معجم  أنصار الحسين عليه السلام  (النساء) (الجزء الثاني)

اسم الکتاب : معجم أنصار الحسين عليه السلام (النساء) (الجزء الثاني)

المؤلف : للعلامة المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي
المطبعة : المركز الحسيني للدراسات لندن ـ المملكة المتحدة

 

 

 

(48)

 

سكينة بنت علي الهاشمية

... ...هـ = ... ...م

 

      هي: سكينة  بنت علي بن أبي طالب «عليه السلام».

      لم نعثر على من ذكر في عداد أولاد أمير المؤمنين «عليه السلام» بنتاً بهذا الاسم نعم ورد اسمها في سلسلة رواية رويت عن الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) فقد روت عن علي ابن أبي طالب «عليه السلام» وروى عنها علي بن الحسين السجاد «عليه السلام» والرواية رواها الطبري في دلائل الإمامة وفيها:

      عن الحسين بن إبراهيم القمي(1)، عن علي بن محمد العسكري(2)، عن صعصعة بن ناجية(3) عن زيد(4) بن موسى عن أبيه عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن عمه زيد بن علي عن أبيه، عن سكينة وزينب ابنتي علي، عن علي قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): إن فاطمة خلقت حورية في صورة انسية وإن بنات الأنبياء لا يحضن(5).

      كما ورد اسمها في رواية نقلت عن الإمام الحسين «عليه السلام» حيث روى:

___________
(1) القمي: هو الحسين بن إبراهيم المعروف بابن الخياط من مشايخ الطوسي من الخاصة كما في أمل الآمل: 2/86 رقم 227.

(2) العسكري: هو أبو الحسن علي بن محمد بن جعفر بن عنبسة الحداد.

(3) صعصعة بن ناجية بن عقال التميمي جد الفرزدق همام بن غالب بن صعصعة الصحابي الجليل.

(4) زيد: هو ابن الإمام موسى بن جعفر الكاظم «عليه السلام» ويعرف بزيد النار ولد في حدود عام 159هـ وتوفي عام 250هـ «الأعلام للزركلي:     ».

(5) بحار الأنوار: 78/112 ح: 37 عن دلائل الإمامة: 52 وعنهما مستدرك وسائل الشيعة: 1/76.

(58)

 

      الحسن بن محمد الطوسي عن أبيه(1) عن الحفار(2) عن اسماعيل بن علي(3) عن علي بن علي(4) أخي دعبل عن الرضا «عليه السلام»، عن آبائه عن الحسين «عليه السلام» قال: ادخل على اختي سكينة بنت علي خادم فغطت رأسها منه فقيل لها: إنه خادم فقالت: هو رجل منع من شهوته(5).

      واما ما رواه الطوسي ففي طريقه إسماعيل بن علي بن علي بن رزين فلم أجد من وثقه من أصحاب الرجال بل قالوا عنه كان كذاباً وضاعاً للحديث لا يلتفت إلى ما رواه عن أبيه عن الرضا «عليه السلام» ولا غير ذلك ولا ما صنف(6) وكان مختلطاً يعرف منه وينكر له(7).

      وكان مختلط الأمر في الحديث يعرف منه وينكر أوله كتاب تاريخ الأئمة «عليه السلام» ويروي عن هلال الحفار مسند الرضا «عليه السلام» وغيره(8).

      فهذا الحديث لا يوثق به ولا يصلح للقيام بالمدعى.

      وأما حديث القمي ففي طريقه العسكري الذي قال عنه إبن الغضائري ضعيف روى عن الضعفاء لا يلتفت إليه(9).

      وأما صعصعة بن ناجية فلا يوجد في كتب الأنساب غير صعصعة بن ناجية بن عقال بن محمد بن سفيان  بن مجاشع بن دارم التميمي(10) جد

________
(1) محمد الطوسي: هو شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي 385- 460هـ.

(2) الحفار: هو أبو الفتح هلال بن محمد بن جعفر الحفار 322- 414هـ من مشايخ الطوسي وهو من أهل السنة.

(3) اسماعيل: هو أبو القاسم ابن علي بن علي بن رزين بن عثمان بن عبد الرحمان بن عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي ابن أخي دعبل الخزاعي الشاعر المعروف ولد عام 275هـ.

(4) علي: هو أخو دعبل 172- 283هـ.

(5) وسائل الشيعة: 20/227ح: 7 عن أمالي الطوسي: 376.

(6) معجم رجال الحديث: 3/134 عن رجال ابن الغضائري.

(7) رجال النجاشي: 23.

(8) الفهرست: 40 رقم: 37.

(9) معجم رجال الحديث: 12/12.

(10) الكنى والألقاب: 3/22.

(59)

 

الفرزدق همام بن غالب بن صعصعة والذي كان له صحبة للرسول (صلى الله عليه واله وسلم) والذي كان في الجاهلية يفتدي الموؤدات وقد أحيى ثلاثمائة  وستين موؤدة وقد توفي حفيده الفرزدق عام 110هـ. والذي لم يكن من الطبقة التي يروي عنها العسكري ولا الذي يروي هو عن زيد النار ابن موسى بن جعفر الكاظم «عليه السلام» المتوفى عام 250هـ وهو أيضاً لا يمكن الركون إلى ما رواه(1) فزيد النار لم يدرك الفرزدق حفيد الفرزدق فكيف به أن يروي صعصعة عنه وعلى فرض صحة الحديث لا بد وأن يكون صعصعة هذا مغايراً مع جد الفرزدق وحينئذ يكون مجهولاً لا يؤخذ بقوله.

      وبعد نسف هذه الروايات الثلاث فقد لفت نظرنا ما ذكره الاسفراييني(2) المتوفى عام 316هـ من الكلام الغريب ننقله باختصار لطوله: إن معاوية لما زار المدينة أحسن إلى آل الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) ثم اصطحب معه إلى الشام الحسين بن علي «عليه السلام» واخوته وأولاده وأولاد أخيه وجميع عشيرته رجالاً ونساءً، واكرمهم بها، ولما حضرته الوفاة أوصى إبنه يزيد بهم خيراً ومما قاله: أوصيك يا بني بالحسين وأولاده وإخوته وأولاد إخوته وجميع عشيرته وجميع بني هاشم الوصية التامة ولا تفعل في الرعية شيئاً حتى تشاور الحسين ولا أمر عندك فوق أمره.. أن الخلافة ليست لنا وإنما هي له ولأبيه وجده من قبله ولأهل بيته من بعده ولا نستخلف يا يزيد إلا مدة يسيرة حتى يبلغ الحسين مبالغ الرجال ويمضي إلى مكة في أحسن حال ويكون هو الخليفة أو من يشاء من أهل بيته.

      وترجع الخلافة إلى أهلها لأننا يا بني ليس لنا خلافة بل نحن عبيد له ولأبيه وجده (صلى الله عليه واله وسلم).. فلما مات معاوية وتولى يزيد وقلع ثياب الأحزان ولبس ثياب الفرح والسرور وأدار كاسات الخمور وأعطى وأنفق على جميع

____________
(1) راجع قاموس الرجال: 4/586 ومعجم رجال الحديث: 7/359.

(2) الاسفراييني: هو أبو إسحاق يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم مؤلف كتاب نور العين في مشهد الحسين، توفي سنة 316هـ نيسابوري الأصل توفي في اسفرايين بعد أن سكنها، من مؤلفاته: الصحيح المسند، وقيل إن الاسفراييني هو إبراهيم بن محمد بن إبراهيم المتوفى سنة 418هـ أو 417هـ يوم عاشوراء، والتحقيق موكول إلى محله في معجم المصنفات.

(60)

 

عشيرته ثم صار ينفق على عسكره ويعطي أعيان دولته إلا الحسين وأهل بيته فإنه لم يعطهم شيئاً وجميع رواتب والده التي كان رتبها لهم قطعها في مدة ولايته وتمرد على الحسين وقسا قلبه عليه ونهره وطرده من عنده فلما رأى الحسين ذلك من يزيد أتى إلى أخته سكينة ودموعه جارية وقال لها: يا أختي إمضي بنا إلى مكة أو المدينة وحكى لها جميع ما هو ناظره من يزيد فقالت: يا أخي نعم لا مقام لنا عنده ولكن الرأي أن تستأذنه ونمضي إلى حال سبيلنا فقال لها: يا اختي نعم الرأي، ثم إنه كتب إلى يزيد ورد عليه يزيد فأتى- الحسين- إلى اخته سكينة واعلمها بما كتبه له يزيد فقالت يا أخي إرحل بنا من عنده فالله تعالى أرحم بنا منه ومن غيره فقام الحسين من وقته ورجع بأهله إلى المدينة ودخل بهم دار أبيه علي بن أبي طالب وبها أخوه محمد ابن الحنفية لأنه لم يخرج منها وفي الليل اجتمع مع أخيه ابن الحنفية وحكى له ما جرى له مع يزيد فأرشده أن يقيم في مكة فقال له الحسين : نعم هذا الرأي ثم أقام في المدينة مدة يسيرة ثم ودع أخوه وأهل المدينة فلما وصل إلى مكة استقبلهم أهلها وفي مقدمتهم عبد الله بن الزبير خليفة مكة حينئذ وهو أخو الحسين من الرضاعة فأدخلهم داره وأكرمهم وعمل لهم وليمة عظيمة ليلة دخولهم كفى بها جميع أهل مكة ثم اجتمع معه وتداول ما جرى له من يزيد فقال له ابن الزبير يا أبا عبد الله أنت الخليفة الآن ههنا وأنا من أصحابك فإن الخلافة لأبيك ولجدك من قبلك وأنت أولى بها مني ومن يزيد وغيره... ولما عم ظلم يزيد وجوره كتب إليه أهل الكوفة إلى آخر كلامه..

      ثم إنه بعث بمسلم بن عقيل ونهض من وقته إلى اخته سكينة واخبرها بما جرى لأهل الكوفة والعراق من ظلم يزيد وعبيد الله بن زياد ومكاتبتهم له في شأن ذلك.. فلما سمعت أخته منه هذا الكلام فاض دمعها على خدها وقالت: يا أخي لا أبكى الله لك عينا إلا من خشيته، يا أخي هذا ما هو أوان سفر ونحن متهيئون وقادم علينا شهر المحرم فنريد أن نحضر عاشوراء في بيت الله الحرام.. إلى آخر كلامها:

      ثم إنه يذكر حواراً بين الحسين واخته سكينة ويقول إنها أنشدت أبياتاً أولها:

(61)

 

إلا إن شوقي في الفؤاد تحكما      ودمعي جرى يحكي من الوجد عندما(1)

      ثم يختفي ذكر سكينة من كتابه إلى أن يأتي وقت وداع الحسين «عليه السلام» لأهل بيته فيخاطبها بأبيات من الشعر- من الكامل- أولها:

سيطول بعدي يا سكين فعاني      منك البكاء إذا الحمام دعاني(2)

      وليس في الأبيات وما قبلها ما يدل على نسبتها له كأخت أو بنت.

      ثم يأتي على ذكرها بعد مقتل الإمام الحسين «عليه السلام» ورجوع الفرس إلى مخيمه وبكاء زينب وسكينة وسائر أهل بيته وانشاء سكينة الأبيات- من الطويل- التي أولها:

فويلك يا ميمون فارجع بسرعة    وخبر عن السبط الشريف صدى العلا

      إلى أن تخاطب الحسين في آخر الأبيات بقولها:

أخي من نرى من بعد فقدك يا أخي      يدافع عنا من يصول من الملا

أخي من نراه حامياً ومناصراً            لقد هد هذا اليوم عزمي وعطلا(3)

      ثم يذكر أشعاراً للسيدة سكينة من غير أن من غير أن يذكر من هي أهي بنت الحسين «عليه السلام» أم أخته- من الخفيف- وأول تلك الأبيات:

قد سبتنا حسين هذي الأعادي      مثل سبي العبيد بين البوادي(4)

      ثم تنقطع أخبار سكينة من الكتب إلى أن يجمع يزيد أهل بيت الحسين «عليه السلام» في مجسله ويثب رجل من أهل الشام ويقول ليزيد: أريد منك هذه الجارية وأوما إلى سكينة فالتفتت إلى عمتها وقالت: يا عمتي يصير من أولاد الأنبياء جوار عبيد.. إلى آخر كلامه. ثم إنه نقل قصة رؤياها في دمشق(5) وفيها أنها قالت للرسول (صلى الله عليه واله وسلم) ولفاطمة الزهراء في رؤياها «قتلوا الحسين واخوتي واعمامي واولاد اخوتي وبني عمي» وهذا الكلام لا يصح

__________
(1) نور العين في مشهد الحسين: 4- 10

(2) نور العين في مشهد الحسين: 29.

(3) نور العين في مشهد الحسين: 32.

(4) نور العين في مشهد الحسين: 33.

(5) نور العين في مشهد الحسين: 42.

(62)

 

أن تقوله إذا كانت اخت الحسين «عليه السلام» حيث إن أعمامها هم طالب وجعفر وعقيل وهؤلاء لم يقتلوا في كربلاء كما لا يصح منها ذلك لو كانت ابنة الحسين «عليه السلام» فإنه لم يكن للحسين حفيد غير الإمام الباقر «عليه السلام» ولو كان لعلي الأكبر فلم نعرف عنه شيئاً وعلى كل فلم يقتل أحد من أحفاد الإمام الحسين حتى يصح أن تقول أولاد أخوتي.

      ثم ينطوي ذكرها أيضاً إلى أن يدخل أهل بيت الحسين «عليه السلام» إلى المدينة وتنشىء السيدة أم كلثوم الأبيات المعروفة- من الوافر- والتي أولها:

مدينة جدنا لا تقبلينا    فبالحسرات والكسرات جينا(1)

      إلى أن تقول:

سكينة تشتكي من حر شجو        تنادي يا أخي جاروا علينا

      والتي ظاهر قولها «يا أخي» خطاب إلى الحسين «عليه السلام».

      وبهذا ينتهي الكلام عن السيدة سكينة.

      ومما قدمنا يظهر ضغف ما جاء في الكتاب بشكل عام وتناقض ما جاء عن السيدة سكينة بالذات حيث ذكرها تارةً أختاً للحسين «عليه السلام» وتارة ابنة له كما اختفى دور سكينة التي كان يعتمد عليها الإمام الحسين «عليه السلام» في مشورته واموره وهذا مما يزيد في ضعف ما أورده في هذا الكتاب فلا يمكن الركون إليه، ونشير هنا إلى بعض نقاط الضعف البارزة في رواية الاسفراييني في التالي:

      1- تفرد في الرواية وبالأخص أن معاوية زار المدينة واصطحب معه آل الرسول (صلى الله عليه واله وسلم).

      2- تصريح معاوية بأن الحق لأهل البيت «عليه السلام»، ويوصي ابنه يزيد بالتخلي عن الحكم لصالح أهل البيت «عليه السلام» وهو يخالف روايات جميع المؤرخين والواقع الذي أنشئت عليه الدولة الأموية.

      3- تفترض هذه الرواية أن الإمام الحسين «عليه السلام» كان صغيراً ليقوم يزيد بدور الوصي النزيه إلى أن يبلغ الحسين «عليه السلام» مبلغ الرجال، وهو مما  تسالم على خلافه المؤرخون.

__________
(1) نور العين في مشهد الحسين: 44.

(63)

 

      4- يعرض الحسين «عليه السلام» كشخص مادي ويتعامل مع الأمور بسذاجة ما دونها سذاجة.

      5- إن سكينة تكون مستشارة في كل شيء حيث لم يجد غيرها.

      6- إن محمداً ابن الحنفية أرشده للمقام في مكة وأذعن الحسين «عليه السلام» له.

      7- إن عبد الله بن الزبير كان الحاكم في مكة، مع العلم أن حكومة ابن الزبير كانت بعد مقتل الإمام الحسين «عليه السلام» بلا خلاف.

      8- إن عبد الله بن الزبير لم يكن أخا الحسين من الرضاعة ولا لغيره من أهل بيت النبوة «عليه السلام».

      9- المبالغة في وليمة عبد الله بن الزبير بما يكفي لكل أهل مكة.

      10- إن ابن الزبير تنازل عن الخلافة للحسين «عليه السلام».

      11- بكاء مستشارة الحسين «عليه السلام» أخته السيدة سكينة على قرار رحيله إلى الكوفة.

      12- حضورهم عاشوراء في مكة وإحياء مراسم لعاشوراء آنذاك، والذي لم نعهد أن المسلمين وبالأخص أهل البيت «عليه السلام» كانوا يحيون عاشوراء قبل مقتل الإمام الحسين «عليه السلام».

      13- انقطاع دور السيدة سكينة من الروايات عدة مرات بدون مبرر.

      14- كلام سكينة كأخت للحسين «عليه السلام» عن رؤياها في قتل أهلها وقولها: وأعمامي، إذ لم يذكر التاريخ أن أعمام الحسين «عليه السلام» كانوا في كربلاء فكلهم ماتوا قبل ذلك الحين، فإن طالباً فقد أيام الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) وأما جعفر فقتل في مؤتة وأما عقيل فمات قبل مقتل الإمام الحسين «عليه السلام» على ما هو محقق عند المؤرخين والمحدثين، وحتى إن كانت هي ابنة الحسين «عليه السلام» فإن عدها من المقتولين في كربلاء أولاد إخوتي، فلم يعهد أن لعلي الأكبر ولا لغيره من أولاد الحسين «عليه السلام» أولاداً وقتلوا في كربلاء، إلا الإمام الباقر «عليه السلام» والذي لم يقتل في كربلاء.

      15- ثم كيف رجعت إلى الشام ليظهر فجأة قبر لها في القرن الخامس عشر الهجري في داريا على تفصيل أوردناه في تاريخ المراقد من هذه الموسوعة.

(64)

 

      وفي إطار تحقيقاتنا وجدنا نصاً لابن قتيبة(1) يقول تحت عنوان «الطرة السكينية» «هي تنسب إلى: سكينة بنت علي بن أبي رضي الله تعالى عنهما»(2).

      أولاً الطرة كما في اللغة: «هي خصلة شعر في مقدم الشعر»(3) ولكن كل من نقل مسألة الطرة والتي هي من الموضوعات على آل الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) فقد نسبها إلى سكينة بنت الحسين «عليه السلام» وليس إلى سكينة بنت علي «عليه السلام» من دون الإشارة إلى نسبتها إلى بنت علي «عليه السلام» مما يدلنا على أن في نسخة المعارف وقع التصحيف وذلك لسقوط مفردة الحسين من الكلام لتكون العبارة المرادة «سكينة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنها»، فقد ورد في الوفيات في ترجمة السيدة سكينة بنت الحسين «عليه السلام» «والطرة السكينية منسوبة إليها»(4) وقد جاء في الأغاني لدى ترجمة السيدة سكينة بنت الحسين «عليه السلام»: «كانت سكينة أحسن الناس شعراً، فكانت تصفف جمتها(5) تصفيفاً لم ير أحسن منه، حتى عرف ذلك، فكانت تلك الجمة تسمى السكينية وكان عمر بن عبد العزيز(6) إذا وجد رجلاً فقد صفف جمته السكينية جلده وحلقه»(7) مما يدلنا على أن الحديث عن إبنة الحسين «عليه السلام» لا إبنة علي «عليه السلام»، ومن المعلوم أن بني أمية لم يتركوا باباً إلا وطعنوا بأهل بيت الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) نكاية بهم وقد فندنا ذلك في باب الشبهات والردود.

      هذا وقد ورد في نور الأبصار العبارة التالية لدى الحديث عن مرقد

___________
(1) ابن قتيبة: هو عبد الله بن مسلم بن قتيبة المروزي (213- 276) ولد في الكوفة، وتوفي في بغداد اختلف في سنة وفاته، له كتب جمة منها: غريب القرآن، جامع الفقه، وأدب الكاتب.

(2) المعارف لابن قتيبة: 620.

(3) المنجد في اللغة: 462.

(4) وفيات الأعيان: 2/394.

(5) الجمة: مجتمع شعر الرأس وهي أكثره من الوفرة.

(6) عمر بن عبد العزيز: ابن مروان الأموي (61- 101هـ) ولي الحكم في الدولة المروانية سنة 99هـ بعد سليمان بن عبد الملك الأموي، فمنع سب علي «عليه السلام» من على المنابر والذي كان معاوية قد ابتدعه.

(7) الأغاني: 16/151 وعن أعيان النساء: 2/222.

(65)

 

السيدة سكينة وأنه في القاهرة فقال: «في منن الشعراني(1) ما نصه: وأخبرني يعني الخواص: إن السيدة سكينة بنت الحسين رضي الله عنهما مدفونة في الرواية التي عند الدرب قريباً من دار الخليفة عند الحمصانيين، لكن نقل الأجهوري(2) عن الشعراني أنه قال في مننه: إن السيدة سكينة اخت الحسين، لا بنته، وتعقبه في المشارق(3): «ولعل نسخة المنن التي وقعت للاجهوري كان بها تحريف والله أعلم»(4).

      كل ذلك يلزم القول بالتالي:

      1- إن الرواية برمتها غير صحيحة.

      2- إن التصحيف لا شك فيه.

      3- إن احتمال كون التصحيف في سقوط اسم الحسين من سلسلة نسبها وإن كان وارد، إلا أن مقاطع اخرى من النص تناقضه وحتى مع القول بأن حضرة «أخي» تصحيف لـ«أبي».

      4- إن احتمال كون المراد بسكينة هي أم كلثوم الكبرى بنت فاطمة «عليه السلام» وارد أيضاً إلا أن جميع التناقضات لا تحل.

      وعليه فإن رواية الاسفراييني كلها مردودة ولعل في نسبتها إليه أيضاً محل اشكال، وقد بحثنا نسبة الكتاب إلى كاتبه في معجم المصنفات من هذه الموسوعة فليراجع.

____________
(1) الشعراني: هو عبد الوهاب بن أحمد بن علي الأنصاري المصري (898- 973هـ) من الفقهاء الاصوليين، ولد في قلقشندة في مصر وتوفي في القاهرة، له مؤلفات جمة منها: الكبريت الأحمر، والطبقات، ولطائف المنن والأخلاق والذي عرف بالمنن الكبرى.

(2) الأجهوري: علي بن زين العابدين (967- 1066هـ) شيخ المالكية في عصره في القاهرة وكان من المعمرين ومن مؤلفاته:  فضائل رمضان، وله شرح على مختصر خليل.

(3) المشارق: هو مشارق الأنوار في فوز أهل الاعتبار لحسن العدوي الحمزاوي المالكي (1221- 1303هـ) المطبوع في بولاق سنة 1275هـ.

(4) نور الأبصار: 312.

(66)

 

(49)

سلافة مربية السجاد

ن14- ب61هـ = 635- 680م

      هي: سلافة مربية علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب «عليه السلام».

      سلافة: بضم السين وفتح الفاء مؤنث السلاف، وهو الخمر في أول عصرته، أو ما سال من غير عصر، أو ما ينزل منها، وكل يؤدي إلى مودي واحد، وبذلك يكون أخلصها وأفضلها، وذلك إذا لم تحلب من العنب بلا عصر ولا حرث، وكذلك من التمر والزبيب ما لم يعد عليه الماء بعد تحلب أوله ومن ذلك قول امرؤ القيس من الطويل:

كأن مكاكي الجواء غدية     صبحن سلافا من رحيق مفلفل(1)

      والظاهر أن المفردة اطلقت على الخمر من باب المجاز، والأصل فيها عصارة التمر والعنب أو الزبيب بحيث إذا تركت بعضه على بعضه رطباً لسال منه عصيره والذي يقال له اليوم دمعة التمر مثلاً فهي خالصة ويعد ألذ من الدبس الذي يصنع بفعل فاعل، ومن هنا قال الراغب(2): السلافة: «ما تقدم العصر»(3) وأما سلاف العسكر فهو مقدمتهم والاضبط لغة  أن تقرأ بالتشديد وإن جاز التخفيف.

__________

(1) ديوان امرئ القيس: 376، وتاج العروس: 23/457.

(2) الراغب: هو الحسين بن محمد بن المفضل المتوفى سنة 502هـ المكنى بأبي القاسم والمعروف بالراغب الأصفهاني حيث ولد بأصفهان وسكن بغداد، كان من علماء الإمامية وحكمائها، له: محاضرات الأدباء، جامع التفاسير، والذريعة إلى مكارم الشريعة.

(3) تاج العروس: 23/458 عن مفردات ألفاظ القرآن: 239 وفيه السلاف: المتقدمون في حرب أو سفر، وسلافة الخمر: ما بقي من العصير، والسلفة: ما تقدم من الطعام على القرى، يقال: سلفوا ضيفكم ولهنوه.

(67)

 

      إذاً فالسلاف والسلافة: من كل شيء خالصه(1) وإنما اطلق على المرأة للاشارة إلى خلوصها وصفائها لتكون بذلك جميلة في الخلق والخلق.

      ويبدو أن من اللاتي سبقت تسميتهن بـ«سلافة» هي امرأة من بني سهم(2).

      ومن هنا يمكن معرفة أن المفردة عربية، وقد ورد اسم سلافة في غزوة أحد(3) وغزوة الرجيع(4) وهي ابنة سعد بن سهيل (شهيد) الأوسية، وهي أم مسافع (نافع) والجلاس وكلاب أبناء طلحة عبد الله بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار، وكانوا من المشركين شاركوا في معركة أحد ضد المسلمين، قتل الأب وابناؤه وابناؤه في أحد، وكانت سلافة عندما علمت أن عاصم بن ثابت بن أبي الأفلح حمي لدبر، هو الذي رماهم فقتلهم نذرت إن تمكنت من رأس عاصم أن تشرب في قحفه الخمر، فلما قتل عاصم في غزوة الرجيع أرادت هذيل أخذ رأسه ليبيعوه لسلافة إلأا أن الدبر حالت بينهم وبينه(5).

      إن سلافة والتي نتحدث عمنها لا شك أنها كانت من الإماء، فقد جاء في كتاب المناقب(6) في عداد اللاتي خدمن الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام» فضة وزبراء وسلافة. والمرجح أنها هي التي انتقلت إلى بيت الإمام الحسين «عليه السلام» وقد جعلها حاضنة لابنه علي السجاد «عليه السلام» وسنأتي على تفاصيل ذلك.

      إن وجودها في بيت علي «عليه السلام» لا بد وأن يكون قبل رحيله عام 40هـ واحتمال أن تكون وصلت إليه من أيام الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) كما هو الحال بالنسبة إلى فضة النوبية ولكن لا يمكن البت بذلك فاحتمال أن تكون من العرب أو

_________

(1) لسان العرب: 6/332.

(2) تاج العروس: 23/467.

(3) وقعة أحد كانت في نهاية سنة 3هـ.

(4) عزوة الرجيع كانت في بداية سنة 4هـ.

(5) راجع البداية والنهاية: 4/17 و54، تاريخ الأمم والملوك: 2/59، بحار الأنوار: 20/151 ويظهر من هامش بحار الأنوار: 20/48 أنها اسلمت بعد ذلك حيث لقبت بالأنصارية، وهي من بين الأوس- راجع بحار الأنوار: 22/23.

(6) راجع مناقب آل أبي طالب لابن شهراشوب: 3/306.

(68)

 

غيره وارد لأن الغزوات انطلقت من عهد الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) ولم تتوقف بعده وكان العبيد والإماء من العرب والعجم، فإن كانت سلافة أعجمية فلا بد أن تكون تسميتها بذلك بعد أن أمتلكها العرب، والعمل بالظاهر يوحي بأنها كانت عربية وعليه فلا بد وأن تكون من إحدى الغزوات التي قصدت بلا العرب نحو العراق أو الشام أو جنوب الجزيرة العربية، كما أن زبراء من الأسماء التي كانت متداولة عند العرب في الجاهلية.

      وبما أنه لم يرد بأن سلافة كانت تخدم  في بيت فاطمة الزهراء «عليه السلام» فالأرجح أن علياً «عليه السلام» اقتناها بعد وفاتها عام 11هـ، ولكي نحدد الفترة الزمنية لا بد من تقريب ما يلي: إن الغزوات لم تتم في عهد علي «عليه السلام» فالأمر محصور إذاً بين عام 11 وعام 36هـ، وأهم الغزوات العربية كانت كالتالي:

      أولاً: في عهد أبي بكر التيمي (11- 13هـ) وهي:

      1- العراق: ذات السلاسل، الثني، الولجة، أليس، الحيرة، الأنبار، عين التمر، دومة الجندل، والفراض.

      2- الشام: اليرموك.

      3- ثانياً: في عهد عمر بن الخطاب العدوي (13- 23هـ) وهي:

      1- العراق: الحيرة، الجسر، البويب، القادسية، بابل، المدائن الغربية، جلولاء، وحلوان.

      2- الشام الكبرى: دمشق، فحل، ساحل الشام، بيسان، طبرية، بيت المقدس، حمص، حماه، حلب، انطاكية، الرقة، حران، الرها، ونصيبين.

      3- مصر.

      4- أرمينية.

      ثالثاً: عثمان بن عفان الأموي (24- 35هـ) وهي:

      1- الاسكندرية.

      2- افريقيا الشمالية (تونس).

(69)

      3- قبرص.

      4- طبرستان.

      5-  تركيا(1).

      ويتضح من السرد الذي قدمناه أنها من سبي إحدى الغزوات التي انطلقت إلى الشام أو العراق، وإذا صح هذا الاحتمال فإن الفترة ما بين عام 11 و23هـ حيث لم نجد غزوة إلى المناطق العربية في عهد عثمان، ومعنى ذلك أنها على أكثر التقادير أنها ولدت قبل عام 11هـ، وأقلها أنها ولدت عام 23هـ وإن كان المرجح أن تكون قبل سنة 11هـ لأن أسر الصغار دون أمهاتهم لا يتم وبملاحظة أنها دخلت بيت علي «عليه السلام» ثم انتقلت بيت الإمام الحسين «عليه السلام» لتكون حاضنة للإمام زين العابدين المولود يوم الخميس التاسع من شهر شعبان 33هـ على المختار(2) فلا بد وأن تكون في حمل الإمام زين العابدين «عليه السلام» ذات قدرة على تولي مهام الحضانة والخدمة لأمه السيدة شاه زنان(3) بنت يزدجر الثالث الساساني والتي تزوجها الإمام الحسين «عليه السلام» في عام 30هـ وهي في العقد الثاني من عمرها(4) فلربما قام علي «عليه السلام» باهداء سلافة لنجله الحسين «عليه السلام» عندما زوجه شاه زنان لتخدمها كما كان ديدن أرباب الفضل والشرف ويقال لها «وصيفة» أي أمة الخدمة. وعليه فلا بد أن تكون في سن يسمح لها بالقيام بالخدمة والتي لا تقل عن العقد الثاني من عمرها، فلتكن مثلاً لها من العمر حين زفت شاه زنان 15 سنة لتكون ولادتها في حدود عام 14هـ، ويظهر أنها لم تترك خدمة الإمام زين العابدين «عليه السلام» حتى في كربلاء، وينقل عن المبرد(5)

___________
(1) راجع كتاب موسوعة خلفاء المسلمين: 1/33- 60.

(2) راجع معجم أنصار الحسين (الهاشميون)؛: 2/345.

(3) وترجمتها بالعربية سيدة النساء.

(4) راجع معجم أنصار الحسين (قسم النساء): 1/248.

(5) المبرد: هو محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الثمالي الأزدي (210- 286هـ) ولد في البصرة وتوفي في بغداد كان من اعلام الإمامية في اللغة والنحو فكان إماماً فيهما، ويكنى بأبي العباس ويعرف بالمبرد، من آثاره: الروضة، المقتضب، ومعاني القرآن.

(70)

 

أنه ترجمها بالتالي: «سلافة أم علي بن الحسين، من ربات البر والإحسان يروى أنه قيل لعلي بن الحسين: إنك من أبر الناس، ولست تأكل مع أمك في صحفة، فقال: أكره أن تسبق يدي إلى ما قد سبقت إليه عينها فأكون قد عققتها»(1) ولكن المازندراني(2) لدى عده جواري الحسين «عليه السلام» اللاتي حضرن كربلاء لم يورد اسمها(3)، ولعله إنما لمن يذكرها في عدادهن لأنها أصبحت من ممتلكات نجله زين العابدين «عليه السلام».

      ولا  يخفى  أن هذه المواصفات التي ذكرت في سلافة قد ذكرت في برة وغزالة وقد احتملنا أن أحداهن كانت حاضنته واخرى مربية وأخرى خادمة على تفصيل سبق. وتحدثنا عن ذلك(4) وهذا ممكن. وهناك أمر آخر ممكن أن يحتمل في المورد أن الأولياء يسمون إماءهم وعبيدهم بأسماء مختلفة فيحتمل اتحاد ذوات الأسماء الثلاثة أو الأربعة لتكون مفردة برة أطلقت عليها لما كانت بارة بالنسبة إلى الإمام زين العابدين، وأما سلامة فهو تصحيف سلافة.

      وعلى أي حال فإذا كن متحدات فهي أم زيد على تفصيل مضى في ترجمة الإمام علي بن الحسين «عليه السلام» ولها أخبارها، ولكن رجحنا أن تكون برة هي التي كان الإمام السجاد «عليه السلام» يناديها بالأم حيث كانت بمثابة أمه شاه زنان حيث فتح عينيه وهي موجودة في بيت الإمام الحسين «عليه السلام» لتتولى رعايته، ولعل سلافة هذه كانت مربية للإمام السجاد «عليه السلام»، ولا ينافي أن تكون إحداهن مرضعة له «عليه السلام» ولكن لا بد وأن تكون متزوجة ولم يثبت ذلك، فلعل برة كانت حاضنة وسلافة مربية، وغزالة خادمة وهذا ليس بالكثير على من جمع بين الشرافتين المعنوية والمادية حيث كان جده أهل

____________
(1) اعلام النساء: 2/225 عن الكامل للمبرد.

(2) المازندراني: هو محمد مهدي بن عبد الهادي الحائري ( 1295- 1385هـ) ولد وتوفي في كربلاء كان من أجلة الخطباء الحسينيين، ويعد من المحققين في المسائل التاريخية التي تخص المعصومين «عليه السلام»، من آثاره: الكوكب الدري، نور الأبصار، وكشف الأسرار.

(3) راجع معالي السبطين: 2/228- 232.

(4) انظر: معجم الأنصار (قسم النساء): 1/217 ومعجم الأنصار (قسم الرجال: 2/348.

(71)

 

بيت النبوة ومن جهة أخرى ملك الساسانيين يزدجر الثالث حيث يقول أبو الأسود الدؤلي(1) من الطويل:

وإن غلاماً بين كسرى وهاشمٍ      لأكرم من نيطت عليه التمائم(2)

      وقال الحر العاملي(3) من الرجز:

وامه ذات العـــــــــلا والمجد      شاه زنان بــنت يزدجــــــــــرد

وهو ابن شهريار ابن كسرى       ذو سؤدد ليس بخافٍ كسرى(4)

          بقيت سلافة على قيد الحياة بعد مقتل الإمام الحسين «عليه السلام» ورجعت مع ركب الإمام السجاد «عليه السلام» إلى المدينة، ومن المفترض أنها توفيت في المدينة ودفنت بها، ولا يستبعد أنها عاشت أكثر من سبعة عقود ولكن لا دليل على ذلك ومما لا شك فيه أنها توفيت بعد عام 61هـ، وعلى فرض أنها لم تعمر طويلاً فإنها قاربت العقد السادس من عمرها والله العالم.

      وبما أننا توصلنا بأن سلامة هي تصحيف لسلافة فلا مجال لذكرها منفصلة وتحت عن مستقل، ومن هنا لا بد من ضبط المفردة ولو بايجاز فالسلافة بالنون بدل الفاء:

      السلامة واحدة السلام: بتفح السين وكسره نوع من الشجر دائم الخضرة مر طعمه، كما أن السلامة بالفتح مصدر سلم وهي البراءة من العيب، والسلمة المرأة الناعمة الأطراف، ومن أيها استمدت التسمية فإنها تعني الجمال المطلوب في الاثنى إن كان سلامتها من العيوب أو اخضرارها على الدوام أو نعومة أطرافها. ولا شك أنها من الأسماء العربية

________
(1) أبو الأسود الدؤلي: هو ظالم بن عمرو الكناني (1ق.هـ- 69هـ) من أصحاب علي «عليه السلام» والذي عمله علوم العربية، شاعر إمامي ملهم سكن البصرة وتولى إمارتها من قبل الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام» وتوفي فيها.

(2) مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 4/168.

(3) الحر العاملي: هو محمد بن الحسن (1033- 1104هـ) من أعلام الإمامية، ولد في مشغرة في لبنان وتوفي في مشهد إيران كان من أعلام الإمامية له مؤلفات جمة أشهرها: وسائل الشيعة، وله أيضاً ديوان شعر، والجواهر السنية في الأحاديث  القدسية.

(4) راجع منتهى الآمال: 2/7.

(72)


حيث كانت شائعة في الجاهلية والإسلام وممن سميت بسلامة حاضنة إبراهيم ابن الرسول محمد (صلى الله عليه واله وسلم) والتي كانت من الرواة حيث روى عنها أنس ابن مالك عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)(1) وقد ذكر اصحاب المعاجم عدد من الروايات للحديث بهذا الاسم وجميعهن بفتح السين.

      ومما يدلنا على التصحيف بين سلافة بالفاء وسلامة بالميم. أن زوجة طلحة وأم ابنائه الثلاثة وابنة سعد بن سهيل الأوسية السابقة الذكر تذكر في بعض معاجم الرواة بالميم وهي التي شاركت في معركة احد إلا أنها بايعت الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) بعد فتح مكة(2) بل إن بعضهم لم يذكروا من اسمها سلافة بالفاء من جملة الرواة واكتفوا بسلامة بالميم.

      ولا يخفى أن اسم سلامة من الأسماء المشتركة بين الذكور والإناث فهناك عدد من الشخصيات ورد ذكرهم في التاريخ باسم سلامة(3) وفي قبال ذلك فإن عدداً من النساء سمين بذلك منهم سلامة بنت معقل القيسية الراوية التي كانت لها صحبة مع الرسول (صلى الله عليه واله وسلم)، وسلامة بنت الحر الفزارية والتي روت عن الرسول (صلى الله عليه واله وسلم)(4) وسلامة الضبية(5) إذاً فالعلم من الجنسين ضبط بفتح السين وتخفيف اللام ولكن جاء بتشديد الميم اسماً للذكر والانثى كما ورد في بعض المعاجم(6).

      وأخيراً فإن ابن كثير(7) ذكر بأن أم الإمام السجاد «عليه السلام» كانت أم ولد

___________
(1) راجع اسد الغابة: 7/144.

(2) راجع اسد الغابة: 7/145 وقد ذكرها الطبري في تاريخه تارة باسم سلافة واخرى باسم سلامة راجع: 2/77.

(3) راجع تاريخ الطبري: 2/357، و2/656، 3/559، و4/110، و4/63 وهم سلامة بن روح الجذامي، وسلامة بن زنباع الجذامي، وسلامة بن سيار، وسلامة القيسي، وسلامة بن نعيم الخولاني.

(4) راجع تهذيب التهذيب: 6/600.

(5) راجع أسد الغابة: 7/145.

(6) راجع الأعلام للزكلي: 2/107.

(7) ابن كثير: هو اسماعيل بن عمر بن كثير البصري الدمشقي (701- 774هـ) ولد في بصرى- سوريا- وتوفي بدمشق، من المؤرخين الفقهاء من اعلام الشافعية، رحل لطلب العلم، من آثاره: مختصر علوم الحديث، شرح البخاري، وطبقات الشافعية، وكان على خصام مع ابن تيمية.

(73)

 

يقال لها سلامة(1) بالميم، وهناك من يرى أن السيدة شاه زنان لها أسماء وألقاب ومنها هذه: شاه زنان، سلافة، سلامة، غزالة، جهان شاه، برة، خولة، مريم، شهربانو(2)، فاطمة(3).

      ولكن التحقيق ربما أوصلنا إلى أن بعضها من التصحيف وبعضها من تعدد الأسماء وبعضها من تعدد الشخصيات بمعنى إحداهن أم ولدته، واخرى أم حضنته- أو أرضعته- واحداهن خدمته، واحداهن ربته وهكذا وبعضها صفات أو ألقاب، ويأتي التعبير بالأم بالمجاز، كما أن الوصف يأتي لأدنى مناسبة، ولا ننسى بأنها ربما كانت تسمى في عهد أبيها باسم وفي عهد زوجها سميت باسم آخر والله العالم بحقائق الأمور.

____________
(1) البداية والنهاية: 9/90.

(2) أمهات المعصومين للبهادلي: 112 عن دلائل الإمامة: 196، فرق الشيعة: 66، المعارف: 214، الكافي: 1/466، إثبات الوصية: 167، كشف الغمة : 2/101، وبحار الأنوار: 46/7/18، و13/24.

(3) أمهات المعصومين للشيرازي: 231.

(74)

 

(50)

سلمى بنت حجر الكندية

43- ب64هـ = 663- 683م

 

      هي: سلمى بنت حجر بن عدي بن جبلة بن عدي الكندية.

      ضبط المفردة: سلمى على زنة فعلى بفتح أولها من أوزان الاسم الثلاثي المزيد فيه، إذا يزاد الحرف على الصيغة الثلاثية تارة بعد فاء الفعل وتارة بعد عينه واخرى بعد لامه(1) وعليه فإن أصل المفردة (سلم) فاضيفت إليها الألف المقصورة، والمزيد فيه من الاسم الثلاثي قد يكون اسماً وقد يكون وصفاً فالأول كسملى والثاني كعطشى(2)، وأما بالضم سلمى فهو اسم غير شائع حيث ورد في كنية ربيعة بن رباح(3) حيث يكنى بأبي سلمى، ولم يسمع غيره(4).

      لم تختص المفردة المفتوحة الأول بأن تكون علما للانسان بل لعل تسميتها على الموضع سبق على تسميتها للإنسان فهي أطم بالطائف(5) وجبل لطي شرقي المدينة المنورة(6) ويقابله جبل آخر لطي يقال له «أجأ»،

______________
(1) راجع الأوزان: 194.

(2) راجع معجم الأوزان الصرفية: 185.

(3) ربيعة بن رباح المزني: والد الشاعر زهير الذي عرف والده بأبي سلمى وغلب عليه. كان ربيعة شاعراً كما كان حال ابنه زهير شاعراً وابنته سلمى التي كني بها شاعرة وكان أحفاده كعب وبجير ابنا زهير شاعرين، كما كانت الخنساء اخت زهير من أمه شاعرة، توفي زهير سنة 13ق.هـ.

(4) راجع معجم متن اللغة: 3/201، الصحاح: 5/1950.

(5) الأطم: القصر، الحصن المبني بالحجارة، وكل بناء مرتفع.

(6) معجم متن اللغة: 3/201.

(75)

 

ويقال إنه جبل بقرب فيد(1) عن يمين القاصد مكة من المدينة وهو لقبيلة نبهان(2) وقد قيل فيه من الوافر:

أما تبكين يا اعراف سلمى         على من كان يحميكن حينا

      وهي أيضاً موضع بنجد، وقد ذكرها الشاعر بقوله من الطويل:

ألست بذي نخل العتيق مكانه       وسلمى وقد غالت يزيد غوائله

      وعلى أي حال فإن سلمى اسم مقصور وألفه للتأنيث(3) وتسمى به المرأة كما الموضع ومن ذلك قول الشاعر من الطويل:

تعيرني سلمى وليس بقضاة        ولو كنت من سلمى تفرعت دارما(4)

      ومن الغريب أنها بالفتح لم يذكرها بعضهم في أسماء الأناسي حيث قال: ومن اسمائهم: سلمة، سلم... سلمى، سلمي، بل عد: «أبو سلمى» كنية للوزغ(5).

      ومما تجدر الإشارة إليه أن سلمى بالضم ليست صفة لتكون صفة تأنيث من افعل التفضيل كما تقول في أفضل وأكبر «فضلى وكبرى» فليست هي من أسلم بن مؤنت سلم بسكون اللام والذي هو من اسماء الذكور كما سبقت الإشارة إلى ذلك، واما بالفتح فاسم للذكور والاناث، وذهب بعض اللغويين إلى أن سليمان ليس من سلمى كسكران من سكرى ألا ترى أن فعلان الذي يقابله فعلى، إنما بابه الصفة كغضبان وغضبى وعطشان وعطشى، وليس سلمان وسلمى بصفتين ولا نكرتين، وإنما سلمان من سلمى كقحطان من قحطى وليلان من ليلى غير أنهما كانا من لفظ واحد فتلاقيا في عرض اللغة من غير قصد ولا إيثار لتقاودهما، ألا ترى أنك لا

___________

(1) فيد: منزل ما بين التوز والأجقر في طريق الحاج من العراق يبعد عن الأولى 66 كيلومتراً وعن الثانية 42 كيلو متراً.

(2) نبهان: هو ابن عمرو بن الغوث بن طي بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد ابن كهلان فهم إذاً بطن من طي من كهلان من القحطانية.

(3) معجم البلدان: 3/238.

(4) الصحاح: 5/1950.

(5) معجم متن اللغة: 3/201.

(76)

 

تقول: هذا رجل سلمان ولا هذه امرأة سلمى، كما تقول: هذا رجل سكران وهذه امرأة سكرى، وكذلك لو جاء في العلم ليلان لكان من ليلى كسلمان من سلمى، وكذلك لوجد  فيه قحطى لكان من قحطان كسلمى من سلمان(1).

      واما معناها اللغوي فالسلم بفتح أوله وسكون ثانيه، مصدر وهو لغة في السلم، يقال قوم سلم: أي مسالمون، والسلم أيضاً المسالم(2) والسلم والسلم ضد الحرب(3).

      ورغم أن الاسم مشترك بين الذكور والاناث إلا أنه في الذكور ليس بشائع بل ان شيوعه جاء في اعلام النساء، وربما أقدم الأسماء فهي أم جاهلية نسب إليها بنوها من زوجها ثعلبة بن دودان بن أسد وهم بطن من أسد بن خزيمة من عدنان وفيهم يقول عمرو بن شأس(4) من الرجز:

إن بني سلمى رجال جلة     شم الأنوف لم يذوقوا الذلة(5)

      وبيت آخر وهم بطن من بني دارم من تميم من العدنانية(6).

      وهناك عدد من الروايات للحديث، وكذلك عدد من الشاعرات(7) وممن نخصهن بالذكر سلمى أم رافع مولاة الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) والتي سنأتي على ذكرها وسلمى عمة عبد الرحمان بن أبي رافع مولى النبي (صلى الله عليه واله وسلم) وسلمى بنت عميس أخت اسماء بنت عميس الخثعمية، وسلمى هذه كانت زوجة حمزة عم الرسول(8) وقد شاع بعد ذلك وحتى في عصرنا هذا.

_________

(1) مجلة لغة العرب: 6/350.

(2) المنجد في اللغة: 347.

(3) العين: 3/213 وهناك معان أخرى غير مناسبة للتسمية.

(4) عمرو بن شأس: هو حفيد عبيد بن ثعلبة الأسدي (ق60ق.هـ- ن20هـ)، شاعر جاهلي مخضرم، أسلم، كان كثير الشعر في العصرين الجاهلي والإسلامي، وكان شيخاً كبيراً عندما ادرك الإسلام، شارك في حرب القادسية.

(5) الأعلام للزركلي: 3/114 عن نهاية الأرب.

(6) معجم قبائل العرب: 2/538 عن نهاية الأرب.

(7) راجع اعلام النساء: 2/239 واعيان النساء: 242.

(8) راجع تهذيب التهذيب: 6/599، ومستدركات علم رجال الحديث: 8/581.

(77)

 

      أما عن التي نريد التحدث عنها فقد ورد اسمها في من حضرتا كربلاء في الرواية التاريخية التي كتبها جرجي زيدان(1) وقد وصفها بغادة كربلاء وسمى كتابه بهذا الاسم، واعتبرها بطلة روايته هذه، وذكر معها اسمان آخران إلا وهما عامر الكندي كفيلها وعبد الرحمان الكندي ابن عمها، وذكر بأنهم كانوا من سكنة الكوفة جاؤوا إلى الشام للوقوف على قبر أبيها حجر بن عدي في مرج العذراء وقتل يزيد بن معاوية الأموي انتقاماً من أبيها، ثم فشل خطيبها وهي من اغتيال يزيد حيث حبس عبد الرحمن، ورجعت سلمى إلى الكوفة ونزلت  بيت طوعة وفي أثناء سكناها في بيت طوعة التجأ مسلم بن عقيل إلى بيتها، وبعد مقتل مسلم توجهت إلى كربلاء والتحقت بركب الإمام الحسين «عليه السلام» وفي الطريق عرفت أن كفيلها عامر وخطيبها عبد الرحمان التحقا بالحسين «عليه السلام»، وسارت نحو موكب الإمام الحسين «عليه السلام» فالتحقت بركبه في (ذو حسم)(2) فكانت مع الركب الحسيني وشهدت معركة كربلاء  ثم رافقت ركب الأسر.

      وققد ذكر بعض التفاصيل عن سلمى في مقدمة روايته تتلخص فيما يلي حيث يقول:

      «وتفصيل ذلك أن سلمى ولدت في الكوفة قبل مقتل والدها بثماني سنوات فعهد بها إلى امرأة عامر ترضعها وهي عند زوجها في البادية، فربيت سلمى في حجر عامر ثماني سنين وهي لم تر والدها، فلما سيق والدها إلى مرج عذراء سنة 51هـ وكانت والدتها قد ماتت، إن عبد الرحمان الكندي هو ابن عمها وخطيبها(3) وكان آخر ما تكلم به حجر أنه أوصى عامراً بالعناية بها وأن يتخذها ابنة له وأن يزوجها عبد الرحمان ولكن بعد موت معاوية بن أبي سفيان، فظلت في حجره حتى شبت، وكان

__________
(1) جريي زيدان: هو ابن حبيب (1278- 1332هـ) ولد في بيروت وتوفي في القاهرة، تعلم في لبنان ورحل إلى مصر وهناك أنشأ مجلة الهلال سنة 1892م، كما انشأ دار الهلال للنشر، صحفي كاتب وروائي أديب من آثاره: تاريخ التمدن الاسلامي، تاريخ الماسونية، وتراجم مشاهير الشرق.

(2) ذو حسم: منزل من المنازل التي مر بها الإمام الحسين «عليه السلام» وذلك نهار يوم الخميس 24/ 12/ 60هـ.

(3) واكد ذلك حوارها مع زينب «عليه السلام» في غادة كربلاء: 155.

(78)