|
ثمرات الاعواد ـ الجزء الأول |
|
74 |
|
|
للقتل , قال حجر : أمهلوني حتى اصلي لربي ركعتين , فأمهلوه , فقام حجر فتوضأ وصلى ركعتين , أطال فيهما ليرى الناس أنه مسلم موحد , فبم يستحل معاوية قتله؟ فلم ير في ذلك اليوم من يقول له : هذا مسلم وموحد , بم تستحل قتله؟ ولما قتله ؟ فسمعت ابنة حجر بقتل أبيها فأنشأت تقول :
ترفع أيها القمر المنـيـر |
|
لعلك أن ترى حـجـراً يسير |
يسير إلى معاوية بن حرب |
|
ليقـتله كما زعـم الأمـيـر |
تجبرت الجبابر بعد حـجر |
|
وطاب لها الخورنـق والسدير |
وأصبحت البلاد به محـولاً |
|
كأن لم يأتها يوم مـطـيــر |
ألا ياحجر حجر بن عـدي |
|
تلقتك السـلامـة والسـرور |
أخاف عليك ما أردى عـدياً |
|
وشيخاُ في دمشق له زئـيـر |
فأن يهلك فكـل عميد قـوم |
|
إلى هلك من الدنـيـا يصير (1) |
وحدث زكريا بن أبي زائدة , عن أبي إسحاق قال : أدركت الناس وهم يقولون : إن أول ذل دخل الكوفة هو لما مات الحسن بن علي عليه السلام وقتل عدي بن حجر الكندي (2) .
إذ أن حجر كان ثقة , معروفاً صحابياً وتابعاً , شهد مع علي عليه السلام صفين ,
|
(1) قيل هذه الابيات لهند بنت زيد الأنصارية قالتها حينما ساروا بحجر إلى معاوية , وذكر بعضهم ان هذه الأبيات لأخت حجر , ورثاه ايضاً عبدالله بن خليفة الطائي بقوله :
أقول ولا والله أنسى فعالهم |
|
سجين الليالي أو أموت فاقبرا |
وكذلك رثاه قيس ابن فهدان بقوله :
يا حجر يا ذاالخير والأجر |
|
يا ذالفضائل نـابـه الذكـر |
انظر : ترجمة «حجر بن عدي» من بغية الطالب لابن العديم : 151 , 159 .
(2) تاريخ الطبري : 5/279 , وفي آخره: ودعوة زياد. (أي) : ادعاه معاوية لزياد واستلحاقه بأبي سفيان .
|
|
ثمرات الاعواد ـ الجزء الاول
|
|
75 |
|
|
والنهروان , والجمل , وكان من رجاله المشهورين , ولما قتله معاوية ندم على ما فعل , فدخل عليه رجل من الناس , وقال له : أين صار عنك أبي سفيان؟ قال له : حين غاب عني مثلك (1) .
وكان معاوية بعدها يقول, ما قتلة أحداً إلا وأنا أعرف فيم قتلته, وما خلا حجراً فإني لا أعرف بأي ذنب قتله .
وروى اليعقوبي في تاريخه: قال معاوية للحسين بن علي عليه السلام : يا أبا عبدالله علمت أنا قتلنا شيعة أبيك فحنطناهم , وكفناهم , وصلينا عليهم , ودفناهم , فقال الحسين عليه السلام: حججتك ورب الكعبة , لكنا والله إن قتلنا شيعتك , ما كفناهم , ولا حنطناهم , ولا صلينا عليهم , ولا دفناهم (3) .
أقول: لا يخفي على العارف مغزى جواب الحسين عليه السلام , كأنه يقول : إن أصحاب أبي إسلام , وأصحابك ليسوا بإسلام .
وذكر اليعقوبي ايضاً : قالت عائشة لمعاوية حيث حج , ودخل إليها : يا معاوية أقتلت حجراً وأصحابه ؟ فأين عزب حلمك عنهم ؟ أما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول : «يقتل بمرج عذراء نفر يغضب لهم أهل السماوات (4) قال : لم يحضرني رجل رشيد يا أم المؤمنين. ويروى ان معاوية كان يقول: ما أعد نفسي
|
(1) انظر ترجمة حجر بن عدي الكندي في كتاب الصاحب كمال الدين عمر بن أحمد بن أبي جرادة , المعروف «بابن العديم» المتوفي (سنة 660 هـ ) والمطبوع مستلاً من كتابه : بغية الطلب في تاريخ حلب , بتحقيق الدكتور سهيل زكار .
(2) وكان قتل حجر سنة احدى وخمسين , وقيل سنة ثلاث وخمسين من الهجرة .
انظر : المنتظم لابن الجوزي : 5/241 , وتاريخ الطبري : 5/253 , والكامل في التأرخ لابن الأثير : 3/209 .
(3) تاريخ اليعقوبي : 2/219 .
(4) كنز الكمال للمتقي الهندي : 11/30887 , مثله . |
|
ثمرات الاعواد ـ الجزء الاول
|
|
76 |
|
|
حليما بعد قتلي حجراً وأصحاب حجر (1) .
وأما استلحاقه زياد بن أبيه وقد كان زياد يدعي لجماعة , وكان اخطب الناس وألسنهم فخاف معاوية عاقبة أمره لأنه كان يتشيع ويرى ولاية علي بن أبي طالب , ولما قتل أمير المؤمنين عليه السلام استمال الناس لولده الحسن عليه السلام , فخاف منه معاوية , فاستلحق زياداً به لأن أباه أبا سفيان كان من جملة الذين وقعوا على امه سمية ـ فكان ما كان من أمرها ـ فرغبه معاوية بالمال وألحقه به (2), ونسى قول النبي صلى الله عليه واله وسلم : «الولد للفراش وللعاهر الحجر» (3) .
وأما استخلافه يزيد (لعنه الله) من بعده وأخذ البيعة له , فقد رواه المؤرخون كمحمد بن عبدالله بن مسلم بن قتيبة في كتاب الإمامة والسياسة , قال : لم يلبث معاوية بعد وفاة الحسن بن علي عليه السلام إلا يسيراً حتى بايع ليزيد بالشام , وكتب بيعته الى الآفاق وإلى عماله , وكان عامله على المدينة مروان بن الحكم , فكتب له يأمره أن يجمع من قبله من قريش وغيرهم من أهل المدينة , ثم ليبايعوا يزيداً.
فلما قرأ مروان كتاب معاوية أبى ذلك, وأبته قريش, فكتب له , إن قومك قد أبوا إجابتك إلى بيعتك يزيد , فأرني رأيك , والسلام . فلما بلغ معاوية كتاب مروان عرف ان ذلك من قبله , فعزله واستعمل سعيد ابن العاص (4) .
|
(1) تاريخ اليعقوبي : 2/219 ـ 220 .
(2) تاريخ اليعقوبي : 2/207 ـ 208 .
(3) رواه الترمزي في سننه : 5 : 433 / 2120 و434 / 2121 ـ الباب (5) ـ كتاب الوصايا .
ورواه السيوطي في الجامع الصغير : 2 : 723 / 9688 , وغيرهما باسانيد اخرى , وهو من الاحاديث المتواترة والمسلم على صحتها عند المسلمين عامة وخاصة .
(4) الإمامة والسياسة : 1/197 . |
|
ثمرات الاعواد ـ الجزء الاول
|
|
77 |
|
|
قال أهل السير : وأمر معاوية ان يأتيه من كل مصر وفد إليه , فلما إن وفدت عليه الوفود قال للضحاك بن قيس الفهري : لما تجتمع الوفود عندي , أتكلم فإذا سكت فكن أنت الذي تدعو الى بيعة يزيد , وتحثني عليها , فلما جلس معاوية للناس , وتكلم فعظم الاسلام وحرمة الخلافة وحقها , وما أمر الله بها , ثم ذكر يزيد وفضله وعلمه بالسياسة , وعرض بيعته عليهم , فقام الضحاك وقال : يا أمير المؤمنين انه لابد للناس من وال بعدك , ويزيد ابن أمير المؤمنين في حسن هديه , وقصد سيرته , وهو من افضلنا علماً , وحلماً , فوله عهدك , واجعله علماً لنا بعدك ؛ قال :
وقام عمرو بن سعيد الأشدق وتكلم بنحو من ذلك ؛ وقام يزيد بن المقفع العذري , فقال : هذا أمير المؤمنين ـ وأشار إلى معاوية ـ فإن هلك فهذا ـ وأشار الى يزيد (لعنه الله) ـ ومن أبي فهذا ـ وأشار الى سيفه ـ , فقال معاوية : إجلس فأنت سيد الخطباء .
وقال معاوية للأحنف بن قيس (1):
ما تقول يا أبا البحر ؟ فقال : نخافكم إن صدقنا , ونخاف الله إن كذبنا , وأنت يا أمير أعلم بيزيد في ليله ونهاره , وسره وعلانيته (2) .
وروى أبو جعفر الطبري , قال:
بايع الناس ليزيد بن معاوية (لعنه الله) , غير الحسين بن علي بن أبي طالب , وعبد الله بن عمر , وعبدالله الزبير , وعبدالرحمن ابن أبي بكر (3) .
|
(1) هو أبو البحر : واسمه الضحاك , قيل صخر بن قيس بن معاوية بن حصين بن عبادة بن النزال بن مرة بن عبيد بن الحارث بن عمرو بن كعب بن سعد بن مناة بن تيم التميمي السعدي , والأحنف إنما كان لقبه لأن برجليه حنف ـ اي اعوجاج رجليه ـ وكان مع أمير المؤمنين عليه السلام في صفين وتوفي سنة (67) , انظر تاريخ من دفن في العراق من الصحابة :13 .
(2) الكامل في التاريخ لأبن الأثير : 3/507 .
(3) في المصدر زيادة : وابن عباس , انظر تاريخ الطبري : 5/303 . |
|
ثمرات الاعواد ـ الجزء الاول
|
|
78 |
|
|
أما ابن الزبير فأنه هرب إلى مكة على طريق الفرع هو وأخوه جعفر , وليس معهما ثالث , وأرسل الوليد خلفه أحد وثمانين راكباً فلم يدركوه , وخرج الحسين من المدينة الى مكة فسمع يزيد (لعنه الله) بذلك , فغضب على الوليد لصنعه , وعزله عن المدينة , وولاها عمر بن سعيد الاشدق , فدخلها في شهر رمضان سنة ستين من الهجرة, واما الحسين فإنه خرج من المدينة بفتيتة كما قال الشاعر :
في عصـبة من هاشـم علويـة |
|
طهرت أرومتهم وطاب المولد |
ساروا ولو لا قضاء الله يمسكهم |
|
لم يتركوا لبني سفيان من أثـر (1) |
|
(1) (نصاري)
طلعوا آل هاشم عن وطنهم |
|
وظل خالي حرم جدهم بعدهم |
ساروا ابليلهم ابعد ظـعنهم |
|
ولن صوت العليلة ابگلب محتر |
دريضوا هنا يهلـنه للعليلة |
|
يهلنه افراگكم مل ليش حيلة |
يهلـنه بـعدكـم ما نام ليلة |
|
او عيني من بعدكم دوم تسهر |
يهلنه خلوا خوية الطفل بالله |
|
يظل عندي وارحوا وداعة الله |
يهلنه من المرض گلبي تگلة |
|
يهلنه خلوا خوية الطفل وسدر |
بچـن ويلي ونادنـها دخليه |
|
اهلها وابحضـن امها درديـه |
طفل وفراگ امه يصعب عليه |
|
ولا امه على فرگـاه تـصبر |
صاح يا حسين يا فاطم دردي |
|
دردي للمديـنة وطن جـدي |
اودي لچ على ابـني او چـبدي |
|
ولابد ما تـجي يمـچ امخبر |
(دكسن)
ردت للمدينة وسار أبوها |
|
او ظلت ترتقب عمها وابوها |
ظنـت فاطمة لنهم يجوها |
|
اخوها والبطل عمـها المشكر |
(تخميس)
من منشد عن صحب هنا نزلوا |
|
مثل البدور بها الانوار تشتعل |
|
من طيبة طلعوا من كربلاء أفلوا |
|
بالأمس كانوا معي واليوم رحلوا |
|
وخلفوا في سويد القلب نيرانا |
|
|
ثمرات الاعواد ـ الجزء الاول
|
|
79 |
|
|
المطلب الرابع عشر
|
|
|
|
في زيارة الحسين عليه السلام قبر جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ووداعه
|
ذكر صاحب مدينة المعاجز وغيره :
لما هم الحسين عليه السلام على الخروج من المدينة الى مكة اقبل في نصف الليل إلى قبر جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقف باكياً , وقال : «السلام عليك يا رسول الله , أنا الحسين بن فاطمة , فرخك وابن فرختك , وسبطك الذي خلفتني من امتك , فاشهد عليهم يا رسول الله انهم قد خذلوني , وضيعوني , ولم يحفظوني, وهذه شكواي اليك حتى ألقاك» . ثم قام عليه السلام وصف قدميه , ولم يزل تلك الليلة قائماً وقاعداً , وراكعاً وساجداً .
وأرسل الوليد الى منزله رسولاً لينظر أخرج الحسين عليه السلام من المدينة ام لا , فجاء الرسول فلم يصبه في منزله , ورجع وأخبر الوليد بذلك فقال : الحمد لله الذي اخرجه ولم يبتلني بدمه .
قال الراوي : وعند الصباح رجع الحسين عليه السلام الى منزله , وفي الليلة الثانية خرج الى القبر ايضاً , فصلى عنده ركعات , ولما فرغ من صلاته جعل يقول : (اللهم ان هذا قبر نبيك محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وأنا ابن بنت نبيك , وقد حضرني من الأمر ما قد علمت , اللهم اني أحب المعروف وأنكر المنكر , وأنا اسألك ياذاالجلال والإكرام بحق القبر ومن فيه , إلا اخترت لي ما هو لك رضى ولرسولك صلاح» . ثم جعل يبكي عند القبر حتى إذا كان قريباً من الصباح وضع رأسه على القبر فأغفى،
|
ثمرات الاعواد ـ الجزء الاول
|
|
80 |
|
|
فإذا برسول الله صلى الله عليه واله وسلم قد أقبل في ركباً من الملائكة ورعيل (1) من الأنبياء , عن يمينه , وعن شماله , ومن خلفه , وبين يديه , حتى ضم الحسين إلى صدره , وقبل ما بين عينيه , وقال: (حيبي يا حسين كأني أراك عن قريب مزملاً بدمائك, مذبوحاً بأرض كرب وبلاء , في عصابة من أمتي, وأنت مع ذلك عطشاناً لا تسقى, وظمئاناً لا تروى , وهم مع ذلك يرجون شفاعتي، لا أنالهم الله شفاعتي يوم القيامة , حبيبي يا حسين إن أباك وعمك وأخاك قدموا علي , وهم مشتاقون اليك , وإن لك في الجنان درجات لن تنالها الا بالشهادة».
قال الراوي : فجعل الحسين عليه السلام يبكي , ويقول : يا جداه لا حاجة لي بالرجوع إلى الدنيا , خذني إليك وادخلني معك في قبرك :
ضمني عندك يا جـداه في هذا الـضريح |
|
علي يا جد من بلوى زماني أستريح |
ضاق بي يا جد من فرط الاسى كل فسيح |
|
فعسى طود الأسى يندك بين الدكتين |
جدُ صفو العيش من بـعدك بالأكدار شيب |
|
وأشاب الهم رأسي قبل أبان المشيب |
فعلى من داخل القبـر بـكاء ونـحـيب |
|
ونداء بافتجاع يا حبيـبي يا حسيـن |
أنت يا ريـحانـة القـلب حقـيق بالبـلا |
|
إنما الدنيـا أعـدت لـبلاء الـنبلا |
لكن المـاضي قـلـيل بالـذي قـد أقبلا |
|
فاتخذ درعين من حزم وعزم سابغين |
ستذوق الموت ظلماً ظامـيا في كـربلاء |
|
وسـتبـقى فـي ثـراها ثاوياً منجدلا |
وكأن بـلئـيم الأصـل شـمر قـد علا |
|
صدرك الطاهر بالسيف يحز الوجدين |
وكأني بـالأيـامي من بناتـي تـستغيث |
|
لغباً تستعطف القوم وقد عز المغيث (2) |
قد برى اجسامهن الضرب والسير الحثيث |
|
بينها السجاد في الأصفاد مغلول اليدين (3) |
|
(1) الرعيل : اسم كل قطعة متقدمة من خيل أو رجال أو طير , جمعه : رعال . انظر : القاموس المحيط .
(2) لغب : «وتلغب السير فلاناً» أتعبه أشد التعب . انظر : مجمع البحرين .
(3) للدمستاني رحمه الله , انظر : ديوان الدمستاني . |
|
ثمرات الاعواد ـ الجزء الاول
|
|
81 |
|
|
فقال له النبي صلى الله عليه واله وسلم : لابد لك من الرجوع الى الدنيا حتى ترزق الشهادة وما قد كتب الله لك فيها من الثواب الجزيل والثناء الجميل , حبيبي يا حسين فإنك وأباك وعمك وعم أبيك تحشرون يوم القيامة في زمرة واحدة حتى تدخلون الجنة .
قال الراوي : فانتبه الحسين عليه السلام من نومه فزعاً مرعوباً , ورجع إلى منزله وقص رؤياه على أهل بيته وبني عبد المطلب , فلم يكن في ذلك اليوم في مشرق ولا مغرب أهل بيت أشد غماً من آل بيت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم , ولا أكثر باكي وباكية , لأنهم يريدون أن يفارقوا سيدهم وزعيمهم , وهم مع ذلك يعلمون أن ذاك الأمر م الله ورسوله , إذ يقول له جده في منامه : يا بني لابد لك من الرجوع الى الدنيا حتى ترزق الشهادة وما قد كتب الله لك فيها من الثواب الجزيل والثناء الجميل . فكأن النبي صلى الله عليه واله وسلم يقول له , أي بني إن حياة هذه الأمة بشهادتك .
في الحقيقة ان الحسين عليه السلام صار هو المعلم الروحاني لأمة جده , فأخرج الناس من ظلمات الجهل إلى نور الهداية بقتله كما تشير بذلك الزيارة :
«أخرج عبادك من الجهالة وحيرة الضلالة , والذي جرى عليه عليه السلام نزلت به صحف مكرمة وذلك عند موت النبي صلى الله عليه واله وسلم» .
يروى انه استدعى عليا , وأعطاه اثنى عشر صحيفة , وقال : «يا علي هذه الصحف مختومة من رب العزة لك وللأئمة من ذريتك , فانظر أنت ما في صحيفتك واعمل بها» . فكان أمير المؤمنين عليه السلام بعد وفاة النبي صلى الله عليه واله وسلم ينظر في صحيفته ويعمل على ما فيها .
ولما حضرته الوفاة استدعى ولده الحسن عليه السلام , وأعطاه أحد عشر صحيفة وأخبره بذلك , ولما أخذ الحسن عليه السلام صحيفته عمل على ما فيها وبما أمر به إلى أن حضرته الوفاة استدعى الحسين عليه السلام وأعطاه عشرة صحائف وأخبره بذلك , فعمل الحسين على ما فيها وبما اُمر به , حتى إذا جاء كربلاء وقتلت إخوته واولاده وأنصاره وبقي وحيداً فريداً , ناداه منادي : «يا حسين أين المهد بع نفسك وأنا
|
ثمرات الاعواد ـ الجزء الاول
|
|
82 |
|
|
المشتري» . فقام عليه السلام في ذلك المقام الرهيب ووقف تجاه أعدائه وهم يريدون قتله , ولما حمل عليهم ونازلهم , وقاتلهم مقاتلة الأبطال حتى دمر فيهم وأزالهم عن مواقفهم , فقلب القلب على الجناحين , والظهير على الكمين , ولما نظر قائد الجيش إلى الشجاعة الحسينية قال لأصحابه وهو مشرف على الميدان ينظر إلى الحسين عليه السلام: والله لإن بقي الحسين على هذه الحالة إفنانا عن آخرنا , انظروا كيف الحيلة إلى قتله ؟
فقال شبث بن ربيعي : يا أمير الحيلة أن تأمر الجيش فيفترق عليه أربعة فرق , فرقة بالسيوف , وفرقة بالرماح , وفرقة باسهام، وفرقة بالحجارة ؛ فأنفذ بن سعد ما أشار عليه شبث بن ربيعي , ونادا منادى العسكر : افترقوا عليه اربعة فرق , فرق بالسيوف والرماح والسهام والحجارة .
فوجهوا نحوه في الحرب أربعة |
|
والسيف و السهم والخطي والحجرا (1) |
|
(1) (نصاري)
دار العسكر على احسين يا حيف |
|
ناس بالرماح وناس باليسف |
يشبه دورها على الليـث المخيف |
|
بياض العين بصبيها ايـتدور |
تلگـه انـباها احـسين ابوريـده |
|
نوب بالضـلوع ونوب بـيده |
تلايـم غـيمها واثجل رعـيـده |
|
او بالزانات فوچ احسين يمطر |
ثگل ما يـنـدره ابنـشابها امنين |
|
يجيه اوزانها يخطف على احسين |
سهم بـيده وسهـم ابحاجب العين |
|
يويلي وافغرت روحه من الحر |
(دكسن)
صار اشبيح بيه امن المنية |
|
ألف نبله يويلي او تسع ميّه |
وگف تبة نبل بالغاضريّة |
|
اوزور ارماح شابچ عيب يـنطر |
* * *
وقف الطرف يستريح قليـلاً |
|
فرماه القضا بـسهـم متاح |
فهوى العرش للثرى وادلهمّت |
|
برماد المصاب منها النّواحي |
|
|
ثمرات الاعواد ـ الجزء الاول
|
|
83 |
|
|
المطلب الخامس عشر
|
|
|
|
في وداع الحسين عليه السلام للهاشميين والهاشميات وترجمة ام سلمة
|
يا بنفسي مودعين وفي العين |
|
بكاها وفـي القـلوب لـظاهـا |
من بحـور تضـمنـتها قبور |
|
وبـدور قـد غيـبتـهـا رباها |
ركبهم والقضا بأضغانهم يسـ |
|
ـري وحادي الردى أمام سراها |
والمساعي من خـلفـهم نادبات |
|
والمـعالـي مشغـولة بـشجاها |
ساكبات الدمـوع لا تـتـلاقى |
|
بيـن أجفانـها وبـين كـراها |
كان يوم خرج الحسين عليه السلام من مدينة جده صلى الله عليه واله وسلم أعظم يوم على الهاشميين والهاشميات , إذ إن الحسين كان سلوة لهم عن جده رسول الله صلى الله عليه واله وسلم , وعن أبيه أمير المؤمنين عليه السلام , وعن أخيه الحسن عليه السلام , فأقبلت الهاشميات نساء بني عبد المطلب إلى دار الحسين عليه السلام لوداعه والتزود به ووداع عيالاته وأطفاله , فجعلن يبكين ويندبن , فمشى فيهن الحسين عليه السلام , وقال : انشدكن الله ان لا تبدين هذا الأمر , لأنه معصية لله ولرسوله . فقلن : يا أبا عبد الله فعلا من نتلقى النياحة والبكاء بعدك ؟ وهذا اليوم عندنا كيوم مات فيه الرسول صلى الله عليه واله وسلم , وعلي وفاطمة والحسن عليهم السلام , جعلنا الله فداك يا حبيب الأبرار.
|
ثمرات الاعواد ـ الجزء الاول
|
|
84 |
|
|
قال الراوي : وجاءت اُم سلمة (1) وقالت له : يا بني لا تحزني بخروجك إلى
|
(1) ام سلمة :
اسمها : هند , وهي من امهات المؤمنين , بنت أبي امية بن المغيرة بن عبدالله بن عمرو بن مخزوم القرشية المخزومية واسم أبيها : حذيفة , وقيل : سيل , ويلقّب : زاد الراكب , لأنه كان أحد الأجواد , فكان إذا سافر لا يترك أحداً يرافقه ومعه زاد بل يكفي رفقته من الزاد ؛ واُمها عتكة بنت عامر بن ربيعة بن مالك الكنانية , من بني فراس , وكانت زوج ابن عمها أبي سلمة , فمات عندها , وقد اسلمت قديماً هي وزوجها وهاجر إلى الحبشة فولدت له سلمة . ثم قدما مكة وهاجرا إلى المدينة فولدت له عمر , ودرة , وزينب ؛ ولما أراد أن يهاجر بها زوجها إلى المدينة منعه رجال من بني المغيرة ونزعوا خطام البعير من يده , فنضب عند ذلك بنو عبد الأسد وهو والي سلمة , وقالوا : والله لا نترك ابننا عندها إذا نزعتموها من صاحبنا , فتجاذبوا سلمة حتى خلعوا يده وانطلق به عبد الأسد وتركها زوجها حتى لحق إلى المدينة ففرق بينها وبين زوجها وابنه فكانت تخرج الى الابطح تبكي وتولول سبعة ايام , فقال لها قومها : إلحقي بزوجك . فقصدت المدينة، وكان زوجها نازلاً في قرية بني عمرو ابن عوف بقباء، فقصدته وقيل: إنها أول امرأه خرجت مهاجرة الى الحبشة , واول ضعينة دخلت المدينة .
وقال أرباب التاريخ : ولمّا توفي زوجه وانقضت عدتها خطبها أبو بكر فلم تتزوجه , فبعث النبي صلى الله عليه واله وسلم , يخطبها , فقال للرسول : أخبر رسول الله صلى الله عليه واله وسلم إني امرإة غيري وإني امرإة مصيبة , وليس أحد من أوليائي شاهد . فقال : قل لها أما قولك إني امرأة غيري فساعدو الله فتذهب غيرتك , وأما قولك إني امرأه مصيبة فسلي صبيانك , وأما قولك ليس أحد من أوليائك شاهد فليس أحد من أوليائك شاهد وغاب يكره ذلك , فقالت لإبنها عمر : قم فزوج رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ابنتها سلمة .
وأخرج ابن سعد من طريق عروة عن عائشة , قالت : لمّا تزوج رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ام سلمة حزنت حزناً شديدا لما ذكر لنا من جمالها , فتلطفت حتى رأيتها , فرأيت والله أضعاف ما وصفت , فذكرت ذلك لحفصة فقالت : و ما هي كما يقال , قالت : فرأيتها بعد ذلك فكان ما قالت حفصة , ولكنّي كنت غيري , وكانت ام سلمة موصوفة بالجمال البارع والعقل البالغ والرأي الصائب , وأشارتها على النبي صلى الله عليه واله وسلم يوم الحديبة تدل على وفور عقلها و صواب
|
|
ثمرات الاعواد ـ الجزء الاول
|
|
85 |
|
|
العراق , فإني سمعت جدك رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول : يقتل ولدي الحسين في العراق بأرض يقال لها كربلاء . فقال لها : يا اُماه والله إني أعلم ذلك وإني مقتول لا محالة وليس لي من هذا بد , وإني والله لأعرف اليوم الذي أقتل فيه , وأعرف من يقتلني , وأعرف البقعة التي أدفن فيها , وأعرف من يقتل من أهل بيتي وقرابتي وشيعتي , وإن أردت يا اماه اريك حفرتي ومضجعي, قال : ثم أشار بيده الشريفة إلى جهة كربلاء .
قال صاحب مدينة المعاجز وإثبات الوصية قال : «بسم الله الرحمن الرحيم» فانخفضت الأرض بإذن الله تعالى حتى أراها مضجعه ومدفنه وموضع عسكره . فعند ذلك بكت ام سلمة وسلمت أمرها إلى الله , فقال لها الحسين عليه السلام : يا اُماه قد شاء الله أن يراني مقتولاً مذبوحاً ظلماً وعدواناً , وحرمي ورهطي ونسائي مسبيين , وأطفالي مشردين .
فقالت ام سلمة : يا أبا عبد الله عندي تربة دفعها اليّ جدك رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في قاروة , فقال عليه السلام : والله إني مقتول كذلك , وإن لم أخرج الى العراق يقتلوني .
ثم انه عليه السلام أخذ تربة وجعلها في قارورة وأعطاها إياها , وقال لها : اجعليها مع قارورة جدي رسول الله , فإذا فاضتا دماً فاعلمي أني قد قتلت . فأخذتها ام سلمة ووضعتها مع قارورة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم (1) .
ولمّا سار الحسين عليه السلام الى العراق جعلت ام سلمة كل يوم تتعهد
|
رأيها .
قال صاحب الاستيعاب :شهدت ام سلمة غزوة خيبر فقالت : سمعت وقع السيف في أسنان مرحب (يعني سيف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام) وهي آخر امهات المؤمنين موتاً . توفّيت سنة 63 من الهجرة . انظر : الإستيعاب بهامش الإصابة , وطبقات ابن سعد
(1) إثبات الوصية للمسعودي: 166 , ومدينة المعاجز للبحراني
|
|
ثمرات الاعواد ـ الجزء الاول
|
|
86 |
|
|
القارورتين حتى إذا كان يوم عاشوراء أقبلت على عادتها لتنظر إلى القارورتين فنظرتهما وإذا بهما دماً عبيطا , صاحت وولوت وندبت الحسين , فاجتمعن عندها الهاشميات بخبرتهن بالخبر , ووقعت الصيحة بالمدينة , وصار كيوم مات فيه رسول الله صلى الله عليه واله وسلم , وصار الناس ينتظرون البريد حتى إذا وافى البريد بقتل الحسين جدّجوا العزاء والنياحة على الحسين عليه السلام , وهكذا اتّصلت النياحة حتى يوم ورد السجاد وزين العابدين عليه السلام بعمّاته وبخواته من أسر يزيد (لعنه الله) فاتصلت الصيحات و النياحات على الحسين , ولمّا دخلت الحوراء زينب الى المدينة صارت إلى قبر جدها رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وقد حفّتها الهاشميّات مشققات الجيوب ينادين : وا حسينا . ودخلت زينب على قبر جدها رسول الله صلى الله عليه واله وسلم مناديه : يا جد إني ناعية إليك عزيزك الحسين .
قتلوه بعد علم منهم |
|
إنه خامس أصحاب الكسا (1) |
|
(1) وزينب عليها السلام تخاطب جدّها صلى الله عليه واله وسلم بلسان الحال :
(نصاري)
يجدّي احسينكم رضّوا اضلوعة |
|
او شاف الموت روعه بعد روعه |
يصد لعياله او تسچت ادمـوعه |
|
يخافـنـها عـگب عـينه تيسّر |
يجدّي احـسينكم ذبحوا انصاره |
|
ابـو فاضـل تكـوّر بالـمعاره |
وجّ ابـگلـب اخـوه حسين ناره |
|
دمع عـينه على خـدّه تخـدّر |
(دكسن)
جدّي گوم ذاك احـسين مذبوح |
|
على الشاطي وعلى التربان مطروح |
يجدّي ما بگت له من الطعن روح |
|
يـجدّي گـلب اخـويه احسين فطّر |
(تخميس)
ولو أن أحمد قد رآك على الثرى |
|
لفرشن منه لجسمك الأحشاء |
أو في الطفوف رأت ظماك سقتك |
|
من ماء المدامع امك الزهراء |
|
|
ثمرات الاعواد ـ الجزء الاول
|
|
87 |
|
|
المطلب السادس عشر
|
|
|
|
في هيئة سفر الحسين عليه السلام الى العراق
|
لا يعذر الله ابن أحمد أن يرى |
|
عز الرشاد بذلـة وخضوع |
حتى يغض له الوجود مصائبا |
|
تبكي السماء له بحمر دموع |
قال أرباب التاريخ : لمّا اراد الحسين عليه السلام الخروج من المدينة جمع أولاده وإخوته , وأولاد أخيه وبنو عمومته , ومواليه وجواريه , ثم أمر بإحضار ماءتين وخمسين مركب من الخيل والجمال , لما أن احضرت أمر أن تحمل عليها الأثقال ما يحتاجه في الطريق ولوازم السفر , كالخيم والمراجل والأواني والقرب , وكل ما هيئه من الامتعة , حتى الزعفران والورس , وكثير من الصناديق المملوءة من البرود اليمانية والحلل السندسية , عدا الصناديق التي ملئت بالدنانير والدراهم , وأمر أيضاً بخمسين شقة من الهوادج حملت على النوق التى أعدها لحمل العائلة من النساء والأطفال والخدم والجواري , وأحضر كل من الهاشميين جواده ثم أمر بإحضار فرس رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وكان يدعى «المرتجز» (1) فركبه
|
(1) المُرتجز : «اسم فرس لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم , سمي بذلك لجهارة صهيله وحسنه , وكان رسول
|
|
ثمرات الاعواد ـ الجزء الأول |
|
88 |
|
|
هو عليه السلام , والمرتجز هو الفرس الذي شهد به خزيمة بن ثابت ذي الشهادتين , وكان صاحبه رجلاً من بني مرة (1) , اشتراه رسول الله صلى الله عليه واله وسلم منه بالمدينة بعشرة أوراق , وقيل : اشتراه رسول الله بأربعة آلاف درهم , واول غزوة غزا به صلى الله عليه واله وسلم عزوة «احد» , وكان من جياد الخيل على ما رواه بن قتيبة في «المعارف» (2) .
ثم لما قبض رسول الله صلى الله عليه واله وسلم انتقل هذه الجواد الى علي بن أبي طالب عليه السلام , وقد ركبه يوم صفين على مارواه نصر بن مزاحم في «كتاب صفين» (3) .
ثم صار من بعده الى ولده الحسين , فركبه «يوم الطف» ووقف قبالة القوم فخطبهم ووعظهم فلم يتّعضوا , وقال عليه السلام : «أنشدكم لله هل تعلمون ان هذه فرس رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أنا راكبه ؟ قالوا : اللّهم نعم» . ولما صرع الحسين عليه السلام يوم الطف من على ظهره , جعل يحوم حول الحسين عليه السلام , ثم مرّغ ناصيته بدم الحسين ونحا نحو خيم العيال يصهل ويحمحم معلناً بقتل الحسين عليه السلام .
قال الراوي : ثم أمر باحضار سيف رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فتقلّد به , وكان اسمه البتّار , وقيل الرسوب , وقيل العضب , وقيل الحتف (4) , وكان مكتوبا عليه هذه البيت :
|
الله صلى الله عليه وآله قد اشتراه من الأعرابي، وشهد له خزيمة بن ثابت». انظر لسان العرب: 5/352 (مادة: رجز).
(1) انظر الكامل في التأريخ لابن الأثير : 2 / 214 , واسد الغابة للجزري : 1 / 30
(2) المعارف لابن قتيبة : 149 .
(3) وقعة صفين : 403 .
(4) ذكر ابن الأثير في تأريخه «أنه كان لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم عدّة سيوف , منها : البتّار والحتف والرسوب والعضب» , انظرالكامل في تاريخ ابن الاثير : 2 / 316 , وانظر لسان العرب : 1 / 418 , وانظر اسد الغابة : 1 30 |
|
ثمرات الاعواد ـ الجزء الاول
|
|
89 |
|
|
الجبن عار وفي الإقدام مكرمة |
|
والمرء بالجبن لا ينجوا من القدر |
وهو الذي أعطاه إلى علي عليه السلام «يوم اُحد» على ما ذكره السمعاني «في كتاب الفضائل» وحمله أمير المؤمنين عليه السلام في حروبه الثلاث , وقاتل به ثم انتقل إلى ولده الحسين عليه السلام وكان يحارب به «يوم الطف» , ولقد استشهد الحسين عليه السلام على أهل الكوفة به في خطبته , إذ قال : «أنشدكم الله هل تعلمون أن هذا سيف رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أنا متقلده ؟ قالوا : اللهم نعم» . ولمّا إن قتل عليه السلام تكاثرت القوم على سلبه , فأخذه جميع بن الخلق (لعنه الله)
ثم أمر بإحضار درع رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فأفرغها على بدنه الشريف , وكان اسمها الصعديّة , وقيل : فضة , وقيل : ذات الفضول , وقيل: ذات الوشاح (1) , ولقد اعطاها رسول الله صلى الله عليه واله وسلم إلى علي عليه السلام , فأفرغها على بدنه الشريف أيضاً في حروبه الثلاث , البصرة وصفين والنهروان .
ثم من بعده انتقلت إلى ولده الحسين عليه السلام , وقد لبسها «يوم الطف» , ولما ان وعظ القوم وقال لهم فيما قال : «انشدكم الله هل تعلمون أنّ هذا درع رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أنا لابسها ؟ قالوا : اللّهم نعم» . ولمّا قتل سلام الله عليه أخذها عمر بن سعد قائد الجيش ولبسها , ودخل على عيالات الحسين عليه السلام فتقدمت زينب عيلها السلام وقالت : يا ابن سعد أيقتل أبو عبدالله وأنت تنظر إليه ؟!
|
(1) قال ابن الاثير في تأريخه : «انه كان لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم درعاً يقال له «الصعديّة» , واخرى يقال لها «فضة» , واخرى يقال لها «ذات الفضول» واخرى يقال لها «ذات الوشاح» , انظر الكامل في التاريخ : 2 / 316 .
وفي اسد الغابة أيضاً قال عز الدين الجزري : كان له (دروع) تسمى : ذات الفضول , وذات الوشاح , وغيرها , انظر اسد الغابة : 1 / 30 . |
|
ثمرات الاعواد ـ الجزء الاول
|
|
90 |
|
|
ثم أمر باحضار عمامة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم , وكان اسمها «السحاب» (1) وكانت من الخزّ دكناء , وكان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قد تعمم بها يوم «بدر» و «حنين» , ولما ان قبض صلى الله عليه واله وسلم تعمّم بها أمير المؤمنين عليه السلام «يوم صفين» على ما رواه نصر بن مزاحم في «كتاب صفين» (2) , ولما ضربه ابن ملجم «لعنه الله» بسيفه وفضى نحبه ورثها ولده الحسن عليه السلام , ثم انتقلت بعد الحسن عليه السلام الى الحسين فتعمم بها «يوم الطف» , ولما ناشد القوم في خطبته وقال فيما قال : «أيها الناس أنشدكم هل تعلمون أن هذه عمامة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أنا لابسها ؟ قالوا : اللهم نعم» .
ثم أمر باحضار حربة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم , وكانت حربة صغيرة تشبة العكازة يقال لها العنزة , وكانت تحمل مع رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في الاعياد , وتركز بين يديه فيصلّي بالناس صلاة العيد , وكان يصحبها في أسفاره , وذكرها عز الدين الجزري في «اسد الغابة» (3) , ثم لما توفي صلى الله عليه واله وسلم ورثها أمير المؤمنين عليه السلام , وكانت معه «يوم صفين» يحملها كما ذكر ذلك «نصر بن مزاحم» (4) , ثم لما استشهد عليه السلام انتقلت إلى الحسن عليه السلام , ثم إلى الحسين عليه السلام , وكانت معه «يوم الطف» وكان اذا حمل على جيش أهل الضلال ورجع من الحرب الى مركز يتكئ عليها و هو يقول : «لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم» .
أقول : بهذه الهيئة وبهذه الصفة خرج بن رسول الله من مدينة جدّه , وهو
|
(1) انظر اسد الغابة : 1 / 30 .
(2) وقعة صفين : 403 .
(3) اسد الغابة : 1 / 30 .
(4) وقعة صفين . |
|