معجم  أنصار الحسين عليه السلام  (النساء) الجزء الثالث

اسم الکتاب : معجم أنصار الحسين عليه السلام (النساء) الجزء الثالث

المؤلف : محمد صادق محمد (الكرباسي)
المطبعة : المركز الحسيني للدراسات لندن ـ المملكة المتحدة

 

 

دائرة المعارف الحسينية

معجم

أنصار الحسين عليه السلام

(النساء)

 

(الجزء الثالث)

محمد صادق محمد

(الكرباسي)

المركز الحسيني للدراسات

لندن ـ المملكة المتحدة

 

(3)

 

 

الحقوق كافة محفوظة ومسجلة

للمركز الحسيني للدراسات

لندن ـ المملكة المتحدة

الطبعة الأولى

1432هـ ـ 2011م

 

(4)

 

بسم الله الرحمن الرحيم(1)

 

الحمدلله وسلام على عباده الذين اصطفى(2) آدم ونوحاً وآل ابراهيم وآل عمران على العالمين، ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم(3)، إنه لقول رسول كريم(4)، إنى لكم رسول أمين(5)، أبلغكم رسالات ربي و(6) لا أسالكم عليه أجراً إلا المودة في القربى(7) وآت ذا القربى حقه(8) ذلك خير للذين يريدون وجه الله وأولئك هم المفلحون(9).

                                                                                    صدق الله(10) العلي العظيم(11)

 

________________

(1) سورة النمل، آية 30.

(2) سورة النمل، آية 59.

(3) سورة ال عمران، آية 33-34.

(4) سورة الحاقة، آية 40.

(5) سورة الشعراء، آية 107.

(6) سورة الأعراف، آية 62.

(7) سورة الشورى، آية 23.

(8) سورة الإسراء، آية 26.

(9) سورة الروم، آية 38.

(10) سورة ال عمران، آية 59.

(11) سورة البقرة، آية 255.

 

 

(5)

 

      قال رسول الأعظم صلى عليه وآل وسلم:

      «إن الحسين مصباح هدى

            وسفينة نجاة

                  وإمام خير ويمن

                        وعز وفخر

                              وبحر علم وذخر»(1).

                                                                              صدق رسوله الكريم

ــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) عيون أخبار الرضا:1/62، وقريب منه في فرائد السمطين:2/155ح: 447.

(6)

 

مقدمة الناشر

 

      لعل معظم الكتاب الذين ألفوا في واقعة الطف لم يغفلوا عن الإشارة إلى أنصار الحسين «عليه السلام» من النساء في سردهم لوقائع مصرع الإمام الحسين «عليه السلام»، لكن من ذكر منهن لا يتجاوز عدد أصابع اليد ممن لهن ارتباط وثيق بالحسين «عليه السلام» وبعض الشهداء من أنصاره ممن حضرن معركة الطف الحزينة.

      ولعل معظم المؤرخين وأصحاب التراجم قد أرخوا لبعض النساء أو أوردوا تراجم لهن، وليس من الإنصاف نفي ذلك عنهم.

      لكن الجدير بالذكر، ومن باب الإنصاف أيضاً وإعطاء كل ذي حق حقه أن نشير بكل ثقة واعتزاز إلى أنه لم يتناول باحث أو مؤرخ تراجم تلك النسوة من أهل البيت «عليه السلام» ومن نساء الأنصار الهاشميات وغير الهاشميات بأسلوب منهجي وبحث علمي دقيق وتسلسل تاريخي منطقي وموثق غير سماحة آية الله الشيخ الدكتور محمد صادق محمد الكرباسي حفظه المولى في موسوعته الحسينية العملاقة دائرة المعارف الحسينية، في باب أنصار الحسين «عليه السلام»- النساء.

      إن القارىء أو الباحث بكل تأكيد سيجد ضالته في هذا الباب من دائرة المعارف الحسينية، حيث سيجد المعلومات الوافية المستندة إلى البحث العلمي الذي يوصل إلى الاستنتاج المنطقي، الأمر الذي سيؤدي إلى تصويب الكثير من المعلومات، وكشف الكثير من الحقائق التاريخية التي كانت مبنية على معلومات خاطئة أو على الأقل كانت ضحية للاشتباه الناتج ربما عن تشابه في الأسماء أو تقارب في تواريخ الولادة والوفاة.

      في هذا الجزء وهو الثالث من قسم النساء من باب أنصار الحسين «عليه السلام»، يستكمل المؤلف سماحة الشيخ الكرباسي حفظه المولى،

(7)

 

عرض تراجم النساء، بعد الاستدراك على الجزأين الأول والثاني، مبتدئاً بتكملة حرف الفاء، منتهياً بحرف الهاء، خاتماً هذا الجزء بجداول توضيحية تتضمن الإشارة إلى النساء الشهيدات في الطف، والنساء الشهيدات خارج الطف، والشهيدات اللائي شهاداتهن غير معتمدة، والشهيدات اللائي حضورهن الطف فيه شك، والنساء الأسرى في الطف، والنساء غير المشاركات في الطف، والنساء اللائي في وجدوهن شك، وأخيراً يورد جدولين في نساء الإمامين الحسن والحسين «عليه السلام» وأولادهما وتواريخهم.

      ثم في آخر الكتاب يتناول سماحته موضوعاً هاماً هو الاختلاف في وفاة الزهراء «عليه السلام»، موصلاً من خلال البحث العلمي والاستدلال التاريخي المنطقي إلى تثبيت التاريخ الصحيح لوفاتها «عليه السلام».

      بقي في ختام هذه المقدمة الوجيزة ضرورة الإشارة إلى أن هذا الجزء هو الثاني والسبعون من أجزاء دائرة المعارف الحسينية الكبرى الذي يصدر حتى اليوم، وكل ذلك إنما هو عائد إلى توفيق وتأييد من الباري عز وجل، ومساندة مشكورة من المؤمنين، وفقهم الله لكل خير وبر، وعلى الله الاتكال في كل الأمور، وإليه نعود في كل ملمة إنه ما خاب من اتكل عليه، ولا خسر من التجأ إليه، إنه هو مولى المؤمنين.

                                                                                                                                    6/ شوال/ 1432هـ

            5/ أيلول/ 2011م

 

(8)

 

الاستدراك الثاني

      رغم كل المحاولات لتقصي كل ما أمكن في مسار العمل حتى لا نحتاج إلى الاستدراك إلا أن الكمال الذي نتوخاه لم ندركه حيث إنه لله، ومن هنا فبعد أن استدركنا على هذا الجزء الأول من قسم النساء أربع شخصيات بحرف الألف هن: «أم أحمد وأم الحسن وأم القاسم وأم محمد» وشخصيتين بحرف الخاء وهما: «خليلة والخوصاء الهصائية» فكان علينا أن نستدرك هنا شخصيتين إحداهما في حرف الألف وهي «أم كلثوم بنت الفضل» والأخرى في حرف الخاء وهي: «الخوصاء الوائلية» لعله بذلك نكون قد تداركنا ما فات من الهفوات سائلين المولى أن يسعفنا في إتمام ما بدأنا به إنه نعم المولى ونعم النصير.

(9)

 

(10)

 

المستدرك

 

      63- أم كلثوم بنت الفضل الهاشمية                 ن12- ب61هـ

      64- الخوصاء بنت حفصة الوائلية                  ن11- ب61هـ

 

(11)

 

(12)

 

(63)

أم كلثوم بنت الفضل الهاشمية

ن12- ب61هـ = 633- 680م

 

      أم كلثوم بنت الفضل بن العباس(1) بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمية القرشية ورد اسمها في معالي السبطين(2) أنها حضرت كربلاء مع ابنيها محمد بن الحسن بن علي «عليه السلام» وأخيه جعفر بن الحسن بن علي «عليه السلام» نقلاً عن الذهبي(3). ولا يخفى أن النسخة التي لدينا ليس فيها أنها حضرت كربلاء، نعم ذكر بأن الحسن بن علي «عليه السلام» تزوجها فولدت له محمداً وجعفراً ثم فارقها فتزوجها أبو موسى الأشعري فولدت له موسى ومات عنها فتزوجها أبو موسى الأشعري فولدت له موسى ومات عنها فتزوجها عمران بن طلحة بن عبيد الله ففارقها. توفيت في الكوفة، ولا يخفى أن ابنها جعفرأً استشهد في كربلاء سنة 61 وأما محمد فأسر وبقي على قيد الحياة وذكرنا في ترجمتها أن محمداً أكبر من جعفر حيث ولد الأول سنة 37، بينما ولد الثاني سنة 49هـ، ورغم أن الفضل بينهما كبير فإننا خضعنا للنصوص التي تحدثت عنهما ومعنى ذلك أن الأول ولد في الكوفة والثاني في المدينة.

      أمها هي: صفية بنت محمية بن جزء بن الحارث بن عريج بن عمرو الزبيدية(4). ومن المعلوم أن أباها الفضل ولد سنة 4ق.هـ في مكة

____________
(1) ولا يخفى أنه جاء في المعالي: 1/236 «أم كلثوم بنت العباس» وهو من التصحيف.

(2) معالي السبطين: 1/236، نقلاً عن كتاب تجريد أسماء الصحابة: 2/350.

(3) الذهبي: هو محمد ابن أحمد بن عثمان بن قايماز الدمشقي (673- 748هـ) ولد وتوفي في دمشق كان شافعي المذهب، من مؤلفاته: ميزان الاعتدال، تذكرة الحفاظ، وسير النبلاء.

(4) الطبقات الكبرى: 4/54.

(13)

 

واستشهد سنة 13هـ في أجنادين بفلسطين وله فيها قبر في الرملة(1)، وقيل إنه توفي بالطاعون حين أصاب الأردن وهو فيها، بل هنا إنه اشترك في فتح البهنسا سنة 12هـ(2).

      وأمها: جورية بنت الحويرث بن العنبسي بن أحبان بن حذافة بن جمح.

      وعلى ما قدمنا وترجيح استشهاد سنة 13هـ فإن زواجه من أم سلمة صفية بنت محمية الزبيدية لا بد وأن يكون في أول بلوغه في حدود السنة الثانية عشرة من الهجرة وقيل: في السنة الثالثة عشرة من الهجرة، ومن هنا فإنها لم تنجب له غير أم كلثوم.

      وأما أم كلثوم فإنها من المفترض أن تكون قد تزوجت الإمام الحسن «عليه السلام» في المدينة قبل سفره إلى الكوفة لتكون ولادة ابنها محمد في الكوفة سنة 37هـ، والله العالم بحقائق الأمور.

      وقد سبق وذكرنا في ترجمة ابنها جعفر المستشهد في كربلاء: أنها تزوجت قبل الإمام الحسن «عليه السلام» من أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري (21ق.هـ- 44هـ) فأنجبت له موسى فكني به ودرج موسى فطلقها أبو موسى سنة 36هـ فتزوجها الإمام الحسن «عليه السلام» فأنجبت له محمد سنة 37هـ - هذا حسب المعطيات- وبقيت في بيت الإمام الحسن «عليه السلام» حتى أنجبت له جعفراً على تفصيل أوردناه في ترجمة جعفر(3) وترجمة محمد(4) واستغراب أن محمداً ولد سنة 37هـ كما رجحنا ذلك وجعفراً ولد في حدود 49هـ باعتبار الفصل بينهما حيث يذكر أنها أنجبت للحسن «عليه السلام» حمزة وفاطمة على ما قيل فبذلك الفصل بين ولادتها الأربع الأربعين لا يكون كثيراً، نعم هناك من يذكر بأن جميع الأربعة درجوا، وبالطبع يقصد بأنه لم يبق لهم نسل يذكر، أي انقطع نسلهم وهذا لا يعني أنهم ماتوا

___________
(1) الأعلام للزركلي: 5/149.

(3) راجع الطبقات الكبرى: 40/55، وتهذيب التهذيب: 4/494، وفتوح الشام للواقدي: 2/203.

(3) راجع ترجمة جعفر في معجم أنصار الحسين (الهاشميون): 2/40.

(4) راجع ترجمة جعفر في معجم أنصار الحسين (الهاشميون): 3/118.

(14)

 

صغاراً، وفي بعض هذه المصادر أن الإمام الحسن «عليه السلام» فارق أم كلثوم ثم تزوجها أبو موسى الأشعري فولدت له موسى(1)، والظاهر أن العكس هو الصحيح، ومن بعد وفاة الإمام الحسن «عليه السلام» تزوجها عمران بن طلحة بن عبيد الله التيمي الذي ولد في آخر عهد الرسول (ص) حتى عده صاحب التهذيب من التابعين(2). وقد سبق واحتملنا أن ولادة أم كلثوم من المفروض أن تكون في عام 12هـ وإذا ما حضرت كربلاء فإن وفاتها حدثت مما بعد سنة 61هـ.

وأخيراً ربما نرجح أن الإمام الحسن عليه السلام هو أول من تزوج أم كلثوم بنت الفضل لأنه الأنسب مع إحصاء زوجاته اللاتي توفي عنهن وهن على الشكل التالي:

سنة 19ـ 36هـ كانت عنده: فاطمة الخزرجية ( ن 7ـ ب61هـ).

سنة 36ـ 48هـ كانت عنده: بالإضافة إلى الخزرجية، خولة الفزارية (ن 10ـ ف 61هـ)، وجعدة الكندية (ن 22ـ ب 50هـ).\

      سنة 48ـ 50هـ فاطمة الخزرجية، خولة الفزارية، جعدة الكندية، وأم إسحاق التيمية (ن 30ـ ب 93هـ).

      حيث فارق الحياة عن أربع حرائر الخزرجية والفزارية والكندية والتيمية.

      ولا مجال لأم كلثوم الهاشمية إلا ما بين العامين: 19ــ 48هـ حيث كانت ثلاث حرائر في عيلولته، وبما أن أبا موسى الاشعري توفي سنة 44هـ فلا بد أن يكون زواج الإمام منها ما بين 19ـ 36هـ، لأنها أنجبت لأبي موسى موسى والذي هو بكر أولاده والذي كنى به، ومن هنا يمكن ترجيح أمرين: إن أبا موسى تزوجها قبل الإمام الحسن عليه السلام وعليه فإن القول بأن جعفراً ابنها من الامام الحسن عليه السلام ربما كان من الخلط والتصحيف بل يكون من أم ولد، أو يكون قد قتل في كربلاء في الحملة الأولى أو الثانية

ـــــــــــــــــــــــ

(1) تهذيب التهذيب: 4/401.

(2) حياة الإمام الحسن: 3/460، عن الاستيعاب: 3/210.

(15)

 

من دون مبارزة، وهناك من قال: بأن أمه الرباب المآربية أو المازنية(1) وهل كانت أمة أم حرة لم يذكر عنها شيئا، ولا يخفى أن ما نذكره هنا بمثابة التصحيح لما تقدم وهو أن الإمام الحسن عليه السلام على المشهور تزوج ثماني نساء وهن حسب الحروف الهجائية كالتالي:

      1ـ أم إسحاق بنت طلحة التيمية (ن 30ـ 93هـ).

      تزوجت في المدينة سنة 48هـ، توفي عنها الإمام الحسن عليه السلام.

      2ـ أم كلثوم بنت الفضل الهاشمية (ن 12ـ 61هـ).

      تزوجت في المدينة في سنة 26هـ وفارقها الإمام الحسن عليه سنة 36هـ على الظاهر.

      3ـ جعدة بنت الأشعث الكندية (22ـ ب 50هـ).

      تزوجت في الكوفة سنة 36هـ، توفي عنها الامام الحسن عليه السلام.

      4ـ خولة بنت المنظور الفزارية (ن 10ـ ق 61هـ).

      تزوجت في الكوفة سنة 36هـ، توفي عنها الإمام الحسن عليه السلام.

      5ـ فاطمة بنت عقبة الخزرجية (ن 7ـ 61هـ).

      تزوجت في المدينة سنة 19هـ، توفي عنها الإمام الحسن عليه السلام.

      وأما ما يذكر أنه تزوج عائشة الخثعمية، وأخرى حفصة التيمية فإن صح فلا مجال إلا بالقول التالي:

      6ـ عائشة بنت خليفة الخثعمية(2) (القرن الأول الهجري).

      طلقها الإمام الحسن عليه السلام حينما هناته بالخلافة عندما توفي الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في السنة الأربعين للهجرة(3).

ـــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع لباب الأنساب: 1/343 وذكر فيه أن فاطمة بنت الحسن عليه السلام هي بنت رباب المازنية أيضاً.

(2) وخليفة: هو ابن عبد الله بن الحارث الخثعمي.

(3) جاء في سن الدار قطني: 4/20 بإسناده إلى سيد بن غفلة أنه قال: لما مات علي رضي الله عنه جاءت عائشة بنت خليفة الخثعمية أمرأة الحسن بن علي، فقالت له: لتهنك الإمارة، فقال لها: تهنيني بموت أمير المؤمنين، انطلقي فإنت طالق، فتقعنت =

(16)

 

7ـ حفصة بنت عبد الرحمان التيمية(1) (القرن الأول الهجري).

      طلقها الإمام الحسن عليه السلام حينما علم بأن المنر بن الزبير الأسدي المتوفى سنة 73هـ يهواها وبلغ عنها شيئاً(2)

      8ـ هند بنت سهيل العامرية(3) (القرن الأول الهجري).

      تزوجها الإمام الحسن عليه السلام عندما علم بأن يزيد بن معاوية احتال على

ـــــــــــــــــــــــــ

= بثوبها، وقالت: اللهم إني لم أرد ألا خيراً، فبعث إليها عشرة آلاف، وبقية صداقها، فلما وضع بين يديها بكت وقالت: متاع قليل من حبيب مفارق، فأخبره الرسول فبكى، وقال: لولا أني أبنت الطلاق لها لراجعتها... الحديث، وهو مرفوض تماماً لأنه يخالف مذهب أهل البيت حيث لا يقع الطلاق ثلاثاً، أولاً رواه السيد ابن غفلة وليس في المحدثين من هو بهذا الاسم، ونظنه تصحيف سويد بن غفلة بن عوسجة بن عامرالجعفي المتوفى سنة 81هـ، ثانياً إن سويد بن غفلة ضعفه ابن حجر في التهذيب: 2/460، والمجلسي في البحار: 10/377، وثالثاً المحقق أنه وصل المدينة حين نفضت الأيدي من دفن الرسول ص ـ راجع سير أعلام النبلاء: 2/142، والبحار 10/377، وقد جاء في قاموس الرجال: 5/436 عن الفصول المختارة: 127، وقد أجمع أهل الآثار على أنه كثير الغلط، ولا يخفى أن الحديث جاء مروياً عن سويد بن غفلة في تاريخ مدينة دمشق: 13/250.

(2) جاء في شرح ابن أبي الحديد: 16/13 «تزوج الحسن حفصة بنت عبد الرحمان بن أبي بكر وكان المنذر بن الزبير يهواها فإبلغ الحسن عنها شيئاً فطلقها فخطبها المنذر فأبت أن تتزوجه، وقالت: شهر بي، فخطبها عاصم بن عمر بن الخطاب فتزوجها، فأبلغه المنذر عنها شيئاً فطلقها، فخطبها المنذر، فقيل لها: تزوجيه، فقالت: والله ما أفعل، وقد فعل بي ما قد فعل مرتين، لا والله لا يراني في منزله أبداً»، والمنذر بن الزبير بن العوام الأسدي القرشي توفي سنة73هـ.

(3) سهيل: هو ابن عمرو بن عبد شمس بن عبد ورد بن نصير بن مالك بن حسل بن عامر. وأم هند هي فاطمة بنت عبد العزى بن أبي قيس بن عبود العامرية، أسلم سهيل بن عمور عام الفتح، كانت هند عند حفص بن زمعة وأنجبت له، ثم خلف عليها عبد الرحمان بن عتاب (ربما ابن أبي عتاب) ثم عبد الله بن عامر الأموي، كما في نسب قريش: 420.

(17)

 

زوجها عبد الله بن عامر الأموي (28ـ 118هـ) ليطلقها حيث أراد أن يتزوجها فتزوجها الإمام الحسن لكي يسد الطريق عليه.

      وأما سائر الزوجات اللاتي يدعى بأنهن كن من زوجات الإمام الحسن عليه السلام فلم نجد من صرح بأسمائهن مما لا يمكن الركون إليه، ونحن نعلم أن زوة

البيت الأموي حرص ودأب على الطعن بالبيت الهاشمي وبألاخص بأمير المؤمنين والسبطين عليهما السلام حتى وصل بهم الأمر أنهم أتهموا الإمام عليه السلام بأنه تزوج ثلاثمائة زوجة(1) هذه غير الإماء، وخير من بحث ضعف هذه الأقوال وعدم صدق قائليها هو القرشي(2) حيث أورد أقوال أرباب الرجال في عدم وثاقة الرواة لهذه الأقوال.

      وأما بالنسبة إلى عائشة الخثعيمة وحفصة التيمية فإنهما ممن قيل: بأن الإمام الحسن عليه السلام تزوجهما(3) وهو بحد ذاته يتبين القصد من وراء هذه النسبة الظالمة تارة إلى الحسن وأخرى إلى الحسين عليه السلام.

      وأما هند العامرية فهي الأخرى قيل: إنها تزوجها الإمام الحسين عليه السلام بالإضافة إلى أن قصتها تشبه قصة أرينب بت إسحاق القرشية التي تزوجها الإمام الحسين عليه السلام لدفع الضيم عنها وعن زوجها عبد الله بن عامر بن كريز الأموي(4)، كل ذلك يجعلنا نرفض هذه الأقوال، ونعتمد ما تحقق منها

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع حياة الإمام الحسن للقرشي: 2/447.

(2) القرشي: هو باقر بن شريف بن مهدي الجعفري المولود سنة 1344هـ بالنجف من علماء النجف الكتاب المحققين، له: حياة الإمام الحسين عليه السلام، أيضاح الكفاية في الأصول، شرح بيع المكاسب.

(3) راجع هامش معجم أنصار الحسين (الهاشميون): 3/64.

(4) جاء ف شرح ابن أبي الحديد: 16/12 «فتزوج الحسين بن علي عليه السلام هنداً بنت سهيل بن عمرو ـ وكانت عند عبد الله بن عامر بن كريز، فطلقها ـ فكتب معاوية إلى أبي هريرة أن يخطبها على يزيد بن معاوية، فلقيه الحسين عليه السلام فقال: أين تريد؟ قال: أخطب هنداً بنت سهيل بن عمرو على يزيد بن معاوية، قال الحسن فاذكروني لها، فأتاها أبو هريرة، فاخبرها الخبر، فقالت: اختر لي، فقال: أختار لك الحسن فتزوجه، فقدم عبدالله بن عامر المدينة فقال للحسن: إن لي عند هند وديعة، فدخل إليها والحسن معه، فخرجت حتى جلست بين عبد الله بن عامر، فرق لها رقة عظيمة، فقال الحسن: ألا أنزل لك عنها، فلا أراك تجد محللاً خيراً لكما مني، قال: لا، ثم=

 

(18)

هو أنه تزوج خمس حرائر طلق واحدة وبقي على أربع منهن وتوفي عنهن كما يلاحظ ذلك في الجدل المعد لذلك، وأما الموالي فالظاهر أنهن كن على أعلى تقدير فيما هو محقق عند أهل النسب مما يمكن الاستدلال بوجودهن من خلال أولادهن وهن كالتالي:

1ـ ريطة الهمدانية (الفارسية)(1).

2ـ الرباب المازنية.

3ـ حبيبة المغربية.

4ـ زينب البجلية.

5ـ رملة الرومية.

6ـ قصبة.

7ـ ناحية.

8ـ نرجس الرومية.

9ـ مليكة.

10ـ الضيماء.

11ـ عاصمة.

12ـ صافية الزنجية.

13ـ أم عقيل.

14ـ أم علي الأصغر.

15ـ أم علي الأكبر.

16ـ أم عمرو الثقفية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

= قال لها: وديعتي، فأخرجت سفطين فيهما جوهر، ففتحتهما وأخذ من أحدهما قبضة وترك الآخر عليها». وذكرت القصة ذاتها في الإمام الحسين عليه السلام راجع فصل المقال: 287، الإمامة والسياسة: 1/193، ثم قصص العرب: 4/291، نهاية الإرب: 6/180وغيرها.

(1) هي وأم أروى متحدتان.

(19)

 

17ـ أم يحيى.

18ـ أم عبد الرحمان.

19ـ أم سكينة.

20ـ نفيلة أم أبي بكر.

أما الحرائر وأولادهن فهن كالتالي:

      1ـ فاطمة بنت عقبة الخزرجية (ن 7ـ ب61هـ) والتي تزوجها نحو عام 19هـ، أنجبت له ستأً هم: زيد (20ـ120هـ) وأم الخير رملة (ن 30ـ 31هـ) درجت، وأحمد (44ـ 61هـ) وأما الحسن الصغرى (ن 47ـ 61هـ)، وبشير (ن 48ـ 61هـ) وأم الحسين (ن 49ـ 61هـ)، وتوفي عنها.

      2ـ أم كلثوم بت الفضل الهاشمية (ن 12ـ ب 61هـ) والتي تزوجها نحو عام 26هـ وأنجبت له أبناً واحداً وهو محمد الأصغر (37ـ ب 61هـ) أسر في كربلاء وفاطمة الصغرى درجت وقد طلقها قبل سنة 36هـ.

      3ـ جعدة بنت الأشعث الكندية(1) (22ـ ب 50هـ) والتي تزوجها نحو عام 36هـ ولم تنجب له، وتوفي عنها.

      4ـ خولة بنت منظور الفزارية (ن 10ـ ق 61هـ) والتي تزوجها نحو عام 36هـ أنجبت له الحسن المثنى (39ـ 92هـ) ومحمد الأكبر درج، وتوفي عنها.

      5ـ أم إسحاق بنت طلحة التيمية (ن 30ـ ب 93هـ) والتي تزوجها في حدود سنة 48هـ، وأنجبت له طلحة في حدود سنة 49هـ فدرج، وتوفي عنها.

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) جعدة: هي التي سمت الإمام الحسن عليه السلام فمات، وقال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة: 16/11، وكانت وفاته ـ الحسن ـ سنة تسع وأربعين، وكان مرضه أربعين يوماً، وكانت سنه سبعاً وأربعين سنة، دس إليه معاوية سماً على يد جعدة  وأزوجك يزيد ابني، فلما مات وفى لها بالمال ولم يزوجها من يزيد وقال: أخشى أن تصنعي بابني كما صنعت بابن رسول الله ص.

(20)

 

      وأما أمهات أولاده من الامات وأولاده فهن كالتالي:

      1ـ ريطة أم أروى الهمدانية (الفارسية) وولدت له: إسماعيل وحمزة درجا.

      2ـ الرباب المازنية (المآربية) أنجبت له جعفراً (49ـ 61هـ) استشهد في كربلاء.

      3ـ حبيبة المغربية أنجبت له عبد الله الأوسط (46ـ 61هـ) استشهد في كربلاء، وعبد الرحمان سنة 49هـ درج.

      4ـ زينب البجلية أنجبت له عبد الله الأصغر (49ـ 61هـ) استشهد في كربلاء.

      5ـ رملة الرومية وأنجبت له القاسم (46ـ 61هـ) استشهد في كربلاء.

      6ـ قصبة أم مرازم، أنجبت له مرازم ودرج.

      7ـ ناحية أم يعقوب: أنجبت له يعقوب ودرج.

      8ـ نرجس الرومية: أنجبت له أم الحسن الكبرى، وبنت الحسن درجتا.

      9ـ مليكة أم الحسن: أنجبت له أم الحسن الوسطى درجت.

      10ـ الضيماء والدة أم سلمة: أنجبت له أم سلمة درجت.

      11ـ عاصمة أم رقية: أنجبت له رقية درجت.

      12ـ صافية الزنجية (ن 5ق.هـ ـ ب 61هـ) أنجبت له فاطمة الكبرى (ن 40ـ ن 70هـ).

      13ـ أم عقيل: أنجبت له عقيلاً ودرج.

      14ـ أم علي الأصغر: أنجبت له علياً الأصغر فدرج.

      15ـ أم علي الأكبر: أنجبت له علياً الأكبر فدرج.

      16ـ أم عمرو الثقفية: أنجبت له عمراً (ن 37ـ ب 61هـ) استشهد في كربلاء.

(21)

 

      17ـ أم يحيى: أنجبت له ودرج.

      18ـ أم عبد الرحمان: أنجبت له عبد الرحمان فدرج.

      19ـ أم سكينة: أنجبت له سكينة ودرج.

      20ـ نفيلة المدنية (ن29 ـ ب 61هـ) أنجبت له أبا بكر (44ـ61هـ) استشهد في كربلاء.

      وأخيراً فإذا كانت أم كلثوم بنت الفضل الهاشمية لم تكن في حبالة الإمام الحسن عليه السلام كيف حضرت كربلاء، فالاحتمال الأقوى أنها التحقت بابنها محمد الأصغر (37ـ ب 61هـ) الذي حضر كربلاء وأسر.

(22)

 

(64)

 

الخوصاء بنت حفصة الوائلية

ن11ـ ب 61هـ = 632ــ 680م

      هي الخوصاء بنت حفصة بن ثقيف(1) بن ربيعة بن عثمان الوائلية(2).

      إن ضبط المفردة «خوصاء» هي بفتح الخاء المنقوطة الفوقانية وسكون الواو تأتي أسماً مزيداً بحرفين كما في طرفاء، وتأتي صفة كما في صفراء، فهي صفة مشبهة لكل ما دل على عيب ظاهر أو حلية أو خلقة، كعوراء مؤنث الأعور، ونجلاء (واسعة العين) في الأنجل وسمراء في الأسمر هذا فيما إذا كان أفعل المذكر بفتح أوله وثالثه والخوص بفتح أوله وسكون ثانيه مصدر خوص بمعنى غار، ومنها الأخوض من غارت عينه بمعنى كانت عميقة وما قيل: بأنه ضيق العين فليس بصحيح فلذلك بالحاء المهملة، وليست المعجمة فيقال لمن كانت عيناه ضيقتين بالأحوص و الخوصاء(3) والخوصاء البئر القعيرة، والقارة المرتفعة، والريح الحارة التي تكسر العين حراً، إلى غيرها من المعاني(4).

      والمفردة مذكرها ومؤنثها استخدم علماً منذ الجاهلية ولكن لم تكن شائعة بل شاعت في الوصف أكثرمنه في الأعلام، والظاهر أنهم لم يريدوا بها المدح ولا الذم، وهي ليست كالجاحظ الذي كانت عيناه ناتئتين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) وفي تاريخ الطبري: 3/343«خصفة» بالخاء المعجمة وبتقديم الصاد على الفاء.

(2) مقاتل الطالبين: 96.

(3) راجع لسان العرب: 4/245.

(4) راجع تاج العروس: 17/569.

(23)

 

هرمي الرياحي المتوفى حدود سنة 50هـ، وربما أريد بالخوصاء التي وصفت بها  المرأة الشديدة الحرارة كناية عن حميميتها وحضنها الدافىء، وكان لسبرة بن عمرو الأسدي(1) فرس سماها الخوصاء، وقال فيه من الطويل:

لعمرك لولا أن فيهم هوادة         لما شوت الخوصاء صدر المقنع

      وكذلك سمى الشاعر توبة بن الحمير الخفاجي(2) فرسه بالخوصاء(3).

      وعلى أي حال فقد سميت حليلة عبد الله الاكبر ابن جعفر الطيار ابن أبي طالب الهاشمي بالخوصاء حيث تزوجها وأنجبت له ثلاثة أبناء هم محمد الأصغر وعبيد الله وأبو بكر.

      أمها هند بنت سالم بن عبد الله بن عبد الله بن مخزوم الثعلبية(4).

      ومن المعلوم أن عبد الله الأكبر ابن جعفر الطيار كانت ولادته سنة 51هـ ووفاته سنة 90هـ، وإذا كان ابنها الأكبر محمد الاكبر ولد سنة 25هـ وابنها الأوسط عبيد الله ولد سنة 27هـ، وأبنها الأصغر سنة 29هـ فإن زواجه منها لا بد وأن يكون في حدود عام 25هـ، وإذا ما كانت هي في سن الزواج والذي في الأعم الاغلب كان في الرابعة عشرة من العمر فلا بد وأنها ولدت سنة 11هـ.

      أما بالنسبة الى أبيها حفصة فلم أجد في الذكور من يسمى حفصة أي الغالب أنه أسم أنثوي، نعم ما ذكره الطبري(5) بأن اسمه «خصفة» بالخاء المعجمة والصاد المهملة والفاء المعجمة بفتحات متوالية وتنتهي بالتاء.

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) سبرة عمرو الأسدي: يكنى بأبي سليط كان أنصارياً من بني النجار، وصاحب الرسول ص اشتراك معه في معركة بدر، ويقال بأن أسمه أسيد.

(2) توبة بن حمير الخفاجي: هو حفيد حزم بن كعب بن خفاجة العقيلي العامري المتوفى سنة 85هـ كان من الشعراء العشاق وكان يهو ليلى الأخيلية، له ديوان شعر جمع فيه أشعاره.

(3) تاج العروس: 17/570.

(4) راجع مقاتل الطالبيين: 35، المجدي: 296.

(5) راجع تاريخ الطبري: 3/343 وما جاء في تاريخ خليفة بن خياط: 145«الخوصاء بنت خصف بن ثقف بن ربيعة».

 

(24)

 

وجدت من سمي بذلك من الذكور في الرواة ألا وهو خصفة أو أبن خصفة والذي ذكر في المجاهيل(1) وعلى أي حال فقد ذكر صاحب المعالي أن الخوصاء حضرت مع ابنيها محمد وجعفر ابني عبد الله بن جعفر الطيار كربلاء(2) ولمزيد الكلام تراجع ترجمة ابنيها في قسم الهاشميين.

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع أسد الغابة: 2/137.

(2) معالي السبطين: 1/324.

(25)

 

 

(26)

 

تتمة حرف الفاء

 

      65ـ فاطمة الصغرى بنت علي الهاشمية             ن 35ـ ن125هـ

      66ـ فاطمة بنت عقبة الخرزجية                           ن 7ـ 61هـ

      67ـ فاطمة الكبرى بنت الحسين الهاشمية                  20ـ 110هـ

      68ـ فاطمة الوسطى بنت الحسين الهاشمية                ق 50ـ 126هـ لم تحضر

      69ـ فضة النوبية (أمة الزهراء)                           ن 25ق.هـ ب

      70ـ فكيهة (أمة الحسين)                                   ن 6ـ ب 62هـ

(27)

 

(28)

 

(65)

 

فاطمة الصغرى بنت علي الهاشمية

ن 35ـ ن 125هـ = 656ـ 743م

      هي فاطمة الصغرى بنت علي بن أبي طالب عليه السلام الهاشمية القرشية.

      من المرجح أن يكون للإمام علي عليه السلام فاطمتان كبرى وصغرى رغم أن المؤرخين لم يصرحوا بذلك ولم يوردهما معاً كما لم يصفوا أحداهما بالكبرى والأخرى بالصغرى، ولكن المتمعن في دراسة النصوص الواردة في هذا المجال أو عند المترجمين لها في التاريخ أو في سلسلة الرواة أو عند أصحاب الأنساب يصل إلى قناعة تام بأن هناك فاطمتين إحداهما مكناة بأم أبيها، حيث أورد البيهقي(1) لدى عده بنات علي عليه السلام ممن لم يفصل عنهن «أم كلثوم الصغرى، زينب الكبرى، أم هاني، أم الكرام، أم جعفر الجمانة، أم سلمة، ميمونة، خديجة، فاطمة، أمامة هن بنات أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام»(2) ثم إنه أورد في من فصل عنهن بقوله «وكانت فاطمة بنت علي عليه السلام عند أبي سعيد بن عقيل بن أبي طالب، فولدت له حميدة، ثم تزوجها سعد(3) بن الأسود بن البختري، فولدت له برة، ثم تزوجها المنذر بن عبيدة، ثم الزبير(4) فولدت عثمان وكثيراً

ــــــــــــــــــــــ

(1) البيهقي: هو علي بن زيد بن محمد بن محمد بن الحسن أبو الحسن ظهير الدين السبزواري الأنصاري المعروف بابن الفندق (493ـ 565هـ) ولد في سبزوار 27/شعبان، وتوف في بيهق، كان من علماء الإمامية اختص بالأنساب، وقد تولى القضاء كما كان من الشعراء الأمجاد، وله مؤلفات جليلة بلغت 76مؤلفاً منها: إعجاز القرآن، المختصر من الفرائض، وأصول الفقه.

(2) لباب الأنساب: 1/333.

(3) والصحيح: «سعيد».

(4) الصحيح «المنذر بن عبيدة بن الزبير»، كما سيأتي.

 

(29)

 

فدرجا»(1). ثم أورد في جدول المعقبات منهن: «ج ـ وفاطمة أم أبيها عقبها ف بني أسد» ثم قال: «د ـ أم الحسين عقبها في بني جعدة بن هبيرة، وقيل: فاطمة»(2).

      هذا نص ما ورد عند البيهقي «قبل تحليله لابد من تصحيحه فإنه ذكر في من تزوجها «المنذر بن عبيد، بن الزبير»ولكن الصحيح اعتماداً على عدد من المصادر أن الذي تزوجها هو المنذر والآخر الزبير، يقول ابن سعد(3) في طبقاته في ترجمة فاطمة بنت علي عليه السلام «أمها أم ولد تزوجها محمد بن أبي سعيد(4) بن عقيل بن أبي طالب فولدت له حميدة بنت محمد، ثم خلف عليها سعيد بن الأسود بن أبي البختري بم هشام بن الحارث بن أسد بن العزى بن قصي فولدت له برزة وخالداً أبني سعيد، ثم خلف عليها المنذر بن عبدة بن الزبير بن العوام فولدت له عثمان وكبرة ابني المنذر وقد بقيت فاطمة بنت علي وروي عنها»(5).

      وما يجب الإشارة إليه أن ابن سعد ذكر ان الذي تزوجها هو محمد بن أبي سعيد والصحيح على ما حققناه كما ورد في كثير من المصادر هو أبو سعيد نفسه لا ابنه لأنه. قتل في الطف وله سبع سنوات على بعض المنقولات، ولكن حسب تحقيقاتنا أنه قتل وله من العمر 25سنة(6) ولكن سبق وتوصلنا إلى أن المتزوج لها هو أبو سعيد.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لباب الأنساب: 1/334.

(2) لباب الأنساب: 1/335.

(3) ابن سعد: هو محمد بن سعد بن منيع البصري الزهري كاتب الواقدي (168ـ 230هـ) ولد بالبصرة ومن هنا لقب بالبصري، وسكن بغداد ثم المدينة والكوفة ثم عام إلى بغداد وفيها توفي، يعد من أئمة المؤرخين وأصحاب التراجم، اشتهر بكتابه طبقات الصحابة وعرف الكتاب بالطبقات الكبرى، والطبقات الصغرى، عرف الأول بطبقات ابن سعد، ومن مؤلفاته: الغريب، الفقه، الحديث.

(4) الصحيح: «تزوجها أبو سعيد بن عقيل» راجع ترجمته.

(5) الطبقات الكبرى: 8/466.

(6) معجم أنصار الحسين (الهاشميون): 3/77.

(30)

 

      كما يقول ابن عساكر(1) في مدينة دمشق نقلاً عن الزبير بن بكار(2) في تسمية ولد علي عليه السلام: «وخديجة وفاطمة وأمامة بنت علي لأمهات شتى، وكانت فاطمة بنت علي عند أبي سعيد بن عقيل فولدت له حميدة، ثم خلف عليها سعيد بن الأسود بن أبي البختري فولدت له برة وخالد، ثم خلف عليها المنذر بن عبيدة بن الزبير بن العوام فولدت له عثمان وكندة درجا»(3).

      وقال البلاذري(4) في أنسابه: «كانت فاطمة عند أبي سعيد بن عقيل فولدت له حميدة، ثم خلف عليها سعيد بن الأسود بن أبي البختري فولدت له برة وخالدة، ثم خلف عليها المنذر بن عبيدة بن الزبير بن العوام، فولدت له عثمان وكثيرة ودرجا»(5).

      وقال المزي(6) في تهذيبه: فاطمة بنت علي بن أبي طالب القرشية الهاشمية وهي فاطمة الصغرى، أمها أم ولد، كانت عند أبي سعيد بن عقيل فولدت له حميدة، ثم خلف عليها سعيد بن الأسود بن أبي البختري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ابن عساكر: هو علي بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله الشافعي الدمشقي (499ـ 571هـ) ولد وتوفي في دمشق كان من كبار المؤرخين ومن العلماء، اشتره بكتابه تاريخ مدينة دمشق مما عرف بتاريخ ابن عساكر، ومن آثار أيضاً: تبيين الامتنان، الأربعون البلدانية، أخبار حفظ القرآن.

(2) الزبير بن بكار: هو حفيد ابن عبد الله القرشي الأسدي المكي (172ـ256هـ) ولد في المدينة وتوفي في مكة، كان من علماء النسب ومن القضاة يصل نسبه الى الزبير بن العوام، من مؤلفاته: أخبار العرب، الموفقيات، أخبار حسان».

(3) مدينة دمشق: 70/36.

(4) البلاذري: هو أحمد يحيى بن جابر بن داود (ق199ـ279هـ) الظاهر أنه ولد في بغداد وتوفي فيها، وكان ممن يعرف الفارسية، اختص بالتاريخ والجغرافيا والنسب، وعرب بعض الكتب من الفارسية، ومن مؤلفاته: فتوح البلدان، وأنساب الأشراف، والقرابة وتاريخ الأشراف، وربما ولد في إيران ورحل إلى بغداد صغيراً فنشأ فيها.

(5) أنساب الأشراف: 1/193.

(6) المزي: هو يوسف بن عبد الرحمان بن يوسف القضاعي الكلبي (645ـ742هـ) ولد بظاهر حلب وتوفي في دمشق ونشأ بالمزة من ضواحي دمشق، من الحفاظ، من آثاره: تهذيب الكمال، تحفة الأشراف، والمنتقى من الأحاديث.

(31)

 

      فولدت له برة وخالدة، ثم خلف عليها المنذر بن عبيدة بن الزبير بن العوام فولدت له عثمان وكثرة درجا»(1) وأورد ابن أبي الدنيا(2) في مقتله مثلما أورده المزي والبلاذري(3) وما أورده ابن شهرآشوب(4) في من زوجهن علي عليه السلام من بناته، قائلاً: «وزوج ثماني بنات» إلى أن قال: «وفاطمة من محمد بن عقيل»(5) فالظاهر أن فيه سقطاً حيث أراد «محمد بن أبي سعيد بن عقيل» مع هذا فقد عرفت أن الصحيح أبو سعيد لا ابنه محمد.

      وأما عن تحليل نص البيهقي بعد تصحيحه فالذي يفهم من مجموع كلامه في المحطات الأربع ما يلي:

      1ـ أن هناك فاطمتين على أقل تقدير إحداهما مكناة بـ «أم أبيها» والثانية مكناة بـ «أم الحسين».

      2ـ إن المعقبات اثنتان إحداهما تزوجت من بني أسد، والأخرى من بني مخزوم. وهما لا يلتقيان(6) لأن جعدة بن هبيرة مخزومي، وسعيد بن الأسود بن البختري أسدي، والمنذر بن عبيدة بن الزبير بن العوام الأسدي.

      3ـ أن فاطمة أم أبيها هي التي تزوجت أبا سعيد بن عقيل بن أبي طالب الهاشمي فولدت له حميدة، ثم سعيد بن الأسود بن البختري الأسدي فودت له برة، ثم المنذر بن عبيدة بن الزبير بن العوام الأسدي

ــــــــــــــــــــ

(1) تهذيب الكمال: 35/261.

(2) ابن أبي الدنيا: هو عبد الله بن محمد بن عبيد بن سفيان بن قيس القرشي البغدادي (208ـ 281هـ) ولد في بغداد وتوفي فيها، كان من العلماء البغداديين، من آثاره مكارم الأخلاق، الأولياء، وحسن الظن، بالإضافة الى كتابه المشهور مقتل الإمام أمير المؤمنين عليه السلام.

(3) مقتل الإمام أمير المؤمنين لابن أبي الدنيا: 123 عن نسب قريش: 44.

(4) ابن شهرآشوب: هو محمد بن علي بن شهرآشوب المازندراني(488ـ 588هـ) من علماء الإمامية الا جلاء ولد في مازندران (إيران) وتوفي في حلب (سوريا) ودفن بجوار مشهد النقطة. له مؤلفات منها: مناقب آل أبي طالب، معالم العلماء.

(5) مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 3/305 وعنه البحار: 42/92.

(6) راجع معجم قبائل العرب: 3/1085، 1/20.

 

(32)

 

فولدت له عثمان وكثيراً فدرجا، وأن فاطمة أم الحسن تزوجت من جعدة بن هبيرة المخزومي ابن عمتها فأنجبت له.

      4ـ يفهم من دون تصريح أن أم الفاطمتين (أم أبيها وأم الحسين) أم ولد حيث لم يذكر أمهما(1).

      والغريب أنه عد من درج أبناؤه أو من خلف بناتاً من المعقبين، إذ المعروف عند أرباب الأنساب استخدام المعقب فيمن له أبناء وتناسلوا دون البنات أو من درجوا. وأورد الطبري في كتابيه(2) تبعاً للمفيد(3) في موضعين(4) فاطمة واحدة دون أن يشير إلى اخرى وقد ذكرا مجموعة من الإرشاد في بعض نسخة «الأمهات أولاد شتى» كما جاء في بعض نسخ الإعلام أن فاطمة كانت عند محمد بن أبي سعيد بن عقيل فولدت له حميدة(5)، ولكن سبق وقلنا إنه من التصحيف، بل الصحيح، «كانت عند أبي سعيد بن عقيل».

      هذا ويصرح المازندراني(6) بأن أم فاطمة التي تزوجها أبو سعيد الأحول ابن عقيل بن أبي طالب أم ولد(7)، ويؤكد حضورها كربلاء حيث

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) وربما كان ذكرها بأن أمها أم ولد هي التي حضرت كربلاء بل هي المعروفة من بنات علي عليه السلام باسم فاطمة ومنهم الشيخ رضي الدين علي بن سويد الدين يوسف بن علي بن مطهر الحلي لدى عده أولاد علي عليه السلام حيث  قال: «فاطمة لأم ولد» ـ راجع بحار ألانوار: 420/74 عن العدد القوية لدفع المخاوف اليومية لرضي الدين الحلي.

(2) إعلام الورى: 1/397، وتاج المواليد: 95.

(3) المفيد: هو محمد بن محمد بن النعمان العكبري البغدادي(336ـ 406هـ) ولد في عكبر، وتوفي في بغداد، من أعلام الإمامية من آثاره: أصول الفقه، الإرشاد، والمقنعة.

(4) الإرشاد: 1/355، المستجاد من كتاب الإرشاد للحلي: 140.
(5) إعلام الورى: 1/397.

(6) المازندراني: هو محمد مهدي بن عبد الهادي الحائري (1295ـ 1385هـ) ولد في كربلاء وتوفي فيها من كبار الخطباء، كان محققاً كاتباً من آثاره: معالي السبطين، والكوكب الدري، وشجرة طوبى.

(7) معالي السبطين:2/227.

(33)

 

ذكرها في جملة من كن في ركب الإمام الحسين عليه السلام قائلاً: فاطمة أمها أم ولد وكانت عند أبي سعيد بن عقيل بن أبي طالب الأحوال فولدت له حميدة» و«محمد بن أبي سعيد له من العمر سبع سنين فإنه لما صرع الحسين عليه السلام وتصارخت العيال والأطفال خرج مذعوراً بباب الخيمة ممسكاً بعمودها وأمه واقفة تراه وتنظر إليه وجعل الطفل يلتفت يميناً وشمالاً وقرطاه يتذبذبان، فقتله لقيط بن إياس الجهني أو هاني بن ثبيت الحضرمي رماه بسهم على خاصرته»(1).

      وقد سبق وذكرنا أن أبا سعيد بن عقيل الهاشمي (16ـ61هـ) حضر كربلاء واستشهد فيها(2) وذكرنا أيضاً بأن ابنه محمد بن أبي سعيد (35ـ 61هـ) قتل في كربلاء(3) فهو إذاً حميدة بنت فاطمة بنت علي عليه السلام من أبيها وهذا ما حققناه في محله واعتمدناه(4)

      إذاً فأم حميدة حضرت مع زوجها ولكن ابنتها حميدة لم يذكر بأنها حضرت كربلاء رغم أحتماله إلا أن عدم ذكرها يرجح عدم حضورها لأنها كما سبق وحددنا ولادتها بحدود سنة 39هـ (659هـ)، ربما كانت متزوجة آنذاك حيث كان عمرها إحدى وعشرين سنة وليس من الضرورة أن تغادر إلى كربلاء مع والديها وأخيها محمد إذا كانت متزوجة، ومن هنا لم نورد ترجمتها في حرف الحاء.

      ومع المعطيات التي سبقت والتي أبرزها وصف المزي لها بالصغرى بالإضافة إلى ما صرح به ابن حجر في تهذيبه بذلك حيث يقول: فاطمة بنت علي بن أبي طالب وهي فاطمة الصغرى أمها أم ولد»(5) ثم نقل عن

ـــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ما ورد في المصدر بأن محمد بن أبي سعيد كان له من العمر سبع سنين في الطف وقد فندنا ذلك في ترجمته وقلنا: إن عمره كان آنذاك 25 سنة ـ راجع ترجمته في معجم أنصار الحسين: 3/79.

(2) معجم أنصار الحسين (الهاشميون): 1/380.

(3) معجم أنصار الحسين (الهاشميون): 3/77.

(4) معجم أنصار الحسين (الهاشميون): 1/386.

(5) تهذيب التهذيب: 6/ 610.

(34)

 

الزبير بن بكار ما سبق وأوردناه وقد أورد ابن حجر(1) وفاتها سنة 117هـ، كما ذهب ابن جرير(2) إلى ذلك حيث قال في أحداث سنة (117): وفيها توفيت فاطمة بنت علي وسكينة ابنة الحسين بن علي(3) وكانت وفاتها في المدينة(4)، وهناك من قال: إن قبرها في دمشق(5) ولكن لا يمت إلى الصحة.

      إذا صحت هذه المعلومات فإن التي تكنى بأم حسين هي فاطمة الكبرى وهي التي تزوجت جعدة بن هبيرة المخزومي على ما ذكره البيهقي(6) ويقول عنها ابن أبي الدنيا: وأم الحسين ورملة ابنتا علي وأمهما أم سعيد بنت عروة بن مسعود بن متعب الثقفي(7) وقال: ولأم الحسين بنت علي، حسن وعلي وحبيب بنو جعدة بن هبيرة بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم كان خلف عليها، ثم خلف عليها بعده جعفر بن عقيل بن أبي طالب فلم تلد له(8).

      ومما يؤيد كونها وأم أبيها متغايرتين أنه ذكر أم الحسين بالكنية وذكر أم أبيها بالاسم فعلي عليه السلام ليست له أربع بنات فاطمة الكبرى وفاطمة الصغرى وأم أبيها وأم الحسين بل هما اثنتان سميتا بفاطمة وكنيت كبراهما بأم حسين وصغراهما بأم أبيها.

      وأما الحديث عن عمر فاطمة الصغرى فقد ذكر أكثر من واحد أنها

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ابن حجر: هو أحمد بن علي بن محمد الكناني العسقلاني (773ـ852هـ) ولد توفي في القاهرة، كان من اعلام الشافعية، من آثاره: تهذيب التهذيب، لسان الميزان، والدرر الكامنة.

(2) ابن جرير: هو محمد بن جرير بن يزيد الطبري (224ـ 310هـ) ولد في آمل (إيران) وسكن بغداد وتوفي فيها، كان من أئمة التفسير والتاريخ واشتهر بكتابية: التاريخ، والتفسير وله كتاب المسترشد، وكان في الفقه مجتهداً يعمل باجتهاده.

(3) تاريخ الطبري: 4/162.

(4) هامش تهذيب التهذيب: 6/610 عن الكاشف في أسماء الرجال الذهبي.

(5) راجع نساء من عصر التابعين لأحمد خليل جمعة.

(6) لباب الأنساب: 1/335.

(7) مقتل الإمام أمير المؤمنين: 121.

(8) مقتل الإمام أمير المؤمنين: 122.

 

(35)

 

توفيت سنة 117هـ، وهو أمر غريب جداً أن فاطمة الصغرى بنت الحسين عليه السلام وأختها سكينة وكذلك فاطمة الصغرى بنت علي عليه السلام كلهن يتوفين في سنة 117هـ، ولعلنا لا نستغرب أن تموت إحدى الفواطم وسكينة في سنة 117هـ أما أن الفاطمتين تموتان في سنة واحدة مما يوجب الريبة في أن يكون من التصحيف بينهما، وبما أننا لم نعثر على تاريخ آخر فلذلك اعتمدناه من باب الغريق يتشبث بالقشة، ولكن بتحفظ، وربما كانت وفاتها بعد ذلك.

      وأما عن ولادتها فقد ذكر بعض المعاصرين أنها كانت في حدود سنة 30 للهجرة(1) ولعله استنبطه مما روي عن موسى الجهني أنه قال: دخلت على فاطمة بنت علي وهي ابنة ست وثمانين سنة فقلت لها: تحفظين عن أبيك شيئاً؟ قالت: لا(2) ولكني أرى أنه من الخلط بينها وبين أختها فاطمة الكبرى أم حسين، وذلك لأن المصادر تذكر أن فاطمة بنت علي عليه السلام روت عنه ولربما توصلنا أن الصحيح هو أن الصغرى أم أبيها هي لم ترو عن أبيها لصغر سنها وأما الراوية فهي الكبرى، وعندها يصح الجمع بين القولين، وهنا لا بد من ضبط تواريخ الرواةـ في الاتجاهين ـ والأزواج والأمهات والأولاد له بما يتضح الأمر:

      أما أزواج أم أبيها فاطمة الصغرى هم كما سبق:

      1ـ أبو سعيد بن عقيل بن أبي طالب (16ـ 61هـ)(3)

      2ـ سعيد بن الأسود الأسدي (.... ــ ....هـ)(4)

      3ـ المنذر بن عبيدة الأسدي (....ــ....هـ).

ــــــــــــــــــــــــــ

(1) نساء من عصر التابعين لأحمد خليل جمعة.

(2) تهذيب التهذيب: 6/610، وقد تزوج من فاطمة نحو عام 38هـ ـ راجع معجم أنصار الحسين (الهاشميون): 1/384.

(3) معجم أنصار الحسين (الهاشميون): 1/380.

(4) حسب ما ورد من ترتيب الأزواج كما في لباب الأنساب: 1/334 أن فاطمة الصغرى بنت علي عليه السلام تزوجت من سعيد بن البختري بعد استشهاد زوجها الأول أبي سعيد بن عقيل سنة 61هـ، واحتمال أن يكون زواجها من سعيد سنة 62هـ وارد.

(36)

 

      وهؤلاء أزواج أم أبيها فاطمة الصغرى، وأما أزواج أم الحسين فاطمة الكبرى فهم:

      4ـ جعدة بن هبيرة المخزومي (ق 8ـ 41هـ)(1). وهو زوج فاطمة أم حسين (الكبرى) بنت علي عليه السلام.

      5ـ جعفر الأكبر ابن عقيل الهاشمي (37ـ 61هـ)(2).

      6ـ عبد الله بن الزبير بن العوام الأسدي (1ـ73هـ)(3).

      1ـ أم ولد (ق9ـ ب 61هـ).

      وهي والدة أم أبيها فاطمة الصغرى.

      2ـ أم سعيد بنت عروة الثقفي (ن 5ـ ن35هـ).

      وهي أم فاطمة أم حسين (أم حسن) الكبرى.

      وأما الأولاد:

      1ـ حميدة بنت أبي سعيد بن عقيل (ن 39ـ ب 61هـ)(4).

      2ـ برزة(5) بنت سعيد بن الأسود (ن 63ـ...هـ)(6).

ــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في قاموس الرجال: 2/593 عن شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد «أنه أدرك النبي ص يوم الفتح وهو عند أمه أم هاني» وهي أخت علي عليه السلام، راجع معجم أنصار الحسين (النساء): 1/18، وقد تزوجت من جعدة في حدود عام 35هـ و أرملت منه سنة 41هـ ـ راجع معجم أنصار الحسين (النساء): 1/19، كما أنه أم الناس يوم 19رمضان سنة 40هـ عندما ضرب علي.

(2) تزوجها سنة 53هـ إلا أنها لم تنجب له. راجع معجم أنصار الحسين (النساء): 1/19.

(3) هناك من ذكر انها تزوجت عبد الله بعد سنة 61هـ ولم تنجب له، وقد أرملت سنة 73هـ فكانت على قيد الحياة آنذاك ـ راجع المحبر: 437.

(4) معجم أنصال الحسين (الهاشميون): 1/380.

(5) في مقتل ابن أبي الدنيا «برة».

(6) إذا كان زواج أبيه من أمه نحو عام 62هـ فمن الطبيعي أن تكون ولادته في عام 63 وأخوه من بعده بعام تقريباً حيث إن فاطمة كانت مولودة، وعندما تزوجت من سعيد بن الأسود بن البختري الأسدي بهذا الاحتمال سبع وعشرين سنة.

(37)

 

3ـ خالد(1) بن سعيد بن الأسود (ن 6ـ...هـ).

4ـ عثمان بن المنذر بن عبيدة الأسدي (...ـ...هـ).

5ـ كبرة(2) بنت المنذر بن عبيدة الأسدي (...ـ...هـ).

وهؤلاء الخمسة هم أولاد فاطمة أم أبيها (الصغرى).

6ـ حسن بن جعدة بن هبيرة (36ـ...هـ).

7ـ علي بن جعدة بن هبيرة (37ـ...هـ).

8ـ حبيب بن جورة بن هبيرة (38ـ...هـ).

وهؤلاء الثلاثة هم أولاد أم حسين (أم حسن) فاطمة الكبرى.

وأما من روت عنهم:

1ـ علي بن أبي طالب الهاشمي (23ق.هـ ـ 40هـ).

2ـ محمد ابن الحنفية الهاشمي (12ـ80هـ).

3ـ أسماء بنت عمير الخثعمية (29ق.هـ 49هـ).

4ـ أمامة بنت عمير الخثعمية (29ق.هـ ـ 49هـ).

5ـ الحسن بن علي الهاشمي (3ـ50هـ)(3).

وأما من روى عنها فهم:

1ـ الحارث بن كعب الكوفي (....ـ...هـ).

2ـ الحارث بن عبد الرحمان البجلي(4) (....ـ...هـ).

3ـ رزين بن حبيب الجهني(5) (من أصحاب الباقر عليه السلام،....ـ....هـ).

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في مقتل ابن أبي الدنيا «خالدة» وجاء في مدينة دمشق: 70/37 قال في أصل ابن حيوية خالدة فغيرة وجعله خالداً والصواب الأول.

(2) في مقتل ابن أبي الدنيا «كثيرة» وفي مدينة دمشق: كنزة.

(3) معجم رجال الحديث: 23/197، عن رجال البرقي: 62.

(4) الحكم بن عبد الرحمان البجلي حفيد أبي نعيم الكوفي ـ تهذيب التهذيب: 1/577.

(5) زرين يعرف بالبزاز بياع الأنماط، من أصحاب الإمام الباقر عليه السلام ـ تهذيب التهذيب:2/163 وهو من أصحاب الصادقين عليهما السلام راجع رجال الطوسي: 121و193.

(38)

 

      4ـ عروة بن عبد الله الجعفي(1) (من أصحاب الصادقين عليهما السلام،....ـ ....هـ).

      5ـ عيسى بن عثمان.

      6ـ موسى بن عبد الله(2) الجهني (....ـ 144هـ).

      7ـ نافع بن عبد الرحمان القاري(3) (ن 70ـ 169هـ).

      8ـ أبو بصير (يحيى بن إسحاق الأسدي)(4) (...ـ 150هـ)(5).

      9ـ إبراهيم (الغمر) بن الحسن (المثنى)(6) (78ـ145هـ).

      وروى الحميري بإسناده أن فاطمة بنت علي عليه السلام مد لها في العمر حتى رآها أبو عبد الله الصادق عليه السلام(7) ومن المعلوم أن الإمام الصادق عليه السلام عاش ما بين (83ـ 148هـ).

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هو حفيد قشير الكوفي ـ تهذيب التهذيب: 4/120، من أصحاب الباقر عليه السلام كما في التهذيب، وجاء في رجال الطوسي: 264، في أصحاب الإمام الصادق عليه السلام. ويكنى عروة بأبي مهل، ويبدو أنه وموسى الجهني دخلا على فاطمة بنت علي عليه السلام معاً فالذي سأل هو أبو مهل وسمع موسى منها حديث المنزلة وهو بصحبة أبي مهل عروة ـ راجع تاريخ مدينة دمشق: 70/35.

(2) وقيل موسى بن عبد الرحمان ـ تهذيب التهذيب: 5/570.

(3) نافع حفيد أبي نعيم المدني: كان من القراء الفقهاء ـ تهذيب التهذيب: 5/603.

(4) الكافي: 6/369، معجم رجال الحديث: 23/197.

(5) راجع في تحقيق اسمه الحسين في السنة: 1/142 و 164لأن أبان روى عنه.

(6) تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر: 70/36، على مبنى أن فاطمة بنت الحسين عليه السلام تصحيف لفاطمة بنت علي عليه السلام، بالمقاربة مع ما رواه موسى الجهني هذا الحديث عن ابنة علي عليه السلام دون ابنة الحسين عليه السلام، نعم روى إبراهيم الغمر عن فاطمة بنت الحسين عليه السلام حديث رد الشمس عن أسماء ولكن بنص آخر ـ راجع معجم أنصار الحسين (النساء): 1/277، ولكن روى الطبراني في معجمه الكبير: 24/144 الحديث بنص آخر عن إبراهيم الغمر عن فاطمة بنت علي عن أسماء. والله العالم بالحقائق، ولعل كلا من الفاطمتين روتا الحديث، أو من الخلط.

(7) قرب الإسناد: 163 وعنه بحار الأنوار: 42/106.

(39)

 

      وأما الروايات التي رويت عن فاطمة بنت علي بغض النظر عن كونها الكبرى أو الصغرى فهي:

      أورد ابن سعد في طبقاته قال: أخبرنا الفضل بن دكين، حدثنا الحكم بن عبد الرحمان بن أبي نعم (نعيم) قال: حدثتني فاطمة بنت علي بن أبي طالب، قالت: قال أبي ـ علي ـ عن رسول الله ص: «من أعتق نسمة مسلمة أو مؤمنة وقى الله بكل عضو منه عضواً منه من النار»....

      وروى ابن سعد: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس، حدثنا زهير، حدثنا عروة بن عبد الله بن قشير أنه دخل على فاطمة بنت علي بن أبي طالب، قال: فرأيت في يديها مسكاً غلاظاً في كل يد أثنين.

      وقال: ورأيت في يدها خاتماً وفي عنقها خيطاً فيه خرز، فسألتها عنه فقالت: إن المرأة لا تشبه بالرجال(1).

      وروى ابن سعد أيضاً: قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر الرقي، حدثنا عبيد الله بن عمرو عن عبد الكريم عن عيسى بن عثمان قال: كنت عند فاطمة بنت علي فجاء رجل يثني على أبيها عندها فأخذت رماداً فسفت في وجهه(2).

      وأورد ابن حجر رواية موسى الجهني عنها، قال موسى الجهني: «دخلت على فاطمة بنت علي وهي ابنة ست وثمانين سنة فقلت لها تحفظين عن أبيك شيئاً؟ قالت: لا»(3). ولكن أوردها ابن عساكر بشكل آخر بحذف سندها، قال موسى الجهني: دخلت على فاطمة بنت علي، فقال لها رفيقي أبو مهل ـ عروة بن عبد الله بن قشير ـ كم لك؟ قالت: ست وثمانون سنة، قال: ما سمعت من أبيك شيئاً؟ قالت: حدثتني أسماء بنت عمير، أن رسول الله ص قال لعلي: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس بعدي نبي»(4) ثم يرويها بسند آخر عن موسى الجهني باختصار حيث يقول أخبرنا موسى بن الجهني عن فاطمة بنت علي عن أسماء بنت عميس

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) رواه ابن سعد في الطبقات كما رواه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق: 70/38.

(2) الطبقات الكبرى: 8/466، رواه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق: 70/38.

(3) تهذيب التهذيب: 6/610.

(4) تاريخ مدينة دمشق: 70/35.

(40)

 

قالت: إنها سمعت النبي ص يقول: «يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي»(1) ويبدو والله العالم أن الحديث واحد وإنما رواها بالمعنى وباختصار، وربما كان ما رواه ابن حجر وابن عساكر أيضاً حديثاً واحداً ففي الأول نفى روايتها عن أبيها وفي الثانية أثبت روايتها عن أسماء بنت عميس عن مناقب أبيها، ولربما كان الحديث حديثاً واحداً فجاء التقطيع من الرواة ولا بد من ملاحظة حرف الجر «من» و «عن» ولا بد أن يكون مضمون العبارة كالتالي: دخل موسى الجهني مع عروة الأسدي، على فاطمة بنت علي عليه السلام فسألها عروة أبو مهل: كم لك؟ فقالت: ست وثمانون سنة، فسألها موسى: ما سمعت من أبيك شيئاً؟ قالت: لا، ولكن سمعت عنه إذ حدثتني أسماء بنت عميس أن رسول الله ص قال لعلي : «أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي».

      فالجمع بين الأحاديث الثلاثة  يقتضي أنها لم تسمع من علي عليه السلام شيئاً بل سمعت عنه من غيرها، أي سمعت عن مناقب أبيها من أسماء، ويؤيد هذا الجمع ما رواه ابن عساكر بسنده عن صالح بن أحمد قال: حدثني أبي ـ أحمد ـ قال: فاطمة بنت علي لم تسمع من أبيها شيئاً(2).

      بل نذهب إلى أكثر من ذلك أن موسى وعروة لم يلتقيا كل واحد منهما على انفراد السيدة فاطمة بنت علي عليه السلام بل كانا معاً فيبدو أن كل واحد منهما سألها شيئاً كما وصف كل واحد منهما ما شاهداه، ومن ذلك ما رواه عروة، قال: دخلت على فاطمة بنت علي بن أبي طالب فرأيت في عنقها خرزة ورأيت في يديها مسكتين(3) وهي عجوز كبيرة(4) فقلت لها: ما هذا؟ فقالت: إنه يكره للمرآة أن تشبه بالرجال(5)، ثم حدثني أن أسماء بنت عميس حدثتها أن علي بن أبي طالب دفع إلى نبي الله ص وقد أوحي إليه فجلله بثوبه، فلم يزل كذلك حتى أدبرت(6) الشمس، فلما سري عن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تاريخ مدينة دمشق: 70/36.

(2) تاريخ مدينة دمشق: 70/38.

(3) المشكلة بالتحريك: السوار المصنوع من قرن الوعل أو من العاج.

(4) وهو يتطابق مع أن عمرها كان حين للقاء معها 86سنة.

(5) تاريخ مدينة دمشق: 70/36.

(6) أدبرت الشمس: غابت.

(41)

 

النبي ص رفع رأسه فقال: صليت يا علي العصر؟ قال: لا، فقال رسول الله ص: اللهم ردها على علي، قالت أسماء: فو الله لنظرت إليها بيضاء على هذا الجبل حتى صلى، فرأيتها طلعت حتى صارت في وسط المسجد(1) والظاهر أن هذا تتمة ما سبق ليكون المجلس مجلساً واحداً جمع موسى وعروة وفاطمة، لتكون القصة كالتالي:

      دخل عروة وموسى على فاطمة بنت علي وهي في المدينة فوجدها عروة عجوزاً كبيرة السن فسألها عن عمرها فقالت: ست وثمانون سنة، ووجد في زنديها مسكتين غليظتين في كل واحدة من يديها وفي إصبعها خاتماً وعليها قلادة من خرز، فسألها عن لبس هذه فأجابت: أنه يكره للمرأة أن تشبه بالرجال، ثم سألها موسى هل سمعت شيئاً من أبيك ـ مباشرةـ؟(2) فقالت: لا، ولكن سمعت عنه ـ عن مناقبه ـ ما حدثتني أسماء بنت عميس أن رسول الله ص قال لعلي: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، ثم سردت هي في ذلك و قالت: إن أسماء بنت عميس حدثتها أن علي بن أبي طالب... حديث رد الشمس.

      وأما ما روته عن أخيها محمد ابن الحنفية ما رواه ابن عساكر بسنده عن رزين بن حبيب الجهني عن فاطمة بنت علي قالت: شكوت إلى محمد بن علي ـ ابن الحنفية ـ كثرة السهر والفكر، فقال: اجعلي سهرك وفكرك في ذكر الموت، ففعلت ذلك، فذهب عني السهر والفكر»(3) ويبدو أن هذا كان في أواخر عمرها. هذا معظم ما روته، وفي روايتها عن أسماء بنت عميس إذا كانت قد توفيت سنة 40هـ هو الكلام عن روايتها عن أبيها المستشهد عام 40هـ.

      وربما كان حديث رد الشمس من روايات فاطمة بنت الحسين عليه السلام التي رواها إبراهيم الغمر ابن الحسن المثنى ابن الحسن السبط ابن علي عليه السلام.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تاريخ مدينة دمشق: 70/36.

(2) ويؤيد هذا الجمع ما ورد في الخصائص للنسائي: 78 أن موسى الجهني قال لفاطمة تحفظين عن أبيك شيئاً؟ قالت: لا، ولكن أخبرتني أسماء بنت عميس ـ الحديث وقد روى ثلاثة من الرواة عن موسى الجهني هذا الحديث بألفاظ متقاربة.

(3) تاريخ مدينة دمشق: 7/38.

(42)

 

حيث قال ابن عساكر بعد نقله الحديث: «رواه إبراهيم بن الحسن عن  فاطمة بنت الحسين عن أسماء بنت عميس» وهذا يجعلنا نعيد النظر في كل مروياتها إذ يمكن أن الخلط وقع بينهما وبين بنت أخيها، كما يمكن أن الخلط وقع في وفاتهما في سنة 117هـ، ولكن بالمقارنة مع رواية موسى الجهني يحمل أن قول ابن عساكر فاطمة بنت الحسين عليه السلام هو تصحيف لفاطمة بنت علي عليه السلام والله العالم، فعليه يكون إبراهيم الغمر ابن الحسن المثنى ابن الحسن السبط عليه السلام أحد الرواة عنها.

      وهناك رواية أخرى روتها فاطمة بنت علي عن أمامة بنت أبي العاص ابن الربيع العبشمية أوردها الكليني(1) بإسناده عن محمد بن يحيى عن عبد الله بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن أبان بن عثمان عن أبي بصير، عن فاطمة بنت علي عن أمامة بنت أبي العاص ابن الربيع وأمها زينب بنت رسول الله ص قالت: أتاني أمير المؤمنين علي عليه السلام في شهر رمضان فأتي بعشاء وتمر وكمأة فأكل عليه السلام وكان يحب الكمأة(2).

      ولم تصلنا روايتها من علي عليه السلام ولا من الحسن عليه السلام ولا من أمامة، كما لم يصلنا ما روي عنها من الحارث بن كعب والحكم بن عبد الرحمان ورزين بن حبيب ونافع بن عبد الرحمان وإبراهيم بن الحسن والظاهر أنه إبراهيم الغمر ابن الحسن المثنى ابن الحسن السبط ابن علي عليه السلام، وقد سبق وذكرنا بأنه روى عن فاطمة بنت الحسين عليه السلام والله العالم.

      ملاحظات لابد من الأشارة إليها توصلنا إليه من سبر ما نقلوه في ترجمة بنات الأمام أمير المؤمنين عليه السلام.

      1ـ إن أم حسين تصحيف لأم حسن، والتصحيف جاء من البيهقي، أو ممن استنسخ كتابه، ومما يؤيد ذلك أنه لم يذكرهما معاً، ولم نجد في غيره من ذكر أم حسين إلا ابن أبي الدنيا حيث ذكرها أم حسين ولم يذكر

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) الكليني: هو محمد بن يعقوب بن إسحاق الرازي (254ـ329هـ) ولد في كلين (إيران) وتوفي في بغداد، كان من أعلام الإمامية وحفاظها، له كتاب الأوائل، تفسير الرؤيا، وكتاب ما قيل في الأئمة من الشعر، عرف بكتابه الكافي.

(2) الكافي: 6/396/ح1.

(43)

 

أم حسن في بنات علي عليه السلام ومما يرجح كونها مكناة بأم حسن وجود ابن لها من جعدة المخزومي.

      2ـ إن الرواية التي يذكرها موسى الجهني: دخلت على فاطمة بنت علي وهي ابنة ست وثمانين فقلت لها: تحفظين عن أبيك شيئاً؟ قالت: لا. هي فاطمة الصغرى التي لم تكن واعية وقد وعت حياة أبيها، والخلط وقع بينها وبينهما باعتبار أنها فاطمة واحدة، ولا يخفى أن الجهني توفي سنة 144هـ، ولا نعلم متى التقاها فلابد أن يكون في وقت يناسب أن تكون ولادتها قبل عام 40هـ وهو سنة استشهاد أمير المؤمنين عليه السلام فأكثر ما يمكن قوله هو سنة 125هـ لتكون ولادتها سنة 40هـ ومن هنا يمكن تحديد عصرها بالشكل التالي (ق40ـ 125هـ) وأما إذا قيل بأن وفاتها كانت سنة 117هـ والتقاها الجهني في سنة وفاتها فلا بد وأن تكون ولادتها في حدود سنة 30هـ وهذا يعني أنها كانت على درجة من الوعي لأن عمرها عند وفاة أبيها يكون في العاشرة، وإمكان عدم سماعها أيضاً وارد. وحسب المعطيات التي ذكرناها يبدو أنها ولدت في حدود سنة 35هـ(1) فإذا كانت هي التي لم تسمع عن أبيها على ما رواه موسى الجهني وعاشت على أقل تدير 86 سنة فلابد أن تكون قد توفيت سنة 121هـ.

      3ـ إن فاطمة أم الحسن (أم الحسين) هي شقيقة رملة الكبرى من أمهما أم سعيد بنت عروة بن مسعود الثقفي(2) وقد تزوجت رملة بنت علي عليه السلام عبد الله (أبو الهياج) ابن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، فولدت له ابنين أحدهما عبد الكريم، وبنتاً كلهم درجوا. ثم تزوجها معاوية بن مروان بن الحكم(3) وهي رملة الكبرى (ن 22ـ ب 61هـ)(4).

ــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع معجم أنصار الحسين (الهاشميون): 1/259.

(2) راجع مقتل أبي الدنيا:121

(3) راجع مقتل أبي الدنيا:122.

(4) راجع معجم أنصار الحسين (الهاشميون): 1/258.

 

(44)

 

 فإذا كانت رملة من ولدت سنة 22هـ فمن المفترض أن أم الحسن (أم الحسين) قد ولدت قبيلها أو بعيدها ومن هنا يمكن روايتها من أبيها لأنها حين توفي أبوها تكون في نهاية العقد الثاني من عمرها وهكذا روايتها من أسماء التي توفيت في حدود عام 40هـ.

      4ـ يظهر من نص ابن سعد في طبقاته بعد ذكر الأزواج أنهم ماتوا حيث يقول: «وقد بقيت فاطمة بنت علي وروي عنها»(1) أي بقيت بعد وفاة أزواجها وزوجها الأخير هو المنذر وقد روت روايات مما يفهم أن للصغرى روايات أيضاً.

      5ـ يظهر من قول عنبسة العابد(2) أن الإمام الصادق عليه السلام قد رآها أنها عاشت مابين عامي 83و 148هـ فترة حياة الإمام الصادق عليه السلام وربما أريد بذلك فترة إمامته ما بين 113ـ 148هـ وهو يتطابق مع القول بأنها توفيت سنة 117هـ أو الذي اخترناه بأنها توفيت سنة 125هـ.

      6ـ يظهر من رواية الكشي(3) من قول الإمام الصادق عليه السلام لأبي الحكم من المختار الثقفي (1ـ 67هـ) نقلاً عن أبيه الباقر عليه السلام بأن، المختار كان ليسمر عند فاطمة بنت علي يمهدها الفراش ويثني لها الوسائد، ومنها أصاب الحديث»(4) أنه روى عنها، وأنها كانت تلتقي الرجال.

      7ـ ويظهر من بعض المرويات أن عمر بن عبد العزيز الأموي (61ـ 101هـ) التقاها فقال لها: «يا بنت علي، والله ما على ظهر الأرض أهل بيت أحب إلي منكم، ولأنتم إلي أحب إلي من أهل بيتي»(5) فإذاً كان قد

ــــــــــــــــــــــــــ

(1) الطبقات الكبرى: 8/466.

(2) هو عنبسة بن نجاد العابد الكاتب القاضي من أصحاب الباقر والصادق عليه السلام.

(3) الكشي: هو محمد بن عمر بن عبد العزيز (ن 250ـ ق336هـ) من علماء الإمامية، أصله من كش ما رواء النهر، كان يكنى بأبي عمرو، له كتاب في الرجال باسم «معرفة الناقلين عن الأئمة الصادقين» الذي اختصره الشيخ الطوسي وسماه «اختيار معرفة الرجال» والذي عرف برجال الكشي.

(4) اختيار معرفة الرجال: 2/340.

(5) نساء من عصر التابعين لأحمد خليل جمعة.

 

(45)

 

التقاها بعد أن تولى الأمر سنة 99هـ حينما ورد المدينة أو أنه التقاها أيام كان والياً على المدينة.

      هذا كل ما ورد عن فاطمة بنت علي عليه السلام ونظنها الصغرى أم أبيها والتي حضرت كربلاء دون الكبرى، وعليه فهي التي أسرت وأدخلت على يزيد بن معاوية الأموي في مجلسه عند إدخال عيال الحسين عليه السلام وربما يكون هذا ا أتفق عليه المؤرخون إلا أنهم اختلفوا في كونها هي التي طلبها الشامي من يزيد أم هي فاطمة الصغرى بنت الحسين عليه السلام ذهب المقرم(1) تبعاً للطبري(2) وابن كثير(3) والصدوق(4) والبحراني(5) إلى أنها هي وذهب الأكثر إلى أنها فاطمة بنت الحسين عليه السلام(6) وقد حددناها بالصغرى(7)، ومما يؤكد وجودها في كربلاء أن الإمام الحسين عليه السلام حمل كل عيالاته وعيالات أبيه وأخيه إلا من أستثني بدليل.

      وإليك جدول بالفاطمتين الكبرى والصغرى، هذا إذا قلنا بأن الكبرى هي أم حسين، وقلنا بأن أم حسن وأم حسين متحدتان وهو من التصحيف. وإلا كان هناك ثلاث بنات هن: أم الحسن وأم الحسين فاطمة الكبرى وأم أبيها فاطمة الصغرى والله العالم بحقائق الأمور.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مقتل الحسين للمقرم: 256.

(2) تاريخ الطبري: 6/265.
(3) البداية والنهاية: 8/192.

(4) أمالي الصدوق: 141(مجلس 31).

(5) عوالم العلوم: 396.

(6) مثير الأحزان: 54، مقتل الحسين للخوارزمي: 2/62.

(7) معجم أنصار الحسين (النساء): 1/223.

(46)

 

 

 

(47)

 

 

(48)

 

(66)

 

فاطمة بت عقبة الخزرجية

ن 7ـ ب 61هـ = 628 ـ 680م

 

هي: فاطمة بنت عقبة بن عمرو بن ثعلبة بن أسيرة بن عسيرة بن عطية بن جدارة بن عوف بن الحارث بن الخرزج الأنصارية(1).

      وأمها: لم نحصل على اسمها.

      وفاطمة بنت عقبة الخزرجية عرفت بكنيتها أم بشير ـ على زنة فعيل ـ(2)، كما عرف أبوها بكنيته (أبو مسعود)، والظاهر أن هذه مجرد كنية ولا تعني بأنها كانت قد أنجبت بشيراً فكنيت به، ويظهر من تسمية أبيها لأخيها بشير أنه كان يجب هذا الاسم فسمى أحد أبنائه ببشير وكنى أحدى بناته بأم بشي وهي فاطمة هذه، وأخوها بشير ولد في المدينة في في آخر حياة الرسول ص أو بعيده بقليل على ما أورده ابن حجر العسقلاني(3)، وربما كانت ولادته عام 11هـ، ولكن في أوائله أي في حياة الرسول ص، أو في أواخره (أي بعد وفاة الرسول ص) فهذا ما اختلف فيه، ومن هنا يعلم بأن أخته أم بشير فاطمة ولدت على الظاهر بعده أي في حدود عام 12هـأو 13هـ في المدينة(4).

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) تهذيب التهذيب: 4/157.

(2) بشير: فعيل على زنة الصغير بشير، وجاء في معالي السبطين: 2/235، أم بشر مكبراً ولكن الأكثر على أنها مصغرة (بشير)، والظاهر من التصحيف، كما أنه ذكر أباها باسم مسعود والظاهر أ، كلمة «أبو» سقطت، كما أنه لقبه بالأنصاري ونسب الخزرجي إلى القيل، مما لا يتنافى أن يكون من خزرج ومن الأنصار، وهم في قمة الأنصار.

(3) ابن حجر العسقلاني: مرت ترجمته هامش 1ص:35.

(4) تهذيب التهذيب: 1/294.

(49)

 

      وأما أبوها أبو مسعود عقبة الخزرجي المدني الأنصاري فيبدو أنه أسلم قبل حدث العقبة أي السنة الأولى قبل الهجرة(1)، وكانت أول مشاهده بدر عام 2هـ، ومن كونه شارك في بدر(2) يفهم أنه كان من الرجال بل الفتيان، وقد لقب بالبدري كما أنه شهد أحداً وسائر مشاهد الرسول ص، ويبدو أنه تزوج في أواخر العقد الثاني من الهجرة حيث إن زوجته أنجبت له بشيراً في عام 11هـ، ومن هنا يمكن معرفة حدود ولادته، من أنه كان أصغر من شهد العقبة وظهور فتوته أيام بدر، وإنجاب زوجته له بشيراً عام 11هـ، أنه ولد في حدود عام 20قبل الهجرة.

      وأما عن وفاته فقد ذكر بأنه توفي في الكوفة عام أربعين من الهجرة وهي السنة التي توفي فيها علي عليه السلام(3) فيكون عمره في حدود سنتين حين وفاته.

      وكان عقبه الخزرجي مع علي عليه السلام بعد وفاة الرسول ص، وخلفه على الكوفة لما سار إلى صفين(4)، وله معه حوار يدل على ولاء الرجل وكماله، ومما قاله قبل أن يتوجه الإمام علي عليه السلام إلى صفين من الكلام المنظوم ـ من الخفيف ـ:

بكت الأرض والسماءُ على الشا          خص منا يريد أهل العراق

يا وزير النبي قد عظم الخطب           وطعم الفراق مر المذاق

وإذا القوم خاصموك فقوم          ناكسو الطرف خاضعوا الأعناق

ــــــــــــــــــــــــــ

(1) جاء في مستدركات علم رجال الحديث: 5/250 أنه كان أصغر أصحاب العقبة السبعين، والعقبة هذه كانت في السنة الثالثة عشرة من البعثة في مكة حين اجتمعوا عند جمرة العقبة، وكان أول اجتماع لأهل المدينة من ثلاثة أشخاص في سنة 11هـ من البعثة والثانية كانوا 12شخصاً عام 12من البعثة وسميت هذه بالعقبة الأولى، والثالثة كانت في أيام التشريق بمنى أيضاً وهو 73نفراً، منهم امرأتان وكان منهم أبو مسعود ـ راجع معارف ومعاريف: 4/1573.

(2) وقعت معركة بدر الكبرى في 17 رمضان 2هـ.

(3) تهذيب التهذيب: 4/157.

(4) مستدركات علم رجال الحديث: 5/249 عن بحار الأنوار: 42/408.

(50)

 

لا يقولون إذ تقول وإن       قلت فقول المبرز السباق

فعيون الحجار تذرف بالدمع       وتلك القلوب عند التراقي

فعليك السلام ما ذرت به الشمس         ولاح السراب بالرقراق(1)

      وبالنسبة إلى كنيته «أبو مسعود»، فالظاهر أنه مجرد كنية وليس له ابن باسم مسعود، وحسب ما تتبعنا لم نجد له من الأولاد أكثر من بشير وأم بشير.

      ويروى أن أبا مسعود كان يضرب غلاماً له فسمعه الرسول ص من خلفه: أعلم أبا مسعود اعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك عليه، فالتفت فإذا هو النبي ص فقال: يا رسول الله هو حر لوجه الله، فقال ص: أما لو لم تفعل للفعتك النار(2).

      ولنعد بالحديث عن ابنته فاطمة فإنها كانت ولادتها في حدود عام 12هـ فإنها في العام 22هـ تصلح للزواج، وفي عام 26هـ تصلح للإنجاب، فمتى دخلت بيت الإمام الحسن عليه السلام، ومتى أنجبت له زيداً(3) وأم الحسن(4) ـ كما في المعارف(5)ـ لابن قتيبة(6)، وأم الحسين ـ كما في الأعلام للطبرسي(7) ـ،

ــــــــــــــــــــــــــ

(1) بحار الأنوار: 32/69.

(2) بحار الأنوار: 71/142.

(3) جاء في معالي السبطين: 2/236 أن زيداً أمه أم ولد وذكر له شقيقة عبد الرحمان وأم الحسين، ولكن هذا يتنافى مع ما تقدم بأن أخت أحمد التي أمها أم بشير أخته أم الحسن وأم الحسين، إلا إذا ذهب إلى الإمام الحسن عليه السلام له ابنتان باسم أم الحسين وأم الحسين، إلا إذا ذهب إلى أن الإمام الحسن عليه السلام له ابنتان باسم أم الحسين وهذا مستبعد، وفي لباب الأنساب: 1/343 ذكر أن أم عبد الرحمان هو حبيبة المغربية وهي أم ولد.

(4) الأعلام: 1/416، والإرشاد للمفيد.

(5) راجع المعارف لابن قتيبة: 212.

(6) ابن قتيبة: هو عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (213ـ 276هـ) ولد في الكوفة وتوفي في بغداد، كان من أعلام، من آثاره: غريب القرآن، غريب الحديث، وجامع الفقه.

(7) الطبرسي: هو الفضل بن الحسن بن الفضل المتوفى سنة 584هـ في سبزوار ونقل جثمانه إلى مشهد الإمام الرضا عليه السلام، كان من أعلام الإمامية، من آثاره: مجمع البيان، الآداب الدينية، وشواهد التنزيل.

(51)

 

وأم الخيرـ كما في الطبقات(1) لابن سعدـ(2) وقد سبق وقلنا بأن أحمد بن الحسن عليه السلام أيضاً أمه أم بشير فاطمة بنت عقبة(3) وأن ولادته كانت في المدينة سنة 44هـ.

      كل ذلك يجعلنا نمحص متى ولد هؤلاء، ولكي نصل الى الساحل لابد من أن نستنطق النصوص. وقد جاء في لباب الأنساب: إن زيداً اكبر سناً من الحسن المثنى(4) وهو كذلك حيث ولد زيد بن الحسن عليه السلام عام 20هـ، وأما الحسن المثنى فقد ولد عام 39هـ(5)، وكذلك إذا قيل بان أم الحسن والحسين ابنتا الحسن عليه السلام سحقتا عند هجوم خيل ابن سعد على خيام الحسين عليه السلام يوم عاشوراء بعد مقتله وهما صغيرتان، فمعنى ذلك أن أم بشير فاطمة كان أكبر أولاده زيد وقد ولد عام 20هـ، وأصغر أولادها أم الحسن وقد ولدت على أبعد التقادير عام 49هـ، فلا بد أن يكون زواج أمهما فاطمة بنت عقبة الخزرجية على أكثر التقادير عام 19هـ، ولا بد أن تكون آنذاك في سن من تحيض بمعنى أن ولادتها يحتمل أن تكون في حدود السنة الخامسة للهجرة، ولكن سبق وقلنا إن بشير بن عقبة كانت ولادته عام 11هـ، مما لابد من القول بأنها أي أخته فاطمة بنت عقبة لا بد وأن تكون أكبر من زيد بن الحسن عليه السلام، ومن هنا فإن زواج أبي مسعود وعقبة لابد وأن يكون في حدود منتصف العقد الأول من الهجرة أو في النصف الثاني منه، وإذا تقرر هذا فمعنى ذلك، أن ولادة ابنته تكون بعد السادسة من الهجرة، وزواجها من الإمام الحسن عليه السلام يكون في عام 19هـ، والله العالم بحقائق الأمور.

      وما ورد في المناقب(6) أن أم بشير أنجبت للإمام الحسن عليه السلام، العقيل

ـــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هامش بحار الأنوار: 44/169 عن الطبقات الكبرى.

(2) ابن سعد: مرت ترجمته هامش 3 ص 30.

(3) معجم أنصار الحسين (الهاشميون): 1/390.

(4) لباب الأنساب: 1/324.

(5) راجع ترجمتها في فصل معجم الأنصار الهاشميين حرف الحاء وحرف الزاي.

(6) راجع بحار الأنوار: 44/168 عن مناقب آل أبي طالب لابن شهر أشوب.

(52)

 والحسن فهو لا يتوافق مع مشهور المؤرخين، ولكن وقع اختيارنا على أنها أنجبت للإمام الحسن عليه السلام أحمد بن الحسن عام 44هـ(1).

      وما يهمنا هنا هو أن أم بشير فاطمة بنت أبي مسعود عقبة الخزرجية حضرت كربلاء ومعها أولادها زيد الذي أسر وأحمد الذي قتل، وأم الحسن وأم الحسين اللتان سحقتا بخيل الجيش الأموي(2) حين هجم على خيام أبي عبد الله الحسين بعد مقتله عليه السلام.

      ويبدو والله العالم أن الإمام الحسين عليه السلام كان قد تكفل بكل عيال أخيه الإمام الحسن عليه السلام منذ رحيله عام 50هـ فكانت أم بشير فاطمة الخزرجية وأولادها زيد وأحمد وأم الحسن وأم الحسين في عيالة الإمام الحسين عليه السلام.

      أما زيد فقاتل مع الحسين عليه السلام حتى جرح وأسر، وأما أحمد فأستشهد، وأما أم الحسن وأم الحسين فقد سحقتا في كربلاء، وأما أمهم أم بشير فالظاهر أنها بقيت على قيد الحياة، ولم نعرف عن خبرها شيئاً، وكان عمرها يون وقعة الطف نحو 53 عاماً، ولم يذكر أنها تزوجت بعد وفاة الإمام الحسن عليه السلام، وحسب الظاهر أنها توفيت في المدينة بعد واقعة الطف، ودفنت في البقيع.

      فعلى ما تقدم من الآراء فالأولاد المنسوبون إليها هم:

      1ـ زيد (20ـ120هـ).

      2ـ أم الخير (...ـ...هـ).

      3ـ أحمد (44ـ 61هـ).

      4ـ أم الحسن (ن 47ـ61هـ).

      5ـ أم الحسين (49ـ 61هـ).

ـــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع ترجمته في معجم الأنصار (الهاشميون) من هذه الموسوعة.

(2) راجع وسيلة الدارين: 345 عن كتاب التجريد للذهبي.

(53)

 

 

(54)

 

 

(67)

 

فاطمة الكبرى بنت الحسين الهاشمية

20ـ 110هـ = 631ـ 728م

      هي ابنة الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمية(1).

      أمها: الرباب بنت أمرىء القيس بن عدي بن أوس الكلبية (6ـ62هـ).

      أم الرباب: هند الهنود بنت الربيع بن مسعود بن حصاد الكلبية.

      أم أبيها: فاطمة بنت الرسول محمد ص الهامشية.

      أشقاؤها: لها شقيقتان وشقيق واحد.

      1ـ سكينة (42ـ117هـ) زوجة عبد الله الأكبر ابن الحسن عليه السلام.

      2ـ رقية (57ـ 61هـ) التي ماتت حزناً على أبيها في دمشق.

      3ـ عبد الله (61ـ 61هـ) الذي ولد يوم عاشوراء واستشهد في كربلاء.

      ومما يظهر من كتب السيرة والتاريخ بشكل عام حضور فاطمتين من بنات الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء، وقد ذهب أكثر أرباب المقاتل والسير وبعض أرباب النسب إلى أن الإمام الحسين عليه السلام كان له فاطمتين(2) وخلال ترجمة الفاطمتين ظهرت لنا فاطمة أخرى لتكون الثالثة.

ــــــــــــــــــــــــــ

(1) وقد سبق في ترجمته الصغرى في الجزء الماضي: 215ما ورد في هامش إمام حسين در إيران: «أنها كانت تسمى بحور العين» ولكن الكتاب غير معتمد.

(2) راجع كشف الغمة: 2/39، معالي السبطين: 2/214 عن مشارق الأنوار ودرر الأصداف.

(55)

      أن تحديد سنة ولادتها يعتمد على القول الذي ذهب بأن الكبرى عاشت تسعين سنة(1) بالجمع مع القول بأنها توفيت سنة 110هـ أو 111هـ(2) فإذا طرحنا (90) من (110) كان الحاصل (20) وهو سنة ولادتها، في قبال القول الآخر أنها توفيت سنة 117هـ(3) بالجمع مع القول بأنها توفيت ولها من العمر نحو سبعين(4) فإذا كانت أم الصغرى قد تزوجت في سنة 50هـ فإنها في سنة وفاتها تكون على مشارف السبعين، وفي قبال قول آخر أنها توفيت سنة 126هـ(5) مع الجمع بأن الوسطى كانت أصغر من سكينة التي ولدت سنة 42هـ، ولكنها لم تكن بحيث تخرج من كونها ترباً لمقارنتها معاً فالقول بأن ولادة الوسطى كانت قبل الخمسين هو المتعين، وبما أن في كلام المازندراني إشارات إلى أنها وجعفر شقيقان فالقول بأن أم الوسطى هي ملومة القضاعية وراد، ويبقى القول بأن أم الكبرى هي الرباب هو الأنسب من حيث تسلسل زوجات الإمام الحسين عليه السلام والمعطيات التي لدينا، راجع تفاصيل ذلك في ترجمة محسن بن الحسين عليه السلام(6) وسنأتي على بعض التفاصيل في ترجمة زينب بنت الحسين عليه السلام.

      والذي لم نتمكن من الحصول عليه هو التعرف على شريك حياة فاطمة الكبرى، وفي الواقع فإن في مسألة الزواج أمرين هما: الزوج، والأولاد، وبالنسبة إلى احتمال عدم الإنجاب أو أنهم درجوا صغاراً ولم يعقبوا وارد، وأرباب النسب عادة يهتمون بالمعقبين وبالذكور.

      وأما بالنسبة إلى الأول فأكثر الظن إذا ما صح وجودها والذي نرجحه.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) جاء في تهذيب التهذيب: 6/610.

(2) راجع هامش تهذيب التهذيب: 6/610عن الكاشف للذهبي، كما ورد في الطراز المذهب: 2/562.

(3) راجع مرآة الجنان: 1/234.

(4) هامش أعلام النساء: 4/47 عن مرآة الجنان أنها عاشت سبعين سنة.

(5) أعلام النساء: 2/224، بتقرب أن المراد منها فاطمة دون سكينة وإنما هناك خلط حصل من قولهم إنهما توفيتا في سنة واحدة فاختلطت الفواطم بسكينة.

(6) معجم أنصار الحسين (الهاشميون): 3/72.

(56)

 

كما صرح بذلك الكثير من المؤرخين أنه تم بين بني عقيل أو بني جعفر أو بني الحسن عليه السلام، ومع الأسف لحد كتابه هذه الأوراق لم نتمكن من تحديد ذلك، وربما التاريخ يكشف لنا في المستقبل القريب بعض الغموض الذي مورس عن عمد في حق آل الرسول ص.

      وسنأتي على بيان بعض التفاصيل في مسألة تعدد الفواطم في ترجمة فاطمة الوسطى إن شاء الله تعالى.

      وهنا لا بد من ذكر بعض المعطيات من خلال الأحداث التي مرت بآل الحسين عليهم السلام من جراء الاضطهاد الأموي لنضع النقاط على الحروف للتمييز بين الفواطم الثلاث فنقول:

      ومما يناسب من الأحداث التي واكبت الأسر أن فاطمة الكبرى بنت الحسين هي التي ألقت الخطبة البليغة في الكوفة أمام الحشد الذي تجمهر حول الأسرى من أهل بيت الرسالة والتي نصها كالتالي:

      «الحمد لله عدد الرمل والحصى، وزنة العرش إلى الثرى، أحمده وأومن به وأتوكل عليه، واشهد أن لا إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمد ص عبده ورسوله، وأن ذريته ذبحوا بشط الفرات بغير ذحل ولا ترات(1).

      اللهم إني أعوذ بك أن أفتري عليك الكذب، وأن أقول عليك خلاف  ما أنزلت من أخذ العهود لوصية علي بن أبي طالب عليه السلام، المسلوب حقه، المقتول بغير ذنب ـ كما قتل ولده بالأمس ـ في بيت من بيوت الله، فيه معشر مسلمة(2) بألسنتهم، تعساً لرؤوسهم، ما دفعت عنه ضيماً في حياته ولا عند مماته، حتى قبضته إليك محمود النقيبة، طيب العريكة، معروف المناقب، مشهود المذاهب(3)، لم تأخذه في الله لومة لائم ولا عذل عاذل، هديته يا رب للإسلام صغيراً، وحمدت مناقبه كبيراً، ولم يزل ناصحاً لك ولرسولك صلواتك عليه وآله حتى قبضته إليك، زاهداً في الدنيا، غير

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الذحل: الثأر: والتراث: الثأر وإدراك الدم.

(2) مسلمة: صفة على صيغة المؤنث لاسم الجمع «معشر».

(3) معروف المواقف.

(57)

 

حريص عليها، راغباً في الآخرة، مجاهداً لك في سبيلك، رضيته فاخترته وهديته إلى صراط مستقيم.

      أما بعد، يا أهل الكوفة، يا أهل المكر والغدر والخيلاء(1)، فإنا أهل بيت ابتلانا الله بكم، وابتلاكم بنا، فجعل بلاءنا حسناً، وجعل علمه عندنا وفهمه لدينا، فنحن عيبة علمه ووعاء فهمه وحكمته وحجته على أهل الأرض في بلاده لعباده، أكرمنا الله بكرامته وفضلنا بنبيه محمد ص على كثير ممن  خلق تفضيلاً بيناً.

      فكذبتمونا، وكفرتمونا، ورأيتم قتالنا حلالاً وأموالنا نهباً، كأننا أولاد ترك أو كابل، كما قتلتم جدنا بالأمس، وسيوفكم تقطر من دمائنا أهل البيت، لحقد متقدم، قرت بذلك عيونكن، وفرحت قلوبكم، افتراء على الله ومكراً مكرتم، والله خير الماكرين.

      فلا تدعونكم أنفسكم إلى الجذل بما أصبتم من دمائنا ونالت أيديكم من أموالنا، فإن ما أصابنا من المصائب الجليلة والرزايا العظيمة في كتاب من قبل أن نبرأها، إن ذلك على الله يسير، لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما أتاكم، والله لا يحب كل مختال فخور.

      تباً، لكم فانتظروا اللعنة والعذاب، فكأن قد حل بكم، وتواترت من السماء نقمات، فيسحتكم بعذاب ويذيق بعضكم بأس بعض ثم تخلدون في العذاب الأليم يوم القيامة بما ظلمتمونا، إلا لعنة الله على الظالمين.

      ويلكم، أتدرون أية يد طاعنتنا منكم؟! وأية نفس نزعت إلى قتالنا؟! أم بأية رجل مشيتم إلينا تبغون محاربتنا؟!.

      قست والله قلوبكم، وغلطت أكبادكم، وطبع على أفئدتكم، وختم على أسماعكم وأبصاركم، وسول لكم الشيطان وأملى لكم وجعل على بصركم غشاوة فأنتم لا تهتدون.

      فتباً لكم يا أهل الكوفة، أي ترات لرسول الله ص قبلكم وذحول له

ــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الخيلاء: العجب والكبر.

(58)

 

لديكم بما عندتم بأخيه علي بن أبي طالب عليه السلام جدي وبنيه وعترة النبي الأخيار صلوات الله وسلامه عليهم، وافتخر بذلك مفتخركم فقال:

قد قتلنا عليكم  وبنيه          بسيوف هندية ورماح

وسبينا نساءهم سبي ترك    ونطحناهم فأي نطاح(1)

      بفيك أيها القائل الكثكث والأثلب(2)، افتخرت بقتل قوم زكاهم الله وأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، فاكظم واقع كما أقعى أبوك، فإنما لكل امرء ما أكتسب وما قدمت يداه.

      أحسدتمونا ويلاً لكم على ما فضلنا الله عليكم.

فما ذنبنا إن جاش دهراً بحورنا          وبحرك ساج لا يواري الدعامصا(3)

      ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم، ون لم يجعل الله له نوراً فما له من نور(4).

      ورغم أن صاحب الملهوف وصفها بالصغرى إلا أنه من الخلط بين ابنة الرباب الكبرى وبين إبنة أم إسحاق (الصغرى) والذي نحن بصدد رفع الالتباس عن سيرتيهما، وقد سبق الحديث عن ذلك في ترجمة فاطمة الصغرى، والقول بأن هذه الخطبة للصغرى مستبعد لأنها كانت في العاشرة من عمرها ولا مجال للقول بأنها كانت أكبر من ذلك لأن أم الصغرى لما أرملت من الإمام الحسن عليه السلام تزوجها الإمام الحسين عليه السلام، رغم أننا لا نستبعد صدور مثل هذه الخطبة من صغار هذا البيت الشريف الذي نشأت البلاغة في أكنافها حيث إن صغارهم في العمر كبار في العلم والمعرفة والأخلاق والآداب، ولكن مع وجود أخرى أكبر منها فلماذا تناسي دورها.

ــــــــــــــــــــــــــ

(1) البيتان من بحر الخفيف، ولعلهما لعمر بن سعد الزهري المتوفى سنة 66هـ راجع ديوان القرن الأول:1/112.

(2) الكثكث: فتات الحجارة، والتراب، وكذلك الأثلب.

(3) البيت من بحر الطويل للأعشى ميمون بن قيس القيسي والوائلي المتوفى سنة 7هـ وهو يهجو علقمة بن علاقة الكلابي المتوفى سنة 20هـ، استشهدت به، راجع الصحاح: 3/1040. الدعموص: دويبة تغوص في الماء.

(4) الملهوف: 194، وعنه الاحتجاج: 2/104 وعنهما بحار الأنوار: 45/110.

(59)

 

      وأما القول بأن الخطبة هي لفاطمة بنت علي بن أبي طالب عليه السلام فلا مجال في ذلك وصفت علياً عليه السلام بكونه جدها، إلا إذا قيل إن قولها «جدي» تصحيف «أبي» ولا يقبل به أحد وما وردت نسخة بذلك.

      ومما يناسبها وقد وصفت بالكبرى مسألة استيداع الإمام الحسين عليه السلام لها بعض الودائع قبل استشهاده فقد روى الإمام أبو جعفر محمد الباقر عليه السلام قال: «إن الحسين بن علي عليه السلام لما حضره الذي حضره، دعا ابنته الكبرى فاطمة بنت الحسين عليه السلام فدفع إليها كتاباً ملفوفاً ووصية ظاهرة وكان علي بن الحسين عليه السلام مبطوناً معهم لا يرون إلا أنه لما به(1)، فدفعت فاطمة الكتاب إلى علي بن الحسين عليه السلام ثم صار والله ذلك الكتاب إلينا»(2).

      ويظهر أن الإمام الحسين عليه السلام دفع إليها ما كان حمله معه الى العراق وإلا فإنه سلم غيره إلى أم سلمة(3) زوجة الرسول ص لتسلمه إلى الإمام زين العابدين عليه السلام كما ورد بذلك بعض الروايات(4).

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) لما به لمواً: أخذه بأجمعه وأثر فيه.

(2) راجع الكافي: 1/303 وقد رواه أبو الجارود زياد بن المنذر الهمداني، فقال أبو جارود للإمام الباقر عليه السلام.

      ما في ذلك الكتاب جعلني الله فداك؟ قال: فيه والله ما يحتاج إليه ولد آدم منذ خلق الله آدم إلى أن تفنى الدنيا، والله إن فيه الحدود، حتى أن فيه أرش الخدش.

      وفي رواية أخرى روى أبو الجارود عن أبي جعفر محمد الباقر عليه السلام قال: لما حضر الحسين عليه السلام ما حضره، دفع وصيته إلى ابنته فاطمة ظاهرة في كتاب مدرج، فلما أن كان من أمر الحسين عليه السلام ما كان، دفعت ذلك إلى علي بن الحسين عليه السلام، قلت له: فما فيه ـ يرحمك الله ـ ؟ما يحتاج إليه ولد آدم منذ كانت الدنيا إلى أن تفنى.

(3) أم سلمة: هي هند بنت الحارث(23ق.هـ ــ 61هـ) تزوجت أولاً أبا سلمة عبد الله بن عبد الأسد، ثم تزوجها الرسول ص بعد وفاة زوجها في السنة الثانية للهجرة، توفيت في المدينة ودفنت في البقيع، وكانت من خيار زوجاته ص.

(4) جاء في الكافي: 1/304، روى أبو بكر الحضرمي عن أبي عبد الله جعفر الصادق عليه السلام أنه قال: إن الحسين صلوات الله عليه لما صار إلى العراق استودع أم سلمة رضي الله عنها الكتب والوصية، فلما رجع علي بن الحسين عليه السلام دفعتها إليه، راجع أيضاً بصائر الدرجات: 204.

(60)

 

      إذ من المتوقع جداً أن تكون الودائع عند الكبرى كما وصفت في الرواية.

      وما يقال في عدم صحة استيداع الإمام الحسين عليه السلام لبعض الودائع لابنته فاطمة(1) لا يعار أهمية، إذ يبدو أن المستشكل قليل الخبرة بكتاب الكافي حيث استشكل بأن قوله في سلسلة سنده «عدة من أصحابنا» فإمره محسوم لتصريحه بنفسه في مكان آخر بالمراد من هم تلك العدة، وإنما لم يذكرهم للاختصار، وما ورد في المقدمة من قبل المحقق إنما جاء نقلاً عن المؤلف، وأما حديثه عن عدم وثاقة الراوي(2) فإنه يستند إلى روايات مرسلة وهذا أمر غريب بحيث يستدل على ضعف الرواية براوية ضعيفة، ومن جهة أخرى فإن مسألة الوثاقة وعدمها من الأمور التي ترتبط بالمباني ولا يمكن التعويل على قول وتعميمه فإنها مسألة اجتهادية لابد لكل فقيه الاجتهاد في ذلك، وفي نهاية الأمر فإن المسألة قد بحثها بعض الأعلام(3) فليراجع.

      ومن المؤسف جداً فإن المستشكل يذكر الأقوال التي أوردها أعلام الإمامية ولا ينظر إلى خواتيمها، ولا يدرك بأنهم إنما أوردوا الأقوال لمناقشتها وعليه أن ينظر إلى النتائج والحصيلة التي توصل إليها المناقش، وهذه الطريقة في النقل والادعاء غير علمية ولا يمكن الاعتماد على شبهاتها.

      كما من الضرورة هنا بيان أمرين، الأول : أن عقيدة الراوي لا دخل لها بوثاقته أو عدم وثاقته بل المهم أن يكون صدوقاً مع سائر الشروط التي ترتبط بالنقل(4)، والثاني أن انتقاد الرجل في عقيدته لا يعني إسقاطه من الوثاقة، ولذا كان لزاماً على المستشكل أن يكون بدرجة من الوعي والفقاهة ليتمكن من التمييز.

      وأخيراً لا بد من دراسة الوضع الأمني والسياسي في مثل هذه الأمور

ـــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع كتاب فاطمة بنت الحسين درة فواطم أهل البيت: 103ـ 107.

(2) أبو الجارود زياد بن منذر.

(3) هو أستاذنا السيد أبو القاسم الخوئي في معجم رجال الحديث: 7/321ـ 327.

(4) راجع ما فصلنا في الحسين في السنة: 1/114.

(61)

 

التي كان يعيشها أهل البيت عليهم السلام في أجواء النهضة الحسينية واضطهاد بني أمية لهم: فإن تصور المستشكل تلك الحالة لسوء هضمه مسألة عدم المنافاة بين الروايات حيث إن الإمام الحسين عليه السلام وزع ما لديه بين عدد من ذويه كي لا يتمكن العدو من أقتنائها، وأما اقتراحه بأن يعطى للإمام زين العابدين عليه السلام وعدم منافاة علته لتحمل الأمانات، فالحق يقال: إنه بعيد كل البعد عن الأجواء التي كان أهل البيت عليه السلام يعيشونها، وما كان السجاد عليه السلام والمسافرات هو الحفاظ على هذه الودائع، وأرى أن المشكل في المستشكل عدم فهمه واقع الإمامة، ولا بد عليه فهم ذلك أولا ليستوعب سائر الأمور ثانياً.

      وأما عن محتوى الودائع وأنه ينافي القرآن فهذا لا يليق بمثله إن كان من العلماء والمحققين لأن القرآن الكريم بحاجة إلى التفسير والاستنباط فمن أين لنا فهم الكثير من السنن التي نعمل بها ألا في السنة وأضنه يردد المقولة حسبنا كتاب الله، وكأنه يريد أي يستغني عن السنة تماماً.

      وأخيراً تجنبنا هنا إيراد نصوصه والبحث عنها بإسهاب لأنها مدروسة في باب الشبهات فلا نكرر.

      هناك روايات نرجح أن تكون من مرويات فاطمة الكبرى دون الصغرى وهي كالتالي:

      1ـ حديث الرسول ص ودخوله الجنة(1).

      وذلك لأن الباقر عليه السلام روى عن فاطمة بنت الحسين عن أبيها (الحسين ع)، وعن عمها الحسن بن علي عليه السلام وبما أن فاطمة الصغرى ولدت بعد وفاة الإمام الحسن عليه السلام فلا يمكن نسبتها إليها بل إلى الكبرى.

      بالإضافة إلى روايات سبق أن أشرنا إليها في ترجمة فاطمة الصغرى بأنها لا يمكن البت في نسبتها إلى إحدى الفواطم بالتحديد إذ احتمال.

ــــــــــــــــــــــــ

(1) بحار الأنوار: 8/139، 27/120، وفضائل أمير المؤمنين لابن شاذان112، والمناقب للخوارزمي: 32.

(62)

 

النسبة إلى كل واحدة منهم متساو ولم نتمكن أن نرجح إحدى الكفين كالرواية عن عائشة وأسماء بنت عميس وما إلى ذلك إلا بالقول بسقوط الوسيط وهو أبوها الحسين عليه السلام فلو قلنا بعدم الوسيط في مورد ما يمكن نسبة ذلك إلى الكبرى.

      ومن جهة أخرى فإن زواج كل من الكبرى والوسطى مورد تساؤل من جهة أن مثل هذا البيت الشريف يعارض العنوسة من جهة وأن الأشراف كانوا يتمنون التصاهر معهم، وعليه فلا يمكن القول بأن الكبرى والوسطى لم تتزوجا، ولكن من جهة أخرى لم نجد من تعرض لزواجهما، ولعل الزواج تم بين بني أعمامهما أولاد الإمام الحسن عليه السلام أو أولاد أعمام الأب بني عقيل وبني جعفر، ولكن عدم التطرق إلى ذلك أو عدم حضور الأزواج كربلاء يبقى أمراً غريباً والقول بأنهما ماتتا صغيرتين غير وارد أصلاً، والقول بعدم وجود عقب وارد، وأما القول باتحاد الفواطم أمر مستبعد ترفضه المعطيات كما عرفت.

      وفي ختام الحديث عن الفواطم لا بأس بالإشارة إلى الأشعار التي وردت منسوبة إلى ابنة الحسين عليه السلام المسماة بفاطمة.

      وردت ثالثة أبيات من الطويل على قافية الدال المضمومة منسوبة في مصدرها إلى فاطمة الكبرى بنت الحسين عليه السلام أنشأتها في آخر خطبتها في الكوفة(1).

      كما وردت قصيدة من ثمانية عشر بيتاً من الطويل على قافية النون المضمومة منسوبة في مصدرها إلى فاطمة الكبرى، أنشأتها حين أرادوا الرحيل من كربلاء(2). وأما القصيدة البائية التي تتعلق بنعي الغراب فقد نسبت إلى فاطمة (الوسطى) التي بقيت في المدينة وسيأتي الحديث عنها.

      هذا وقد ورد في بعض المصادر أن فاطمة بنت الحسين عليه السلام سافرت مع عمتها زينب الكبرى بنت فاطمة الزهراء عليه السلام إلى مصر، ولعلها كانت هذه هي الكبرى، وإذا ما رجعت فلعلها رجعت إلى المدينة بعد سنة 62هـ

ــــــــــــــــــــــ

(1) ديوان القرن الثاني: 74من الموسوعة هذه عن المفيد في ذكر السبط الشهيد: 138.

(2) ديوان القرن الثاني: 203 من الموسوعة هذه عن أسرار الشهادة: 461.

(63)

 

لتتوفى في المدينة وتدفن في البقيع على الأرجح والنص المروي عن الإمام الصادق عليه السلام عن أبيه عن الحسن المثنى ابن الحسن السبط لما خرجت عمتي زينب من المدينة خرجت معها من نساء بني هاشم فاطمة ابنة عمي الحسين عليه السلام وأختها سكينة(1).

ــــــــــــــــــــــــــ

(1) أخبار الزينبيات: 119.

(64)

 

(68)

فاطمة الوسطى بنت الحسين الهاشمية

ق 50ـ 126هـ = 670ـ 743م

 

      هي فاطمة الوسطى بنت الحسين علي بن أبي طالب الهاشمية.

      وأمها: ملومة(1) البلوية القضاعية(2).

      وفي بعض المصادر ذكر بأن كنية فاطمة بنت الحسين عليه السلام هي أم سلمة(3) وفي الواقع أنه لم يحدد أي الفواطم ولكن هو مجرد احتمال أن تكون المعروفة بالصغرى، والتي في تقسيماتنا وصفت بالوسطى(4).

      إنما تم كون أمها ملومة بمقتضى الفترة الزمنية بالنسبة إلى زواج الإمام الحسين عليه السلام ومعطيات أخرى سنأتي عليها.

      الظاهر أن الإمام الحسين عليه السلام والذي كان يحب أمه فاطمة الزهراء عليها السلام حباً جماً سمى ثلاثاً من بناته باسمه، حيث إن الأحداث والوقائع والتواريخ أوصلتنا إلى هذا الاستنتاج، والذي سنعبر عنهن بوصف الكبرى والوسطى والصغرى وإن كان المؤرخون والنسابة لم يصفوهن بذلك حيث اختلط عليهم الأمر على الظاهر، مما سبب الاختلاف في النسب والعمر والأحداث المرتبطة بكل منهن لتجمع في مكان واحد وتظهر بصورة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ويقال إن اسمها سلافة أو قلوبة ولا يخفى أن الثاني تصحيف عم ملومة، وأما الأول فهو من الخلط بينها وبين اسم شاه زنان أو إحدى إماء الحسين عليه السلام.

(2) نسبة إلى بلى بن عمرو بن الحاف (ابن قضاعة).

(3) رحلة ابن بطوطة (تحفة النظار): 77.

(4) إذا صح ذلك ربما كنيت بأم سلمة لأنها استودعت بعض ودائع النبوة والإمامة حين رحل الإمام الحسين عليه السلام إلى كربلاء.

(65)

 

متناقضة، وقد أراح بعضهم نفسه وذكر الأقوال باعتبارها اختلافاً في الرواية أو النقل.

      فالصغرى هي التي كانت مريضة أيام سفر أبيها الحسين عليه السلام إلى كربلاء، فأودعها أبوها عند أم سلمة ـ زوجة الرسول ص ـ في المدينة على ما قيل لعدم تحملها متاعب السفر، وما سيحل عليهم في كربلاء من مآس ثم الأسر، ورغم أنها لم تحضر كربلاء فقد ترجمناها لأن هناك من ذكر بأن فاطمة الصغرى حضرت كربلاء فقد ترجمناها لأن هناك من ذكر بأن فاطمة الصغرى حضرت كربلاء لتكون التي تركت عند أم سلمة هي الوسطى.

      ولكن جاء في معالي السبطين لدى عده أولاد عم الإمام الحسين: «وعون بن جعفر بن أبي طالب: أمه أسماء بنت عميس التي خلفها الحسين في المدينة عند بنته فاطمة الصغرى حين مجيئة إلى العراق»(1) ولا يخفى أن أسماء بنت عميس الخثعمية توفيت نحو عام 40هـ(2)، ولم أجد من ذكر بأنها بقيت على قيد الحياة حتى مقتل الإمام الحسين عليه السلام وكانت في آخر عمرها عليلة على ما يفهم من تاريخ حيث تأثرت بموت أبنها محمد بن أبي بكر فلما بلغها خبر مقتله في مصر جلست في مسجدها وكظمت غيظها حتى شخبت(3) ثدياها دماً(4).

      وجاء أيضاً في معالي السبطين(5) أن فاطمة الكبرى الملقبة بزينب الصغرى قيل: أمه قضاعية فعلى هذا هي وجعفر بن الحسين عليه السلام من أم واحدة ـ ولكن ـ ليس بمعلوم بل أمها أم إسحاق كما سيأتي، وقال: جاء في الحدائق الوردية وفاطمة الصغرى هي أخت عبد الله الرضيع من أمه وهو الذي ولد في الحرب وقت صلاة الظهر وقتل في حجر أبيه وفاطمة الصغرى هي التي خلفها الحسين عليه السلام في المدينة لمصلحة أو لأنها كانت مريضة(6) وقال: جاء في مشارق الأنوار: إن للحسين فاطمة الصغرى وفاطمة

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) جاء في معالي السبطين: 2/234.

(2) الأعلام للزركلي: 1/36، وجاء في سير أعلام النبلاء: 2/287، أنها عاشت بعد علي وهذا لا يعني أنها عاشت كثيراً.

(3) شخبت: سالت وتدفقت.

(4) تهذيب التهذيب: 6/581.

(5) معالي السبطين: 2/214.

(6) الحدائق الوردية: 1/238 وفي النسخة التي لدينا لم يتطرق إلى ما نقله.

(66)

 

      كبرى، ثم قال: وجاء غراب وتمرغ في دمه وطار حتى وقع في المدينة على جدار فاطمة بنت الحسين وهي صغيرة(1).

      والظاهر أن كلام المعالي تصحيفاً، والصحيح أن فاطمة الصغرى هي الملقبة بزينب، على فرض صحة التلقيب(2) وعليه فتكون فاطمة الصغرى التي بقيت في المدينة وجعفر بن الحسين عليه السلام شقيقين، وعليه فإن زينب وفاطمة الكبرى متحدتان.

      وأما ما ذكر أنها شقيقة عبد الله الرضيع الذي ولد في الحرب وقتل فإن هذا يصح لو قيل بأنها فاطمة الكبرى التي ولدتها الرباب الكلبية(3) فرض صحة ما قاله فإن القضاعية كانت مع الحسين عليه السلام في كربلاء حيث أنجبت الرضيع  عبد الله، وهذا لا يتطابق مع عدد زوجات الإمام الحسين عليه السلام لأنها تصبح الخامسة إلا إذ قلنا بأن عاتكة لم تحضر كربلاء، حيث توفيت من ذي قبل(4).

      وبمقتضى ترتيب زوجات الإمام الحسين عليه السلام فلا بد أن تكون ولادتها قبل عام 50هـ حيث إن أمها توفيت عند سنة خمسين للهجرة، وكان شقيقها قد ولد بعد العشرين الهجرية وقبل الخمسين للهجرة، وقد حددنا ولادة جعفر وقدرنا أن تكون بعدة سنة عشرين من الهجرة(5) ومن كونها صغيرة لابد من احتمال أنها ولدت قبيل عام الخمسين للهجرة ليكون عمرها عند سفر أبيها إلى العراق على أقل التقادير عشر سنوات أي أنها أكبر من إبنة أم إسحاق لتكون تلك هي الصغرى، وهذه هي الوسطى في قبال ابنة الرباب والتي هي الكبرى.

      وبما أنها كانت صغيرة العمر فيصح وصفها بالصغرى رغم تضارب النصوص والخلط الذي جاء في كلام الرواة والمؤرخين، ونظن أن التعدد

ـــــــــــــــــــــــــ

(1) مشارق الأنوار عن درر الأصداف بالنقل عن معالي السبطين: 2/214.

(2) راجع معجم الأنصار (النساء): 1/321.

(3) راجع معجم الأنصار (الهاشميون): 2/224.

(4) راجع عن تفاصيل زوجات الإمام الحسين عليه السلام وأولاده ترجمة محسن بن الحسين عليه السلام ـ معجم أنصار الحسين (الهاشميون): 3/66.

(5) راجع معجم أنصار الحسين (الهاشميون).

(67)

 

في الفواطم هو الحل الأنجع للجمع بين الأٌقوال ورفع الخلط والتداخل غير المستقيم، ويعتبر هذا تصحيحاً ليما سبق في وصف الفواطم الحسينيات بالصغرى والكبرى، ولعلنا في آخر المطاف نضع جدولاً بزوجات الإمام الحسين عليه السلام وأولاده وأعمارهم لمزيد الفائدة والتوضيح.

      وبما أن فاطمة الوسطى لم تحضر كربلاء وتكتفي لهذا القدر وبما أوردناه في الصغرى والكبرى، ولكن لا بد من الإشارة إلى ما ورد في كتب المؤرخين(1) إنه لما قتل الحسين بن علي جاء غراب فوقع في دمه وتمرغ، ثم طار فوقع في المدينة على جدار فاطمة بنت الحسين بن علي، وهي الصغرى(2) ونعب، فرفعت رأسها إليه فنظرت إليه فبكت بكاء شديداً وأنشأت تقول من مجزوء الكامل:

نعب الغراب فقلت من        تنعاه ويلك يا غراب

قال: الإمام؟ فقلت: من؟      قال: الموفق للصواب

قلت: الحسين؟ فقال لي       حقاً لقد سكن التراب(3)

إن الحسين في كربلاء             بين الأسنة والضراب(4)

فابك الحسين بعبرة                 ترضي الإله مع الثواب

ــــــــــــــــــــــ

(1) جاء مسند الحديث كالتالي: أخبرنا أبو القاسم ابن السمرقندي، أخبرنا أبو الفضل بن البقال، أخبرنا أبو الحسين بن بشران، أخبرنا عثمان بن أحمد، حدثنا حنبل بن إسحاق، حدثنا سفيان، حدثنا جعفر بن محمد قال: سمعت أبي محمد العلوي، صاحب فاخر النسب رسول الله ص. قال: أخبرنا الحسن بن علي العلواني، أخبرنا علي بن معمر، عن إسحاق بن عباد، عن المفضل بن عمر الجعفي، قال: سمعت جعفر بن محمد يقول: حدثني أبي محمد بن علي، حدثني أبي علي بن الحسين قال:

(2) ومما تجدر الإشارة إليه أنه جاء الوصف بالصغرى بين خطين للدلالة على أنها «هي الصغرى» ليس من أصل الرواية، وإنما هي من توضيح المؤلف.

(3) هذا البيت ورد في بعض الصادر السادس وجاء بدلاً عنه:

قلت الحسين فقال لي         بمقال محزون أجاب

(4) جاء في نسخة «والحراب».

(68)

 

ثم استقل به الجنا       ح فلم يطق رد الجواب

فبكيت مما حل بي           بعد الوصي المستجاب

      قال محمد بن علي بن الحسين: قال أبي علي بن الحسين:

      فنعته لأهل المدينة، فقالوا: قد جاءتنا بسحر عبد المطلب، فما كان بأسرع من أن جاءهم الخبر بقتل الحسين بن علي(1).

      ومن الواضح أن قول ابن عساكر هي الصغرى في غير محله لأنه ذكر بأنها كانت في كربلاء مع أبيها، ومن هنا استدرك ولكن بشكل غير علمي وقال: «إسناد هذه الحكاية لا يثبت وقد ذكرنا أنها كانت مع عيال الحسين في كربلاء فالله أعلم» وكان عليه أن ينسبها إلى فاطمة بنت الحسين عليه السلام التي بقيت في المدينة، وبالأخص فإنه وصفها بالصغرى كدليل على أن هناك أكثر من فاطمة للحسين عليه السلام.

      لقد سبق الحديث عن ولادتها وأمها في ترجمة فاطمة الصغرى والكبرى فلا نطيل الكلام، وأما عن وفاتها وتحديدنا ذلك بعام 126هـ لوجود مقولة في سكينة بنت الحسين عليه السلام بأنها توفيت عام 126هـ(2)  فإذا سكينة فيها، حصل لدينا القول بوفاتها عام126هـ ليكون هذا من الخلط بين الفواطم الثلاث، وموت إحداهن مع سكينة انسحب التاريخ عليها فتكون الأٌقوال في وفاة فاطمة ثلاثة (110)و (117) و (126)، وبالتفريق على الفواطم الثلاث تتحول الأقوال إلى تعدد الشخصيات.

      ونحتمل والله العالم أنها هي التي ذكرها ابن بطوطة في رحلته عندما زار الخليل(3) قائلاً: وبالقرب من مسجد اليقين مغارة فيها قبر فاطمة بنت

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) تاريخ مدينة دمشق: 70/24، راجع أيضاً مقتل الحسين للخوارزمي: 2/92، فرائد السمطين: 2/163، بحار الأنوار: 45/171، ديوان القرن الثاني من هذه الموسوعة: 47.

(2) أعلام النساء: 2/224، نور الأبصار: 312.

(3) الخليل: مدينة الخليل تقع في فلسطين، إنما سميت بذلك لأن فيها قبر النبي إبراهيم الخليل عليه السلام، وهي عامرة إلى يومنا هذا، وفيها قبر زوجته سارة وابنه إسحاق، وحفيده يعقوب، ورفقه زوجة النبي إسحاق عليه السلام وأم النبي يعقوب عليه السلام.

(69)

 

الحسين بن علي عليه السلام، وبأعلى القبر وأسفله لوحان من الرخام في أحدهما مكتوب منقوش بخط بديع: «بسم الله الرحمان الرحيم، له العزة والبقاء، وله ما ذرأ وبرأً، وعلى خلقه كتب الفناء، وفي رسوله الله أسوة وعزاء، هذا قبر أم مسلمة فاطمة بنت الحسين رضي الله عنه»(1).

      وفي اللوح الآخر منقوش: « صنعه محمد بن أبي سهل النقاش في مصر». وتحت ذلك هذه الأبيات من البسيط:

أسكنت من كان في الأحشاء مسكنه            بالرغم مني بين الترب والحجر

يا قبر فاطمة بنت ابن فاطمة             بنت الأئمة بنت الأنجم الزهر

يا قبر ما فيك من دين ومن ورع               ومن عفاف ومن صوت ومن خفر(2)

      وهناك أقوال أخرى ذكرت في قبرها منها أنها دفنت في دمشق(3) وفي القاهرة(4) أوردناها في تاريخ المراقد وناقشناها هناك.

      وإذا صح دفنها في القاهرة فإنها تعرف بالفاطمة النبوية وهي أبنة الإمام الحسين السبط مدفونة بالدرب الأحمر(5) وبالأحرى خلف الدرب الأحمر في زقاق يعرف بزقاق فاطمة النبوية في مسجد جليل ومقامها عظيم و عليه من المهابة والجلال والوقار ما يسر الناظرين(6). وما أشتهر من أن فاطمة النبوية بدرب سعادة، غير صحيح حتى مع القول بأن للحسين فاطمة صغرى وفاطمة كبرى(7).

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) واسم القرية التي دفنت فيها هي: «كفر بريك» والتي تعرف بـ (بني نعيم) من أعمال مدينة الخليل.

(2) رحلة ابن بطوطة: 78، والمساجد في الإسلام: 118، مجلة الموسم الهولندية:4/1087 وقد جاء في مسند فاطمة: 29، نقلاً عن الكواكب السيارة في ترتيب الزيارة لابن الزيات محمد بن ناصر الدين الأنصاري: 46 أنها مدفونة في مصر.

(3) مشاهد العترة الطاهرة: 90.

(4) فاطمة بنت الحسين للأميني: 135، مشاهد العترة الطاهرة: 247.

(5) نور الأبصار: 332 عن الأنوار للقطب الشعراني.

(6) نور الأبصار: 332 عن مشارق الأنوار في آل البيت الأخيار لعبد الرحمان بن حسن الأجهوري الكبير.

(7) نور الأبصار: 332.

(70)

 

      ولا يخفى أن لفظ النبوية في مصر تطلق على بنات الرسول ص واليك عدد منهن:

      1ـ فاطمة النبوية زينب بنت عبد الله المحض وهي المدفونة في العباسية، والشارع باسمها.

      2ـ فاطمة النبوية بنت محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق عليه السلام وقبرها في الخليفة في القاهرة.

      3ـ فاطمة النبوية بنت أحمد بن إسماعيل بن محمد بن جعفر الصادق عليه السلام وقبرها بدرب سعادة في القاهرة في باب الخلق.

      4ـ فاطمة النبوية بنت القاسم بن محمد بن جعفر وقبرها شرقي قبر الشافعي بمسجده في القاهرة(1).

      ومما جلب انتباهي قوله عن فاطمة بنت الحسين عليه السلام بما نصه:

      «السيدة فاطمة بن الحسين أخت السيدة سكينة النبوية دخلت مصر مع عمتها السيدة زينب عام 61هـ ثم رحلت إلى الحجاز مع عمتها فتزوجت هناك وأنجبت ـ كانت زينب قد ضمت إليها جميع اليتامى الذين فقدوا آباءهم في موقعة كربلاء، وضمت أيتاماً آخرين أيضاً وكانت تصحب الجميع في رحلاتها ولذلك سميت أم اليتامى ـ تزوجت فاطمة بنت الحسين أولاً من ابن عمها الحسن المثنى ابن الحسن السبط ابن الإمام علي عليه السلام وأنجبت منه عبد الله المحض وهو عبد الله الجواد المدفون رأسه بالمطرية(2) في القاهرة وأبو زينب المشهورة باسم فاطمة النبوية المدفونة في العباسية».

      وأخيراً يعد من الفواطم المدفونات في القاهرة فاطمة الصغرى وفاطمة الكبرى بسفح جبل المقطم(3). ويذكر قبل ذلك عن سكينة بنت الحسين عليه السلام فيقول: «دخلت مصر مع عمتها زينب»(4).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مجلة الغدير: 8ـ9/126.

(2) المطرية: ضاحية شمالي القاهرة، قيل إن العائلة المقدسة حطت عندها لما هربت إلى مصر وهي التي كانت تسمى بـ «مسلة هليوپوليس» وهليوپوليس هي مدينة عين شمس.

(3) مجلة الغدير: 8ـ9/126. وجبل المقطم: هو أكمة تقع قرب القاهرة تشرف على القرافة وهي الآن مقبرة في فسطاط مصر والقاهرة تقدم عليها قلعة صلاح الدين ومدينة المقطم.

(4) مجلة الغدير: 8ـ9/125.

(71)

 

      جملة هذه المعلومات بحاجة إلى تحقيق دقيق لم يدل بأي دليل على ذلك ولم ينقل لنا مصدراً لما نقله ونوكل أمرها إلى تاريخ المراقد. ومن المؤسف جداً أن نرى بعض المعاصرين من أنصاف الكتاب والمحققين ينقلون معلومة من كتب القدامى بفهم خاطىء ومن ذلك قولهم  في وفاة فاطمة بنت الحسين عليه السلام نقلاُ عن أبن عساكر أنه قال:«فقيل سنة أربع عشرة وقيل سنة ست عشرة وقيل سنة سبع عشرة وقيل ثمان عشرة»(1) وبالطبع بعد المائة، ولا يخفى أن الحديث عن الإمام الباقر عليه السلام لا عن عمته فاطمة بنت الحسين عليه السلام حيث قال: «واختلف في وفاته» ولم ينتبه أن الضمير مذكر يعود للباقر عليه السلام لا لفاطمة، ولعل السبب أن الحديث وقع في  آخر ترجمة فاطمة فالتبس عليه الأمر، وبذلك تتعدد الأقوال(2).

      وأخيراً نشير إلى أنه إذا صحت رواية أن السيدة زينب الكبرى بنت فاطمة الزهراء عليه السلام انتقلت إلى القاهرة، فاحتمال أن بعض الفواطم انتقلن معها إلى هناك وارد، ولكن أولاً يحتاج إلى دليل، وثانياً وهل استقررن فيها بعد وفاتها أم أنهن رجعن إلى المدينة.

      لقد سبق وتحدثنا أن بعضهن كن في المدينة على عهد الإمام الباقر عليه السلام (92ـ 113هـ) وجرى حوار بينهن وبينه مما يمكن الاستئناس أليه من ذلك بأنهن رجعن والله العالم بحقائق الأمور ومن رجعن منهن ومن بقين أو من رافقن زينب عليه السلام ومن لم ترافقنها.

ــــــــــــــــــــــــ

(1) تاريخ مدينة دمشق: 70/25.

(2) راجع فاطمة بنت الحسين درة الفواطم: 31.

(72)

 

(69)

فضة النوبية

ن 25هـ ـ ب 62هـ = 597ـ 682م

      هي فضة بنت... النوبية، خادمة السيدة فاطمة الزهراء عليه السلام.

      ضبط المفردة «فضة» بكسر أولها وتشديد ثانيها مفتوحاً، وهي معدن ثمين معروف. وعندما تصنف الألوان، يعدونها في الأبيض، إلا أن لونها لون برأسه، حاله حال لون الذهب، حيث يعد في الأصفر بشكل عام، مع العلم أنه لون مستقل بذاته، فلذلك يقال اللون الذهبي واللون الفضي، وتجمع الفضة على فضض، والتاء في الفضة كالتاء في نعمة، تلحق بالأسماء، وربما فهم من كلمة «فضة» الصفاء والنقاء، بل الشفافية أيضاً، كما في قوله تعالى: (قواريرا من فضة)(1) حسب بعض التفاسير.

      وقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام في تفسير الآية: «ينفذ البصر في فضة الجنة، كما ينفذ في الزجاج»(2). والظاهر أن المراد بها شدة الصفاء، ومن هنا يوصف جسد المرأة أو عنقها بالفضة، فيما إذا كانت بيضاء ناصعة صافية، تحكي ما وراء البشرة.

      والفضة بالكسر غير الفضة بالفتح، حيث إن الثانية تعني الصخر المنثور بعضه فوق بعض، وتجمع على فضاض، والفرق بينها أن الأولى هي جذر الكلمة، ونمها الاشتقاق، ومن هنا يقال: إناء مفضض، إذا رصع بالفضة  أو مموه ـ مطلي ـ بها، وأما الثانية فجذرها فض بمعنى تفرق، والفضة بالكسر، عنصر فلزي له قيمته الطبية والكيمياوية والفيزياوية، بالإضافة إلى استخداماته الأخرى كالزينة مثلاً. والظاهر أن هذا المعنى أي الفضة

ــــــــــــــــــــــــ

(1) سورة الإنسان، الآية: 16.

(2) مجمع البيان: 9ـ 10/621.

(73)

 

بالكسر هو المراد به هنا لدى التسمية إذ هو الأنسب للدلالة على النقاء الروحي أو المادي، إذ نستخدم في كلا المعنيين.

      ويبدو والله العالم: أن هذه التسمية لم تكن دارجة، وإنما استخدمها الرسول ص لأول مرة على التي نحن بصدد ترجمتها، ثم درجت هذه التسمية بعد ذلك على الأنثى، ولم تكن شائعة.

      وقد روى أبو هريرة، أنه لما خرج رسول الله ص من عند فاطمة في قصة طلبها منه خادماً، أنزل الله على رسوله: (وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها)، يعني عن قرابتك وابنتك فاطمة، ابتغاء مرضاة الله، يعني طلب رحمة من ربك، يعني رزقاً من ربك ترجوها: ( فقل لهم قولاً ميسوراً)(1). يعني قولاً حسناً، فلما نزلت هذه الآية أنفذ رسول الله ص جارية أليها ـ الى فاطمة- للخدمة، سماها فضة(2).

      المستفاد من هذه الرواية أن هذه التسمية جاءت من قبل الرسول ص ولم تكن قبل ذلك تسمى بفضة، وربما لم يكن اسمها السابق مناسباً مع مكانتها أو لم يكن محبذاً، فغير الرسول ص اسمها إلى الأحسن، فسماها فضة ـ وهذا ديدنه ـ. ويبدو أن هذه التسمية استخدمت بعد ذلك، وإن لم تكن شائعة من قبل، حيث يحدثنا الزمخشري(3) قائلاً: فقدت في دار بعض الرؤساء مشربة فضة، فوجه إلى ابن ماهان يسأله، فقال ابن ماهان(4): المشربة سرقت نفسها. فضحك منه واغتاظ، وقال: هل في الدار جارية اسمها فضة أخذت الفضة؟ فكان كما قال.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) سورة الإسراء، الآية: 28.

(2) بحار الأنوار: 43/85 عن مناقب آل أبي طالب، وعن كتاب الشيرازي.

(3) الزمخشري: هو محمود بن عمر بن محمد الخوارزمي (467ـ 538هـ) الملقب بجار الله، من العلماء المشاركين في التفسير والحديث والنحو واللغة، ومن المتكلمين والشعراء والمؤلفين. ولد في زمخشر ـ أوزبكستان ـ والمتوفى في جرجانية ـ تركمنستان ـ. من مؤلفاته: ربيع الأبرار، الفائق، الكشاف.

(4) ابن ماهان: الظاهر هو علي بن عيسى بن ماهان. من كبار قادة العباسيين في عصر الرشيد والأمين، وقد سيره الأمين لقتال أخيه المأمون بجيش كبير، وولاه إمارة الجبل وهمدان وأصبهان وقم، وسائر البلاد في إيران، فقتله قائد جيش المأمون طاهر بن الحسين وذلك عام 195هـ. ويطلق ابن ماهان على ابن الحسين بن علي، وهو قائد كأبيه، إلأ أنه انقلب على الأمين وقتل عام 196هـ، من قبل بعض جنده.

(74)

 

      وأما عن وجه تسمية الرسول ص لمن نريد ترجمتها بالفضة فنحتمل والله العالم أنه ص لمس منها النقاء الروحي، وقد ظهر فيما بعد صدق هذا المعنى، حيث وقفت وقفة الولاء لآل الرسول ص والذي سنبينه هنا إن شاء الله تعالى.

      وأما نقاء البشرة، فلا نظن أنه المقصود لعد تطابقه مع الواقع إذا ما قيل إنها من الحبشة أو الهند، فإن الجاليتين بشكل عام تعدان من الجنس الأسود، رغم اختلافهما في نوعية اللون، إذ إن لون البشرة عند الهنود حالك، وهو غير لون البشرة عند الحبشي، رغم أنه يختلف،بحسب المناطق الأفريقية، كما هو الحال في الهند، إلا أن لون الحبشي برونزي يميل في أصله إلى البني الغامق، بينما لون الهندي فحمي يميل إلى السواد الحالك، وهذا ما لا يتطابق مع لون الفضة المصنف مع اللون الأبيض الحليبي، ولا يخفى أن بلاد الهند الكبرى تعد شبه قارة من حيث سعتها، ففيها الجنس الأبيض الناصع والأبيض الخمري إلى غيرهما، مما لا يمكن أن تكون فضة من تلك الأجناس، غير أن الأعم الأغلب على أهلها هو الأسود ثم الأسمر ثم الأدم، وذلك لأن معظم بلاد الهند تقع على مقربة الأبيض، وأما بلاد النوبة الواقعة شمال السودان، رغم أنها بعيدة نسبياً عن خط الاستواء، إلا أنها تعد من المناطق الحارة والتي تكون الشمس فيها مسامتة، ومما يؤيد كونها لم تكن بيضاء البشرة، وصفها من قبل ورقة بن عبد الله الأزدي بـ «جارية سمراء ومليحة الوجه»(1). وعلى أي حال، فإن السيدة فضة والتي يقع حديثنا عنها فإن مترجميها لم يحددوا أباها بالاسم، ولكن حدد بعضهم مكانته، ومن ذلكم البرسي(2) حيث روى بأن أباها كان ملك الهند، وكانت على درجة عالية من الثقافة والمعرفة، ولكن البعض وصفها بالنوبية، ولم نتمكن من تحديد السبب في ذلك، ورغم أن أحد

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بحار الأنوار 43/174.

(2) البرسي: هو محمد بن رجب الحلي (ولد في القرن 8الهجري وتوفي في القرن 9الهجري)، كان فقيهاً محدثاً، شاعراً أديباً، ومتكلماً مؤلفاً، له مؤلفات جمة، منها: اسرار الأئمة، إنشاد التوحيد، والدر الثمين.

(75)

 

المتأخرين استنتج من وصفها بالنوبية بأنها كانت ابنة ملك الحبشة، إلا أنه لم يدعم زعمه بدليل، وجاء نصه كالتالي:«هي بنت لبعض ملوك الهند كما يراه البرسي، أو من أهل الحبشة، كما يروى عن أبن عباس، والإمام الصادق عليه السلام، ولذلك تذكر في الكتب بفضة النوبية، ويرى النقدي(1) أنها بنت لبعض ملوك الحبشة، وقد اشتراها أمير المؤمنين عليه السلام لخدمة فاطمة عليها السلام(2).

      وعبارة النقدي التي اعتمد عليها، جاءت كالتالي: «فضة جارية الزهراء عليه السلام اشتراها لها أمير المؤمنين عليه السلام، قيل إنها كانت من بنات الملوك، ملك الهند كما قال البرسي أو ملك الحبشة كما قال غيره»(3).

      أما بالنسبة إلى المدعى الأول من رواية ابن عباس وكذلك الإمام الصادق عليه السلام، فكتب أحاديث أتباع اهل البيت عليه السلام خلية من ذلك، فالروايات المروية عنهما جاءت خلية من الوصف «نوبية»، حيث يروي ابن عباس في قصة مرض الحسنين وصوم علي وفاطمة عليه السلام ومعهما فضة: «وكانت جارية يقال لها، فضة، إن يرىء سيداي مما بهما، صمت ثلاثة أيام شكراً»(4).

      وأما نص رواية الإمام الصادق عليه السلام في ذات الموضوع أيضاً: «وكذلك قالت جاريتهم فضة، فألبسهما الله عافيته»(5).

      نعم أوردها العسقلاني في الإصابة موصوفة بالنوبية، مستنداً إلى رواية الإمام الصادق عليه السلام حيث جاء نصها: «أخدم ـ النبي ص ـ ابنته جارية اسمها فضة النوبية ـ وكانت تشاطرها في الخدمة»(6) كما وصفها ابن الأثير

ــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) النقدي: هو جعفر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن محمد تقي (1303ـ 1307هـ) ولد في مدينة العمارة وسكن النجف وتعلم فيها، وفيها توفي. تولى القضاء في بغداد، كان من العلماء الفضلاء له من المؤلفات: غزوة أمير المؤمنين، فاطمة بنت الحسين، ومنن الرحمة.

(2) مرقد العقيلة زينب، للسابقي: 234.

(3) زينب الكبرى، للنقدي: 64.

(4) بحار الأنوار: 35/245، عن كشف الغمة وعن مناقب الخوارزمي.

(5) بحار الأنوار: 35/237 عن أمالي الصدوق: 155ـ 157.

(6) الإصابة: 4/387.

(76)

 

في أسد الغابة أيضاً بالنوبية استناداً إلى رواية ابن عباس، والتي نصها كالتالي: «كانت جارية يقال لها فضة نوبية: إن برىء سيداي صمت لله عز وجل شكراً»(1).

      وهذا ما جعل بعد المتأخرين يسندون قولهم إلى هاتين الرواتين في وصفهم لها بالنوبية، إلا أن الروايتين رويتا في مصادر أتباع أهل البيت عليهم السلام فلم يثبت بأنها ابنة ملك الحبشة، إذ إنه من المسلم أن ملك الحبشة، إذ إنه من المسلم أن ملك الحبشة على عهد الرسول ص كان النجاشي، ولا يعقل أنها ابنته، إلا إذا قيل بأن المراد الملك: الحاكم أو الأمير، فحينئذ يصح ذلك، ولكن لم يكن بين المسلمين وأهل الحبشة حرب حتى تكون فضة من غنائم الحرب. وربما ومن المعلوم أنه من علماء القرن الثامن والتاسع الهجريين، وذلك في قبال من لم يصرح بأنها كانت ابنة ملك الحبشة أو أنها من عامة الناس في الحبشة، ولا شك أن وصفها بالنوبية، يوحي إلى أنها من بلاد الحبشة،  إلا أنه لا يدل على ذلك، إذ الوصف قد يكون مجرد لقب لا يدل على كونها يحتمل أن تكون هناك أو لعل أصلها كان من هناك، وبقي عليها وصف الآباء، كما يحتمل أن تكون هناك بلدة أو قبيلة في الهند تعرف بالنوبية، والله العالم.

      وأما الملك الذي كان يحكم الهند آنذاك، فمن الصعب تحديده، إذ وعرفه المسلمون آنذاك هو الملك سرباتك، والذي أسلم على عهد الرسول ص حيث بعث إليه الرسول ص بكتاب مع جمع من أصحابه، فيهم حذيفة بن اليمان(2)، يدعوه الى الإسلام، فأسلم وقبل كتاب الرسول ص(3). ومن المعلوم أن هذا الملك كان يعيش في مدينة قنوج الهندية، وربما كانت عاصمة ملكه. وقنوج بتشديد النون، ذكرها يا قوت

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أسد الغابة: 7/237.

(2) حذيفة بن اليمان: هو حفيد جابر العبسي، ولد في الجاهلية وتوفي عام 36هـ، يكنى بأبي عبد الله. كان من خيار الصحابة ومن الموالين لأهل البيت عليهم السلام، ولى المدائن من قبل عمر وعثمان وعلي عليه السلام.

(3) أسد الغابة: 2/333.

 

(77)

 

الحموي(1) في معجم البلدان، إلا أنه لم يفصل الحديث عنها إلا بقوله: «موضع في بلاد الهند، ونقل عن الأزهري(2) أنها أجمة»(3). وعلى فرض أنها أجمة، فلربما أصبحت أجمة بعدما كانت عاصمة ملك سرباتك. وقد بحثنا عنها فوجدنا أنها مدينة عامرة إلى يومنا هذا، تقع شرق مدينة فيروز آباد الهندية، غير بعيدة عنها، كما أنها تقع جنوب غرب مدينة أودة، التي حكمها ملوك أودة.

      لكن لا يعقل أن تكون فضة ابنة الملك سرباتك لأنه أسلم، فلا يصح أسرها، كما لم يصلنا أن المسلمين غزوا الهند آنذاك، اللهم إلا إذا قيل بأنها سبيت من العهد الجاهلي بشكل من الأشكال التي كانت سائدة وذلك عند الحديث عن أن فاطمة عليها السلام سألت أباها الرسول ص عن خادم يقوم بشؤونها، فقال الراوي ما نصه: «ثم غزا رسول الله ساحل البحر فأصاب سبياً فقسمه، فأمسك امرأتين، إحداهما شابة والأخرى أمرآة قد دخلت في السن ليست بشابة، فبعث ـ بها ـ إلى فاطمة وأخذ بيد المرأة فوضعها في يد فاطمة، وقال: يا فاطمة هذه لك ولا تضربيها فإني رأيتها تصلي(4) وإن جبرئيل نهاني أن أضرب المصلين. وجعل رسول الله يوصيها بها، فلما رأت فاطمة ما يوصيها التفتت إلى الرسول

ــــــــــــــــــــــــــ

(1) يا قوت الحموي: هو ابن عبد الله الرومي (574ـ626هـ) أصله من الروم أسر فيها صغيراً وبيع في بغداد إلى عسكر بن إبراهيم الحموي فرباه وعلمه السفر والتجارة. له مؤلفات منها: معجم البلدان، معجم الأدباء، ومعجم الشعراء.

(2) الأزهري: هو محمد بن أحمد الهروي أبو منصور (282ـ 370هـ) إمام اللغة والأدب في عصره، ولد وتوفي في هراة في خراسان، من أشهر مؤلفاته: تهذيب اللغة، غريب الألفاظ، وتفسير القرآن

(3) معجم البلدان: 4/409.

(4) قوله ص: «إني رأيتها تصلي» يحمل معنيين، الأول: أن يكون مجرد كونها من المصلين، وقد نهاه جبرئيل من التقاص من المصلين. والثاني: إنها كانت قبل أن تدخل بيت الرسول ص قد آمنت وصلت، فدخلت بيته ص مسلمة مصلية، وأما مسألة الضرب فهو من باب إياك أعني واسمعي يا جارة وألا فإن آل الرسول ص بعيدون كل البعد عن هذا التوجه.

(78)

 

الله ص وقالت يا رسول الله علي يوم وعليها يوم، ففاضت عينا رسول الله بالبكاء، وقال الله أعلم حيث يجعل رسالته، ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم»(1).

      إذا صحت هذه الرواية فإنها تعيد الاحتمال السابق ـ وهي كونها من الحبشة ـ إلى الواجهة، لأن الثابت أن الرسول ص لم يبعث بسراياه نحو البحر إلا بح القلزم (الأحمر). ومن المعلوم أن هذا البحر و الحد الفاصل بين الجزيرة العربية وبلاد الحبشة. نعم يحتمل أن فضة كانت مع من كان في السفينة التي تواجدت في البحر أيام استطلاع المسلمين عن البحر، بعد أن أبلغوا بأن هناك سفينة عسكرية توجهت إلى الجزيرة العربية لمحاربة المسلمين، كما سبق الحديث عن ذلك في باب السيرة، وغيرها.

      وأما القول بأن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام اشتراها لخدمة الزهراء، عليها السلام ورغم أنه لم يدعم بدليل أولاً، ومستبعد مع الوضع المالي الخانق الذي كان يعيشه آل الرسول ص ثانياً، يتنافى مع طلب الزهراء عليها السلام من أبيها الرسول ص ثالثاً. ورغم كل هذا فإنه يؤيد كونها قد سبيت من قبل غير المسلمين، بل كانت من جملة الإماء اللواتي دخلن في حوزة العرب قبل الإسلام بالطرق التي كانت متعارفة آنذاك، فاشتراها الإمام أمير المؤمنين عليه السلام من سوق النخاسين على الظاهر ـ حسب هذه الرواية ـ. فكانت فضة وأخرى من نصيبه، فأودع فضة في بيت ابنته فاطمة عليها السلام، وقد سبق وتمكنا من تحديد وصولها إلى المدينة، أو بالأحرى التحاقها ببيت فاطمة عليها السلام وذلك في شتاء العام الخامس من الهجرة النبوية أو بعده بقليل(2).

      وهناك من ذهب إلى أن جعفر الطيار اصطحبها عند رجوعه من الحبشة، إلا أن القائل لم يتمكن من توثيق مدعاه، وتحديد مصدر كلامه أولاً. وعلى فرض صحة مدعاه فلا يمكن أن تكون من بنات الملوك، إذ

ــــــــــــــــــــــــ

(1) مقتل الحسين، للخوارزمي:1/69.

(2) راجع السيرة الحسينية: 1/275 من هذه الموسوعة.

 

(79)

 

لا يعقل أن النجاشي أو غيره من ملوك الحبشة يقومون بإهداء بناتهم ثانياً. ومن المعلوم أن النجاشي كان قد أهدى بعض الجواري إلى الرسول ص إلا أن اسمها لم يرد في قائمة اللواتي أهدين إليه ثالثاً، كما أن جعفر رجع يوم فتح خبير وذلك نحو يوم 24محرم عام 7هـ(1) وهذا يتناقض مع حاجة الزهراء عليها السلام لأنها كانت في شتاء العام الخامس من الهجرة بحاجة إلى خادم، فأهداها الرسول ص فضة رابعاً.

      والحاصل أننا نرجح أنها كانت من بنات ملوك الهند، وإنما أخذت في جملة من وما أخذ من البحر الأحمر عندما غزا المسلمون البحر، وربما كانت في مهمة تجارية أو سفرة سياحية أو غير ذلك، فصادف أن وقعت في شرك المسلمين.

      ويتضح من رواية الخوارزمي أن فضة في العام الخامس من الهجرة لم تكن شابة، حيث تقول الرواية: «فأمسك ـ النبي ص ـ أمراتين إحداهما شابة والأخرى امرأة قد دخلت في السن، ليست شابة، فبعث إلى فاطمة». وبالضم مع نص آخر يقول: «أنها عندما توفي عنها زوجها الأول أبا ثعلبة، تزوجها سليك الغطفاني، في أيام عمر بن الخطاب (13ـ23هـ)، فامتنعت من مقاربة سليك لها لتستبرىء بحيضة حتى لا تختلط المياه»(2).

      على ضوء ما تقدم فإنه يدل على أنها كانت حتى ذلك الوقت في سن من تحيض، هذا وقد حددوا عمر الشاب إلى الثلاثين. فمعنى ذلك أنها حين دخلت بيت فاطمة عليها السلام كان لها أكثر من ثلاثين سنة، وعليه تكون ولادتها قبل عام 25ق.هـ، ووفاتها تكون بعد عام 62هـ لأنها صاحبت السيدة زينب عليها السلام حتى مماتها.

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) وربما اختلط أمر فقيرة مع فضة، حيث روي أنه أهديت لجعفر بن أبي طالب، وهو في بلاد الحبشة، جارية اسمها فقيرة بنت علقمة بن عبد الله بن أبي قييس، قيمتها أربعة آلاف درهم، فلما قدم المدينة، أهدادها لعلي تخدمه، وكانت الجارية في بيت علي، تخدم فاطمة وأولادها، إلى أن توفيت فاطمة، ثم بعدها انضمت إلى بنتها زينب الكبرى «راجع معالي السبطين: 2/229» عن الدليل على الاستيعاب لأبي علي الغساني.

(2) سنأتي على تفاصيل النص إن شاء الله تعالى.

(80)

 

      وعلى أي حال فأنها عندما أصحبت في قبضة الرسول ص أسلمت فأعتقها الرسول ص إلا أنها فضلت الخدمة في بيته على الحرية، كما فعل آخرون أيضاً، ولكنه صلى عليه آل وسلم آثر ابنته على نفسه(1)، وقد كان ذلك بوحي من الله جل وعلا، حيث ذكر المصادر: إنه أهدى بعض ملوك الأعاجم للرسول ص رقيقاً، فقال علي عليه السلام لزوجته فاطمة عليها السلام: إذهبي إلى الرسول الله ص فاستخدميه خادماً، فجاءته وطلبت منه من تخدم بيتها. فقال لها رسول الله ص: يا فاطمة أعطيك ما هو خير لك من خادم، ومن الدنيا بما فيها، تكبرين الله بعد كل صلاة أربعاً وثلاثين تكبيرة، وثلاثاً وثلاثين تحميدة، وتسبحين الله ثلاثاً وثلاثين، ثم تختمين ذلك بلا إله إلا الله، وذلك خير من الذي أردت من الدنيا وما فيها. فلزمت صلوات الله عليها هذا التسبيح بعد كل صلاة(2). فقال أمير المؤمنين عليه السلام لها: مضيت تريدين من رسول الله ص الدنيا، فأعطانا الله ثواب الآخرة(3).

      وروى أبو هريرة قائلاً: فلما خرج رسول الله ص من عند فاطمة، أنزل الله على رسوله: (وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها) يعني عن قرابتك وابنتك فاطمة ابتغاء مرضاة الله، يعني طلب رحمة من ربك، يعني رزقاً من ربك ترجوها (فقل لهم قولاً ميسوراً)(4). فلما نزلت هذه الآية، أنفذ رسول الله ص جارية إليها للخدمة وسماها فضة(5).

      إذاً سماها الرسول ص فضة بعد أن أسلمت، ولم نتوصل إلى أسمها قبل إسلامها، كما احتملنا حسب المعطيات التي لدينا أنها ولدت قبل.

ــــــــــــــــــــــــــ

(1) يظهر من بعض النصوص أنها دخلت بيت الرسول ص لخدمته، ولذلك عدوها من خدمة الرسول ص، ولكن الرسول ص قدمها إلى ابنته فاطمة عليها السلام. راجع بحار الأنوار: 42/180 عن مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 2/77، حيث عدها من خدمة الرسول ص إذ قال: «وخادمته فضة وزبراً وسلافة».

(2) دعائم الاسلام: 1/168، ذخائر العقبى: 187، وعنهما السيرة الحسينية: 1/260 من هذه الموسوعة.

(3) بحار الأنوار: 43/85عن مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 3/341 عن كتاب ما نزل من القرآن في علي لمحمد بن مؤمن الشيرازي.

(4) سورة الإسراء، الآية:30.

(5) بحار الأنوار: 43/85. عن المناقب عن كتاب ما نزل من القرآن في علي.

 

(81)

الهجرة بأكثر من خمس وعشرين سنة، ولما كانت فاطمة عليه السالم بحاجة إلى من يخدمها بعد أن ولدت الإمام الحسين عليه السلام اختارها الرسول  ص لهذه المهمة، حيث لا بد وأن تكون لائقة ببيت علي وفاطمة عليهما السلام من حيث المعرفة والأدب، فقامت بخدمة هذا البيت الشريف منذ شتاء العام الخامس للهجرة، ولما أرادت أن تقوم بالمهمة الموكلة إليها، علمها الرسول الأعظم ص دعاءً يعينها على الخدمة، وهو: «يا واحد ليس كمثله أحد، تميت كل أحد، وتفني كل أحد، وأنت على عرشك واحد، لا تأخذك سنة ولا نوم»(1).

      ولما دخلت بيت فاطمة عليها السلام شاركتها الخدمة، حيث ورد في حديث سلمان الفارسي(2): كانت فاطمة عليها السلام جالسة قدامها رحى تطحن بها الشعير، وعلى عمود الرحى دم سائل، والحسين في ناحية الدار يتضور(3) من الجوع. فقال سلمان: يا بنت رسول الله دبرت كفاك(4)، وهذه فضة. فقالت أوصاني رسول الله ص أن تكون الخدمة لها يوماً، فكان أمس يوم خدمتها. قال سلمان: إني مولى عتاقة(5)، أما أنا أطحن الشعير أو أسكت الحسين لك؟.. فقالت عليها السلام: أنا بتسكية أرفق... الحديث(6).

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) معالي السبطين: 2/229 عن كتاب المستغيثين.

(2) سلمان الفارسي: هو روزبه بن خشنوذان بن مورسلان، ولما أسلم سمية بسلمان المحمدي ولد قبل الهجرة بنحو تسعين سنة وتوفي سنة 36هـ، وكان من المعمرين والسابقين في الاسلام ومن كبار الصحابة ومن حواري أمير المؤمنين عليه السلام ول المدائن وفيها مات.

(3) تضور: تلوى من وجع ضرب أو جوع، وهنا المراد به الجوع.

(4) دبرت الكف: قرحت.

(5) مولى عتاقة: حيث إحدى الولاءات في الإرث هو ولاء العتق إذ يصبح المعتق ولياً للمعتق، وحيث إن سلمان عمل في الشام عند النصارى ثم سافر مع بعض العرب إلى الحجاز لرؤية الرسول ص فباعوه ليهودي ثم إن الرسول ص أعتقه، ومن هنا فهو يقول أن لكم علي ولاء العتق وإن كان هو في الأصل حراً إلا أن الأمم كانت تسترق الأحرار بهذا الشكل أيضاً وتبيعهم في سوق النخاسين كما فعل بالنبي يوسف عليه السلام.

(6) بحار الأنوار: 43/28.

 

(82)

 

        روى المازندراني رواية أخرى حيث قال: روي أن النبي ص رأى يوماً فاطمة تطحن بيدها وترضع ولدها الحسن عليه السلام فدمعت عينا رسول الله ص فقال: يا بنتاه تعجلي مرارة الدنيا بحلاوة الآخرة فقالت: يا رسول الله، الحمد لله على نعمائه وأشكره على آلائه فأنزل الله تعالى (ولسوف يعطيك ربك فترضى)(1)، ثم أرسل إليها بعد مدة فضة الخادمة المشهورة لتخدمها، وفيه(2) أنه كان عند النبي ص أسارى وكانت فاطمة عليها السلام تشتكي إلى علي عليه السلام حالها وسألت جارية. وساق الحديث إلى أن قال: ثم أنفذ رسول الله ص جارية أليها للخدمة سماها فضة، ولما ماتت فاطمة انضمت إلى بنتها زينب وكانت تخدمها في بيتها وتارة في بيت الحسن عليه السلام وتارة في بيت الحسين عليها لسلام فلما خرجت عقيلة قريش مع أخيها عليه السلام من المدينة الى العراق خرجت فضة معها حتى أتت كربلاء(3).

      ومن أخبارها أيضاً في عهد رسول الله أن الرسول شرفها بقبول دعوتها في بيتها وذلك في شهر رمضان المبارك من السنوات الأخيرة من عمره الشريف، فلما كان عند الإفطار أنزل الله على رسوله ص مائدة من السماء، فلما شم الرسول ص ريح الجنة، قال مفتخراً: «الحمد لله الذي وهب لابنتي فاطمة جارية، مثلها كمثل مريم بنت عمران»(4).

      ويذكر أن علياً تقاسم مع الزهراء عليهما السلام العمل، فكان يتحطب ويستقي ويكنس، وكانت فاطمة عليه السلام تطحن وتعجن وتخبر. فلما غاب علي عليه السلام عن المدينة، سألت فاطمة عليها السلام خادمتها فضة: أتعجنين أو تخبزين؟. فقالت فضة: بل أعجن يا سيدتي واحتطب، فذهبت واحتطبت بيدها حزمة، وأرادت حملها فعجزت عن ذلك، فتذكرت الدعاء الذي علمها

ـــــــــــــــــــــــــــــ

(1) سورة الضحى، الآية: 5.

(2) وفيه: أي المصدر ألا وهو اللمعة البيضاء.

(3) معالي السبطين: 2/229.

(4) مرقد العقيلة زينب، للسابقي: 235 عن مصابيح القلوب للحسن بن حسين السبزواري، المتوفى حدود سنة 786هـ.

 

(83)

 

رسول الله ص فدعت به، فجاءها أعرابي وحمل الحزمة إلى باب فاطمة عليها السلام(1).

      ومن ولائها للرسول وآله أنها شاركت علياً وفاطمة «عليهما السلام» في الصيام لأجل شفاء الحسنين، وذلك في الواحد والعشرين من شهر ذي الحجة عام 6هـ(2)، حيث يروي ابن عباس في تفسير قوله تعالى: (يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره مستطيرا * ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا)(3). قال: مرض الحسن والحسين، فعادهما رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كما وعادهما عامة العرب، فقالوا يا أبا الحسن لو نذرت على ولدك نذراً. فقال علي «عليه السلام»: «إن برئا مما بهما صمت لله عز وجل ثلاثة أيام شكراً. وقالت فاطمة «عليها السلام» كذلك، وقالت جارية يقال لها فضة النوبية: إن برئ سيداي صمت لله عز وجل شكراً، فألبس الغلامان العافية»(4). والقصة معروفة، سبق ذكرها في السيرة الحسينية(5).

      ويروى أنها لما وجدت بأن بيت علي وفاطمة يفتقد إلى أبسط متاع الحياة إذ لم تجد فيه إلا السيف والدرع والرحى، رق قلبها، وأرادت أن تقدم شيئاً لهذا البيت، الذي أحبته وأحبت أهله، فأخذت تعالج ما تعلمه

________________

(1) راجع معالي السبطين: 2/229 عن الإصابة: 4/387 عن كتاب المستغيثين بالله تعالى عند المهمات والحاجات، وفيه يروى عن الحسين بن العلاء عن الإمام جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب «عليهم السلام» أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أخدم فاطمة ابنته جارية اسمها فضة النوبية، وكانت تشاطرها الخدمة، فعلمها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) دعاء تدعو به، فقالت لها فاطمة: أتعجنين أو تخبزين، فقالت بل أعجن يا سيدتي وأحتطب. فذهبت واحتطبت بيدها حزمة، وأرادت حملها فعجزت، فدعت بالدعاء الذي علمها، وهو: «يا واحد ليس كمثله أحد، تميت كل أحد، وتفني كل أحد، وأنت على عرشك واحد، لا تأخذك سنة ولا نوم»، فجاء أعرابي كأنه من أزد شنوءة، فحمل الحزمة إلى باب فاطمة.

(2) راجع السيرة الحسينية: 1/341 من هذه الموسوعة.

(3) سورة الإنسان، الآيتان: 7- 8.

(4) أسد الغابة: 7/237، بحار الأنوار: 35/237.

(5) السيرة الحسينية: 1/341- 350 من هذه الموسوعة.

(84)

 لتوسع على أهل البيت «عليهم السلام» حيث كان لها إلمام بعلم الكيمياء(1)، فلما علم الإمام أمير المؤمنين عليه السلام قال لها: أحسنت يا فضة، ثم أرشدها إلى دقائق هذا  العلم وزادها من فضله. فقالت: يا سيدي أتعرف هذا العلم؟. فقال علي عليه اللام: نعم، وهذا الطفل يعرفه، مشيراً إلى ابنه الحسين عليه السلام(2) فلما تحدثت معه، أرشدها أبوه. ثم قال علي عليه السلام لها: يا فضة نحن نعرف أعظم من هذا، وأراها شيئاً من كنوز الأرض، ثم قال لها: يا فضة إنا ما خلقنا لهذا الحطام(3)

      وقد تمسكت بهذا البيت وظلت تخدمه وأهله حتى إذا تقبلت الأحوال بعد وفاة الرسول الأعظم ص فكانت جنب فاطمة عليه السلام في محنة حرق الباب، إذ لم يكن في داخل البيت إلا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وفاطمة الزهراء والحسن والحسين عليه السلام وزينب وأم كلثوم وفضة، فلما قبل لعلي عليه السلام أخرج يا علي إلى ما أجمع عليه المسلمون وإلا قتلناك، ردت فضة عليهم: إن أمير المؤمنين عليه السلام مشغول، والحق له إن أنصفتم من أنفسكم وأنصفتموه(4).

      وقد شاهدت مأساة علي عليه السلام حين اقتيد للبيعة، كما شاهدت مأساة فاطمة عليه السلام حين هجموا على البيت، ولاذت خلف الباب، وما وقع من أحداث مؤلمة، فواست الزهراء عليه السلام ووقفت معها في محنتها ومرضها إلى أن دنا أجلها، ورأت أباها في المنام يبشرها بقرب اللحوق به، فلما انتبهت من رقدتها، قالت لأمير المؤمنين عليه السلام: إذا توفيت، لا تعلم أحداً إل أم سلمة وأم أيمن وفضة، ومن الرجال ابني العباس وسلمان وعماراً ولمقداد وأبا ذر وحذيفة. ولما قبضت عليها السلام غسلها أمير

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) علم الكيمياء: وهو علم الصنعة كما يعبر عنه القدماء والمعروف عندهم تحويل المعادن الرخيصة إلأى ثمينة وهو لا يختلف في موضوعه مع ما أصطلح عليه علماء اليوم وهو في البحث عن طبائع الأجسام بالحل والتركيب ونسبها.

(2) وفي بعض النسخ إلى أبنه الحسن.

(3) غزوات أمير المؤمنين، للنقدي: 71، مشارق أنوار اليقين: 80 وعنه بحار الأنوار: 41/273.

(4) راجع بحار الأنوار: 53/18.

(85)

 

المؤمنين عليه السلام، ولم يحضرها غيره والحسن والحسين وزينب وأم كلثوم وفضة وأسماء(1).

      يقول أمير المؤمنين عليه السلام: «فلما هممت أن أعقد الرداء، ناديت يا أم كلثوم، يا زينب، يا سكينة(2)، يا فضة، يا حسن، يا حسين، هلموا تزودوا من أمكم»(3).

      وكانت قد أخذت من مناهل هذا البيت الرسالي الشريف، والعلم والتقى والزهد والفضيلة حتى أصبحت أهلاً لها، حتى نقل أن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام دعا في حقها قائلاً: «اللهم بارك لنا في فضتنا»(4).

      ولم تزل فضة بعد وفاة سيدتنا فاطمة الزهراء عليها السلام منقطعة إلى أهل البيت النبوي، فكانت تخدم علياً وأولاد فاطمة عليهم السلام، فنالت قسطاً كبيراً من المعرفة حتى عدت من الضليعات بالفقه والسنة والقرآن والتفسير. فيروى فيما يروى عن فضائلها أن علياً عليه السلام زوج فضة من أبي ثعلبة الحبشي(5) فأولدها أبناً، ثم مات عنها أبو ثعلبة، فتزوجها من بعده أبو مليك(6) الغطفاني، ثم توفي ابنها من أبي ثعلبة، فتزوجها من بعده أبو مليك(6) فاشتكاها إلى عمر وذلك في أيامه (13ـ23هـ) فقال لها عمر: ما يشتكي منك أبو مليك يا فضة؟. فقالت أنت تحكم في ذلك ولا يخفى عليك أكثر مما ظهر لديك. قال عمر: ما أجد لك رخصة. قالت: يا أبا حفص ذهبت بك المذاهب، إن ابني من غيره مات، فأردت أن أستبرى نفسي بحيضة،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع دلائل الإمامة: 44ـ46.

(2) وقد تحدثنا في هذا المعجم عن سكينة بشيء من التفصيل، فليراجع.

(3) سفينة البحار: 7/19، عن بحار الأنوار: 43/176، وقول علي عليه السلام: «من أمكم» جاء من باب الغلبة لأن أربعة منهم من أنجبتهم وأما سكينة فاحتملنا أنها أيضاً كانت خادمة أو وصيفة وليست ابنتها كما تصور البعض وقد تحدثنا عن ذلك في ترجمة السيدة سكينة.

(4) مرقد العقيلة زينب: 235عن الخصائص الفاطمية: 255.

(5) الحبشي: وقيل الحنشني، وربما الحبشي، نسبة إلى الحبشة، ولعل زواجها من الحبشي، هو السبب في من ذهب من المؤرخين إلى أنها كانت من الحبشة وسنأتي على ترجمته.

(6) جاء في غزوات أمير المؤمنين، للنقدي: 35«سليك» بدل «أبو مليك».

(86)

 

فإذا أنا حضت، علمت أن ابني مات ولا أخ له، وإن كنت حاملاً، كان الولد في بطني أخوه. فقال عمر: شعرة من آل أبي طالب أفقه من عندي(1).

      ورافقت فضة بيت علي عليه السلام حيث انتقل من المدينة إلى العراق، ويبدو أنها كانت مقربة عنده وكانت مسؤولة عن طعامه، حيث يقول عمرو بن حريث، أيام كان الإمام عليه السلام في البصرة، وقد رصد عمرو غداءه: أتت فضة بجراب مختوم، فأخرج منه خبزاً متغيراً خشناً. فقلت لفضة: يا فضة لو نخلت هذا الدقيق وطيبتيه. قالت: كنت أفعل فنهاني، وكنت أضع في جرابه طعاماً طيباً، فختم جرابه(2).

      وأما سويد: بن غفلة، فيتحدث عن أيام إقامة أمير المؤمنين عليه السلام في الكوفة، فيقول: دخلت على علي بن أبي طالب عليه السلام العصر، فوجدته جالساً، بين يديه صحيفة فيها لبن خازر(3) أجد ريحه من شدة حموضته، وفي يده رغيف أرى قشار الشعير في وجهه، وهو يكسر بيده أحياناً، فإذا غلبه كسره بركبته، وطرحه فيه.

      فقال علي عليه السلام: آذن فأصب من طعامنا هذا. فقلت: إني صائم.

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بحار الأنوار: 40/227 عن مناقب آل أبي طالب: 1/493 عن كتاب الفتيا. إن المسألة التي طرحتها فضة تحتاج إلى توضيح، وما أورده المجلسي في البحار تعليقاً على هذه الرواية، فالظاهر أنه لايمت إلى الموضوع بصلة، إذ إنه ذهب بعيداً، فقد أشار مسألة العول الإرث، وهذا لا يرتبط بالموضوع، ولكن الذي نستظهره أنها احتاطت بذلك لتطمئن من خلو رحمها من الحمل، لأن عدة المتوفى عنها زوجها إن كانت حاملاً هو ابعد الأجلين وهو أربعة أشهر وعشرة أيام، ووضع الحمل. والظاهر أن أبا مليك كان قد عقد على فضة بعد انقضاء نفسها منه حتى تحيض، لتطمئن على عدم وجود الحمل. وأما بالنسبة إلى العقد فلا ضير فيه، لأنهما ظنا في البداية عدم وجود الحمل، وإنما الشك طارىء، فإذا انتفى الحمل، صح العقد.

(2) بحار الأنوار: 40/325. الجراب: بالكسر، قراب السيف، وعاء من جلد، والمراد به الثاني.

(3) الخازر: الحامض من اللبن.

(87)

 

فقال: سمعت رسول الله ص يقول: من منعه الصوم من طعام يشتهيه، كان حقاً على الله أن يطعمه من طعام الجنة، ويسقيه من شرأبها.

      فقلت لجاريته، وهي قائمة بقريب منه: ويحك يا فضة ألا تتقين الله في هذا الشيخ؟ ألا تتخلون له طعاماً(1) مما أرى فيه من النخالة؟

      وما إن استشهد الإمام أمير المؤمنين عليه السلام رجعت مع ركب أهل البيت عليهم السلام إلى المدينة، فكانت تخدم أولاد فاطمة الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم. وفي بعض المرويات أنها انضمت إلى بيت العقيلة زينب عليها السلام إلا أنها كانت تخدم في بيت الحسنين أيضاً(3).

      وكانت قد اكتسبت من المعارف من أهل البيت حتى أصبحت عارفة بدقائق الأمور، إذ يروي ورقة بن عبد الله الأزدي قائلاً(4): خرجت حاجاً إلى بيت الله الحرام راجياً لثواب رب العالمين، فبينما أنا أطوف وإذا بجارية سمراء، ومليحة الوجه، عذبة الكلام، وهي تنادي بفصاحة منطقها وهي تقول: «اللهم رب الكعبة الحرام، والحفظة الكرام، وزمزم والمقام، والمشاعر العظام، ورب محمد خير الأنام، صلى الله عليه وآله البررة الكرام، أسألك أن تحشرني مع ساداتي الطاهرين وأبنائهم الغر المحجلين الميامين»(5). ثم قالت مخاطبة الناس: ألا فاشهدوا يا جماعة الحجاج والمعتمرين، إن موالي خير الأخيار، وصفوة الأبرار، والذين علا قدرهم على الأقدار، وارتفع ذكرهم في سائر الأمصار المرتدين بالفخار.

      يقول ورقة بن عبد الله: فقلت يا جارية إني لأظنك من موالي أهل البيت عليهم السلام.

      فقالت: أجل: قلت لها: ومن أنت من مواليهم؟.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الطعام: البر، أي القمح.

(2) بحار الأنوار: 40/331، 63/322 عن إرشاد القلوب.

(3) معالي السبطين: 2/229.

(4) ورقة بن عبد الله الأزدي: لم نحصل على ترجمته في كتب التاريخ والحديث والرجال، وهو بالتأكيد ليس الذي والدته «أم ورقة بنت عبد الله بن الحارث».

(5) بحار الأنوار: 43/174.

 

(88)

 

      قالت: أنا فضة أمه فاطمة الزهراء ابنة محمد المصطفى صلى الله عليها وعلى أبيهما وبعلها وبنيها(1).

      ثم سألها عن كيفية وفاة الزهراء عليها السلام فأخبرته بذلك(2).

      ويروي أبو القاسم القشيري(3) عن بعض من التقاهم في طريق الحج ـ بين المدينة ومكة ـ وكان قد انقطع به الطريق في البادية وتخلف عن القافلة يقول: فوجدت امرأة لم تنطق بغير القرآن، فقد سألتها من أنت؟

      فقالت: [وقل سلام فسوف يعلمون](4).

      فسلمت عليها، فقلت: ما تصنعين هنا؟

      قالت: [من يهد الله فما له من مضل](5).

      فقلت: أمن الجن أنتِ أم من الإنس؟

      قالت: [يا بني آدم خذوا زينتكم](6).

      فقلت: من أين أقبلت؟

      قالت: [ينادون من مكان بعيد](7).

      فقلت: أين تقصدين؟

      قالت: [والله على الناس حج البيت](8).

ـــــــــــــــــــــــ

(1) بحار الأنوار: 43/174.

(2) ذكرنا الحديث بكامله في ترجمتها في «رواة ملحمة كربلاء» من هذه الموسوعة، فليراجع.

(3) القشيري: هو عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة النيسابوري (376ـ 465هـ) ولد وتوفي في نيسابور، أشعري الأصول، شافعي الفروع، من الفقهاء والمحدثين والمفسرين، والعرفاء والأدباء والشعراء والوعاظ، من مؤلفاته: التيسير في التفسير، الرسالة القشيرية، ولطائف الإشارات.

(4) سورة الزخرف، الآية: 89. أرادت السلام ثم الكلام.

(5) سورة الزمر، الآية: 37.

(6) سورة الأعراف، الآية: 31.

(7) سورة فصلت، الآية: 44.

(8) سورة آل عمران، الآية: 89.

(89)

 

      فقلت: متى انقطعت؟

      قالت: [ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام](1).

      فقلت لها: أتشتهين طعاماً؟

      فقالت: [وما جعلناهم جسداً لا يأكلون الطعام](2).

      فأطعمتها، ثم قلت: هرولي ولا تعجلي.

      قالت: [لا يكلف الله نفساً إلا وسعها](3).

      فقلت: أردفك؟

      قالت: [لو كان فيهما آلهة إلا ألله لفسدتا](4).

      فنزلت، فأركبتها.

      فقالت: [سبحان الذي سخر لنا هذا](5).

      ويتابع الراوي ويقول: فلما أدركنا القافلة، قلت: ألك أحد فيها؟

      قالت: [يا داوٌد إنا جعلناك خليفة في الأرض](6)، [وما محمد إلا رسول](7)، [يا يحيى خذ الكتاب بقوة](8)، [يا موسى... إنني أنا الله](9).

      فصحت بهذه الإسماء، فإذا أنا بأربعة شباب متوجهين نحوها.

      فقلت: من هؤلاء منك؟

      قالت: [المال والبنون زينة الحياة الدنيا](10).

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) سورة ق، الآية: 38.

(2) سورة الأنبياء، الآية: 8.

(3) سورة الأنبياء، الآية: 286

(4) سورة الأنبياء، الآية: 22.

(5) سورة الزخرف، الآية: 13.

(6) سورة ص، الآية: 25.

(7) سورة آل عمران، الآية: 144.

(8) سورة مريم، الآية: 12.

(9) سورة طه، الآيات: 11ـ14.

(10) سورة الكهف، الآية: 46.

(90)

 

      فلما أتوها، قالت: (يا أبتِ أستأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين)(1).

      فكافؤوني بأشياء.

      فقالت: (والله يضاعف لمن يشاء)(2).

      فزادوا علي، فسألتهم عنها.

      فقالوا: هذه أمنا فضة، جارية الزهراء عليها السلام، ما تكلمت منذ عشرين سنة إلا بالقرآن(3).

      وعن أجابتها بآيات قرآنية، يحدثنا عبد الله بن المبارك(4) قائلاً: خرجت حاجاً إلى بيت الله الحرام، فبينما أنا في بعض الطريق إذا أنا بسواد يلوح، فإذا هي عجوز، فقلت: السلام عليك.

      فقالت: [سلام قولاً من رب رحيم](5).

      فقلت لها: يرحمك الله، ماذا تصنعين في هذا المكان؟

      قالت: (ومن يضلل الله فلا هادي له)(6).

      فعلمت أنها ضالة عن الطريق، فقلت لها: أين تريدين؟

      قالت: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى)(7).

      فعلمت أنها قضت حجها وتريد بيت المقدس، فقلت لها: أنت منذ كم في هذا الموضع؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) سورة القصص، الآية: 26.
(2) سورة البقرة، الآية: 361.

(3) بحار الأنوار: 43/86.

(4) عبد الله بن المبارك: لم أجد له ذكراً في كتب التاريخ والرجال والحديث، وهو بالتأكيد ليس عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظلي التميمي (181ـ195هـ).

(5) سورة يس، الآية: 85.

(6) سورة الأعراف، الآية: 186.

(7) سورة الإسراء، الآية:1.

(91)

 

فقالت: (ثلاث ليالٍ سوياً)(1).

قلت: معك طعاماً تأكلين؟

قالت: (هو يطعمني ويسقين) (2)

قلت: فبأي شيء تتوضئين؟

قالت: (فلم تجدوا ما فتيمموا صعيداً طيباً) (3).

قلت: إن معي طعاماً، فهل تأكلين؟

قالت: (أتموا الصيام إلى الليل)(4).

قلت: ليس هذا شهر رمضان.

قالت: (فمن تطوع خيرا فهو خير له) (5).

قلت: قد أبيح لنا الإفطار في السفر.

قالت: (وإن تصوموا خير لكم)(6).

قلت: فلم لا تتكلمين مثل كلامي؟

قالت: ( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد)(7).

قلت: من أي الناس أنت؟

قالت: ( ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً)(8).

قلت: قد أخطأت فآجعليني في حل.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) سورة مريم، الآية: 10.

(2) سورة الشعراء، الآية: 79.

(3) سورة المائدة، الآية: 6.

(4) سورة البقرة، الآية: 187.

(5) سورة البقرة، الآية: 184.

(6) سورة البقرة، الآية: 184. وهذا على القول بجواز الصوم الاستحبابي في السفر.

(7) سورة ق، الآية: 18.

(8) سورة الإسراء، الآية: 36.

(92)

 

      قالت: (لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم)(1).

      قلت: فهل لك أن أحملك على ناقتي؟

      فقالت: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم)(2).

      فغضضت بصري عنها، فلما أرادت أن تركب، نفرت الناقة، فمزقت ثيابها.

      فقالت: (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم)(3).

      فقلت: إصبري حتى أعقلها.

      قالت: (ففهمناها سليمان)(4).

      فشددت لها الناقة، وقلت: اركبي، فركبت.

      وقالت: (سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين# وإنا إلى ربنا لمنقلبون)(5).

      فأخذت بزمان الناقة وجعلت أسعى وأصيح.

      فقالت: (واقصد في مشيك واغضض من صوتك)(6).

      فجعلت أمشي رويداً وأترنم بالشعر.

      فقالت: (فاقرؤوا ما تيسر من القرآن)(7).

      فقلت لها: لقد أوتيت خيراً كثيراً.

      قالت: (وما يذكر إلا أولوا الألباب)(8).

      فلما مشيت بها قليلاً، قلت ألك زوج؟

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) سورة يوسف، الآية: 92.

(2) سورة النور، الآية: 30.

(3) سورة الشورى، الآية: 30.

(4) سورة الشورى، الآية: 79.

(5) سورة الزخرف، الآيتان: 13ـ14.

(6) سورة لقمان، الآية: 19.

(7) سورة المزمل، الآية: 20.

(8) سورة البقرة، الآية: 269.

(93)

 

 قالت: (يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم)(1).

      فسرت حتى أدركت القافلة، فقلت لها: أهذه القافلة، فمن لك فيها؟

      قالت: (المال والبنون زينة الحياة الدنيا)(2).

      فعلمت أن لها أولاداً، فقلت: فما شأنهم في الحج.

      قالت: (وعلامات وبالنجم هم يهتدون)(3).

      فعلمت أنهم أدلاء الركب، فقصدت بها القباب والعماريات، وقلت: هذه القباب، فمن لك فيها.

      قالت: (واتخذ الله إبراهيم خليلا)(4)، (وكلم الله موسى تكليما)(5)، (يا يحيى خذ الكتاب بقوة)(6).

      فناديت يا إبراهيم، يا موسى، يا يحيى، فإذا بشباب، كأنهم الدنانير(7)، قد أقبلوا، فلما استقر بهم الجلوس.

      قالت: (فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاماً فليأتكم برزق منه)(8).

      فمضى أحدهم واشترى طعاماً، فقدموه إليها.

      فقالت: (كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية)(9).

      فقلت: ألا إن طعامكم حرام علي حتى تخبروني بأمرها؟

ـــــــــــــــــــــــــ

(1) سورة المائدة، الآية: 101.

(2) سورة الكهف، الآية: 46.

(3) سورة النحل، الآية: 16.

(4) سورة النساء، الآية: 125.

(5) سورة النساء، الآية: 164.

(6) سورة مريم، الآية: 12.

(7) الدينار: الوجه المشرق والمتلألىء، ربما يفهم من ذلك أنهم كانوا حمر الوجوه كما الدينار المصنوع من الذهب، والله العالم.

(8) سور الكهف، الآية: 19.

(9) سورة الحاقة، الآية: 24.

(94)

 

      فقالوا: إنها أمنا، ولها منذ أربعين سنة لا تتكلم إلا بالقرآن، مخافة أن تزل، فيسخط عليها الرحمن(1).

      ويظهر من الحديثين أن الأولى كانت في سفرة الحج وفي طريق المدينة إلى مكة، وتاريخها قبل هذه بعشرين سنة، وأبناؤها الذين كانوا معها هم: داود، محمد، يحيى، موسى، وأما في السفرة الثانية فكانت بين مكة وبيت المقدس، وأبناؤها الذين كانوا معها هم: إبراهيم، موسى، يحيى، وكانوا أصحاب حملة، وهذه كانت في أواخر حياتها، ومن سفراتها الثلاثة إلى الحج يتبين فضلها ومعرفتها.

      هذا وقد واصلت فضة خدمتها في البيت النبوي وآله عليهم أفضل الصلاة والسلام، واستقرت في النهاية مع السيدة زينب عليه السلام. ولما خرجت العقيلة مع أخيها الحسين عليه السلام من المدينة إلى العراق، خرجت معها حتى أتت كربلاء(2)، وشاركتها جانباً من المأساة، وروت بعض جوانب وقائع الطف، والتي أوردناها في السيرة، وفي ترجمتها في رواة ملحمة كربلاء، فلا نكرر ومنها مسألة دعائها عند الغرق وعندما أراد القوم أن يدوسوا صدر الحسين عليه السلام في كربلاء(3).

      ولننتقل إلى شيء من حياتها الزوجية وأولادها، فنقول: إنها على الظاهر، رغم كبر سنها، حين دخلت بيت الرسول ص وابنته فاطمة عليه السلام، لم تكن متزوجة، وربما كانت متزوجة قبل الإسلام،ألا أن الاسلام حال بينها وبين زواجها الأول(4)، ولو كان قد تحقق، فإننا لا نعرف عنه شيئاً. ولكن الثابت أن أمير المؤمنين عليه السلام زوجها من أبي ثعلبة، وذلك بعد وفاة السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام عام 11هـ، ويعد هذا زواجها الأول في الإسلام، وذلك حسب المعطيات التي لدينا.

      أبو ثعلبة الحبشي: كما يظهر من كتب الرجال أن هناك تصحيفاً في لقبه،

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) زهر الربيع: 180، ومنهاج البراعة، وعنهما أعيان النساء: 513.

(2) معالي السبطين: 2/229، منها قصة سحق جسد الإمام الحسين عليه السلام بسنابك الخيل.

(3) راجع بحار الأنوار: 45/169.

(4) حيث لا يجوز أن تبقى المسلمة في حبالة الكافر.

(95)

 

والصحيح الخشني، نسبة إلى خشين(1) بن النمر، واسمه: وائل بن النمر بن وبرة بن ثعلب بن حلوان، والنمر أخو كلب بن وبرة، من بن قضاعة(2)، وحلوان هو: ابن عمران بن الحافي بن قضاعة، وهم من القحطانية(3).

      اختلف أهل الرجال في اسم أبي ثعلبة(4)، حيث عرف بكنيته، وكذلك في أسم أبيه(5)،، ولكن البعض اختار بأنه: زيد بن عمر الخشني، ولكن بعضهم يؤكد أن اسمه: لاشر بن جرهم، وأخوه هو: عمرو بن جرهم(6).

      وفد أبو ثعلبة على المدينة، والنبي ص يتجهز إلى خيبر، فأسلم، وكان إسلامه قبل أبي هريرة. وقد صاحب الرسول ص وروى عنه، كما روى عن بعض أصحابه. قيل إنه سكن الشام، وبالتحديد في دريا(7)، ومن هنا ترجمه ابن عساكر، ويذكر بأن بها نسله(8).

      واختلفوا في وفاته، فقيل في عهد عمر بن الخطاب (13ـ23هـ)(9) وقيل في أول عهد معاوية (36ـ60هـ)(10) وقيل عام 75هـ(11) ويقال إنه مات في مسجده، حيث جاءته ابنته لتنبهه، فوجدته ميتاً في سجوده(12).

ـــــــــــــــــــــــــ

(1) وقيل: «خشينة».

(2) أسد الغابة: 6/44.

(3) معجم قبائل العرب: 1/344.

(4) وقيل: عمر، جرهم، جرثم، جرهوم، جرثوم، جرثومة، سبق، لاسبق، لاسر، لاس، لاشوم، لاشومة، الأشق، الأشر، ـ ناشر، ناشب، عربون ـ راجع الإصابة: 4/29.

(5) فقيل في أسم أبيه: قيس، ناسم، لاسم، لاسر، ناشب، ناشر، جرهوم، جرهم، جرثوم، جرثومة، جلهم، حمير، عبد الكريم.

(6) راجع أسد الغابة: 6/44.

(7) داريا: كانت قرية كبيرة من قرى دمشق بالغوطة، وهي الآن تعد جزءاً من دمشق وقد ظهر فيها مرقد ينسب إلى السيدة سكينة بنت الإمام علي عليه السلام.

(8) تاريخ مدينة دمشق: 66/88.

(9) تقدم الحديث عن ذلك.

(10) الإصابة: 4/30.

(11) تاريخ مدينة دمشق: 66/91.

(12) تاريخ مدينة دمشق: 66/104، تهذيب التهذيب: 6/319.

(96)

      وهذه الأقوال متضاربة لا يمكن جمعها، وبالأخص بينها وبين القول بأنه توفي في عهد عمر بن الخطاب، كما يفهم من الرواية السابقة، اللهم إلا إذا قيل بأن هناك شخصيتين، أبو ثعلبة الحبشي، وأبو ثعلبة الخشني، وعلى فرض الاتحاد،فإن علياً عليه السلام زوجها من أبي ثعلبة، فأولدها ابناً، إلا أنه مات في عهد عمر بن الخطاب، بعد أبيه، ولم يبق له منها أي ولد.

      ويظهر لنا من خلال قراءتنا للكتب التاريخية والرجالية، بأنهما شخصيتان، لأن العسقلاني يقول، إنه عاش بعد الرسول ص ولم يحضر صفين، لا مع علي عليه السلام ولا مع معاوية(1)، مما يبعد اتحادهما، والله العالم. ولكن هناك شخصية أخرى باسم ثعلبة الخشني، كما في البحار(2) في حين ترجمة النمازي في رجاله باسم ثعلبة الحبشي(3)، مما يوحي بأن في المسألة خلطاً(4). وتذكر الرواية السابقة فضة تزوجت بعد أبي ثعلبة، أبا ملكي الغطفاني، وجاء في النسخ «سليك» بدلاً من «أبي مليك»، ولدى مراجعة كتب الرجال ومعاجم الرواة، وجدنا أن كنية سليك، هي أبو مليل، باللام، بدلاً من الكاف، حيث جاء في أسد الغابة: «أبو مليل سليك بن الأغر(5) وقال أيضاً: سليك بن عمرو، وقيل : ابن الغطفاني(6).

      وقد عده من أصحاب الرسول عليه السلام والراوين عنه عليه السلام، وكان زواجها منه في عهد عمر بن الخطاب (13ـ23هـ)، ولم تذكر الرواية أنها أنجبت له أم لا.

      وحسب ما قدمنا من أخبارها، فإن فضة أنجبت من الأولاد:

      1ـ داود.

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) الإصابة: 4/30.

(2) بحار الأنوار: 97/83.

(3) مستدركات علم رجال الحديث: 3/87.

(4) وربما جاء الخلط من «ثعلبة» ليكون أحدهما ثعلبة والآخر أبا ثعلبة، والله العالم، وثعلبة أيضاً من أصحاب رسول الله ص، حيث سأله عن تفسير الآية 44من سورة البقرة.

(5) أسد الغابة: 6/ 301.

(6) أسد الغابة: 2/442.

(97)

 

      2ـ محمداً.

      3ـ يحيى.

      4ـ موسى.

      5ـ إبراهيم.

      6ـ مسكة.

      أما الأبناء، فليس لهم ذكر في كتب الرجال ومعاجم الأعلام والرواة، وأما مسكة، فقد عرفت من خلال ابنتها شهرة (حفيدة فضة)، وذكرت في بعض الروايات، وننقل نصها، لعل في ذلك ما يكون مفيداً.

      روى مالك بن دينار قائلاً: رأيت في مودع الحج امرأة ضعيفة على دابة نحيفة، والناس ينصحونها لتنكص(1)، فلما توسطنا البادية، كلت دابتها(2)، فعذلتها في إتيانها(3). فرفعت رأسها إلى السماء، وقالت: لا في بيتي تركتني، ولا إلى بيتك حملتني، فوعزتك وجلال لو فعل بي هذا غيرك لما شكوته إلا إليك.

      فإذا شخص أتاها الفيفاء(4)، وفي يده زمان ناقة، فقال لها: اركبي، فركبت، وسارت الناقة كالبرق الخاطف. فلما بلغت المطاف رأيتها تطوف، فحلفتها من أنت؟

      فقالت: أنا شهرة بنت مسكة بنت فضة، خادمة الزهراء عليها السلام(5).

      هذا كل ما تمكنا من الحصول عليه عن نسلها، واحتمال أن يكون أولادها من سليك الغطفاني، لكننا لم نتمكن من تأكيده، ولا مجال إلى نسبتهم إلى أبي ثعلبة، لتصريح الرواية السابقة، بأن ابنها منه قد توفي، ثم تزوجت بعده بأبي مليل، ويكفيهم شرفاً أن أمهم فضة، كانت خادمة

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) نكص عن الأمر: أحجم عنه.

(2) كل: تعب.

(3) عذله: لامه.

(4) الفيفاء: الفيافي، الصحراء الملساء.

(5) بحار الأنوار: 43/46، عن كتاب مناقب آل أبي طالب(لابن شهرآشوب)، تسلية المجالس: 1/529.

(98)

 

 الزهراء عليه السلام. ومن هنا نجدهم جميعاً يفتخرون بذلك، ومن الأحرى أن نلقبها بخادمة الزهراء عليه السلام، كما أحبت هي وأولادها إطلاق هذه الصفة عليها.

      ويبدو، والله العالم، أنها لم تترك خدمة أولاد فاطمة عليها السلام رغم زواجها، كما يظهر أنها تزوجت ثالثة وأنجبت هؤلاء الأولاد ـ هذا إذا قلنا بأنهم ليسوا أولاد أبي مليل. وعلى أي حال فليس لسليك ذكر أيام الحسن والحسين عليهما السلام.

      وأما بالنسبة إلى وفاتها ومرقدها، فيحدثنا المهتمون بذلك قائلين: «رافقت السيدة زينب عليها السلام من المدينة إلى الشام في الرجوع الثاني وأقامت معها هناك حتى توفيت ودفنت هناك وقبرها معروف بالشام بباب الصغير، ولم يختلف في قبرها اثنان حتى اليوم(1). هذا لو ثبت أن السيدة زينب عليه السلام هي التي توجهت نحو الشام، وإلا فستبقى المسألة غامضة، حيث يرى الكثير بأن السيدة زينب عليه السلام توجهت نحو مصر، ولكن من المؤكد أن قبر فضة خادمة الزهراء عليها السلام في دمشق، إذ لم يذكر لها قبر في غير دمشق(2) ويقع في مقبرة باب الصغير، ومزارها معروف، قد فصلنا الحديث عن مرقدها في باب المراقد من هذه الموسوعة، فليراجع.

      ويذكر أن السيدة نفسية زوجة إسحاق المؤتمن ابن الإمام الصادق عليه السلام زارت مرقد السيدة فضة عام 193هـ، لدى زيارتها قبر ابنة علي عليه السلام بقرية الرواية عن غوطة دمشق(3)، وربما كان هذا سبب الخلط، إذ لعلها زارت قبر السيدة زينب عليه السلام في مصر، لأن النمازي ذكر في مستدركاته الرجالية لدى حديثه عن إسحاق ابن الإمام الصادق عليه السلام الملقب بالمؤتمن، أن زوجته نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسن المجتبى عليه السلام توفيت في مصر سنة 208هـ، وقبرها معروف(4). ومن المعروف أنها مدفونة هناك، ـ وقد تشرفت(5) بزيارة مرقدها عام1408 (1998م)ـ، وربما تكون قد زارت

ــــــــــــــــــــــــ

(1) مرقد العقيلة زينب، للسابقي: 234.

(2) مستدركات علم رجال الحديث: 1/557.

(3) مرقد العقيلة زينب، للسابقي:234.

(4) مستدركات علم رجال الحديث: 1/557.

(5) الضمير يعود إلى صاحب هذه الموسوعة.

(99)

 

دمشق عام 193هـ، ثم وصلت إلى القاهرة، فتوفيت فيها عام 208هـ، والله العالم بحقائق الأمور، وسنبحث كل ما لدينا من المعطيات لدى البحث عن مرقد السيدة فضة في محله إن شاء الله تعالى.

      ولكن من المؤكد أنها توفيت بعد مولاتها السيدة زينب عليها السلام أي بعد عام 62هـ، فلا بد وأن يكون عمرها حسبما قدرناه نحو 87عاماً أو أكثر.

(100)