معجم  أنصار الحسين  (النساء)     (الجزء الأول)

اسم الکتاب : معجم أنصار الحسين (النساء) (الجزء الأول)

المؤلف : للعلامة المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي
المطبعة : المركز الحسيني للدراسات لندن ـ المملكة المتحدة

 

 

 

ولكن المشهور أعرضوا عن الأول، ولم يذكروا الثاني، فعلى المشهور هي رابع أولاد علي من فاطمة «عليه السلام» فالحسن ولد عام 3هـ والحسين ولد عام 4هـ، وزينب ولدت عام 6هـ، وأما محسن فقد عقدت نطفته في شهر رمضان من عام 10هـ.

وأما بالنسبة إلى ضبط المفردة بعد الإغماض عن كلمة الأم، فإن كلثوم بالضم ثم السكون على زنة خرطوم، لها معانٍ متعددة منها الطبل، والمناسب للمقام من كان كثير لحم الخدين والوجه من الكلثمة: وهو اجتماع لحم الوجه، وجارية مكلثمة أي حسنة دوائر الوجه ذات وجنتين فاتتهما سهولة الهدين ولم تلزمهما جهومة القبح، ووجه مكلثم إذا كان مستديراً كثير اللحم، وقيل إن المكلثم من الوجوه: القصير الحنك، الداني الجبهة، المستدير الوجه(1)، وكلثوم: اسم للرجل، واستخدم منذ الجاهلية، وإنما كنيت المرأة به باعتبار وليدها. ثم استخدمت علماً للأنثى بغض النظر عن الكنية، وممن تسمت بذلك أم كلثوم بنت هالة بن خويلد التي تزوجها عتيبة بن أبي لهب، المتوفاة سنة 9هـ والتي توفيت وهي في حبالة عثمان بن عفان، واشتهر نسبها إلى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وخديجة رضي الله عنها، حيث كانت تعيش في بيت خديجة منذ أن ضرب بيت أختها الفاقة.

وعلى أي حال فإن أم كلثوم بنت علي «عليه السلام» قيل إن اسمها كنيتها وقيل إن اسمها زينب الصغرى(2) وهو الذي نرجحه، كما أن كنية زينب الكبرى هي أم كلثوم أيضاً، ولكن اشتهرت الكبرى بالاسم والصغرى بالكنية، ومن هنا وقع اللبس بينهما في كثير من الموارد، منها في بعض مواقف معركة كربلاء وما بعدها في الكوفة والشام وفي وفاتهما وتحديد مرقديهما.

ولا يخفى أن الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام» كان له من البنات اثنتان اشتهرتا باسم زينب واثنتان اشتهرتا باسم أم كلثوم.

____________
(1) لسان العرب: 12/139.

(2) صفة الصغرى جاءت بالنسبة إلى ابنة فاطمة وإلا فإنها الوسطى بالنسبة إلى علي «عليه السلام» بل الأولى القول إنها الثانية كما سيأتي الحديث عن ذلك إن شاء الله تعالى.

(192)

 

1- زينب الكبرى بنت فاطمة الزهراء «عليه السلام» 5/5/6- 15/7/62هـ- عبد الله بن جعفر.

2- أم كلثوم الكبرى بنت فاطمة الزهراء «عليه السلام» 16/8/9- 16/7/61هـ- عون بن جعفر.

3- زينب الصغرى بنت أم شعيب المخزومية ../../23- ق19/9/40هـ- محمد بن عقيل.

4- أم كلثوم الصغرى بنت أم سعيد الثقفية ../../24- ق19/9/40هـ- كثير بن العباس.

وجاء في طرفة الأصحاب: إن لعلي «عليه السلام» أربع بنات بهذين الاسمين: اثنتان من السيدة فاطمة الزهراء «عليه السلام»، واثنتان من غيرها(1) فلربما وصفوا بنات فاطمة بزينب الكبرى وزينب الصغرى، كما وصفوا بنات غير فاطمة أيضاً بزينب الكبرى وزينب الصغرى، وأفضل تمييز أن توصفن كما وصفناهن زينب الكبرى أم كلثوم الكبرى، زينب الصغرى أم كلثوم الصغرى حتى لا يختلط الأمر، لأن كلهن مسميات بزينب ومكنات بأم كلثوم. فزينب الأولى والثانية من فاطمة وزينب الثالثة والرابعة من غير فاطمة.

وهناك بعض الروايات التي توحي بأن اسمها رقية حيث يروي القندوزي(2) في الينابيع بسنده عن ربيعة(3)  عن حذيفة(4) في حديث أن الحسين خير الناس، إلى أن يقول: «وهذا الحسين خير الناس أباً وأماً

_______________
(1) طرفة الأصحاب في معرفة الأنساب: 19.

(2) القندوزي: هو سليمان إبراهيم الحسيني البلخي الحنفي (1220- 1294هـ) من علماء الحديث المولود في أفغانستان، كان صوفي المسلك، من آثاره: أجمع الفوائد، وكتاب مشرق الأكوان.

(3) ربيعة السعدي: هو ابن شيبان البصري، مكنى بأبي الحوراء، يروي عن الإمام الحسن «عليه السلام» وعن حذيفة بن اليمان وأبي ذر، وروى عنه يزيد بن أبي مريم، وثابت ابن عمارة الحنفي وأبو يزيد الزراد، وأبو هارون العبدي، وقيل هو غير ابن شيبان.

(4) حذيفة: هو ابن اليمان (حسيل) بن جابر العبسي، حالف أباه اليمانية فقيل له اليمان، أسلم قبل بدر مع أبيه اليمان ولكن المشركين صدوهم عن الحضور إلى بدر، مات سنة 36هـ، شارك في فتوحات سنة 22هـ في دينور.

(193)

 

وأخاً وأختاً، أبوه علي، وأمه فاطمة، وأخوه الحسن وأخته زينب ورقية.. » الحديث(1).

وربما وقع اللبس بينها وبين رقية فقد نقل ابن وهيب الحنفي: «بأن فاطمة «عليه السلام» ولدت لعلي «عليه السلام» ثلاثة ذكور وثلاث إناث، فالذكور: هم الحسن، والحسين، والمحسن..، والإناث زينب، وأم كلثوم، ورقية»(2) ولكن يحتمل أن الخطأ جاء من النساخ حيث كان نص هكذا: «والإناث زينب وأم كلثوم ورقية» لتكون أم كلثوم كنية رقية، إلا أنه جاء في بعض المصادر أن رقية توفيت ولم تبلغ الحلم(3).

وقد سبق الحديث عن هذا في ترجمة فاطمة الزهراء «عليه السلام» بأنه خلاف المشهور، ولم يثبت أن الزهراء «عليه السلام» أنجبت أكثر من أربعة أولاد ذكران هما الحسن والحسين «عليه السلام»، وأنثيان هما زينب وأم كلثوم، وأسقطت الخامس ألا وهو محسن والذي كان سبباً في موتها.

ولقد نشأت السيدة أم كلثوم على أبيها بعد وفاة أمها فاطمة الزهراء «عليه السلام» في الثالث من جمادى الثانية من عام 11هـ، ولما أصبحت صبية خطبها عمر بن الخطاب، فقال علي «عليه السلام»: إنها صغيرة(4)، فأصر ابن الخطاب فقال علي «عليه السلام»: إنما حبست بناتي على أولاد جعفر، فعلم ابن الخطاب أنه لا يريد أن يزوجها(5) فقال: لا والله ما ذلك ولكن أردت منعي(6)، ولما شبت زوجها الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام» من ابن عمها عون ابن جعفر الطيار وذلك في حدود نهاية العقد الثاني من الهجرة النبوية، وقد كان عون في ربيعه السابع عشر، وأم كلثوم كانت في ربيعها الحادي عشر

___________
(1) راجع ينابيع المودة: 2/103.

(2) الجوهرة لابن وهيب: 104.

(3) أولاد الإمام علي: 47 عن بطل العلقمي، وتذكرة الخواص، وذخائر العقبى: 105.

(4) الذرية الطاهرة للدولابي: 155، وجاء في ذخائر العقبى: 168 وغيرها أنها تصغر عن ذلك.

(5) الذرية الطاهرة للدولابي: 155.

(6) الذرية الطاهرة: 161.

(194)

 

حيث يقول علي «عليه السلام» لها: فإني قد زوجتك من عون بن جعفر وإنه لغلام، ثم رجع إليها فبعث إليها بأربعة آلاف درهم، وبعث إلى ابن أخيه فأدخلها عليه(1)، ومن الملاحظ أنه «عليه السلام» وصف ابن أخيه بالغلام.

وعاشا في كنف أمير المؤمنين «عليه السلام» ما يقرب العشرين سنة، وقد شارك عون عمه في معاركه الثلاث: ثم بعده انضم إلى ابن عمه الإمام الحسن «عليه السلام» حتى عام 50 للهجرة حيث ارتحل إلى الرفيق الأعلى، فانضم إلى ابن عمه الآخر الإمام الحسين «عليه السلام» فلم يفارقه إلى أن استشهد معه في معركة الطف في كربلاء عام 61هـ، وكانت زوجته أم كلثوم معه فأرملت والتحقت بركب الإمام زين العابدين «عليه السلام» وكانت مع أسرى أهل البيت «عليه السلام» في الكوفة والشام ورجعت معهم إلى المدينة عن طريق كربلاء فجددت العهد مع شهدائهم يوم الأربعين.

وقد ذكرنا سيرتهما ضمن سيرة الإمام الحسين «عليه السلام» فليراجع.

وما يقال بأن عمر بن الخطاب تزوجها عام 17هـ بذلك الشكل المشين الذي لا يناسب ابنة أمير المؤمنين، بل لا يناسب علياً نفسه ولا ابن الخطاب الذي كان على سدة الحكم آنذاك، فهو من الوضع الذي ناقشناه في باب « الشبهات والردود» بإسهاب، وقد أوردنا كل الروايات في هذا الباب وناقشنا ضعف سندها، ثم ضعف الدلالة، والتناقض في نصوص الروايات(2)، بالإضافة إلى ما فيها من موارد استهجان لا تسمح بقبول مثل هذه النصوص العليلة، وبما أن البحث شائك وطويل فلا مجال لإعادته هنا ومن شاء فليراجعه في محله(3).

كما وأن زواجها من محمد بن جعفر وعبد الله بن جعفر فقد بحثناهما في ترجمة عون بن جعفر ومحمد بن جعفر، وأثبتنا عناك عدم صحة ذلك،

__________
(1) الطبقات الكبرى: 8/463.

(2) راجع أيضاً المجدي: 17، حين يذكر بعض الأقوال في المسألة.

(3) وربما يريد البعض أن يستدل بصغر سنها حين تزوجت من عمر بن الخطاب أنها لم تكن ابنة فاطمة بل كانت ابنة علي من أم سعيد الثقفية، فهذا أيضاً مرفوض لأمرين بسيطين: إن الرواية الملفقة تقول إنه أراد أن ينال من شرف الاتصال بفاطمة الزهراء «عليه السلام»، وإن ولادتها كانت في عام 24هـ وعمر بن الخطاب توفي سنة 23هـ.

(195)

 

وأثبتنا بأن الذي تزوجها وتوفي عنها هو عون بن جعفر، ومن يراجع ترجمة هذين العلمين يجد مدى التناقض الواقع في كلام المؤرخين مما يدلنا على عدم مصداقية حديثهم.

ويبدو والله العالم أنها لم تنجب لعون بن جعفر حيث صرحت بعض المصادر بذلك، ولم نجد في كتب الأنساب ما يشير إلى إنجابها، وربما أنجبت إلا أنهم درجوا ولم يكن لهم عقب(1).

وهناك من شكك في حضورها في كربلاء، وقد ذهب بعض المعاصرين إلى أن المفردتان زينب وأم كلثوم الواردتان في المقاتل هما اسم وكنية لشخصية واحدة ، فتارة يذكرها أرباب المقاتل والتاريخ بالاسم وتارة يذكرونها بالكنية(2).

ولكن الذي يراجع نصوص أرباب المقاتل والتاريخ يجد أن بعضهم ذكروهما في موضع واحد مما يدل على تغايرهما ليراد بزينب الكبرى وبأم كلثوم أم كلثوم الكبرى، ولكونهما كانتا حاضرتين معركة الطف نجد أن بعض الأشعار أو الخطب أو المواقف نسب إلى السيدة زينب الكبرى، وبعضها الآخر نسب إلى السيدة أم كلثوم الكبرى، وبما أن زينب الكبرى مكناة بأم كلثوم كما وأن أم كلثوم الكبرى تسمى بزينب فقد يختلط الأمر، ومن هنا نجد أن النقدي(3) حين يذكر أم كلثوم في غالب الأوقات يقصد بها هذه الطاهرة- أي العقيلة زينب الكبرى-(4). ومن تلك ما ورد في نص ابن طاوس(5): «وجلس الحسين «عليه السلام» يصلح سيفه ويرتجز فيقول:

______________
(1) راجع كتاب مرقد العقيلة زينب لمحمد حسنين السابقي: 125.

(2) راجع الذرية الطاهرة للدولابي: 161.

(3) النقدي: هو جعفر بن محمد بن عبد الله بن محمد تقي النزاري (1303- 1370هـ) كان من العلماء المحدثين والقضاة الأدباء، والشعراء المؤرخين، ولد في العمارة وتوفي في النجف، له مؤلفات جمة، منها: إرشاد الطالب، القوانين المنطقية، ومواهب الواهب.

(4) زينب الكبرى: 97.

(5) ابن طاوس: هو علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن أحمد بن محمد بن طاوس الحسني الحلي (589- 664هـ) من أعلام الإمامية، كانت ولادته في الحلة وتوفي =

(196)

 

يا دهر أف لك من خليل         كم لك بالإشراق والأصيل

-الأبيات- فسمعت زينب ابنة فاطمة «عليه السلام» ذلك، فقالت: يا أخي هذا كلام من أيقن بالقتل.

فقال «عليه السلام»: نعم يا أختاه.

فقالت زينب: واثكلاه، ينعى إلى الحسين نفسه.

وبكت النسوة ولطمن الخدود وشققن الجيوب، وجعلت أم كلثوم تنادي: وامحمداه، واعلياه، واأماه، وافطمتاه، واحسناه، واحسيناه، واضيعتاه بعدك يا أبا عبد الله.

فعزاها الحسين «عليه السلام» وقال لها: يا أختاه تعزي بعزاء الله، فإن سكان السماوات يموتون، وأهل الأرض لا يبقون، وجميع البرية يهلكون.

ثم قال: يا أختاه يا أم كلثوم، وأنت يا زينب وأنت يا رقية، وأنت يا فاطمة، وأنت يا رباب، أنظرن إذا أنا قتلت فلا تشققن علي جيباً ولا تخمشن علي وجهاً، ولا تقلن علي هجراً(1).

فإنه «عليه السلام» ذكر زينب وأم كلثوم وادعاء أن زينب في قوله «يا أختاه يا أم كلثوم وأنت يا زينب » يحتمل أنه أراد ابنته زينب، غير وارد لأنه سبق وذكره وصرح بأنها أخته، اللهم إلا أن يقال بأن كلمة الأخت جاءت من قبل الراوي وهذا تشكيك في غير محله.

ومثل هذا التعدد ظهر في عديد من النصوص فليراجع.

وأورد الخوارزمي(2) في مقتله ذكر زينب تارة وذكر أم كلثوم تارة أخرى حيث يقول على سبيل المثال: «وخرجت زينب بنت علي وقرطاها

_________
= في بغداد بعد أن سكن النجف وكربلاء، من آثاره: الأمان، الأنوار الباهرة، وفرج المهموم.

(1) الملهوف: 140.

(2) الخوارزمي: هو موفق بن أحمد المكي (484- 568هـ) يكنى بأبي المؤيد، من العلماء الخطباء، والمؤلفين الأدباء، ومن آثاره: مناقب أمير المؤمنين، ومناقب أبي حنيفة، وغيرهما.

(197)

 

يجولان في أذنيها وهي تقول: ليت السماء أطبقت على الأرض، يابن سعد أيقتل أبو عبد الله وأنت تنظر إليه؟.

فجعلت دموعه تسيل على خديه ولحيته فصرف وجهه عنها.

إلى أن يقول: وأقبل فرس الحسين، وقد عدا من بين أيديهم أن لا يؤخذ فوضع ناصيته في دم الحسين وذهب يركض إلى خيمة النساء، وهو يصهل ويضرب برأسه الأرض عند الخيمة، فلما نضرت أخوات الحسين وبناته وأهله إلى الفرس ليس عليه أحد رفعن أصواتهن بالصراخ والعويل، ووضعت أم كلثوم يدها على أم رأسها ونادت: وامحمداه، واجداه، وانبياه، واأبا القاسماه، واعلياه، واجعفراه، واحمزتاه، واحسناه، هذا حسين بالعراء، صريع بكربلاء، محزوز الرأس من القفا، مسلوب العمامة والردا، ثم غشي عليها(1).

ويكفي في المقام نقل هاتين العينتين مما أوردتهما المقاتل عن السيدتين زينب وأم كلثوم ابنتي فاطمة الزهراء «عليه السلام»، وجاء في أعيان النساء: «والحقيقة أن أم كلثوم لم يتزوجها غير ابن عمها عون بن جعفر حتى قتل عنها بكربلاء على ما صرح به الداودي(2) في عمدة الطالب والمسعودي(3) في مروج الذهب، والدر المنثور في طبقات ربات الخدور، وكان له- أي لعون- من العمر يوم قتل على ما قيل ست وخمسون سنة، وكانت أم كلثوم معه في الطف»(4)، ولكن جاء في معالي السبطين: إن التي

__________

(1) مقتل الحسين للخوارزمي: 2/35- 37.

(2) الداودي: هو أحمد بن علي بن الحسين بن علي بن مهنا بن عنبة الأصغر الحسيني ويعرف بابن عنبة، ويكنى بأبي العباس (نحو 750- 828هـ) من علماء الأنساب الإمامية، من آثاره: بحر الأنساب، أصول شجرة السادة آل أبي علوي، ولد في العراق وتوفي في إيران.

(3) المسعودي: هو علي بن الحسين بن علي ينتهي نسبه إلى عبد الله بن مسعود ولد في حدود عام 270هـ وتوفي سنة 346هـ، من أهل بغداد وقد سكن مصر وتوفي فيها، كان مؤرخاً عالماً بأخبار الناس، من آثاره: أخبار الزمان، التنبيه والإشراف، وذخائر العلوم.

(4) أعيان النساء: 52.

(198)

 

حضرت كربلاء هي أم كلثوم الصغرى وهي ليست ابنة فاطمة «عليه السلام»(1) والظاهر أنه أراد أن يوفق بين ما ورد من حضور أم كلثوم بنت علي «عليه السلام» كربلاء وبين من قال بأن عمر تزوجها فأولدها زيداً ومات مع أمه في يوم واحد في عهد عثمان بن عفان، والله العالم.

ولكن الطريحي(2) يذكر بأن أم كلثوم الكبرى والصغرى كلاهما حضرتا كربلاء كما يفهم من عبارته: ثم إن يزيداً أمر بإحضار السبايا فأحضروا بين يديه فلما حضروا عند جعل ينظر إليهن ويسأل من هذه ومن هذا؟

فقيل: أم كلثوم الكبرى وهذه أم كلثوم الصغرى وهذه صفية وهذه أم هاني، وهذه رقية بنات علي وهذه سكينة وهذه فاطمة بنتا الحسين .. »(3) ولا يقال بأنه أراد بالكبرى زينب وبالصغرى أم كلثوم لأنه يروي وصف الإمام السجاد «عليه السلام» لدخول السبايا على يزيد بقوله: «وكان الحبل بنقي وعنق أم كلثوم وبكتف زينب وسكينة والبنيات..» وينقل في مكان آخر وداع الحسين «عليه السلام» للنساء قائلاً: « يا سكينة يا فاطمة يا زينب يا أم كلثوم عليكن مني السلام.. »(4).

ونضيف إلى ذلك ما ورد في أسرار الشهادة خطبتانا لقيتا على أهل الكوفة إحداهما لأم كلثوم والأخرى لزينب(5).

وما دمنا استرسلنا في الحديث عن حضور عن حضور أم كلثوم الكبرى في كربلاء مع زوجها عون بن جعفر الطيار وشقيقها الإمام الحسين «عليه السلام» وشقيقتها زينب الكبرى «عليه السلام»، لا بأس بالحديث عنها في الفترة التي عاشتها بعد

__________
(1) معالي السبطين: 2/325.

(2) الطريحي: هو فخر الدين بن محمد علي بن أحمد الأسدي (979- 1085هـ) ولد وتوفي في النجف، كان من أعلام الإمامية، ومن المشاركين في الفقه والأصول، واللغة والرجال، وعلوم أخرى، وله مؤلفات جمة، منها: غريب القرآن، غريب الحديث، ومشارق النور.

(3) المنتخب: 486 و487.

(4) المنتخب: 452.

(5) راجع أسرار الشهادة: 3/229.

(199)

 

معركة الطف، وأهم ما في المسألة وفاتها، وذلك لأن بحث حضورها كربلاء يجرنا إلى البحث عن تاريخ وفاتها، فقد ورد بأنها توفيت في المدينة بعد رجوعها مع السبايا، وكانت مدة مكثها في المدينة أربعة أشهر وعشرة أيام، وقد ذكر ناقل هذه الرواية بأنها هي المعول عليها عند المؤرخين(1).

ويذهب المامقاني(2) في التنقيح إلى أنها حضرت كربلاء حيث يقول: «أم كلثوم هذه كنية لزينب الصغرى، وقد كانت مع أخيها الحسين «عليه السلام» بكربلاء وكانت مع السجاد «عليه السلام» إلى الشام ثم إلى المدينة وهي جليلة القدر فهيمة بليغة»(3) ولا مجال للقول بأنه أراد زينب الكبرى لتصريحه عن الخلاف في زواجها من عمر بن الخطاب، ووصفها بزينب الصغرى.

وجاء في كتاب شهر حسين نقلاً عن بحر المصائب: إن وفاة أم كلثوم وقعت في المدينة بعد أربعة أشهر من ورودها، وبعد ثمانين يوماً من وفاتها توفيت زينب الكبرى(4).

وبما أننا توصلنا في تحقيقاتنا إلى أن ركب الإمام زين العابدين «عليه السلام» وصل المدينة يوم الجمعة السابع من شهر ربيع الأول من عام 61هـ(5) فمعنى ذلك أنها توفيت في السادس عشر من رجب المرجب من عام

___________

(1) أعيان النساء: 52.

(2) المامقاني: هو عبد الله بن محمد بن حسن بن عبد الله الغروي (1290- 1351هـ) ولد وتوفي في النجف. كان من أعلام الإمامية المشاركين في الفقه والأصول والرجال الدراية؛ من آثاره: مقباس الهداية، مناهج المتقين، ومطارح الأفهام.
(3) تنقيح المقال: 3/73.

(4) شهر حسين: 148، عن بحر المصائب.

(5) راجع باب التحقيقات من هذه الموسوعة، وهذا ما ورد في معالي السبطين أيضاً: 2/208 بأنه كان وصولهم ف يوم الجمعة، وجاء في وقائع الأيام للقمي: 19، أنهم وصلوا إلى المدينة في السادس عشر من ربيع الأول عام 61هـ، ومع اختلاف الروايتين فإن وفاة أم كلثوم لا يتغير عن السادس عشر من رجب وذلك لأن الرواية الثانية ذكرت بأنها توفيت بعد أربعة أشهر من وصلهما إلى المدينة فإذا وصلت وصلت في 16/ ربيع الأول/ فمعنى ذلك أنها توفيت 16/ رجب/ وأما على الرواية الثانية التي تقول بأنها توفيت بعد أربعة أشهر وعشرة أيام فيكون مطابقاً مع ما ورد بأنها وصلت المدينة في السابع من شهر ربيع الأول.. راجع أيضاً المفكرة الحسينية من هذه الموسوعة.

(200)

 

61هـ، حيث حددت الرواية السابقة فترة بقائها في المدينة بأربعة أشهر وعشرة أيام.

ومما تجدر الإشارة إليه أننا لم نعثر على مثل هذه التأكيدات في وفاتها من مصادر قديمة ولا في أمات المصادر، وبما أنها لا تعارض النقل والعقل لم نعرض عنها لأننا في مثل هذه الأمور كالغريق  يتشبث بكل حشيش ينقذنا من المجهول المطلق.

ولكن في تحديد وفاتها في المدينة محل خلاف، حيث قيل إنها توفيت في المدينة ودفنت في البقيع، وقيل إنها توفيت في راوية دمشق(1) ودفنت هناك، وقيل بل دفنت في باب الصغير(2)، وقيل إنها توفيت في القاهرة، ودفنت هناك(3)، والقول بدفنها في المدينة يصح على رأي من ذهب بأنها تزوجت من ابن الخطاب وتوفيت أيام الإمام الحسن «عليه السلام» القول بأنها دفنت في المدينة لا محيد عنه لأنها كانت في المدينة، وأما على القول بأنها حضرت كربلاء ورجعت إلى المدينة فهناك من يقول إنها توفيت في المدينة، وهناك من يقول إنها كشقيقتها تركت المدينة تحت ضغط والي المدينة من قبل الأمويين فتركت المدينة فقيل نحو الشام وقيل نحو القاهرة كما هو الحال بالنسبة إلى شقيقتها زينب فإحداهما ذهبت إلى الشام والأخرى إلى القاهرة، فتوفيت أم كلثوم قبل شقيقتها زينب، وهذا الأمر موكول إلى محله حيث بحثنا ذلك بإسهاب في باب التاريخ المراقد فليراجع حتى لا يقع التكرار.

وأما عن سيرة السيدة أم كلثوم رضي الله عنها فما كان منها ما يرتبط بالنهضة الحسينية فقد أوردناها في السيرة الحسينية، ويبقى أن نتحدث عن سيرتها قبل مسير الإمام الحسين «عليه السلام» إلى العراق، وفي الحقيقة أن التاريخ قد أسدل الستار على سيرتها كما هو الحال في الكثير ممن له ارتباط وثيق بأهل البيت النبوي وذلك لطمس معالم أهل هذا البيت عليهم أفضل الصلاة وأزكى السلام.

_________
(1) السيدة زينب لجلهوم وحماد: 87.

(2) راجع مشاهد العترة الطاهرة: 91، عن طرفة الأصحاب في معرفة الأنساب لملك الغساني.

(3) عقيلة بني هاشم للهاشمي: 66.

(201)

 


       ومما يذكر في سيرتها على فرض أنها تزوجت من عمر بن الخطاب، والذي ذهب المحققون إلى نفيه وأن عمر بن الخطاب قد تزوج من أم كلثوم بنت جرول الأنصارية كما هو مبين في محله(1)، وعلى أي حال فقد أورد الطبري ما يلي: «وبعثت أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب إلى ملكة الروم بطيب ومشارب وأحفاش(2) من أحفاش النساء، ودسته(3) إلى البريد، فأبلغه لها، وأخذ منه.

       وجاءت امرأة هرقل(4)، وجمعت نساءها، وقالت: هذه هدية امرأة ملك العرب، وبنت نبيهم، وكاتبتها وكافأتها، وأهدت لها، وفيما أهدت لها عقد فاخر، فلما انتهى به البريد إليه أمره بإمساكه، ودعا عمر: الصلاة جامعة، فاجتمعوا، فصلى بهم ركعتين.

       وقال: إنه لا خير في أمر أبرم عن غير شورى من أموري، قولوا في هدية أهدتها أم كلثوم لامرأة ملك الروم، فأهدت لها امرأة ملك الروم.

       فقال قائلون: هو لها بالذي لها: وليست امرأة الملك بذمة فتصانع به، ولا تحت يديك فتتقيك.

       وقال آخرون: قد كنا نهدي الثياب لنستثيب، ونبعث بها لتباع، ولنصيب ثمناً.

       فقال عمر: ولكن الرسول رسول المسلمين، والبريد بريدهم، والمسلمون عظموها في صدرها.

       فأمر بردها إلى بيت المال، ورد عليها بقدر نفقتها(5). وقد ذكرها

______________
(1) راجع باب الشبهات والردود من هذه الموسوعة.

(2) الحفش: بكسر ثم سكون، وهو الدرج يكون في البخور.

(3) دس الشيء تحت التراب وفيه: أدخله فيه وأخفاه، أي أنها وضعته في البريد الذي يراد إرساله إلى ملك الروم.

(4) هرقل: المراد به هرقل الأول من أباطرة بيزنطية حكم ما بين (12ق.هـ- 20هـ)، وهو الذي وقعت في عهده حروب كثيرة، وقاتل الفرس، ثم حكم بعده ابنه هرقل الثاني ولم يحكم إلا شهراً واحداً.

(5) تاريخ الطبري: 2/601.

(202)

 

الطبري في عام 28هـ، ومن المعلوم أن عمر بن الخطاب تولى الحكم بعد أبي بكر عام 12هـ وتوفي عام 23هـ، وهذا لا يناسب أن يكون منسوباً إلى عمر بن الخطاب، وربما كان مناسباً لعثمان بن عفان الذي تولى الحكم بعد ابن الخطاب، عام 23هـ حتى عام 36هـ، وكان قد تزوج أم كلثوم ابنة هالة بنت خويلد والتي عرفت بأم كلثوم بنت محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومن هنا فقد جاءت رسالة زوجة ملك الروم ما نصه: «هذه هدية امرأة ملك العرب، وبنت نبيهم»، ولكن أم كلثوم على ما هو معروف توفيت في عهد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وذلك في شهر شعبان عام 9هـ(1)، ومن هنا فإننا نرى بأن هذه الرواية موضوعة، ولا أساس لها من الصحة، ونصها يدل على التلفيق.

       ومثله ما رواه الطبري أيضاً في أحداث عام 23هـ، أن سارية بن زنيم الدؤلي(2) بعد ما فتح فسا(3) ودار ابجرد(4)، أرسل بالغنائم مع رجل من أصحابه، ولما وصل المدينة قدم على عمر بن الخطاب فوجده يطعم الناس ومعه عصاه التي يزجر بها بعيره، فقصده، فأقبل عمر عليه بالعصا، فقال له: إجلس.

       فجلس الرسول حتى إذا أكل القوم انصرف عمر، وقام الرسول فاتبعه، فظن عمر أنه رجل لم يشبع.

       فقال عمر حين انتهى إلى باب داره، ادخل- يا هذا-.

       وقد أمر عمر الخباز أن يذهب بالخوان إلى مطبخ المسلمين، فلما جلس الرسول في البيت أتى بغذائه خبز وزيت وملح جريش، فوضع وقال: ألا تخرجين يا هذه فتأكلين؟.

_______________
(1) أعلام النساء: 4/261.

(2) سارية بن زنيم الدؤلي: هو حفيد عمرو بن عبد الله بن جابر الكناني، كان من اشد الناس عدواً، وكان من قواد عمر بن الخطاب، كما في أسد الغابة: 2/306.

(3) فسا: مدينة إيرانية تقع في إقليم فارس، على غرب مدينة شيراز وجنوب جهرم، ولار، معروفة بطيب هوائها وجودة ثمارها في الأقليم، تخرج منها عدد من العلماء، والنسبة إليها فسوي.

(4) دار ابجرد: مركز ولاية داراب الواقعة في إقليم فارس، إيران، تقع في جنوب بحيرة نيريز، وتلفظ بالفارسية «دار ابگرد».

(203)

 

       قالت: إني لأسمع حس (صوت) رجل.

       فقال عمر: أجل.

       فقالت: لو أردت أن أبرز للرجال اشتريت لي غير هذه الكسوة.

       فقال: أوما ترضين أن يقال: أم كلثوم بنت علي وامرأة عمر.

       فقالت: ما أقل غناء ذلك عني.

       ثم قال عمر للرجل: أدن فكل، فلو كانت راضيةً لكان أطيب مما ترى.

       فأكلا.. الحديث، أورده الطبري في أحداث عام 23هـ(1).

       حديث مدسوس يراد به الطعن بالمسلمين وقياداتهم، أيكون الحاكم إلى درجة لا يراعي أمر اختلاط نسائه بالرجال، وهي لا تمتلك ما تتستر به عنه، إن الوضاعين غفلوا عن أبسط الأمور، ومن هنا نجد أن أصل حديث زواج عمر بأم كلثوم هو من الوضع ثم قاموا بتلفيق قصص على هامش هذا الزواج وهذه العشرة.

       ومما يذكر في أحوالهما، أنها رثت أمها الزهراء «عليه السلام» حيث ماتت حيث خرجت وعليها برقعها تجر ذيلها متجللة برداء، وهي تقول: يا أبتاه يا رسول الله الآن فقدناك فقداً لا لقاء بعده أبداً، ولما غسل الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام» فاطمة «عليها السلام» حضرت غسلها مع أخيها الحسن والحسين وأختها زينب، وجاريتها فضة، وكذلك أسماء بنت عميس(2) ولكن حين وفاة أمها كان لها من العمر سنة وثمانية أشهر و19يوماً مما يستبعد أن تكون هي الراثية، وربما كانت الراثية هي شقيقتها زينب «عليه السلام» والتي كان لها من العمر أربع سنوات وأشهر، والله العالم.

       ومما يذكر في سيرتها أنها دخلت على أبيها بعد أن سرى السم في جسمه، فلما رأته على تلك الحال بكت.

       فقال لها أمير المؤمنين «عليه السلام»: ما يبكيك يا بنتاه؟

__________
(1) تاريخ الطبري: 2/553.

(2) أعيان الشيعة: 3/485.

(204)

 

       قالت: يا أبه وكيف لا أبكي وأنت قمر الهاشميين، وشمس الطالبيين، عضبها اليماني(1) إذا أكهمت(2) الحروب سيوفها، وبدرها الشعشعاني إذا أسدلت الظلماء سجوفها(3)، عزنا إذا شاهت(4) الوجوه ذلاً، وجمعنا إذا الموكب الكثير قلا(5).

       فقال «عليه السلام» لها: يا بنية لو رأيت مثل ما رأيت لما بكيت على أبيك.

       فقالت: وما رأيت يا أبه.

       قال «عليه السلام» : رأيت رسول الله قد نزل في كتيبة من الملائكة من السماء ومعه جمع من الأنبياء على نجب(6) من نجب الجنة قوائمها من العنبر، ووفرها من الزعفران، وعناقها من الزبرجد الأخضر، وأعينها من الياقوت الأحمر، وأزمتها من اللؤلؤ الرطب، في قباب من نور، يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، وبأيديهم مجامر من نور، تفوح منها رائحة العود، وقد أحدقوا برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ليزفوا روح أبيك إلى الجنة، وكأني أنظر إليها يا بنية دار أرضها رضوان الله، وسقفها عفو الله، وجوها المنفرج رحمة الله، ترابها المسك، وحصاها من ألوان الجواهر، فيها قصور من لؤلؤة بيضاء مجوفة من كافور أبيض، وفيها أنهار من السلسبيل والعسل المصفى.

       فسكتت عند ذلك أم كلثوم(7).

       ولما جاؤوا بابن ملجم(8) مكتوفاً إلى بيت من بيوت القصر فحبسوه

__________
(1) العضب: بفتح ثم سكون، السيف القاطع.

(2) أكهم: ضعف.

(3) السجف: بكسر ثم سكون، الستر.

(4) شاه الوجه: قبح.

(5) قلا الإبل: طردها وساقها.

(6) النجيب: خيار الشيء ونفيسه، والمراد به خيار الفرس.

(7) غزوات أمير المؤمنين للنقدي: 227.

(8) ابن ملجم: هو عبد الرحمان بن ملجم المرادي التدؤلي الحميري، ولد في الجاهلية وأسلم في عهد عمر بن الخطاب وسكن المدينة، ونهج منهج الخوارج في النهروان، واتفق مع البرك وعمرو بن بكر على قتل علي «عليه السلام» ومعاوية بن أبي =

(205)

 

فيه، فقالت له أم كلثوم، وهي تبكي: يا ويلك، أما أبي فأرجو أن لا يكون عليه بأس، وان الله يجزيك في الدنيا والآخرة، وان مصيرك إلى النار خالداً فيها.

       فقال ابن ملجم: إبكي إن كنت باكية، فوالله لقد اشتريت سيفي هذا بألف وسممته بألف، ولو كانت ضربتي هذه لجميع أهل الكوفة ما نجا منها أحد(1).

       فصرخت أم كلثوم ونادت: واأبتاه واعلياه(2).

       وقيل إنها حضرت وفاة أبيها وذلك بعد أن ضرب أمير المؤمنين «عليه السلام» واحتمال فأدخل داره فقعدت لبابة عند رأسه وجلست أم كلثوم عند رجليه ففتح عينيه فنظر إليها فقال: الرفيق الأعلى خير مستقراً وأحسن مقيلا(3).

       لم نتعرف على لبابة هذه فإن هناك من قال بأن لبابة بنت عبد الله بن العباس كانت زوجته إلا أنه لم يثبت، ولكن الثابت أن زوجة ابنه العباس كانت لبابة بنت عبيدالله بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي حيث ولد العباس عام 18هـ وكان آنذاك له من العمر 22 عاماً، مما لا شك فيه أنه كان قد تزوجها، وقد تحدثنا عن ذلك في محله(4).
____________
= سفيان، وعمرو بن العاص، فتعهد البرك بقتل معاوية؛ بينما تعهد عمرو بقتل سميه، وأما ابن ملجم فتعهد بقتل علي «عليه السلام»، فضرب علياً «عليه السلام» في المحراب في سحر السابع عشر من رمضان، وتوفي علي «عليه السلام» بعد ثلاث، فقتل ابن ملجم قصاصاً.

(1) جاء في أعلام النساء: 4/259 «أن أم كلثوم نادته وهي تبكي: عدو الله لا بأس على أبي، والله مخزيك، قال ابن ملجم: فعلى من تبكين، والله لقد اشتريته بألف وسممته بألف، ولو كانت هذه الضربة على جميع أهل المصر ما بقي منهم أحد ». وجاء في أعيان الشيعة: 3/485 عن الإرشاد للمفيد: ونادت أم كلثوم عبد الرحمان ابن ملجم يا عدو الله إني لأرجو أن لا يكون عليه بأس، قال بان ملجم لها: فأراك إنما تبكين علي، والله لقد ضربته ضربة لو قسمت بين أهل الأرض لأهلكتهم.

(2) غزوات أمير المؤمنين للنقدي: 225.

(3) أعيان الشيعة: 3/485 عن أمالي الطوسي.

(4) راجع معجم أنصار الحسين (الهاشميون) في ترجمة عباس (الجزء الثاني) وفي ترجمة لبابة (الجزء الأول) وغيرهما.

(206)

 

       وإلى هنا ننهي الحديث عنها، وربما تطرقنا إلى بعض أحوالها في ترجمة شقيقتها زينب الكبرى إن شاء الله تعالى.

       ولكن لا بأس بالإشارة إلى ما ورد في المقدمة التي قدمها السيد المرعشي(1) لكتاب أخبار الزينبيات حيث يقول: كتب إلي- صديقه في الشام- إن المؤرخ ابن طولون الدمشقي(2) له رسالة في ترجمة السيدة زينب وإنها محفوظة بخزانة بعض أصدقائه بنابلس ووعدني بأن يكتب إليه ويستعيرها منه ويرسلها إلى فلم يمض وقت طويل إلا وجاءتني هذه الرسالة، فإذا هي في نحو كراسة ونصف ترجم فيها الشقيقة صاحبة الترجمة السيدة زينب الوسطى المكناة بأم كلثوم، وقال: إنها المدفونة بالشام بالقرية المعروفة بها، وكانت قد قدمت إليها في واقعة الحرة، وترجم لأختها عرضاً واستشهد لصحة ما ذكره بما رواه ابن عساكر أن السيدة زينب الكبرى قدمت مصر وماتت بها وإن دفينة الشام هذه هي الوسطى ولا صحة لما يزعم أهل دمشق»(3).

       إلا أنني لم أتمكن من الحصول على الرسالة المنسوبة إلى ابن طولون حتى أتأكد من مضمونها ولكن كلي ثقة بالسيد المرعشي، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن النسخة المطبوعة من تاريخ ابن عساكر خالية من ذكر مرقد السيدة زينب الكبرى، ومن الإشارة إلى أن المدفونة بالشم هي زينب الوسطى أي أم كلثوم الكبرى.

       وما يمكن فهمه من هذه العبارة أمران، الأول: إن السيدة زينب

____________
(1) المرعشي: هو شهاب الدين بن محمود الحسيني المرعشي النجفي (1315- 1411هـ) ولد في النجف وتوفي في قم، من أعلام الإمامية ومراجعها، ولقد حضرت بعض دروسه في قم، له من الآثار: الحاشية على الكفاية، الحاشية على الرسائل، والرد على مدعي التحريف.

(2) ابن طولون الدمشقي: هو محمد بن علي بن محمد الصالحي الحنفي المشتهر بابن طولون الدمشقي (880- 953هـ) محدث مؤرخ، وفقيه نحوي، له مشاركات في علوم أخرى، ولد في صالحية دمشق فنسب إليها، وتوفي في دمشق ودفن في سفح جبل قاسيون، من آثاره: القلائد الجوهرية، اللؤلؤ المنظوم، والنفحات الأزهرية.

(3) أخبار الزينبيات: 89- 90 (مقدمة السيد المرعشي للكتاب).

(207)

 

الكبرى زوجة عبد الله بن جعفر هي دفينة القاهرة، ودفينة دمشق هي السيدة أم كلثوم الكبرى وكلاهما من بنات فاطمة الزهراء «عليه السلام»، الثاني: إن السيدة أم كلثوم توفيت بعد واقعة الحرة التي وقعت بتاريخ 27/12/63هـ، وإنها تركت المدينة قبيل نشوب الأحداث فيها، هذا وقد أيد العبدلي في كتابه أخبار الزينبيات دفن السيدة زينب الكبرى في القاهرة(1) ولكنه لم يشر إلى المرقد المعروف باسمها في رواية دمشق.

       وسنأتي على تفاصيل مرقديهما في تاريخ المراقد من هذه الموسوعة إن شاء الله تعالى.

________
(1) أخبار الزينبيات: 122.

(208)

 

(17)

أم هاني بنت علي الهاشمية

34- ب40هـ = 654- ب661م

 

       هي: أم هاني بنت علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن عبد مناف ابن هاشم القرشية.

       ضبط المفردة «هاني » مضت في ترجمة هاني بن عروة المرادي في معجم الأنصار غير الهاشميين فلا نكرر.

       لقد أورد الطريحي اسمها في جملة من حضرن كربلاء وعانين الأسر حيث يقول: «ثم يزيداً أمر بإحضار السبايا فأحضروا بين يديه، فلما حضروا عنده جعل ينظر إليه ويسأل من هذه؟ ومن هذا؟.

       فقيل له: هذه أم كلثوم الكبرى، وهذه أم كلثوم الصغرى، وهذه صفية، وهذه أم هاني، وهذه رقية بنات علي، وهذه سكنية، وهذه فاطمة بنتا الحسين وهذا علي بن الحسين.. »(1).

       وقد سبق وذكرنا بأن أم هاني كنية لفاختة بنت علي «عليه السلام» وأمها أم ولد، وقد ترجمناها باسم فاختة فليراجع حرف الفاء.

___________
(1) المنتخب: 486.

(209)

 

(18)

أم وهب بنت عبد النمرية

ن21- 61هـ = ن642- 680م

 

       هي: ام وهب بنت عبد من بني النمر بن قاسط.

       واسمها قمرى «قمر» بنت عبد النمرية القاسطية.

       وأما ضبط المفردة، والمراد بها المضاف إليه «وهب» وهو بفتحتين مصدر وهب يهب، ويأتي المصدر بسكون ثانيه، ومعنى وهب المال فلاناً إذا أعطاه إياه بلا عوض، ومن الأسماء الحسنى لله «وهاب» وهي صيغة مبالغة، والهبة تمليك الشيء بلا عوض، وقد سبق الحديث عن جذر الكلمة والتسمية به في ترجمة وهب من معجم الأنصار غير الهاشميين، والتسمية به جاهلية حيث هناك وهب بن ربيعة بن معاوية الأكرمين الكندي وهو جد جاهلي، ووهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة القرشي وهو جد الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) أبو آمنة بنت وهب أم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكان سيد بني زهرة وكان يكنى بأبي كبشة(1).

       وقمرى هذه زوجة عبد الله بن عمير الكبير، وحضر هو وزوجته قمرى، وابنه وهب وزوجته هانية معركة الطف، وكانوا من شيعة علي «عليه السلام» وسنأتي على تراجمهم جميعاً، فليراجع ترجمة أم وهب في حرف القاف في «قمرى».

____________
(1) راجع الأعلام للزركلي: 8/125.

(210)

 

(19)

أم وهب بنت وهب النصرانية

ن26- 61هـ = ن646- 680م

 

       هي: أم وهب بنت وهب ...

       ليس لدينا عنها الكثير من المعلومات، إلا ما ورد في نص الصدوق(1) والذي هو أقدم النصوص التي لدينا، حيث يقول: «وبرز من بعده- أي بعد زياد بن مهاجر- وهب بن وهب وكان نصرانياً أسلم على يد الحسين «عليه السلام» هو وأمه فاتبعوه إلى كربلاء، فركب فرساً وتناول بيده عمود الفسطاط فقاتل وقتل من القوم سبعة أو ثمانية، ثم استوسر، فأتي به عمر ابن سعد فأمر بضرب عنقه ورمي به إلى عسكر الحسين «عليه السلام» وأخذت أمه سيفه(2) وبرزت فقال لها الحسين «عليه السلام»: يا أم وهب إجلسي فقد وضع الله الجهاد عن النساء. إنك وابنك مع جدي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) في الجنة، ثم برز من بعده هلال بن حجاج»(3).

       ذهب أكثر المهتمين بالشأن الحسيني إلى أن وهب بن عبد الله الكلبي ووهب بن وهب متحدان، بل ذهب آخرون إلى اتحاده مع عبد الله بن عمير

______________
(1) الصدوق: هو محمد بن علي بن الحسين القمي مضت ترجمته.

(2) سيفه، فيل قليل قال: «إن وهب تناول بيده عمود الفسطاط» وهنا يقول «سيفه» وهذا في ظاهره يتنافى وربما الجمع يكون بأنه اخذ بيده الآخر عمود الفسطاط أي بالإضافة إلى السيف إذ لا يعقل أنه لم يملك سيفاً، أو أن كلمة السيف هنا جاءت تصحيفاً عن العمود.

(3) الأمالي للصدوق: 137 (المجلسي: 30).

(211)

 

الكلبي أو عمير بن المطاع، ولكن على ما نقل عن الطريحي(1) أنهما شخصيتان، والتمييز بينهما أن وهب بن عبد الله حضر مع أبيه عبد الله وأمه قمرى (قمر)، وزوجته هانية، وكانوا من مشاهير الشيعة وقد التحقوا بالإمام الحسين «عليه السلام» في كربلاء يوم الثامن من محرم، وكان وهب بن عبد الله الكلبي قد تزوج من زوجته هانية في الثالث والعشرين من شهر ذي الحجة عام 60هـ.

       وأما وهب بن وهب فحضر كربلاء مع أمه أم وهب وكانا نصرانيين أسلما على يد الإمام الحسين «عليه السلام» وهو في طريقه إلى كربلاء، وسنأتي على تفاصيل ذلك في ترجمة كل واحد منهم إن شاء الله تعالى.

       ويذكر المحلاتي(2): إن وهباً التحق بركب الحسين «عليه السلام» وهو بقصر بني مقاتل(3) ومعنى ذلك أنه التقى به يوم الأحد السابع والعشرين من شهر ذي الحجة من عام 60هـ، حسب تحقيقاتنا، وأم وهب قمرى (قمر) زوجة عبد الله الكلبي قتلها سالم مولى شمر بن ذي الجوشن، وأما هذه فقد ضربت برأس ابنها قاتله فقتلته.

        والظاهر أن أم وهب بن وهب خرجت إلى المعركة وبيدها عمود الخيمة لتدافع عن ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأرجعها الإمام «عليه السلام»ووعدها  الجنة، وربما الشهادة فاستشهدت أيضاً كما استشهدت تلك، وربما كان السبب من وراء خوضها المعركة أنها كانت جديدة العهد بالإسلام، ولم تعلم بأ، الإسلام أسقط فرض الجهاد عن النساء، ولكن لم يحظره.

       وعلى حال، بما أنها أسلمت مع ابنها في السابع والعشرين من ذي الحجة، فليس ليدنا عنها أية معلومات، ولكن الذي يظهر أن ابنها

____________
(1) راجع ناسخ التواريخ (حياة الإمام الحسين): 2/269 عن المنتخب للطريحي، إلا أنني لم أعثر عليه في المنتخب.

(2) المحلاتي: هو ذبيح الله بن محمد علي العسكري (1310- 1405هـ) من إقليم فارس، وكان عالماً فاضلاً خطيباً بارعاً ومؤلفاً باحثاً، له عدد من المؤلفات منها:صندوق النفائس، قرة العين، وقلائد النحور.

(3) فرسان الهيجاء: 1/253.

(212)

 

وهب لم يكن كبيراً في السن وربما كان فتىً حيث لم يتزوج بعد، وربما كانت أمه أيضاً غير كبيرة في السن.

       وسنأتي على بعض التفاصيل لدى ترجمة ابنها وهب بن وهب إن شاء الله تعالى.

       والحاصل: إن ابنها كان يسمى وهباً وزوجها يسمى وهباً، وربما توفي عنها زوجها وهي فتية والله العالم.

(213)

 

(214)

 

حرف الباء

       20- برة                                       ق20- ب61هـ

       21- بحرية بنت مسعود الخزرجية           ن36- ب61هـ

 

(215)

 

(216)

 

(20)

برة

ق20- ب61هـ = 641- 680م

 

       هي: برة.

       ضبط المفردة: «برة» بفتح الباء، وفتح الراء المشددة، وتختم بتاء التأنيث على زنة «مرة» مأخوذ من الجذر بر يبر براً فهو بر وهي برة بمعنى أطاع يطيع إطاعة فهو مطيع وهي مطيعة، فهي إذاً اسم فاعل للأنثى، استخدمت منذ الجاهلية إسم علم للأنثى، وممن تسموا بها: برة بنت عبد المطلب الهاشمية عمة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) والتي كانت شاعرة أديبة رثت أباها عبد المطلب وبرة العدوية والتي كانت هي الأخرى شاعرة من شواعر العرب في الجاهلية(1)، ومنهم برة أم آمنة بنت وهب الزهري، أي جدة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) من أمه وكانت على قيد الحياة حين ولادة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) عام 53ق.هـ حيث حضرت ولادتها(2).

       كانت برة التي نحن بصدد ترجمتها أم ولد كلفها الإمام الحسين «عليه السلام» لتخدم الإمام زين العابدين «عليه السلام» حين توفيت والدته شاه جهان وهي في نفاسها منه، وقامت بحضانته بأحسن وجه وقد حضرت معه بل معهما – الحسين والسجاد- في كربلاء(3).

       وقيل إنها وغزالة متحدتان، وسنأتي على ترجمة غزالة والتي سبق وقلنا إنها حضرت كربلاء وهي التي كانت مثار جدل حول وجود أم زين

__________
(1) راجع أعلام النساء: 1/125 وبلاغات النساء لطيفور.

(2) مستدركات علم رجال الحديث: 8/563.

(3) نفس المهموم: 340.

(217)