ثمرات الاعواد ـ الجزء الاول 1

ثمرات الأعواد



يحتوي على عدة مجالس مرتبة لعشرة عاشوراء
في سيرة الحسين عليه السلام وشهادته




لمؤلفه

علي بن الحسين الهاشمي النجفي الخطيب



ولقد بكيت على الحسين بناظر ادمت مآقي جفنه عبراته
حتى سقيت بأدمعي شجر الأسى فنما وطال وهذه ثمراته


الجزء الأول



ثمرات الاعواد ـ الجزء الاول 2

بسم الله الرحمن الرحيم



الشابك: 4 ـ 40 ـ 6390 ـ 964
ISBN: 964 - 6390 - 40 - 4




الكتاب: ثمرات الأعواد
المؤلف: علي بن الحسين الهامشي النجفي الخطيب
الناشر:انتشارات المكتبة الحيدرية
عدد الصفحات: جلد 1 (283) ـ جلد 2 (229) ـ 512 صفحة وزيري
عدد المطبوع: 1500 جلد
الطبعة:الاولى
سنة الطبع: 1378 ـ 1420 هـ
المطبعة : امير ـ قم
السعر: 3000 تومان


ثمرات الاعواد ـ الجزء الاول 3



المؤلف في سطور

  • هو الخطيب البارع والأديب اللامع المغفور له السيد علي ابن الحسين الهاشمي النجفي عطر الله تربته وعلى في الجنان رتبته.
  • ولد ـ كما ذكر ذلك من ترجم له ـ في عاصمة العلم والدين النجف الأشرف على مشرفها آلاف التحية والثناء عام 1326 هجرية وفيها نشأ وترعرع.
  • تلقى رضوان الله عليه تحصيله العلمي تحصيله العلمي ودراسته الدينية على أيدي استاتذة مبرزين معروفين كان من بينهم:
    1 ـ السيد مهدي الأعرجي.
    2 ـ الشيخ علي ثامر.
    3 ـ الشيخ علي كاشف الغطاء
  • تلقى مبادىء الخطابة على جملة من أماثل خطباء المنبر الحسيني الشريف منهم الخطيبان البارعان:
    1 ـ السيد صالح الحلي
    2 ـ الشيخ محمد حسين الفيخراني
    وقد لازم الهاشمي الأخير ردحاً من الزمن حتى انفرد بنفسه.
  • لم يكن المترجم له خطيباً مفوهاً وكاتباً مبدعاً ومحققاً يشار إليه بالبنان فحسب، بل كان طاب ثراه وجعل الجنة مثواه بالإضافة إلى ما تقدم شاعراً مجيداً نظم الكثير من القصائد الممتعة والقطع الرائعة التي تكشف ولا شك عن شاعرية مرنة.
    وبودي أن احيلك ـ قارىء العزيز ـ على كتابين جليلين لتقف من خلالهما على نماذج من شعره الرائق وهما:
    1 ـ شعراء الغري للشيخ علي الخاقاني.
    2 ـ معجم الخطباء للسيد داخل السيد حسن
    حيث حوى كل من الكتابين المذكورين ترجمة للهاشمي مع نماذج من شعره رحمه الله.
  • له عليه الرحمة والرضوان مؤلفات قيمة وكتب نافعة أستطيع القول أنها ملأت فراغاً في المكتبتين العربية والإسلامية، إليك أسماء بعض منها:
    1 ـ الحسين في طريقه إلى الشهادة

    ثمرات الاعواد ـ الجزء الاول 4


    2 ـ قبور الصحابة في العراق.
    3 ـ عقيلة بني هاشم
    4 ـ محمد ابن الحنفية
    5 ـ شرح ميمية أبي فراس
    6 ـ واقعة الجمل
    7 ـ كميل ابن زياد النخعي
    8 ـ موسى الكاظم عليه السلام
    9 ـ الهاشميات ـ يضم هذا الكتاب ما بين دفتيه قسماً من شعره الدارج ـ .
    10 ـ المطالب المهمة في تأريخ النبي والزهراء والأئمة.
    11 ـ سعيد ابن جبير.
    12 ـ ثمرات الأعواد وهو الكتاب الماثل بين يديك أخي القارىء ويعد هذا الكتاب المنيف من أشهر وأنفس مؤلفاته رحمه الله.
    وقد طبع عدة طبعات في العراق وايران وغيرهما من البلدان غير أنه لم يكن في تلك الطبعات خالياً من الأخطاء والإشتباهات التحريف والتصحيف فعز ذلك على أخينا وعزيزنا خادم العترة الطاهرة الاستاذ الفاضل محمد صادق الكتبي دام علاه فطلب إلي مشكوراً أن أتولى مراجعة الجزء الثاني من الكتاب وأن ارجع ما ورد فيه من نصوص شريفة وأخبار منيفة إلى مصادرها فكان الذي أراد حيث أرجعت أغلب الأخبار وأكثر النصوص إلى منابعها الأصلية مع ذكر أرقام الآيات البينات وأسماء سورها وبيان اسم الشاعر الذي استشهد المؤلف بشعره ما وسعنى ذلك.
    وهنا يجمل بي أن اشير إلى أن الجزء الأول من الكتاب كان قد تولى تحقيقه ومراجعته تجل المؤلف البار الأخ العزيز حجة الإسلام السيد رأفت الهاشمي وفقه الله لخير الدارين وسعادة النشأتين الا أن ظروفاً قاهرة حالت بينه وبين إتمام الجزء المذكور حيث انتهى به العمل إلى المجلس 47 فقمت بتحقيق ما تبقى منه والحمد لله.
  • استأثرت بروحه الرحمة الإلهية في الثالث والعشرين من شهر صفر من سنة 1396 هجرية في مدينة الكاظيمة المقدسة وحمل جثمانه الطاهر إلى النجف الأعلى حيث أقبر بجوار جده أميرالمؤمنين ومولى الموحدين علي بن أبي طالب عليه صلوات الله وتسليماته.
    10 / ربيع الأول 1420
    قم المقدسة ـ هادي الهلالي


    ثمرات الاعواد ـ الجزء الاول 5



    المطلب الاول
    في ولادة الحسين عليه السلام

    ولد الحسين بن علي بن ابي طالب عليه السلام لثلاث ليال من شعبان (1) أو لخمس منه (2) , سنة اربع من الهجرة (3) , وكانت مدة حمله ستة اشهر , و لم يولد لستة اشهر , الا عيسى بن مريم و الحسين , و قيل : يحيى بن زكريا عليه السلام (4) .
    و لما ولد الحسين عليه السلام هبط الامين جبرائيل على النبي صلى الله عليه وله وسلم و معه الف ملك يهنئونه بولادة الحسين عليه السلام , ثم جئ به اليه فأذن في أذنه اليمنى , و اقام في اليسرى , ثم حنكه بريقه , و غذاه من لعاب فمه , و دعا له (5) .
    و روي عن الصادق عليه السلام انه قال : (لم يرتضع الحسين من ثدي فاطمة و لا من انثى , بل كان يؤتى به النبي صلي الله عليه واله و سلم فيضع ابهامه في فيه , فيمص منها ما يكفيه
    (1) مسار الشيعه : 61 , مصباح المتهجد : 758 .
    (2) ارشاد المفيد : 2/27 , مناقب ابن شهر اشوب : 4/76 , مقاتل الطالبين : 78, اسد الغابة : 2/18 , الفصول المهمة لابن الصباغ :170.
    (3) انظر ما تقدم في (1) و (2) .
    (4) انظر تاريخ الخميس :1/417 .
    (5) مناقب ابن شهر اشوب : 4/82 .
    ثمرات الاعواد ـ الجزء الاول 6
    اليومين و الثلاث , فنبت لحم الحسين من لحم رسول الله صلى الله عليه و اله وسلم و دمه من دمه ) (1) .
    و عن ابي الحسن الرضا عليه السلام ( ان النبي صلى الله عليه واله وسلم كان يؤتى بالحسين فيلقمه لسانه , فيمصه فيجتزئ به , و لم يرضع من انثى ) (2) . و الى ذلك اشار الشاعر بقوله :
    لله مرتـضع لم يرتضع ابدا من ثدي انثى و من طـه مراضـعه
    يعطيه ابـهامه طورا و اونة من ريـقه فاستــوت منه طبائعـه
    سر به خصه باريه اذ جمعت و اودعـت فـيه عـن امـر ودائعه
    غرس سقاه رسول الله من يده و طاب من طيب ذاك الاصل فارعه

    نعم ما رضع الحسين عليه السلام عند ولادته من ثدي اثنى اربعين يوما وليلة , كما ذكر ذلك ابن شهر اشوب في المناقب . قال : اعتلت فاطمةعليها السلام لما ولدت الحسين و جف لبنها , فطلب رسول الله صلى الله عليه و اله وسلم مرضعة فلم يجد , فكان يأتيه فيلقمه ابهامه يمصها ويجعل الله في ابهام رسوله رزقا يغذيه (4) , ففعل ذلك اربعون يوما و ليلة , فانبت الله لحمه من لحم رسول الله صلى الله عليه و اله وسلم (5) .
    و لما كان اليوم السابع سماه حسينا (6) و عق عنه كبشا , و امر امه ان تحلق
    (1) اصول الكافي : 1 : 386/4 .
    (2) المصدر السابق : ذيل الحديث .
    (3) الأبيات .
    (4) في المصدر زيادة : و يقال : بل كان رسول الله صلى الله عليه و اله وسلم يدخل لسانه في فيه , فيغره كما يغر الطير فرخه , فيجعل الله في ذلك رزقا .
    (5) مناقب ال ابي طالب :4 / 57 .
    (6) ذكر علي بن عيسى الاربلي عن عمران بن سليمان , قال : «ان الحسن و الحسين (إسمان ) =
    ثمرات الاعواد ـ الجزء الاول 7

    رأسه و تتصدق عنه بوزن شعره فضة كما فعلت لاخيه الحسن عليه السلام , فأمتثلت ما امرها به النبي (1) .
    و بقي مع جده رسول الله ثماني سنين , و مع ابيه امير المؤمنين عليه السلام ثمانية و ثلاثين سنة , و بعد اخيه الحسن عليه السلام عشر سنين (2) .
    و كان حبيبا لرسول الله صلى الله عليه و اله وسلم , و قال ابن عباس : ( كان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يحبه و يحمله على كتفه و يقبل شفتيه و ثناياه (3) .
    و ذكر في كتاب كشف الغمة ( لعلي ابن عيسى الاربلي ) , ( و ابن عساكر ) في التأريخ الكبير , عن ام الفضل لبابة الكبرى بنت الحارث (4) ـ زوجة العباس بن
    = من اسماء اهل الجنة , لم يكونا في الجاهلية »
    اقول : لم نعثر عليه في مصنف علي بن عيسى الاربلي ( كشف الغمة ) , و ذكره ابن عساكر في تاريخه في ترجمة الامام الحسن عليه السلام ,17 , و ذكره ايضا ابن سعد في ترجمة الامام الحسن عليه السلام : تحقيق العلامة المحقق الكبير عبد العزيز الطباطبائي رحمه الله من القسم غير المطبوع من كتاب الطبقات الكبير و الذي نشر في مجلة تراثنا (ع 11 ـ سنة 1408 هـ ) ص 128 , وفيه ايضا من عمران بن سليمان .
    (1) الفصول المهمة لأبن الصباغ : 170 .
    (2) .
    (3) .
    (4) لبابة بنت الحارث ابن حزن الهلالية , الشهيرة بأم الفضل , زوجة العباس بن عبد المطلب , انجت له سبعة منهم الفضل و عبدالله و عبيد الله و غيرهم , و يقال : انها اول امرأة اسلمت بعد مولاتنا خديجة الكبرى عليها السلام ( على قول ابن سعد ) , و كانت امرأة جليلة و لها موقف المؤرخون : و هم ضربتها ( لابي لهب ) بعمود الحجرة و شج رأسه , و مات بعدها على اثر تلك الضربة بسبعة ايام , و ذلك ردا عليه حين رأته يضرب ( ابا رافع ) مولى رسول الله صلى الله عليه و اله وسلم و حجرة زمزم بعد وقعة «بدر» , و كان رسول الله يكرمها و يزورها و يقيل في بيتها وروت عنه احاديث , انظر ترجمتها في : الاصابة 4 /398 ـ ( رقم: 942 ) و 4/483 ـ (رقم : =
    ثمرات الاعواد ـ الجزء الاول 8
    عبدالمطلب ـ قالت : رأيت فيما يرى النائم كأن عضوا من اعضاء رسول الله صلى الله عليه و اله وسلم سقط في حجري فلما انتبهت اتيت الى النبي صلى الله عليه و اله وسلم و قلت له : يا رسول الله رأيت في منامي كذا وكذا ؛ فقال صلى الله عليه و اله وسلم : (خيرا رأيت يا أم الفضل , ستلد ابنتي فاطمة ولدا فترضعيه بلبن ابنك قثم) قالت : فولدت فاطمة الحسين فكفلته . قالت : و تركته يوما عند جده النبي صلى الله عليه و اله وسلم و مضيت لاتيه بماء , فلما رجعت وجدت النبي صلى الله عليه و اله وسلم يبكي فقلت له : بأبي انت و أمي مم بكائك؟ قال : (يا ام الفضل هذه جبرائيل يخبرني ان ولدي هذا يقتل , تقتله امتي , لا انالهم الله شفاعني يوم القيامة ). (1)
    و لما اتت على الحسين عليه السلام سنة كاملة هبط على النبي صلى الله عليه و اله وسلم اثنا عشر ملك , محمرة وجوههم , و باكية عيونهم و قد نشروا اجنحتهم و هم يقولون :(يا محمد إنه سينزل بولدك الحسين بن فاطمة ما نزل بهابيل و قابيل , و سيعطى مثل اجر هابيل , و يحمل على قاتله مثل وزر قابيل) , و لم يبق في السماوات ملك الا و نزل على النبي صلى الله عليه و اله وسلم و يعرض عليه تربته , و النبي صلى الله عليه و اله وسلم يقول : (اللهم اخذل من خذله , و اقتل من قتله , و لا تمتعه بما طلبه) (2) .
    و لما اتى على الحسين عليه السلام من مولده سنتان خرج النبي صلى الله عليه و اله وسلم في سفر له , فوقف في بعض الطريق ثم استرجع فدمعت عيناه , فسال عن ذلك , فقال صلى الله عليه و اله وسلم : (هذا جبرائيل يخبرني عن ارض بشط الفرات يقال لها كربلاء , يقتل فيها ولدي الحسين بن فاطمة ) ؛ فقيل له : يا رسول الله و من يقتله : قال صلى الله عليه و اله وسلم : «رجل يقال له
    = 1448) , و الاستيعاب (بهامش الاصابة) 4/398 و 4/482 , و سيرة ابن هشام (طبعة الحلبي) :2/302 و 3/58, و الروض الانف : 2/78 , و الاعلام للزركلي : 5/239.
    (1) تأريخ ابن عساكر : 14/114 و 196 و 197 و كشف الغمة : 2/7 , و الملهوف للسيد ابن طاووس رحمه الله :91 .
    (2) مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 1/163 , و الملهوف للسيد ابن طاووس رحمه الله 92 .
    ثمرات الاعواد ـ الجزء الاول 9
    يزيد ( لا بارك الله في نفسه) (1) , و كأني انظر الى مصرعه و مدفنه» (2) .
    و لما رجع من سفره صعد صلى الله عليه و اله وسلم على المنبر مهموما و مغموما , فخطب الناس ووعظهم و كان الحسن و الحسين عليهم السلام بين يديه , فلما فرغ من خطبته وضع يده اليمنى على رأس الحسن و اليسرى علي رأس الحسين عليهم السلام , ثم رفع رأسه الى السماء و قال : « اللهم ان محمدا عبدك و رسولك و نبيك , و هذان اطائب عترتي و خيار ذريتي , و ارومتي ومن اخلفهما في امتي , و قد اخبرني جبرائيل ان ولدي هذا مخذول و مقتول , اللهم فبارك له في قتله , و اجعله من سادات الشهداء , اللهم و لا تبارك في قاتليه و خاذليه».
    قال الراوي : فضج الناس بالبكاء , فقال صلى الله عليه و اله وسلم اتبكونه و لا تنصرونه؟! ثم رجع و هو متغير اللون , محمر الوجه , فخطب خطبة اخرى موجزة و عيناه تهملان دموعا , ثم قال :
    «ايها الناس اني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله و عترتي اهل بيتي , فانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض , و اني لا اسالكم في ذلك الا ما امرني ربي ان اسألكم , المودة في القربى , فانظروا ان لا تلقوني غدا على الحوض و قد ابغضتم عترتي و ظلمتوهم» (3) .
    (1) زيادة اوردناها من المصدر .
    (2) في المصدر زياده بعد (ومدفنه) : «بها و قد اهدي رأسه , و الله ما ينزر احد الى رأس ولدي الحسين فيفرح الا خالف الله بين قلبه و لسانه» . (يعني) : ليس في قلبه ما يكون بلسانه من الشهادة ...
    (3) انظر مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي :1/164 , و للخبر بقية في المصدر . و ذكره السيد ابن طاووس في الملهوف : 7 , و ابن نما في مثير الاحزان : 17 , و عنه في البحار : 44 / 264 _ الحديث (46) .
    ثمرات الأعواد ـ الجزءالاول 10

    و كان صلى الله عليه واله وسلم لا زال يوصي بعترته اذ انه يعلم ما يصيبهم من شرار أمته من بعده من قتل الرجال , و سبي العيال من بلد الى بلد , و ليته يرى ولده الحسين يوم عاشوراء و قد مثلوا به اهل الكوفة بكل مثلة , قطع الشمر رأسه , و بجدل اصبعه , و الجمال يديه , و اخذ ابن سعد درعه و سلبه ابحر ابن كعب ثوبه , و تركوه مجدلا عفيرا , كما قال السيد رحمه الله :
    عفيرا متى عاينته الكماة يختطف الرعب ألـوانها
    تريب المحيا تظن السما بأن على الارض كيوانها (1)

    و قال الاخر :
    عاري اللباس قطيع الرأس منخمد الانفاس في جندل كالجمر مضطرم
    (1) انظر اسرار الشهادات للفاضل الدربندي : 3 / 124 .
    (2) و زينب عليها السلام كأني بلسان حالها :

    (نصاري)

    يبو روح العزيزة اشلون ساجم ابهالشمسة وعلى التربان نايم
    ثلث تيام عن المـاي صـايـم عاري امگطع امخضب امعفر

    (دكسن)

    يخويه ابيش اضمك وين اوديك يخويه اشلون اصد عنك و خليك
    تراني اتحيرت يا مهجتي بـيك يخويه ابيش اضلـلك عن الحـر

    و لسان حال الحسين لشيعته :

    (بحراني)

    شيعتي كثر البـچه حـگي عـليكم و النحيب شفتو مثلي بالخلگ مذبوح عطشان و تريب
    و الچفن سافي ياشيعه و بالدمه شيبي خضيب و الحراير نصب عيني من خدرها امشتته

    (تخميس)

    فان يمس فوق الترب عريان لم تقم له ماتما تبكيه فـيه مـحارمه
    فاي حشى لم يمس قـبرا لجسـمه و في اي قلب ما اقيمت مأتمه
    ثمرات الاعواد ـ الجزء الاول 11


    المطلب الثاني
    في كرم الحسين عليه السلام

    قال محمد ابن ابي طلحة الشافعي في (مطالب السؤول في مناقب ال الرسول) ؛ في الفصل السابع _ في كرم الامام الحسين عليه السلام و جوده :
    قد اشتهر النقل عنه عليه السلام بأنه يكرم الضيف , و يمنح الطالب , و يصل الرحم , و ينيل الفقير , و يسعف السائل , و يكسو العاري , و يشبع الجائع و يعطي الغارم , و يشد من الضعيف , و يشفق على اليتيم , و يعين ذي الحاجة , و قل ان وصله المال الا فرقه (1).
    و كان عليه السلام يقول : (شر خصال الملوك الجبن عن الاعداء , و القسوة على الضعفاء , و البخل على الاعطاء) (2) .
    ذكر صاحب «عقد اللال في مناقب الال» : ان الحسين عليه السلام كان جالسا في مسجد رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم بعد وفاة اخيه الحسن عليه السلام و كان عبد الله بن الزبير جالسا في ناحية المجلس , و عتبة ابن سفيان (3) أخرى , فجاء اعرابي على ناقة فعقلها
    (1) مطالب السؤول في مناقب ال الرسول: 2/28 .
    (2) مناقب ابن شهر اشوب: 4/65 .
    (3) عتبة ابن ابي سفيان : اخو معاوية لامه و ابيه , ولد على عهد الرسول صلى الله عليه و اله و سلم , يكنى ابا .
    ثمرات الاعواد ـ الجزء الاول 12
    بباب المسجد و دخل , فوقف على عتبة بن ابي سفيان فسلم عليه فرد عليه السلام , فقال له الاعرابي : اني قتلت ابن عم لي , و طولبت بالدية , فهل لك ان تعطيني شيئا ؟ فرفع راسه الى غلامه و قال , ادفع اليه مائة درهم , فقال الاعرابي : ما اريد الا الدية تماما ؛ ثم تركه و اتى عبد الله ابن الزبير , و قال له مثل ما قال لعتبة , فقال عبدالله لغلامه : ادفع مائتي درهم , و قال الاعرابي : ما اريد الا الدية تماما , ثم تركه و اتى الحسين عليه السلام فسلم عليه , و قال : يابن رسول الله اني قلت ابن عم لي و قد طولبت بالدية , فهل لك ان تعطيني شيئا ؟ فقال : يا اعرابي نحن قوم لا نعطي المعروف الا قدر المعرفة , فقال : سل ما تريد ؟ فقال له الحسين : يا اعرابي ما
    الوليد امه : هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد الشمس , و كانت تذكر في مكة بفجور و عهر ومن ذوات الرايات , و قالوا : ان عتبة كان يعزى الى الصباح ؛ مغن كان لعمارة ابن الوليد , و كان ايضا اجيرا لابي سفيان , و كان شابا وسيما , فدعته هند الى نفسها فغشيها: و قالوا ايضا : ان هند كرهت تضعها في بيتها , فخرجت الى اجياد فوضعته هناك , و في هذا المعنى يقول حسان بن ثابت ايام المهاجاة بين المسلمين و المشركين في حياة الرسول صلى الله عليه واله وسلم قبل عام الفتح :
    لمن الصبي بجانب البطحا في الترب ملقى غير ذي مهد
    نـجلت به بـيضاء انسة من عبد شـمس صلته الـخد
    و في زمن خلافة عمر بن الخطاب ولاه عمر المدينة الطائف , و شهد يوم الدار مع عثمان , و شهد يوم الجمل مع عائشة و فقئت عينيه , و في زمن خلافة معاوية حج بالناس سنتين (41/42 هـ) , ثم ولاه معاوية زمنا على المدينة و الطائف و الموسم , و اخيرا ولاه مصر بعد وفاة عمرو بن العاص , فهلك هو الاخر و دفن فيها , و كان هلاكه في سنة اربع و اربعين , و قدمه الى مصر و توليه امرها كان سنة ثلاث و اربعين للهجرة .
    انظر : الاستيعاب (بهامش الاصابة) : 3 /121 , رغبة الامل من كتاب الكامل : 4/33 و 8/153 ـ 271 , و النجوم الزاهرة : 1/122 , و الاعلام للزركلي : 4/200 , و شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد : 1/336 . و ديوان حسان بن ثابت : 157
    ثمرات الاعواد ـ الجزء الاول 13
    النجاة من الهلكة ؟ قال : التوكل على الله عزوجل , فقال : و ما الهمة ؟ قال : الثقة بالله , ثم سال الحسين غير ذلك فاجابه الاعرابي , فامر الحسين بعشرة الاف درهم , و قال له : هذه لقضاء ديونك و عشرة الاف درهم اخرى , و قال : هذه تلم بها شعثك و تحسن بها حالك و تنفق منها على عيالك , فانشا الاعرابي و يقول :
    طربت و ما هاج لي معبق و لا لي مقام و لا معشق
    و لكن طربت لال الرسول فلذ لـي الشعر و المنطق
    هم الاكرمون هم الانجبون نجوم السمـا بـهم تشرق
    سبقت الأنام الى المكرمات و انت الجواد و فلا تلحق
    ابوك الذي ساد بالمكرمات فقصر عن سبقه الـسبق
    به فتح باب الله باب الرشاد و باب الفساد بكم يـغلق (1)

    و عن انس, قال : كنت عند الحسين عليه السلام فدخلت عليه جارية بيدها طاقة ريحان فحيته بها , فقال لها : انت حرة لوجه الله تعالى , فقلت له جارية تجيئك بطاقة ريحان فتعتقها ؟ فقال : كذا ادبنا الله فقال تبارك و تعالى : « و اذا حييتم بتحية فحيوا باحسـن منهـا او ردوها » (2) و كان احسن منها عتقها (3) .
    و جنى بعض مواليه بعض جناية توجب التأديب فأمر بتأديبه , فقال : يا مولاي قال الله تعالى : « و الكاظمين الغيظ » (4) قال عليه السلام : خلوا عنه فقد كظمت غيظي, فقال : « و العافين عن الناس » (5) فقال عليه السلام : قد عفوت عنك, قال : « و الله يحب الـمحسنين » (6)
    (1) عن مقتل الحسين للخوارزمي 1/155 (باختلاف يسير) .
    (2) سورة النساء 4 : 86 .
    (3) كشف الغمة 2/31 .
    (4 ـ 6 ) سورة ال عمران 3 : 134 .
    ثمرات الاعواد ـ الجزء الاول 14
    قال : انت حر لوجه الله تعالى , و أجازه بجائزة سنية (1) .
    و ذكر «ابن عساكر» في تأريخه , قال : ان سائلا خرج يتخطى أزقة المدينة حتى اتى باب الحسين عليه السلام فقرع الباب و انشأ يقول :
    لم يخب اليوم من رجاك ومن حرك من خلف الباب بابك الحلقه
    أنـت ذوالـجود انت مـعدنه أبـوك قـد كان قاتـل الـفسقة

    و كان الحسين واقفا يصلي , فخف من صلاته , فخرج الى العرابي فرأى عليه اثر ضر وفاقة , فرجع و نادى بقنبر فأجابه : لبيك يابن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم , قال : ما تبقى معك من نفقتنا ؟ قال : مائتا درهم أمرتني بتفريقها على اهل بيتك ؛ فقال عليه السلام : هاتها فقد اتى من هو احق بها , فأخذها وخرج يدفعها الى الاعرابي و انشأ عليه السلام يقول :
    خـذها فأنـي الـيك مـعتـذر و اعلم بأني عليك ذو شفقه
    ولو كان في سيرنا الغداة عصى كانت سمانا عليك مندفقـه
    و لـكن ريـب الزمان ذو غير والكف مني قلـيلة النـفقه
    و من شعره المنسوب له عليه السلام :
    ذا جاءت الدنيا بك فـجد بـها على الناس طرا قبل أن تتفلت
    فلا الجود يفنيها اذا هي اقبلت ولا البخل يبقيها اذا هي ولت (2)

    و جاء اعرابي اليه يوما فقال له : يابن رسول الله قد ضمنت دية كاملة و عجزت عن اداءها , فقلت في نفسي أسأل أكرم الناس وأنا ما رأيت اكرم من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه و اله وسلم أحد ؛ فقال الحسين عليه السلام : يا اخا العرب أسألك عن ثلاث
    (1) كشف الغمة :2/31 .
    (2) تاريخ ابن عساكر : 14/185 .
    ثمرات الاعواد ـ الجزء الاول 15
    مسائل فان اجبت عن واحدة أعطيتك ثلث المال , وان اجبت عن اثنين أعطيتك ثلثي المال , وان اجبت عن الكل اعطيتك المال كله ؛ فقال الاعرابي : يابن رسول الله أمثلك يسأل مثلي و أنت ابن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم !! فقال الحسين عليه السلام : بلى سمعت جدي رسول الله يقول : «المعروف بقدر المعرفة» فقال الاعرابي : سل عما بدا لك , فان أجبت و الا تعلمت منك و لا قوة الا بالله , فقال الحسين عليه السلام : اي الاعمال افضل ؟ فقال الاعرابي : الايمان بالله , فقال الحسين عليه السلام : فما النجاة من الهلكة ؟ فقال الاعرابي : الثقة بالله , فقال الحسين عليه السلام : فما يزين الرجل؟ فقال الاعرابي : علم مع حلم , فقال عليه السلام : فان اخطأ ذلك ؟ قال : مال معه مروءة , فقال عليه السلام : فان أخطأ ذلك ؟ فقال : فقر معه صبر , فقال الحسين عليه السلام : فان أخطأ ذلك ؟ فقال الاعرابي: فصاعقة تنزل من السماء و تحرقه فأنه أهل لذلك ؛ فضحك الحسين عليه السلام و رمى اليه بصره فيها الف دينار ؛ وقيل و أعطاه خاتمه و قيمته مائة درهم ,وقال له : اعطي الذهب الى غرمائك و اصرف هذا الخاتم في نفقتك , فأخذ الاعرابي ذلك كله , وقـال : الله يعـلم حيث يجعل رسـالته (1) .
    و كان للحسين عليه السلام ثلاث خواتم , الخاتم الاول : الذي اعطاه لهذا الاعرابي كما سمعت , والخاتم الثاني : الذي اعطاه لولده علي الكبر يوم عاشوراء , و قد رجع اليه من الحرب و هو يقول : أبه العطش قد قتلني , و ثقل الحديد قد الجهدني , فهل من شربة ماء من سبيل اتقوى بها على العداء ؟ فقال له الحسين عليه السلام : «يعز و الله على ابيك ان تدعوه فلا يجيبك , بني هات لسانك , فاخذ لسانه فمصه ودفع اليه خاتمه الشريف , وقال له بني امسكه في فيك و ارجع الى قتال عدوك» (2) فرجع
    (1) مقتل الحسين للخوارزمي: 1/157.
    (2) أسرار الشهادات للفاضل الدربندي: 2/641.
    ثمرات الاعواد ـ الجزء الاول 16
    علي الكبر الى الحرب ... الخ . و اما الخاتم الثالث : فقد اخذه بجدل بن سليم الكلبي (1) و أقسم بالله لو أن بجدل طلب من الحسين عليه السلام هذا الخاتم لجاد به عليه كما جاد على ذلك الاعرابي , ولكن ابى اللعين الا فعل الاراذل , طلب قطعة سيف و حز به خنصر الحسين عليه السلام و قد جمد عليه الدم و استخرج الخاتم.
    لهفي على تلك الأنامل قطعت و لو انها اتصلت لكانت ابحرا (2)
    (1) اسرار الشهادات للفاضل الدربندي : 3/124 .
    (2)

    (بحراني)

    فعل بجدل يا خلق ما صار مثله او لا جرى هيج احزاني عليه و يفت گـلبي امـن اذكـره
    ما كفاه اتقطعت اوصالـه و الا حـز الوريد او لا ترضض جثته ابخيل العدى فوگ الصعـيد
    او عاين الخاتم يلوح ابخنصر احسين الشهيد جامـده عـليه الـدما و احـنا يـحز ابمخنجره
    و على التكه و يح گلبي گطع جماله الكفوف عاينه اموزع على التربان من ضرب السيـوف
    او عاين التكه و لزمه و لا دخل قلبه الخوف ما دره احـسين اية الله واهو جـثه امـطبـره
    مد ابو سكنه يمينه او گـطعه او مـد الشمال اورد براها ولـكوان تـزلزلـت والعـرش مال
    او نزل خير الرسل طه والوصي فخر الرجال و الحـسن والـزاكيه امـه و الشعور امنشـره

    (نصاري)

    من عادت البلمعركه يطيح لو بي سلامه لخوته ايصيح
    او لو مات ما يبگه طريح يشيلوه ويسوون له اظـريح
    مشفنة اليگع بين المجاريح وامسبح ابدم راسه تسبـيح
    يبكه ابمچانه محد ايزيح عنه العدى او يمسى ذبيـح

    (تخميس)

    فادح شب في الحشى بأوار و مصاب قد حط كل مناري
    يوم نادى العلاء و الدمع جار
    قوضي يا خيام عليا نزار فلقد قوض العماد الرفيع
    ثمرات الاعواد ـ الجزء الاول 17


    المطلب الثالث
    في حب النبي صلى الله عليه واله وسلم للحسين عليه السلام
    روى ابن ماجة في «السنن» وابن عساكر في «التاريخ» , وابو الحسن علي بن عيسى الاربلي في «كشف الغمة» عن يعـلي بن مرة العـامري (1)أنه قال : خرج رسول الله صلى الله عليه واله وسلم الى طعام دعوا له, فأذا الحسين في السكة مع غلمان يلعب , فتقدم رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يضاحكه حتى أخذه فوضع أحدى يديه تحت قفاه و الاخرى تحت ذقنه و قبله , و قال : «حسين مني و انا من حسين احب الله من احب حسينا , حسين سبط من الأسباط» (2) .
    (1) يعلى بن مرة بن وهب العامري , و يكنى : ابو المرازم الثقفي , من ثقيف , و هو يعلي بن سيابة و هي امه , شهد مع النبي صلى الله عليه واله وسلم الحديبية و خيبر و الفتح و الطائف و حنين , و روي عنه و عن أمير المؤمنين عليه السلام و عن ابيه مرة , و اولاده عبدالله و عثمان و رووا عنه , وكان صحابيا فاضلا في عداد اهل الكوفه , وقيل : له دار بالبصرة , وله ثلاث احاديث صحيحة ذكرها العامة في كتبهم في فضائل سيد الشهداء الامام الحسين عليه السلام و انظر مصادر الترجمة : طبقات ابن سعد : 6/40 , و تاريخ الدوري : 2/683 , وطبقات خليفه : 53/131 و182 ومسند احمد : 4/170,وتاريخ البخاري الكبير : 8/3536 , و تهذيب اهل الكمال : 32 : 398/7118 , والاستيعاب (بهامش الاصابه) : 3/665 , و الاصابة : 3: 669/9361 .
    (2) سنن إبن ماجة : 1 : 51/144 ـ باب (11) , وتاريخ ابن عساكر : 14/148 و149, وكشف الغمة : 2/6 .
    ثمرات الاعواد ـ الجزء الاول 18

    و ذكر صاحب «الاستيعاب» عن ابي هريرة انه قال : ابصرت عيناي هاتان , و سمعت اذناي رسول الله صلى الله عليه واله وسلم و هو يقول : «ترق عين بقه» (1), قال : فرقى الغلام حتى وضع قدميه على صدر رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ثم قال له رسول الله صلى الله عليه واله وسلم : افتح فاك ثم قبله , ثم قال : «اللهم احبه فأني احبه» (2)
    وروى صاحب «ينابيع المودة» عن ابي هريرة ايضا , قال: كان النبي صلى الله عليه واله وسلم يدلع لسانه للحسين فيرى الصبي حمرة لسانه فيهش اليه , فقال عينية ابن بدر : أراه يصنع هذا فوالله ان لي ولد فما قبلته قط , فقال صلى الله عليه واله وسلم «من لا يرحم لا يرحم» (3) .
    وعن البراء بن عازب (4) قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم حامل الحسين بن علي
    (1) البقة (البعوضة) كأنه يقول اصعد يا صغير الجثة .
    (3) ينابيع المودة : 2 : 204/590 .
    (4) البرآء بن عازب : صحابي , ولد قبل الهجرة بعشر سنين, و قيل : بإثنتي عشر سنه , شهد مع رسول الله صلى الله عليه واله وسلم خمس عشرة غزوة اولها غزوة (احد), وشهد مع امير المؤمنين عليه السلام «الجمل و صفين و النهروان», وممن كتم الشهادة لأمير المؤمنين عليه السلام بخصوص «حديث الغدير بخم» ـ في محضر أميرالمؤمنين عليه السلام ـ في قول رسول الله صلى الله عليه واله وسلم «من كنت مولاه فهذا علي مولاه» , فقال أمير المؤمنين عليه السلام لجمع من صحابة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم : هل تشهدون على ذلك ؟ فشهد من حضر و كتم شهادته البرآء بن عازب و أنس بن مالك فدعى عليهم امير المؤمنين عليه السلام , فأصاب البرآء عمى , وأصاب أنس البرص , وروى الشيخ المفيد رحمه الله في الارشاد : ان امير المؤمنين عليه السلام قال للبرآء بن عازب ذات يوم بالأبواء : «يقتل ابني الحسين وانت حي لا تنصره» . فلما قتل الحسين عليه السلام كان البرآء بن عازب يقول : صدق والله علي بن ابي طالب , قتل الحسين ولم أنصره . ثم يظهر الحسرة على ذلك و الندم . مات البرآء في الكوفة سنة احدى وسبعين أو أثنتي وسبعين . انظر : ترجمة «البرآء بن عازب» في تاريخ من دفن في العراق من الصحابة : 57 .
    ثمرات الاعواد ـ الجزء الاول 19
    على عاتقه وهو يقول : « اللهم اني احبه فاحبه» (1) .
    وربما كان صلى الله عليه واله وسلم يحمل الحسنين على كتفيه تارة وفي حجرة اخرى , بل وكان يصعدهما معه على منبره , كما يروى عن بريدة انه قال : كان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يخطبنا , اذ جاء الحسن و الحسين عليهم السلام و عليهما قميصان احمران يمشيان و يعثران , فنزل رسول الله صلى الله عليه واله وسلم من المنبر فحملهما بين يديه , ثم قال : «صدق الله حيث قال «إنما أموالكم و أولادكم فتنة» (2) نظرت الى هذين الصبيان يمشيان و يعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي و رفعتهما» (3)
    و كان صلى الله عليه واله وسلم ينوه على الاشهاد بحبهما , وعن أسامة بن زيد قال : طرقت النبي صلى الله عليه واله وسلم ذات ليلة في بعض الحاجة , فخرج النبي صلى الله عليه واله وسلم و هو مشتمل على شئ لا أدري ما هو , فلما فرغت عن حاجتي قلت : ما هذا الذي انت مشتمل عليه؟ فكشفه فأذا الحسن و الحسين على وركيه, فقال : «هذان إبناي و إبنا إبنتي, اللهم إني أحبهما فأحبهما و أحب من يحبهما» (4) .
    وفي «الأصابة» عن مسند ابي يعلى بسنده : كان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يصلي , فإذا سجد وثب الحسن و الحسين على ظهره , فأذا أرادوا أن يمنعوهما أشار إليهم ان دعوهما , فإذا قضى الصلوة وضعهما في حجره , فقال : «من أحبني فليحب هذين» (5) .
    (1) ينابيع المودة : 2/35/9 .
    (2) سورة الانفال: 8/28 .
    (3) تاريخ ابن عساكر : 14/161 .
    (4) تاريخ ابن عساكر : 4/155 .
    (5) الإصابة في تمييز الصحابة : 2/12 .
    ثمرات الاعواد ـ الجزء الاول 20

    و عن أبي هريرة (1) أيضا قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وله وسلم و معه الحسن والحسين هذا على عاتقه وهذا على عاتقه , وهم يلثم هذا مرة وهذا مرة حتى إنتها إلينا , فقال : «من أحبهما فقد أحبني ومن أبغضهما فقد أبغضني» (2) .
    وقال صلى الله عليه واله وسلم : «من احب الحسن والحسين احببته , ومن أحببته أحبه الله , ومن أحبه الله أدخله الجنة, ومن أبغضهما أبغضته , ومن أبغضته أبغضه الله , ومن أبغضه الله أدخله النار» (3) .
    وعن زيد بن أرقم (4) : أن النبي صلى الله عليه واله وسلم قال لعلي و فاطمة والحسن والحسين:
    (1) أبو هريرة الدوسي : من صحابة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم , وحاله معروف في صناعة الاخبار والأحاديث الملفقة و نسبتها إلى الرسول الأعظم صلى الله عليه واله وسلم , وذلك لمصالحه الشخصية و إرضاءاً لبني اميه «عليهم جميعاً لعنة الله».
    انظر تدوين السنة الشريفة :297 , 486 .
    (2) نفس المصدر السابق .
    (3) تاريخ ابن عساكر : 14/156 وزاد فيه: وله عذاب مقيم .
    (4) زيد ابن أرقم: الانصاري , الصحابي الجليل , ولد قبل الهجرة على ما يبدو , فقد شهد (معركة احد) و استضغر , وشهد مع رسول الله سبع عشرة غزوة , ويقال اول مشاهده «غزوة بني المصطلق» او «المريسيع» وهي قرية من ناحية «قديد» بأطرف مكة , وشهد مع أمير المؤمنين عليه السلام صفين , وقال الكشي : من السابقين الذين رجعوا إلى امير المؤمنين , وله مواقف عديدة تظهر حسنه و منزلته العالية , منها : موقفه في سقيفة بني ساعدة على ما ذكره مفصلا في «زهر العيون و جلاء القلوب» , و ما ذكره ابو الفرج في «الأغاني» و من رده على المغيره بن شعبة و اعتراضه على سبه لأمبر المؤمنين عليه السلام , و ذكر ابن مزاحم المنقري , في «وقعة صفين» , انه دخل على معاوية فأذا عمرو ابن العاص جالس معه على السرير , فلما ذلك جاء حتى رمى بنفسه بينهما , فقال له عمرو ابن العاص : أما وجدت لك مجلسا الا أن تقطع بيني و بين أمير المؤمنين ؟ فقال زيد : ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم غزا غزوة و انتما معه , فرآكما مجتمعين , فنظر اليكما . فقال : صلى الله عليه واله وسلم في اليوم الثالث : اذا رأيتم معاوية و عمرو بن .
    ثمرات الاعواد ـ الجزء الاول 21
    «أنا سلم لمن سالمتم , وحرب لمن حاربتم» (1) .
    و مما جاء في فضلهما ما روي عن الصادق عليه السلام : انه اصطرع الحسن و الحسين بين يدي رسول الله صلى الله عليه واله وسلم , فقال رسول الله : «أيها حسن خذ حسينا , فقالت فاطمة : يا رسول الله أتستنهض الكبير على الصغير ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم هذا جبرائيل يقول إيها حسين خذ حسنا» (2) .
    وعن صحيح الترمذي بسنده , قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم : «الحسن و الحسين سيدا شباب اهل الجنه» (3) .
    و عن عبدالله ابن شداد , عن ابيه , انه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في
    العاص مجتمعين ففرقوا بينهما , فأنهما لم يجتمعا على خير». و ذكر المنقري أيضا : أن زيد أبن أرقم قال : قال النبي صلى الله عليه واله وسلم : «ألا أدلكم على ما إن تسالمتم عليه لم تهلكوا؟ إن وليكم وامامكم علي بن ابي طالب , فناصحوه و صدقوه , فإن جبرائيل أخبرني بذلك» . هذا وقد روى زيد ابن أرقم الكثيرة من الأحاديث , و منها «حديث الثقلين».
    وكان قد سكن الكوفة و ابتنى بها له دارا في كندة , و قد رد على ابن زياد حين نكث ثغر الحسين عليه السلام بقضيبه و شهادته بإنه رأى شفتي رسول الله صلى الله عليه واله وسلم عليهما , و توفي زيد ابن أرقم بالكوفة و دفن فيها , ولا يعرف له قبر اليوم في الكوفة فقد عفي أثره , وكانت وفاته سنة ثمان و ستين وقيل : ست و ستين و قيل : بعد مقتل سيد الشهداء عليه السلام , رضي الله عنه وأرضاه فقد كان يعد في خواص امير المؤمنين عليه السلام و كان محباً لاهل البيت .
    مصادر الترجمة ك شذرات الذهب للحنبلي : 1/74 , الطبقات الكبير لأبن سعد : 6/18 , النجوم الزاهرة : 1/181 , الأغاني : 6/2 , وقعة صفين : 218 , تاريخ الاسلام للذهبي: 3/18 , سير أعلام النبلاء : 3/112 , رجال الكشي : 38/78 , تاريخ من دفن في العراق من الصحابة : 181
    (1) تاريخ ابن عساكر : 14/157 و 158 ـ رواه بأربعة طرق ـ .
    (2) كشف الغمة : 2/7 و ذكره في اسد الغابة : 1/497 .
    (3) الجامع الصحيح للترمذي : 5 : 656/ح 3768 ـ باب 31
    ثمرات الاعواد ـ الجزء الاول 22

    إحدى صلاتي العشاء و هو حاملا حسنا أو حسينا , فتقدم النبي صلى الله عليه واله وسلم فوضعه ثم تقدم كبر للصلاة , فأطال سجدة الصلاة , فرفعت رأسي فأذال الصبي على رأس رسول الله صلى الله عليه واله وسلم و هو ساجد , فرجعت الى سجودي فلما قضى الصلاة قيل له : يا رسول الله انك سجدت بين ظهري سجدة اطلتها , حتى ظننا انه قد حدث أمر وأنه يوحي اليك , قال : «كل ذلك لم يكن و لكن إبني إرتحلني فكرهت أن أعجله حتى ينزل هو» (1) .
    نعم هكذا كان حبه لولده الحسين و ريحانته , قالت ام سلمة : دخل ذات يوم النبي صلى الله عليه واله وسلم في حجرتي ونام , فأقبل الحسين و جلس على صدر جده رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فأتيت إليه و أردت أن أرفعه عن صدر جده لئلا ينتبه النبي صلى الله عليه واله وسلم , ففتح النبي عينيه و قال : «لا يا ام سلمة , دعي ولدي على كبدي» (2) .
    و روى ابن الصباغ في «الفصول المهمة» عن زيد بن أبي زياد , قال : خرج رسول الله صلى الله عليه واله وسلم من بيت عائشة , فمر على بيت فاطمة فسمع صلى الله عليه واله وسلم حسينا يبكي , فقال «الم تعلمي ان بكائه يؤذيني» (3) .
    كان يؤذيه بكائـه وهو في المهد رضيع
    بابنـه قدمـا وهـو ذوالشـأن رفـيـع
    ليته اليوم يراه وهو في الرمضى صريع (4)
    (1) تاريخ ابن عساكر : 14/160 , و آخره : حتى يقضي حاجته .
    (2) تاريخ ابن عساكر : 14/160 و آخره : حتى يقضي حاجته .
    (3) الفصول المهمة لابن الصباغ : 171 ؛ ذكره ابن شهر آشوب في المناقب : 4/71 , عن كتاب فضائل العشرة لأبو السعادات , قال يزيد ابن أبي زياد : ... (وساق الحديث) .
    (4) نعم نظرت اليه الحوراء زينب عليها السلام و هو على أرض كربلاء فخاطبت جدها صلى الله عليه و اله وسلم وا محمدا
    ثمرات الاعواد ـ الجزء الاول 23
    صلى عليك مليك السما هذا حسينك بالعرى مقطع الاعضاء و لسان حالها:

    (نصاري)

    يـجدي مات محد وگف دونه و لا نغار غمضله اعيونه
    وحيد ايعالج و منخطف لونه ولا واحد ابحلگه ماي قطر

    (دكسن)

    يجدي مات مـحد مدد ايديه و لا واحد يجدي عدل رجليه
    يعالج بالشمس محد گرب ليه يحطله اظلال يا جدي من الحر

    (عاشوري)

    يـجـدي الرمح بفاده تـثنه يجدي أو بالوجه للسيف رنه
    يـجدي و شيـبه ابدمه تحنه يجدي و بالرمل خـده تعفر
    أحسين هل وافاك جدك زائرا و رآك مقطوع الوريد معفرا
    * * *
    أحسين هل وافاك جدك زائراً ورآك مقطوع الوتين معفراً
    ثمرات الاعواد ـ الجزء الاول 24


  • المطلب الرابع
    في بكاء الأنبياء على الحسين عليه السلام

    روى المجلسي عن كتاب الدر الثمين , قال : في تفسير قوله تعالى «فتلقى ادم من ربه كلمات» (1) يروى ان آدم عليه السلام رأى على ساق العرش اسم النبي صلى الله عليه واله و سلم و الأئمة عليهم السلام , فلقنه جبرائيل بها , وقال له : قل يا حميد بحق محمد , يا علي بحق علي , يا فاطر بحق فاطمة , يا محسن بحق الحسن و الحسين , [ومنك الاحسان] (2) . فلما ذكر الحسين سالت دموعه وانخشع قلبه , فقال: أخي جبرائيل مالي إذا ذكرت الخامس ينكسر قلبي وتسيل عبرتي ؟ فقال جبرائيل : ولدك هذا يصاب بمصيبة تصغر عندها المصائب , قال : يقتل عطشانا و غريبا وحيدا , ولو تراه يا آدم هو ينادي وا عطشاه حتى يحول العطش بينه و بين السماء كالدخان , فبكى آدم (3) .
    وروى ان زكريا سأل ربه أن يعلمه أسماء الخمسة , فهبط جبرائيل و علمه إياها , فكان زكريا عليه السلام اذا ذكر الحسين عليه السلام خنقته العبرة , فقال ذات يوم الهي
    (1) سورة البقرة 2 : 37 .
    (2) أثبتناه من المصدر .
    (3) بحار الأنوار : 44 : 245 / 44 ـ باب (30) .
    ثمرات الاعواد ـ الجزء الاول 25
    ما بالي اذا ذكرت اربعة منهم تسليت بأسمائهم من همومي , واذا ذكرت الحسين عليه السلام تدمع عيني ؟! فأنبأه الله تعالى عن قصته , و قال : «كهيعص» (1) فالكاف : اسم كربلاء , و الهاء : هلاك العترة الطاهرة , و الياء : يزيد وهو ظالم للحسين عليه السلام , والعين : عطش الحسين عليه السلام , و الصاد : صبره , فلما سمع زكريا علا بكاءه وزاد (2) .
    ويروى ان رجلا من بني اسرائيل سأل موسى ابن عمران أن يسأل ربه ليعفو عنه , فسأل موسى ربه فقال عز من قائل : يا موسى اغفر لكل من سألني إلا لقاتل الحسين عليه السلام , فقال موسى : ومن يقتله ؟ قال : تقتله امة جده , عطشانا غريبا , و ينهب رحله ,وتسبى نسائه , وتقتل أصحابه ؟,وتشهر رؤسهم على أطراف الرماح , يا موسى صغيرهم يميته العطش , و كبيرهم جلده منكمش ؛ فبكى موسى و لعن قاتل الحسين عليه السلام (3) .
    ومن مناجاة موسى عليه السلام قال : يارب , بم فضلت امة محمد على سائر الامم ؟ فقال الله تعالى لعشر خصال , فقال موسى , وما تلك الخصال التي يعملونها : قال تعالى :الصلاة , والزكاة , والصوم , والحج , والجهاد , والجمعة , والجماعة , والقرآن , والعلم , والعاشوراء , قال موسى : يا ربي وما العاشوراء ؟ قال : البكاء والتباكي على سبط محمد صلى الله عليه واله وسلم , والمرثية والعزاء على مصيبته , يا موسى ما من عبد من عبيدي في ذلك الزمان بكى أو تباكى و تعزى على سبط محمد صلى الله عليه واله وسلم إلا و كانت له الجنة خالدا فيها , ومن أنفق من ماله في محبة ابن بنت نبيه درهما أو
    (1) سورة مريم 19 : 1 .
    (2) بحار الأنوار : 44 : 223 / 308 .
    (3) بحار الانوار : 44/308 .

    الفهرس التالي التالي