معجم  أنصار الحسين عليه السلام  (غير الهاشميين)  (الجزء الثاني)

اسم الکتاب : معجم أنصار الحسين عليه السلام (غير الهاشميين) (الجزء الثاني)

المؤلف : للعلامة المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي
المطبعة : المركز الحسيني للدراسات لندن ـ المملكة المتحدة

 

 

 

والاستيعاب وأسد الغابة فلا صحة له، بل هو من النقل عن الآخرين كالذخيرة من دون مستند.

        جاء عنه في زيارة الناحية: «السلام على بشر بن عمر الحضرمي، شكر لله لك قولك للحسين وقد أذن لك في الانصراف: أكلتني إذاً السباع حياً إذا فارقتك، وأسأل عنك الركبان، وأخذلك مع قلة الأعوان لا يكون هذا أبداً »(1)، ولكن اقتصر في الزيارة الرجبية على التسليم عليه بقوله: «السلام على بشير بن عمرو الحضرمي».

        وجاء في تاريخ الطبري(2): «قال أبو مخنف: حدثني عبد الله بن عاصم، عن الضحاك بن عبد الله المشرقي: لما رأيت أصحاب الحسين قد أصيبوا، وقد خلص إليه والى أهل بيته، ولم يبق معه غير سويد بن عمرو بن أبي مطاع الخثعمي وبشير بن عمرو الحضرمي، قلت له: يابن رسول الله، قد علمت ما كان بيني وبينك... »

        وجاء في تاريخ مدينة دمشق(3) بإسناده إلى الأسود بن قيس العبدي قال: قبل لمحمد بن بشير الحضرمي: قد أسر إبنك بثغر الري، قال: عند الله أحتسبه ونفسي، ما كنت أحب أن يؤسر ولا أن أبقى بعده، فسمع قوله الحسين فقال له: رحمك الله أنت في حل من بيعتي فاعمل في فكاك إبنك، قال: أكلتني السباع حياً إن فارقتك، قال: فاعط ابنك هذه الأثواب البرود(4)  يستعين بها في فداء أخيه، فأعطاه خمسة أثواب قيمتها ألف دينار.

        والظاهر أن قوله «لمحمد بن » تصحيف «لأبي محمد »، عندها تصح المقولة، لأن محمد بن بشير لم نجد له ذكراً في واقعة عاشوراء، بل الذي له ذكر هو أبوه بشير، ومحمد هو الأسير في ثغر الري، والله العالم.

__________
(1) راجع معجم أنصار الحسين (غير الهاشميين): 1/214.

(2) تاريخ الطبري: 3/329.

(3) تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر: 14/182 والظاهر أن الملهوف: 153 نقل عن تاريخ مدينة دمشق.

(4) في نسخة «الأثواب المرود ».

(207)

 

        وجاء في المقاتل(1) قال: وجاء رجل(2) حتى دخل عسكر الحسين، فجاء إلى رجل من أصحابه فقال له: إن خبر إبنك فلان وافى، إن الديلم أسروه، فتنصرف معي حتى نسعى في فدائه، فقال: حتى أصنع ماذا؟ عند الله أحتسبه ونفسي، فقال له الحسين: إنصرف وأنت في حل من بيعتي، وأنا أعطيك فداء إبنك، فقال: هيهات أن أفارقك ثم أسأل الركبان عن خبرك، لا يكون والله هذا أبداً، ولا أفارقك، ثم حمل على القوم فقاتل حتى قتل رحمة الله عليه ورضوانه، والظاهر أن المراد بالرجل الذي من أصحاب الحسين «عليه السلام» هو بشير بن عمرو الحضرمي كما يفهم مما نقله ابن عساكر، وورد في زيارة الناحية.

        وما في الإبصار(3) أنه قتل في الحملة الأولى نقلا عن المناقب(4) ليس بصحيح، وجاء في الأنساب(5) وقاتل بشير بن عمرو الحضرمي وهو يقول- من الرجز-:

اليوم يا نفس ألاقي الرحمـــــــان

واليوم تجزين بكل إحســــــــــان

لا تجزعي فكل شي قد هـــــــان

والصبر أحظى لك عند الدّيان(6)

        ذكر الرجز له يدل على أنه قتل مناجزة وليس في الحملة:

        هذا ما ورد في الإبصار(7) تارة قال: إن بشراً الحضرمي قتل فتقدم سويد، ينافي «أنه قتل في الحملة الاولى » نقلاً عن مناقب ابن

__________

(1) مقاتل الطالبيين: 116.

(2) نحتمل والله العالم أن هذه ربما كانت دسيسة من دسائس المعسكر الأموي لصرف الرجل عن نصرة الإمام الحسين بن علي «عليه السلام».

(3) إبصار العين: 189.

(4) مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 4/113.

(5) أنساب الأشراف: 3/196.

(6) راجع ديوان القرن الأول: 2/304.

(7) إبصار العين: 184، 188.

(208)

 

شهرآشوب، حيث لم يرد مثل ذلك في المناقب، كما لم نجد ما نقله عن الداودي في عمدة الطالب، إن قصد بالداودي صاحب العمدة، كما أن وصفه بالتابعي ومن أصحاب أمير المؤمنين «عليه السلام»(1) ليس بصحيح إذ لم يرد إسمه في كتب الرجال والتاريخ وإنما هو من منقولات بعض المتأخرين كالذخيرة(2) حيث قال ما نصه: أقول: قال: ابن عبد الله في الاستيعاب: بشر بن عمرو بن الأحدوث الحضرمي الكندي، كان بشر من حضرموت وعداده في كندة وكان تابعياً، وله أولاد معروفون بالمغازي والحروب، إن مثل هذا لم نجده في المصادر التي ذكرها ولا في غيرها، بل إن أيضا نقل عن الحدائق(3): إنه كان ممن جاء إلى الحسين «عليه السلام» أيام المهادنة، وهذا ما لم نعثر عليه في الحدائق، والظاهر أن صاحب الإبصار نقل عنه دون تحقيق.

        وما في الإبصار(4) أنه كان تابعياً من أصحاب المؤمنين وقاتل معه، وكذلك أخوه بكر المشارك في حروبه «عليه السلام»، وبكر هو الذي قتل عبيد الله بن عمر بصفين(5) في زعامة حضرموت، كما وذكر ذلك الدينوري في الأخبار الطوال، وله أولاد معرفون بالمغازي، وهو ممن جاء إلى الحسين «عليه السلام» أيام المهادنة، لا صحة لنسبته إلى الأخبار الطوال ولا لغيره، بل لم نجد له ولا لبكر ذكر في كتاب وقعة صفين.

        وبهذا القدر ننهي حديثنا عنه، ولكن بالنسبة إلى عمره من خلال المعطيات التي لدينا وذلك أن إبنه إذا كان في عمر يمكنه القتال في ثغر الري فإن ذلك يوحي إلى أنه كان في الثلاثينيات، وهذا يعني أن أباه من الممكن أن يكون في الخمسينيات، أي أن ولادته ربما حصلت قبل سنة 20هـ على أقل التقادير، والله العالم.

__________
(1) كما ورد في إبصار العين: 184.

(2) ذخيرة الدارين: 332.

(3) الحدائق الوردية: 1/251 اورد اسمه دون اي تفصيل.

(4) إبصار العين: 188.

(5) نظن أن صاحب الإبصار خلط بينه وبين بشر بن عمرو بن محصن الأنصاري النجاري المكنى بأبي عمرة الأنصاري والذي قتل في صفين.

(209)

 

        وقد مدحته راثيا بقصيدة تحت عنوان: «ببشر جرى بشري» من بحر الهزج(1) بتاريخ: 9/5/1432هـ:

سرور القلب في بشـــر       ومن فيه جرى بـــــــــــشري(2)

أتى المولى حسينا عــن       يقين في ذرى العســــــــــــر(3)

فلم يعشق سوى عــــــز      ولم يطلب هوى اليســـــــــــــر

جريئاً في الوغى يجري      ويعدو ي منى النصــــــــــــــر

إذا ما اشتد أمــــــــر أو       تبارى لاذ بالصــــــــــــــبر(4)

نسيم الشوق للـــــباري        يلوح الشم بالحشــــــــــــــــــر

شهيد شاهد يرجــــــــو        جزاءً ليس في خســـــــــــر(5)

نعيم الرب رحب للـــــ        ـفتى ما دام في الكــــــــــــر(6)

فيا بشر الذيمن حضــــ        ـرم أبشر علــــــــــــــى الخير

فما عمرو أبوه خـــــــا        ب فـــــــــــــــي جهرٍ ولا سر

ألا فاذكــــــــر ولاءً قد       ســــقاه من أبٍ بـــــــــــــــــر

ومن أم مع الرضع الــ        ذي  يــــــــــسري مدى العمر

بشير عند قوم ذاته بشر       أرى فيه جرى تصحيفة البشر

___________
(1) وزنه: فاعيلن ×4.

(2) جناس لطيف بين (بشر وبشرى).

(3) الذرى: مفردها الذروة وهي القمة، كناية عن الشدة.

(4) لاذ: اعتصم، ولجأ.

(5) الخسر: الهلاك.

(6) الكر: كناية عن الحرب.

(210)

 

(19)

بكر بن حي التيمي

(ق40- 61هـ = 641- 680م)

 

        النسب: بكر بن حي بن علي التيمي، هكذا ورد نسبه في المصادر الحديثة، وبما أنه تيمي فإن جده الأعلى هو تيم الله بن ثعلبة ب عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن (اكلب بن) ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان.

        الكنية: أبو مسعود.

        اللقب: التيمي البكري الوائلي الأسدي النزاري العدناني الكوفي.

        ورد إسمه في جملة شهداء كربلاء في التسمية(1) باسم بكر بن حي التيملي من بني تيم الله بن ثعلبة، والتيملة نسبة إلى تيم الله، كما يصح أن ينسب إلى تيم وحده فيقال تيمي، كما وذكره الحدائق(2) أيضاً دون أن يفصل عنه شيئاً، وما ورد في الإبصار(3) عن الحدائق أنه خرج مع ابن سعد إلى حرب الحسين «عليه السلام» حتى إذا قامت الحرب على ساق، مال مع الحسين «عليه السلام» على ابن سعد فقتل بين يدي الحسين «عليه السلام» بعد الحملة الأولى وهذا مما لم نجده في الحدائق، وربما نقله عن الذخيرة(4)، وهو لم يذكر له مصدراً محدداً بل نسبه إلى بعض أهل السير وهو غير مقبول، ثم قال: وقيل قتل في الحملة الأولى مع من قتل رضوان الله عليه، ومنه نقل تنقيح المقال(5).

____________
(1) راجع التسمية: 154.

(2) الحدائق الوردية: 1/249.

(3) إبصار العين: 207.

(4) ذخيرة الدارين: 458.

(5) تنقيح المقال: 1/177.

(211)

 

        وما ورد في الذخيرة نقلا عن الإصابة(1) لا يتطابق معه، حيث جاء في الإصابة: «بكر بن علي بن تميم بن ثعلبة بن شهاب بن لأم الطائي، له إدراك ولوده مسعود ذكر بالكوفة في زمن الحجاج وكان فارسياً، ذكره ابن الكلبي(2)» حيث لم يذكر أن أباه حي بل نسبه إلى علي مباشرة، ومن جهة أخرى لم يذكر أنه من شهداء كربلاء، كما أنه من بني تميم وليس من بني تيم، ولكن لا شك أن تميم هنا تصحيف لتيم، ومع هذا فلم نجده في جمهرة النسب.

        هذا ولم يرد إسمه في المناقب(3) في جملة من استشهد في الحملة الأولى كما ادعى.

        وجاء في المستدركات(4) نقلا عن عطية الذرة(5) أنه خرج مع عمر بن سعد إلى كربلاء فأدركته السعادة، فذهب إلى مولانا الحسين «عليه السلام» ولحق به واستشهد بين يديه.

        ولا مجال للقول بأن ضبط إسمه جاء مصغراً بكير لأن بكير شخصية معادية كان في صفوف الجيش الموالي للأمويين حيث شارك بكير بن حي التيمي مع هاني بن ثبيت الحضرمي على قتل عبد الله بن عمير الكلبي(6).

        وأما عن عمره فقد احتملنا أنه لم يكن أقل من عشرين سنة وذلك لمكان ابنه مسعود حيث كان فارساً أيام الحجاج بن يوسف الثقفي (70- 95هـ) هذا إن كان ما ذكره الإصابة هو المراد به، حيث ذكر بكير بن علي التميمي(7)، والله العالم بحقائق الأمور.

        وأما بالنسبة إلى ما يعنيه الاسم بكر وضبطه فهو بفتح أوله وسكون

__________
(1) ومن هنا جاء في قاموس الرجال: 2/367 تعليقاً على ما أورده التنقيح «لم يعين مستنده، ينظر فيه ».

(2) ابن الكلبي كتابه هو على الظاهر جمهرة النسب.

(3) مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 4/113.

(4) مستدركات علم رجال الحديث: 2/51.

(5) عطية الذرة: لم نحصل على الكتاب للتحقق منه.

(6) راجع إبصار العين: 197.

(7) راجع الإصابة: 1/175.

(212)

 

ثانيه هو الفتي من الإبل، ولأنه كان كذلك استخدم علماً للرجال، وقد تسمى بذلك من الآباء الجاهليين ثم شاع.

        هذا وقد مدحته راثياً بقصيدة من بحر الهزج المجزوء(1) بتاريخ: 8/5/1432هـ، تحت عنوان: «السراج»:

غدا في كربلا بكـــــــــــر             سراجاً شاقه الـــــــــبدر(2)

فذا حي أبوه قـــــــــــــــد             أتى، تيم له صــــــــــدر(3)

بهي ذاك الذي عنــــد الــ             ـعلى حتماً له قـــــــــــــدر

فيا عزا له المــــــــــأوى              جنان بل له القصـــــــــــر

فلا يعطى الـــــــــجزا إلا             لمن يسمو به الصبـــــــــر

فما بكر سوى عبــــــــــدٍ              شهيدٍ ذخره ذكـــــــــــــــر

مضى في نينوى ظلمــــاً              ألا قد غاله الــــــــــغدر(4)

عطاشى قتلوا قد كـــــظـ              ـهم مـــــــــن غاشم قهر(5)

وفي تيم قــــــــــــــتيل أو             أسيــــــــر سامه الزجر(6)

أرى في الطف شمساً ما              جرت حتى جرت حمر(7)

سبايا سيروا أســـــــرى               وفـــي القربى عثا شمر(8)

_________

(1) وزنه: مفاعيلن ×6.

(2) شاقه: إشتاق إليه.

(3) حي: إسم والد بكر.

(4) نينوى: كربلاء.

(5) كفه: آلمه وغمه وكربه.

(6) سامه: أذله، وظلمه قهراً وإذلالاً.

(7) الحمر: يريد به الدم للونه.

(8) هو ابن ذي الجوشن الضبابي المقتول سنة 66هـ، أحد قادة جيش ابن زياد، وهو الذي حز رأس السبط الشهيد الإمام الحسين بن علي «عليه السلام» في كربلاء.

(213)

 

(214)

 

(20)

بكير بن الحر الرياحي

(ق40- 61هـ = 660- 680م)

 

        النسب: بكير بن الحر بن يزيد بن ناحية بن قعب بن عتاب بن هرمي بن رياح بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم بن حر بن أد بن طابخة بن قمعة بن إلياس بن مضر بن نزار بن عدنان.

        بكير على زنة فعلين وهو مصغر البكر بضم الباء وفتح الكاف مع ياء التصغير والذي المكبر منه أي البكر بمعنى الفتى من الإبل.

        اللقب: رياحي يربوعي تميمي مضري نزاري عدناني كوفي.

        ذكره أبو مخنف في المقتل(1) المنسوب إليه بالنص التالي من دون تسميته ببكير: «قال أبو مخنف (رحمه الله) فأقبل على ابن أخيه قرة وقال: أتنظر إلى الحسين «عليه السلام» يستغيث فلا يغاث ويستجير فلا يجار قد قتلت أنصاره وبنوه، وقد أصبح بين مجادل ومخاذل، فهو لك أن تسير بنا إليه وتقاتل بين يديه فإن الناس عن هذه الدنيا راحلة، وكرامات الدينا زائلة، فلعلنا نفوز بالشهادة، ونكون من أهل السعادة؟ فقال له: ما لي بذلك حاجة فتركه، وأقبل على ولده وقال له: يا بني لا صبر لي على النار، ولا على غضب الجبار، ولا أن يكون غداً خصمي أحمد المختار، يا نبي أما ترى الحسين «عليه السلام» يستغيث فلا يغاث، ويستجير فلا يجار، يا بني سر بنا غليه نقاتل بين يديه فلعلنا نفوز بالشهادة، ونكون من أهل السعادة(2).

___________
(1) مقتل الحسين لأبي مخنف: 119، وفي تاريخ أبي مخنف في مقتل الحسين طبعة بمبي: 36.

(2) في الأسرار: 2/246 نقل مضمون هذا نقلاً عن مقتل الحسين لأبي مخنف، كما ورد في ينابيع المودة: 2/168 على ما نقله عن أبي مخنف قريب منه.

(215)

 

        فقال له ولده حباً وكرامة، قال: ثم إنهما حملا من عسكر ابن زياد كأنهما يريدان القتال حتى هجما على الحسين فنزل الحر عن ظهر جواده وطأطأ رأسه وجعل يقبل يد الحسين «عليه السلام» ورجليه وهو يبكي بكاءً شديداً.

        فقال له الحسين «عليه السلام»: إرفع رأسك يا شيخ، فرفع رأسه وقال: يا مولاي أنا الذي منعتك عن الرجوع والله، يا مولاي ما علمت أن القوم يبلغون منك هذا، وقد جئتك تائباً مما كان مني ومواسيك بنفسي، وقليل في حقك يا مولاي أن تكون نفسي لك الفداء، وها أنا ألقي حمامي يا مولاي بين يديك فهل من توبة عند ربي؟ فقال له «عليه السلام»: إن تبت تاب الله عليك ويغفر لك وهو أرحم الراحمين، قال: ثم إن الحر قال: لولده إحمل يا بني على القوم الظالمين فحمل الغلام على القوم ولم يزل يقاتل حتى قتل سبعين(1) فارساً ثم قتل (رحمه الله) قال: فلما رآه أبوه مقتولاً فرح بذلك فرحاً شديداً، وقال: الحمد الله الذي رزقك الشهادة بين يدي مولانا الحسين «عليه السلام» ثم تقدم الحر (رحمه الله) إلى الحسين «عليه السلام» وقال: يا مولاي أريد أن تأذن لي بالبراز إلى الميدان... »(2).

        ولعل أول من حدد إسمه هو صاحب الأسرار(3) حيث قال ما نصه: «فأقبل الحر على ولده بكير وقال له: ودع مولاك الحسين، فجاء إلى الحسين «عليه السلام» وقال: السلام عليك يا بن بنت رسول الله فإني معك في هذه الساعة، فنسأل الله تعالى أن يجمعنا بك على الحق في جنات النعيم، يا مولاي إليس قد رضيت عنا؟ فقال: نعم إني راضٍ عنكما، قال: فادع لنا يا مولاي، قال: فرفع الحسين «عليه السلام» يده إلى السماء وقال: اللهم إني أسألك أن ترضى عنهما فإني راض عنهما.

_____________
(1) جاء في أسرار الشهادة: 2/247 «حتى قتل من القوم أربعة وعشرين رجلا ».

(2) ونقل عن أبي مخنف أسرار الشهادة: 2/248.

(3) راجع أسرار الشهادة: 2/216 عن المقتل المنسوب إلى شهاب الدين العاملي المتقدم الحديث عنه كما ونقل عن الأسرار ذخيرة الدارين: 366، وعنه وقائع الايام للخياباني: 4/328، ونقله مختصراً فرسان الهيجاء: 1/52 عن مخزن البكاء للبرغاني.

(216)

 

        قال: وحمل الحر وابنه حملة رجل واحد، فأقلبا الميمنة على الميسرة، والميسرة على الميمنة، وضربا في القلب- إلى أن يقول:- ثم عادا ووقفا بين يدي الحسين «عليه السلام»، وأقبل الحر على ولده وقال: جعلت فداك، إحمل على أعداء الله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فحمل بكير على القوم، وأنشأ يقول شعراً:

أنا بكير وأنا ابـــــــــن الحر

أفدي حسينا من جميع الضر

أرجو بــــــــذاك يوم الحشر

مــــــع النبي والإمام الطهر

        قال: فحمل على القوم وقتل منهم، وهم بالرجوع فلقيه الحر وقال: أما سمعت قول الله عز وجل (يا أيها الذين آمنوا إذ لقيتم الذين كفروا زحفاً فلا تولوهم الأدبار)(1) فعاد الغلام راجعاً إلى القوم، فحمل عليهم وقتل منهم خلقاً كثيراً، ونضخهم بالجراح، فقال لهم ابن سعد: إحملوا عليه، فحملوا بأجمعهم عليه، فلما رأى ابن الحر ذلك كر راجعا إلى أصحابه، فعطف عليه أبوه وجماعة من أصحاب الحسين فالتقوه، وثار الغبار وارتفع القسطل(2) حتى ما أحد يعرف صاحبه، قال: فاقتطعوا ولد الحر جماعة من أصحاب ابن سعد وحملوه على أطراف الرماح وأشفار الصفاح، وهو يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ثم قضى نحبه، فلما رأى الحر ولده قد قتل فرح واستبشر وقال: الحمد الله الذي استشهدك بين يدي الحسين «عليه السلام» ولم تمت جاهلاً.

        إلى أن قال: أتى الحر إلى ولده وحمله إلى الحسين «عليه السلام»، ورجع أولئك القوم إلى أصحابهم، فمن كان له نسيب أو قريب جعل يطلبه من بين القتلى، ثم حمل أصحاب الحسين «عليه السلام» ومعهم الحر حملة حنق، فأنشأ الحر يقول شعراً... »

__________
(1) سورة الأنفال، الآية: 15.

(2) القسطل: الغبار الساطع من الحرب والقتال.

(217)

 

        هذا وورد في الناسخ(1) إسم ابن الحر علياً، فهل كان له ولدان أم أن المؤرخين اختلفوا في إسمه وسوف نأتي في حرف العين على بيان تفاصيل ذلك، ولكن من بعض التفاصيل التي ينقلها صاحب الأسرار يظهر أنه هو المراد.

        هذا كل ما ورد في ابن الحر الرياحي، ولا يخفى أن مثل هذه المصادر ذكرت مصعباً أخا الحر وكذلك غلامه ليكون مجموع من أمالوا من المعسكر الأموي يوم عاشوراء إلى المعسكر الحسيني من كتلة الحر الرياحي أربعة خمسة أشخاص، والله العالم.

        وحسب المعطيات التي بين أيدينا فإن عمر نجل الحر من المفروض أن يكون أكثر من عشرين سنة لتكون ولادته قبل سنة 40هـ، والله العالم.

        قلت في بكر قصيدة بتاريخ 1/7/1431هـ من بحر الرجز المخلوع (المصفى)(2) بعنوان: «فاز الفتى»:

إبحث عن التصغير في بكيــر                يـــــــــــــــــــأتي لتعظيم كما برير

عظم حسيناً عند صيغة الـــــ                 ـتصغير التي اســــــــتخدمت لخير

هكذا بكير كان نجل حــــــــر                 لبى نداء الغوث من شـــــــــــبير(3)

من يتبع في الهدى والـــــداً لا                يرضى سوى رفض الهوى بقسر(4)

أرضى بذا رباً.. أباً.. حسينـاً                 لما جرى بين العدا كنســــــــــــــر

لا ينثني عن طعنةٍ وقد بــــــا                راهم بضربٍ موجعٍ وخســــــــــر

لم يرض إلا قتل قائدٍ قــــــــد               جافى حسيناً في الوغى كشمــــــر

يهوي عليهم من على حصانٍ        صيداً بأظفار كمثل صقـــــــــــــر

____________
(1) ناسخ التواريخ: 2/261، وممن ذكره باسم علي هو صاحب روضة الشهداء: 352، كما وفي حبيب السير: 2/52.

(2) وزنه: مستفعلن مستفعلن فعولن ×2.

(3) شبير: الحسين «عليه السلام».

(4) القسر: القهر والإكراه.

(218)

 

إذ لا يبالي من مدججٍ ضــــــــا               رٍ في سلاحٍ مــــــــوقناً بنصر

إما سعيداً أو شهيد عـــــــــــــز               يفدي حــــــــسيناً روحه ببشر

ذا نجل قرمٍ من بني ريـــــــاح               هــــــــــذا أبي من أبٍ كحر(1)

فاز الفتى بين الورى بذكر الــ               ـأحرار في دنيا قضت بغدر(2)

أبلى بلاءً قاسيـــــــــاً بيوم الــ                      ـعشر الذي فيه فدا بـــــــــكير

__________
(1) الحر: يريد به والده الحر بن يزيد الرياحي.

(2) الورى: الخلق.

قضت: حكمت.

(219)

 

(220)

 

(21)

پيروزان بن .... الفارسي

(ق1- 61هـ = 622- 680م)

 

        إسمه پيروزان بكسر الباء الفارسية، والمفردة الفارسية على زنة بولودان وأصله پيروز وتعني المنتصر والمظفر والغالب، وإذا ما ألحق به «آن» في الفارسية للدلالة على إحدى تسع والذي يناسب المقام منها ما يلحق باسم الفاعل للدلالة على الكثرة والاستمرارية، وكأنه يريد أن يقول: إنه دائم الانتصار والغلبة والظفر(1)، ومنذ العهد الساساني استخدمت المفردة «پيروزان» إسم علم.

        وربما كان پيروزان هو الذي كان قائداً في جيش يزدجرد الساساني(2) في حربه مع المسلمين سنة 21هـ ورغم أنه كان فتى فإن يزدجرد أولاه قيادة كل جيوشه، وقد التحم مع جيوش المسلمين في مدينة نهاوند(3)، وفيها انتصر المسلمون وأسر(4) پيروزان، ولكنه ورد بأنه قتل في المصدر الذي نقلنا عنه والله العالم.

        جاء في الروضة(5) ما ترجمته: إن عبد الله ابن الإمام الحسن «عليه السلام»

_____________
(1) راجع فرهنگ فارسي: 94.

(2) يزدجرد: هو الثالث ابن شهريار، آخر ملوك الساسانيين، حكم نحو عشرين سنة، وقد قتل سنة 31هـ.

(3) نهاوند: مدينة إيرانية تقع غربي كرمنشاه، وهي جزء من محافظة همدان يحدها من الشمال توسركان ومن الشرق ملاير ومن الغرب تقريباً فيروز آباد، ومن الجنوب تقريبا بروجرد.

(3) لغت نامه دهخدا: 12/176.

(4) روضة الشهداء: 396.

(221)

 

عندما برز إلى المعركة في الطف وبدأ يهاجم القوم ويقاتلهم، عندها أتى بختري بن عمرو الشامي إلى عمر بن سعد وأخذ يوبخه على عدم مقدرته على مبارزة ابن السبط الزكي حيث انفعل من ذلك، فهجم مع جماعة على عبد الله بن الحسن «عليه السلام»، ولما رأى أنصار الحسين «عليه السلام» ذلك خرج إلى المعركة محمد بن أنس وأسد بن أبي دجانة و پيروزان بين يدي عبد الله بن الحسن «عليه السلام» إلى أن أنهكه القتال، فلما هم بالرجوع وإذا بعثمان الموصلي قد طعنه من الخف بالرمح فوقع من على الفرس فاحتوشوه وقتلوه.

        وجاء في الفرسان(1) ما ترجمته: فيروزان- بالفاء الموحدة- كان مولى الإمام الحسن «عليه السلام» وقد استشهد في كربلاء، وقد بالغ الفاضل القزويني(2) في الرياض في عدد من قتل على يده، وبما أنه تفرد بذلك وخرج عن المألوف فلم أورد ما ذكر.

        من الملاحظ أنه ضبط إسمه بالفاء الموحدة بدل الپاء الفارسية المثلثة التحتاتية، وهذا متعارف حيث أن اللغة الفارسية تحولت مفرداتها المحتوية على الپاء الفارسية إلى فاء بعد أن فتحت بلاد الفرس من قبل المسلمين فكانت اصفهان تلفظ اسپهان، وبين الفاء والباء علاقة قديمة في اللغة الفارسية.

        وأما بالنسبة إلى عمره فإن الذي يظهر أنه كان من سبي دولة الساسانيين التي فتحها المسلمون في أيام عمر بن الخطاب في العقد الثالث من السنة الهجرية، وإذا صحت المقولة السابقة أنه كان القائد الأعظم في جيش يزدجرد الثالث فلا بد أن تكون ولادته قبيل الهجرة لأنه وصفه بالفتى، وعليه فإن عمره يكون يوم استشهاده في كربلاء إن صح الاختيار نحو ستين سنة أو أكثر.

        وقد أنشأت قصيدة بتاريخ: 4/1/1435هـ بعنوان: «إسمه نصر» من بحر المتئد(3):

___________
(1) فرسان الهيجاء: 2/24 نقلا عن رياض الشهادة: 2/161.

(2) الفاضل القزويني: هو محمد حسن بن محمد معصوم القزويني الحائري المتوفى سنة 1240هـ.

(3) وزنه: فاعلاتن فاعلاتن مستفعلن ×2.

(222)

 

إن پيروزان فرد لا تثنيــــــــــــــــه          ليس جمعاً أيض في الفرس المعطيه(1)

فارسي واسمه إيضاً شخصـــــــــــه          هكذا قالوا لــــــــــــــــــه عند التسميه

من بني ساسان ذا يأتي نسلـــــــــــه          لم يكن إلا أسيراً في المـــــــــجريه(2)

يا ترى عبداً أتى في بيت الهـــدى(3)         راجياً حسن الولا يوم التضحيــــــه(4)

قد رعى الوالي حسين من خلف الــ          ـمجتبى من وارثٍ عالي التربيــــــــه

إذ تولى شأنهم من حر ومــــــــــــن          عبد قن والنسا بعد التوعيـــــــــــــــه

كان پيروزان منهم حتى أتــــــــــى          كربلا في ظلها قامت أنديــــــــــــــه

فاسمه نصر إذا ما عربـــتم الــــــــ           ـلفظ طبقاً للمنى حين التغطيـــــــه(5)

يوم قل الناصر الموفي حق سبــــــ          ـط الهدى أعني حسيناً بالتزكيـــــــه

هاكم أنصار آل الهادي لقــــــــــــد           قتلوا جوراً فقوموا بالتعزيـــــــــــــه

ليتنا في صحبه نفدي من قضــــى           ظامئاً دماً سقي يوم الترويـــــــــــه(7)

 

___________

(1) المعطية: إشارة إلى عطاء الفرس في العوم.

(2) المجرية: أي الحرب الجارية.

(3) بيت الهدى: هو بيت الإمام الحسن «عليه السلام».

(4) يوم التضحية: أراد به يوم الطف.

(5) التغطية: النهاية السعيدة وهي الشهادة.

(6) المزرية: المصيبة وأريد بها يوم عاشوراء.

(7) التروية: يوم السقي وهو يوم مقتله «عليه السلام» حيث كان عطشاناً وطلب الماء فسقوه الدم.

(223)

 

(224)

 

حرف التاء

 

        لم نحصل على من يبدأ إسمه بحرف التاء فيمن استشهد مع الإمام الحسين «عليه السلام» في كربلاء يوم عاشوراء من الأنصار غير الهاشميين.

(225)

 

(226)

 

حرف الثاء

 

                لم نجد من إسمه مبتدىء بحرف الثاء من أنصار أبي عبد الله الحسين «عليه السلام» في معركة الطف الحزينة من غير الهاشميين، إلا ما ورد في نسخة مغلوطة من الزيارة الرجبية باسم ثبيت بن عبد الله النهشلي بدل «شبيب»، وقد أوقعنا في الخطأ قبل أن نحقق في شخصيته، ومن هنا أنشأنا في مدحه قصيدة تحت عنوان: «النهشلي» وهي في الواقع تعود إلى شبيب، وقد أضفنا بعد ذلك بيتاً لتدارك الخطأ وهي من بحر الرجز المخلوع(1) وذلك بتاريخ: 5/2/1435هـ.

من نهشلٍ قد جاءنا ثبــــــــــيت               لا شك قرم ثابت سميـــت(2)

منه الولا، منه الوفا أريـــــــــج               ذاك الذي في زهده سكيت(3)

سلم عليه مثلـــــــــما أتـت ذكــ               راه لدى التسليم ذا ثـــبيت(4)

في كربلا ضحى بنــــفسه والــ               ـغالي وإن الحـــق لا يفت(5)

لم يأل جهداً في رضا العلى يو               م الطف ذا للبطل لا يمت(6)

درس لنا هل ننتمي إلى الأبـــ                        ـرار الألى للحـق كم يقت(7)

________

(1) الرجز المخلوع، تفعيله كالتالي: مستفعلن مستعلن فعولن ×2.

(2) السمت: المحجة، الطريق: أراد أنه لزم السمت الصحيح.

(3) الأريج: رائحة الطيب اذا فاحت.

السكيت: الكثير السكوت كناية عن اخفاء زهده.

(4) ثبيت: اسم الممدوح.

(5) فت الشيء: أضعفه.

(6) البطل: الباطل.

(7) قت: تتبع.

(227)

 

عند البلا تبدو مـــــــــــعالم الأتـ             ـباع التي تــجلو لما يبت(1)

قادوا الورى في ظلمةٍ طغت عن            جهلٍ ولــــولاهم لما يعت(2)

هذا حسين نورهم به قــــــــــــد              أمــــوا وهم منه إذاً نبيت(3)

أجر لهم من ربهم كبيـــــــــــــر              فـــارتأوا جميعاً ثلة تشت(4)

قد بان في أنه شبيــــــــــــــــب               قد أخطؤوا في ثبته وقتوا(5)

 

___________
(1) بت في الشيء: انجزه وأثبته.

(2) عته: وبخه.

(3) نبيت: مصغر النبت.

(4) شت: تفرق.

(5) قت الشيء: أفسده.

(228)

 

حرف الجيم

22- جابر بن الحارث السلماني                     ن30- 61هـ.

23- جابر بن الحجاج الكوفي                        ق29- 61هـ.

24- جابر بن عروة الغفاري                ق18ق.هـ - 61هـ.

25- جبلة بن عبد الله الكوفي                        ن38- 61هـ.

26- جبلة بن علي الشيباني                         ن25- 61هـ.

27- جرير بن يزيد الرياحي                         22- 61هـ.

28- جعبة بن قيس الأنماري                ن19- 61هـ.

29- جعيد بن ... الهمداني                           ن17- 61هـ.

30- جلاس بن عمرو الراسبي                      ق21- 61هـ.

31- جنادة بن الحارث الأنصاري                    ... - 61هـ.

32- جنادة بن الحارث السلماني                    ن2- 61هـ.

33- جنادة بن كعب الأنصاري                       ن30- 61هـ.

34- جندب بن حجير الخولاني                      ن30- 61هـ.

35- جون بن حري النوبي                          16ق.هـ- 61هـ.

36- جوين بن مالك الضبيعي                        ن25- 61هـ.

 

(229)

 

(230)

 

جدول التحويلات

 

1- حيان بن الحارث السلماني       = جابر بن الحارث السلماني.

2- حباب بن الحارث السلماني      = جابر بن الحارث السلماني.

3- حسان بن الحارث السلماني     = جابر بن الحارث السلماني.

4- جياد بن الحارث السلماني       = جابر بن الحارث السلماني.

5- جبار بن الحارث السلماني       = جابر بن الحارث السلماني.

 

(231)

 

 

(232)

 

(22)

جابر بن الحارث السلماني

(ن30- 61هـ = 65- 680م)

 

الاسم: جابر وهو إسم فاعل من جبر العظم إذا أصلحه ليكون معناه المصلح، وهو من الاسماء التي استخدمت علما منذ الجاهلية.

        تفرد بذكره الطبري في تاريخه(1) برواية أبي مخنف قائلاً: «أما الصيداوي عمر بن خالد، وجابر بن الحارث السلماني، وسعد مولى عمر بن خالد، ومجمع بن عبد الله العائذي فإنهم قاتلوا في أول القتال فشدوا مقدمين بأسيافهم على الناس، فلما وغلوا عطف عليهم الناس فأخذوا يحوزونهم وقطهوهم من أصحابهم غير بعيد، فحمل عليهم العباس بن علي فاستنقذهم، فجاؤوا وقد جرحوا، فلما دنا منهم عدوهم شدوا بأسيافهم فقاتلوا في أول الأمر حتى قتلوا في مكان واحد ».

        يفهم من هذه العبارة أن هؤلاء الأربعة من المقتولين في الحملة الأولى، وهم غير من قتلوا في الحملة الثانية المشهورة بالحملة الأولى، والله العالم.

        وجاء في الكامل(2) مثلما جاء في الطبري إلا أنه ضبطه جبار بصيغة المبالغة بدل جابر بصيغة الفاعل، مما لا شك أنهما شخصية واحدة، ولعل جابراً أولى من جبار لأن الثاني من الاسماء المختصة بالله جل وعلا إن استخدم علماً، وفي الغالب يعني القاهر، وقد ورد في الأسد(3): أن «جبار

______________

(1) تاريخ الطبري: 3/330.

(2) الكامل في التاريخ: 3/293.

(3) راجع أسد الغابة: 1/315.

(233)

 

بن الحارث كان إسمه جباراً فسماه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عبد الجبار، حيث ورد أنه أتى (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال له: ما إسمك؟ فقال: جبار بن الحارث، فقال: بل أنت عبد الجبار، ولا يمكن البت بأنه هو المراد فعليه يكون صحابياً، أو أنه شخصية أخرى، وإنما أوردنا ذكره لمسألة أن التسمية بجبار غير مرغوب فيها في الإسلام إلى حد أن بعض الفقهاء يحرمون مثل هذه التسمية لأن الاسم مختص بالله تعالى، والله العالم.

        وهناك من قطع بأنه تصحيف لجنادة بن الحارث (الحرث) المذحجي المرادي السلماني ولكنني في شك من اتحادهما رغم عدم ذكرهما في مصدر واحد بشكل مستقل، نعم قد يوردهما مصدر واحد بإسمين مختلفين من دون أن يرى أنهما متغايران كما في الذخيرة.

        وسبب الشك في أن الطبري ذكر أنه قتل مع رفاقه الثلاثة في الحملة، والفتوح(1) ذكر أنه قتل مبارزة، وذكر له رجزاً حيث جاء في الفتوح ومقتل الخوارزمي(2):

        ثم خرج من بعده- نافع- جنادة بن الحرث الأنصاري وهو يقول:

أنا جناد وأنا ابن الـــــــــــحارث

لست بخوار ولا بناكــــــــــــــث

عن بيعتي حتى يرثنــــي وارث

اليوم شلوي في الصعيد ماكث(3)

من الملاحظ أنهما لم يناسبه إلى السلمان بل لقبوه بالأنصاري، كما ذكرا أن الذي خرج بعده هو عمرو بن جنادة الأنصاري مما يظهر أنه إبنه، كما أن الظاهر

بمن وصف بالأنصاري أنه خزرجي وليس بمذحجي، ولا يخفى أن بني سلمان هم أبناء سلمان بن يشكر بن ناجية بن مراد بن مذحج القحطاني، ولا يلتقيان معاً إلا في الأجداد البعيدة، مما يقرب احتمال عدم اتحاد الشخصيتين.

_________
(1) الفتوح: 5/301.

(2) مقتل الحسين للخوارزمي: 2/21.

(3) راجع ديوان القرن الأول: 1/99.

(234)

 

        واعتبر صاحب الأنصار(1) كلا من جنادة وحيان و حباب وحسان أنهم تصحيف لجابر حيث قال: ذكره الشيخ الطوسي- في الرجال(2)- مصحفاً «جنادة بن الحرث السلماني»، وكذلك عند السيد الأمين في الأعيان(3)، وعده سيدنا الأستاذ- في المعجم(4)- بعنوان جنادة تبعاً للشيخ، وذكر صاحب المعجم أيضاً(5) حيان بن الحارث السلماني الأزدي بعنوان مستقل، وذكر اسمه في الزيارة- الناحية(6)- مصحفاً بحباب بن الحارث السلماني الأزدي، وفي النسخة الأخرى حيان(7) وفي- الزيارة- الرجبية(8)- من- نسخة البحار(9) حيان بن الحارث، وفي نسخة الأقبال(10): حسان بن الحارث، ولعل الجميع واحد، وفي مناقب(11) إبن شهرآشوب: حباب بن الحارث في عداد قتلى الحملة الأولى، وفي الأنساب(12) جاء: جياد بن الحرث السلماني المرادي.

        وفي الجمع بين الأزد(13) والسلمان إشكال حيث أنهما لا يجتمعان،

___________
(1) أنصار الحسين: 78.

(2) رجال الطوسي: 72.

(3) أعيان الشيعة: 1/611 «جنادة بن الحارث السماني ».

(4) معجم رجال الحديث: 4/163 باسم «جنادة بن الحارث السلماني » نقلا عن رجال الطوسي.

(5) معجم رجال الحديث: 6/308 باسم «حيان بن الحارث السماني الأزدي » نقلا عن الزيارتين.

(6) زيارة الناحية: في المرتبة 26.

(7) زيارة الناحية: في المرتبة 43.

(8) الزيارة الرجبية: في المرتبة 26 باسم حيان بن الحارث من دون لقب.

(9) بحار الأنوار: 45/72 باسم حباب بن الحارث السلماني الأزدي.

(10) إقبال الأعمال: 714 باسم حسان بن الحارث من دون لقب.

(11) مناقب آل أبي طال لابن شهرآشوب: 4/113.

(12) أنساب الأشراف: 3/198.

(13) هناك من أضاف الأزدي على السلماني وهو صاحب تنقيح المقال: 1/234 نقلاً عن رجال الطوسي: 72 والذي لم يورد فيه الأزدي، كما لم يرد في الزيارتين الأزدي فهو إقحام، وسنأتي على بيان ذلك في جنادة، راجع قاموس الرجال: 2/724.

(235)

 

بل يلتقيان في مذحج (مالك) بن أدد بن زيد الثاني ابن يشجب الثاني ابن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب الأول ابن يعرب بن قحطان(1) حيث أن سلمان هو ابن يشكر بن ناجية بن مراد بن مالك (مذحج)، وأما الأزد فهو ابن الغوث بن بنت مالك (مذحج)، هذا والمرادي مذحجي لأن مراداً هو ابن مذحج.

        والظاهر أنه لا ريب من أن حيان وحباباً وحسان أسماء قابلة للتصحيف فيما بينها لقرب رسم الحروف فيها، ولكن التصحيف بين جنادة وجابر بعيد، وأما بين جابر وجبّار ممكن لا من حيث الحروف بل من حيث المادة(2)، ومن هنا يجوز القول بأن جابر بن الحارث السلماني شخصية أخرى مغايرة مع جنادة بن الحارث الأنصاري، فالأول قتل في الحملة، والثاني في المناجزة، ومما يؤيد ذلك ما ورد في المناقب(3) الإسمان معاً فقد ذكر جنادة بن الحارث الأنصاري مناجزاً وذكر رجزه وبعد صفحات ذكر حباب بن الحارث مستشهداً في الحملة الأولى.

        ومزيد من الكلام سيأتي في ترجمة جنادة إن شاء الله تعالى.

        وأما ما جاء في المناقب(4) في قتلى الحملة الأولى باسم حباب بن الحارث فهو متحد على الظاهر مع جابر بن الحارث، والله العالم.

        وأما ما ورد في الإبصار(5) فهو من أوصاف جابر وليس من أوصاف جنادة، لأنه لا يتطابق معا ما ورد في الطبري، كما ويظهر من نقل الطبري أنه كان من أهل الكوفة، وستأتي في ترجمة جنادة أن صاحب الذخيرة(6) أتى بأمور ليست لها واقعية ونسبها إلى بعض المصادر وهي خلية منها.

        هذا واستظهر صاحب القاموس(7) عن موقع التحاقهم بالركب

__________
(1) راجع معجم أنصار الحسين (غير الهاشميين): 1/68 و127.

(2) والأظهر أن جباراً وحيان وحباباً هم أقرب إلى التصحيف فيما بينهم من جابر.

(3) مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 4/104.

(4) مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 4/113.

(5) إبصار العين: 158.

(6) ذخيرة الدارين: 417.

(7) قاموس الرجال: 2/505.

(236)