السيدة سكينة 28




السيدة سكينة 29


الخلاصة

لقد وضح مما ذكرناه ان نبي الاسلام أراد بالامة خيراً حيث أرشدها إلى ما هو الصالح لها وفيه الزلفى إلى المهيمن جل شأنه ألا وهو المودة لذريته المستتبعة لعونهم ومساعدتهم على نوائب الدهر وما يحتاجون اليه في هذه الحياة وعرفهم بأن هذا المعروف مع آله وقرباه لا يذهب سدى فانه يوم الجزاء يكون صلى الله عليه وآله هو المكافي لكل من أسدي إلى ذريته يداً بيضاء وحينئذ فما ظنك بتلك المجازات الصادرة من أكرم الخليفة وهل يستطيع أحد ان يحدها أو يقف على مداها.
مـلك يحتوي ممـالك فضل غيـر مجدودة جهات علاها
لو اعيرت مـن سلسبيل نداه كرة النـار لاستحالت مياها
ذاك أسخى يـداً واشجع قلبا وكذا أشجـع الورى أسخاها
كـم علـى هذه له مـن أياد ليست الشمس غير نار قرانا
وله فـي عـد مضيف جنان لم يحـل حسنها ولا حسناها
اين من مكرمـاته معصرات دون أدنـى نوالـه أنداها (1)

فالتحدث عما يشين موقف الذرية من الشرع الحنيف يوجب وهنا في مقام ذلك الجلال القدسي الطافح بالعظمة وقد أمر صلى الله عليه وآله باكرام

(1) من قصيدة ملا كاظم الازري (رحمه الله)
السيدة سكينة 30

أولاده، الصالح لله والطالح له.
على أن الأحاديث المسطورة في كتب التاريخ مما يشين مقام الذرية لم يثبت صحة إسنادها، وإنما جاء بها اناس يحملون أحقاداً محتدمة على المصطفى صلى الله عليه وآله طلباً لثارات أشياخهم المودى بهم في بدر وحنين وغيرهما من مغازية مشفوعة بأضغان معتلجة في الصدور على أمير المؤمنين عليه السلام بما أنه المباشر لازهاق اولئلك الطغام.
لكن الظروف لما لم تسع لهم أن يشينوا سمعة الرسالة عمدوا إلى الوقيعة في آله الأقربين باختلاق نسب مفتعلة ولقنوها الرواة وتلقنتها البسطاء وخفت على الفطاحل وذوي الفضيلة غير أن الاستضائة بنور البحث والتنقيب أماطت الستار عن الحقيقة و عرفتنا حال اولئك الرواة وما جاؤا به من قدح وذم.
ويسجل ابن أبي الحديد في شرح النهج (1) رجالاً كانوا يستميلون دنيا الخلفاء بافتعال احاديث تبعد العامة عن المعصومين وذويهم ويقول الخطيب: ضرب المتوكل نصر بن علي الف سوط لكونه حدث في فضل الحسن والحسين عليه السلام ولم يكف عنه حتى شهدوا انه من أهل السنة (2).
وقول مقاتل للمنصور الدوانيقي: إن شئت وضعت لك أحاديث في فضل العباس بن عبدالمطلب (3) يؤكد ما عليه الرواة من افتراء الأحاديث ارضاء للخلفاء.

(1) ج 1 ـ ص 358 إلى ص 365.
(2) تاريخ بغداد ج 13 ـ ص 167.
(3) تاريخ بغداد ج 13 ـ 287.
السيدة سكينة 31


أنا لا أقول كل اولئك المنتمين إلى نبي الإسلام منزهون عن الوصمات فان قضية عدم العصمة في غير الائمة الاثنى عشر تسوغ صدور الشائعة منهم، لكني أقول إن جل هاتيك المطاعن لم تثبت بطرق صحيحة يكن اليها فلا يصح الطعن بأقوام ثبت الصلاح لنوعهم وامرنا بحبهم وإكبارهم لمكان جدهم الكريم صلى الله عليه وآله بمجرد ورود مثل هاتيك الروايات من دون شواهد وقرائن تقوم على صدقها. مع ما في ذلك من هتك المؤمن باخراجه عن مستوى الشريعة المطهرة والاحاديث تنص على حرمة المؤمن ميتاً كحرمته حياً وان الطعن عليه وايذائه طعن على الله تعالى في عرشه وحرب لرسوله صلى الله عليه وآله (1).
وفيه من الاغتياب المحرم في قوله تعالى: « أيحب أحدكم ان يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه » وصارح الرسول صلى الله عليه وآله على منبر الدعوة الآلهية بأن الله لا يغفر للمغتاب إلا ان يغفر له صاحبه وان حرمة الغيبة كمن زنى بامه بين الركن والمقام.
والغيبة كما عليه العلماء من الشيعة والسنة ذكر الشخص بما يكره واي كراهة اعظم من نسبة الشخص المسلم الى المروق عن الدين ولا مبرر غير احاديث ارسلت في الزبر بلا صحة في إسنادها وقد عرف المنشأ في وضعها واختلاقها.
على ان فيه إشاعة للفاحشة المنهي عنها بقوله تعالى: « والذين يحبون ان تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب اليم ».
نعم يجوز لمن توفرت عنده القرائن الصحيحة على خروج الشخص

(1) الصدوق في ثواب الأعمال.
السيدة سكينة 32

عن العدالة والوثاقة فيصفه بذلك بقصد الوقوف على جرحه ليتحرز عن العمل برواياته في الأحكام الشرعية واما من لم تتوفر عنده القرائن المثبتة للجرح او توفرت ولكن لم يقصد هذه الغاية الثمينة الذي وضع علم الرجال لأجلها واجهد العلماء انفسهم في تمييز المجروحين من غيرهم فيحرم شرعاً التعرض له لأنه هتك المؤمن وايذاؤه بالقول الشائن واشاعة الفاحشة واغتيابه المحرم كل ذلك بالكتاب العزيز والسنة المطهرة.
وعلى هذا فما أرسل في الكتب من نسبة المروق عن الحق إلى عبد الله المحض وجماعة الهاشميين رجالاً ونساءاً لا يصح نقله لمجهولية رجال الاسناد في جملة الأحاديث وعدم ثبوت التوثيق في جملة اخرى وعدم الاعتماد على كثير ممن أودع تلك الأحاديث في كتابه. وقد قال الله تعالى: « إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين » (1).
والفاسق أعم ممن ثبت فسقه أو لم يثبت توثيقه.
ومن العجيب أن أرباب الجوامع الذين احتفظوا بأمثال هذه الاحاديث نراهم لم يعبؤا بما تتضمنه من حكم الزامي وتكليف شرعي بل لا يحتاطون في اتيانه إذا فكيف جاز الاعتماد على هذا النقول في جرح الرجل المسلم ونسبته إلى التمرد على قانون الاسلام، أليس هذا من التساهل في الدين؟ (أيها المنصفون) فيعلم من ذلك ان غرضهم تأليف قضايا تأريخية وقصص أخبار الماضين على ما دب ودرج.

(1) سورة الحجرات: آية /6.
السيدة سكينة 33

ثم ان السيد الجليل الثقة الثبت رضي الدين علي بن طاووس يحدث في رسالته (مسكن الفؤاد) عن الشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي عن الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان عن الشيخ الصدوق محمد بن علي بن بابويه عن شيخه الجليل محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن محمد بن أبي عمير عن اسحاق بن عمار (1) قال كتب أبوعبدالله الصادق عليه السلام إلى عبدالله بن الحسن ـ المثنى ـ حين حمل وأهل بيته يعزيه عما صار اليه ونص الكتاب:
بسم الله الرحمن الرحيم الى الخلف الصالح والذرية الطبية من ولد أخيه وابن عمه، اما بعد: فان كنت قد تفردت أنت وأهل بيتك ممن حمل معك بما اصابكم ما انفردت بالحزن والغيظ والكآبة واليم وجع القلب دوني وقد نالني من ذلك من الجزع والقلق وحر المصيبة مثل ما نالك ولكن رجعت إلى ما امر الله عز وجل المتقين من الصبر وحسن العزاء حين يقول لنبيه صلى الله عليه وآله: « واصبر لحكم ربك فانك باعيننا » (2) وحين يقول: « فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت » (3) وحين يقول: لنبيه صلى الله عليه وآله حين مثل حمزة: « وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن

(1) رجال السند إلى ابن ابي عمير من مشاهير علماء الامامية واعيان شيوخ الاجازة واما ابن عمير فهو جليل القدر في الطائفة ثقة ثبت وناهيك بجلالة قدره اعتماد الاصحاب على مراسليه واما اسحاق بن عمار فان كان الصيرفي فهو جليل ثبت وان كان الساباطي فهو موثوق الحديث وعلى كل حال فالرواية صحيحة لا وقفة فيها.
(2) سورة الطور: آية 48.
(3) سورة القلم: آية / 48.
السيدة سكينة 34

صبرتم لهو خير للصابرين»
فصبر رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يعاقب، وحين يقول: « وامر اهلك بالصلوة واصطبر عليها لا نسألك رزقاً نحن نزرقك والعاقبة للتقوى » (2) وحين يقول: « الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا اليه راجعون اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة واولئك هم المهتدون » (3) وحين يقول: « انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب » (4) وحين يقول لقمان لابنه «واصبر على ما أصابك ان ذلك من عزم الامور» (5) وحين يقول موسى لقومه: « استعينوا بالله واصبروا ان الارض يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين » (6) وحين يقول: « الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر » (7) وحين يقول: « ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس والثمرات وبشر الصابرين » (8) وحين يقول: « والصـابرين والصابرات » (9) وحيـن يقـول: « واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين » (10) وأمثال ذلك من القرآن كثير.

(1) سورة النحل: آية / 126.
(2) سورة طه: آية / 132.
(3) سورة البقرة: آية 156 و 157.
(4) سورة الزمر: آية / 10.
(5) سورة لقمان: آية / 17.
(6)سورة الاعراف: آية / 128.
(7) سورة العصر: آية / 3.
(8) سورة البقر: آية / 155.
(9) سورة الاحزاب آية : 35.
(10) سورة يونس آية: 109.
السيدة سكينة 35

واعلم اي عمي وابن عمي ان الله عزوجل لم يبال بضر الدنيا لوليه ساعة قط ولا شيء أحب اليه من الجهد واللأواء مع الصبر وانه تبارك وتعالى لم يبال بنعيم الدنيا لعدوه ساعة قط ولولا ذلك ما كان أعداؤه يقتلون أولياءه ويخيفونهم ويمنعونهم واعداؤه آمنون مطمئنون عالون ظاهرون ولولا ذلك ما قتل يحيى بن زكريا ظلماً وعدواناً في بغي من البغايا.
ولولا ذلك ما قتل جدك علي بن ابي طالب لما قام بأمر الله عزوجل ظلماً وعدواناً وعمك الحسين بن فاطمة صلى الله عليه وآله اضطهاداً وعدواناً.
ولو ذلك ما قال الله عزوجل في كتابه:
« ولولا ان يكون الناس امة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفاً من فضة ومعارج عليها يظهرون » (1) ولو لا ذلك ما قال في كتابه: « أيحسبون إنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون » (2)
ولولا ذلك لما جاء في الحديث:
لولا ان يحزن المؤمن لجعلت للكافرين عصابة من حديد فلا يصدع رأسه أبداً.
ولولا ذلك لما جاء في الحديث: إن الدنيا لا تساوي عند الله عزوجل جناح بعوضة.

(1) سورة الزخرف آية: 33.
(2) سورة المؤمنون: آية / 56.
السيدة سكينة 36

ولولا ذلك لما جاء في الحديث:
لو ان المؤمن على قمة جبل لبعث الله له كافراً او منافقاً يؤذيه.
ولو ذلك لما جاء في الحديث:
إذا أحب الله قوماً أو أحب عبداً صب عليه البلاء صباً، فلا يخرج من غم إلا وقع في غم.
ولولا ذلك لما جاء في الحديث:
ما من جرعتين أحب إلى الله عزوجل أن يجرعها عبده المؤمن في الدنيا من جرعة غيظ كظم عليها، ومن جرعة حزن عند مصيبة صبر عليها بحسن عزاء واحتساب.
ولولا ذلك لما كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله يدعون على من ظلمهم بطول العمر وصحة البدن وكثرة المال والولد.
ولو لا ذلك ما بلغنا ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان إذا خص رجلاً بالترحم والاستغفار استشهد.
فعليكم يا عم وابن عم وبني عمومتي واخوتي بالصبر والرضا والتسليم والتفويض الى الله عزوجل والرضا والصبر على قضائه والتمسك بطاعته والنزول عند أمره.
أفرغ الله علينا وعليكم بالصبر وختم لنا ولكم بالسعادة وأنقذكم وإيانا من كل هلكة بحوله وقوته انه سميع قريب وصلى الله على صفوته من خلقه محمد النبي وأهل بيته.
قال السيد ابن طاووس في الاقبال اشتملت هذه التعزية على وصف عبدالله ـ المخلص ـ بالعبد الصالح والدعاء عند جانبها له ولبني عمه

السيدة سكينة 37

بالسعادة وهذا يدل على أن الجماعة المحمولين كانوا عند الصادق عليه السلام معذورين وممدوحين ومظلومين وبحقه عارفين.
وما يوجد في الكتب من مفارقتهم للصادق عليه السلام محتمل للتقية لئلا ينسب إظهارهم في إنكار المنكر إلى الأئمة.
ومما يدل على حسن حالهم ومعرفتهم بالحق ما يرويه خلاد بن عمير الكندي مولى لآل حجر بن عدي قال دخلت على أبي عبدالله الصادق عليه السلام فقال هل لكم علم بآل الحسن الذين خرج بهم مما قبلنا وكان قد اتصل بنا عنهم خبر فلم نحب ان نبدأه به، فقلنا نرجوا أن يعافيهم الله، فقال عليه السلام وأين هم من العافية، ثم بكى حتى علا صوته.
ثم قال حدثني أبي عن فاطمة بنت الحسين عليه السلام قالت: سمعت أبي صلوات الله عليه يقول:
يقتل منك او يصاب منك نفر بشط الفرات ما سبقهم الأولون ولا يدركهم الآخرون وانه لم يبق من ولدها غيرهم.
قال السيد ابن طاووس وهذه شهادة صريحة من طرق صحيحة بمدح المأخوذين من بني الحسن عليه السلام وانهم مضوا الى الله جل جلاله بشرف المقام والظفر بالسعادة والاكرام.
ولقد كان عبدالله بن الحسن المحض عارفاً بالحجة المهدي الموعود به الذي يقيم العدل والقسط وانه غير ابنه محمد وإن تسمى به.
فقد روينا عن جدنا الشيخ الطوسي باسناده ان أبا عبدالله الصادق عليه السلام وقف تحت الميزاب يدعو وعن يمينه عبدالله بن الحسن وعن يساره حسن ابن الحسن ومن خلفه جعفر بن الحسن فناداه عباد بن كثير

السيدة سكينة 38

البصري: يا أبا عبدالله ثلاثاً فلم يجبه، فقال له يا جعفر فعندها قال له ما تشاء يا أبا كثير فقال إني وجدت في كتاب لي ان هذه البنية ينقضها رجل حجراً حجراً. فقال عليه السلام كذب كتابك يا أبا كثير.
ولكن كأني به والله أصفر القدمين أحمش الساقين ضخم البطن رقيق العنق ضخم الرأس على هذا الركن، وأشار بيده إلى الركن اليماني، يمنع الناس من الطواف حتى يتذعروا منه ثم يبعث الله عز وجل رجلا مني، وأشار الى صدره، فيقتله قتل عاد وثمود وفرعون ذي الاوتاد.
فقال عبدالله بن الحسن المثنى صدق والله ابو عبدالله عليه السلام حتى صدقوه كلهم، فهل يصدر مثل هذا الاعتراف إلا ممن يعرف الحق واليقين، ومطمئن بالحجة المهدي من ولد الحسين عليه السلام.
كما ان ابراهيم بن عبدالله المحض لم ينكره فقد سأله اخوه يحيى عن المهدي هل هو أخوه محمد؟ فقال ابراهيم : (المهدي) عدة من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله وعده ان يجعل من أهله مهدياً لم يسمعه بعينه ولم يوقت زمانه ولكن أخي محمد قام بفريضة عليه لله تعالى في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فان اراد الله ان يجعله المهدي الذي يذكر فهو فضل الله يمن به على من يشاء من عباده والا فلم يترك اخي فريضة الله عليه لانتظار ميعاد لم يؤمر بانتظاره.
وكان اخوه محمد بن عبدالله يقول: إني خارج مقتول ثم ذكره عذره في خروجه مع علمه بأنه مقتول.

السيدة سكينة 39


وهذا كله يكشف عن تمسكهم بطاعة الله وطاعة رسوله والأئمة من آله.
روينا ذلك عن جدي ابي جعفر الطوسي.
إنتهى الاقبال.
إني لا أرى لأي أحد التوقف في حسن حال هؤلاء العلويين بعد ما يقرأ هذه الرسالة المباركة من الامام جعفر الصادق عليه السلام إلى بني عمه.
ولم يسمح له التمسك بالعلم الصحيح إلا رفض كل ما جاء من الطعن في هذه الذوات وأمثالهم ممن لم يثبت بالطرق الصحيحة التمرد منهم على الشرع الأقدس.
ومن هؤلاء ما ستقرؤه عن السيدة سكينة عليه السلام بنت الامام الشهيد عليه السلام التي لم تقم أدلة صحيحة على مروقها عن الشريعة واجتنابها طريق الحق.
ومن هنا قال العلامة الحلي في أجوبة مسائل ابن مهنا ما نصه:
لا يجوز لأحد أن ينسب إلى احد من الذرية إرتكاب محرم متفق على تحريمه ما لم يثبت بدليل صحيح وإسناد النقص إلى الرواة أولى من إسناد النقص إليهم، اهـ.
وقال العلامة المجلسي في مرآة العقول ج 1 ـ ص 232 :
الأنسب عدم التعرض لاحد من أولاد الأئمة إلا بخير إذ لم يثبت الحكم بالتبري منهم، اهـ .

السيدة سكينة 40




السيدة سكينة 41


بسم الله الرحمن الرحيم

الغالب على سكينة الاستغراق مع الله عزوجل.

ابو عبدالله الحسين عليه السلام


السيدة سكينة 42




السيدة سكينة 43


سكينة مع الله تعالى

جاء الحديث: إن الحسن المثنى بن الحسن بن أمير المؤمنين عليه السلام اتى عمه أبا عبدالله الحسين عليه السلام يخطب إحدى ابنتيه فاطمة وسكينة، فقال له ابو عبدالله عليه السلام اختار لك فاطمة فهي اكثرها شبهاً بأمي فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله، اما في الدين فتقوم الليل كله وتصوم النهار، وفي الجمال تشبه الحور العين، واما سكينة فغالب عليها الاستغراق مع الله تعالى فلا تصلح لرجل. (1) إن هذه الكلمة الذهبية من سيد شباب أهل الجنة عليه السلام تفيدنا درساً بليغاً عن مكانة ابنته (سكينة) من الشريعة المقدسة وان اختها الطاهرة مهما حازت الثناء الغير متناهي لا تبلغ شأوها، ولا تجاريها في رهبانية وتجرد عن اللذات وإنقطاع عن الدنيا الفانية، وكيف لا تكون كذلك وهي إبنة معدن القداسة عجنت طينتها بماء النزاهة فكانت متأثرة بحسن التربية، وكرم الاخلاق، فهي مثال السؤدد، وقد جللها الشرف مطارفاً من الحياء والعفة، فقول الامام الشهيد عليه السلام: (غالب عليها الاستغراق مع الله)، يشير الى ان ابنته الكريمة كانت سابحة بين امواج الفناء في الله سبحانه (ان لم نقل البقاء بالله) وقد انعكست في

(1) اسعاف الراغبين للصبان بهامش نور الابصار ص 202.
السيدة سكينة 44

مرآة نفسها لواعج الجلال والجمال الالهى، فاينما توجهت لا تجد الا تلك الصفات المنتقشة فيها المعاني القدسية، ولا ترى لغيرها كياناً ولا تعتبر لأي جمال خطراً ولا لأي مال معتبراً ولا تحسب ان لسوى ما شاهدته مدكراً.
وإذا كان عشق الانسان يعشي البصر عن غير المعشوق ولا يشعر العاشق بكل ما يلاقيه عند توجه مشاعره نحوه، كما لم تشعر النسوة بألم قطع المدية أيديهن عند توجه مشاعرهن نحو الصديق يوسف عليه السلام «فقطعن أيديهن وقلن حاش لله ما هذا بشر إن هو إلا ملك كريم» (1).
فالعشق الحقيقي لمظاهر الجمال الالهي أولى بأن يقف سدا دون ما سواه كما لم يشعر أصحاب الحسين عليهم السلام بما لاقوه من ألم الجروح الدامية (2) بعد تكهربهم بولاء سيد الشهداء وتوجه مشاعرهم نحو الجمال القدسي الآلهي ونزوع أنفسهم الى الغاية القصوى من القداسة.
وابنة النبوة «السيدة سكينة» بلغت من عظيم مجاهدة النفس إلى حد لم يبق لها نزوع الا الى صقع القداسة والاندفاع الى مركز الفناء في الله عزوجل وليس لها لفتة الى نواميس الحياة والانعطاف الى لوازم المعاشرة مع الناس فهي بين عبادة وزهادة وتذكير وتفكير وهذا معنى الاستغراق مع الله تعالى.
وكانت من اللاتي شغلتهن الآخرة عن الاولى فلا يرين لغير المولى

(1) يوسف 31.
(2) الخرايج للراوندي ص 138. طـ الهند.
السيدة سكينة 45

تعالت آلاؤه كياناً يجلب النظر اليه ولا الى معاشرة من ليست هي مثلها في السلوك والرياضة.
وكان ما شاهدته السيدة سكينة «حق اليقين» وهو أرقى مراتب السالكين فان أهل الكشف والسلوك بعد أن عرفوا اليقين بأنه الاعتقاد المطابق للواقع الثابت الذي لا يزول وهو في الحقيقة مؤلف من علمين: علم بالواقع وعلم بمحالية خلافه ذكروا له مراتب ثلاثة فانه ان حصل من الاستدلال والنظر كالعلم الحاصل بوجود النار من الدخان سموه «علم اليقين».
وان حصل بالكشف والمشاهدة كمعاينة جرم النار وكالكشف الحاصل للخلص من المؤمنين الذين اطمأنت قلوبهم بالله وتيقنوا بمعاينة قلوبهم ان الله نور السموات والأرض سموه «عين اليقين».
وإن حصل بالاتصال المعنوي لأهل الشهود والفناء الذين لا يرون في الوجود شيئاً الا (ذات الحق) تعالى شأنه كما قال سيد العارفين اميرالمؤمنين عليه السلام لو كشف الغطا ما ازددت يقيناً (1) سموه (حق اليقين).
وقد أشار الكتاب العزيز الى هذه المراتب فقال سبحانه: « كلا لو تعلمون علم اليقين لترون الجحيم ثم لترونها عين اليقين » (2) يريد جل

(1) هذه الكلمة نقلها الالوسي في تفسيره روح المعاني ج 3 ص 27 عند قوله تعالى « كيف تحي الموتى » عن اميرالمؤمنين علي عليه السلام ومثله ابو السعود في تفسيره على هامش تفسير الرازي ج 4 ص 570 عند قوله تعالى في الانفال « واذا تليت عليه آياته زادتهم ايماناً » والخفاجي في شرح الشفا ج 4 ص 4 باب عقد قلب النبي ونسبها عماد الدين الاموي في حياة القلوب على هامش قوة القلوب لابي طالب المكي ج 2 ص 251 الى بعض السلف.
(2) التكاثر / 5 ـ 6.
السيدة سكينة 46

شأنه انه لو حصل الاستدلال بالطرق الصحيحة والنظر فيما ورد من الآيات والروايات بوجود ما أعد الله للعاصين لحصل العلم اليقيني بوجود النار الكبرى، ثم ترتقي الحالة الى الكشف عنها حتى كأنهم يشاهدونها بنفسها. وهو المراد من قوله تعالى بعد ذلك: ثم لترونها عين اليقين.
واما المرتبة الثالثة التي أشار اليها بقوله تعالى:«وأما ان كان من المكذبين الضالين فنزل من حميم وتصلية جحيم، ان هذا لهـو حق اليقيـن» (1) فلا تحصل الا لمن نظر إليها بواسطة تجرده عن العوارض وتخلية نفسه عن الشهوات، وانقطاعه عن عالم الملك الزائل (2)
وان ابنة النبوة حازت أرقى هذه المراتب التي اخبر عنها الامام الحجة الواقف على سرائر العباد بقوله: (غالب عليها الاستغراق مع الله) فان الاستغراق هنا عبارة عن الفناء في بحر العظمة الالهية بحيث لا تكون لها لفتة لوازم الحياة وعوارض الدنيا الفانية .
ومن اجل ذلك أخذت بمجامع قلب ابيها وزاد حنوه عليها حتى استحقت ان يصفها المعصوم بخيرة النساء لما وقف عليها يوم الطف ورآها منحازة عن النسوة باكية نادبة فقال عليه السلام:
لا تحرقي قلبي بدمعك حسرة ما دام مني الروح في جثمان
فاذا قتلـت فانت اولى بالذي تأتيـنه يـا خيـرة النسوان

وهل من المعقول ان حجة الله يخبر عن مبلغ ابنته من الدين

(1) الواقعة / 95.
(2) هذه المراتب الثلاثة ذكرها ابن حجر في الفتاوي الحديثية ص 220.
السيدة سكينة 47

وسلوكها مع الله تعالى، ثم يصفها بخيرة النساء وهو يعلم انها مارقة عن صراط الشريعة، ومتنكبة عن سبيل الحق او انها تمرق عنه؟ كلا.
« فبشر عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، اولئك الذين هداهم الله واولئك هم اولوا الالباب » (1).

(1) سورة الزمر / 18.
السيدة سكينة 48




السيدة سكينة 49


الوضاعون

ان أضداد للبيت العلوي كمصعب الزبيري وابن اخيه الزبير بن بكار والهيثم بن عدي الطائي الكوفي وصالح بن حسان وأشعب الطامع وأضرابهم أرادوا أن يشوهوا مقام هذا البيت الطاهر بكل ما لهم من حول وطول وحيث انهم لم يتمكنوا من نسبة المفتريات إلى من وجبت فيهم العصمة من الأئمة الهداة عمدوا الى أولادهم وبناتهم فاختلقوا في حقهم كل شائنة تخرجهم عن الدين وتوقف البسطاء عن الانضواء اليهم والى سلفهم طمعاً في وفر ملوك الزمان وقد حصل هناك من يحسب ان سعة العلم في الاكثار من الروايات ولو من غير تثبت في النقل فاختلط الحابل بالنابل والصحيح بالسقيم وديف السم في الدسم.
غير ان الاستضائة بنور العلم الصحيح وتمحيص الحقائق كشفت عن عوار تلك الأحاديث، ووضح ان هؤلاء الرجال الذين أكثروا من رواة هذه الاكاذيب لم يعتمد عليهم علماء الرجال ولم يجعلوا لاحاديثهم قيمة تذكر فسدوا ثغرة معرة اولئك الدساسين باخراجهم عن صفوف من يعتمد على مروياته تمحيصاً للاخبار عن وصمة التدجيل.
وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يعلم بما يحدث بعده من دسائس الدجالين فحذر امته عنهم وعن مفترياتهم فقال صلى الله عليه وآله ستكثر علي القالة من

السيدة سكينة 50

بعدي فمن كذب علي فليتبوأ مقعده من النار (1). وكلمة المرزباني تفيد النابه فقهاً بعداوة آل الزبير لآل علي عليه السلام يقول: انحراف الزبير بن بكار عن أهل البيت عليه السلام ظاهر فلا يقبل ما جمعه من سرقات كثير الشاعر لتشيعه وهجائه لآل الزبير (2). ولم تخف هذه الظاهرة على شيخنا المفيد فأرسلها معتمداً عليها غير متردد فيها قال: لم يكن الزبير بن بكار مأموناً في الحديث ولا موثوق النقل فيما يرويه من القذائف في حق أهل البيت ومنه تزويج عمر بأم كلثوم لبغضه أميرالمؤمنين عليه السلام وتحامله عليه (3)
وقال العلامة الحلي كان الزبير بن بكار بن عبدالله بن مصعب ابن ثابت بن عبدالله بن الزبير بن العوام من أشد الناس عداوة لأميرالمؤمنين وولده (4).
ولم يعتمد أحمد بن علي السليماني على روايات الزبير بن بكار لاكثاره الرواية عن الضعفاء (5)
ويقول ابن الاثير كان مصعب بن عبدالله بن مصعب بن ثابت بن

(1) الاحتجاج للطبرسي ص 247 في احتجاج الجواد على ابن اكتم.
(2) الموشح ص 154.
(3) المسائل السروية ص 61 المسألة العاشرة وعنه المجلسي في البحار ج 9 ص 624 وغير خفي على القاريء ان البحث والتنقيب اوقفنا على نكتة مهمة وهي عدم وجود ام كلثوم بنت فاطمة وعلي عليه السلام والديباج من فاطمة ابنة الحسين في اللوح المحفوظ وليس لفاطمة عليه السلام الا العقيلة زينب الكبرى وقد اوضحناه في (نوادر الاثار).
(4) كشف اليقين ص 94 ط ايران.
(5) تهذيب التهذيب لابن حجر ج3 ص 313.
السيدة سكينة 51

عبد الله ابن الزبير بن العوام منحرفاً عن علي عليه السلام أنه قال (1)
ويقول ابن النديم كان مصعب الزبيري وابوه عبدالله من شرار الناس متحاملين على ولد علي عليه السلام وخبر عبدالله مع يحيى بن عبدالله المحض معروف (2) وكان من حديثه معه انه جاء إلى الرشيد وأخبره بأن يحيى أراده على البيعة وقد سعى لنقض سلطانه فجمع الرشيد بينهما فأنكر يحيى ذلك وقال ان هذا الزبيري ما زال يريد الوثوب على الملك وقد خرج مع محمد ذي النفس الزكية وهو القائل من أبيات:
قوموا ببيعتكم ننهض بطاعتنا إن الخلافة فيكم يا بني حسن

ولم تكن سعايته إلا بغضاً لنا لا الحب لك ولو وجد أنصاراً لخرج علينا جميعاً واني مستحلفه فان حلف فدمي لأمير المؤمنين هدر فلما أراد أن يستحلفه تلكأ الزبيري فوكزه (الفضل) وقال: لماذا تمتنع ان كنت صادقاً ثم التفت اليه يحيى وقال قل: (تقلدت الحول والقوة دون حول الله وقوته الى حولي وقوتي ان لم اكن صادقاً).
فلما حلف به كبر يحيى وذكر حديثاً عن آبائه انه ما حلف أحد بهذا الا عجل الله له العقوبة قبل ثلاث وقبل أن ينتهي اليوم الثالث أصابه الجذام ثم اسود حتى صار كالفحم الأسود وهلك بأقبح حال ولما أدلوه في حفرته انخسف به القبر وظهرت رائحة منتنة ولم يستطيعوا ان يسدوا الحفرة بأحمال الشوك حتى سقفت بالساج ووضع عليها التراب. (3)

(1) كامل ابن الاثير ج7 ص19 حوادث سنة 236.
(2) الفهرست ص 160.
(3) مروج الذهب ج2 ـ ص 266، في اخبار الرشيد.
السيدة سكينة 52

ويحدث الصدوق ان رجلاً استحلف الزبير بن بكار بين قبر رسول الله صلى الله عليه وآله ومنبره فلما حلف ظهر به برص كثير وأبوه بكار ظلم علي بن موسى بن جعفر عليه السلام وتعدى فدعا عليه وفي الوقت وقع حجر فوقه فاندقت عنقه وأبوه عبدالله بن مصعب جرى له مع يحي أمام الرشيد وذكر الحديث المتقدم (1).
هذا حال الزبير بن بكار وعبدالله وابنه مصعب، واما الهيثم بن عدي الكوفي فعند البخاري والنسائي ويحي بن معين انه كذاب له مناكير غير ثقة فهو متروك الحديث (2)
وأما صالح بن حسان الأنصاري فعند البخاري والنسائي ويحي بن معين انه منكر الحديث غير ثقة ولا مأمون النقل (3).
وأما أشعب الطامع فكان مولى لآل الزبير وامه حميدة بالتصغير كانت مولاة أسماء بنت أبي بكر وكانت تدخل بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وآله وتحرش بينهن فأمر النبي بتعزيرها وقيل دعا عليها فماتت وحيث ان أشعب ولد بعد النبي صلى الله عليه وآله فلعل بدعاء الرسول صلى الله عليه وآله أصابها مرض اتصل بهلاكها بعده صلى الله عليه وآله. (4)
وتربى أشعب في بيت عائشة بنت عثمان بن عفان ومناوأة هؤلاء للاسرة العلوية غير خفي فان من ضالتهم المنشودة أن يصموهم بكل شائنة وتأثير الولاء والتربية مما لا شك فيه إلا من عصمه الله تعالى.

(1) عيون أخبار الرضا ص 340.
(2) لسان الميزان ج6، ص 209 ومجمع الزوائد ج1 ص 146.
(3) تاريخ بغداد للخطيب ج9 ص 302.
(4) الاصابة ج4، ص 275.
السيدة سكينة 53

مع أن الرجل (أشعب) من أهل المجون الذين ما تركوا الخلاعة والتهتك فأحاديثه كلها من هذا القبيل، إذاً فأي عبرة برواياته لا سيما إذا كان من ينبزه علوياً.
فهؤلاء إلى أضرابهم مثل مقاتل الذي يقول للمنصور اتحب ان اضع لك في فضل العباس بن عبدالمطلب (1) وعوانه بن الحكم يضع اخباراً في فضل بني امية وعيسى بن داب يضع في فضل العباسيين (2) ولا تسأل عن سمرة بن جندب الفزاري الذي استماله معاوية بالمال وكان عامل ابن زياد على البصرة (3) وتولى شرطة عبيدالله بن زياد في الكوفة وكان ممن يحرض الناس على الخروج لحرب الحسين عليه السلام.
وهو صاحب النخلة في بستان الانصاري فكان يدخل اليها على حين غرة من الانصاري وأهله فيراهم على حال لا يرضونه وكلما راجعه الانصاري في الاستئذان عند الدخول لتتستر المرأة لم يقبل فشكاه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فكلمه في الاسئذان فلم يقبل، فساومه عن نخلته بالكثير فأبى أن يبيع، فقال صلى الله عليه وآله: دعها ولك عذق في الجنة يمد لكن فأبى أن يقبل فعندها قال رسول الله للانصاري اذهب واقلعها وارم بها اليه فانه لا ضرر ولا ضرار (5) وهو أحد العشرة الذين قال النبي

(1) تاريخ بغداد ج13 ، ص 167.
(2) معجم الادباء، ج16، ص 137 ، وص 162.
(3) الطبري ج4 ، ص 132.
(4) شرح النهج الحديدي ج1 ص 363.
(5) فروع الكافي للكليني ج1 ص 410 ومن لا يحضره الفقيه للصدوق ص 252 باب الشفعة والفائق للزمخشري ج2 ص 80 مادة عضد طبع حيدر آباد والمحلي لابن حزم ج9 ص 29 مسألة 1540 ومصابيح السنة للبغوي ج2 =
السيدة سكينة 54

صلى الله عليه وآله آخركم موتاً في النار، فمات سمرة آخرهم (1).
وعلى هذه الطريقة سار المدايني فأكثر من الافتراء على أهل هذا البيت الطاهر وشحنت الجوامع بمروياته ويكفيه انها سادت على البسطاء ومن لا تثبت له في النقل.
وله في شأن مسلم بن عقيل ادهى وامر وفي كتاب الشهيد مسلم بن عقيل ص 45 كشفنا العوار عن هذه الرواية وناقشنا فقراتها فوضح ابتعادها عن الحقيق وكأن الغاية الباعثة للمدائني ان يثبت منزلة رفيعه في الكرم لابن هند فمشت هذه الاكذوبة على من لا فقه له بمغازي هؤلاء الوضاعين والمدائني هو علي بن عبدالله بن ابي سيف البصري المدائني البغدادي مولى سمرة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف (2) ويقول ابن حجر: انه مولى عبدالرحمن بن سمرة (3) وعدم موافقة ولادة المدائني التي هي في سنة 135 لسنة وفاة عبدالرحمن بن سمرة الواقعة في سنة 50 لا يبعد هذا الولاء بعد ما ينص ابن كثير على ان لعبد الرحمن اولاداً كثيرين (4) ويسمى ابن حجر بعضهم عبيدالله تغلب على البصرة في فتنة ابن الاشعث (5) فاطلاق الولاء لابيهم عبدالرحمن او لجدهم سمرة صحيح بملاحظة أولاده.

= ص 18 احياء الموات.
(1) المعارف لابن قتيبة ص 132.
(2) معجم الادباء ج14 ص 124 طبعة ثانية.
(3) لسان الميزان ج4 ص 253.
(4) البداية لابن كثير ج8 ص 47 سنة 50.
(5) الاصابة ج2 ص 401 ترجمة عبدالرحمن.
السيدة سكينة 55

واذا اوقفتنا نصوص المؤرخين على ان عبدالرحمن من (الشجرة) التي انتجت (معاوية) وكان من عماله علي سجستان وغزاله خراسان (1) وبلخ وكابل (2) والرخج وبست (3) فلا نرتاب في سيره على اثر معاوية من التحامل على كل من ناوأه معاوية وهذه قضايا قياساتها معها.
ولا ريب ان الموالي يرثون هذه النزعة اللهم الا ان يكبح الطغيان الخضوع لقانون الاسلام فيقف عند حدوده و[المدائني] المكثر من خلق الاحاديث الرافعة للبيت الاموي والواضعة من قدر رجالات بيت الوحي والنبوة لا يتأثر بالادب الالهى ولا بنصائح النبي صلى الله عليه وآله الثمينة ولاجل هذا ضعفه ابن عدي في الكامل ويقول ابن حجر: حديثه غير قوي وكان الزبير ابن بكار وابنه يحدثان عنه (4) وعليه فلا يسع من يتحرى الحقائق الاعتماد عليه في مدح او ذم الا أن تدعم روايته قرينة جلية.

(1) الاصابة ج2 ص 401.
(2) تاريخ اليعقوبي ج2 ص 193 طبع النجف.
(3) كامل ابن الاثير ج3 ص 174 عليه مروج الذهب.
(4) لسان الميزان ج4 ص 253.

السابق السابق الفهرس التالي التالي