحزنني وَساقَ الكربَ لي |
مُذ أقبلَ الجيشُ اللَهـام كأنَــهُ |
|
قِطَعُ الغَمامِ وجُنحُ ليـلٍ أليّــل |
بأبي وَبي أنصارَهُ مِنْ حَولــهِ |
|
كَالشُهبِ تزهوِ في ظَلامِ القسطلِ |
أفديه وهو مُخاطبٌ أنصــارَهُ |
|
يَدعوهُمُ بلطيـفِ ذَاكَ المِقــولِ |
يا قومُ مَنْ يَردِ السلامةَ فليجـدَّ |
|
السيرَ قَبلَ الصُبـحِ وليترَحــلِ |
فالكُلُ قالَ لَهُ على الدُنيا العفـا |
|
والعيشُ بَعدكَ يا ربيعَ المُمحَـلِ |
أنفرُّ عنكَ مخافةَ الموتِ الـذي |
|
لا بُدَ منهُ لمُسـرعٍ أو مُمهِــلِ |
واللهِ طعمُ الموتِ دونَكَ عِندنـا |
|
حُلوٌ كطعمِ السلسبيـلِ السلسَـلِ |
فجزاهُمُ خيراً وقال ألإ انهضوا |
|
هَيـا سُراعـاً للرحيــل الأوّلِ |
فتوطأوا الجُردَ العُتاقَ وَجردُوا |
|
البيضَ الرقاقِ بسُمرِ خطٍ ذُبَّـلِ |
مِنْ فَوِقِ كُلِ آمونٍ عثـراتِ الخِطـى |
|
صافي الطلاءِ مُطهّــمٍ وَمحَجّـــلِ |
ما زالَ صَدرُ الدستِ صدرَ الرتبةِ الـ |
|
عُلياء صدرَ الجيشِ صـدرَ المحفــل |
يَتطاولـون كــأنَهُم اســـدٌ على |
|
حُمرٍ فتنفِــرُ كالنعَـــامِ الجُفَــلِ |
وَمضوا على اسمِ الله بيـنَ مُكبــرٍ |
|
ومُسبــحٍ ومُقـــدسٍ ومُهلـــلِ |
يَتسِابقونَ إلى المنــونِ تَسابقُ الهـ |
|
يمِ العِطـاش إلــى وَرِود المَنهَــلِ |
حتى قَضوا فرضَ الجهادِ وصُرِعُـواِ |
|
فَوقَ الوِهَاد كُشهـب أُفــقٍ أفـــل |
صَلى الالَهُ عَليهِـــمُ وَسلامُـــهُ |
|
وَسقى ثَراهُمْ صَوبَ كُلِ مُجلجـلِ (1) |
لا تتركي حجراً على حجـر |
|
يا ليلــة الأرزاء والكــدرِ |
صُبّي على الدنيا وما حملتْ |
|
من نار غيضك مارق الشررِ |
وتهتّكي مـن كلّ ساتــرةٍ |
|
لم تحفظي ستراً لمنستـــرِ |
لا عاد صُبحك أو بدا أبـداً |
|
في ظل وجهك مشرقُ القمـرِ |
يا ليلةً وقف الزمانُ بهــا |
|
وجلاً يُـدوِّن أروع الصـورِ |
وقف الحسين بها ومَنْ معه |
|
جبلاً وهم كجنادل الحجــرِ |
ما هزّهم عصفٌ ولا رعشت |
|
أعطافهم في داهم الخطــرِ |
يتمايلون وليس من طـربٍ |
|
ويسامرون وليس في سمـرِ |
إلاّ مع البيض التي رقصت |
|
بأكفّهم كمطالــع الزُهــرِ |
يتلون سرّ الموت في سـورٍ |
|
لم يتلُها أحدٌ مـع الســورِ |
ويرتلون الجرح في ولــهٍ |
|
فكأنه لحنٌ علــى وتــرِ |
خفّوا لداعي الموت يسبقهـم |
|
عزمٌ تحدّى جامد الصخــرِ |
مذ بان جنـب الله مقعدهـم |
|
ورأوه ملء الروح والبصـر |
هدروا كما تحمي لها أجمـاً |
|
أسدٌ دماة الناب والظـفــرِ |
وبنــاتُ آل الله ترقبهــم |
|
بعيونها المرقـاة بالسهــرِ |
يا نجمُ دونك عن منازلهـم |
|
لا تقتـربْ منها ولا تــدُرِ |
لا تستمعْ لنــداء والهــةٍ |
|
مكلومةٍ من بطشة القــدرِ |
أو تنظرنَّ إلـى معذبـــةٍ |
|
حرّى تودّع مهجـة العُمُـرِ |
تسقي عيون البيد أدمعهــا |
|
لتظلَّ مورقةً مـن الشجـرِ |
لله قـد نـذروا بقيّتهـــم |
|
وتسابقوا يوفون بالنُـــذُرِ |
والموت يرقبهم على حـذرٍ |
|
منهم وهم منه بـلا حــذرِ |
نامت عيون الكون أجمعهـا |
|
وعيونهم مشبوحـة النظـرِ |
لله ترمقــه ويرمقهـــا |
|
كبراً وهم يعلون في كبــرِ |
وأبو الفداء السبط يشحذهـا |
|
بالعزم يوقظ ساكن الغيــرِ |
حتى إذا بان الصباح لهـم |
|
لم تدر هل بانوا من البشـرِ |
أم هم ملائكـةٌ مطهــرةٌ |
|
يستمطرون الموت للطـهـرِ |
هبطوا وعادوا للسماء معـاً |
|
في خيـر زادٍ عُدَّ للسفــرِ |
وأتى المساءُ وقـد تجهّمَ وجهُـهُ |
|
واليوم محتشد البـلاء عصيـبُ |
قال اذهبوا وانجوا وَنَجوا أهلَبيـ |
|
ـتي انني وحدي أنا المطلــوبُ |
لا ذمـةٌ منـي عليــكم لا ولا |
|
حرجٌ ينالكــم ولا تثـريــبُ |
فأبتْ نفوسُهُم الأبيّـة عنــد ذا |
|
أن يتركوه مع العِدى ويغيبــوا |
وَتواثبت ابطالهـم وجميعـهــا |
|
بالحزم والقول السديد تجيــبُ |
كلا فلسنا تاركيــكَ وما بــه |
|
يوم القيامـة للنبــي نجيــبُ |
نفديكَ بالمهج الغوالي نبتغي الـر |
|
ضوان ما فينا بـذاك مُريــبُ |
نيل الشهادة بالسعـادة كافــلٌ |
|
يومَ الحسابِ واجرُها مَجلــوبُ |
هَذي الجنـانُ تهيّـأت وَتزينــت |
|
للقائنــا ولريحِهـنَّ هُبـــوبُ |
والطالبية للقِــراعِ تواثبـــتْ |
|
تَدعو وكـلٌ للنــزالِ طَلــوبُ |
ماذا يقول لنا الورى ونقولـــه |
|
لهم وما عنـا يجيــب مجيــب |
إنا تركنا شيخنــا وإمامنـــا |
|
بين العدا وحُسامُنـا مَقـــروبُ |
يأبى لنا شرف الأرومة أن يـرى |
|
فينا مَشينٌ أو يكــون مَعيــبُ |
فالعَيشُ بعـدَكَ قُبِّحَـتْ أيامُــه |
|
وَالموتُ فيكَ مُحبَّبٌ مَرغـــوبُ |
بَاتوا وَباتَ إِمامُهُم ما بينَهـــمُ |
|
وَلهـم دَويٌّ حولَــه وَنحيــبُ |
مِنْ راكعٍ أَو ساجدٍ أَو قــارىءٍ |
|
أو مَنْ يُناجي رَبَّـــه وَيُنيــبُ |
وَبدا الصباحُ فأقبلتْ زُمَر العـدى |
|
نَحوَ الحسينِ لها الضلالُ جَنيــبُ |
سامُوه وِردَ الضيمِ أو وردَ الردى |
|
فأبى الدنيةَ والنجيــبُ نَجيــبُ |
يأبى له وردَ الدنيـةِ ضارعــاً |
|
شَرفٌ إِلى خيرِ الانامِ يـــؤوبُ |
هيهاتَ ان يرضى مقامَ الـذلِ أَو |
|
يقتادهُ الترهيبُ والترغيــبُ (1) |