معجم  أنصار الحسين عليه السلام  (النساء) (الجزء الثاني)

اسم الکتاب : معجم أنصار الحسين عليه السلام (النساء) (الجزء الثاني)

المؤلف : للعلامة المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي
المطبعة : المركز الحسيني للدراسات لندن ـ المملكة المتحدة

 

 

 

 

يفرط بإحداهما، ومما يؤيد ذلك اختلاف التسمية من جانب واختلاف العمر من جانب آخر فإن التي اسمها عاتكة صرح بأن لها من العمر سبع سنوات فعليه لا بد أن تكون حميدة هي التي عمرها إحدى عشرة سنة، ومن هنا جاء ترجيحنا لعدم اتحادهما رغم أن أمهما واحدة، وما جاء في بعض المصادر المتأخرة  أن أم عاتكة هي رقية الكبرى فهو مستبعد على القول بأنها مغايرة مع حميدة لأن مسلم تزوج برقية الكبرى أولاً ثم لما فارقت الحياة سنة 45هـ تزوج اختها رقية الصغرى فبملاحظة أن عاتكة عمرها سبع سنين وحميدة احدى عشرة سنة لا بد من القول بأنهما شقيقتان وأمهما رقية الصغرى فيما إذا حدد عمرها بما ورد في النصوص لأن رقية الكبرى توفيت سنة 45هـ ومن وفاتها إلى مأساة الطف 15 سنة وهو لا يناسب عمريهما فالتوصيف بالكبرى جاء من التصحيف.

      فعلى ما تقدم هنا وسبق في ترجمة أبيهما فإنهما أعني حميدة وعاتكة شقيقتان لعبد الله الأصغر (عبيد الله) (46- 61هـ) ولمحمد الأصغر (53- 62هـ) ولإبراهيم (54- 62هـ) فالأول قتل في معركة الكرامة في كربلاء والأخيران، قتلا في أطراف الكوفة معاً ومرقدهما ماثل في المسيب وأما حميدة فقد حضرت كشقيقاتها كربلاء إلا أنها بقيت على قيد الحياة إلى أن تزوجها ابن خالتها عبد  الله الأحوال ابن محمد بن عقيل (38- 142هـ) وانجبت له محمداً والعقب فيه)(1).

      وأما عاتكة فقد سحقت يوم الطف في طفولتها.

______________
(1) عمدة الطالب: 32.

(190)

 

حرف الغين

 

      59- غزالة أم عبد الله أمة السجاد «عليه السلام»        ن14- ب65هـ

     

 

(191)

 

(192)

 

(59)

غزالة أم عبد الله

ن14- ب65هـ = 635- 684م

      هي: غزالة أم عبد الله مولاة علي بن الحسين «عليه السلام».

      ضبط المفردة: سبق الحديث عنه في ترجمة  شاه زنان فليراجع، وهي أنثى الغزال تسمى المرأة بذلك تشبيهاً لها بعيونها الجميلة ورشاقة جسمها. ولم أعثر على من سميت في الجاهلية بغزالة من عيون النساء، بل ولا في أوائل الهجرة ولعل هذه هي أولهن، نعم هناك غزالة زوجة شبيب بن يزيد ابن نعيم الحروري المتوفاة سنة 77هـ والتي كانت من شهيرات النساء في الشجاعة والفروسية ولدت في الموصل، وقد خرجت مع زوجها في انتفاضته على حكم عبد الملك بن مروان عام 76هـ فكانت تقاتل في الحروب قتال الأبطال وقد قال فيها الشاعر أيمن بن خريم(1) من المتقارب:

أقامت عزالة سوق الضراب       لأهل العراقين شهراً قميطا(2)

      وقد فرح الحجاج بن يوسف الثقفي منها في إحدى الوقائع فقال في ذلك الشاعر عمران بن حطان(3) من الكامل:

__________________
(1) أيمن بن خريم: هو حفيد فاتك الأسدي المتوفى حدود عام 80هـ، كان من المقاتلين الأشاوس، ومن الشعراء، وكان به برص.

(2)  القميط: الكامل.

(3) عمران بن حطان:  هو حفيد ظبيان السدوسي الشيباني الوائلي توفي سنة 84هـ كان من زعماء الأباضية، كان عبد الملك بن مروان الأموي قد طلبه ففر منه هارباً ومات عند قوم من الأزد، وكان من المعمرين، وكان شاعراً وخطيباً، وكان في شبابه يقانل عن عقيدته وفي شيخوخته يحرض بشعره وخطبه الشباب لذلك.

(193)

 

أسد علي وفي الحروب نـــــعامة        ربداء تجفل من صغير الصافر(1)

هلا برزت إلى غزالة في الوغى         بل كان قلبك في جناحي طائــر(2)

      قتلها خالد بن عتاب الرياحي(3) في معركة على أبواب الكوفة قبل أن يغرق زوجها شبيب.

      أما غزالة التي حضرت كربلاء فهي سبق وقلنا حاضنة الإمام زيد العابدين «عليه السلام» حيث كانت أمة من إماء الإمام الحسين «عليه السلام» كلفها بحضانة نجله وخدمته يوم ولادته في التاسع من شهر شعبان عام 33هـ وهو في المدينة وقد زوجها الإمام السجاد «عليه السلام» عندما رجع إلى المدينة بعد معركة الطف سنة 61هـ من زيد (زييد) أحد عبيده فأنجبت له عبد الله فهي إذا أم عبد الله واستبنا من رسالة عبد الملك بن مروان حوال زواجها من زيد أن الزواج وقع في حدود عام 65هـ على أقل التقديرات(4) وكانت آنذاك لها من العمر نحو 46 عاماً.

      ولا يخفى أن من زوجات الإمام السجاد «عليه السلام» من كانت تسمى غزالة وقد ذكروا بأن المختار بن أبي عبيدة الثقفي(5) اهدى للإمام السجاد «عليه السلام» أمة يقال لها غزالة(6) وربما هذا هو سبب الخلط بين تزويج غزالة حاضنته لزيد، وبين زواجه من غزالة أم عمرو الأشرف وزيد(7).

______________
(1) الربداء: المنكرة، يقال داهية ربداء، ويقال امرأة ربداء ورجل أربد، لشدة لون وجههما احمراراً لدى الغضب.

(2) الأعلام للزركلي: 5/118.

(3) خالد بن عتاب الرياحي: هو حفيد ورقاء توفي سنة 77هـ، كان مجنداً في عسكر الحجاج بن يوسف الثقفي وكان شديداً على الخوارج وقد قتل بعض شجعان الخوارج حصاد بن يزيد الحروري أخا شبيب وغزالة زوجة شبيب ولما انهزم أصحابه  تراجع حتى أشرف على دجلة  وألقى بنفسه في الماء مع فرسه فغرق.

(4) راجع معجم أنصار الحسين (الهاشميون): 2/352.

(5) المختار بن أبي عبيدة الثقفي: حفيد مسعود (1- 67هـ) ولد في الطائف وقتل في الكوفة، ثار لاخذ الثأر لأبي عبد الله الحسين «عليه السلام» عام 64هـ.

(6) وقيل اسمها جيداء أو جيد ويرجح المقرم في كتاب زيد الشهيد: 8 أنها تسمى غزالة.

(7) راجع معجم انصار الحسين (الهاشميون): 2/354.

(194)

 

      إن صاحب معالي السبطين لم يذكرها ضمن الإماء التي حضرن كربلاء حيث حددهن بالتالي:

      فضة، قفيرة، مليكة، روضة، أم رافع، ميمونة، فاكهة، حسنية، كبشة ولكن يظهر من يساق الحديث عن غزالة والإمام السجاد «عليه السلام» أنها حضرت كربلاء كما يفهم من بعض النصوص(1) وقد تحدثنا في ترجمة برة أن هناك من جعلهما متحدتين(2).

_____________
(1) راجع نفس المهموم: 478.

(2) راجع معجم أنصار الحسين (النساء): 217.

(195)

 

(196)

 

حرف الفاء

      60- فاختة بنت علي الهاشمية                      34- ب61هـ

      61- فاطمة بنت الحسن الهاشمية                   ن40- ن70هـ

      62- فاطمة الصغرى بنت الحسين الهاشمية        51- 117هـ

      63- فاطمة الصغرى بنت علي الهاشمية            ...-...هـ

      64- فاطمة الكبرى بنت الحسين الهاشمية          20- 110هـ

      65- فاطمة بنت عقبة الخزرجية                    ن7- ب61هـ

      66- فاطمة بنت مسلم الهاشمية                     ...-...هـ

      67- فاطمة الوسطى بنت الحسين الهاشمية         ق50- 126هـ

      68- فاكهة                                           ...-ب61هـ

      69- فضة ... النوبية                                ن25ق.هـ - ب62هـ

 

(197)

 

(198)

 

(60)

فاختة بنت علي الهاشمية

34- ب61هـ = 654- 680م

 

      هي: فاختة بنت علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن عبد مناف بن هاشم القرشية.

      أمها: أم ولد لم نعرف عنها شيئاً.

      ضبط المفردة: الفخت قريب الشبة من الفخ للصائد، والفخت: هو ضوء القمر، والفاختة: ضرب من الحمام المطوق جميل المنظر والصوت، وفختت المرأة إذا مشت مجنبة أي مجنحة حيث تتوسع في مشيها إذ تفرج يديها عن ابطيها وهي مشية الفاختة(1) ومن هنا جاءت التسمية، وهي من الأسماء المعروفة في الجاهلية ولعل علياً «عليه السلام» إنما سمى ابنته فاختى إحياءً لاسم اخته أم هاني «فاختة بنت أبي طالب». كما وقد كناها بكنيتها «أم هاني»(2) وقد تزوجها عبد الله الأصغر ابن عقيل الشهيد في كربلاء.

      وقد ذكرها المازندراني(3) باسم أم هاني دون أن يذكر اسمها وذكر أيضاً بأنها زوجة عبد الله الأكبر ابن عقيل الذي هو الآخر استشهد في كربلاء، ولكن الذي توصلنا إليه أن العبادلة الثلاثة أولاد عقيل كلهم

__________
(1) راجع تاج العروس: 5/22- 23.

(2) راجع معجم أنصار الحسين (الهاشميون): 1/41.

(3) المازندراني: هو محمد مهدي بن عبد الهادي الحائري (1295- 1385هـ) ولد ونشأ في كربلاء، كان من اعلام الخطباء المحققين والمؤلفين، كان صوته شجياً، وله باع في الخطابة ترك عدداً من الخطباء من أخذوا منه، وله منهجه الخطابي الخاص، من مؤلفاته: شجرة الطوبى، الكوكب الدري، ونور الأبصار، ليس له عقب.

(199)

 

تزوجوا بنات علي «عليه السلام» فالأكبر تزوج ميمونة وأنجبت له علياً وعبد الرحمان وعقيلاً وقيل محمد أيضاً(1)، وأما الأوسط فقد تزوج نفيسة  وأنجبت له أم عقيل(2)، وأما الثالث فقد تزوج فاختة أم هاني وأنجبت له محمداً وعبد الرحمان وسملى وأم كلثوم وكلهم انقرضوا(3) وقد توصلنا إلى أن الأوسط عاش وصاحب الإمام زين العابدين «عليه السلام» فالأصغر ولد في حدود سنة 27هـ واستشهد سنة 61هـ في كربلاء، وقد قتل ابنها محمد في كربلاء.

إذاً فإن أمها ولدت قبل عام 19هـ وتوفيت بعد عام 40هـ، وهي أم ولد تحررت بعد وفاة علي عليه السلام.

أما زوجها عبد الله الأصغر ابن عقيل فقد ولد سنة 27هـ واستشهد  في كربلاء سنة  61هـ.

      أنجبت له من الأولاد: محمداً وعبد الرحمان وسلمى وأم كلثوم.

      حضرت كربلاء، مع زوجها وابنها محمد واستشهد زوجها وابنها(4).

      وقد سبق الحديث عنها بإيجاز تحت عنوان «أم هاني» في حرف الألف(5) وقد جاء في المنتخب: «إن يزيد بن معاوية أمر باحضار السبايا فاحضروا بين يديه فلما حضروا عنده جعل ينظر إليهن ويسأل من هذه ومن هذا؟ فقيل أم كلثوم الكبرى، وهذه أم كلثوم الصغرى، وهذه صفية وهذه أم هاني وهذه رقية بنات علي، وهذه سكينة وهذه فاطمة بنتا الحسين، وهذا علي بن الحسين..»(6) مما يؤيد حضورها كربلاء.

___________
(1) راجع معجم أنصار الحسين (الهاشميون): 2/199.

(2) راجع معجم أنصار الحسين (الهاشميون): 1/16، و2/187.

(3) راجع معجم أنصار الحسين (الهاشميون): 20/187.

(4) راجع معجم أنصار الحسين (الهاشميون): 1/201.

(5) راجع معجم أنصار الحسين (النساء): 1/209.

(6) المنتخب للطريحي: 486.

(200)

 

(61)

فاطمة بنت الحسن الهاشمية

ن40ــ ن70هـ = 660- 689م

 

      هي: فاطمة بنت الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمية.

      ضبط المفردة: الفطم هو الفصل والقطع، والفاطم اسم فاعل منه ويؤنث على فاطمة، ومنه فطمت المرأة رضيعها إذا ما فصلته عن الرضاع وقطعت عنه اللبن.

      واشرف من سميت في الاسلام بفاطمة هي ابنة الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) الزهراء «عليه السلام» أم الحسنين والزينبين وزوجة أمير المؤمنين «عليه السلام»، وقد ورد في وجه تسميتها بذلك روايات متعددة ولتعدد أسمائها فقد ورد في حديث طويل رواه الإمام جعفر بن محمد الصادق «عليه السلام»عن آبائه عن الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) قال: قلت حبيبي جبرئيل ولم سميت السماء المنصورة، وفي الأرض فاطمة؟ قال: سميت في الأرض فاطمة لأنها فطمت شيعتها من النار، وفطم أعداؤها عن حبها، وهي في السماء المنصورة وذلك قول الله عز وجل (ويومئذ يفرح المؤمنون* بنصر الله ينصر من يشاء)(1).

      يعني نصر فاطمة لمحبيها(2)، وفي توجه آخر قال الإمام الباقر «عليه السلام»: لفاطمة وقفة على باب جهنم، فإذا كان يوم القيامة كتب بين عيني كل رجل مؤمن أو كافر، فيؤمر بمحب قد كثرت ذنوبه(3) إلى النار فتقرأ بين عينيه محباً فتقول: إلهي وسيدي سميتني فاطمة وفطمت بي من تولاني وتولى ذريتي من النار ووعدك الحق وأنت لا تخلف الميعاد، فيقول الله عز وجل:

________________
(1) سورة الروم، الآيتان: 4-5.

(2) بحار الأنوار: 43/4 عن معاني الأخبار.

(3) شرط أن لا يكون من حقوق الناس ولا يكون كمثل الشرك فإن شفاعتها جارية.

(201)

 

صدقت يا فاطمة إني سميتك فاطمة وفطمت بك من أحبك وتولاك وأحب ذريتك وتولاهم من النار، ووعدي حق وأنا لا أخلف الميعاد(1) وقال الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) قال تعالى: إني فطمتك بالعلم وفطمتك عن الطمث(2).

      وكان هذا الاسم شائعاً في العصر الجاهلي، وفي الحديي أن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) أعطى علياً حلة سيراء شقها خمراً بين الفواطم، قالوا: أراد بهن سيدة النساء، فاطمة بنت سيدنا رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، زوج علي «عليه السلام» والثانية فاطمة بنت أسد بن هاشم أم علي بن أبي طالب «عليه السلام»، وكانت اسلمت وهي أول هاشمية ولدت لهاشمي، والثالثة فاطمة بنت حمزة عمة سيد الشهداء(3) والفواطم اللائي ولدن النبي «عليه السلام» هن: قرشية وقيسيتان ويمانيتان وأزدية وخزاعية(4) وقيل للحسنين: ابنا الفواطم حيث إن أمهما فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه واله وسلم) وأم أبيهما فاطمة بنت أسد الكلابية، وجدة جدهما الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) من قبل أبيه هي فاطمة بنت عبد الله بن عمرو بن عمران بن مخزوم(5).

      وام فاطمة بنت الإمام الحسين «عليه السلام» على ما ذهب إليه بعضهم هي: أمة الله بنت محمد بن عبد الرحمان بن أبي بكر (عبد الله) بن أبي قحافة التيمية(6) ومن هنا قال بعض أرباب النسب: إن الباقر «عليه السلام» أشرف أرباب الأنساب، وله نسب الحسن والحسين «عليه السلام»، ونسب الأكاسرة من قبل جدته شهربانويه، وجدته- والدة أم عبد الله- من حافدات أبي بكر(7).

      وقيل إن أمها هي أم اسحاق بنت طلحة التيمية التي أنجبت للإمام

__________
(1) بحار الأنوار: 8/51 عن علل الشرائع.

(2) بحار الأنوار: 43/13.

(3) لسان العرب: 10/289.

(4) وممن ذكرن من جدات الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) باسم فاطمة: أم عبد الله والده (صلى الله عليه واله وسلم) فاطمة بنت عمرو النجارية، وأم قصي جده (صلى الله عليه واله وسلم) فاطمة بنت عوف الأزدية، وام آمنة أمه (صلى الله عليه واله وسلم) فاطمة بنت عبد الله المخزومية، وأم سلمى أم عبد المطلب جدته (صلى الله عليه واله وسلم) فاطمة بنت عبد الله بن عمرو بن عدوان، وام جد أبيه (صلى الله عليه واله وسلم) فاطمة بنت عون بن عدي أم مخزوم جد عبد الله من قبل أمه، وفاطمة بنت عبد الله بن عمرو بن عائذة جدة جدته (صلى الله عليه واله وسلم).

(5) لسان العرب: 10/289.

(6) لباب الأنساب: 1/343 و380 وقيل في والدته غير ذلك.

(7) لباب الأنساب: 1/380.

(202)

 

  الحسن «عليه السلام» حسين الأثرم وفاطمة وطلحة والذي ردج صغيراً(1).

      ولا يخفى أن فاطمة هذه تكنى بأم عبد الله(2) وهناك من اعتبرها شخصيتين لتكون فاطمة غير أم عبد الله حيث ذكرتهما بعض المصادر منفصلتين(3) ويمكن معركة ذلك بالرجوع إلى النصوص التالية ودراستها بالإضافة إلى سائر النصوص الأخرى:

      1- الإمام الحسن «عليه السلام» له فاطمتان كبرى وصغرى فقد ورد في أعيان الشيعة لدى عده أولاد الإمام الحسين «عليه السلام» ما يلي: «كان له «عليه السلام» خمسة عشر ولداً ما بين ذكر وانثى وهو زيد، أم الحسن، أم الحسين: أمهم أم بشير بنت أبي مسعود الخزرجية، الحسن: أمه خولة بنت منظور الفزارية، عمر، القاسم، عبد الله: أمهم أم ولد، عبد الرحمان: أمه أم ولد، الحسين الأثرم، طلحة، فاطمة: أمهم أم اسحاق بنت طلحة، أم عبد الله، فاطمة، أم سلمة رقية: لامهات شتى»(4) فالظاهر التي أمها أم اسحاق هي الكبرى والثانية هي الصغرى.

      وفي الواقع أنه لم يوحد بين أم عبد الله وفاطمة (الصغرى) بل جعلها متغايرتين لأنه عدهم خمسة عشر ولداً ولكن الظاهر أنه لدى العد اخطأ بل هما واحد وإنما جاءت الكنية قبل الاسم هكذا «أم عبد الله فاطمة»، ويؤيد ذلك ما جاء في ترجمة الإمام الباقر «عليه السلام» ما يلي: «أمه فاطمة بنت الحسن ابن علي «عليه السلام» وتكنى أم عبد الله، وقيل أم الحسن»(5).

      وأما احتمال أن تكون أم فاطمة جدة الإمام الباقر «عليه السلام» أم كلثوم بنت الفضل الهاشمية فلا مجال فيه لانها هي فاطمة التي درجت وهي صغيرة وهي اختها وشقيقة محمد الأصغر وحمزة وجعفراً وكلهم درجوا(6) وهذا هو

_______________
(1) راجع معجم انصار الحسين (الهاشميون)/ 1/350- 353.

(2) عمدة الطالب: 194، أعيان الشيعة: 1/      .

(3) راجع المجدي: 19.

(4) راجع تذكرة الخواص: 215.

(5) أعيان الشيعة: 1/563.

(6) راجع الطبقات الكبرى: 6/ 352.

(203)

 

السبب في عدم ذكر الآخرين لهم في جملة أولاد الإمام الحسن «عليه السلام» باعتبارهم درجوا وغالباً ما يبحثون عن المعقبين وبالأخص أرباب الأنساب.

      وأما القول بأن جدة الإمام الباقر «عليه السلام» هي صافية  فهو ما يؤكده الطبقات الكبرى ويصرح به ولكن باسم أم عبد الله، ولعل هذا أول قول صريح في ذلك ليأتي بعده قول صاحب لباب الأنساب الذي قال أمها أمة الله حيث لم يصرح ولكنه تبين لنا من الجمع بين أقواله.

      واما احتمال كون أم فاطمة والدة الإمام الباقر «عليه السلام» أن تكون الرباب المازنية لتكون شقيقة جعفر ابن الإمام الحسن «عليه السلام» فهذا ما لا يمكن قبوله وإن لم يرفض فهي أم لإحدى الفاطمتين الأخرى غير جدة الإمام الباقر «عليه السلام».

      وفي الختام فالقول الصريح جاء من الطبقات بأنها على الظاهر أم ولد اسمها صافية.

      2- جاء في الطبقات الكبرى: «فولد الحسن بن علي: محمد الأصغر، وجعفراً وحمزة وفاطمة درجوا وامهم أم كلثوم بنت الفضل بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم إلى أن يقول: وحسيناً الأثرم وعبد الرحمان وأم سلمة وامهم أم ولد تدعى ظيماء ويضيف قائلاً: وأم عبد الله وهي أم أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين وامها أم ولد تدعى صافية.

      ثم يقول: وطلحة لا بقية له وأمه أم اسحاق بنت طلحة التيمي(1).

      ومن الواضح أنه فصل بين فاطمة التي أمها أم كلثوم وبين أم عبد الله والتي تزوجت الإمام الباقر «عليه السلام» وصرح بأن أمها صافية.

      وفي ذكره للإمام زين العابدين «عليه السلام» وبيان عدد أولاده يقول: ولد له أولاد: الحسن درج والحسين الأكبر درج، ومحمد الباقر أبو جعفر الفقيه وعبد الله وامهم أم عبد الله بنت الحسن بن علي بن أبي طالب(2) إذاً فهي غير فاطمة التي أمها أم كلثوم.

__________
(1) الطبقات الكبرى لابن سعد: 6/352 وعنه تذكرة الخواص: 215.

(2) الطبقات الكبرى: 7/209 وعنه تذكرة الخواص: 332.

(204)

 

      3- جاء في لباب الأنساب في تعداد بنات الإمام الحسن «عليه السلام»: فاطمة بنت الحسن، وأمها أمة الله بنت محمد بن عبد الرحمان بن أبي بكر بن أبي قحافة، وأم عبد الله بنت الحسن أمها خولة بنت منظور الفزارية، إلى أن يقول: وفاطمة الصغرى بنت الحسن أمها الرباب المازنية(1).

      هذه أهم النصوص الواردة المحددة لشخصية أم الإمام الباقر «عليه السلام» وأمها ويستنتج من جميع المعطيات والنصوص وتضارباتها ما يلي:

      1- إن أم الإمام الباقر «عليه السلام» هي بنت الإمام الحسن بن علي «عليه السلام» بالاجماع.

      2- انها تعرف بأم عبد الله.

      3- إن اسمها فاطمة لتصريح العديد من المصادر.

      4- إن أم عبد الله كنية فاطمة.

      5- إن للإمام الحسن «عليه السلام» فاطمتين وأم عبد الله إذا ما جمعت الأقوال، ومن قلل في الأولاد ربما قال بأن هناك شخصيتين: إما فاطمتان أو فاطمة وأم عبد الله، ولكن توحي المصادر انهن ثلاث.

      6- إن الفاطمتين وأم عبد الله فاطمة إذا ما أريد التفصيل عنهن حيث الامهات فهن كالتالي:

      أ- فاطمة الكبرى أماه أم اسحاق بنت طلحة التيمية.

      ب- فاطمة الصغرى أمها أم كلثوم بنت الفضل الهاشمية.

      وربما كانت التي أمها أم اسحاق هي الصغرى والتي أمها أم كلثوم هي الكبرى.

      وبما أن الكبرى درجت فلم يعد لها ذكر برزت الأخرى والتي أمها أم اسحاق.

      وما لا خلاف فيه حسب قراءتنا أنهن لم يوصفن بالكبرى والوسطى

___________
(1) لباب الأنساب: 1/343.

(205)

 

والصغرى وذلك لأن احداهن درجت وهي صغيرة فلا حاجة للتمييز لكي توصف بالكبرى.

      ج- إن أم عبد الله اسمها فاطمة وانما لم توصف بالكبرى أو الصغرى أو الوسطى لعدم الحاجة إلى ذلك لأنها اشتهرت بأم عبد الله، وقد وقع الخلط في تحديدها. ففي لباب الأنساب عد فاطمتين وأم عبد الله ليكون الحاصل ثلاث شخصيات كالتالي:

      الأولى: فاطمة وامها أمة الله بنت محمد بن عبد الرحمان بن أبي بكر التيمية، وذكر بأنها زوجة الإمام زين العابدين «عليه السلام» وأم الإمام الباقر «عليه السلام».

      الثانية: فاطمة الصغرى وأمها الرباب المازنية.

      الثالثة: أم عبد الله وامها خولة بنت منظور الفرازية ولعلها هي فاطمة الوسطى فلم يستخدم الكبرى للإولى لأنها عرفت باسمها مجردة ولما ولدت الأخيرة وصفت بالصغرى تمييزاً عن الأولى، وبما أن الوسطى عرفت بكنيتها أم عبد الله فلم تعد بحاجة إلى الوصف للتمييز.

- اما بالنسبة إلى أن جدة الإمام الباقر «عليه السلام» اسمها امة الله وهي من نسل أبي بكر فلا بد من التوقف عند الآباء لمعرفة الأعمار وتحديد الشخصيات فنقول:

1- أبو بكر (عبد الله) بن أبي قحافة (عثمان) التيمي (51ق.هـ- 13هـ).

2- عبد الرحمان بن أبي بكر (عبد الله) التيمي (ق27ق.هـ - 54هـ)(1).

___________
(1) قيل إن اسمه في الجاهلية كان عبد الكعبة فغير الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) إلى عبد الرحمان، ويذكر أنه كان اسن ولد ابي بكر، وإذا كانت اسماء بنت أبي بكر توفيت سنة 73هـ ولها من العمر مائة سنة أي أنها ولدت سنة 27ق.هـ، وكانت شقيقتها عائشة أصغر من اسماء بنحو عشر سنوات- سير اعلام النبلاء: 2/288 و293، وعليه فإن عائشة عندما تزوجها الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) كان لها من العمر 18 سنة.

(206)

 

      3- محمد بن عبد الرحمان بن أبي بكر (عبد الله) التيمي (10- ...)(1).

      والكلام في الأخير والذي يقال إنه أبو أمة الله التي هي أم فاطمة بنت الحسن «عليه السلام» فإنه مكنى بأبي عتيق، وأمه أميمة بنت عدي بن قيس السهمية(2) وقد تزوجها عبد الرحمان في حياة الرسول (صلى الله عليه واله وسلم)(3) وقيل إنه أدرك النبي (صلى الله عليه واله وسلم)، ولمحمد عقب يقال لهم آل أبي عتيق من ابنه عبد الله، وقد روى عبد الله عن عائشة بنت أبي بكر والتي توفيت سنة 58هـ(4).

      فعليه إذا كانت أمة الله زوجة الإمام زين العابدين «عليه السلام» فعمرها يناسب ذلك لأن أباها ولد سنة 10هـ لأن فاطمة ابنتها- على فرض الصحة- أولدت الإمام الباقر «عليه السلام» سنة 57هـ فإذا كان زواجها سنة 56هـ وعمرها آنذاك 14 سنة وما فوق لتكون ولادتها في حدود سنة 42هـ ويكون عمر أمها أميمة في حدود 15 سنة لدى ولادة فاطمة لتكون ولادتها في حدود عام 27هـ أمكن تحققه.

      ولكن لم يرد في سيرة الإمام الحسن «عليه السلام» أنه تزوج امرأة باسم أمة الله بنت أبي بكر، ولم أجد من تحدث عن أمة الله، ولا في تراجم أولاد واحفاد أبي بكر، نعم ورد في من تزوجها الإمام الحسن «عليه السلام» «هند بنت عبد الرحمان بن أبي بكر»(5) وعلى فرض القول بأن أمة الله هي أم فاطمة الكبرى بنت الإمام الحسن «عليه السلام» فليس في المصدر ما يؤكد أن فاطمة هذه هي التي تزوجت الإمام زين العابدين «عليه السلام» وربما كانت اختها ولكن سبق وقلنا إن المصدر يؤكد كونها هي حيث يصرح بأن الإمام الباقر «عليه السلام» أمه من حافدات أبي بكر(6).

_____________
(1) جاء في أسد الغابة: 6/208 أنه ولد في حجة الوادع وأتي به إلى رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم). ويكنى بأبي عتيق.

(2) الطبقات الكبرى: 5/21، الإصابة: 4/242.

(3) راجع الإصابة: 4/242.

(4) الإصابة: 4/361.

(5) حياة الإمام الحسن: 2/460.

(6) راجع لباب الأنساب: 1/380.

(207)

 

      وما يدل على عدم صحة كون فاطمة بنت أمة الله قول الإمام الصادق «عليه السلام»: إن أبا بكر ولدني مرتين(1)، يقصد بذلك أن أمه أم فروة فاطمة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر(2) والتي أمها أسماء بنت عبد الرحمان بن أبي بكر(3)، وإلا لقال ثلاث مرات.

      - أما بالنسبة إلى من قال بأن جدة الباقر «عليه السلام» هي أم اسحاق بنت طلحة التيمية فنسبها معروف أوردناه في زوجات الإمام الحسين «عليه السلام» اللاتي حضرن كربلاء(4) وقد جاء في هامش لباب الأنساب، في تعليقه على أن أمها أمة الله بنت محمد بن عبد الرحمان: «وفي أكثر ما رأيت من كتب تراجم الإمامية ذكروا أن فاطمة بنت الحسين «عليه السلام» أمها أم اسحاق بنت طلحة التيمي وهي أخت طلحة بن الحسن والحسين الأثرم»(5) فإذا كانت كذلك فإن والدة أم اسحاق أي جدة فاطمة بنت الحسن «عليه السلام» هي الجرباء بنت قسامة بن رومان من بني طي.

      وأم اسحاق ولدت في حدود عام 30هـ وتوفيت بعد عام 93هـ على ما سبق تحقيقه، وكان قد تزوجها الإمام الحسن «عليه السلام» بعد استشهاد أبيه علي «عليه السلام» عام 40هـ، وأنجبت له فاطمة في حدود سنة 46هـ، وتزوجها الإمام الحسين «عليه السلام» بوصية أخيه بعد الانتهاء من عدة زوجها الإمام الحسن «عليه السلام» وذلك في 18/6/50هـ وأنجبت له فاطمة وعلياً الأصغر(6) وهذا لا يتناسب مع عمر فاطمة بنت الحسن «عليه السلام» وولادتها الإمام الباقر «عليه السلام» سنة 57هـ إذ زواجها على الأقل يكون سنة 56هـ إن لم يكن قبل ذلك وهذا لا يكفي، إلا إذا قيل إن زواج الإمام الحسن «عليه السلام» من أم اسحاق كان بعد وفاة الإمام علي «عليه السلام» مباشرة أو قبله.

      ولكن لم أجد ما يؤكد ذلك لا من حيث كونها أم فاطمة بنت

_____________
(1) أعيان الشيعة: 1/259.

(2) منتهى الآمال: 2/642.

(3) دلائل الإمامة: 248.

(4) راجع معجم أنصار الحسين (النساء): 1/135.

(5) لباب الانساب: 1/343.

(6) راجع معجم أنصار الحسين (الهاشميون): 3/66.

(208)

 

الحسن «عليه السلام» ولا من حيث إنها شقيقة حسين الاثرم وطلحة.

      واما ما ورد في البحار عن الجنابذي(1): «أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم الباقر، وأمه أم عبد الله بنت الحسن بن علي بن أبي طالب، وأماها أم فروة بنت القاسم بن محمد ابن أبي بكر»(2) فإن من الخطأ أو التصحيف فإن أم فروة فاطمة بنت القاسم ابن محمد بن أبي بكر هي زوجة الإمام الباقر «عليه السلام» وأم الإمام جعفر الصادق «عليه السلام»، ومن الغريب أن المجلسي لم يعلق عليه مما نحتمل أن النسخة التي لدينا فيها سقط، والأغرب أن محققي البحار لم يعلقوا على ذلك.

      وأما إذا قيل بأن جدة الإمام الباقر «عليه السلام» هي خولة بنت منظور الفرازية(3) باعتبار أن صاحب اللباب عد من بنات الإمام الحسن «عليه السلام» أم عبد الله وأمها خولة، وبما أن المشهور أن أم الباقر «عليه السلام» هي أم عبد الله، ولكن يبدو أن الفواطم من أبناء الإمام الحسن «عليه السلام» ثلاث وربما كلهن كن يكنين بأم عبد الله، ومن هنا نجد المصدر نفسه يذكرها بكنيتها لدى الحديث عن الإمام الباقر «عليه السلام»(4).

      واحتمال اتحادهما مع أم اسحاق مستبعد جداً إلا إذا قيل بأن أم اسحاق كنية زوجة الإمام الحسن «عليه السلام» واسمها صافية لتكون صافية هي التي تزوجت الحسين «عليه السلام» بعد وفاة الإمام الحسن «عليه السلام» بأمره.

      وأما القول بأن صافية متحدة مع أمة الله فهذا أيضاً مستبعد جداً ومما يبعد أن الحديث أن تكون زوجة الإمام السجاد «عليه السلام» من حافدات أبي بكر لم يثبت بل لعل كلام لباب الانساب من التصحيف حيث قصد بذلك الإمام الصادق فعندها يصح الحديث لأنه من نسل الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) والساسانيين ومن أحفاد أبي بكر لأن أمه أم فروة فاطمة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر،

_________
(1) الجنابذي: هو عبد العزيز بن محمود بن المبارك بن محمود البزاز البغدادي المعروف بابن الأخضر (524- 611هـ) ولد في بغداد وتوفي بها، من المحدثين والحفاظ، من آثاره: تنبيه اللبيب، تلخيص وصف الاسماء، المقصد الأرشد.

(2) بحار الأنوار: 46/218.

(3) لباب الأنساب: 1/380.

(4) لباب الأنساب: 1/380.

(209)

 

وهذا من الخلط بين الشخصيتين لأن كلتيهما تسمى فاطمة إحداهما والدة الباقر «عليه السلام»والأخرى زوجته.

      ولذلك نرجح أن تكون أم فاطمة والدة الإمام الباقر «عليه السلام» هي صافية، وتكنى فاطمة أم الباقر «عليه السلام» بأم عبد الله وتدعى أم الحسن أيضاً(1).

      وأما عن ولادتها ووفاتها فمن المفترض أنها ولدت في حدود عام 40هـ وزواجها في حدود عام 56هـ حيث علقت نطفة الإمام الباقر «عليه السلام» حسب ما توصلنا إليه في شهر جمادى الأولى من عام 56هـ حيث إن ولادة نجلها الإمام الباقر «عليه السلام» في المدينة يوم الثلاثاء الثالث من شهر صفر سنة 57هـ(2) حسب المختار.

      وأما عن وفاتها فلا شك أنها حضرت كربلاء مع نجلها الإمام الباقر «عليه السلام» ورجعت معه إلى(3) وانجبت في عام 62هـ عبد الله الباهر(4).

      ورغم أن كتب المؤرخين خلت من تحديد وفاتها، أو الحديث عن يتم الإمام الباقر «عليه السلام» إلا أن خلو كتب الحديث من أي رواية عنها يدلنا على قصر عمرها مما يمكن القول بأنها توفيت بعد معركة كربلاء بفترة قليلة وربما لم تتجاوز عام السبعين من الهجرة.

      ولا شك أنها عاشت طيلة عمرها في المدينة فالظاهر أن ولادتها ونشأتها ووفاتها في المدينة وعليه فإننا نستظهر أنها توفيت في المدينة وصلى عليها زوجها الإمام السجاد «عليه السلام» ونجلها الإمام الباقر «عليه السلام»، وبما أن البقيع كانت المقبرة الوحيدة للمسلمين في المدينة، وما ورد في بعض المواقع(5) بأنها توفيت عام 117هـ فهو من الخلط بينها وبين فاطمة بنت الحسين «عليه السلام»، أو من التصحيف بين مفردتي الحسن والحسين.

___________
(1) تاج المواليد: 39، مطالب السؤل: 2/50.

(2) معجم أنصار الحسين (الهاشيمون): 3/141.

(3) معالي السبطين: 2/236، وفيه أن أم اسحاق بنت طلحة التيمية حضرت كربلاء مع أولادها الحسين الأثرم وطلحة وفاطمة أولاد الإمام الحسن «عليه السلام».

(4) راجع معجم أنصار الحسين (الهاشميون): 3/146.

(5) موقع مركز آل البيت العالمي للمعلومات، اطلعت عليه في 5/6/2009م.

(210)

 

      وبغض النظر عن نسبها وولادتها ووفاتها فإنها ثالث الفواطم الهواشم التي تزوجت هاشمياً أولاهن: فاطمة بنت أسد الهاشمية تزوجت أبا طالب ابن عبد المطلب الهاشمي، ثانيتهن: فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه واله وسلم) الهاشمية تزوجت علي بن أبي طالب الهاشمي «عليه السلام»، وثالثتهن: فاطمة بنت الحسن الهاشمية تزوجت علي بن الحسين الهاشمي.

      ومن ناحية أخرى فإن في زواج الإمام السجاد «عليه السلام» منها جمع بين بني الحسن «عليه السلام» والحسين «عليه السلام» لأول مرة(1)، فالإمام الباقر «عليه السلام» هاشمي من هاشميين، وعلوي من علويين وفاطمي من فاطميين لأنه أول من اجتمعت له ولادة الحسن والحسين «عليه السلام»(2) هذا وقد وصفها الإمام زين العابدين «عليه السلام» بالصديقة(3).

      وقال عنها الإمام الصادق «عليه السلام»: «كانت صديقة لم تدرك في آل الحسن امرأة مثلها»(4).

      ويروى عن الإمام الباقر أنه قال كانت أمي قاعدة عند جدار فتصدع الجدار وسمعنا هدة شديدة، فقالت بيدها: لا وحق المصطفى ما أذن الله لك في السقوط، فبقي معلقاً في الجو حتى جازته فتصدق أبي عنها بمائة دينار(5).

      في ختام الحديث عنها فقد نسبت الرواية في الدعاء عقيب كل ركعتين من نوافل الزوال إليها فهذا من الخطأ الذي ربما يكون من التصحيف بين مفردتي الحسن والحسين حيث روى نصر بن مزاحم عن أبي خالد عن عبد الله بن الحسن بن الحسن عن امهما فاطمة بنت الحسن «عليه السلام» عن أبيها

___________
(1) ولعل ثانيهما هو الحسن المثنى الذي تزوج فاطمة بنت الحسين «عليه السلام».

(2) مرآة العقول: 6/13 عن مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 4/208 والبحار: 46: 215 وراجع الارشاد: 2/157.

(3) حياة الإمام محمد الباقر للقرشي: 1/19 عن الجزء الثاني من ضياء العالمين لأبي الحسن العاملي، والدر النظيم.

(4) الكافي: 1/469.

(5) الكافي: 1/469، ومرآة العقول: 6/15، دعوات الراوندي.

(211)

 

الحسن بن علي صلوات الله عليهما قال كان رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) الحديث(1) وقد روثها بعض المصادر الحديثة في روايات فاطمة بنت الحسن «عليه السلام» زوجة الإمام زين العابدين «عليه السلام» فقال: روت السيدة الجليلة فاطمة والدة الإمام الباقر «عليه السلام» روايات عديدة عن الأئمة المعصومين «عليه السلام» كان منها الدعاء عقيب كل ركعتين من نوافل الزوال «روى عبد الله بن الحسن بن الحسن عن أمه فاطمة بنت الحسن عن أبيه الحسن صلوات الله عليه»(2).

      والصحيح «عن عبد الله (المحض) بن الحسن (المثنى) بن الحسن (السبط) عن أمه فاطمة بنت الحسين «عليه السلام» عن أبيها الحسين أو عن عمها الحسن... لأن عبد الله المحض كان نجل الحسن المثنى وفاطمة بنت الحسين «عليه السلام» وأما فاطمة (المكناة بأم عبدالله) هي ابنة الحسن «عليه السلام» زوجة الإمام السجاد «عليه السلام»».

      واما قول المصدر المعاصر «روت روايات عديدة عن الأئمة المعصومين» ليس في مورده حيث لم نحصل لها على رواية واحدة في كتب الحديث والله العالم.

      وما ورد في البحار في دعاء الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) لدى دخوله المسجد المروي عن عبد الله (المحض) بن الحسن (المثنى) عن أمه فاطمة (بنت الحسين) عن جدته قالت كان رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)- الحديث-(3) فالمراد هو فاخته بنت الحسين «عليه السلام» التي كانت زوجة الحسن المثنى التي انجبت له عبد الله المحض، وأما قوله عن جدته فالمتبادر هي فاطمة الزهراء «عليه السلام» وعليه فهناك سقط في الرواية لأنها لم تر السيدة فاطمة الزهراء والتي هي جدتها من أبيها، وربما كان الوسيط هو الإمام الحسين «عليه السلام»، وأما إذا أريد بالجدة أم أبيه الحسن المثنى فالأمر يحتاج إلى تكلف، وما يوضح هذا الأمر ورود الحديث في دلائل الإمامة بالشكل التالي: «عن عبد الله (المحض) عن

__________

(1) فلاح السائل: 138.

(2) أمهات المعصومين للشيرازي: 243 نقلاً عن فلاح السائل.

(3) بحار الأنوار: 81/22 عن مجالس الطوسي: 413.

(212)

 

الحسن (المثنى) ابن الحسن (السبط) عن فاطمة الصغرى (بنت الحسين) عن أبيها (الحسين) عن فاطمة الكبرى ابنة رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)- الحديث(1).

      واخيراً فقد التقى الإمام الباقر «عليه السلام» نصراني وأرد الاساءة إليه فقال له: أنت بقر.

      فقال «عليه السلام»: أنا باقر.

      قال النصراني: أنت ابن الطباخة.

      قال «عليه السلام»: ذاك حرفتها.

      قال النصراني: أنت ابن السوداء الزنجية البذية(2).

      قال «عليه السلام»: إن كنت صدقت غفر الله لها، وإن كنت كذبت غفر الله لك عندها اسلم النصراني من معالي أخلاقه وحلمه(3).

      لا أعلم هل لهذا الحوار ارتباط بالسيدة فاطمة بنت الحسن «عليه السلام»، وما الذي أراده النصراني بقوله «الطباخة» أكانت السيدة فاطمة حرفتها الطبخ، كما أن قوله «السوداء الزنجية» يدلنا على أن أصولها كانت من القارة السمراء وبالتحديد من الزنوج.

      وربما أمكن فهم قوله «البذية» أنها كانت بذية اللسان والعياذ بالله بأن كان كلامها قبيحاً، مما جعل الإمام الباقر «عليه السلام» يجيبه بقوله، إن كنت صدقت غفر الله لها» ومن المعلوم عندما قال الإمام «وإن كنت كذبت غفر الله لك» إنه أراد نفي كونها بذية اللسان ولكنه بأخلاقه العالية رج عليه بهذا الشكل ولكنه لم يدافع عن كونها سوداء زنجية فمن هنا يمكن القول بأن أمه كانت أمة وكانت سوداء اللون ومن أصول زنجية من الذين يسكنون السودان الكبرى وهذا لا يتطابق مع ما قيل من الأقوال في أمها إلا على القول الذي يرى بأنها أم ولد يقال لها «صافية» وهذا من جملة المرجحات

__________
(1) دلائل الإمامة: 7 عنه بحار الأنوار: 81/23.

(2) وفي حياة الإمام الباقر للقرشي: 1/120 «أنت ابن السوداء الزغنة الندية» وفي المناقب «السود» بدل «السوداء».

(3) راجع مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 4/207، أعيان الشيعة: 1/653.

(213)

 

في اختيارنا في أن أم السيدة فاطمة بنت الحسن «عليه السلام» صافية دون غيرها: أمة الله أو أم اسحاق أو أم كلثوم أو غيرها.

      وقد ورد في بعض المصادر الحديثة(1) «السوداء الزغنة الندية»، أما مفردة  «زغن» فلا وجود لها في اللغة، ولعله أراد «زغبة» وهي المشعرة بعشر خفيف من الزغب وهو صغار الشعر أو من «الزغبة» هو البياض المختلط بالسواد ويأتي الزغب بمعنى ذي الشعر الكث وربما أراد ذلك.

      وأما «الندية» فليس في اللغة ما يناسب إلا بالكناية أي المبللة كناية عن كثيرة العرق، وربما أريد بها غلظة الصوت أيضاً بالكناية لتكون المفردة واوية وليست يائية، ولكن ما أورده المؤلف المعاصر لم يسنده إلى مصدر، وقد اعتمد أعيان الشيعة وفيه جاء «الزنجية البذية» وهو مغاير مع ما نقله «الزغبة الندية» وربما كان خطأً مطبعياً والله العالم.

      وعلى أي حال فإن ما يمكن فهمه من هذه الجملة أن صافية كانت أمة سودانية سوداء اللون، ومن المعلوم أن قومية الزنوج لم تكن مرغوبة عند أهل الحجاز.

      واما أن أم الإمام الباقر «عليه السلام» كانت تمتهن الطبخ فهو أمر بعيد بل مرفوض وربما كانت منشغلة بالطبخ للوافدين على أبيها وزوجها حيث كانوا أصحاب كرم وضيافة فكانت السيدة فاطمة من بيت كرم وحسب لأن أباها كان من أرباب الكرم فقد أبت أن تسلم جواريها ذلك وأرادت بنفسها أن تقوم بهذه الفضيلة مما لا يفضلها أكثر أرباب النعم بل يتركونها إلى الإماء والجواري.

      ولعلها كانت تساعد زوجها الإمام السجاد «عليه السلام»في تهيئة الطعام للهواشم بعد رجوعهم من كربلاء، لإقامة العزاء على أبي عبد الله الحسين «عليه السلام» حيث تكفل الإمام زين العابدين «عليه السلام» بذلك، وقد روى أنه لما قتل الحسين بن علي «عليه السلام» لبس نساء بني هاشم السواد والمسوح، وكن لا يشتكين من حر ولا برد، وكان علي بن الحسين «عليه السلام» يعمل لهن الطعام للمأتم(2).

___________
(1) حياة الإمام محمد الباقر للقرشي: 1/120.

(2) نفس المهموم: 431 عن المحاسن للبرقي: 420.

(214)

 

(62)

فاطمة الصغرى بنت الحسين الهاشمية

51- 117هـ = 671 – 735م

 

      هي: فاطمة الصغرى بنت الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمية.

      وأمها: أم اسحاق بن طلحة بن عبيد الله التيمية(1).

      وامها: الجرباء بنت قسامة بن رومان الطائية(2).

      وقد سبق الحديث عن أمها في ترجمتها(3)، كما سبق الحديث عن تشخيص الفاطمتين الكبرى والصغرى في ترجمة محسن بن الحسين «عليه السلام»(4) وعليه فهي  شقيقة علي الأصغر المرتجم سابقاً(5).

____________
(1) يروي ابن عساكر باسناده في تاريخ مدينة دمشق: 70/15 ما نصه: «قدم حنظلة بن قسامة الطائي على رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ومعه ابنته زينب ابنة حنظلة واخته الجرباء بنت قسامة وهم نصارى، فدعاهم إلى الإسلام، فاسلموا فتزوج زينب بنت حنظلة اسامة ابن زيد، وتزوج طلحة الجرباء بنت قسامة ومات طلحة عن الجرباء، وقد ولدت له أم اسحاق بنت طلحة، ولم يكن له من الجرباء غيرها، وتزوجها الحسن بن علي وخلف عليها الحسين بعده فولدت له فاطمة بنت الحسين، فكانت فاطمة عند الحسن بن السحن فهي أم عبد الله بن الحسن، والحسن بن الحسن بن الحسن، وإبراهيم بن الحسن، ثم خلف عليها عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان فولدت له الديباج محمد بن عبد الله.

(2) الطائية: نسبة إلى بني طيء.

(3) معجم أنصار الحسين (النساء): 1/135.

(4) معجم أنصار الحسين (الهاشميون): 3/72.

(5) معجم أنصار الحسين (الهاشميون): 2/291.

(215)