فرماهُمُ المسرى بعرصةِ كربلا |
|
فغدت بلاءً تلكُـم العرصـاتُ |
قال انزلوا هي كربلا وعراصُها |
|
فيها البلاءُ وعنـدها الكُربـاتُ |
باع ابنُ سعدٍ دينَه وشرى به الد |
|
نيا ولكـن ربحُـه حســراتُ |
للري أمسى والياً وشرى بــه |
|
غضبَ الالهِ فحظُه النقمــاتُ |
قاد الجيوشَ لحربِ سبطِ محمدٍ |
|
ضاقتْ بها الارجاءُ والفلـواتُ |
ما إِن تمتعَ بالولايةِ واغتــدتْ |
|
بالرأس منُه تَمايـلُ القصبـاتُ |
جاء المسا فدعاهُم قوموا اذهبوا |
|
فالليلُ سترٌ جَهرهُ إخفـــاتُ |
لا يطلبُ الأعداءُ غيري فاتـر |
|
كوني ما بكُم مِن بيعتي تبِعَـاتُ |
فأجابَه الأنصارَ هـذي منــةٌ |
|
سَبقتْ لنا قَلَّت لهـا المنــاتُ |
إنا نُجاهدُ دونَكُم وتُقطَّــعُ الـ |
|
أَعضاءُ منا فيكَ وَالرقَبـــاتُ |
ثم الرسولُ شَفيعُنا يومَ الجـزا |
|
وَ لنا بهذا تُرفعُ الـدرجــاتُ |
أفنحنُ يوماً تَارِكوكَ وَهَــذهِ |
|
بك قد أحاطتْ اذؤبٌ وعــداةُ |
لا كانَ منا اليومَ تَركُكُ وَالـذي |
|
قد أحصيت في علمه الـذراتُ |
بالسيفِ أضربُهم وَأطعنُهم برُمـ |
|
حي ما استقامتْ في يديَّ قَنـاةُ |
تاللهِ لوأَنّي قُتلـتُ وبعــدَ هـ |
|
ذا قد نُشرتُ تُصيبني قتــلاتُ |
في كُلِّها أحيا واُقتــلُ ثُمَّ اُحـ |
|
ـرقُ بعدَ هَذا كـلُّ ذا مــراتُ |
ما حُدتُ عَنكَ وإنمـا هي قتلــةٌ |
|
فيها نعيمٌ ليسَ فيــه فــواتُ |
وأجابَه أبناءُ هاشـمَ خيــرُ مَنْ |
|
وَلدتهُمُ الأبـــاءُ والأمــاتُ |
لِمَ نحنُ هَذا فاعـلــونَ فَقُبِّحتْ |
|
مِن بعدِ فقـدِكَ للنُفُــوسِ حياةُ |
لا كانَ مِنا مثـلُ هـــذا لا ولا |
|
كانتْ لنا لما مضيـتَ نجــاةُ |
هيهاتَ انا تاركُـوكَ وما لنـــا |
|
عُذرٌ غداةَ تضُمُّنـا النــدواتُ |
نفديكَ بالمُهـجِ الغـوالي كُلنــا |
|
وتُخاض مِنا دونَـكَ الغُمُـراتُ |
بدأَ المقالَ بذلك العباسُ واتـبعوه |
|
تُشــرقُ منهُـمُ الوجنـــاتُ |
أشبالُ حيدرةٍ وأبنــا جعفـــرٍ |
|
وبنو الزكي القادةُ الســـاداتُ |
وبنو الحسينِ ومِنْ عقيلٍ عُصبـةٌ |
|
لهم بمضمارِ العـُلا السبَقــاتُ |
أبني عقيلٍ قَتلُ مُسلـمَ حَسبُكُــم |
|
قوموا اذهبوا لا تلقكــم نَكبَاتُ |
ماذا يقولُ لنا الـورى ونقولــهُ |
|
لَهمُ وَفيهم لـــوَّم وَوشـــاةُ |
إنا تركنـا شيخَنَــا وإمامَنـــا |
|
وبنو العمومةِ ما لهم نجـــدَاتُ |
مِن خيرِ مَنْ ولدَ العمومُ وانجبـتْ |
|
مِنْ نَسلها الخَالاتُ والعمـــاتُ |
لم نرمِ سَهماً مَعَهُم كَـــلا وَلَمْ |
|
نَضرِب بسيفٍ والسيوفُ مُضـاةُ |
لكننا نمَضي بنهجِــكَ سبقـــاً |
|
تَفديكَ منا الروحُ والمهُجـــاتُ |
فالعيشُ بَعدكَ قُبّحـتْ ايامُـــه |
|
وَوجُوهُه بالشّـرِ مُســـودّاتُ |
فخراً بني عَمرو العُلاء فأنتُـــم |
|
للعزّ ما بينَ الـورى الــذرواتُ |
ان الفخارَ مُخيــمٌ في بابكُـــم |
|
والعزُ فيكُم والعُـلا مَلكـــاتُ |
هذي النفوسُ السامياتُ لذكرِهــا |
|
مَهما ذُكرِنَ روائحٌ عَطـــراتُ |
طَابــتْ أصولهُمُ فطِبنَ فُروعُهم |
|
وعلى الأرومةِ تنبت الدوَحَــاتُ |
قومٌ زكت أعراقُهم وَسمتْ لهُــم |
|
هِمَمٌ وطابتْ أنفُـــسٌ وَذواتُ |
قومٌ لَهم قَصبُ السباقِ إلى العُـلا |
|
وَالمجدُ إن ضَمَّتهُمُ الحلَبــاتُ |
هَذي النفوسُ وليسَ من مِثلٍ لهـا |
|
بنفوسِ هذا الخلقِ مَفدِيـــاتُ |
هذي النفـوسُ الكاملاتُ وَهــذه |
|
هِممٌ على هامِ النجومِ عــلاتُ |
هذي الجواهرُ للوجُودِ غَدتْ على |
|
كلِ الجواهرِ وَهي مُختــاراتُ |
تَمضى العصورُ وفي أعالي لوحِها |
|
أخبارها بالنـورِ مَسطُــوراتُ |
باتَ الحسينُ وصحبُه مِنْ حَولـهِ |
|
وَلَهُم دويُّ النحلِ لمَّا بَاتـــوا |
مِنْ رُكعٍ وسطَ الظـلامِ وسُجــدٍ |
|
للهِ منهُم تكثــرُ الدّعـــواتُ |
وَتراءت الحورُ الحسانُ وزُينـتْ |
|
لِقدُومِهمْ بنعيمِهـا الجنـــاتُ |
وَبدا الصباحُ وَلم تَنْم عيــنٌ لَهمْ |
|
كلاّ ولا نابتهُــمُ غَفـــواتُ |
وَدنا ابنُ سَعدٍ منهُمُ بِجيوشـــه |
|
راياته بالكُفــرِ مَعقـــوداتُ |
نادى اشهدوا إني لأولُ منْ رمـى |
|
جيشَ الحسينِ وتابعتــهُ رُماةُ |
يَبغي رضا نسلِ البغايـا مُغضِبـاً |
|
رَبَّ السما فجزاؤُه الدرَكَــاتُ |
فَهُناكَ انصارُ الحسينِ تَسابقُــوا |
|
للحربِ قد صَحّت لهم نيــاتُ |
فكأنَ كُلاً مِنهُـمُ ليــثٌ بـــه |
|
قَذفَت الى خَوضِ الوغى الغَاباتُ |
نيفُ وسبعونَ التقوا مَعْ عِـــدةٍ |
|
فيها الثلاثون الألوفَ طُغــاةُ |
كَرُّوا على تلكَ الجموعِ ضَراغماً |
|
وَلهم هنالِك صولةٌ وَثبَـــاتُ |
حتى أُبيدوا مُقبليـنَ بواســـلاً |
|
لثغُورِهم تحتَ الوغى بَسمَـاتُ |
وَقضوا كِراماً بعد ما حطموا القنا |
|
وَتثلمتْ للماضيـاتِ ظِبــاتُ |
ولمجدِهم كتبَ الخلودُ ودامَ فــي |
|
أنفِ الزمانِ لذكرِهم عَبَقــاتُ |
وحصانِ ذيلٍ كالأهلـة أوجهـــاً |
|
بسنائها وبهائهــا وصفاتِهــــا |
ما زال يخترق الفلا حتى أتـــى |
|
أرض الطفوف وحلَّ في عرصاتهـا |
وإذا به وقف الجــواد فقــال يا |
|
قوم أخبروني عن صدوق رواتهــا |
ما الأرض قالوا : ذي معالم كربلا |
|
ما بال طرفك حادَ عـن طُرقاتهــا |
قال انزلوا : فالحكم في اجداثنــا |
|
أن لا تُشقّ سوى علـى جنباتـهــا |
حط الرحال وقام يُصلح عضبــه |
|
الماضي لقطع البيض فـي قماتهــا |
بينا يجيــل الطرف إذ دارت به |
|
زُمرٌ يلوح الغــدر من راياتهـــا |
ما خلت أن بدور تــمّ بالعــرا |
|
تُمسي بنو الزرقــاء من هالاتهــا |
قال الحسين لصحبه مـذ قوّضـت |
|
أنوار شمس الكون عـن ربواتهـا |
قوموا بحفظ الله سيـروا واغنمـوا |
|
ليلاً نجاةَ النفس قبــل فواتهــا |
فالقوم لم يبغـوا سواي فأسرِعـوا |
|
ما دامت الأعـداءُ فـي غفلاتهـا |
قالوا عهدنـا الله حاشـا نتبـــعْ |
|
أمَّارةً بالسوء في شهواتـهـا (1) |
نمضي وأنت تبيتُ ما بين العـدى |
|
فرداً وتطلـب أنفــسٌ لنجاتهـا |
تبغي حراكـاً عنك وهي عليمــة |
|
أبداً عذاب النفـس مـن حركاتها |
ما العــذر عنـد محمد وعلــي |
|
والزهراء في أبنائهــا وبناتهــا |
لا بدّ أن نرد العـدى بصــوارم |
|
بيض يدب المـوت فـي شفراتها |
ونذود عن آل النـبـي وهكــذا |
|
شأن العبيد تـذود عن ساداتهــا |
فتبادرت للحرب والتقت العـدى |
|
كالأُسد في وثباتهــا وثباتهــا |
جعلت صقيلات الترائب جنــة |
|
كيما تنــال الفــوز في جناتها |
كم حلقت بالسيف صدر كتيبـة |
|
وشفت عليل الصدر فـي طعناتها |
فتواتر النقط المضاعـف خلتَـه |
|
حلق الدلاص به علـى صفحاتها |
فتساقطت صرعى ببوغاء الثرى |
|
كالشهب قد أفلت برحـب فلاتها |
ما خلت سرب قطا بقفرٍ بلقــعٍ |
|
إن التراث تكون من لقطـاتهــا |
رحلت إلى جنّات عدن زُخرفت |
|
سكنت جوار الله في غرفاتها |
قف بوادي الطف واصرخ صرحةً |
|
تملأُ الدنيا ضجيجـاً ورنيـــن |
يا ضيوفاً نزلــوا فـي نينــوى |
|
فتّلقتُهم جيــوشُ الظـالميـــن |
بالسُيوف استقبلوهـم والقـنـــا |
|
قاصدينَ الغدرَ لا مستقبلـيـــن |
اُمويّـــون ولا ديـنَ لـهـــم |
|
شيمةُ الغدرِ لهم والغـادريـــن |
واليزيديون كم عاثــوا وكـــم |
|
حاربوا الإسلام باسم المسلميــن |
وبنو حربٍ وصخــرٍ اقبلـــوا |
|
بقلوبٍ ملؤها الحقـدُ الدفيـــن |
ورثوا الأحقادَ من أسـلافـهِـــم |
|
آه ما أقسى قلوبَ الحاقـديـــن |
اعلنوا الإلحـادَ والكفــرَ كمــا |
|
أنكروا القرآنَ والشرعَ المبـيــن |
والخياناتُ التي منهـــم بــدتْ |
|
والجناياتُ لها ينـدى الجبيـــن |
لم يُراعوا المصطفــى في آلــه |
|
صفوةِ الخلـقِ كـــرامٍ أطيبين |
وعلـى آل عـلــيٍ قد عَــدوا |
|
واعتدَوا تعساً لهم من معتـديــن |
وحسينٌ ما جنى ذنبـــاً ســوى |
|
أنه شبلُ أميـــرِ المؤمنـيــن |
ليلةُ العاشرِ مـا مِنْ ليـلــةٍ |
|
مثلُها مرّت على مـر السنينْ |
ليلةٌ ملأى بألــوان الأسـى |
|
ذكرُها للحشر يُشجي الذاكرينْ |
ليلةٌ ضاقت بها الدُنيـا علـى |
|
آلِ طه الاطيبينَ الأطهـريـنْ |
آهِ ما أعظَمَهـا مـن ليلــةٍ |
|
أحزنـت كلَّ قلـوبِ المؤمنينْ |
وسويعـاتٍ وما أنكـدَهــا |
|
من سويعاتٍ بها الوجدُ يبيـنْ |
وإلى التوديع أصـواتٌ علت |
|
بصُراخٍ وبكــاءٍ وحَنيــنْ |
أوداعٌ أم فـراقٌ محـــرقٌ |
|
لقلوبٍ في غـدٍ مفتـرقيــنْ |
آهِ ما أفجَعَهـا مـن فرقــةٍ |
|
لم تدَعْ شملاً لهُـمْ مجتمعيـنْ |
والحسينُ السبـطُ قد حَفّتْ به |
|
لُمةٌ بيـن بنــاتٍ وبنيــنْ |
ويَرى مِنْ جانبيـهِ نســوةً |
|
أحدقت فيه يســاراً ويميـنْ |
يا بنفسي من وداعٍ مـؤلــمٍ |
|
وبعقباهُ افتــراقُ الأقربيـنْ |
ولأطفـالٍ صغـارٍ رضَّــعٍ |
|
عُطّشاً تبكي ولكـن بأنيــنْ |
يا له من مَشهـدٍ أبكى المـلا |
|
والسماواتِ العُلى والأرضيـنْ |
يومُ عاشوراءَ ما يجري بـه |
|
فبعيـنِ اللهِ ربِّ العالمـيــنْ |
يومُ عاشوراءَ يومٌ لم يـكـن< |
|
مثلُهُ يومٌ وبالحُزن قريـــنْ |
ألبسَ الكونَ حـداداً دائمــاً |
|
بشعارِ الحُزنِ والكونُ حزيـنْ |
لضحايا الطفِّ هُمْ آلُ الهُدى |
|
من شُيوخٍ وشبابٍ أنجبيــنْ |
في سبيل الله والديـن معـاً |
|
جاهدوا حتى تفانوا أجمعيـنْ |
بقيَ السبطُ وحيداً بعدهــم |
|
ويُناديهم ألا هل من مُعيــنْ |
لم يجد منهم مُجيبـاً أبــداً |
|
يالمأساةٍ لها الصخرُ يليــنْ |
للحسينِ السبطِ إعـلانُ العزا |
|
والمُعزَّى جَدُّه الهـادي الأمينْ |
ذاك ليـلٌ فيه استعدّت لصبحٍ |
|
ثُلَّةُ العزِّ وهي عزَّت مثــالا |
غار بالليـل كلُّ نجم مُضيءٍ |
|
خجلاً منهُمُ فــزادوا جلـالا |
فحسينٌ كساهُــم أيَّ نــورٍ |
|
فيه تخفى الأنوارُ وهي تـلالا |
لا يعدون عمـرهم غير صبرٍ |
|
بين حدِّ السيوف إلاًّ حــلالا |
لا يعدّون عُمرهم غير شـربٍ |
|
لكؤوس المنون حتّى الثمـالا |
ودويٍّ كالنحــل في صلوات |
|
لو أتوها على الوجود لـزالا |
يشحـذون الفؤادَ كي لا يُهـالا |
|
حين ترتجّ أرضُها زلــزالا |
فحبيبٌ يُوصيــهُمُ بحبيــبٍ |
|
وحبيبُ الجميع ربٌّ تعالــى |
برزوا للوجود أحلــى نجومٍ |
|
منهُمُ ازداد كلُّ شيءٍ جمـالا |
وإذا بالحَمَار يبـدأُ فجـــراً |
|
كلُّ فجرٍ بُحمرةٍ يتعالـــى |
إذ يبثُّ الحياةَ في كلِّ شــيءٍ |
|
منه حتّى الجماد يبغي انتقالا |
قد انجبتك من الفحولـة حــرةٌ |
|
لم يعرف التاريخ بعــدُ وفاءَها |
مّ البنين أصيلة أكـرم بهـــا |
|
أمّاً فدت لامامهـــا أبناءَهــا |
غذّتك من ثدي الكرامة والوفــا |
|
حُبَ الحسين فكنت أنت عطاءَهـا |
وبطولة من حيدر فجمعتهـــا |
|
في كربلاء لكي تصدَ بلاءَهــا |
قرَّت لها عينُ الكريمة زينــبٍ |
|
لتراك أهلاً أن تصون خِباءَهــا |
فمضت تَقُص عليك دوراً عاصفاً |
|
فيك الشهامة ما اعتزمت فداءَهـا |
في ليلة طاب الحديث الحلوُ مـن |
|
اُختٍ وأنت على الجـواد إزاءَها |
تروي مصاهرةَ الكرام بقصــةٍ |
|
قد انجبتك ولم تُــرد إخفاءَهـا |
فهززت سيفك أن تطمئن قلبهـا |
|
بيدٍ تلقت في غدٍ جــذاءَهــا |
فتصاعدت بيضاء تدعو ربهــا |
|
ألاّ يَخيب السائلون رجـاءَهــا |
فتحدّث التاريخ عنهـا أنّهـــا |
|
ملأت بأسخى المكرُمات عطاءَها |
وعلى الشريعة ودعتك مُقطّعـاً |
|
اُختٌ تُساق وَخلّفتك وراءَهـــا |
لكنَّ رأسك فوق رمحٍ شامخــاً |
|
قد كان يرعى شجوها وبُكاءَهـا |
قمراً يُنير الدرب أيَّ قوافــل |
|
ويضمَّ تحت شُعاعه اُســراءَها |
نادتك من قلب ذوت أوشاجُـه |
|
وبأدمُع هوت العيونُ بُكـــاءَها |
أأخيَّ عند العهد بعدك لم تـزل |
|
وأراك تسمعُ للصغـار نـداءَها |
لا زلت تحرس ركبنا وتُزيل في |
|
أنوار وجهك للعــدى ظلماءَها |