الحسين في طريقه الى الشهادة 94

ومذ أتى شراف في طريقه وحط ظعن المجد في تلك الفلا
قال أيـا أحبتـي تـزودوا من مائـه وأكثروا من الروى
ثم سرى وصحبه في اثره تسرى اذا هم بـأسنـّة القنـا

(شراف) بفتح اوله . وآخره فاء . وثانية مخفف . فعال . من الشرف وهو العلو . ماء بين واقصة والقرعاء . على ثمانية اميال من أحساء التي لبني وهب . ومن شراف الى واقصة ميلان . وذكر صفي الدين عبد المؤمن(1) قال شراف . ما بين واقصة والقرع فيها ثلاث آبار كبار وقلب كثيرة طيبة ، وهناك بركة تعرف ـ باللوزة ـ وفي شراف ثلاث آبار كبار رشاؤها أقل من عشرين قامة . وماؤها عذب كثير . وبها قلب كثيرة طيبة الماء يدخلها ماء المطر . وقيل شراف . استنبطه رجل من العماليق اسمه شراف . فسمي به . وقيل شراف وواقصة . ابنتا عمرو ابن معتق بن زمرة بن عبيل بن عوض بن ارم بن سام بن نوح . ومن شراف الى ـ الشبكة ـ ستة عشرون كيلو مترا . ومن شراف الى واقصة سبع كيلو مترات أرض وعرة جدا . قال المثقب العبدي في شراف(2) .
مررن على شراف فذات هجل ونكبن الذرائح باليمين
(الروى) الماء الغزير المروي . قال اهل السير . ولما اتى الحسين (ع) وصحبه شراف أمسوا هناك . فلما كان السحر . أمر الحسين (ع) فتيانه فاستسقوا الماء فاكثروا واكد عليهم بالاكثار من حمل الماء . فملا اصحابه القرب والاواني وجميع ما كان عندهم من الطسوت . ثم سار (ع) حتى انتصف النهار . فبيناهم يسيرون اذ كبر رجل من اصحابه . فقال الحسين (ع) الله اكبر . مم كبرت ؟ قال سيدي

(1) انظر عبد المؤمن . مراصد الاطلاع . ج 2 ص 100 طبع اوربا .
(2) انظر ديوان المثقب العبدي . الذي نشره حديثا وعلق عليه العلامة الجليل الشيخ محمد حسن آل يس في سلسلة «نفائس المخطوطات» .
الحسين في طريقه الى الشهادة 95

رأيت النخل . وفي رواية . رأيت السواد ـ أي نخلة الكوفة(3) فقال له جماعة من اصحابه . والله ان في هذا المكان ما رأينا نخلة قط . فقال الحسين (ع) فما ترونه ؟ قالوا نراه والله اذ ان الخيل . قال (ع) وانا أرى ذلك . ثم قال مالنا ملجأ نلجأ اليه فنجعله خلف ظهورنا ونستقبل القوم بوجه واحد . فقلنا له بلى . هذا ـ ذو حسم ـ الى جنبك تميل اليه عن يسارك . فان سبقت اليه فهو كما تريد . فأخذ يسير اليه متياسرا حتى وصل اليه .
فمال بالركب الى ذي حُسم وجاءه الحر فكان الملتقى

(حسم) بالضم . ثم الفتح مثل جرذ وصرد . كانه معدول من حاسم وهو المانع . اسم موضع . ويروى بضمتين . هضبة منيعة . وقيل جبل كان النعمان . ابن المنذر يصطاد به . وفيه النابغة أبيات . وقد ذكرها أيضا يحيى المعروف بالمهلهل(4) بشعره .
اليلتنا بذي حسـم أنيـري اذا انت انقضيت فلا تحوري(5)
فان يك بالذنائب طال ليلي فقد أبكي من الليل القصيـر(6)

قلت يروي أ،ه . لما بانت للحسين (ع) طلايع الخيل مال بأصحابه الى ذي حسم . قال الراوي : فما كان باسرع من ان طلعت علينا هوادي الخيل(7)

(3) كان قد كثر النخل آنذاك في طف العراق . بسبب العيون التي فيه . ذكر البلاذري . قال حدثني الاثرم عن عبيدة . عن عمرو بن العلاء . قال : لما رأت العرب كثرة القرى والنخل والشجر . قالوا : ما رأينا سوادا أكثر ، والسواد الشخص . فلذلك سمي السواد سوادا .
(4) وقيل المهلهل . هو كليب واسمه . عدى بن ربيعة وانما قيل له المهلهل . لانه اول من هلهل الشعر ـ أي ارقه ـ ولما قتل اخوه كليب . شمر المهلهل . فترك النساء والغزل وحرم القمار والشراب واستعد لحرب بكر آخذا بثار اخي كليب فدارت من ذلك حروب طاحنة ووقائع عديدة .
(5) تحوري . أي ترجعي .
(6) انظر النويري . نهاية الارب ج 15 ص 401 .
(7) يقال . اقبلت هاديات الخيل . وهو اديها أي مقدماتها . مفردها الهادية .
الحسين في طريقه الى الشهادة 96

فتبيناها وعدلنا . فلما رأونا عدلنا عن الطريق عدلوا الينا كأن أسنتهم اليعاسيب(8) وكان راياتهم اجنحة الطير . فاستبقا الى ذي حسم فسبقناهم اليه . وأمر الحسين (ع) بأبنيته فضربت وجاء القوم زهاء ألف فارس . مع رئيسهم ـ الحر بن يزيد التميمي الرياحي(9) حتى وقف هو وخيله مقابل الحسين (ع) في حر الظهيرة . وقد

(8) اليعاسيب مفردها . يعسوب . ذكر النحل وأميرها . تشبه بها لبريق اجنحتها في اشعة الشمس .
(9) هو الحر بن يزيد الرياحي . الذي جعجع بالحسين (ع) وكان اول خارج عليه . ثم بعد ذلك أدركته السعادة وحظى بشرف الشهادة . فكان اول قتيل بين يدي الحسين يوم الطف . ذكر ارباب التاريخ . انه لما صمم ابن سعد على حرب الحسين (ع) وخرج الحسين (ع) وقد ضرب بيده على كريمته المباركة . وقال : اشتد غضب الله على اليهود والنصارى اذ جعلوا له ولدا . واشتد غضب الله على المجوس اذ عبدت الشمس والقمر والنار من دونه . واشتد غضب الله على قوم اتفقت آراؤهم على قتل ابن بنت نبيهم . والله لا اجيبهم على شيء يريدونه ابدا حتى القى الله فلما سمع الحر بن يزيد هذا الكلام . اضطرب قلبه ودمعت عيناه . فخرج باكيا متضرعا مع غلام له تركي . وكان كيفية انتقاله الى الحسين (ع) انه لما سمع هذا الكلام . اتى عمر بن سعد . وقال له . أمقاتل أنت هذا الرجل ؟ قال : أي والله قتالا أيسره أن تسقط الرؤوس وتطيح الايدي فيه . فقال : امالكم في واحدة من الخصال التي عرض عليكم رضى . فقال والله لو كان الامر لي لفعلت . ولكن اميرك ـ يعني ابن زياد ـ قد أبى ذلك . فاقبل الحر حتى وقف عن الناس جانبا ومعه رجل من قومه يقال له . قرة بن قيس . فقال له يا قرة هل سقيت فرسك اليوم ماء ؟ قال لا : قال اما تريد ان تسقيه قال قره فظننت والله انه يريد ان ينتحي فلا يشهد القتال . ويكون أن لا أراه يصنع ذلك مخافة أن أرفع عليه . فقلت له لم أسقه . وانا منطلق فاسقيه . قال : فاعتزلت ذلك المكان الذي كان فيه . والله لو أطلعني على الذي يريد لخرجت معه الى الحسين (ع) فأخذ يدنو قليلا قليلا . فقال له رجل من قومه . يا ابا يزيد ان أمرك لمريب فما الذي تريد ؟ قال : والله اني اخير نفسي بين الجنة والنار . ووالله لا اختار على الجنة شيئا ولو قطعت وحرقت . ثم ضرب فرسه ولحق بالحسين (ع) مع غلامه التركي . فقال : يابن رسول الله جعلني الله فداك اني صاحبك الذي حبسك عن الرجوع وسايرتك في الطريق وجعجعت بك في هذا المكان . والله الذي لا اله الا هو ما ظننت ان القوم يردون عليك ما عرضت عليهم ولا يبلغون بك هذه المنزلة . واني لو سولت لي نفسي انهم يقتلونك ما ارتكبت هذا منك . واني قد جئتك تائبا الى ربي . مما كان مني ومواسيك بنفسي حتى اموت بين يديك . أفترى ذلك توبة ؟ قال نعم : يتوب الله عليك ويغفر لك .
الحسين في طريقه الى الشهادة 97

أخذ العطش منهم ما أخذ هذا والحسين واصحابه معتمون متقلدون أسيافهم .

ثم قال له انزل . قال : انا لك فارسا خير مني لك راجلا . اقاتلهم على فرسي ساعة والى النزول ما يصير آخر امري . ثم قال يابن رسول الله (ص) كنت اول خارج عليك . فاذن لي أن اكون اول قتيل بين يديك . فلعلي اكون ممن يصافح جدك محمدا غدا في القيامة . فقال له الحسين (ع) ان شئت فانت ممن ناب الله عليه وهو التواب الرحيم . قال اهل السير . فكان اول من تقدم الى البراز فانشأ يقول :
اني انا الحـر وماؤى الضيـف اضرب في اعناقكم بالسيف
عن خير من حل بارض الخيف اضربكم ولا ارى من حيف
ويروى أن الحر لما لحق بالحسين (ع) قال له رجل من بني تميم . يقال له ـ يزيد بن سفيان الثغري . أما والله لو لقيته حين خرج لاتبعته السنان . فبينا هو يقاتل وان فرسه لمضروب على اذنه وحاجبه وان الدماء لتسيل منه . اذ قال الحصين بن نمير . يا يزيد هذا الحر الذي كنت تتمناه فهل لك به . قال : نعم . وخرج اليه . فما لبث الحر أن قتله وقتل أربعين فارسا وراجلا . وهو يتمثل بقول عنترة :
ما زلت أرميهم بثغرة نحره ولبانه حتى تسربل بالدم
ولم يزل يقاتل حتى عرقب فرسه . فوثب عنه الحر كأنه الليث والسيف بيده وهو يقول :
ان تعفر وابى فأنا ابن الحر اشجع من ذي لبدهزبر
وراح يقاتل راجلا وهو يقول :
آليت لا اقتـل حـتـى اقـتـلا ولا اصاب اليوم الا مقبلا
أضربكم بالسيف ضربا معضلا لا ناكلا فيكـم ولا مهللا
فلم يزل يقاتل حتى تعطفوا عليه وقتلوه . فمشى لمصرعه الحسين (ع) وابنه بكلمته المعروفة وقف عليه قائلا : انت حر كما سمتك امك حر في الدنيا وسعيد في الآخرة ورثاه علي بن الحسين (ع) بقوله :
لنعم الحر حر بني ريـاح صبور عند مشتبك الرماح
ونعم الحر اذ واسى حسينا وجاد بنفسه عنـد الصياح
وذكروا ان الحسين (ع) أخرج منديله وعصب به رأس الحر . وذكر شيخنا السماوي ومثله العلامة المظفري . قال : وانما دفنت بنوا تميم الحر بن يزيد الرياحي نحو ميل من الحسين (ع) حيث قبره الان اعتناء به . ويذكر ان بعض ملوك الشيعة . استغرب من ذلك فكشف عن قبر الحر . فوجده على صفته التي ذكرها التاريخ . وان رأس الحر غير مقطوع وهو معصب بعصابة فطمع بها وراح ليحلها ويأخذها تبركا بها . فانبعث الدم من جبينه فشدها على حالها . وعمل على قبره صندوقا . ولعل بنوا تميم هم الذين تكتلوا يوم الحادي
الحسين في طريقه الى الشهادة 98

قابلهم بخلقه السامي كما سقاهم من غـبّ ذلك الظـمـا
وعندها أسمعهـم خطابه وأعلـم الحـرّ بمـا بـه أتـى
أجابه الحر بلطف وغدا كالعبد من مولاه يطلب الرضى

قال أهل السير : ولما رآهم الحسين (ع) وقد أثر العطش بهم في تلك الظهيرة . وحر البادية والهجير . هذا والشمس في كبد السماء ترسل أشعتها الوقادة عليهم وهم من غير ماء . أمر (ع) اصحابه وفتيانه . وقال : اسقوهم الماء ورشفوا الخيل ترشيفا . قال : فاقبل اصحاب الحسين (ع) يملؤون القصاع والطساس من الماء ثم يدنونها من الفرس . فاذا عب الرجل فيها ثلاثا أو أربعا أو خمسا عزلت وربما يسقى الفارس قبلها وسقى الآخر وفرسه . حتى سقوهم عن آخرهم . قال : علي بن الطعان المحاربي . كنت مع الحر يومئذ فجئت في آخر من جاء من أصحابه . فلما رأى الحسين (ع) ما بي وبفرسي من العطش . قال : أنخ الرواية ـ والراوية عندي السقاء . ثم قال : يابن الاخ أنخ الجمل فأنخته . فقال : اشرب فجعلت كلما اشرب سال الماء من السقاء . فقال الحسين (ع) اخنث

عشر من المحرم ومنعوا من قطع رأس الحر وخمله . كما فعلوا بالرؤوس اذ قطعوها من الابدان وحملوها على اطراف الرماح . وله اليوم مشهد يزار . خارج كربلاء في الموضع الذي كاان قديما يقال له ـ النواويس ـ قال : شيخنا المظفري وفي قبر الحر في النواويس ، النائي عن مرقد الحسين (ع) ومراقد الشهداء اقوال قول انه سقط هناك فلم يحمل الى خيمة القتلى من الشهداء . لحيلولة القوم بينهم وبينه . مع اشتغالهم بالحرب . وقول ان عمر بن سعد . لما أراد أن يقطع الرؤوس أبت بنوا تميم أن يقطع رأس الحر فحملوه ودفنوه هناك . ويقال . انما حملوه لان عمر بن سعد أمر بوطئ جثث القتلى امتثالا لامر ابن زياد . فقامت بنوا تميم وحامت عنه ومنعت منه . ثم حملته الى هذا الموضع ومنعت كل قبيلة عن وطئ جثة رجلها . لكنهم لم يحملوهم ولم يدفنوهم وهذا ضعيف لان المأمور به ابن سعد وطئ جسد الحسين (ع) خاصة . فوطأته الخيل دون سائر الشهداء من الهاشميين وغيرهم . كما صرحت بذلك كتب المقاتل . وهناك قول آخر يعد رابعا ان الامام زين العابدين (ع) أمر بني اسد بنقله هناك وهذا بعيد جدا .
الحسين في طريقه الى الشهادة 99

السقاء ـ أي اعطفه ـ فلم أدر كيف أفعل . فقام (ع) بنفسه فخنثه . فشربت وارتويت وسقيت فرسي . قالوا وكان مجيء الحر بن يزيد من القادسية . وقد كان عبدي الله بن زياد بعث الحصين بن نمير وأمره أن ينزل القادسية . وتقدم الحر بين يديه في ألف فارس يستقبل بهم الحسين (ع) قال الراوي : فلما شرب الحر الماء ومن معه وتغمرت(1) خيلهم جلسوا جميعا في ظل خيولهم وأعنتها في أيديهم حتى حضرت صلاة الظهر .
صلى الحسين الظهر فأتمّ به الجيشان والحرّ بمولاه اقتدى

قال ارباب التاريخ : ولما حضرت صلوة الظهر أمر الحسين (ع) ـ الحجاج بن مسروف الجعفي ـ أن يؤذن فأذن . فلما حضرت الاقامة خرج الحسين (ع) من خبائه في أزار ونعلين . فحمد الله وأثنى عليه . ثم قال :(1) انه قد نزل من الامر ما قد ترون . وان الدنيا قد تغيرت وتنكرت وأدبر معروفها . فلم يبق منها الاصبابة كصبابة الاناء . وخسيس عيش كالمرعى الوبيل . الا ترون الى الحق لا يعمل به والى الباطل لا يتناهى عنه ليرغب المؤمن في لقاء الله محقا . فاني لا أرى الموت الا شهادة والحياة مع الظالمين الا برما . قال : فقام زهير بن القين البجلي(2) فقال لاصحابه تتكلمون أم أتكلم . قالوا بل تكلم . فحمد الله وأثنى عليه . ثم قال : قد سمعنا هداك الله يابن رسول الله (ص) مقالتك . والله لو كانت الدنيا لنا باقية . وكنا فيها مخلدين الا أن فراقها في نصرتك ومواساتك لآثرن الخروج معك على الاقامة فيها . قال : فدعا الحسين (ع) ثم التفت الى أصحاب الحر . وقال : ايها الناس . اني لم آتيكم حتى أتتني كتبكم وقدمت على رسلكم أن أقدم علينا فانه ليس لنا امام غيرك . لعل الله أن يجمعنا بك على الهدى

(1) يقال غمر فرسه سقاه قليلا .
(1) هذه الخطبة ذكرها الطبري . عن عقبه بن ابي العيزار ، ج 6 ص 229 .
(2) هو زهير بن القين البجلي (ره) . وقد ترجمناه مفصلا .
الحسين في طريقه الى الشهادة 100

والحق . فان كنتم على ذلك فقد جئتكم . فأعطوني ما أطمئن اليكم من عهودكم ومواثيقكم وان لم تفعلوا وكنتم لقدومي كارهين انصرفت عنكم الى المكان الذي جئت منه اليكم فسكتوا عنه ولم يتكلم أحد منهم بكلمة . فقال : للمؤذن أقم . فأقام الصلوة . فالتفت الحسين (ع) الى الحر . وقال له : اتريد ان تصلي بأصحابك ؟ قال لا . بل تصلي أنت ونصلي بصلاتك فصلى الحسين بهم جميعا . ولما فرغ من صلاته دخل خباءه . فاجتمع اليه اصحابه . وانصرف الحر الى مكانه المعد له فدخل خيمته . واجتمع اليه جماعة من اصحابه وعاد الباقون الى صفهم الذي كانوا فيه فأعادوه . ثم أخذ كل رجل منهم بعنان دابته وجلس في ظلها . ولما كان وقت العصر أمر الحسين (ع) أصحابه أن يتهيؤا للصلوة ففعلوا ثم أمر مناديه . فنادى بالعصر وأقام . فتقدم الحسين (ع) فصلى ثم سلم . وانصرف اليهم بوجهه . فحمد الله واثنى عليه ثم قال : أما بعد ايها الناس . فانكم ان تتقون الله وتعرفوا الحق لاهله تكن أرضى لله عليكم . ونحن أهل بيت محمد (ص) وأولى بولاية هذا الامر عليكم من هؤلاء المدعين ما ليس لهم والسائرين فيكم بالجور والعدوان . وان أبيتم الاكراهية لنا والجهل بحقنا . وكان رأيكم الان غير ما أتتني به كتبكم وقدمت به على رسلكم انصرفت عنكم . فقال الحر : أنا والله ما أدري ما هذه الكتب والرسل التي تذكرها . فنادى الحسين (ع) برجل من أصحابه . يا عقبة بن سمعان ـ اخرج الخرجين الذين فيهما كتبهم اليّ . فأخرج عقبة خرجين مملوين صحفا فنثرت بين يديه . فقال الحر : انا لسنا من هؤلاء الذين كتبوا اليك . وقد امرنا اذا نحن لقيناك . ان لا نفارقك حتى نقدمك الكوفة على عبيد الله بن زياد . فقال الحسين (ع) الموت أدنى اليك من ذلك . ثم قال : لاصحابه قوموا واركبوا فركبوا وانتظروا حتى ركبت العائلة . فقال (ع) لاصحابه انصرفوا فلما ذهبوا لينصرفوا حال القوم بينهم وبين الانصراف . فقال الحسين (ع) للحر ثكلتك امك ما تريد ؟ فقال الحر : أما لو غيرك من العرب قالها لي وهو على مثل هذا الحال التي أنت عليها ما تركت ذكر امه بالثكل كائنا من كان . ولكن والله مالي الى ذكر امك من سبيل الا باحسن ما نقدر عليه .

الحسين في طريقه الى الشهادة 101

فقال الحسين (ع) ما تريد ؟ قال : اريد ان انطلق بك الى الامير عبيد الله . قال اذا والله لا اتبعك . قال : اذا والله لا ادعك فترادا القول ثلاث مرات . فلما كثر الكلام بينهما . قال له الحر اني لم اؤمر بقتالك . انما امرت أن لا افارقك حتى افد الكوفة فاذا أبيت فخذ طريقا لا يدخلك الكوفة ولا يردك الى المدينة . فيكون بيني وبينك نصفا حتى اكتب الى الامير عبيد الله بن زياد . فلعل الله أن يأتي بأمر يرزقني فيه العافية . من أن ابتلى بشيء من أمرك . فخذههنا . فتياسر عن طريق العذيب والقادسية . قال ارباب التاريخ ثم سار الحسين (ع) وجعل يسايره الحر وهو يقول له يا حسين . اني اذكرك الله في نفسك . فاني اشهد لئن قاتلت لتقتلن . فقال له الحسين (ع) أفبالموت تخوفني . وهل يعدو بكم الخطب أن تقتلوني وسأقول كما قال أخو الاوس لابن عمه وهو يريد نصرة رسول الله (ص) فخوفه ابن عمه . وقال اين تذهب فانك مقتول : فقال :
سأمضي وما بالموت عار على الفتى اذا ما نـوى حقا وجاهد مسلما
وواسـى الـرجال الصالحين بنفسه وفارق مثبـورا وخالف مجرما
فان عشـت لم انـدم وان مت اذم كفى بك فخرا أن تعيش وترغما

فلما سمع الحر منه ذلك تنحى عنه . وصار يسير بأصحابه ناحية والحسين في ناحية حتى وافى البيضة .
وحيـن بالبـيـضـة حـلّ وغـدا يخطب بالجمع وكلهـم صغى
فعنـدها نـاد واجمـيـعـاً انـنـا نكون يوم الملتـقـى لك الفدا
أنـت ابن بنت المصطفى وخير من طاف ببيت الله طوعا وسعى
وخـامس الاشبـاح من قد وجبت طاعته بأمـر جبـار السمـا

(البيضة) موضع بين العذيب وواقصة في أرض الحزون من ديار بني يربوع

الحسين في طريقه الى الشهادة 102

ابن حنظلة وقيل ماء(1) وفي مراصد الاطلاع(2) بيضة . واحدة البيض . لبني دارم . وهي بالكسر ما بين واقصة الى العذيب متصلة بالحزن لبني يربوع ، وذكر الطبري(3) عن ابي مخنف . عن عقبة بن العيزار . ان الحسين (ع) خطب اصحابه واصحاب الحر بالبيضة . فحمد الله واثنى عليه . ثم قال : ايها الناس . ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . قال : من رأى سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله ناكثا لعهد الله مخالفا لسنة رسول الله (ص) يعمل في عباد الله بالاثم والعدوان . فلم يغير عليه بفعل ولا قول . كان حقا على الله أن يدخله مدخله . الاوان هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان وتركوا طاعة الرحمن وأظهروا الفساد وعطلوا الحدود واستأثروا بالفيء وأحلوا حرام الله وحرموا حلاله . وأنا أحق من غير . وقد أتتني كتبكم . وقدمت على رسلكم ببيعتكم انكم لا تسلموني ولا تخذلوني . فان أقمتم على بيعتكم تصيبوا رشدكم . فانا الحسين بن علي وابن فاطمة بنت رسول الله (ص) نفسي مع أنفسكم . وأهلي مع أهليكم فلكم في اسوة . وان لم تفعلوا ونقضتم عهدكم وخلعتم بيعتي من أعناقكم . فلعمري ما هي لكم بنكر لقد فعلتموها بأبي واخي وابن عمي مسلم بن عقيل . والمغرور من اغتر بكم فحظكم أخطأتم ونصيبكم ضيعتم . ومن نكث فانما ينكث على نفسه وسيغني الله عنكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . قال : ولما فرغ الحسين من خبطته . قام اليه نافع بن هلال الجملي(4) . وقال : يابن رسول الله (ص) أنت تعلم أن جدك رسول الله (ص)

(1) انظر ياقوت الحموي ـ معجم البلدان ج 2 ص 339 .
(2) انظر عبد المؤمن مفتي الحنابلة ـ مراصد الاطلاع ـ ج 1 ص 191 طبع اوربا .
(3) انظر محمد بن جرير الطبري ـ ج 6 ص 229 .
(4) هو نافع بن هلال المذحجي الجملي . كان نافع سيدا شريفا سريا شجاعا . وكان قارءا كاتبا ومن حملة الحديث وكان من اصحاب أمير المؤمنين (ع) شهد حروبه الثلاث الجمل وصفين والنهروان ، وعندما بلغه امتناع الحسين من البيعة خرج اليه فاستقبله في الطريق ، وكان قد أوصى ان يتبع بفرسه المسمى بالكامل فاتبع مع جماعة من اصحابه . قال ابو مخنف كان نافع قد كتب اسمه على افواق نبله فكان يرمي بها اهل الكوفة وهو يقول :
الحسين في طريقه الى الشهادة 103

لم يقدر أن يشرب الناس محبته . ولا أن يرجعوا الى ما كان أحب فكان منهم منافقون يعدونه بالنصر ويضمرون له الغدر يلقونه بأحلى من العسلى ويخلفونه بأمر من الحنظل . حتى قبضه الله تبارك وتعالى اليه . وان أباك علياً صلوات الله عليه قد كان في مثل ذلك . فقوم قد أجمعوا على نصرته ـ وهم المؤمنون ـ وقاتلوا معه الناكثين والقاسطين والمارقين . وقوم قعدوا عنه وخذلوه حتى مضى الى رحمة الله وروحه وريحانه . وأنت اليوم يابن رسول الله (ص) على مثل تلك الحال . فمن نكث عهده وخلع بيعته فلن يضر الا نفسه . والله تبارك وتعالى مغن عنه . فسر بنا يابن رسول الله (ص) راشدا معافى مشرقا ان شئت أو مغربا . فوالله الذي لا اله الا هو . ما اشفقنا من قدر الله ولا كرهنا لقاء ربنا . وانا على نياتنا وبصائرنا . نوالي من والاك ونعادي من عاداك ، وقام اليه برير بن خضير الهمداني(5) . فقال : يابن رسول الله (ص) لقد من الله تعالى علينا بك أن

ارمي بها معلمة افواقها مسمومة تجري بها اخفاقها
ليملأن ارضها ارشاقها والنفس لا يمنعهـا اشفاقها
حتى اذا نفذت سهامه جرد سيفه وحمل عليهم وهو يقول :
انا الهزبر الجملى ديني على دين علي
فقتل اثني عشر رجلا غير الذين جرحهم ، وصار اهل الكوفة يضاربونه بالحجارة والنضال حتى كسروا عضديه واجتمعوا عليه فاخذوه اسريا وقد امسكه شمر بن ذي الجوشن . وراحوا يسوقونه حتى جاءوا به عمر بن سعد فقال له عمر ويحك يا نافع ما حملك على ما صنعت بنفسك ؟ قال : ان ربي يعلم ما اردت : فقال له رجل وقد نظر الدماء تسيل على لحيته : اما ترى ما بك . قال والله لقد قتلت منك اثنى عشر رجلا سوى من جرحت : وما الوم نفسي على الجهد : ولو بقيت لي عضد وساعد ما أسرتموني . فقال شمر لابن سعد اقتله اصلحك الله : قال انت جئت به فان شئت فاقتله . فانتضى شمر سيفه : فقال له نافع : اما والله لو كنت من المسلمين لعظم عليك ان تلقى الله بدمائنا . فالحمد لله الذي جعل منايانا على يدي شرار خلقه . ثم قتله شمر .
(5) هو برير بن خضير الهمداني المشرقي وبنو مشرق بطن من همدان . قالوا كان برير شيخا تابعيا ناسكا . قارءا للقرآن من شيوخ القراء وكان من اصحاب امير المؤمنين (ع) وكان من اشراف اهل الكوفة من الهمدانيين ذكر ارباب السير أن برير لما بلغه امتناع الحسين من البيعة ليزيد الطاغية خرج من الكوفة
الحسين في طريقه الى الشهادة 104

نقاتل بين يديك . وتقطع فيك أعضاؤنا . ثم يكون جدك رسول الله (ص) شفيعا

حتى اتى مكة وصحب الحسين (ع) روى الضحاك بن قيس المشرقي . قال : وكان برير قد بايع الحسين على ان يحامي عنه ما ظن ان المحاماة تدفع عن الحسين (ع) فان لم يجد بدا فهو في حل . قال ابو مخنف . امر الحسين (ع) في اليوم التاسع من المحرم بفسطاط فضرب . ثم أمر بمسك فميث في جفنه عظيمة فاطلى بالنورة : وعبد الرحمن بن عبد ربه : وبرير على باب الفسطاط تختلف مناكبهما . فازدحما ايهما يطلي على أثر الحسين (ع) فجعل برير يهازل عبد الرحمن ويضاحكه . فقال عبد الرحمن دعنا فوالله ما هذه بساعة باطل . فقال برير والله لقد علم قومي اني ما احببت الباطل شابا ولا كهلا : ولكني والله لمستبشر بما نحن لاقون والله ان بيننا وبين الحور العين الا ان نحمل على هؤلاء فيميلون علينا باسيافهم . ولوددت ان مالوا بها الساعة . وروى بعض المؤرخون . انه لما بلغ من الحسين العطش ما شاء الله ان يبلغ . استأذن برير الحسين (ع) في ان يكلم القوم فاذن له . فوقف قريبا منهم . ونادى . يا معشر الناس ان الله بعث بالحق محمدا بشيرا ونذيرا . وداعيا الى الله باذنه وسراجا منيرا . وهذا ماء الفرات تقع فيه خنازير السواد وكلابها وقد حيل بينه وبين ابن رسول الله (ص) افجزاء محمد هذا . فقالوا يا برير اكثرت الكلام فاكفف . فوالله ليعطش الحسين (ع) كما عطش من كان قبله . فقال الحسين (ع) اكفف يا برير ، قال وخرج يزيد بن معقل من بني عميرة بن ربيعة . فقال يا برير بن خضير كيف ترى صنع الله بك ؟ قال صنع الله لي والله خيرا . وصنع بك شرا . فقال قد كذبت . وقبل اليوم ما كنت كذابا : اتذكر وانا اماشيك في سكة بني دودان . وانت تقول ان عثمان كان كذا . وان معاوية ضال مضل . وان علي بن ابي طالب امام الحق والهدى . قال برير اشهد ان هذا رايي وقولي . فقال يزيد فاني اشهد انك من الضالين . قال برير فهل لك ان اباهلك ولندع الله ان يلعن الكاذب . وان يقتل المحق المبطل . ثم اخرج لابارزك . قال فخرجا فرفعا ايديهما بالمباهلة الى الله . يدعوانه ان يلعن الكاذب . وان يقتل المحق المبطل . ثم برز كل واحد منهما لصاحبه . فاختلفا ضربتين . فضرب يزيد بريرا ضربة خفيفة لم تضره شيئا . وضرب برير يزيد ضربة قدت المغفر وبلغت الى الدماغ . فخر كانما هوى من حالق . وان سيف برير لثابت في رأسه . فكاني انظر اليه ينضنضه من رأسه حتى اخرجه وهو يقول :
انا برير وابي خضير وكل خير فله برير
ثم حمل على أهل الكوفة وقاتل فبرز اليه رضي بن منقذ العبدي وكعب بن جابر بن عمرو الازدي فقتلاه . ولما رجع كعب . الى الكوفة . قالت له اخته النوار بنت جابر أعنت على ابن فاطمة : وقتلت سيد القراء لقد اتيت عظيما من الامر . والله لا اكلمك من راسي كلمة ابدا وله في ذلك شعر يذكر .
الحسين في طريقه الى الشهادة 105

يوم القيامة لنا فلا أفلح قوم ضيعوا ابن بنت نبيهم . اف لهم غدا ما يلاقون . سينادون بالويل والثبور في نار جهنم وهم فيها خالدون . قال الراوي : فجزاهم الحسين خيرا . قال : وخرج ولد الحسين (ع) واخوته واهل بيته حين سمعوا الكلام . فنظر اليهم وجمعهم عنده فبكى . ثم قال : اللهم انا عترة نبيك محمد صلواتك عليه . قد اخرجنا وازعجنا وطردنا عن حرم جدنا وتعدت بنو امية علينا . اللهم فخذ لنا بحقنا وانصرنا على القوم الظالمين ثم نادى بأعلى صوته الرحيل الرحيل . ورحل من موضعه المسمى بالبيضة الى العذيب والحر يسايره . وكان كل فريق منهم على غلوة من الآخر(*) .
مرّوا جميعاً بالعُذيب والردى يطوف بالخامس من آل العبا

(العذيب) . تصغير العذب وهو الماء الطيب . وهو ما بين القادسية والمغيثة . بينه وبين القادسية اربعة اميال . والى المغيثة اثنان وثلاثون ميلا . وقيل هو واد لبني تميم . وهو من منازل الحج من الكوفة . وقيل هو حد السواد ـ قال في المشترك والعذيب بضم العين المهملة وفتح الذال المعجمة ثم مثناة من تحتها في آخرها باء موحدة . قال : وهو ماء لبني تميم . وهو اول ماء يلقاه الانسان بالبادية اذا سار من قادسية الكوفة يريد مكة . والعذيب اسم لعدة مياه بالبرية(1) وهناك عين شمس ما بين العذيب والقادسية له ذكر في الفتوح(2) وفي العذيب قصر للفرس يسمى «قديس»(3) . قال السماوي واضيف الى الهجانات . لان النعمان ابن المنذر ملك الحيرة كان يجعل فيه ابله(4) ولهم عذيب القوادس وهو غربي

(*) انظر الدينوري ـ الاخبار الطوال ـ ص 225 .
(1) انظر الملك المؤيد ابن ايوب صاحب حماه المتوفي 732 ـ تقويم البلدان ـ ص 79 طبع باريس .
(2) انظر شهاب الدين الحموي ـ المشترك ص 321 طبع غوتنجن المانيا .
(3) انظر السمعاني ـ مراصد الاطلاع . ج 2 ص 376 .
(4) انظر السماوي ـ ابصار العين ـ ص 68 .
الحسين في طريقه الى الشهادة 106

عذيب الهجانات فيما أفهمه من حديث سعد بن ابي وقاص . وللعماد الاصبهاني(5) من قصيدة يمدح المستضيء العباسي(6) ويذكر العذيب بقوله :
يا حبذا ماء العذيب وحبذا بنطافه الغزر العذاب تمضمضى

وجاء ذكر العذيب في شعر المتنبي(7) وهي مطلع قصيدته التي يمدح بها سيف الدولة الحمداني(8) يقول :
تذكرت ما بين العذيب وبارق مجر عوالينا ومجرى السوابق

فصدرهما الشاعر الفحل ابن مطروح(9) فقال :
اذا ما سقاني ريقه وهو باسم تذكرت ما بين العذيب وبارق
ويذكرني من قـده ومدامعي مجر عوالينا ومجرى السوابق

(5) انظر العماد الاصبهاني ـ خريدة القصر وجريدة المصر ج 1 ص 18 ـ قسم العراق ـ .
(6) هو ابو محمد . اسمه حسن الثالث والثلاثون من الخلفاء العباسيين . ولد سنة ست وثلاثين وخمسماية . امه ام ولد ـ ارمنية اسمها ـ غضة ـ خلافته تسع سنين ونصف . عاش تسعا وعشرين سنة . وتوفى سنة 575 هجـ .
(7) هو احمد بن محمد بن الحسين . ابو الطيب المتنبي الجعفي الكوفي . مفخرة من مفاخر الادب العربي وشاعر حكيم . لولا الشريف الرضي لكان اشعر العرب جمعاء . ولد بالكوفة ونشأ بالشام . مدح الملوك والامراء وهجا من هجا منهم بشعره . قيل لما رجع من فارس قاصدا بغداد فالكوفة . فعرض له فاتك بن ابي جهل الاسدي في الطريق بجماعة من اصحابه . ومع المتنبي جماعة . فاقتتلوا فقتل ابو الطيب وابنه محسد وغلامه مفلح . بالقرب من دير العاقول .
(8) هو سيف الدولة علي بن عبد الله . ابو الهيجاء بن حمدان . وال حمدان امراء حلب . قال الثعالبي . كان بنو حمدان ملوكا وامراء اوجههم للصباحة . وألسنتهم للفصاحة . وايديهم للسماحة . عقولهم للرجاحة . وسيف الدولة مشهور بسيادتهم . وواسطة قلادتهم .
وكان شاعره المتنبي . وكاتبه كشاجم . وخطيبه ابن نباتة . وكان مؤدبه ابن خالويه . وكان قائد جيشه واميري السيف والقلم ابن عمه ابو فراس الحمداني (ره) كانت ولادة سيف الدولة سنة ثلاث وثلثماية . ووفاته سنة سبع وخمسين وثلثماية . ودفن عند امه بميافادفين . رحمه الله .
(9) هو يحيى بن عيسى . جمال الدين ابن مطروح . ولد باسيوط .

السابق السابق الفهرس التالي التالي