جهاد الامام السجاد عليه السلام 162

طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون»[ الأعراف «7» الآية : 201 ].
وأشعروا قلوبكم خوف الله ، وتذكّروا ما قد وعدكم الله في مرجعكم إليه من حسن ثوابه ، كما قد خوّفكم من شديد العقاب ، فإنه من خاف شيئا حذره ، ومن حذر شيئا تركه.
ولا تكونوا من الغافلين ، المائلين الى زهرة الدنيا ، الذين مكروا السيئات ، فإن الله يقول في محكم كتابه :
«أفأمِن الذين مكروا السيّئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون أو يأخذهم في تقلّبهم فما هم بمعجزين أو يأخذهم على تخوّف »[ النحل (16) الآيات 45 ـ 47 ].
فاحذروا ما حذّركم الله ، بما فعل بالظلمة ، في كتابه ، ولا تأمنوا أن ينزل بكم بعض ما تواعد به القوم الظاملين في الكتاب.
والله ، لقد وعظكم الله في كتابه بغيركم ، فإن السعيد من وُعِظَ بغيره.
ولقد أسمعكم الله في كتابه ما قد فعل بالقوم الظامين من أهل القرى قبلكم ، حيث يقول : «وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة» وإنّما عنى بالقرية أهلها ، حيث يقول :« وأنشأنا بعدها قوما آخرين » فقال عز وجل :« فلما أحسّوا بأسنا إذا هم منها يركضون » يعني يهربون ، قال : « لا تركضوا وارجعوا الى ما اُترفتم فيه ومساكنكم لعلّكم تسألون »فلما أتاهم العذاب « قالوا يا ويلنا إنا كنّا ضالمين فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين»
الانبياء «21» الآيات « 11 ـ 15» ].
وايمّ الله ، إن هذه عظة لكم وتخويف ، إن اتّعظتم وخفتم.
ثم رجع القول من الله في الكتاب على أهل المعاصي والذنوب ، فقال الله عز وجل :« ولئن مسّتهم نفحة من عذاب ربك ليقولنّ يا ويلنا إنّا كنا ظالمين »
[ الأنبياء «21» الآية «46» ].
فإن قلتم ـ أيها الناس ـ : إن الله عز وجل إنّما عنى بهذا أهل الشرك ؟
فكيف ذاك ؟ وهو يقول : «ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبّة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين »
[ الأنبياء «21» الآية «47» ] ؟!
إعملوا ـ عباد الله ـ إن أهل الشرك لا تنصب لهم الموازين ولا تنشر لهم الدواوين ،

جهاد الامام السجاد عليه السلام 163

وإنما يحشرون الى جهنم زمرا ، وإنما نصب الموازين ونشر الدواوين لأهل الإسلام.
فاتقوا الله عباد الله.
وأعلموا أن الله عز وجل لم يحبّ زهرة الدنيا وعاجلها لأحد من أوليائه ، ولم يرغّبهم فيها وفي عاجل زهرتها وظاهر بهجتها ، وإنما خلق الدنيا وأهلها ليبلوهم فيها : أيّهم أحسن عملا لآخرته ؟.
وإيمُ الله ، لقد ضرب لكم فيه الأمثال ، وعرّف الآيات لقوم يعقلون ، ولا قوّة إلاّ بالله.
فازهدوا في ما زهّدكم الله عزوجل فيه من عاجل الحياة الدنيا.
فإن الله عزوجل يقول ـ وقوله الحق ـ
:« إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وأزيّنت وظنّ أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناه حصيدا كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصّل الآيات لقوم يتفكرون » [ يونس «10» الآية «24» ].
فكونوا عباد الله ـ من القوم الذين يتفكّرون ، ولا تركنوا الى الدنيا فإن الله عزوجل قال لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم : « ولا تركنوا الى الذين ظلموا فتمسّكم النار » [ هود «11» الآية «113» ].
ولا تركنوا الى زهرة الدنيا وما فيها ركون من اتّخذها دار قرار ومنزل استيطان ، فإنها دار بُلغة ، ومنزل قلعة ، ودار عمل ، فتزوّدوا الأعمال الصالحة فيها قبل تفرّق أيامها ، وقبل الإذن من الله في خرابها ، فكان قد أخربها الذي عمرّها أول مرة وابتدأها وهو وليّ ميراثها فأسأل الله العون لنا ولكم على تزوّد التقوى ، والزهد فيها.
جعلنا الله وإياكم من الزاهدين في عاجل زهرة الحياة الدنيا ، الراغبين لآجل ثواب الآخرة ، فإنما نحن به وله.
وصلّى الله على محمد وآله وسلم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
(1).

(1) الكافي ، للكليني ( 8 : 72 ـ 76 ) وتحف العقول ( ص 249 ـ 252 ) وأمالي الصدوق ( المجلس (76) ص ( 407 ـ 409 ).
جهاد الامام السجاد عليه السلام 164

وكان عليه السلام يعظ أصحابه (1) ويعظ الخليفة وأعوانه (2).
ويجسّد في نفسه كل المواعظ والنصائح ، حتى يكون اُمثولة للسامعين والمشاهدين.
وقد نقلت آثار في هذا الباب عنه عليه السلام ، نذكر منها :
1 ـ كان علي بن الحسين عليه السلام إذا مشى لا يجاوز يديه فخذيه ، ولا يخطر بيده (3).
2 ـ وكان إذا قام الى الصلاة أخذته رعدة ، فقيل له : ما لك ؟
فقال : ما تدرون بين يدي من أقوم ؟ ومن أناجي ؟ (4).
3 ـ وقيل : إنه كان إذا توضّأ أصفرّ لونه ، فيقول له أهله : ما هذا الذي يعتادك عند الوضوء ؟
فيقول : تدرون بين يدي من أريد أن أقوم ؟ (5).
4 ـ قال سفيان بن عيينة : حجّ علي بن الحسين عليه السلام فلمّا أحرم واستوت به راحلته اصفرّ لونه ، وانتفض... ولم يستطع أن يلبي ، فقيل له : ما لك ؟
فقال : أخشى أن أقول : « لبّيك » فيقول لي : « لا لبيك » (6).
5 ـ وقال مالك بن أنس : أحرم علي بن الحسين عليه السلام ، فلمّا أراد أن يقول : « لبّيك اللّهمّ لبيّك» قالها فأغميَ عليه ، حتى سقط من راحلته (7).

(1) كما رأينا صحيفته في الزهد الى أصحابه ( راجع ص 123 ـ 125 ) من الفصل الثالث.
(2) سيأتي ذكر مواعظ لهم في الفصل الخامس ( ص 221 ـ 230 ).
(3) تاريخ دمشق الأحاديث ( 6 ـ 63 ) مختصر تاريخ دمشق ( 17 : 236 ) وانظر سير أعلام النبلاء ( 4 : 392 ).
(4) تاريخ دمشق الأحاديث ( 6 ـ 63 ) مختصر تاريخ دمشق ( 17 : 236 ) وانظر سير أعلام النبلاء ( 4 : 392 ).
(5) تاريخ دمشق الأحاديث ( 6 ـ 63 ) مختصر تاريخ دمشق ( 17 : 236 ) وانظر سير أعلام النبلاء ( 4 : 392 ) وروي الحديث الثالث في العقد الفريد ( 3 : 169 ).
(6) تاريخ دمشق الأحاديث ( 6 ـ 63 ) مختصر تاريخ دمشق ( 17 : 236 ) وانظر سير أعلام النبلاء ( 4 : 392 ).
(7) تاريخ دمشق ( الحديث 64 ) ومختصر ابن منظور ( 17 : 237 ) وسير أعلام النبلاء ( 4 : 392 ).
جهاد الامام السجاد عليه السلام 165

قال : وبلغني أنه كان يصلّي في كل يوم وليلة ألف ركعة الى أن مات (1).
6 ـ وقع حريق في بيت فيه الإمام زين العابدين عليه السلام فجعلوا يقولون له : يابن رسول الله ! النار ! يابن رسول الله ! النار !
فما رفع راسه حتى أطفئت ، فقيل له : ما الذي ألهاك عنها ؟
قال : ألهتني النار الأخرى ! (2).
7 ـ قالوا : وكان علي بن الحسين عليه السلام يخرج على راحلته الى مكة ويرجع ، لا يقرعها (3).
8 ـ وروى ابن طاوس عن الصادق عليه السلام قال : كان علي بن الحسين عليه السلام إذا حضر الصلاة اقشعّر جلده ، واصفرّ لونه ، وارتعد كالسعفة (4).
ولنقرأ معا كلاما له عليه السلام في الزهد ، لنقف على معالم رفيعة وآفاق وسيعة مما عند الإمام في هذا المقام :
إنّ علامة الزاهدين في الدنيا الراغبين في الآخرة تركهم كل خليط وخليل ورفضهم كلّ صاحب لا يريد ما يريدون.
إلا وإن العامل لثواب الآخرة هو الزاهد في عاجل زهرة الدنيا ، الآخذ للموت أهبته ، الحاثّ على العمل قبل فناء الاجل ونزول ما لابدّ من لقائه. وتقديم الحذر قبل الحين ، فإنّ الله عزوجل يقول
:«حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلّي أعمل صالحا في ما تركت»(5) فلينزلنّ أحدكم اليوم نفسه في هذه الدنيا كمنزلة المكرور الى الدنيا ، النّادم على ما فرّط فيها من العمل الصالح ليوم فاقته.
واعلموا عباد الله : أنّه من خاف البيات تجافى عن الوساد. وامتنع من الرّقاد،


(1) تاريخ دمشق ( الحديث 64 ) ومختصر ابن منظور ( 17 : 237 ) وسير أعلام النبلاء ( 4 : 392 ) وانظر ( ص 158 ).
(2) تاريخ دمشق ( الحديث 10 ) ومختصر ابن منظور ( 17 : 236 ) وسير أعلام النبلاء ( 4 : 1 ـ 392 ).
(3) تاريخ دمشق ( الحديث 100 ) ومختصر ابن منظور ( 17 : 233 ) وسير أعلام النبلاء ( 4 : 388 ).
(4) فلاح السائل ( ص 96 ) عن كتاب ( زهرة المهج وتواريخ الحجج ).
(5) المؤمنون آية 100.
جهاد الامام السجاد عليه السلام 166

وأمسك عن بعض الطعام والشراب من خوف سلطان أهل الدنيا ، فكيف ، ويحك يا ابن آدم ، من خوف بيات سلطان رب العزّة وأخذه الأليم وبياته لأهل المعاصي والذنوب مع طوارق المنايا باللّيل والنّهار ؟ فذلك البيات الّذي ليس منه منجى ، ولا دونه ملتجا ، ولا منه مهرب.
فخافوا الله أيّها المؤمنون من البيات خوف أهل التقوى ، فإن الله يقول
: «ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد»(1).
فاحذروا زهرة الحياة الدنيا وغرورها وشرورها وتذكّروا ضرر عاقبة الميل إليها ، فإن زينتها فتنة وحبّها خطيئة.
واعلم ويحك يابن آدم أن قسوة البطنة وكظة الملأة وسكر الشبع وغرة الملك مما يثبّط ويبطّىء عن العمل وينسي الذّكر ويلهي عن اقتراب الأجل ، حتى كأنّ المبتلى بحبّ الدّنيا به خبل من سكر الشّراب.
وأنّ العاقل عن الله ، الخائف منه ، العامل له ليمرّن نفسه ويعوّدها الجوع حتى ما تشتاق الى الشبع ، وكذلك تضمّر الخيل لسبق الرّهان.
فاتقوا الله عباد الله تقوى مؤمّل ثوابه وخائف عقابه فقد ـ لله أنتم ـ أعذر وأنذر وشوّق وخوّف ، فلا أنتم الى ما شوّقكم إليه من كريم ثوابه تشتاقون فتعملون ، ولا أنتم مما خوّفكم به من شديد عقابه وأليم عذابه ترهبون فتنكلون.
وقد نبّأكم الله في كتابه أنّه
:« من يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسيعه وإنّا له كاتبون»(2) .
ثم ضرب لكم الأمثال في كتابه وصرّف الآيات لتحذروا عاجل زهرة الحياة الدنيا فقال : «إنّما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم»(3).
فاتّقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا ، فاتقوا الله واتّعظوا بمواعظ الله ، وما أعلم إلاّ كثيرا منكم قد نهكته عواقب المعاصي فما حذرها وأضرّت بدينه فما مقتها ، أما

(1) سورة ابراهيم آية 14.
(2) سورة الأنبياء آية 94.
(3) سورة التغابن آية 15.
جهاد الامام السجاد عليه السلام 167

تسمعون النداء من الله بعيبها وتصغيرها حيث قال : « اعلموا أنّما الحياة الدينا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدينا إلاّ متاع الغرور * سابقوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض اُعدت للذين آمنوا بالله ورسله ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم» (1).
وقال : « يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدّمت لغد واتّقوا الله إن الله خبير بما تعملون * ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون » (2).
فاتّقوا الله عباد الله ، وتفكروا واعملوا لما خلقتم له ، فإن الله لم يخلقكم عبثا ولم يترككم سدى ، قد عرّفكم نفسه وبعث إليكم رسوله وأنزل عليكم كتابه ، فيه حلاله وحرامه وحججه وأمثاله.
فاتّقوا الله فقد احتج عليكم ربّكم فقال :« ألم نجعل له عينين * ولسانا وشفتين * وهديناه النجدين» (3) فهذه حجّة عليكم فاتّقوا الله ما استطعتم فإنّه لا قوّة إلاّ بالله ولا تكلان إلاّ عليه ، وصلّى الله على محمد [ نبيه ] وآله (4).
إن الأبعاد الأخرى التي أنتجتها سيرة الإمام زين العابدين عليه السلام في الزهد والعبادة ، هي :
1 ـ اعتراف علماء البلاط بفضل أهل البيت عليهم السلام.
على الرغم من أن الحكّام يحاولون التغطية على فضائل المعارضين لهم ولا سيما آل اُمية الذين ضربوا الأرقام القياسية في هذه الخصلة الذميمة ، بإعلان السبّ لأهل البيت على المنابر ، وإيعازهم الى وعّاظ السلاطين بوضع الحديث في قدحهم وذمّهم ،

(1) سورة الحديد آية 20 ـ 21.
(2) سورة الحشر آية 18 ـ 19.
(3) سورة البلد آية 8 ـ 10.
(4) تحف العقول ( ص 272 ـ 274 ).
جهاد الامام السجاد عليه السلام 168

فإن علماء البلاط الاموي في عصر الإمام زين العابدين عليه السلام ، لم يمكنهم إخفاء فضل الإمام السجّاد عليه السلام فضلا عن الغضّ منه ، لأن سيرته لم تكن تخفى على أحد من الناس ، فقد اضطروا الى إضهار تصريحات واضحة تعلن فضل الإمام عليه السلام ، بالرغم من ارتباطهم بالحكم الأموي الجائر ، أو موالاتهم له ، وكذلك من تلاهم من فقهاء العامة ورجالهم :
قال يحيى بن سعيد : سمعت علي بن الحسين ، وكان أفضل هاشمي أدركته (1).
وقال الزهري : ما رأيت قرشيّا ـ أو هاشميا ـ أفضل من علي بن الحسين (2).
وقال سعيد بن المسيب : ما رأيت أورع منه (3).
وقال حماد بن زيد : كان علي بن الحسين أفضل هاشمي أدركته (4).
لقد فرض الإمام زين العابدين عليه السلام نفسه على كل المناوئين لأهل البيت عليهم السلام حتى لم يشذ أحد منهم عن تعظيمه وتجليله.
2 ـ إبراز فضل أهل البيت عليهم السلام.
ولقد كان الموقع الذي احتلّه الإمام زين العابدين عليه السلام بفضله وعبادته وزهده ، بين الأمة ، أحسن فرصة كي يعلن فضل أهل البيت عليهم السلام ، الذي جهد الأعداء الظالمون في إخفائه :
ففي الحديث أن جابرا قال له : ما هذا الجهد الذي كلّفته نفسك ؟... يابن رسول الله ! البقيا على نفسك ، فإنك من اُسرة بهم يستدفع البلاء ، وبهم تستكشف اللأواء ، وبهم تستمسك السماء ؟

(1) طبقات ابن سعد ( 1 : 214 ) وتاريخ دمشق ( الحديث 47 ) ومختصر ابن منظور ( 17 : 235 ).
(2) سير أعلام النبلاء ( 4 : 387 ) ولاحظ تاريخ دمشق ( الأحاديث 37 و 41 و 50 ) ومختصر ابن منظور ( 17 : 231 و 235 ).
(3) سير اعلام النبلاء ( 4 : 391 ) ومختصر تاريخ دمشق ( 17 : 236 ) وحلية الاولياء ( 3 : 141 ).
(4) تهذيب الأسماء واللغات ( 1 : 343 ).
جهاد الامام السجاد عليه السلام 169

فقال الإمام : يا جابر ، لا أزال على منهاج أبويّ مؤتسيا بهما حتى ألقاهما.
فاقبل جابر على من حضر فقال : ما رؤي في أولاد الانبياء مثل علي بن الحسين ، إلاّ يوسف بن يعقوب ، والله لذريّة علي بن الحسين أفضل من ذرية يوسف (1).
فإن قوله : « منهاج أبويّ ـ يعني : عليا والحسين عليهما السلام ـ مؤتسيا بهما » يعني : أن ما يتمتع به الإمام زين العابدين عليه السلام هو ما كان يتمتع به أبوه الحسين وجدّه علي عليهما السلام ، وأن ما قام به أبواه من الجهاد يقوم به الإمام السجاد ، لأنه مثلهما في الامامة ، ووارثهما في الكرامة.
وفي حديث عن الصادق عليه السلام في ذكر أمير المؤمنين عليه السلام وإطرائه ومدحه بما هو أهله ، وزهده في المأكل ، قال : وما أطاق عمل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من هذه الأمة غيره ، ثم قال : وما أشبهه من ولده ولا أهل بيته أحد أقرب شبها به في لباسه وفقهه من علي بن الحسين عليه السلام.
قال : ولقد دخل أبو جعفر ـ ابنه ـ عليه فإذا هو قد بلغ من العبادة ما لم يبلغه أحد ، فرآه ، وقد اصفرّ لونه من السهر ، ورمصت عيناه من البكاء...
قال أبو جعفر عليه السلام : فلم أملك ـ حين رايته بتلك الحال ـ البكاء ، فبكيت رحمة له ، فإذا هو يفكّر ، فالتفت إليّ ـ بعد هنيئة من دخولي ـ فقال : يابني ، أعطني بعض تلك الصحف التي فيها عبادة علي بن أبي طالب عليه السلام ، فأعطيته ، فقرأ فيها شيئا يسيرا ، ثم تركها من يده تضجّرا ، وقال : من يقوى على عبادة علي بن أبي طالب عليه السلام ؟ (2).
وعن الصادق عليه السلام قال : كان علي بن الحسين عليه السلام إذا أخذ كتاب علي عليه السلام فنظر فيه قال : من يطيق هذا ؟ من يطيق هذا ؟ (3).
وهكذا يعلن الإمام زين العابدين عليه السلام ـ وهو في أعلى قمم العبادة والاجتهاد في الطاعة ـ أنه لا يقوى على عبادة جدّه علي عليه السلام !
فإلى أيّ سماء ترتفع فضيلة أمير المؤمنين علي عليه السلام في العبادة ، بعد هذه الشهادة !؟

(1) مناقب آل أبي طالب ( 3 : 289 ) وبحار الأنوار ( 46 : 79 ) ولاحظ : أمالي الطوسي ( 2 : 250 ).
(2) شرح الأخبار للقاضي ( 3 : 272 ) والإرشاد للمفيد ( ص 256 ) والمناقب لابن شهر آشوب ( 4 : 149 ) وكشف الغمة ( 2 : 85 ) وبحار الأنوار ( 46 : 75 ).
(3) الكافي للكليني ، الروضة ( 8 : 163 ).
جهاد الامام السجاد عليه السلام 170

إن الإمام زين العابدين عليه السلام بهذا الجهاد الظريف يحرق ما كدّسه بنو اُمية طوال السنين المظلمة لحكمهم من أطنان الكذب والافتراء ضدّ علي عليه السلام ، وينسف كل الاُسس التي بنوا عليها ظلمهم وجورهم لسيد العترة وزعيم أهل البيت الطاهر أمير المؤمنين علي عليه السلام.
3 ـ إنارة السبيل للعُبّاد والصالحين :
إن الإمام زين العابدين عليه السلام وهو يمثّل الإسلام في تصرفاته وأقواله ، كان المثل الأفضل للعبّاد والصالحين ، ومن أراد أن يدخل هذا المسلك الشريف فله من الإمام عليه السلام خير دليل ومرشد ، ومن أقواله خير منهج وطريقة.
وقد رسم خطوطا عريضة للسير والسلوك ، تمثّل أفضل ما قرّره علماء هذا الفنّ ، وإليك أمثلة من تلك :
فقال عليه السلام : إنّ قوما عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد ، وآخرين عبدوه رغبة فتلك عبادة التجّار ، وقوما عبدوا الله شكرا فتلك عبادة الأحرار (1).
فربط بين الحرية ، وبين عبادة الله ، وبين الروح غير الخانعة ولا الطامعة بل المتطلّعة الى الله ، والمتقرّبة الى رضوانه ، بالتزام العبادة له ، والطالبة للمزيد بالشكر ، حيث وعد وقال : « لئن شكرتم لازيدنّكم» [ سورة إبراهيم (14) الآية 7 ].
وسئل عليه السلام : عن صفة الزاهد في الدنيا ؟
فقال : يتبلّغ بدون قوته ، ويستعد ليوم موته ، ويتبرّم في حياته (2).
وقال له رجل : ما الزهد ؟
فقال عليه السلام : الزهد عشرة أجزاء :
فأعلى درجات الزهد ، أدنى درجات الورع ، وأعلى درجات الورع أدنى درجات اليقين ، وأعلى درجات اليقين أدنى درجات الرضا ، وإن الزهد في آية من كتاب الله
« لكي لا

(1) تاريخ دمشق ( الحديث 141 ) وهذا من كلام الإمام علي أمير المؤمنين عليه السلام رواه الرضي في نهج البلاغة بالارقام ( 65 و 237 و 276 ) من الباب الثالث : قصار الحكم.
(2) تاريخ دمشق ( الحديث 134 ).
جهاد الامام السجاد عليه السلام 171

تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما أتاكم »[ الحديد « 57 » الآية : 23 ] (1).
ومن أظرف أمثلة مواعظه ، ما روي عنه من الخطاب الموجّه الى « النفس » يقول : « يا نفس ، حتام الى الدنيا سكونك ، والى عمارتها ركونك ، أما اعتبرت بمن مضى من أسلافك ؟ ومن وارته الأرض من ألاّفك ؟ ومن فجعت به من إخوانك ؟ ونقل الى الثرى من أقرانك ؟
فهم في بطون الأرض بعد ظهورها محــاسنهم فــيها بـوال دواثر
خلت دورهم منهم وأقوت عراصهم وسـاقتهم نحـو المـنايا المـقادر
وخلّوا عن الدنـيا ومـا جمعوا لها وضـمّهم تحت التراب الحـفائر (2)

وهكذا يسترسل الإمام عليه السلام مع النفس في خطاب رقيق ، وحساب دقيق ، ويناجيها ، يعرض عليها العبر ، ويذكّرها بما فيه مزدجر ، ويبعّدها عن الدنيا وزينتها والغرور بها ، ويقرّبها الى الآخرة ونعيمها وما فيها من جوار الله ورحمته ، في مقاطع نثريّة رائعة ، تتلوها معان منظومة ، في ثلاثة أبيات بعد كل مقطع ، بلغت (18) مقطعا (3).
وهكذا ، لم يترك الإمام عليه السلام طريقا إلاّ سلكه ولا جهدا إلا استنفده ، ليدرك الامة كيلا تقع في هوّة الانحراف ، وحياة الترف التي صنعتها لها آل اُمية !

(1) تحف العقول ( ص 278 ـ 279 ).
(2) رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق ( الحديث 135 ) ومختصره لابن منظور ( 17 : 249 ـ 254 ) ونقله ابن كثير في تاريخ البداية والنهاية ( 9 : 109 ـ 113 ).
وانظر عوالم العلوم ( ص 124 ) عن المناقب لابن شهر آشوب ( 3/292 ) وبحار الأنوار ( 46/83 ).
(3) وقد نسب كتاب منظوم الى الإمام السجاد عليه السلام باسم « المخمسات » في نسخة محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة آية الله المرعشي قدس سره ، ذكرها السيد أحمد الحسيني في التراث العربي في تلك الخزانة ( 5/28 ) أوله :
تـبارك ذو العـلى والكـبرياء تـفرد بـالـجلال وبـالبقاء
وسوّى الموت بين الخلق طُـرّا وكـــلهم رهــائن للفناء

رقم النسخة ( 5557 ) وتاريخها ( 903 ).
جهاد الامام السجاد عليه السلام 172

1 ـ تزييف دعاوي المبطلين من دعاة التصوّف والرهبنة :
ومع أنّ الإمام زين العابدين عليه السلام كان المثل الأعلى للزهد والعبادة في عصره ، حتى غلبت عليه هذه الصفة أكثر من غيرها ، إلاّ أنّه عليه السلام وقف من المتظاهرين ـ كذبا ـ بالزهد ، والمائلين الى الانعزال عن المشاكل ، والتاركين للحكّام وللناس ، يظلم اُولئك هؤلاء ، ويتبع هؤلاء اُولئك ، والذين قبعوا ـ حسب نظرتهم ـ على إصلاح أنفسهم وأعمالهم ، تلك الحالة التي سمّيت من بعد بالتصوّف ، وسمّي أهلها بالصوفيّة.
وقف الإمام عليه السلام من هذه الحالة ومن دعاتها ورعاتها ، موقف الردّ والإنكار وإعلان الخطأ في طرقهم ، وحاول إرشادهم الى طرق السلوك الصائبة ، بما قدّمه إليهم والى الأمة من مواعظ وأدعية وخطب ورسائل وأجوبة تحدّد لهم معالم الطرق القويمة والسبل المستقيمة ، والموصلة الى الهدى والرشاد.
وبما كان الإمام يتمتّع به من مكانة مرموقة معترف بها ، في الإيمان والشرف ، حسبا ونسبا ، وخاصة في الزهد والعبادة ، فإن كلامه في هذا المجال كان هو المقبول ، ومواقفه التي كان يتخذها من المتظاهرين بالزهد ، كانت هي الناجحة والغالبة.
وقد تركّز انحرافهم في نقطتين هامّتين :
1 ـ محاولتهم الانعزال عن الحياة الاجتماعية ، بعدم تدخلهم في ما يمسّ وجودهم بسوء أو ضرر ، مثل التعرّض للظلم والفساد الذي يجري حواليهم ، وخاصة من قبل الخلفاء والولاة وكل من يمتّ الى السلطان والحكومة بصلة ! خوفا على أنفسهم من الموت والهلكة.
وقد كان يجرّهم هذا التفكير الى مداراة الظلمة ، والخضوع لهم ، والحضور في مجالسهم ، بل الانخراط في مظالمهم ، وتصويب أعمالهم ، بالرغم من معرفة ظلمهم وعدم استحقاقهم للمقامات التي احتلّوها.
2 ـ وعلى أثر النقطة الاولى ، فإنهم ابتعدوا عن أهل البيت عليهم السلام ، لأنهم كانوا هم المعارضين السياسيّين ، فكان الاتصال بهم يعني المحسوبيّة عليهم وعلى خطّهم ،

جهاد الامام السجاد عليه السلام 173

فابتعدوا عنهم ، وأقلّ آثار ذلك هو الحرمان من تعاليمهم القيمة ، والتردّي في ظلمات الجهل والانحراف.
وبما أن اولئك المتظاهرين كانوا يمثلون في أنظار الناس بمنزلة علماء زهّاد ، فأن استمرارهم على تلك الحالة الانحرافية كان يغري الناس البسطاء بصحة سلوكهم المنحرف ، وتفكيرهم الخاطيء فكان على الإمام زين العابدين عليه السلام أن يصدّهم ، إرشادا لهم ، وإيقافا للاُمّة على حقيقة أمرهم ، وكشفا لانحرافهم وخطئهم في السلوك والمنهج :
فموقفه من عبّاد البصرة ، الذين دخلوا مكّة للحجّ ، وقد اشتدّ بالناس العطش لقلة الغيث ، قال أحدهم : « ففزع إلينا أهلُ مكة والحجّاج يسألوننا أن نستسقي لهم » ؟!
والكلام الى هنا يدل على مدى اهتمام الناس بهؤلاء العبّاد !
قال : فأتينا الكعبة وطفنا بها ، ثم سألنا الله خاضعين متضرّعين بها ، فمنعنا الإجابة ، فبينما نحن كذلك إذا نحن بفتى قد أقبل ، وقد أكربته أحزانه ، وأقلقته أشجانه ، فطاف بالكعبة أشواطا ، ثم أقبل علينا ، فقال :
يا مالك بن دينار ، ويا... ويا...
وذكر الإمام عليه السلام أسماءهم كلّهم ، بحيث يبدو أنه يريد أن يعرفهم للناس بأعيانهم !
قال الراوي : فقلنا : لبيك وسعديك ، يا فتى !
فقال : أما فيكم أحد يحبّه الرحمن ؟
فقلنا : يا فتى ، علينا الدعاء وعليه الإجابة !
فقال : أبعدوا عن الكعبة ، فلو كان فيكم أحد يحبّه الرحمن لأجابه !
ثم أتى الكعبة ، فخرّ ساجدا ، فسمعته يقول في سجوده : « سيّدي بحبّك لي إلاّ سقيتهم الغيث » .
قال : فما استتمّ الكلام حتى أتاهم الغيث كأفواه القرب !
قال الراوي : فقلت : يا أهل مكة ، من هذا الفتى ؟
قالوا : علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام (1).

(1) الاحتجاج ( 316 ـ 317 ) وبحار الأنوار ( 46 : 50 ـ 51 ).
جهاد الامام السجاد عليه السلام 174

إن ابتعاد أهل البصرة عن أهل البيت عليهم السلام الى حدّ الجهل بهم ليس بتلك الغرابة ، لأنّ انحرافهم عن أهل البيت قد تجذّر فيهم منذ حرب الجمل ووقعته الرهيبة ، وقد بقيت آثارها فيهم حتى دهر سحيق ، فلما خرج حفص بن غياث القاضي الى عبادان ـ وهو موضع رباط ـ فاجتمع إليه البصريّون فقالوا له : لا تحدّثنا عن ثلاثة : اشعث بن عبدالملك ، وعمرو بن عبيد ، وجعفر بن محمد... (1).
فتلك شنشنة أعرفها من أخزم !
لكن كلّ الغرابة من أهل مكّة المجاورين للمدينة ؟ والذين يعرفون الإمام كاملا ، كيف اغترّوا بأولئك الزهّاد ، القادمين من بعيد ، ولجأوا إليهم يطلبون الغيث منهم ، وهذا الإمام زين العابدين ، وحجّة الزاهدين بينهم يتركونه ، بل لا يعرف إلاّ بالسؤال عنه !؟
لم يتصور ظلم على أهل البيت عليهم السلام أكثر من هذا ! في مركز الدين والإسلام ، مكة ، وعند أشرف البقاع وأعظمها « الكعبة الشريفة » !!
وما الذي جعل أهل مكّة يتركون الإمام علي بن الحسين عليه السلام وهم يعرفونه حسبا ونسبا ، فيلجأون الى أناس جاءوا من البصرة ؟
إنّه ليس إلاّ الانحراف عن أهل البيت عليهم السلام والجهل بحقّهم وفضلهم ، إن لم يكن العداء لهم !!
وهكذا تصدّى الإمام لهذا الانحراف وأسقط ما في أيدي أولئك العبّاد المتظاهرين بالزهد ، الذين لا يعرف واحدهم زين العابدين ، إمام زمانه ، وسيّد أهل البيت.
فكشف عن زيف دعواهم ، وسوء نيّاتهم ، وضلال سبلهم حيث عندوا عن حقّ أهل البيت ، ولم يعترفوا لهم بالفضل.
وللإمام عليه السلام مواقف اُخرى مع آحاد من هؤلاء العباد ، مثل موقفه من الحسن البصري ، ومن طاوس ، وغيرهما (2).
إن الزهد الذي قام الإمام زين العابدين عليه السلام بإحيائه كان مثل زهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم

(1) تهذيب الكمال للمزّي ( 5/7 ـ 78 ).
(2) لاحظها في حلية الأولياء ، وصفوة الصفوة ، وكشف الغمة.
جهاد الامام السجاد عليه السلام 175

وعليّ والأئمة عليهم السلام ، الذي يطابق ما قرّره الإسلام ، وينبذ كل أشكال الانحراف والزيف والتزوير ، والرهبانية المبتدعة.
ولقد اُثِرَتْ عن الإمام زين العابدين عليه السلام نصوص جاء فيها شرح العبادات من وجهات نظر روحيّة بما عجز عن إدراكه كبار المتصدّين لمثل هذه المعارف ، فمن ذلك ما روي عنه في تفسير معاني أفعال الحج (1) وأقسام الصوم (2).
أضف الى أن عمل الإمام كان تعديلا لسلوك الامة في اغترارها بمناهج أولئك المتظاهرين المزيّفين ، المنحرفين عن ولاء أهل البيت عليهم السلام وأئمة الحق والصدق ، الذين مثّلهم الإمام زين العابدين عليه السلام يومذاك.
إن الإمام عليه السلام حذر الأمة من الإغترار بالذين يتظاهرون بالزهد ، ممن يحبّ الترؤّس على الناس ، يجتمعون حوله ، ويلتذّ بالفخفخة والتمجيد ، ولو على حساب المعرفة بالدين والفقه !
ففي الحديث أنه قال عليه السلام : إذا رأيتم الرجل قد حسّن سمته وهديه ، وتماوت في منطقه ، وتخاضع في حركاته ، فرويدا لا يغرّنكم !
فما أكثر من يعجزه تناول الدنيا وركوب الحرام منها ، لضعف نيّته ، ومهانته ، وجبن قلبه ، فنصب الدين فخّا لها ، فهو لا يزال يختل الناس بظاهره ، فإن تمكّن من حرام اقتحمه.
وإذا وجدتموه ، يعفّ عن المال الحرام ، فرويدا ، لا يغرّنكم !
فإن شهوات الخلق مختلفة ! فما أكثر من ينبو عن المال الحرام ، وإن كثر ! ويحمل نفسه على شوهاء قبيحة فيأتي منها محرّما.
فإذا وجدتموه يعفّ عن ذلك ، فرويدا لا يغرّنكم !


(1) مستدرك الوسائل ( 2 : 186 ) أبواب العود الى منى ، الباب (17) الحديث (5) وطبعة مؤسسة آل البيت عليهم السلام ( 10/166 ) رقم ( 11770 ). ويلاحظ أن الراوي عن الإمام مسمّى بـ « شبلي » وليس في الرواة عنه ، ولا من عاصره من هو بهذا الاسم ، ولعله مصحّف « شيبة » وهو ابن نعامة ، المذكور في أصحابه عليه السلام.
(2) حلية الأولياء ( 3 : 141 ) وفرائد السمطين للحمويني ( 2 : 233 ) وكشف الغمة ( 2 : 103 ـ 105 ) ولاحظ : المقنعة للشيخ المفيد ( ص 363 ) الباب (32 ) ووسائل الشيعة ، كتاب الصوم ، أبواب بقية الصوم الواجب ، الباب (10) الحديث (1).

السابق السابق الفهرس التالي التالي