مستلات

في ولادة الامام الحسين عليه السلام

Post on 13 آب/أغسطس 2021

 

ولد بالمدينة بخمس خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة وكانت والدته الطهر البتول فاطمة عليه السلام علقت به بعد أن ولدت أخاه الحسن عليه السلام بخمسين ليلة هكذا صح النقل فلم يكن بينه وبين أخيه عليهما السلام سوى هذه المدة المذكورة ومدة الحمل ولما ولد وأعلم النبي صلى الله عليه وآله وسلم به أخذه وأذن في أذنه . قيل أذن في أذنه اليمنى وأقام في اليسرى .

قال الشيخ المفيد رحمه الله ولد بالمدينة في التاريخ المذكور قال وجاءت به أمه فاطمة عليه السلام إلى جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاستبشر به وسماه حسينا وعق عنه كبشا وكذلك قال الحافظ عبد العزيز الجنابذي رحمه الله تعالى.

نسبه عليه السلام

نسبه نسب أخيه الحسن عليه السلام وقد تقدم ذكره وهو النسب الذي افترع هام الكواكب شرفا وعلا وفاق النيرات سنا وسناءا فلا حاجة إلى إعادة ذكره.

الثالث في تسميته عليه السلام

قال كمال الدين رحمه الله هذا الاسم سماه به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإنه لما أعلم به أخذه وأذن في أذنه اليمنى وأقام في اليسرى وقال سموه حسينا فكانت تسمية أخيه بالحسن وتسميته بالحسين صادرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم إنه صلى الله عليه وآله وسلم عق عنه وذبح عنه كبشا وحلقت والدته عليها السلام رأسه وتصدقت بوزن شعره فضة كما أمرها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقد تقدم ذلك في أخبار الحسن عليه السلام.

الرابع في كنيته ولقبه

قال كمال الدين رحمه الله كنيته أبو عبد الله لا غير وأما ألقابه فكثيرة الرشيد والطيب والوفي والسيد والزكي والمبارك والتابع لمرضاة الله والسبط فكل هذه كانت تقال له وتطلق عليه وأشهرها الزكي لكن أعلاها رتبة ما لقبه به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في قوله عنه وعن أخيه إنهما سيدا شباب أهل الجنة فيكون السيد أشرفها وكذلك السبط فإنه صح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال حسين سبط من الأسباط .

قال ابن الخشاب رحمه الله يكنى بأبي عبد الله لقبه الرشيد والطيب والوفي والسيد والمبارك والتابع لمرضاة الله والدليل على ذات الله عز وجل والسبط.

الخامس في إمامته

وما ورد في حقه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم قولا وفعلا أما إمامته عليه السلام فدليلها النص من أبيه وجده عليه السلام ووصية أخيه الحسن عليه السلام إليه فكانت إمامته بعد وفاة أخيه بما قدمناه ثابتة وطاعته لجميع الخلق لازمه وإن لم يدع إلى نفسه عليه السلام للتقية التي كان عليها والهدنة الحاصلة بينه وبين معاوية والتزم الوفاء بها وجرى في ذلك مجرى أبيه أمير المؤمنين وثبوت إمامته بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع الصموت وإمامة أخيه الحسن عليه السلام بعد الهدنة مع الكف والسكوت وكانوا في ذلك على سيرة نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو في الشعب محصور وعند خروجه مهاجرا من مكة فلما مات معاوية وانقضت مدة الهدنة التي كانت تمنع الحسين بن علي عليه السلام من الدعوة إلى نفسه أظهر أمره بحسب الإمكان وأبان عن حقه للجاهلين به حالا بحال إلى أن اجتمع له في الظاهر الأنصار فدعا عليه السلام إلى الجهاد وشمر للقتال وتوجه بولده وأهل بيته من حرم الله وحرم رسوله صلى الله عليه وآله وسلم نحو العراق للاستنصار بمن دعاه من شيعته على الأعداء .

وقدم أمامه ابن عمه مسلم بن عقيل رضي الله عنه وأرضاه للدعوة إلى الله والبيعة له فبايعه أهل الكوفة على ذلك وعاهدوه وضمنوا له النصرة والنصيحة ووثقوا له في ذلك وعاقدوه ثم لم تطل المدة بهم حتى نكثوا بيعته وخذلوه وأسلموه وقتل بينهم ولم يمنعوه وخرجوا إلى الحسين عليه السلام فحصروه ومنعوه المسير في بلاد الله واضطروه إلى حيث لا يجد ناصرا ولا مهربا منهم وحالوا بينه وبين ماء الفرات حتى تمكنوا منه وقتلوه فمضى عليه السلام ظمآنا مجاهدا صابرا محتسبا مظلوما قد نكثت بيعته وانتهكت حرمته ولم يوف له بعهد ولا رعيت فيه ذمة عقد شهيدا على ما مضى عليه أبوه وأخوه عليهما السلام والصلاة والرحمة .

أقول مناقب الحسين عليه السلام واضحة الظهور وسنا شرفه ومجده مشرق النور فله الرتبة العالية والمكانة السامية في كل الأمور فما اختلف في نبله وفضله واعتلاء محله أحد من الشيعة ولا الجمهور .

عرف العالمون فضلك بالعلم * وقال الجهال بالتقليد

وكيف لا يكون كذلك وقد اكتنفه الشرف من جميع أكنافه وظهرت مخايل السؤدد على شمائله وأعطافه وكاد الجلال يقطر من نواحيه وأطرافه وهذا قول لا أخاف أن يقول مسلم بخلافه الجد محمد المصطفى والأب على المرتضى والجدة خديجة الكبرى والأم فاطمة الزهراء والأخ الحسن ذو الشرف والفخار والعم جعفر الطيار والبيت من هاشم الصفوة الأخيار فهو وأخوه عليهما السلام صفوة الصفوة ونور الأنوار وهو في نفسه السيد الشريف والطود المنيف والشجاع الغطريف والأسد الهصور والفارس المذكور والعلم المشهور .

أتاه المجد من هنا وهنا * وكان له بمجتمع السيول

وقد تقدم في أخبار أبيه وأخيه ما هو قسيمهما فيه فما افترعا غارب مجد إلا افترعه ولا جمعا شمل سؤدد إلا جمعه ولا نالا رتبة علاء إلا نالها ولا طالا هضبة عز إلا طالها وأنا أذكر في هذا الفصل شيئا مما ورد في وصف فضائله وما ورد فيه التذاذا بتكرير مناقبه ومفاخره وطربا بعد مزاياه ومآثره وإن كان في تضاعيف هذا الكتاب من نعوته وصفاته ما فيه غنية كافية لأولى الألباب والله الموفق للصواب قال يعلى بن مرة سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول حسين منى وأنا من حسين أحب الله من أحب حسينا حسين سبط من الأسباط وروى عن أبي عوانة يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال إن الحسن والحسين شنفا العرش وان الجنة قالت يا رب أسكنتني الضعفاء والمساكين فقال الله تعالى لها أما ترضين أني زينت أركانك بالحسن والحسين قال فماست كما تميس العروس فرحا .

وروى عن جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام قال اصطرع الحسن والحسين بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إيها حسن خذ حسينا فقالت فاطمة عليها السلام يا رسول الله أتستنهض الكبير على الصغير فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذا جبرئيل يقول للحسين إيها حسين خذ الحسن وروى عن أم الفضل بنت الحارث انها دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالت يا رسول الله رأيت البارحة حلما منكرا قال وما هو قالت إنه شديد قال ما هو قالت رأيت كأن قطعة من جسدك قطعت فوضعت في حجري فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رأيت خيرا تلد فاطمة عليها السلام الحسين قالت وكان في حجري كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فدخلت يوما على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فوضعته في حجره فم حانت منى التفاتة فإذا عينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تهرقان بالدموع فقلت بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما لك ؟ قال أتاني جبرئيل فأخبرني أن أمتي ستقتل ابني هذا وأتاني بتربة من تربته حمراء .

وروى عن أم سلمة رضي الله عنها قالت بينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم جالس والحسن والحسين عليهما السلام في حجره إذ هملت عيناه بالدموع فقلت يا رسول الله ما لي أراك تبكي جعلت فداك ؟ فقال جاءني جبرئيل عليه السلام فعزاني بابني الحسين وأخبرني أن طائفة من أمتي تقتله لا أنالهم الله شفاعتي وروى باسناد آخر عن أم سلمة رضي الله عنها قالت خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من عندنا ذات ليلة فغاب عنا طويلا وعاد وهو أشعث أغبر ويده مضمومة فقلت يا رسول الله ما لي أراك أشعث مغبرا ؟ فقال أسرى بي في هذا الوقت إلى موضع من العراق يقال له كربلا فأريت فيه مصرع الحسين ابني وجماعة من ولدى وأهل بيتي فلم أزل القط دماءهم فها هي في يدي وبسطها لي فقال لي خذيها فاحتفظي بها فأخذتها فإذا هي شبه تراب أحمر فوضعته في قارورة وسددت رأسها واحتفظت بها .

فلما خرج الحسين عليه السلام من مكة متوجها إلى العراق كنت أخرج تلك القارورة في كل يوم فأشمها وأنظر إليها وأبكى لمصابه فلما كان اليوم العاشر من المحرم وهو اليوم الذي قتل فيه عليه السلام أخرجتها في أول النهار وهي بحالها ثم عدت إليها في آخر النهار فإذا هي دم عبيط فصحت في بيتي وبكيت وكظمت غيظي مخافة أن تسمع أعداؤهم بالمدينة فيسرعوا بالشماتة فلم أزل حافظة للوقت واليوم حتى جاء الناعي ينعاه فحقق ما رأيت وروى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان ذات يوم جالسا وحوله على وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام فقال لهم كيف أنتم إذا كنتم صرعى وقبوركم شتى ؟

فقال له الحسين عليه السلام أنموت موتا أو نقتل قتلا فقال بل تقتل يا بنى ظلما ويقتل أخوك ظلما وتشرد ذراريكم في الأرض فقال الحسين عليه السلام ومن يقتلنا يا رسول الله قال شرار الناس قال فهل يزورنا بعد قتلنا أحد قال نعم يا بنى طائفة من أمتي يريدون بزيارتكم برى وصلتي فإذا كان يوم القيامة جئتها إلى الموقف حتى آخذ بأعضادها فأخلصها من أهواله وشدايده قلت هذا الخبر بهذه السياقة نقلته من إرشاد الشيخ المفيد رحمه الله تعالى وعندي فيه نظر فان الحسين عليه السلام كان أصغر الجماعة الذين ذكرهم عليهم السلام فكيف خصه بالسؤال والجواب دونهم وكيف صدع قلبه على صغره وحداثته بذكر القتل وأزعج قلب الأم عليه السلام بما لقى به ولديها عليها وعليهما السلام وكيف تفرغ الحسين عليه السلام مع سماع هذا جميعه إلى أن يسأل عن الزوار والله سبحانه أعلم وروى عبد الله بن شريك العامري قال كنت أسمع أصحاب محمد عليه السلام إذا دخل عمر بن سعد من باب المسجد يقولون هذا قاتل الحسين بن علي عليهما السلام وذلك قبل أن يقتل بزمان طويل وروى سالم بن أبي حفصة قال قال عمر بن سعد للحسين يا أبا عبد الله ان قبلنا ناسا سفهاء يزعمون إني أقتلك فقال الحسين عليه السلام إنهم ليسوا بسفهاء ولكنهم حلماء أما أنه يقر بعيني أنك لا تأكل بر العراق بعدي إلا قليلا وروى يوسف بن عبيدة قال سمعت محمد بن سيرين يقول لم نر هذه الحمرة في السماء إلا بعد قتل الحسين عليه السلام وروى سعد الإسكاف قال قال أبو جعفر محمد بن علي عليهما السلام كان قاتل يحيى بن زكريا عليه السلام ولد زنا وكان قاتل الحسين بن علي عليهما السلام ولد زنا ولم تحمر السماء إلا لهما وروى سفيان بن عيينة عن علي بن زيد عن علي بن الحسين عليهما السلام قال خرجنا مع الحسين عليه السلام فما نزلنا منزلا ولا ارتحلنا منه إلا وذكر يحيى بن زكريا عليه السلام وقال يوما من الأيام من هوان الدنيا على الله عز وجل إن رأس يحيى بن زكريا أهدي إلى بغى من بغايا من بني إسرائيل وتظاهرت الأخبار بأنه لم ينج أحد ممن قاتل الحسين عليه السلام وأصحابه رضي الله عنهم من قتل أو بلاء افتضح به قبل موته .

قال الشيخ كمال الدين رحمه الله ( الفصل الخامس فيما ورد في حقه من جهة النبي صلى الله عليه وآله وسلم قولا وفعلا ) وهو فصل مستحلي الموارد والمصادر ومستعلي المحامد والمآثر مسفر عن جمل المناقب السوافر مشعر بأن الحسن والحسين عليهما السلام أحرزا على المعالي وأفخرا المفاخر فان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خصهما من مزايا العلاء بأتم معنى ومنحهما من سجايا الثناء كل مثنى فأفرد وثنى ومدح وأثنى وأنزلهما ذروة السناء الأسنى فأما ما يخص الحسن عليه السلام فقد تقدم في فضله وأما تمام المشترك وما يخص الحسين فهذا أوان إحراز خصله فمنه حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أخرجه الإمام أحمد بن حنبل والترمذي كل منهما في صحيحه يرويه عنه بسنده وقد تقدم طرف منه في فضل فاطمة عليها السلام وجملة الحديث أن حذيفة قال لأمه دعيني آتي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأصلي معه وأسأله أن يستغفر لي ولك فأتيته وصليت معه المغرب ثم قام فصلى حتى صلى العشاء ثم انفتل فتبعته فسمع صوتي فقال من هذا حذيفة قلت نعم قال ما حاجتك قلت تستغفر لي ولأمي فقال غفر الله لك ولأمك ان هذا ملك لم ينزل الأرض قط من قبل هذه الليلة استأذن ربه أن يسلم على ويبشرني أن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة وان الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة .

ومنه ما أخرجه الترمذي أيضا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أبصر حسنا وحسينا فقال اللهم إني أحبهما فأحبهما .

ومنه ما رواه ابن الجوزي رحمه الله بسنده في صفوة الصفوة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انه قال إن هذان ابناي فمن أحبهما فقد أحبني يعنى الحسن والحسين ومن المشترك جملة تقدمت في فضل الحسن عليه السلام فلا حاجة إلى إعادتها ههنا ومنه ما أخرجه أيضا الترمذي بسنده عن يعلى بن مرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حسين منى وأنا من حسين أحب الله من أحب حسينا حسين سبط من الأسباط ومنه ما نقله الإمام محمد بن إسماعيل البخاري الترمذي رضي الله عنهما بسندهما كل واحد منهما في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنه وسأله رجل عن دم البعوض فقال ممن أنت ؟ فقال من أهل العراق فقال انظروا إلى هذا يسألني عن دم البعوض وقد قتلوا ابن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول هما ريحانتاي من الدنيا وروى أنه سأله عن المحرم يقتل الذباب فقال يا أهل العراق تسألوني عن قتل الذباب وقد قتلتم ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وذكر الحديث وفي آخره وهما سيدا شباب أهل الجنة ومنه ما أخرجه الترمذي رحمه الله في صحيحه بسنده عن سلمى الأنصارية قالت دخلت على أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهي تبكي فقلت ما يبكيك قالت رأيت الآن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المنام وعلى رأسه ولحيته التراب فقلت ما لك يا رسول الله قال شهدت قتل الحسين آنفا ومنه ما أخرجه البخاري والترمذي رضي الله عنهما في صحيحيهما كل منهما بسنده عن أنس رضي الله عنه قال أتى عبيد الله بن زياد برأس الحسين عليه السلام فجعل في طست فجعل ينكته فقال في حسنه شيئا قال أنس فقلت والله أنه كان أشبههم برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكان مخضوبا بالوسمة .

وفي رواية الترمذي فجعل يضرب بقضيب في أنفه ولقد وفق الترمذي فإنه لما روى هذا الحديث وذكر فعل ابن زياد زاده الله عذابا نقل ما فيه اعتبار واستبصار فإنه روى في صحيحه بسنده عن عمار بن عمير قال لما قتل عبيد الله ابن زياد وجئ برأسه ورؤوس أصحابه ونضدت في المسجد في الرحبة فانتهيت إليهم والناس يقولون قد جاءت قد جاءت فإذا حية قد جاءت تخلل الرؤوس حتى جاءت فدخلت في منخر عبيد الله بن زياد فمكث هنيئة ثم خرجت فذهبت حتى تغيبت ثم قالوا قد جاءت ففعلت ذلك مرارا .

قال علي بن عيسى عفا الله عنه بكرمه ووفقه لتأدية شكر إحسانه ونعمه لا ريب أن هذه موعظة لأولى الأبصار وعجيبة من عجائب هذه الدار وصغيرة بالنسبة إلى ما أعد الله لهؤلاء الظلمة من عذاب النار فإنهم ركبوا من قتل الحسين وأهله وسبي حريمه ما لا يركب مثله مردة الكفار ولا يقدم عليه إلا من خلع ربقة الدين وجاهر الله بالعداوة فحسبه جهنم وبئس القرار .

قلت وقد ذكر عز الدين بن الأثير الجزري رحمه الله في تاريخه .

وروى الحافظ عبد العزيز بن الأخضر الجنابذي في كتابه معالم العترة الطاهرة مرفوعا إلى عائشة قالت كانت لنا مشربة فكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا أراد لقاء جبرئيل عليه السلام لقيه فيها فلقيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مرة من ذلك فيها وأمر عائشة أن لا يصعد إليه أحد ودخل حسين بن علي ولم تعلم حتى غشيهما فقال له جبرئيل من هذا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ابني فأخذه النبي صلى الله عليه وآله وسلم فجعله على فخذه فقال أما إنه سيقتل فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومن يقتله ؟ قال أمتك فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمتي تقتله قال نعم وإن شئت أخبرتك بالأرض التي يقتل فيها فأشار جبرئيل إلى الطف بالعراق وأخذ تربة حمراء فأراه إياها وقال هذه من تربة مصرعه ومن الكتاب المذكور عن الأصبغ بن نباتة عن علي عليه السلام قال أتينا معه موضع قبر الحسين فقال علي عليه السلام ههنا مناخ ركابهم وموضع رحالهم وههنا مهراق دمائهم فتية من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم يقتلون بهذه العرصة تبكي عليهم السماء والأرض ومنه يرفعه إلى عبد الله بمسعود قال بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذ دخل فتية من قريش فتغير لونه فقلنا يا رسول الله لا نزال نرى في وجهك الشئ نكرهه فقال إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا وإن أهل بيتي سيلقون بعدي تطريدا وتشريدا ومن كتابه مرفوعا إلى العوام بن حوشب قال بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نظر إلى شباب من قريش كأن وجوههم سيوف مصقولة ثم رؤى في وجهه كآبة حتى عرفوا ذلك فقالوا يا رسول الله ما شأنك قال إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا واني ذكرت ما يلقى أهل بيتي من بعدي من أمتي من قتل وتطريد وتشريد وروى الجنابذي مرفوعا إلى يحيى بن أبي بكر عن بعض مشيخته قال قال الحسين بن علي عليهما السلام حين أتاه الناس فقام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد أيها الناس أنسبوني وانظروني من أنا ثم ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها فانظروا هل يحل لكم سفك دمى وانتهاك حرمتي ألست ابن بنت نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم وابن ابن عمه وابن أولى المؤمنين بالله أو ليس حمزة سيد الشهداء عمى ؟ أولم يبلغكم قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مستفيضا فيكم لي ولأخي إنا سيدا شباب أهل الجنة أما في هذا حاجز لكم عن سفك دمى وانتهاك حرمتي ؟

قالوا ما نعرف شيئا مما تقول فقال إن فيكم من سألتموه لأخبركم أنه سمع ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في وفي أخي الحسن سلوا زيد بن ثابت والبراء ابن عازب وأنس بن مالك يحدثكم أنه سمع ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في وفي أخي فان كنتم تشكون في هذا فتشكون ( في ) أني ابن بنت نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم ؟

فوالله ما تعمدت كذبا منذ عرفت إن الله تعالى يمقت على الكذب أهله ويضربه من اختلقه فوالله ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبي غيري منكم ولا من غيركم ثم أنا ابن بنت نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم خاصة دون غيره خبروني هل تطلبوني بقتيل منكم قتلته أو بمال استهلكته أو بقصاص من جراحة ؟ فسكتوا

قال أفقر عباد الله إلى رحمته وشفاعة نبيه وأئمته عليهم السلام علي بن عيسى أغاثه الله تعالى يوم الفزع الأكبر كأن الحسين عليه السلام فارس الحرب الذي لا يصطلي بناره ولا تقدم غلب الأسود على شق غباره ولم يقل هذا القول ضراعة ولا خوارا فإنه كان عالما بما يؤل أمره إليه عارفا بما هو قادم عليه عرف ذلك من أبيه وجده عليهم الصلاة والسلام واطلع على حقيقته بما خصه الله به من بين الأنام فله الكشف والنظر وهو وأخوه قبله وبنوه من بعده خيرة الله من البشر ينظرون إلى الغيب من وراء ستر رقيق ويشاهدون بمرايا خواطرهم الصقيلة ويشهدون بعداوة العدو وصداقة الصديق وإنما كان ذلك القول منه وتكراره إقامة للحجة عليهم ودفعا في صدر من ربما قال لم أعلم أو كنت مشدوها أو اشتبه على الأمر فلم أهتد لوجه الصواب فنفى هذه الاحتمالات بانذاره وإعذاره وتركهم ولا حاجز بينهم وبين عذاب الله وناره وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر/ كشف الغمة في معرفة الأئمة/ الشيخ علي الأربلي