معجم  أنصار الحسين  (النساء)     (الجزء الأول)

اسم الکتاب : معجم أنصار الحسين (النساء) (الجزء الأول)

المؤلف : للعلامة المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي
المطبعة : المركز الحسيني للدراسات لندن ـ المملكة المتحدة

 

 

 

 

       ويقول ماراتوف(1): «إن من المحقق أن كمال الأنسانية في حياة الجنس يتم، ويجب أن يتم في اتجاه التطلع إلى التنويع أو التفريق الجنسي الآخذ بالدقة بأن يصبح الرجل أكثر ما يكون رجلاً، والمرأة أكثر ما تكون امرأة»(2).

       يقول اجوست كونت(3): «إن النساء لو نالت هذه المساواة المادية التي تطلب لها، فإن ضمانتهن الاجتماعية تفسد على قدر ما تفسد حالتهن الأدبية لأنهن في تلك سيكن خاضعات في أغلب المصانع لمزاحمة يومية قوية بحيث لا يمكنهن القيام بها، كما أنه في الوقت نفسه تتكدر المنابع الأصلية للمحبة المتبادلة»(4).

       ويصرح الفيلسوف الألماني آرثر شوبنهور(5): «إن قوانين الزواج في أوروبا فاسدة المبنى بمساواتها المرأة بالرجل... ما دامت أباحت للمرأة حقوقاً مثل الرجل، كان من اللازم أن تمنحها أيضاً عقلاً مثل عقله»(6).

       ويذكر الفيلسوف الفرنسي سيمون(7): «يجب أن تبقى المرأة مرأة، فإنها بهذه الصفة تستطيع أن تحدد سعادتها وأن تهبها لسواها، فلنصلح حال النساء، ولكن لا نغيرها، ولنحذر من قبلهن رجالاً لأنهن

___________
(1) ماراتوف (Maratfe) دكتور فرنسي.

(2) يقتلون المرأة أليس كذلك: 25 عن كتاب 94 Presence Le Corps et Lame, R,Biet .

(3) اجوست كونت (Conte)، مؤسس علم الاجتماع البشري.

(4) دائرة معارف القرن العشرين: 3/338 عن النظام السياسي لأجوست.

(5) آرثر شوبنهور (Arthur Schopenhauer): ولد سنة 1203هـ (1788م) وتوفي سنة 1277هـ (1860م)، فيلسوف ألماني صاحب نظرية: أن الإنسان يقرر بالإرادة اللاعقلانية العمياء وليس بالعقل. له عدد من المؤلفات، من أهمها: العالم كإرادة وفكرة، وقد طبع عام 1235هـ (1819م).

(6) قالوا عن المرأة: 47، عن مجلة المرشد البغدادية: 4/8، بتاريخ 1348هـ.

(7) سيمون: هو تيودور سيمون (Theodore Simon) المولود عام 1290هـ (1873م) والمتوفى سنة 1381هـ (1961م). عالم نفس فرنسي ارتبط اسمه برائد الذكاء المعروف باسم (رائز بينيه سيمون).

(122)

 

بذلك يفقدون خيراً كثيراً، ونفقد نحن كل شيء.. »(1).

       ويقول الفيلسوف الاشتراكي برودون(2): «العدالة التي تسوي بين صنوف البشر فهي بالنسبة للمرأة عبء ثقيل لا تحمله»(3).

       ويصرح اللورد بيرون(4): بضرورة حجب المرأة عن الاختلاط بالغير(5).

        نقل عن أحد علماء الأزهر لدى دراسته في باريس أنه وجد فتاةً تخدم في المكان الذي كان يسكنه، فلما دار الحديث بينهما تبين أنها ابنة أخ أحد الأثرياء صاحب المؤسسات التجارية فاستغرب أن مثل هذا عمها وهي تعمل في مثل هذه الأعمال، فقالت: وما مسؤولية عمي أن يصرف علي وإني إذا لم أعمل لم أتمكن من العيش، وسألت: ألستم أنتم كذلك، فرد عليها الأزهري بأننا في الإسلام لسنا كذلك، فقالت: لو كانت القوانين عندنا كذلك لوجدت الكثير من العاملات مجبرين على العمل بهذا الشكل الشنيع(6).

        لقد نقل بعض الكتاب المادة الثالثة عشرة بعد المائتين من القانون المدني الفرنسي تكاد تكون ترجمة لقول الله تعالى: (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم)(7) حيث تقول: «إن الزوج يجب عليه صيانة زوجته وإن الزوجة يجب عليها طاعة

____________
(1) قالوا عن المرأة: 38 عن مجلة المرشد البغدادية: 3/10 بتاريخ 1374هـ.

(2) برودون: هو بيير جوزيف (Pierre Joseph Proudhon) ولد سنة 1225هـ (1809م) وتوفي سنة 1282هـ (1865م) مفكر اشتراكي من فرنسا، عرف بنزعته إلى الفوضوية، وهو أول من استخدم هذا المصطلح، ذهب إلى أن الملكية الشخصية وسيلة لاستغلال الطبقة الكادحة.

(3) قالوا عن المرأة: 48، عن الإسلام والمرأة.

(4) بيرون:

(5) قالوا عن المرأة: 47، عن الإسلام والمرأة.

(6) فضائية الجزيرة ليلة الاثنين: 4/4/2005م تحت عنوان الشريعة والحياة، الساعة: 7,45 مساءً- نقل بتصرف.

(7) سورة النساء، الآية: 34.

(123)

 

زوجها، غير أن هذا كله في الإسلام لا يفقد المرأة إسمها ولا شخصيتها المدنية ولا أهليتها بالتعاقد ولا حقها في التمليك»(1).

       إنما أوردنا هذه التصريحات والتقارير لكي تعرف المرأة المسلمة بأن البريق الذي تتحدث عنه الوسائل الإعلامية المضللة ليست إلا سراباً، وإنما لهم فيها مصالح سياسية على حساب المصالح الاجتماعية وصلاح الأمم والشعوب، ولتعلم المرأة كما الرجل أن لا بديل عن الخيار الإسلامي الذي وضع لمصلحة إنسان كفرد وكمجتمع، ويوماً بعد يوم تظهر الفلسفة تلك القوانين الإسلامية التي مضى على تشريعها أكثر من أربعة عشر قرناً.

       وأخيراً أود أن أشير إلى دعوى المساواة، فإنه في البداية لا بد من فهم المقصود من المساواة، أهي في الحقوق و الواجبات أم هي في المشاركة الاجتماعية و السياسية أم أنها الأمور التكوينية و التشريعية أم ماذا؟. إن كل هذا الأمور يختلف بعضها عن بعض الاخر جوهرياً، ولا يمكن إطلاق الأحكام دون مراعاة الحالة الشخصية والاجتماعية و الخلقية. ومما لا شك فيه أن الطفل والشيخ يختلفان في حاجتهما وفي تطلعاتهما. فالشخصية السياسية تختلف عن الشخصية العلمية اختلافاً شاسعاً، بل وربما توضع أحكام وضعية للعسكر دون المدنيين، فهل كل هذا من التفاضل أم من الحاجة والاستيعاب. إذا لا بد من العمل بمقتضى العدالة، ولا تطلق الاحكام دون مراعاة التركيبة الشخصية، جسدياً كان أو نفسياً، مع مراعاة الحاجة والظروف والمتطلبات، وإلا فإن المساواة بالقول المطلق هو جحيم لكلا الجنسين يورث الشقاء لا السعادة، ولا نظن أحداً من الجنسين يرضى بذلك، بل إن الاختلاف لا يعني التفاضل بل العكس هو الصحيح. إن وضع الشيء في موضعه يكمن في اختيار الأفضل للمكان المناسب. فلو أنك اخترت عالم اللغة ووضعته ليشتغل محل عالم الفيزياء، ووضعت العالم الفيزيائي لأن يتولى شؤون اللغة، لا يؤدي هذا التساوي في العمل مؤداه، بل إن التفضيل دون مراعاة الحقوق والواجبات، ودون مراعاة المؤهلات سيوقعنا في المأزق الحقيقي.

__________
(1) الرجل والمرأة في الإسلام: 15.

(124)

 

       ومن جهة أخرى فإن المطالبين بالمساواة هم يقولون بالتخصص، فكيف يمكن الجمع بين التخصص المدروس حسب المؤهلات والكفاءات الذاتية وبين التساوي في كل شيء على إطلاقه. ومع هذا نرى أن المثيرين لمسألة المساواة العشوائية، حاولوا تطبيقها عقوداً متمادية، فلم يتمكنوا من تطبيقها على أرض الواقع، فهذه أوروبا لا نجد المساواة فيها مطبقة بما يناسب الشخصيتين، إلا فيما آلت مزيد من المتاعب وفي الأمور الدنيئة فقط.

       ورغم أن عدد النساء هو الأكثر ، فلا تجد في الوظائف الأولى والثانية والثالثة وحتى الخامسة الأكثرية من الجنس الناعم. فكم دولة يتربع على كرسي الرئاسة الأولى فيها امرأة، إذ الملاحظ أن الرجال استحوذوا على تلك المقاعد، وهذا دليل على أن مسألة ليست المساواة، وإنما وأد الأنثى كان من وراء رد الفعل، فقد دفنت المرأة في مهدها ولم يعط لها المجال الطبيعي في ممارسة حقها في الاجتماع والسياسة والعلم وغيرها، فأدى ذلك إلى الكبت، وهذا ما لا يرضاه الإسلام، ويجب أن توزن الأمور بموازينها الصحيحة لتطبيق العدالة.

       ومن يا ترى ساوى بين الجنسين كالإسلام في الحقوق والواجبات وفي الثواب والعقاب، حيث وحد الخطاب بينهما حينما قال جل وعلا: (إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما)(1) إلى غيرها من الآيات والروايات التي يلاحظ فيها وحدة الخطاب دون أي تمييز.

_____________
(1) سورة الأحزاب، الآية: 35.

(125)

 

بعض الإحصاءات

 

       نورد هنا بعض الإحصاءات المخيفة من النوع المتوسط(1) الناشئة عن التبرج والاختلاط وعدم ممارسة الأخلاق في الدولة الغربية التي ابتعدت عن الدين والأخلاق:

       1- تقارير الشرطة الأمريكية تشير إلى ارتفاع نسبة جرائم الاغتصاب عاماً بعد عام، وفي واشنطن فقط تقع جريمة اغتصاب كل 15 دقيقة(2).

       2- تقارير الشرطة البريطانية تشير إلى أن 2095 حالة اعتداء مختلفة على المرأة وقعت في عام 1390هـ (1970م) فقط(3).

       3- جاء في التقرير الذي نشرته الصحف: أن في لندن ارتفع عدد حالات الإجهاض من خمسين ألفا عام 1389هـ (1969م) إلى 83 ألفا عام 1390هـ (1970م) وإلى ما يقارب 200 ألف عام 1391هـ (1971م)(4).

       4- وجاء في تقرير آخر وهذه المرة من باريس حيث يذكر أن نسبة الإجهاض في فرنسا تصل إلى ما بين 46 إلى 143 حالة إجهاض لكل مائتي ولادة(5).

___________
(1) اكتفينا ببعض الحالات المتوسطة لأننا نجد بنقل الحالات الشديدة أننا نخرج عن إطار الأخلاقية التي التزمنا بها.

(2) الحجاب سعادة لا شقاء: 64 عن مجلة الدستور اللبنانية، إلا أنه لم يؤرخها، ونظن أنها كانت في السبعينيات الميلادية. التسعينات الهجرية.

(3) الحجاب سعادة لا شقاء: 64 عن مجلة الدستور اللبنانية.

(4) الحجاب سعادة لا شقاء: 69 عن جريدة النهار اللبنانية بتاريخ 28/2/1972م.

(5) الحجاب سعادة لا شقاء: 69 عن جريدة النهار اللبنانية بتاريخ 28/2/1972م.

(126)

 

       5- في تقرير آخر تحدث عن روسيا حيث رصد ستة ملايين حالة إجهاض سنويا في الاتحاد السوفياتي السابق قبل تفكيكه(1).

       6- وأيضاً تحدثنا الأخبار عن الاتحاد السوفياتي سابقاً أن 80% من جميع حالات مخالفة القانون التي يقترفها المراهقون ترجع إلى تفكك الأسرة، وأن حالة من كل تسع حالات تنتهي بالطلاق، وأن السبب الرئيسي لهذه الظاهرة الاجتماعية هو فساد الأخلاق والإدمان على شرب الخمور والمخدرات(2).

       7- وفي تقرير آخر من الولايات المتحدة الأمريكية يذكر بأن في نيويورك جمعية تضم أعضاء من مختلف الولايات المتحدة يقدر عددهم بحوالى 15مليوناً هم من المنحرفين جنسياً(3).

       8- وفي تقرير عام 1381هـ (1961م) حاولت الشرطة الإنگليزية القضاء على مائة ألف امرأة تعمل في البغاء والفواحش وأعلنت الشرطة أخيراً عجزها عن القيام بهذه المهمة وحدها(4).

       9- وفي تقرير عن روما يذكر أنه «يوجد خمسمائة بيت للبغاء، تعرض فيها آلاف النساء من البغيات أنفسهن على الرجال»(5).

       10- يقول هربرت سبنسر(6) عن حالة المرأة في بريطانيا في القرون السالفة: «إن الزوجات كن يبعن في إنگلترا فيما بين القرنين «5م» و «11م»

___________
(1) الحجاب سعادة لا شقاء: 70 عن ملحق جريدة النهار اللبنانية بتاريخ 28/2/1972.

(2) الحجاب سعادة لا شقاء: 73 عن جريدة الأهرام القاهرية 26/4/1966م، عن صحيفة برافدا السوفياتية.

(3) الحجاب سعادة لا شقاء: 93 عن مجلة النهضة الكويتية العدد 232.

(4) في قضايا الزواج والأسرة: 130.

(5) في قضايا الزواج والأسرة: 145.

(6) هربرت سبنسر(Herbert Spencer) فيلسوف وعالم اجتماع إنگليزي، ولد في مدينة ديربي (Derby) في 27/4/1820م (1236هـ) وتوفي في مدينة برايتون (BRIGHTON) بتاريخ 8/12/1903م (1321هـ) يرى في تكامل الخلقة ما يراه دارون إلا أنه سبقه بسنوات. من آثاره: فلسفة الاجتماع، الفلسفة والأخلاق، وفلسفة علم النفس.

(127)

 

وأنه حديث في القرن «11م» أن المحاكم الكنسية سنت قانوناً ينص على أن يعبر الزوج زوجته إلى رجل آخر لمدة محددة حسبما يشاء الرجل المنقولة إليه المرأة، وكان النبلاء لهم الحق في الاستمتاع بنساء الفلاحين إلى مدة أربع وعشرين ساعة من بعد عقد زواجها على الفلاح، وينقل أن هذه العادة رغم منعها من قبل المجلس النيابي البريطاني إلا أنها بقيت تمارس في بعض الأرياف والقرى وتعار المرأة بثمن بخس».

       11- في سنة 974هـ (1567م) صدر قرار من المجلس النيابي الإسكتلندي بأن المرأة لا يجوز لها أن تمنح أي سلطة على أي شيء من الأشياء.

       12- أصدر المجلس النيابي الإنگليزي قراراً في عصر الملك هنري الثامن(1) يحظر على المرأة أن تقراً كتاب العهد الجديد «الإنجيل»(2).

       13- كان فلاسفة الغرب إلى قبل أكثر من قرن يتجادلون فيما بينهم حول المرأة هل لها روم أم لا؟ وإذا كانت لها روح فهل هي روح إنسانية أم حيوانية؟ وعلى فرض أن روحها إنسانية فهل هي بمثابة الرقيق بالنسبة للرجل أم أرفع درجة من ذلك؟(3).

       14- كان اليونانيون ينظرون إلى المرأة وكأنها مجرد رجس من عمل الشيطان وكانت عندهم من سقط المتاع(4).

       15- كان الرومان يعدون المرأة أداة إغواء يستخدمها الشيطان لإفساد القلوب، ووصلت بحوثهم في المجمع العلمي الذي عقدوه إلى النتيجة

__________
(1) هنري الثامن: ملك بريطانيا  ولد عام 896هـ (1491م) وتوفي عام 954هـ (1547م). تولى الحكم سنة 915هـ (1509م)، انتصر على الفرنسيين سنة 919هـ (1513م)، وانفصل عن الكنيسة الكاثوليكية سنة 942هـ (1535م)، تزوج ست نساء من بينهن كاترينا الأرغونية وآن بولين.

(2) عن المقاطع الثلاثة يراجع حقوق النساء في الإسلام: 62- 63.

(3) مسؤولية المرأة: 15.

(4) مسؤولية المرأة: 15.

(128)

 

التالية: «إن المرأة كائن لا نفس له وأنها من أجل ذلك لن ترث الحياة الأخوية فإنها رجس »(1).

       16- كان البراهمة(2) يرون أن المرأة تعتبر حطاماً تحرق وهي حية على قبر زوجها وكانت هذه الشريعة تطبق عليها حتى سنة 1248هـ (1829م) فصدرت الأوامر من الحكومة المحلية بإلغاء هذا الحكم بعد وفاة أمير ولاية مارتا(3) حيث مات وله 17 زوجة، وتوفي آخر وله 13 زوجة، وبعد موتهما، أجري على الزوجات الثلاثين حكم الحرق، ما عدا واحدة حيث كانت حاملاً، فأجل حرقها لحين الولادة(4).

       17- كان الفرس ينظرون إلى المرأة بحقارة وكانت حياتها تتعلق بإرادة الرجل فإذا ما أراد يحق له إعدامها أو سجنها مدى الحياة(5).

       18- وجاء في بعض المصادر أن الصبية في أميركا في القرن الماضي أصبحن يراهقن قبل الأوان وفي السن الباكر جداً فيشتد فيهم الشعور الجنسي ولم يأت هذا عن فراغ فقد بحث أحد قضاة أمريكا عن أحوال 312 صبية منهن كن قد أدركن البلوغ فيما بين الحادية عشرة والثالثة عشرة من سني أعمارهن، ولوحظ فيهن إمارات الشهوة الجنسية والمطالب الجسدية ما لا يكون عادة إلا في بنات الثامنة عشرة فما فوق(6).

       19- ويذكر أن أحد الاختصاصيين البريطانيين عمل دراسة في هذا الاتجاه وذكر بأنه ليس من الغريب الشاذ حتى في الطبقات المثقفة أن بنات

__________
(1) مسؤولية المرأة: 16.

(2) البراهمة: أسمى الطوائف عند الهندوس حيث يجمعون على نبالة وسمو نسلها، ويزعم البعض أن أصلهم إلهي ولذا احتلوا المركز الأول في النظام الطبقي.

(3) مارتا: ولاية هندية قبل تقسيم الهند إلى الولايات الحديثة المعروفة.

(4) مسؤولية المرأة: 16.

(5) مسؤولية المرأة: 17.

(6) المرأة والحجاب: 12 عن الحجاب للمودودي عن كتاب تمرد النشء الجديد للقاضي الأميركي ابن لندسي.

(129)

 

سبع أو ثماني سنين منهن يخادن لداتهن من الصبية وربما تلوثن معهم بالفاحشة(1).

       20- وقد ذكرت بعض التقارير بأن بعض الحكام ناقشت أكثر من ألف قضية خلال سنة واحدة لشدة هول ارتكاب الفاحشة مع صبايا دون الثانية عشرة من العمر(2).

       إلى غيرها، وقد تزايدت الإحصاءات في بداية القرن الحادي والعشرين بشكل مخيف رغم محاولات الجهات المعنية الحد من ذلك، ولكنها لا تعالج المسائل من جذورها مع الأسف.

___________
(1) المرأة والحجاب: 12 عن الحجاب للمودودي عن كتاب القوانين الجنسية للذكور هوك روبرت ويسرد هناك بعض العينات التي وقعت في بلاده.

(2) المرأة والحجاب: 13 عن الحجاب للمودودي وفيه أنها محاكم مدينة بالتي غور.

(130)

 

عملنا في هذا المعجم

 

       لا يختلف عملنا في هذا الباب عن الذي قمنا به في معجم الأنصار الهاشميين حيث نقوم بما يلي:

       1- فرز عنوان بالاسم الثلاثي للشخصية التي احتمل حضورها كربلاء في مأساة إحدى وستين.

       2- تحديد سنة الولادة والوفاة لتحديد شخصيتها وزمانها.

       3- تفسير اسمها وتاريخ التسمية به.

       4- بيان سيرتها بما يناسب الموضوع.

       5- البحث عن حضورها معركة الطف أو عدمه.

       6- تقديم مقدمة تمهيدية للذكر ما هو ضروري تقديمه.

       7- إلحاق خاتمة تكون بمثابة استنتاج للبحث.

       8- شرح الغوامض من الكلمات والمفردات، وترجمة الأعلام البشرية أو الجغرافية أو ما شابه ذلك.

       9- وضع الفهارس المناسبة لهذا الباب أو الفصل.

       10- وأمور أخرى قد يلاحظها القارىء، وربما كانت مفيدة.

       وأخيراً فإن الكتب التي كتبت عن المرأة وقضاياها كثيرة فقد بلغت الآلاف المؤلفة، وقد أحصى أحد الكتاب العربية التي اطلع عليها حتى عام 1405هـ بلغت «1765» كتاباً، طبعت هذه الإحصائية تحت عنوان «المرأة ببليوغرافيا»، ونأمل من الله جلا وعلا أن يجعل هذه المقدمة التمهيدية لهذا الباب وسيلة لمساعدة المرأة وكذا الرجل في تخطي الصعاب.

(131)

 

(132)

 

حرف الألف

 

       1- أم إسحاق بنت طلحة التيمية                                         ن30- ب93هـ

       2- أمامة بنت أبي العاص العبشمية                                            ن6ق.هـ- ن49هـ

       3- أم بشير بنت أبي مسعود الخزرجية (فاطمة بنت عقبة الخزرجية) ن7- ب61هـ

       4- أم حبيب بنت عباد الثعلبية (الصهباء بنت عباد الثعلبية)                  ن3ق.هـ - ن61هـ

       5- أم الحسن بنت الحسن الهاشمية                                            ن48- 61هـ       

       6- أم الحسين بنت الحسن الهاشمية                                           ن49- 61هـ

       7- أم خديجة                                                                    ق25- ب61هـ

       8- أم رافع سلمة القبطية                                                ن10ق.هـ- ب61هـ

       9- أم سعيد بنت عروة الثقفية                                                  ق5- ن35هـ

       10- أم سلمة بنت علي الهاشمية                                              ق34- ن35هـ

       11- أم شعيب بنت... المخزومية                                               2ق.هـ - ب40هـ

       12- أم فاطمة بنت علي الهاشمية                                              ق9- ب61هـ

       13- أم كلثوم بنت الحسين الهاشمية                                           ن32- 33هـ

       14- أم كلثوم الصغرى بنت عبد الله الطيار الهاشمية                          ن40- ب61هـ

       15- أم كلثوم الصغرى بنت علي الهاشمية                                    24- ق40هـ

       16- أم كلثوم الكبرى بنت علي الهاشمية                                      9- 61هـ

       17- أم هاني بنت علي الهاشمية                                               34- ب40هـ

       18- أم وهب بنت عبد النمرية                                                  ن21- 61هـ

       19- أم وهب بنت وهب النصرانية                                             ن26- 61هـ

 

(133)

 

(134)

 

(1)

أم أسحاق بنت طلحة التيمية

ن30- ب93هـ = 650- 712م

 

       هي: أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله من بني تميم بن مرة.

       وأمها: الجرباء بنت قسامة بن رومان من بني طي.

       المفردة «أم إسحاق» مضاف ومضاف إليه، وإسحاق على زنة إفعال من أسحق يسحق إسحاقاً بمعنى أبعد يبعد إبعاداً، ولكن هذا التصريف لا يرتبط بالتسمية لأنه أعجمي، ولعل أول من سمي به هو النبي إسحاق ابن النبي إبراهيم «عليه السلام»، قال صاحب القاموس والتاج: «وإسحاق: علم أعجمي وهو بالكسر. قال سيبويه: ألحقوه ببناء إعصار، وإسحاق: اسم رجل، فإذا أريد ذلك لم تصرفه في المعرفة، لأنه غير جهته فوقع في كلام العرب غير معروف المذهب، ويصرف إن نظر إلى أنه مصدر في الأصل من قولك: أسحقه الله أي: أبعده، وذلك لأنه لم يغير عن جهته(1).

       وهل «أم إسحاق» هنا اسم أو كنية، فالظاهر أنه اسم حيث لم نجد من ذكر لها إسماً آخر، ونستبعد أن تكون كنيةً باعتبار وجود ولد لها، وأما احتمال أن تكون كنيةً فخرية لها وارد وغير بعيد، إذ لم يذكر أنها أنجبت للإمام الحسن «عليه السلام» ابناً باسم إسحاق، ومن المعلوم أنها لم تتزوج قبله، ولم تكن هذه التسمية أو التكنية شائعة، إذ لم نحصل على مثل ذلك إلا قليلاً، مثل: أم إسحاق الغنوية والتي هاجرت إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وروى عنها أهل البصرة(2).

__________
(1) تاج العروس: 25/37.

(2) أعلام النساء: 1/43.

(135)

 

       ومن المستبعد جداً أن يكون اسمها سارة باعتبار أن أم النبي إسحاق «عليه السلام» كانت تسمى بينما كانت تسمى أم النبي إسماعيل هاجر، وذلك لأنه لم يكن متعارفاً تكنية الأشخاص النسوية بأعلامهن على مثل هذه الشاكلة كما في الرجال.

       هذا بالنسبة إليها، وأما بالنسبة إلى أمها الجرباء فهناك خلاف في هذه المفردة هل هي اسم صفة أم اسم علم، فقد روى أبو الفرج الأصفهاني بإسناده: إنما سميت الجرباء لحسنها، كانت بحيث لا تقف إلى جنبها امرأة وأن كانت جميلة إلا استقبح منظرها لجمالها، وكانت النساء يتحاشين أن يقفن إلى جنبها، فشبهت بالناقة الجرباء التي تتوقاها الإبل مخافة أن تعديها(1).

       وليس في اليد ما يؤكد أنها صفة أم علم، وبما أنها لم تعرف بغيرها فلا بد من الأخذ بما عرفت به، ولنعد إلى أم إسحاق ونسبها، فإن هناك من ذكر جدها «عبد الله» مكبراً(2)، ونحتمل أنه من الخلط أو التصحيف، وإلا فإن طلحة هو: ابن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة(3) يكنى بأبي محمد، وكان يقال له طلحة الجود، وطلحة الخير وطلحة الفياض، وطلحة الطلحات، ولد عام 28ق.هـ، قتل عام 36هـ في حرب الجمل(4) وهو مع عائشة، ودفن في البصرة، وهو أحد الستة من أهل الشورى الذين عينهم عمر بن الخطاب(5).

       وأما عن وصف أم إسحاق فقد ذكر أبو الفرج الأصفهاني: «كانت أم إسحاق من أجمل نساء قريش»(6) ولكنه ذكر جملة أخرى وقال « وأسوأهن

__________
(1) الأغاني: 21/124.

(2) لباب الأنساب: 1/350.

(3) المعارف لابن قتيبة: 228.

(4) رماه مروان بن الحكم حيث كانت بينهما عداوة، حيث لم يقتل بنفس المعركة، ولا على يد أصحاب علي «عليه السلام».

(5) راجع الأعلام للزركلي: 3/229.

(6) الأغاني: 21/124.

(136)

 

خلقاً» وعلى أثره ذكر بعض الأمثلة على سوء الخلق باعتبار أن جميع التيميات هن كذلك، فقال: «إن نساء بني تيم كانت لهن حظوة عند أزواجهن على سوء أخلاقهن، ويروى أن أم إسحاق ربما حملت وولدت وهي لا تكلم زوجها» وهذا مردود من جهات:

       1- إن الحكم على الجميع بهذا الشكل غير وارد لأن البنات قد تختلف عن الآباء التيميين وذلك لأن الأمهات ليسوا دائماً تيميات حتى يحملن إليهن ذات الصفات إذ إن المورثات مختلفة من قبيلة إلى أخرى، ومثل هذا الحكم العام بالضرورة يؤدي إلى عدم تصديقه.

       2- إن قوله: «إنها كانت ربما حملت وولدت وهي لا تكلم زوجها» فإن غاية ما يقال عنها على تردد أنها ولدت ثلاثة: طلحة ابن الإمام الحسن «عليه السلام» ودرج، وفاطمة بنت الإمام الحسين «عليه السلام» وعلي الأصغر ابن الحسين «عليه السلام» أيضاً، أولاً لم يذكر مثل هذا في حياة أحد الإمامين الحسن والحسين، بمعنى أنها كانت كذلك، وثانياً: لو حصل فرضاً فاستخدام كلمة ربما غير دقيق.

       3- كيف يعقل أن لا تكلم امرأة زوجها مدة تسعة أشهر، وكيف تنجب مثل فاطمة بنت الحسين «عليه السلام» البليغة ذات نبل وكرم في الأخلاق.

       4- كونها سيئة الخلق يتنافى مع وصية الإمام الحسن «عليه السلام» لأخيه الحسين «عليه السلام» أن يتزوجها وأن لا تخرج من بيوت أهل البيت «عليه السلام» الدال على أنها كانت كريمة الأخلاق نبيلة الصفات.

       5- إن سندها ضعيف، بوجود الزير بن بكار بالكذب على البيت العلوي كما وضحنا ذلك في أكثر من مكان، ومنها في ترجمة سكينة بنت الحسين «عليه السلام» مما لا شك أن هذه الرواية مدسوسة على البيت النبوي، حيث حاولوا التنقيص من قدرهم بأي وسيلة وشكل، ولما لم يتمكنوا من الطعن في ذواتهم استهدفوا زوجاتهم وأولادهم، وكان الأمويون وراء ذلك كما هو مبين في محله.

       وأما بالنسبة إلى تاريخ ولادتها ووفاتها وزواجها وأولادها، فالأفضل

(137)

 

أن نتحدث عن ذلك بشكل معكوس، أي نتحدث عن الأولاد ثم الزواج ثم تاريخ الولادة والوفاة، وذلك لكشف المجهول عبر المعلوم، حيث إن المؤرخين ذكروا أولادها، وبعض خصوصياتها مما يمكن أن يستنتج ولادتها.

       ذكر أبو الفرج الأصفهاني والقمي وغيرهما أن أم إسحاق كانت عند الحسن بن علي بن أبي طالب «عليه السلام» قبل أخيه الحسين «عليه السلام» وأنجبت له ابنه طلحة بن الحسن، ولما حضرت الحسن الوفاة دعا بأخيه الحسين «عليه السلام» وقال له: يا أخي إني أرضى هذه المرأة لك فلا تخرجن من بيوتكم فإذا انقضت عدتها فتزوجها، فلما توفي تزوجها الحسين «عليه السلام»(1).

       وبالنسبة إلى هذا التصريح لا مجال للقول بأن هناك تصحيفاً بين الحسن والحسين «عليه السلام»، ولا خلاف بأن أم فاطمة بنت الحسين «عليه السلام» كانت أم إسحاق بنت طلحة التيمية كما لا خلاف في أنه كان للإمام الحسن «عليه السلام» ابن باسم طلحة وأم أمه أم إسحاق بنت طلحة التيمية، وليس للحسين «عليه السلام» ابن بهذا الاسم، فهذه ثلاث حقائق لابد من التعامل معها لدى الحديث عن أم إسحاق، ولو كانت لدينا فقط هذه المعطيات للزم القول بالتالي:

       1- إن أم إسحاق كانت زوجة للإمام الحسن «عليه السلام».

       2- إنها أنجبت للإمام الحسن «عليه السلام» طلحة.

       3- إن طلحة بن الحسن «عليه السلام» درج وهو صغير، ولعله قبل وفاة أبيه.

       4- إن الحسن «عليه السلام» وصى بها إلى الحسين «عليه السلام».

       5- إن الحسن «عليه السلام» توفي في السابع من شهر صفر عام خمسين للهجرة على المشهور.

       6- إن عدة أم إسحاق انقضت في 17 جمادى الثانية عام 50هـ.

       7- إن الحسين «عليه السلام» تزوج أم إسحاق في 18 جمادى الثانية عام 50هـ على أكثر التقادير.

_____________
(1) الأغاني: 21/125، نفس المهموم: 482، المحبر: 66، القمقام: 659- 661.

(138)

 

       8- إنها حبلت بفاطمة- على فرض دون تأخير- ليكون ولادتها في حدود 18 ربيع الأول عام 51هـ.

       9- لتكون فاطمة بنت الحسين «عليه السلام» في 18 ربيع الأول عام 60هـ قد أكملت التاسعة.

       10- فلربما طلب الحسن المثنى من عمه الزواج بعيد هذا التاريخ، قبل معركة الطف عام 61هـ.

       ولكن هناك معطيات أخرى تعترض هذا التسلسل الذي ذكرناه، ومن تلك:

       1- إن فاطمة كانت أكبر سناً من أختها سكينة(1).

       2- إن فاطمة توفيت عام 110هـ(2).

       3- إن فاطمة لما توفيت كانت ابنة سبعين سنة(3).

       4- إن سكينة بنت الحسين «عليه السلام» ولدت عام 42هـ(4).

       5- إن سكينة توفيت في المدينة يوم الخميس لخمس خلون من شهر ربيع الأول سنة سبع عشرة ومائة(5).

       6- إن فاطمة بنت الحسين «عليه السلام» أخت سكينة بنت الحسين «عليه السلام» ماتت في سنة واحدة(6).

       فإذا ما أريد الأخذ بكل هذه المعلومات مع ما سبق فإن هناك تنافياً واضحاً، فإن قولهم: «فاطمة قد كانت أكبر من سكينة» وسكينة إذا قيل بأنها ولدت على أقل التقادير عام 47هـ فمعنى ذلك أن فاطمة على أقل التقادير ولدت عام 46هـ، وهذا يتنافى مع وفاة الإمام الحسن «عليه السلام» عام

_____________
(1) أعيان النساء: 504 عن الدر المنثور في طبقات ربات الخدور.

(2) أعلام النساء: 4/47 عن مرآة الجنان لليافعي.

(3) هامش أعلام النساء: 4/47 عن طبقات الأتقياء لابن حبان.

(4) سكينة بنت الحسين للمقرم: 135، وفيه أنها ولدت على أقل التقادير سنة 47هـ.

(5) نفس المهموم: 481.

(6) نفس المهموم: 481.

(139)

 

50هـ، ومعنى ذلك: إما القول بأن الإمام الحسن «عليه السلام» طلق زوجته أم إسحاق فتزجها أخوه الحسين «عليه السلام» في حياته، وهذا ما لم يقل به أحد بل ويتنافى مع الوصية في حقها.

       وأما الاحتمال بأن الإمام الحسن «عليه السلام» توفي عام 46هـ على أقل التقادير، فإنه مخالف لإجماع الرواة والمؤرخين، إذ غاية ما قيل إنه توفي عام 49هـ، ولكن المشهور أنه توفي عام 50هـ، نعم هناك أقوال أخرى وهي أنه توفي عام 51هـ، أو 56، أو 58، أو 59هـ إلا أنها تزيد في الثغرة أولاً، وأنها غير معتمدة ثانياً، بل المعتمد المحقق هو قول المشهور لتطابق أيام الأسبوع بالأشهر في عام 50هـ.

       وعلى ما تقدم لا بد من القول بأحد أمرين:

       1- إما أن هناك شخصيتين باسم أم إسحاق إحداهما كانت زوجة الإمام الحسن «عليه السلام» والأخرى زوجة الإمام الحسين «عليه السلام»، ولكنه من البعيد أن تتحد خصوصياتهما في الاسم واسم الأب والجد والقبيلة، ومثل هذا لو حصل غريب جداً، إلا إذا قيل بأن الأسماء متحدة، أما باقي الخصوصيات من خلط المؤرخين، ولكن هذا ما لم نتمكن الوصول إليه، وبالأخص بعد التصريح بأن الإمام الحسن «عليه السلام» وصى أخاه بها.

       2- أو القول بأن للإمام الحسين «عليه السلام» ابنتين سميتا باسم فاطمة، وهذا ما يمكن قبوله حيث ورد مثل هذا في كتب المؤرخين وقالوا بذلك بالفعل، أما عن التفاصيل فقد أحجموا عنها، ولا بد من معرفة أيهما كانت ابنة أم إسحاق، أو أيهما كانت زوجة الحسن المثنى، أو أيهما كانت ابنة أم إسحاق، أو أيهما كانت زوجة الحسن المثنى، أو أيهما حضرت كربلاء، وهذا ما سنبينه إن شاء الله تعالى.

       وأما قولهم إن «فاطمة توفيت عام 110هـ» وقلنا إنها كانت حين وفاتها ابنة سبعين سنة، فمعنى ذلك أنها ولدت عام أربعين للهجرة، وأما على القول بأنها توفيت وهي في حدود التسعين فمعنى هذا أنها ولدت عام 20هـ، وربما أمكن القول بأن التسعين تصحيف للسبعين، وإنما كان لاستخدام النقاط للحروف هو السبب من وراء حدوث رأيين.

       وعلى أي حال يمكن حل هذه ايضاً بالقول بأن الحسين «عليه السلام» له

(140)

 

فاطمتان وقلنا بأن الكبرى ولدت عام 40هـ فإن هذا يتطابق مع قولهم بأنها أكبر من أختها سكينة التي قيل بإنها ولدت عام 42هـ أو 47هـ، كما لا يتعارض مع القول بأن فاطمة بنت أم إسحاق ولدت عام 51هـ، ولكن يبقى بيان التفاصيل عن الفاطمتين والذي لنا في ذلك كلام سنبينه إن شاء الله تعالى.

       وأما إذا قيل بأن فاطمة توفيت سنة 117هـ، وهي السنة التي توفيت فيها سكينة، فمعنى ذلك على قول السبعين أنها ولدت عام 47هـ، وهو عام ولادة سكينة وهو بعيد، وأما على قول التسعين، فمعنى ذلك أنها ولدت عام 27هـ، والكلام الكلام، اللهم إلا أن يقال: بأن وفاة سكينة كان عام 117هـ، ووفاة فاطمة كان عام 110هـ، وعندها يصح القول بأن فاطمة أكبر من سكينة، أما أنهما توفيا في سنة واحدة فهذا ما لا يمكن جمعه إلا على القول بأن هناك فاطمتين، وتكون فاطمة الكبرى ولدت عام 40هـ وتوفيت عام 110هـ وسكينة ولدت عام 47هـ وتوفيت عام 117هـ، ويمكن على هذا تفسير قولهم بأن سكينة توفيت في سنة وفاة فاطمة أريد توفيت في سن فاطمة.

       والحاصل أن هناك معطيات أخرى إذا ضمت إلى المسألة لزادنا توضيحاً، ومن تلك المعطيات:

       1- إن عمر الحسن المثنى ابن الإمام الحسن «عليه السلام» والذي كانت ولادته عام 39هـ- على ما هو محقق في محله- يتناسب مع عمر زوجته فاطمة بنت الحسين «عليه السلام» والتي أمها أم إسحاق- على ما ذكره المؤرخون- وهي التي تزوجها الإمام الحسين «عليه السلام» بعد وفاة أخيه الحسن «عليه السلام»-- حسب ما نص بعضهم- بمعنى أنه حين خطبها من عمه الحسين «عليه السلام» كان له من العمر عشرون سنة، وتكون فاطمة قد أكملت التاسعة من عمرها، وحينئذ لا يكون أمر زواج أم إسحاق من السبطين مستبعداً، ولكن لا بد من تحديد الفاطمتين.

       2- هناك بالفعل من ذكر بأن للإمام الحسين «عليه السلام» ابنتين باسم فاطمة، إحداهما هي التي خطبها الحسن المثنى، والأخرى لا نعلم عن زواجها شيئاً، كما أن إحداهما حضرت كربلاء وشاركت عماتها في خطاب

(141)

 

أهل الكوفة والشام، وأما الأخرى فقد بقيت في المدينة لمرض ألم بها.

       إذاً لا بد من تحديد الفاطمتين، والخيارات في مداولة هذا الأمر ليست كثيرة، وهي:

       1- القول بأن الكبرى هي ابنة أم إسحاق، وأنها ولدت عام 51هـ، وتزوجها الحسن المثنى، وأن الصغرى هي أيضاً ابنة أم إسحاق أو ابنة غيرها وتكون ولادتها بعد الكبرى أي بعد عام 51هـ.

       لكن المعروف أن فاطمة ولدت عام 40هـ، فمن يا ترى تلك، وإذا كانت الكبرى ولدت عام 51هـ فمن يا ترى خطبت مثل هذه الخطبة البليغة وهي في الأسر؟.

       2- القول بأن الكبرى ابنة غير أم إسحاق، وقد ولدت عام 40هـ، والصغرى ابنة أم إسحاق ولدت عام 51هـ، وتزوجها الحسن المثنى.

       لكن من حضرت كربلاء ومن بقيت في المدينة؟ إن كانت الكبرى حضرت كربلاء، فمعنى ذلك أن الصغرى بقيت في المدينة؟ وعليه فإن زوجة الحسن المثنى لم تحضر كربلاء، والتي خطبت الناس في الكوفة أو الشام هي الكبرى.

       3- القول بأن الكبرى ابنة غير أم إسحاق وقد ولدت عام 40هـ، تزوجها الحسن المثنى، والصغرى هي التي أولدتها أم إسحاق عام 51هـ، فرافقت الكبرى زوجها وأباها، وبقيت الصغرى في المدينة عند أم سلمة.

       4- أن يقال بأن كلتا الفاطمتين حضرتا كربلاء ولم تبق واحدة منهما في المدينة، لكن هذا مخالف للمصدر الذي أوصلنا إلى أن هناك فاطمتين، إذ ذكره بأن فاطمة الصغرى بقيت في المدينة، وكان هذا من وراء القول بأن هناك فاطمتين.

       وهنا لا بأس بالإشارة إلى عدة أمور:

       1- إن المعروف عند من أثبت أن للحسين «عليه السلام» فاطمتين أن التي بقيت في المدينة هي الصغرى.

(142)

 

       2- إن المصادر التي أوردت خبر فاطمة التي رافقت أباها توصف بالصغيرة وربما بالصغرى، وبالأخص دواوين الشعراء، مما احتملنا سابقاً أن فاطمة الكبرى رغم أنها أكبر من تلك إلا أنها كانت صغيرة أيضاً، وإنما التعبير بالصغرى الدال على أفعل التفضيل لا يراد به أكثر من كونها صغيرة.

       وفي الحقيقة أن كل ما لدينا من معطيات يوصلنا إلى القول بأن التي كانت في كربلاء هي فاطمة الصغرى، وأن التي كانت في المدينة هي فاطمة الكبرى، وأما مسألة خطابها في الكوفة فلا استغراب من صدوره من ابنة الحادية عشرة حيث إنها من أهل بيت زقوا العلم زقاً، ولا مجال للقول بأن الخطاب كان لفاطمة غير ابنة الحسين «عليه السلام» لما ورد في الخطاب: «ثم غدرتهم بأخيه علي بن أبي طالب جدي»(1) اللهم إلا أن يقال بأنها ابنة الحسن المجتبى «عليه السلام»، ولكن لم يثبت.

       ومما يؤيد كون التي رافقت الحسين «عليه السلام» هي ابنة فاطمة الصغرى أن الطبرسي المتوفى عام 588هـ حينما أورد نص الخطاب وصفها بالصغرى حيث قال: «عن زيد بن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه قال خبطت فاطمة الصغرى بعد أن وردت من كربلاء فقالت.. »(2) ولا يخفى أن الاحتجاج من أقدم النصوص.

       وربما فيما ورد من كلامها في مجلس يزيد بن معاوية حين طلب الشامي من يزيد أن يهب له فاطمة وأن فاطمة لجأت إلى عمتها قائلة: «وكنت جارية وضيئة فارعدت وظننت أن ذلك جائز لهم، فأخذت بثياب عمتي زينب، وكانت تعلم أن ذلك لا يكون»(3) دليل على صغر عمرها، وذلك لأمرين:

       الأول: إنها وصفت نفسها بالجارية وهي من النساء من لم تبلغ الحلم(4) أو على الأقل الصبية التي لم تتجاوز العقد الثاني.

__________
(1) الاحتجاج للطبرسي: 2/107.

(2) الاحتجاج للطبرسي: 2/104.

(3) فاطمة بنت الحسين: 51.

(4) مجمع البحرين: 1/83.

(143)

 

       الثاني: إنها قالت: «وظننت أن ذلك جائز لهم»، إذ لا يعقل لمن هي في العقد الرابع من عمرها أنها لا تعلم ذلك، إلا إذا قيل بأن المراد ليس التفقه بل العلم بالمستقبل، حيث كانت عمتها زينب «عليه السلام» عالمة ببعض جوانبه من خلال أبيها وأخيها وأمها.

       يضاف إلى ما تقدم من أن التي بقيت في المدينة هي الكبرى: إن الحائري(1) في معاليه نقل عن بعض المصادر بمناسبة ذكره لأولاد الإمام الحسين «عليه السلام» ما نصه: «وأما البنات فسكينة، وأمها الرباب، وفاطمة الكبرى الملقبة بزينب الصغرى(2)، وقيل إن أمها قضاعية، فعلى هذا هي وجعفر بن الحسين «عليه السلام» من أم واحدة... وفاطمة الصغرى»(3) مما يفهم أن فاطمة الكبرى أمها القضاعية وليست أم إسحاق، بمعنى أن الصغرى أمها أم إسحاق.

       ورغم أن الحائري علق على ما نقله من أن أم الكبرى قضاعية بقوله «وليس بمعلوم بل أمها أم إسحاق كما سيأتي» إلا أن هذا هو مجرد استحسان منه، وليس فيه نص أو توثيق بمصدر معتمد.

       نعم ذكر بعد ذلك ما نصه: «جاء في كتاب مشارق الأنوار(4) نقلاً عن كتاب درر الأصداف(5)، قال: إن الحسين «عليه السلام» فاطمة صغرى وفاطمة كبرى، وجاء غراب وتمرغ في دمه وطار حتى وقع في المدينة على جدار بيت فيها فاطمة بنت الحسين «عليه السلام» وهي صغيرة»(6)، ولكن ليس فيه ما

_____________

(1) الحائري: هو محمد مهدي بن عبد الهادي المازندراني (1295- 1385هـ) من الخطباء البارزين، ومن المحققين الدارسين، له مؤلفات جمة، منها: الكوكب الدري، نور الأبصار، وكشف الأسرار.

(2) ربما وصفت بالصغرى في قبال عمتها زينب الكبرى.

(3) معالي السبطين: 2/214.

(4) مشارق الأنوار: الظاهر أراد به مشارق الأنوار الخمسة وهي للأستاذة محمد صالح شمسة بن مهدي، والذي قسم منه في أحوال فاطمة الزهراء والحسن والحسين وسائر الأئمة «عليه السلام»، ولا يخفى أنه من المتأخرين- راجع الذريعة: 21/34.

(5) درر الأصداف: الظاهر هو درر الأصداف في غرر الأوصاف لابن الفوطي كمال الدين عبد الرزاق وهو في عشرين مجلد.

(6) معالي السبطين: 2/214.

(144)