معجم  أنصار الحسين  (النساء)     (الجزء الأول)

اسم الکتاب : معجم أنصار الحسين (النساء) (الجزء الأول)

المؤلف : للعلامة المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي
المطبعة : المركز الحسيني للدراسات لندن ـ المملكة المتحدة

 

 

 

لطائف وحكم

 

       وحتى لا تخلو هذه المقدمة التمهيدية من بعض اللطائف والحكم في دنيا المرأة انتخبنا بعض الأشعار والأمثال والحكم اللطائف لتكون بمثابة روضة من رياض ذلك الجنس اللطيف الذي هو نعمة من الله للبشرية فيما إذا وضع في موضعه اللائق وإلا كان نقمة انقلبت عليه، وما على الإنسان إلى أن يشكر الخالق بحسن التصرف وعرفان الجميل(1).

  • قال أحد الشعراء(2) في فلسفة الحجاب للمرأة من الكامل:

ما الدر وهو مجرد عن حرزه          بمقدر كالدر في الأصــــــــداف

وتصان بالستر الثمار وتغتدي          ببروزها في معرض الاتلاف(3)

  • ومن الطرائف التي تذكر أنه سئل زيد بن حبيب(4): إذا ادخل رجل المسجد بأي رجليه يبدأ؟ قال: أما سمعت ما يقال للعروس: ضعي رجلك اليمنى على المال والبنين(5).
  • ويذكر أن جدنا الأكبر الإمام الشيخ إبراهيم الكبرباسي(6) كان

_____________
(1) ولا يخفى فإن في هذه اللطائف والحكم بعض الفوائد، وفيه بعض الأمثال العربية ذات المغزى الاجتماعي.

(2) الشاعر هو الشيخ حسين العاملي.

(3) الحجاب سعادة لا شقاء: 155.

(4) زيد بن حبيب: حفيد سلامة القضاعي (358- 433هـ) من أهل الإسكندرية، ومن علماء الشافعية ومحدثيها، يكنى بأبي عمر، له كتاب «الفرائد» وهو في الحديث.

(5) ربيع الأبرار: 4/284.

(6) إبراهيم الكرباسي: هو محمد إبراهيم بن محمد حسن بن محمد جعفر الأشتري النخعي (1180- 1261هـ) من أعلام الأمة وفقهائها، من مؤلفاته: الإشارات، شوارع الهداية، وهداية المسترشدين.

(76)

 

 معروفاً بالزهد والتقى فكان يحتاط في عقد الزواج بين الطرفين ويشترك أن يكونا متكافئين في الإيمان، فكان إذا أراد إجراء عقد امرأة على رجل سألهما عن المسائل العقائدية وأدلتها قبل أن يعقد عليهما، وذات مرة عندما حضرت عنده إحداهن وبدأ يسألها عن المسائل العقائدية فلما طال موقفها، قالت: «لا أدري أهي ليلة عرسي أم دفني»، في إشارة إلى سؤال منكر ونكير في القبر(1).

  • ويقال إن معاذة(2) زفت إلى صلت بن أشيم(3) فبات ليلة الزفاف يتهجد، فسأل عن ذاك فقال: دخلت بيتاً فذكرت النار- أراد بالبيت الحمام-، ثم دخلت بيتاً فذكرت الجنة- أراد بالبيت بيت العروس- فما زال فكري فيهما حتى أصبحت(4).
  • وقال القاضي عياض(5) يصف اندماج الحبيبين، من الوافر:

رأت قمر السماء فذكرتني       ليالي وصلها بالرقمتين(6)

____________
(1) حياة الإمام الكرباسي (مخطوط).

(2) معاذة: هي ابنة عبد الله العدوية التي كانت أيضاً تسكن البصرة، وكانت تكنى بأم الصهباء، وكانت من ربات الفصاحة والبلاغة والزهد، ولما مات زوجها لم تتوسد فراشاً حتى ماتت، وعاشت أكثر من سبعين سنة، وقد توفيت سنة 101هـ.

(3) صلت بن أشيم العدوي: كان من وجهاء أهل البصرة أيام ولاية عبيد الله بن زياد، في عهد يزيد بن معاوية، ولما كان سنة 61هـ طلب منه الالتحاق بالجيش الموجه إلى خراسان، فلم يقبل حتى رأى رؤيا فقبل، كان يكنى بأبي الصهباء، وقد توفي في آخر القرن الأول الهجري.

(4) ربيع الأبرار: 4/285.

(5) القاضي عياض: هو عياض بن موسى بن عياض بن عمرون اليحصبي السبتي (476- 544هـ) من علماء المغرب وأئمة الحديث فيها، ولي قضاء سبتة وكان مولده فيها، ثم تولى قضاء غرناطة، توفي مسموماً بمراكش، له: مشارق الأنوار، الإلماع، وترتيب المدارك.

(6) الرقمتان: تثنية الرقمة وهو مجتمع الماء في الوادي، ولعله أراد بهما الروضتان التي إحداهما قريبة من البصرة والأخرى بنجد الذي يقول عنهما زهير بن أبي سلمى من الطويل كما في معجم البلدان: 3/58، وديوان زهير: 20:

ودار لها بالرقمتين كأنها         مراجع وشمٍ في نواشر معصم

(77)

 

كلانا ناظراً قمراً ولكن          رأيت بعينها ورأت بعيني(1)

  • ومن لطائف الأزواج: أن بعض الملوك كانت عنده ثلاث نسوة، فسأل أي وقت هذا؟ فقلن وقت السحر.

فقال: ما يدريكن؟

   قالت الفارسية: وجدت ريح الرياحين.

   وقالت العربية: وجدت برد خلخالي.

   وقالت النبطية: كزني(2) ما في بطني(3).

  • جاء في المثل: إن النساء شقائق الأقوام(4) [أي شقائق الرجال].
  • وقال مصعب بن الزبير(5) لإحدى زوجاته: أنت مثل البغلة لا تلدين، فردت عليه: لا والله، ولكن أبى كرمي أن يقبل لؤمك(6).
  • وصف بعضهم المرأة مخاطباً لها من البسيط:

أنت الجحيم لقلبي والنعيم له            فما أمرك في قلبي وأحلاك(7)

  • يذكر عن زوجين متآلفين أجبرتهما ظروف قاهرة خارجة عن إرادتهما على الطلاق فسجل التاريخ آخر حوار لهما بعد الطلاق وأرادت المرأة أن ترحل، فقال لها: اسمعي وليسمع كل من حضر: إني والله اعتمدتك رغبة وعاشرتك بمحبة، ولم توجد منك زلة، ولم تدخلني منك ملة، ولكن القضاء كان غالباً. فقالت: جزيت خيراً من صاحب ومصحوبة،

_____________

(1) نفح الأزهار: 9.

(2) كز: القبض والانبساط السريع، وهي مستخدمة في اللهجة اللبنانية.

(3) ربيع الأبرار: 4/282.

(4) فرائد الأدب [المنجد في اللغة]: 101.

(5) مصعب بن الزبير: هو حفيد العوام بن خويلد الأسدي القرشي (26- 71هـ) ولي العراق من قبل أخيه عبد الله بن الزبير، وقاد الجيوش ضد المختار الثقفي وغيره، وقتل في حربه مع عبد الملك الأموي.

(6) ربيع الأبرار: 4/282.

(7) نفح الأزهار: 15.

(78)

 

فما استرثت خيرك، ولا شكوت ضيرك، ولا تمنيت غيرك، ولم أزد إليك إلا شرها(1)، ولم أجد لك في الرجال شبها، وليس لقضاء الله مدفع ولا من حكمته علينا ممنع(2).

  • قال علي «عليه السلام»: المرأة ريحانة وليست بقهرمانة(3).
  • ويوصي خالد بن صفوان المنقري(4) من أراد الزواج بقوله من الطويل:

عليك إذا ما كنت لا بد ناكـــــــحاً             ذوات الثنايا بالغر والأعين النجل(5)

وكل هضيم الكشح خفاقة الحشا(6)            قـــطوف الخطا بلهاء وافرة العقل(7)

  • وكنت صديقاً لأحد أقاربي فوجدته تزوج عن حب، رغم معارضة والديه، واختلف بسبب مكانته الاجتماعية، فطلق عن ود، وذهبا للمحكمة دون أن يشعر بهما أحد لينفصلا، إلا أنهما اختلفا في وقت الطلاق فرجعا، ثم لما اتفقا طلقا وبقيا كأصدقاء، رغم أن كلا منهما تزوج، ولكن كلا الطرفين بقي سنداً للآخر، ثم طلق كل منهما زوجه الثاني وما زالا على الود والتواصل، وقد أقدمت على البحث عن زوجة يناسب مكانة زوجها، ومع هذا كلاهما مقتنعان بأن أحدهما لا ينفع الآخر ليرجعا عن

______________
(1) شره إلى الطعام: اشتد ميله إليه فهو شره، أرادت لم أزدد إليك إلا ميلاً.

(2) ربيع الأبرار: 287.

(3) بحار الأنوار: 100/252.

(4) خالد بن صفوان المنقري: هو ابن الأهتم خالد بن صفوان بن عبد الله بن عمرو بن الأهتم، ولد في القرن الأول الهجري وتوفي سنة 133هـ، كان من فصحاء العرب المشهورين، ولد ونشأ في البصرة، ولم يتزوج، وله كلمات شاعت إشاعة المثل.

(5) الغر: الحسن من الجبهة أو الوجه بشكل عام، الثنايا: جمع الثنية وهي أسنان مقدم الفم، العين النجلاء: الواسعة مع الحسن.

(6) امرأة هضيم: خمصاء البطن، والكشح: ما بين السرة ووسط الظهر، والمراد به الخاصرة، والخفقة: الدقيق الخصر، والخفاقة مبالغة الخفق، والحشا: ما انضمت عليه الضلوع، قطوف الخطا: بطئية الخطوات عند المشي، والبلهاء: المرأة الغر التي لا دهاء لها، والبلهاء من النساء: الكريمة المزيرة الغريرة المغفلة.

(7) ربيع الأبرار: 4/288.

(79)

 

قرار انفصالهما وأقول الله الظروف(1).

  • وقيل للإسكندر(2): لو استكثرت من النساء ليكثر ولدك، ويدوم بهم ذكرك، فقال: دوام الذكر بتحسين السيرة، والسنن، ولا يحسن بمن غلب الرجال أن تغلبه النساء(3).
  • وقال الله تعالى في محكم كتابه: (الطلاق مرتان فإمساك بمعروفٍ أو تسريح بإحسان)(4). وقال عز من قائل: (وللمطلقات متاع بالمعروف حقاً على المتقين)(5).
  • يقال إن التفاهم أساس التعايش، وهذا يذكرنا بقصة تروى عن السيد الحميري(6) أنه التقى «فرجة بنت الفجاء»(7) الخارجية وهي راكبة فرساً، وكانت فرجة فصيحة جميلة، فتحاورا أحسن حوار إلى أن خطب إليها نفسها فقالت: أعلى ظهر الطريق؟ فقال: ألم يكن نكاح أم خارجة أسرع؟ فاستضحكت وقالت تصبح وننظر ممن، فقال الحميري من البسيط:

إن تسأليني بقومي تسألي رجلاً         في ذروة العز من أحياء ذي يمن

إني امرؤ حميري حين تنسبيني        جدي رعين وأخوالي ذوو يـــزن

       فعرفته وقالت: يماني، وتميمية، ورافضي وحرورية، كيف يجتمعان؟.

_____________
(1) مذكرات المؤلف.

(2) الإسكندر: هو الكبير الملقب بذي القرنين، ولد في مقدونيا سنة 1009ق.هـ (356ق.م) وتوفي في بابل سنة 876ق.هـ (324ق.م)، كان من الملوك الذين توسع في مملكته وبنى الإسكندرية في مصر وشمل حكمه مصر والعراق وإيران والهند وغيرها.

(3) ربيع الأبرار: 4/291.

(4) سورة البقرة، الآية: 229.

(5) سورة البقرة، الآية: 241.

(6) السيد الحميري: هو إسماعيل بن محمد بن يزيد بن ربيعة بن مفزع (105- 173هـ) من أعلام شعراء الإمامية، ومن أكثرهم نظماً، وكان مجاهراً بحبه لأهل البيت «عليه السلام»، له ديوان شعر، جمع بغض ما عثر عليه من شعره.

(7) فرجة بنت الفجاء: كانت من ذوي الكمال والجمال افتتن بها السيد الحميري ولكنها كانت على مذهب الخوارج الذين يعادون علياً وأهل بيته الأطهار «عليه السلام».

(80)

 

       فقال: على أن لا نذكر سلفاً ومذهبا(1) فتزوجها وأقاما في عيشة راضية(2).

  • الحب القاتل في شعر أبي العتاهية(3) من السريع:

لم يبق مني حبها ما خـــلا              حشاشة في بدن ناحــــــــــل

يا من رأى قلبي قتيلاً بكى              من شدة الوجد على القاتل(4)

  • قال النبي داود «عليه السلام»: امرأة السوء لبعلها كالحمل الثقيل على الشيخ الكبير، والمرأة الصالحة له كالتاج المخوص بالذهب، كلما رآها قرت عينه(5).
  • تزوج أحد المكفوفين بامرأة على أنها بكراً فتبين له أنها لم تحافظ على عفتها، وقررا أن ينفصلا رغم إصرار الزوجة بالستر عليها، ولكن الزوج أصر على الانفصال إلا أنهما اتفقا على صيغة معينة تحفظ كرامتها، ولكن صديقات السوء استدرجن الزوجة فباحت بسرها، فانتشر الخبر وكان ما كان من أمرها مما لا يحمد عقباه، فاعتبر صديق المكفوف وتعهد نفسه أن يتعالى عن ذلك فيما لو حصل له ما شابه ذلك حفظاً لكرامتها وذلك في سبيل الله، وما أن تزوج ذلك الصديق إلا وأنعم الله عليه بمن هي أطهر من العفة وقد أنعم الله عليه بامرأة مثالية ذات خلق رفيع لا تعاب بشيء، وما كان منه إلا أن شكر الله على ذلك(6).
  • وفي الحديث: تنكح النساء على أربع: الجمال، والنسب، والمال، والدين، فمن نكح للجمال عاقبه الله بالغيرة، ومن نكح للنسب

______________
(1) حيث كان بين القبيلتين خصام قديم، وكان الحميري على مذهب أهل البيت «عليه السلام» وكانت فرجة من الخوارج الحرورية.

(2) ربيع الأبرار: 4/289.

(3) أبو العتاهية: هو إسماعيل بن القاسم بن سويد العيني العنزي (130- 211هـ) نسبته إلى عنزة بالولاء، شاعر مشهور، مكثر النظم، سريع الخاطر، جمع شعره في ديوان.

(4) نفح الأزهار: 26.

(5) ربيع الأبرار: 4/290.

(6) مذكرات المؤلف.

(81)

 

عاقبه الله بالذل، فلا يخرج من الدنيا حتى يكسر جبينه، ويشح وجهه، وتخرق ثيابه وجيبه عليه، ومن نكح للمال لم يخرجه الله من الدنيا حتى يبتليه بمالها، ثم يقسي قلبها عليه فلا تعطيه قليلاً ولا كثيراً، ومن نكح للدين أعطاه الله المال والجمال والنسب وخير الدنيا والآخرة(1).

  • اختار الابن لنفسه امرأة صالحة فوافق أبوه على ذلك قائلاً له: إن أباها سيشد ظهرك، أراد أنه غني يعينك على معيشتك، فمضت الأيام والليالي ولم تتجاوز السنة أو تجاوزتها قليلاً إلا واضطر الزوجان إل الهجرة، ودارت الأيام حتى توفي أبويهما ووقعت الهجرة بين العائلتين، ولم يحص الزوجان على ميراثهما من الأبوين، ولكن الله أنعم عليهما فلم يكونا بحاجة إلى مال أبويهما، وكانا عوناً لأبناء ذلك الأب الصالح والغني دون العكس وذلك بفضل نية الزوج على الزواج من فتاة عفيفة مؤمنة، وخلافاً لمقولة الأب الذي قال إن أباها سيشد ظهرك، ولله الأمر من قبل ومن بعد(2).
  • يقول أبو شمر الغساني(3) عن خيانة الرجل وضرورة عدم الاختلاط- من الكامل-:

لأ تأمنين على النساء أخا أخ           ما في الرجال على النساء أمين

حر الرجال وإن تعفف جهده           لا بد أن بنظرة سيخـــــــــون(4)

  • ويخاطب شاعر آخر المرأة ويحثها على الحجاب والعفاف، ومن الخفيف قائلا:

واجعلي شيمة الحياء خمـــاراً          فهو بالغادة الكريمة أولــــــى

والبسي من عفاف نفسك ثوباً           كل ثواب سواه يفنى ويبلى(5)

__________

(1) ربيع الأبرار: 4/306.

(2) مذكرات المؤلف.

(3) أبو شمر الغساني: هو والد الحارث الغساني، كان من أمراء غسان في أطراف الشام والمتوفى سنة 8هـ، أدرك الابن الإسلام وأرسل إليه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كتاباً.

(4) ربيع الأبرار: 4/285.

(5) الحجاب سعادة لا شقاء: 157.

(82)

 

  • يقال إن عامر بن الحصين(1) نظر إلى رجل شجاع فأعجبه، وتزوج أخته طمعاً في أن ينزع ولدها إليه، فابتكرت بجارية فقال: الحمد الله، ثم ثنت بأخرى فقال: الحمد الله، ثم ربعت، فقال: لا حول ولا قوة إلا بالله(2).
  • قال أمير المؤمنين على بن أبي طالب «عليه السلام»: «خير نسائكم العفيفة في فرجها، الغلمة(3) لزوجها »(4).
  • وقال أبو الأسود الدؤلي(5) في وصية لبنيه: يا بني أحسنت إليكم صغاراً وكباراً وقبل أن تولدوا، قالوا: يا أبانا، قد علمنا إحسانك صغاراً وكباراً أفرأيت أن تبين لنا قبل أن نولد؟ قال: قد طلبت لكم موضعاً في النساء لكي لا تعيروا(6).
  • قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): لا يفرك(7) مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضي آخر(8).
  • وقال علي (صلى الله عليه وآله وسلم): جهاد المرأة حسن التبعل(9).

______________
(1) عامر بن حصين: لم نعثر على ترجمته في مظانه وفي معظم المعاجم التي لدينا، وربما كان عامر بن حفص المتوفى عام 190هـ والذي يلقب بسخيم ويكنى بأبي اليقظان، العالم بالأخبار والأنساب وصاحب المؤلفات والتي منها: كتاب النوادر، كتاب النسب، وكتاب خندف وأخبارها.

(2) ربيع الأبرار: 4/284.

(3) غلم: كان منقاداً للشهوة.

(4) جاء في ربيع الأبرار: 4/298 مروياً عن الإمام علي «عليه السلام»، وجاء في بحار الأنوار: 100/37 مروياً عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).

(5) أبو الأسود الدؤلي: هو ظالم بن عمرو بن سفيان بن جندل الكناني (1ق.هـ- 69هـ)، سكن البصرة ومات فيها، وضع علم النحو وعلوماً أخرى بأمر من الإمام علي «عليه السلام» كان من الفقهاء والمحدثين، والشعراء والأدباء، ولاه الإمام «عليه السلام» على البصرة.

(6) ربيع الأبرار: 4/306.

(7) الفرك: ضد العشق.

(8) حقوق النساء في الإسلام: 39.

(9) ربيع الأبرار: 4/295.

(83)

 

  • صادف أن تزوج رجلاً في بلاد الغربة من غير بني قومه فلم يكن قادراً على التخاطب، فطلب من بعض أصدقائه أن يترجموا له ما يحتاجه من المفردات ليلة زفافه، إلا أن لغة التعامل غلبت لغة الخطاب(1).
  • وقال علي «عليه السلام»: صيانة المرأة أنعم لحالها وأدوم لجمالها(2).
  • وأخيراً، فالمرأة زهرة إن أوليتها اهتمامك استقبلتك بثغرها الباسم واستمتعت بطيبها النافح، وإن أدبرت عنها ذبلت وأذبلتك، وأصبحت حياتك كالليل الدامس.

 

__________
(1) مذكرات المؤلف.

(2) غرر الحكم: 4/200.

(84)

 

الأوصاف والمراحل

 

       إن هذا الجنس اللطيف كالجنس الخشن، له مراحل يطويها منذ الولادة لتصل حد العجز والشيخوخة، واللغة العربية خصصت لكل مرحلة من تلك المراحل عنواناً خاصاً ليميزها عن غيرها من مراحل الحياة، بل إن اللغويين لم ينسوا المرأة في ذكر أوصافها والنعوت التي وصفت بها جراء ما يرافقها من تغييرات وتحولات في سمة من سماتها، وهي في الواقع كثيرة إلا أننا لم نكتفي ببعض منها، ربما وصفت إحداهن بوصف أو نعت في مطاوي النصوص التي سنوردها ليكون القارىء قد تعرف عليها من ذي قبل، ونستعين في ذلك بما أورده الثعالبي(1) في ذلك، حيث يقول ترتيب سنة الأنثى:

       هي طفلة ما دامت صغيرة.

       ثم: وليدة إذا تحركت.

       ثم: كاعب إذا كعب ثديها.

       ثم: ناهد إذا زاهد.

       ثم: معصر إذا أدركت.

       ثم: عانس إذا ارتفعت عن حد الإعصار.

       ثم: خود إذا توسطت الشباب.

       ثم: مسلف إذا جاوزت الأربعين.

___________
(1) الثعالبي: هو عبد الملك بن محمد بن إسماعيل النيسابوري (350- 429هـ) المكنى بأبي المنصور، أديب ناثر، ولغوي ناظم، لم مجموعة من المؤلفات: سحر البلاغة، يتيمة الدهر، وثمار القلوب.

(85)

 

       ثم: نصف إذا كانت بين الشباب والتعجيز.

       ثم: شهلة كهلة إذا وجت مس الكبر وفيها بقية وجلد.

       ثم: شهبرة إذا عجزت وفيها تماسك.

       ثم: حيزبون إذا صارت عالية السن، ناقصة القوة.

       ثم: قلعم ولطلط إذا انحنى قدها وسقطت أسنانها(1).

  • وأورد الثعالبي عن أوصافها ونعوتها ما يلي:

- فإذا كانت شابة حسنة الخلق فهي خود.

- فإذا كانت جميلة الوجه غضة، ناعمة البشرة فهي بهكنة وبضة.

- فإذا كانت حيية فهي خفرة وخريدة.

- فإذا كانت منخفضة الصوت فهي رخيمة.

- فإذا كانت نفوراً من الريبة فهي نوار.

       - فإذا كانت تنجب الأقذار فهي قذور.

       - فإذا كانت عفيفة فهي حصان.

       - فإذا أحصنها زوجها في محصنة.

       - فإذا كانت عاملة فهي صناع.

       - فإذا كانت خفيفة اليدين بالغزل فهي ذراع.

       - فإذا كانت كثير الولد فهي نثور.

       - فإذا كانت قليلة الأولاد فهي نزور.

       - فإذا كانت تلد الذكور فهي مذكار.

       - فإذا كانت تلد الإناث فهي مئنات.

       - فإذا كانت تلد مرة ذكراً ومرة أنثى فهي معقاب.

_____________
(1) فقه اللغة: 84.

(86)

 

       - فإذا كانت لا يعيش لها ولد فهي مقلاة.

       - فإذا ولدت أحمق فهي محمقة.

       - فإذا أتت بتوأمين فهي متآم.

       -  فإذا كانت تلد الحمقى فهي محماق.

       - فإذا كان لها زوج ولها ولد من غيره فهي لقوت.

       - فإذا مات زوجها في مراسل.

       - فإذا مات ولدها فهي ثكول.

       - فإذا تركت الزينة لموت زوجها فهي حاد ومحد.

       -  فإذا كانت غير ذات زوج فهي أيم وعزبة وأرملة وفارغة.

       - فإذا كانت ثيباً فهي عوان.

       - فإذا بقيت في بيت أبويها غير متزوجة فهي عانس.

       - فإذا كانت عروساً فهي هدي.

       - فإذا كانت جليلة تظهر للناس ويجلس إليها القوم فهي برزة.

       - فإذا كانت نصفاء عاقلة فهي شهلة كهلة.

       - فإذا أقامت على ولدها بعد زوجها ولم تتزوج فهي مشبله.

       - فإذا أرضعت ولدها ثم تركته لتدرجه إلى الفطام فهي معفرة.

       - فإذا كانت نهاية في السمن والعظم فهي قمعلة.

       - فإذا كانت لا تختضب فهي سلتاء.

       - فإذا كانت حديدة اللسان فهي سليطة.

       - فإذا زادت سلاطتها وأفرطت فهي سلقانة وعزقانة.

       - فإذا كانت شديدة الصوت فهي صهصلق.

       - فإذا كانت جرية قليلة الحياء فهي قرثع بلهاء.

       - فإذا كانت بذية وقحة فهي سلفعة.

       - فإذا كانت تتكلم بالفحش فهي مجعة.

(87)

 

       -  فإذا كانت تلقي عنها قناع الحياء فهي جلعة.

       - فإذا كانت شديدة الضحك فهي مهزاق(1).

       ويضيف قائلاً:

       - إذا كانت ضخمة وهي على اعتدال فهي ربحلة.

       - فإذا زاد ضخمها ولم يقبح فهي سبحلة.

       - فإذا دخلت في حد ا يكره فهي مفاضة وضناك.

       - فإذا أفرط ضخمها فهي عفضاج(2).

       وهذا وقد أطلق الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته الأطهار «عليه السلام» كلمات تنبىء عن تكريمها حيث قالوا: إنها ريحانة، ونعمة، ورحمة. فما أعظم هذه الكلمات في حقها بينما كانوا يتعاملون معها في الجاهلية بكل قساوة ومهانة، وإلى ذلك يشير القرآن الكريم: (وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم* يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هونٍ أم يدسه في التراب إلا ساء ما يحكمون)(3).

 

___________
(1) فقه اللغة: 149.

(2) فقه اللغة: 28.

(3) سورة النحل، الآيتان: 58- 59.

(88)

 

مفردات أخرى

 

       هناك مفردات تستخدم في شقيق الرجل لم ترد في المقطع السابق فلا بد من الإشارة إليها ولو بإيجاز وهي: المرأة، النساء، الأنثى، السيدة، الآنسة، الجنس الآخر، الجنس اللطيف، الجنس الناعم، ولا بأس بالإشارة إلى معانيها اللغوية والاصطلاحية وبإيجاز.

       1- المرأة: مؤنث المرء، مثلث الميم، والمراد به الإنسان، أو شخصه، وكذلك الإمرأة، مؤنث الإمرء وهو الإنسان، أو شخصه، وعلامة الإعارب في الإمرء بثبت الهمزة على الحروف الثلاثة الهمزة للنصب، والياء في حالة الجر، والواو عند الرفع، وبالاستقلال عند السكون، وهذا ما شاع خلافاً للمختار الذي نرى باستقلالية الهمزة كغيرها من الحروف لتكون الحركة علامة الإعراب، فتكتب كحالة سكون الهمزة هكذا «امرء»، وتظهر الحركات الثلاث مع السكون على الهمزة، ولا حاجة لثبت الهمزة على شيء. وعلى أي حال فالمرأة والإمرأة مفردتان لا جمع لهما من جنسهما وتجمعان على نساء ونسوة.

       2- النساء: بكسر النون وهي جمع المرأة من غير لفظها، ولها مرادفات أي أن المرأة والإمرأة تجمعان نساء ونسوة بكسر النون وضمه أيضاً، وعلى نسوان بالكسر، وعلى النسون بالكسر، وعلى النسنين بالكسر.

       3- الأنثى: بضم أوله وسكون ثانيه، وهو خلاف الذكر، ويجمع على إناث بالكسر وأناثي بالفتح، وجمع الجمع يأتي على أنث بضمتين، والمؤنث يقابله المذكر، فالأول اسم جنس والثاني اسم نوع.

       4- السيدة: مؤنث السيد وهي بفتح السين وتشديد الياء المكسورة

(89)

 

وهو رئيس القوم وشريفهم، وجمع السيد: سادة وأسياد وسيائد، وجمع الجمع منه سادات، وجمع السيدة يأتي على سيدات، ويطلق السيد والسيدة على كل من المذكر والمؤنث من باب الاحترام والتجليل، وفي مقابل هذا التعميم فهناك تخصيص السيد والسيدة لمن كان من الأشراف من نسل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) عبر فاطمة الزهراء «عليه السلام» ولكن المقصود بهما هنا هو مطلق الرجل والمرأة بغرض التكريم والتبجيل، وقد شاع استخدامهما بهذا المعنى في هذه الأيام.  

       5- الآنسة: بمد الهمزة وكسر النون من آنس يؤانس مؤانسة من باب المفاعلة الدال على وقوع الفعل من الطرفين كما في ضارب يضارب مضاربة، جذره يعود إلى الأنس بضم الهمزة وسكون النون وهو ضد الوحشة، وآنسه بمعنى لاطفه وآلفه وسلاه، وأسكن قلبه، والآنسة هي المرأة الطيبة النفس والجمع أوانس وآنسات.

       واصطلح في عصرنا إطلاق الآنسة على الفتاة غير المتزوجة، وأما في أصل الوضع فلم يؤخذ هذا الأمر بعين الاعتبار بل أريد من المفردة: المرأة التي يؤنس بحديثها أو يسكن إليها قلب الرجل، وقال تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها)(1).

       6- الجنس الآخر، الجنس الناعم، الجنس اللطيف: كلها مصطلحات حديثة استخدمت في المرأة كمصطلح أدبي جديد، أريد من الأول الجنس الآخر في قبال الذكر «الرجل»، وهو اصطلاح غير محبذ، لأن فيه جرح لمشاعر المرأة حيث يفهم منه أن الأصالة للرجل فتكون الأنثى هي الجنس الآخر المتفرع من الرجل، وربما كان هذا الأمر صحيحاً من حيث الخلقة، فالمتفق عليه في الشرائع السماوية: أن الله خلق آدم أولا ثم خلق منه حواء، لكن من ناحية أخرى فإن القانون الإلهي بعد ذلك تمثل في كون الأنثى هي مصدر للرجال والنساء فالأم هي التي تحبل وتلد دون الأب، وإن نوقش هذا بأن المرأة ليست إلا ظرفاً للبنات والبنين ولا دخل لها في تحديد الذكر والأنثى بمعنى أن مني الرجل بما يحمله من الصبغيات

_________
(1) سورة الروم، الآية: 21.

(90)

 

يحدد الأنوثة والرجولة، دون بويضات الزوجة(1)، ومع هذا فإنه لا يمكن إنكار دور الأم بشكل اعتيادي وطبيعي بأنها مصدر الجنسين، ومن هنا سميت بالأم، ولا ننسى أن عيسى ولد دون أب، فكان له أم ولم يكن له أب.

       وفي الواقع أن هذه مجرد مناقشات بعيدة عن الموضوع الذي نحن بصدده فلذلك لا مجال للتوسع فيها.

       وأما الجنس الناعم وكذلك اللطيف: فهما اسمان على مسمى، لأنه لا يمكن إنكار نعومة المرأة ولطافتها في قبال الجنس الخشن (الرجل) والذي عادة يكون أضخم من المرأة، والمراد بالنعومة نعومة الملمس والمراد باللطافة الرفق والرقة، حيث إن معاملة المرأة وممارستها تتم برفق، كما أن الملاحظ على تركيبتها الجسدية هو الرقة وليس فيها خشونة الرجل وكثافته، هذا بشكل عام، إذ رب يكون ناعماً في ملمسه ولطيفاً في تركيبته الجسدية، ولطيفاً يتعامل برفق ممارسته اليومية، وهناك من النساء من تميل إلى الخشونة والضخامة ولكن ذلك لا يعد متعارفاً.

       وهناك مفردات أخرى تستخدم في مراحل حياة المرأة مثل الصبية والفتاة والشابة والمراهقة، وما إلى ذلك، فإنها في الحقيقة جاءت من تأنيث المفردات التالية: الصبي والفتى والشاب والمراهق، وهي كثيرة لها مدلولاتها في استخدامها في الجنسين وليست خاصة بالأنثى، وقد بحثنا ذلك في مطاوي الموسوعة فلا نكرر.

_____________
(1) راجع المقدمة التمهيدية لـ«باب الحسين الكريم في القرآن العظيم» من هذه الموسوعة.

(91)

 

المرأة والإسلام

 

       إن الإسلام كرم المرأة باستقلاليتها في الرأي والعمل، وخلصها من نظام التبعية التي كانت سائدة وربما لا زالت التبعية شائعة في بعض القبائل، أو الحضارات، وفي عرض سريع نبين موارد ذات أهمية لحياة المرأة مما منحها الإسلام الحق في استقلالية القرار، ولا يخفى أن استقلالية القرار هي الأصل، والتبعية تحتاج إلى دليل، ومع هذا فإن بيان بعض الموارد فرصة لفهم الإسلام، ونظرته الشمولية والاستقلالية في شأن المرأة، نعم إن كل ما يرتبط بالزوج من الوقت والسمعة فليست حرة فيه تماماً، حيث له تأثير على الحياة المشتركة التي وقعت عليه سلفاً، ولكن في غير ذلك فهي مستقلة في القرار، ومن تلك:

       1- قرار الزواج: لا يحق لأحد مهما كان أن يسلبها هذا الحق، وقد كانت المرأة في الجاهلية لا بد لها من الإذعان إلى رغبة الأب، وليس لها الحق في الرد أو القبول فيما إذا اختار الأب لها الزوج، ولا زال هناك من يتعامل على هذا الأساس مع الأسف، وربما روج أعداء الإسلام هذا طعناً بالعقيدة الإسلامية، ولكن هناك رواية صريحة يرويها ابن عباس حيث يقول: إن جارية بكراً جاءت إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالت: إن أبي زوجني من ابن أخ له، ليرفع خسيسته، وأنا له كارهة.

       فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): أجيزي ما صنع أبوك.

       فقالت: لا رغبة ما صنع أبوك.

       قال (صلى الله عليه وآله وسلم): فاذهبي فانكحي من شئت. فقالت: لا رغبة لي عن ما صنع أبي، ولكني أردت أن أعلم النساء أن ليس للآباء في أمور بناتهم شيء(1).

____________
(1) سنن ابن ماجة: 1/578.

(92)

 

       غاية ما هناك على البنت الباكر أن تستشير أباها في من تختاره لتستفيد من خبراته، وأن لا تقع في جهالة، وإن لم تستشره صح العقد، ولكنها فعلت حراماً- على المختار-، هذا إن كان الأب قد راعى مصلحتها.

       2- الاستقلالية في المال: في بعض الحاضرات إذا تزوج الرجل بالمرأة فإنها تشاركه في كل صغيرة وكبيرة من أمواله من يوم عقد عليها، ولكن الإسلام أعطى كلاً من الزوجين الاستقلالية في حفظ أمواله، والتجارة فيها والتعامل معها، وليس لأحدهما الحق في التصرف في مال غيره من دون إذنه، وإذا انفصلا فلكل ماله، وبذلك يحافظ الإسلام على كيان كل واحد منهما.

       3- التبعية مرفوضة: جرت القوانين الوضعية والأنظمة المدنية على أن تتبع المرأة بعد الزواج لزوجها في تحملها اسم عائلته، فتصبح ملقبة بلقبه العائلي، وهذا من الحط من كرامتها واستقلاليتها، نعم إذا كان ذلك بالتفاهم وبالتراضي فلا بأس، وأما أن تكون التبعية هذه هي الأصل فهذا ما لا يقبل، حيث هو حط من كرامتها.

       4- العزل: حق من حقوق المرأة فمن المفروض أن يتم برضاها، كما لها استخدام العازل أيضاً من دون أن تخبر زوجها أو أن يكون برضاه، كما أن الإنجاب رغم أنه حق من حقوق الزوجين منوط بموافقتها.

       5- المساواة في الحقوق والواجبات: حيث قال جل وعلا: (أني لا أضيع عمل عاملٍ منكم من ذكرٍ أو أنثى بعضكم من بعضٍ)(1).

       وقال تبارك اسمه: (من عمل صالحاً من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياةً طيبةً ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون)(2)، وقال جل اسمه: (من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها ومن عمل صالحاً من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حسابٍ)(3)،

_______________
(1) سورة آل عمران، الآية: 195.

(2) سورة النحل، الآية: 97.

(3) سورة غافر، الآية: 40.

(93)

 

وكأن هذه الآية جاءت رداً على من نفى كونها من الجنس البشري، فجاءت الآيات لتقف أمام الجدل الذي ساد في الغرب، هل هي إنسان  أو غير إنسان؟ وهل تحمل روحاً أم لا؟(1) أو اعتبرها مخلوقة أدنى من الرجل خلقت لأجل ترفيهه لا غير، أو سلب عنها خيار الانفصال عن الزوج فيما إذا عاشت الجحيم معه. وعليه كانت أكثر الديانات الديانات كالهندوسية والبوذية والنصرانية واليهودية، ولا ننسى الحضارات الصينية واليونانية والفارسية التي كانت تعامل المرأة معاملة مغايرة للرجل.

       6- جاء الإسلام ليكشف أن المعايير السابقة عليه لم تكن معايير حقيقية ولا واقعية بل كانت معايير سلطوية وطائشة أخذت بعين الاعتبار مصلحة جانب واحد، وألغت دور الفكر والعقيدة، فقد روي عن الإمام الصادق «عليه السلام»: «المرأة الصالحة خير من ألف رجل غير صالح»(2) فإنه «عليه السلام» جعل قيمة الإنسان امرأة كانت أم رجلاً في قيمته العقائدية والفكرية والاجتماعية ما دام يحمل عقلية صالحة وسلوكاً صالحاً فهو المفضل دون أي اعتبار لمسألة الجنس، وقد قال تعالى: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم)(3) إلى غيرها من موارد لا مجال لذكرها.

       وأخيراً لا بأس بالإشارة إلى قوله تعالى: (وليس الذكر كالأنثى)(4) وما أراد البعض من التشويش على الإسلام بأنه يفضل الذكر على الأنثى لنقول:

       أولاً: إنه ورد عن لسان أم السيدة مريم «عليه السلام».

       ثانياً: إنه ليس في مقام التفضيل، بل إن النذر كان على المولود الذكر- على ما كانت تظن- لتخدم البيت المقدس، ومن المعلوم أن الخدمة لبيت المقدس كانت للذكور دون الإناث.

       ثالثاً: إن الله أكرم المرأة من خلال السيدة مريم «عليه السلام» بأنه فرض

______________
(1) المرأة مع النبي: 74.

(2) المرأة مع النبي: 77.

(3) سورة الحجرات، الآية: 13.

(4) سورة آل عمران، الآية: 36.

(94)

 

خدمتها لبيت المقدس على خلاف الطقوس التي كانت سائدة ولذلك لاقت السيدة مريم «عليه السلام» وأهلها الكثير من المتاعب.

       رابعاً: إن الله تعالى قال: )إن الله اصفطى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران)(1) حيث إن المراد بآل عمران هي مريم وابنها النبي عيسى «عليه السلام».

_____________
(1) سورة آل عمران، الآية: 33.

(95)

 

الزوجة المفضلة

 

       هناك عدد كبير من الروايات تذكر صفات المرأة التي تصلح للتزوج بها، نذكر هنا بعض المرويات عن طريق أهل البيت «عليه السلام».

       روى الصادق «عليه السلام» عن أبيه الباقر «عليه السلام»، قال: النساء أربعة أصناف: فمنهن ربيع مربع، ومنهن جامع مجمع، ومنهن كرب مقمع، ومنهن غل قمل.    

       فأما الربيع المربع: فالتي في حجرها ولد وفي بطنها آخر(1).

       والجامع المجمع: الكثيرة الخير المحصنة.

       والكرب المقمع: السيئة الخلق مع زوجها.

       وغل قمل: هي التي عند زوجها كالغل القمل(2) وهو غل من الجلد يقع فيه القمل فيأكله، فلا يتهيأ أن يحل منه شيئاً(3).

       يقول داود الكرخي(4) قلت للصادق «عليه السلام» هممت أن أتزوج فقال «عليه السلام»: انظر أين تضع نفسك، ومن تشركه في مالك وتطلعه على دينك وسرك وأمانتك(5)، فإن كنت لا بد فاعلاً، فبكراً تنسب إلى الخير وإلى حسن الخلق، واعلم- من الوافر-.

إلا إن النساء خلقن شتى         فمنهن الغنيمة والغرام

___________
(1) تعبير عن كونها ولود.

(2) مثل عربي يضرب لمن لا نفع فيه، بل يكون مصدراً للشر.

(3) مكارم الأخلاق: 1/435.

(4) داود الكرخي: من أتباع الإمام الصادق «عليه السلام».

(5) التعبير عن الزوجة بالشريكة في المال والمطلعة على أسرار الزوج، وصف دقيق وجليل.

(96)

 

ومنهن الهلال إذا تــــــجلى      لصاحبه ومنهن الـــظلام

فمن يظفر بصالحهن يسعد       ومن يغبن فليس له انتقام

       وهن ثلاث: فامرأة ولود ودود، تعين زوجها على دهره لدنياه وآخرته، ولا تعين الدهر عليه.

       وامرأة عقيم لا ذات جمال ولا خلق، ولا تعين زوجها على خير.

       وامرأة صخابة، ولاجة، همازة تستقل الكثير ولا تقبل اليسير(1).

       وقال الإمام علي «عليه السلام»: تزوج عيناء(2)، سمراء، عجزاء(3)، مربوعة(4)، فإن كرهتها، فعلي صداقها(5).

       وقال علي السجاد «عليه السلام»: خمس خصال من فقد واحدة منهن لم يزل ناقص العيش، زائل العقل، مشغول القلب، فأولهن: صحة البدن، والثانية والثالثة: السعة في الزرق والدار، والرابعة: الأنيس الموافق.

       فقيل له: وما الأنيس الموافق.

       قال: الزوجة الصالحة، والولد الصالح، والخليط الصالح(6).

       والخامسة: وهي تجمع هذه الخصال، الدعة(7).

       وقال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا أراد أحدكم أن يتزوج فليسأل عن شعرها كما يسأل عن وجهها فإن الشعر أحد الجمالين(8).

       وقال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): خير نسائكم الطيبة الريح، الطيبة الطعام التي إن

___________
(1) مكارم الأخلاق: 1/436.

(2) العيناء: الحسنة العين.

(3) العجزاء: العظيمة العجز.

(4) المربوعة: الوسيطة القامة.

(5) مكارم الأخلاق: 1/436.

(6) أراد بالأخير: البيئة والصداقة الصالحة.

(7) مكارم الأخلاق: 1/437.

(8) من لا يحضره الفقيه: 3/245.

(97)

 

أنفقت أنفقت بمعروف، وإن أمسكت أمسكت بمعروف فتلك من عمال الله، وعامل الله لا يخيب(1).

       وروى الإمام الصادق «عليه السلام» عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): «أفضل نساء أمتي أصبحهن وجهاً وأقلهن مهراً»(2).

       وقال الصادق «عليه السلام» أيضاً: «الخيرات الحسان من نساء أهل الدنيا، وهن أجمل من الحور العين»(3).

       وجاء رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: إن لي زوجة إذا دخلت تلقتني، وإذا خرجت شيعتني، وإذا رأتني مهموماً قالت: ما يهمك إن كنت تهتم لرزقك فقد تكفل به غيرك، وإن كنت تهتم بآخرتك فزادك الله هماً.

       فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): بشرنا بالجنة وقل لها: إنك عاملة من عمال الله، ولك في كل يوم أجر سبعين شهيداً(4).

_____________

(1) من لا يحضره الفقيه: 3/246.

(2) مكارم الأخلاق: 1/439.

(3) مكارم الأخلاق: 1/438.

(4) من لا يحضره الفقيه: 3/246.

(98)

 

نساء خلدهن القرآن

 

       إذا ما لوحظت الآيات القرآنية نرى بأن فيها ما ركزت على ثلة من النساء اللاتي خلدهن القرآن بالذكر الحسن، حيث كان لهن دور هام في أداء رسالة الإنسانية في تلك المجتمعات المستهلكة، وقد وقفن بشجاعة وإيمان أمام التيارات الظالمة للشعوب، فكان لهن الفضل في الدفاع عن حقوق الفكر والعقيدة والطهارة والكمال، وربما كان دورهن أعظم من دور الكثير من الرجال، بل كن وراء بناء العديد من رجالات التاريخ، وقد صنعن تاريخ أممهن فكرمهن الله تعالى، وكتب القرآن عن سيرتهن بأحرف من نور، فأصبحن المثل الأعلى للرقي والكمال، وسنذكرهن بالتسلسل التاريخي، مشيرين بكلمات موجزة عن سيرتهن:

       1- مثال الطاعة: [هاجر المصرية](1) زوجة النبي إبراهيم الخليل «عليه السلام» وأم إسماعيل «عليه السلام» والتي تحملت عناء الهجرة من فلسطين لتحل بدار الغربة مكة، في بلد ليس فيه زرع ولا ماء، وبقيت وحيدة مع ابنها إسماعيل ليس لشيء إلا لطاعة الله، وتحملت ذلك الامتحان الإلهي لزوجها في ابنها ليعبد رب البيت وتهوي إليه أفئدة من الناس فلم يتركها سبحانه دون تكريم فبارك الله تلك البلاد حين قال: (ربنا إني أسكنت من ذريتي بوادٍ غير ذي زرعٍ عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدةً من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون)(2).

       2- مثال التحدي: [آسية بنت مزاحم الإسرائيلية] زوجة فرعون

____________

(1) هاجر: كانت من مصر، أهداها الملك المصري سنان بن علوان بن عبيد بن عولج إلى سارة زوجة إبراهيم «عليه السلام».

(2) سورة إبراهيم، الآية: 37.

(99)

 

مصر(1) وقد تحدث زوجها فرعون، وآمنت برب موسى بن عمران، وكفرت بزوجها الذي ادعى الألوهية وقاومته تاركة من ورائها عز الرفاه والسلطان، والقصور والديباج، فعذبها زوجها عذاباً كان فيه حتفها، وارتحلت إلى رحاب الله وعزته، وكان لها من قبل دور كبير في بقاء موسى «عليه السلام» على قيد الحياة فكرمها الله بقوله: (وضرب الله مثلاً للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتاً في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين)(2).

       3- مثال الصبر: [أفاحية بنت أشموئيل الخليلية](3) زوجة عمران بن يصهر الإسرائيلي، وأم النبي موسى «عليه السلام»، تلك المرأة التي صمدت بإيمانها الراسخ بالله أمام كل عذابات طاغية زمانه فرعون مصر، وواجهت ملاحقته بالصبر في حين يذكر المؤرخون أنه لم يبق في مصر من النساء المؤمنات إلا آسية بنت مزاحم، وحزبيل، ومريم بنت ناموسا، وكانت رابعتهن أم موسى وخالته كلثم، فلم يغادر عسكر فرعون بيتها، فأخفى الله حملها ومولودها، وألهمها الله أن تضعه في صندوق وتتركه في البحر الأحمر، فالتقطه فرعون، فخلدها الله بقوله: (إذ أوحينا إلى أمك ما يوحى* أن أقذفيه في التابوت فاقذفيه في اليم فليلقه اليم بالساحل يأخذه عدو لي وعدو له وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني)(4).

       4- مثال العفة: [صفيراء بنت شعيب الخليلية](5) زوجة النبي موسى ابن عمران «عليه السلام» تلك الفتاة التي كانت مع أختها تخدم أباها ذلك النبي العجوز، وتقوم بشؤون حياته حيث لم يحظ شعيب بالبنين، ومع هذا فقد حافظت على عفتها وكرامتها وكانت على درجة عالية من الحياء، ولما

______________

(1) فرعون مصر: هو الوليد بن مصعب بن معاوية بن نمير بن الهلواس بن ليث بن هران ابن عمر بن عملاق، وهو رابع فراعنة مصر، وقد استرق أهل مصر.

(2) سورة التحريم: الآية: 11.

(3) الخليلية: نسبة إلى إبراهيم الخليل «عليه السلام».

(4) سورة طه، الآيتان: 38- 39.

(5) الخليلية، نسبة إلى إبراهيم الخليل «عليه السلام»، حيث هي ابنة شعيب بن نويب بن رعويل ابن مرة بن عنقاء بن مدين بن إبراهيم الخليل «عليه السلام».

(100)