معجم  أنصار الحسين عليه السلام  (النساء) الجزء الثالث

اسم الکتاب : معجم أنصار الحسين عليه السلام (النساء) الجزء الثالث

المؤلف : محمد صادق محمد (الكرباسي)
المطبعة : المركز الحسيني للدراسات لندن ـ المملكة المتحدة

 

 

 

 

 

(70)

فكيْهة أمة الحسين

(ن6- ب 62هـ)

      هي فُكيهة، جارية كانت تخدم الرباب بنت أمرئ القيس الكلبية في بيت الحسين بن علي عليه السلام.

      فكيهة: بضم أوله وفتح ثانيه وسكون ثالثه على صيغة التصغير لفاكهة.

      فاكهة: مؤنث الفاكه، وهو اسم فاعل من فكه بكسر الكاف فعل ماضٍ ومضارعه يفكه الكاف من باب منع يمنع، والفاكه هو المزاح الضاحك والذي يطيب الخواطر، إذاً هو ذو الفكاهة، وسميت الثمار بالفاكهة لأنها تطيب الإنسان بتناولها، ويتنعم بأكلها، واختص عند أهل الفن من المزارعين بالثمار التي ليست من الخضار والتي عادة لا تحتاج إلى الطبخ، وهناك استثناءات إلا أنها قليلة فعلى سبيل المثال لا يعد القثاء من الفواكه بل يعد من الخضار والغالب على الفواكه أن تكون من ثمار الأشجار لا النباتات وإن طبخ بعضها، والأمر واضح لدى أهل الفن ومثاله التفاح، والليمون، والإجاص والخوخ والمشمش وما إلى ذلك.

      إذاً فالفاكه: صفة ولكن قد يسمى الرجل بذلك ليتحول إلى علم، وممن عرف في هذا المجال: فاكه بن المغيرة بن عبد الله بن عمر المخزومي من أهل الجاهلية والذي كان نديماً لعوف بن عبد عوف الزهري(1) ويعد الفاكه

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) عوف بن عبد الزهري: هو ابن عبد الرحمان بن عوف بن عبد عوف بن الحارث القرشي (44ق.هـ ـ 32هـ) وعبد الرحمان هو أحد الستة الذين عينهم عمر بن الخطاب في شورى الخلافة بعده.

 

(101)

 

أحد الفصحاء المقدمين من قريش(1)، وإذا استخدم في الذكور فإنه يؤنث ويستخدم في الإناث ويقال لها فاكهة، ولم أحصل على أقدم من سميت بذلك، والفاكه هو المطيب والناعم، والفاكهة هي المطيبة للخواطر والناعمة، والظاهر أن هذا الاسم لم يكن شائعاً وإنما هو من تسمية الأسياد لإمائهم وكانت هذه التسميات الجميلة تطلق على ألإماء حسب من يملكهن للاستمتاع  بذلك، وأما فكيهة فأول اسم وصلها هو فكيهة بنت قتادة بن مشنوء من بني مالك بن ضبيعة القيسية الثعلبية والتي كانت من السيدات في الجاهلية وهي زوجة السلك بن السلكة بن عمير بن يثربي بن سنان السعدي التميمي، والسلكة أمه، وقد توفي نحو سنة 17ق. هـ(2) وكانت فكيهة من ربات الشجاعة والفروسية ولها قصص في ذلك فلتراجع مظانة(3) وهذه التسمية معروفة في الجاهلية والإسلام، وهناك من ذكرها فكهة بالفتح ثم السكون، وقد تسمى بها من النساء فكهة بنت زيد بن كلدة بن عامر بن رزيق فكانت ذات شرف في قومها في الجاهلة وقد دخلت على تبع ملك اليمن ولها معه قصة(4).

      ولكن الأصوب فيما نحن فيه هو فكيهة(5) بالتصغير حيث ورد في تنقيح المقال وعليه اعتمدنا لمكان تحقيقاته ودقته.

      وعلى أي حال فلم أجد الفاكهة المستخدمة عند الرباب ذكراً في كتب المقاتل والتراجم والتاريخ إلا في كتاب المازندراني(6) الذي كان كان من المعاصرين وبما أنه كان من الخطباء المحققين فالاعتماد عليه ليس بالمرفوض(7) كما ورد في تنقيح المقال وهو من العلماء المحققين، وما

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع الأعلام للزركلي: 5/133 وهناك آخرون من سموا بذلك مثل الفاكه بن عمرو الكناني وهناك خمسة من الصحابة سموا بالفاكه ـ راجع تاج العروس: 36/463.

(2) راجع الأعلام للزركلي: 3/15.

(3) أعلام النساء: 4/179.

(4) راجع أعلام النساء: 4/179، وجاء في الطبقات الكبرى في الجزء الثامن عدد من اللاتي سمين بفكيهة فليراجع.

(5) راجع تراجم أعلام النساء: 2/368.

(6) معالي السبطين: 2/231، ونقل عنه وسيلة الدارين: 426.

(7) أعيان النساء: 511.

(102)

 

جاء في كتاب(1) من نقل عنه توصيفها بـ «قنية» لم نجد في كتاب المازندراني ولا غيره لهذا الوصف وجوداً، وأتصور أن الكلمة تصحيف «قنة» أي خالصة في العبودية أي لم تكن أم ولد أو مكاتبة أو مدبرة، والله العالم.

      وعلى أي حال فقد ذكر المازندراني في جدول من خرجن من الجواري مع الحسين بن علي عليه السلام ما نصه: «منهن لأخته زينب بنت علي وفاطمة عليها السلام، وواحدة للحسين عليه السلام(3) وأربع منهن لزوجاته(4)، إلى أن قال: «وأما الأربع اللواتي لأزواجه من الجواري منهن فاكهة كانت جارية الحسين عليه السلام وهي تخدم في بيت الرباب امرىء القيس زوجة الحين عليه السلام تزوجها عبد الله بن أريقظ الدؤلي الليثي فولدت منه قارباً فهو مولى الحسين عليه السلام الذي ذكره الحجة عليه السلام في ـ زيارة ـ الناحية ـ بقوله ـ السلام على قارب مولى الحسين عليه السلام، خرجت  هي مع ولدها حتى أتت كربلاء»(5).

      وبما أنه محقق سنعتمد على نصه ونحلله من خلال الشخصيات الواردة أسماؤهم فيه وهم:

      1ـ الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام (4ـ61هـ).

      2ـ الرباب بنت امرىء القيس الكلبية (6ـ62هـ).

      3ـ عبد الله بن أريقط الدؤلي (ق 20ق. هـ ـ ب 21هـ).

      4ـ قارب بن عبد الله الدؤلي (ن 21ـ 61هـ).

ــــــــــــــــــــــــــ

(1) من ديدن المازندراني ذكر المصادر، ولا اعلم لماذا غفل عن ذكر مصدر هذا المقطع بالخصوص.

(2) وهن فضة النوبية، قفيرة ـ مليكة ـ بنت علقمة، ورضة مولاة الرسول ص، سلمة أم رافع القبطي.

(3) وهي: ميمونة أم عبد الله بن يقطر حاضنة الحسين عليه السلام.

(4) فاكهة خادمة الرباب بنت امرىء القيس، حسنية أم منجح خادمة أم السجاد عليه السلام، كبشة خادمة أم أسحاق بنت طلحة، مليكة زوجة عقبة بن سمعان خادمة الرباب أيضاً.

(5) معالي السبطين: 2/231.

(103)

 

فالإمام الحسين عليه السلام لم ينكح أنثى بعقد اليمين وكل من نكحهن كن حرائر ولسن بإماء كما لم يترك إماءه وعبيده دون زواج بل سعى أن يزوج بعضهم ببعض أو بآخرين، وجميع من تزوجهن ست + واحدة، وإليك تواريخ الزواج منهن.

      1ـ الرباب الكلبية (19ـ 61هـ).

      2ـ ملومة(2) القضاعية (20ـ 32هـ).

      3ـ شاه زنان الساسانية (32ـ33هـ).

      4ـ ليلى الثقفية (35ـ 61هـ).

      5ـ عاتكة العدوية (38ـ61هـ).

      6ـ أم إسحاق التيمية (50ـ 61هـ).

      7ـ أزينب العبشمية (44ـ 45هـ)(2) عقد عليها ولم ينكحها لتفويت الفرصة على يزيد بن معاوية الاموي الذي خان هو أبوه عامله على البصرة عبد الله بن عامر الأموي(3) حيث حرضاه على تطليق زوجته ليتزوج يزيد منها على تفصيل أوردناه في السيرة(4).

      وأما الرباب الكلبية زوجة الإمام الحسين عليه السلام فقد كانت أولى زوجاته وبقيت معه وحضرت كربلاء وقد أرملت منه، مما يحتمل أن تكون فكيهة قد  باشرت خدمتها منذ أن تزوجها الإمام الحسين عليه السلام سنة 19هـ حيث كان مثل ذلك شائعاً أن الزوجة كانت لها وصيفة تخدمها والغالب عليهن أن يكن من الإماء وبحضورهما ـ الأم والابن ـ كربلاء يبدو أن فكيهة خدمت الرباب طوال العمر لأن سيدتها توفيت سنة 62هـ.

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ملومة ويقال لعلها سلافة.

(2) راجع هامش معجم أنصار الحسين (الهاشميون): 3/67.

(3) عبد الله بن عامر: هو حفيد كريز بن ربيعة (4ـ59هـ) ولد في مكة وتوفي فيها. وولي البصرة سنة 29هـ من قبل عثمان، وشهد وقعة الجمل مع عائشة، ولم يحضر وقعة صفين.

(4) وهناك أخريات لم يثبت زواجه منهن راجع هامش معجم أنصار الحسين (الهاشميون) 3/64.

(104)

 

      وأما عبد الله بن أريقط الدؤلي الليثي الذي تزوج فكيهة فإنه كان دليلاً للرسول ص يوم هجرته من مكة إلى المدينة(1) وذكر بأن الرسول ص أرسله إلى مكة لإخبار وصوله إلى المدينة وهجرة العوائل(2)، يذكر ابن سعد في طبقاته أن عبد الله بن أريقط الدؤلي يومئذ على الكفر(3) ولكنه كان أميناً(4)، وأمه كانت من بني سهم بن عمرو(5) ومن قوله يومئذ كان على الكفر يتبين أنه أسلم بعد ذلك وربما يوم الفتح، وربما يظهر من تسميته بعيد الله أيضاً بيان إسلامه حيث لا يعقل أن يسمى المشرك بعبد الله والله العالم.

      وذكر العسقلاني في الإصابة: عبد الله بن أريقظ ويقال أريقد بالدال بدل الطاء المهملتين ويقال بقاف بصيغة التصغير الليثي ثم الدؤلي دليل النبي ص وأبي بكر لما هاجروا إلى المدينة ثبت ذكره في الصحيح وأنه كان إسلاماً وتبعه النووي(7) في تهذيب الأسماء(8).

      وعليه أن اختياره لهذا الاسم كان بعد إسلامه، وما يمكن أن يفهم منه أنه كان في أول الهجرة قد بلغ مبلغ الرجال ولا أقل أنه أكمل العقد الثاني

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع بحار الأنوار: 15/370، البداية والنهاية: 7/121، تاريخ الطبري: 2/10.

(2) بحار الأنوار 19/129 وغيره، راجع الطبقات الكبرى: 8/63.

(3) في البداية والنهاية: 3/141 أنه كان مشركاً.

(4) الطبقات الكبرى: 3/173.

(5) البداية والنهاية: 3/141.

(6) عبد الغني المقدسي: هو إسماعيل بن عبد الغني النابلسي (1050ـ 1143هـ) ولد ونشأ في دمشق وتوفي فيها، رحل إلى بغداد وفلسطين ولبنان ومصر والحجار، من العلماء الشعراء، له مؤلفات جمة: الرحلة الأنسية، ذخائر المواريث، وكفاية المستفيد.

(7) النووي: هو يحيى بن شرف بن بري بن حسن بن حسين الحوراني الشافعي (631ـ 1143هـ) ولد في نوى من أعمال دمشق ودرس في دمشق، توفي في نوى، وكان من العلماء المؤلفين، ومن مؤلفاته: التبيان في آداب حملة القرآن، تصحيح التنبيه، وحلية الأبرار وشعار الأخيار.

(8) الإصابة: 2/274.

(105)

 

 

من عمره ليكون دليلاً للمسافرين، إلا إذا قيل بأنه غير الذي نبحث عنه. وربما يؤيد ذلك قول بعضهم أن الدليل كان عبد الله بن أرقد(1) ولكن المصادر بأن عبد الله بن أريقط، وجاء في بعض المصادر بأن عبد الله بن أريقط لم يكن مع الرسول ص في الغار ولكنه مر من هناك فناداه الرسول ص يابن أريقط إذا أمنتك رأسك فهل أنت محافظ على أمانتي، فلما عرف منه الأمانة طلب منه أن يقودهم إلى المدينة على غيرالجادة بحيث لا يعلم بأمرهم احد، فقال عبد الله بن أريقط، لقد آمنت بك بعد ما رأيت أوتار العنكبوت وعش الطير على باب المغارة وسأحرسك(2) وجاء في آخره: أنه أسلم يوم الهجرة(3) ولعله لما رأى أيضاُ ما فعله بشاة أم معبد الخزاعية(4) حيث لم نتمكن حلباً فأحلبها الرسول ص وسقى من معه ثم شرب(5).

          وأما قارب بن عبد الله الدؤلي: فإن الذي ورد في المصادر اليت بين أيدينا فإنه كان مولى الحسين عليه السلام كما ورد في زيارة الناحية: السلام على قارب مولى الحسين عليه السلام(6) وكانت أمه فكيهة تخدم في بيت الرباب زوجة الغمام الحسين عليه السلام وقد خرج قارب مع أمه فكيهة مع الحسين عليه السلام إلى مكة ثم إلى كربلاء وقتل في الحملة الأولى التي هي قبل الظهر بساعة(7).

      وف اجتماع كونه من ليث ومن دؤل صحب حيث لم أجد لافي العدنانية ولا القحطانية إمكان اجتماعهما(8) ولعله دؤلي وليس بليثي كما ذكر ذلك أكثر المؤرخين(9).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) البداية والنهاية: 3/149.

(2) فرسان الهيجاء: 2/4.

(3) مستدركات علم رجال الحديث: 6/232 عن البحار: 45/69.

(4) أم معبد الخزاعية: هي عاتكة بنت خالد بن خليف بن منقذ بن ربيعة، زوجة أكثم بن أبي الجون عبد العزى بن منقذ بن ربيعة الخزاعي.

(5) راجع بحار الأنوار: 18/43.

(6) بحار الأنوار: 98/271.

(7) تنقيح المقال (القسم الثاني): 18 ومنه قاموس الرجال: 8/459.

(8) راجع معجم قبائل العرب: 1/395و 3/1019.

(9) راجع الحدائق الوردية: 1/248.

(106)

 

      وجاء في قاموس الرجال أنه دؤلي ليثي وكونه مولى الحسين عليه السلام لا يجتمعان(1) والظاهر أراد القول بأن إذا كان عربياً كيف يكون عبداً، ولكن هذا ممكن فإن الحرب بين العرب أيضاً حدثت وكانا لأسر والعبودية بينهم جاريين فلعله كان من الجاهلية عبداً والله العالم.

      ولكن هناك أمر آخر وهو زواج فكيهة من عبد الله فإذا بقي عبد الله على كفره ولم يسلم، وأسر في حربه مع المسلمين أصبح عبداً فيكون زواجه من فكيهة التي هي أمة الرباب وذلك في الجاهلية كفرضية احتمالية فهذا أمر مستبعد من حيث العمر، وأما مع فرضية أن الزواج كان بعد أن أسلمت فكيهة وهو كافر وفي عهد متأخر فلا يصح ذلك شرعاً، واما إذا قيل إنها تزوجت منه وكلاها كانا كافرين فسبيت مع ابنها فهذا يصح إذا كان في زمن متأخر، ولكن لم يذكر ذلك في المصادر التي لدينا، ولا يصح القول بأن فكيهة كانت عند السيدة الرباب منذ أن أسلم امرىء القيس سنة 10هـ فيكون كل ذلك قبل الأسلام لأن زواج فكيهة من عبدالله أن كان قبل اسلام أمرى القيس فهذا لم يتم، بل الظاهر أن الزواج تم متأخراً حتى أصبح مولى للحسين، وما ورد في فرسان الهيجاء، نقلاً من ذخيرة الدارين عن الحدائق الوردية بأن فكيهة تزوجت من عبد الله بن أريقظ فأنجبت له قارباً لم أجده في نسخة الحدائق التي لدينا، ولكن ورد في كتاب تنقيح المقال ولم يذكر مصدره، ومن المسلم أن قارباً كان مولى للحسين عليه السلام كما ورد في زيارة الناحية.

      وأما كيف يكون قارب مولى، فالظاهر لا وجود لطريق شرعي إلا أحد اثنين في هذا المورد، الأول: أن يكون عبد الله بن أريقط عبداً فزوجه الحسين ـ الذي كان مالكه ـ أو زوجته الرباب فكيهة (فاكهة) فالولد بالطبع يكون قناً، وهذا ينافي القول بأن ابن أريقط قد أسلم عند الهجرة، والقول بأنه بقي كافراً ثم استرقق في إحدى الحروب التي وقعت بين المشركين والمسلمين بعيد(2)، أو القول بأنه قناً في الجاهلية وتكون النسبة إلى قبيلة دؤل أو إلى قبيلة ليث إنما هي بالولاء وبهذا ترتفع الشبهة حول الجمع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) قاموس الرجال: 8/459.

(2) لأن حروب المسلمين  مع المشركين (أهل مكة) انتهت بفتح مكة سنة 9هـ.

(107)

 

بين القبيلتين في نسب واحد وذلك بأنه كان عبد بني دؤل فعرف بالولاء دؤلياً ثم عند بني ليث فعرف بالليثي ولكن الأمر بعيد.

      وأما الطريق الثاني وهو أن تكون فكيهة (فاكهة) أمه للرباب أو الحسين عليه السلام فزوجت من عبد الله بن أريقط المسلم ولكن اشترط عليه بأن يكون ما تلد زوجته قناً والذي هو جائز شرعاً على ما ذهب إليه المشهور، حيث قال المحقق الحلي(1) في الشرائع «إذا كان أحد الزوجين حراً لحق الولد به سواء كان الحر هو الأب أو ألام  إلا أن يشترط المولى رق الولد، فإن شرط لزم الشرط، على قول المشهور»(2).

      ويعلق صاحق الجواهر(3) بل لم أجد فيه تردداً فضلاً عن الخلاف استناداً إلى عموم «المؤمنون عند شروطهم»(4)  بالإضافة إلى حديث الصادق عليه السلام حينما سأله السائل(5) عن ذلك فقال: «كما لو أن رجلاً أتى قوماً فتزوج إليهم مملوكتهم كان ما ولد لهم مماليك»(6) وهذا هو الحل الأنسب للجمع بين ما ورد في حق فكيهة وزوجها عبد الله بن أريقط وابنها قارب مولى الحسين عليه السلام.

      وعلى ما ورد في زيارة الناحية من وصف قارب بمولى الحسين عليه السلام أن قارباً كان عبداً للإمام الحسين عليه السلام، فلا بد أن تكون فكيهة (فاكهة) أمة للإمام ولكنه فوض إليها خدمة زوجته الرباب، أو أنه وهبها لها ولكن بقي قارب على عبوديته للإمام عليه السلام.

      ومن كل ما قدمناه ومشاركة قارباً في القتال يوم عاشوراء نصل إلى ما يلي ولو بشكل التقريبي:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المحقق الحلي: هو جعفر بن الحسن بن يحيى بن سعيد (602ـ 667هـ) ولد في الحلة وتوفي فيها كان من أعلام الإمامية وفقهائها، من مؤلفاته: الناسخ، المعتبر، والمعارج في أصول الفقه.

(2) شرائع الإسلام: 2/531.

(3) جواهر الكلام: 30/215.

(4) وسائل الشيعة: 21/276.

(5) والسائل هو أبو بصير.

(6) وسائل الشيعة: 21/123.

(108)

 

      1ـ إن فكيهة (فاكهة) كانت في كربلاء وأسرت وتوفيت بعد ذلك.

      2ـ إن عبد الله بن أريقط كانت ولادته قبل 20 من الهجرة على أقل التقادير.

      3ـ أن أريقط أسلم يوم الهجرة أو بعيدها.

      4ـ إن فكيهة (فاكهة) ربما كانت في بيت الرباب منذ أن تزوجها الإمام الحسين عليه السلام سنة 19هـ.

      5ـ إن زواج فكيهة (فاكهة) من أبن أريقط كان بعد هذا التاريخ بإذن الإمام الحسين عليه السلام.

      6ـ إن ابن أريقط اختفى اسمه من كتب التاريخ فلم نجد دوراً له ولا ذكراً، وبالقطع لم يكن في كربلاء، وربما توفي في السنوات الأولى من زواجه بعد أن خلف قارباً، ومما نحتمله أن يكون ذلك في السنة الحادية والعشرين من الهجرة.

      وعلى ما تقدم فالذي يكمن الركون إليه ما يلي:

      1ـ إن عبد الله بن أريقط الدؤلي ولد قبل 20ق. هـ وتوفي بعد 21هـ.

      2ـ إن فكيهة كان لها من العمر على أقل التقادير في سنة 20هـ التي تزوجت فيها وأنجبت قارباً أربعة وعشرين عاماً، وتوفيت بعد سنة 61هـ وعمرها يوم الطف 54سنة، لتكون ولادتها نحو سنة 6هـ ووفاتها نحو عام 62هـ.

      3ـ إن قارباً ولد سنة 21هـ واستشهد سنة 61هـ ليكون عمره يوم عاشوراء نحو 29عاماً، والله العالم بحقائق الأمور.

      وهذا ولم نحصل على اسم أبي فكيهة وقبيلتها ولكن كفاها فخراً أنها خدمت بيت الحسين عليه السلام وحضرت كربلاء واستشهد ابنها في معركتها فنال شرف الشهادة في كربلاء وشرف التسليم عليه في زيارة الناحية.

(109)

 

 

(110)

 

حرف القاف

            71ـ قفيرة بنت علقمة الهلالية                ق 7ق.هـ ـ ب61هـ

            72ـ قمر بنت عبد النمرية                     ن 20ـ 61هـ (شهيدة)

 

(111)

 

(112)

 

(71)

فقيرة بنت علقمة الهلالية

ق 7ق.هـ ـ ب 61هـ = 614 ـ 681م

 

      هي فقيرة بنت علقمة بن عبد الله بن أبي قيس الحبشية.

      فقيرة: بضم القاف وفتح الفاء وسكون الياء على صيغة التصغير مؤنثاً مأخوذ من المصدر الفقر، الأنسب لما نحن فيه هو الفرد. يقال فقر الرجل من أهله فيما إذا تفرد عنهم وبقي وحده، والفقير: هو الطعام غير المأدوم(1). ولا يمكن أن يكون المراد لأن الفقير لأن الفقير هنا على زنة فعيل بمعنى المفعول وأما التي نتجت عنها هي على صيغة التصغير.

      وعلى ما قدمناه فإن المفردة هنا تعادل الوحيدة والفريدة وهما أيضاً من الصفات التي تنعت بها الإناث وتستخدم كعلم فيها وهو شائع، وأما فقيرة التاريخ، وربما كانت الوحيدة التي لها ذكر في بعض المصادر تنقلها عن الغساني وما وهو الحسين بن محمد بن أحمد المتوفى سنة 498هـ والذي أوردها في كتابه الاستيعاب، وهو مفقود، وأطول نص وجدناه هو نص المازندراني في كتابه معالي السبطين لدى عده من حضرن كربلاء: «ومنهن علي الغساني في ذيله على الاستيعاب أنه قال: أهديت لجعفر بن أبي طالب في بلاد الحبشة حين هاجر إليها مع المؤمنين وكانت قيمتها أربعة آلاف درهم، اسمها فقيرة فلما قدم المدينة أهداها لعلي بن أبي طالب  عليه السلام

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تاج العروس: 13/460.

(113)

 

فكانت في بيت علي تخدم فاطمة وأولادها إلى أن توفيت فاطمة ثم بعدها انضمت إلى بنتها زينب الكبرى، وكانت تخدمها في بيتها إلى أن خرجت زينب مع أخيها الحسين عليه السلام من المدينة إلى العراق فخرجت الجارية معها حتى أتت كربلاء(1).

      وجاء في الإصابة: قفيرة ـ بقافٍ ثم فاء مصغرة ـ الهلالية، ويقال لها: مليكة، قال: أبو علي الغساني في ذيله على الاستيعاب ذكرها مسلم في الوجدان(2)، وقال: زوج عبد الله بن أبي حدرد، ولم يرو عنها إلا الأعرج(3)، ولا يخفى أن أبا حدرد اسمه سلامة بن عمير الأسلمي (10ق.هـ ـ 71هـ)(4)، الأعرج اسمه: عبد الرحمان بن هرمز الأعرج المدني المكنى بأبي داود مولى ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي (49ق.هـ ـ 23هـ)  توفي الأعرج سنة 117هـ على الأكثر، وذلك في الاسكندرية(5).

      ولمعرفة انهما متحدان لا بد من المقارنة بينهما وقبل ذلك لا بد من الإشارة إلى أن أبا علي الغساني يذكر بأن أستاذه صاحب الاستيعاب(6) طلب منه أن يذيل كتابه الاستيعاب قائلاً: «أمانة الله في عنقك متى عثرت على اسم من الصحابة لم أذكره إلا ألحقته في كتابي يعني الاستيعاب»(7) وقد عمل أبو علي بوصية شيخه فذيل عليه ذيلاً حافلاً وهو للأسف في عداد المفقود(8) وكثيراً ما نقل عنه صاحب الإصابة وغيره أما المقارنة بين النصين فإن ما نقله المازندراني يحمل إلينا الأمور التالية:

ـــــــــــــــــــــــ

(1) معالي السبطين: 2/229، وعنه أعيان النساء: 594.

(2) راجع كتاب الوجدان لمسلم: 88 ونصه كالتالي: «ومنهن فقيرة ويقال لها مليكة الهلالية أمرأة عبد الله بن أبي حدرد لم يرو عنها إلا عبد الرحمان بن هرمز الأعرج» ويقال لكتاب مسلم أيضاً الإفراد.

(3) الإصابة: 4/391.

(4) راجع أسد الغابة: 3/210.

(5) راجع تهذيب التهذيب: 431.

(6) صاحب الاستيعاب: هو يوسف بن عبد الله القرطبي المالكي (368ـ 463هـ).

(7) سير أعلام النبلاء: 19/149.

(8) موقع ملتقى أهل الحديث بتاريخ: 19/1/2011م.

(114)

 

      1ـ إن فقيرة: أمه أهداها النجاشي لجعفر بن أبي طالب الهاشمي (33ق.هـ ـ 8هـ) وكان وصوله إلى خيبر يوم انتصار الرسول ص على يهود خيبر في 26/1/7هـ.

      2ـ إن قيمتها كانت أرعة آلاف درهم، ولا بد أن يكون فيها مؤهلات كون ثمنها غالياً.

      3ـ أهداها إلى أخيه علي عليه السلام حين وصوله إلى أرض المدينة كهدية سفر ربما.

      4ـ إن علياً عليه السلام جعلها في خدمة زوجته فاطمة عليها السلام أي في محرم سنة 7هـ.

      5ـ في عام 11هـ وبعد الثالث من جمادى الثانية انتقلت إلى بيت زينب عليها السلام زوجة عبد الله بن جعفر.

      6ـ خرجت مع زينب إلى كربلاء عام 61هـ وأسرت وعادت معها إلى المدينة ولكن الشيء الذي لا يفهم من نصه ما يلي:

      هل أبو علي الغساني روى كل ذلك أو أكتفى بقسم منهن وربما كنت مقولته قد انتهت إلى «وأهداها إلى علي عليه السلام» وأما الباقي فهو من تقريره، ولكن نستبعد الأمرين، وإن كان المازندراني من المحققين والمؤهلين لنقله.

      وأما نص الإصابة ففيه ما يطابق نص المازندراني في أن قفيرة يقال لها مليكة، أهذا من الصدف أن تكون كل قفيرة يقال لها مليكة أو هي متحدة ولكن كلا منهما نقل جزءاً مما أورده أبو علي الغساني، وما يزيد في صعوبة الحكم أن الذيل مفقود، ولكن الظاهر أن المازندراني نقل عنه مباشرة مما يمكن دحض المقولة التي ترى فقده.

      ومن جهة أخرى فإننا نعلم أن جعفراً عندما رجع من الحبشة قد نقل معه بعض الهدايا فيها من الجواري وغيرها(1) ولكن لم نجد لحد الآن ـ رغم الاستقراءـ التصريح بما حمله من هناك في السفينتين اللتين وصلتا

ـــــــــــــــــــــــ

(1) راجع قريب منه في إعلام الورى: 1/109.

(115)

 

سواحل البحر الأحمر ومن هنا توجه إلى خيبر مباشرة مما نقول من باب الاحتمال أن قفيرة التي ذكرها المازندراني هي التي ذكرها صاحب الإصابة فعليه يمكن الوصول إلى المعطيات التالية:

      1ـ إن اسمها الثاني مليكة(1) وحسب ما ورد فإنها بصيغة التصغير أيضاً وهو مؤنث الملك مصغراً وهي من الأسماء الشائعة قديماً وحديثاً.

      2ـ كنيتها هلالية للتصريح بذلك، ولم يذكروا أنها بالولاء أصبحت هلالية.

      3ـ إن زوجها عبد الله بن أبي حدرد سلامة بن عمير بن أبي سلامة الاسلمي المولود في سنة العاشرة قبل الهجرة والمتوفى سنة إحدى وسبعين للهجرة.

      4ـ إن الراوي الوحيد عنها هو عبد الرحمان بن هرمز المدني المتوفى في الاسكندرية سنة 117هـ(2).

      وبالجمع مع ما سبق مما رواه المازندراني يضاف ما يلي:

      5ـ أبوها هو علقمة بن عبد الله بن أبي قيس (الهلالي).

      6ـ كانت قفيرة أمه تسكن الحبشة أتى بها جعفر الطيار عندما وصل إلى خبير يوم 24صفر من السنة السابعة للهجرة.

      7ـ إن جعفراً أهداها لأخيه علي عليه السلام وهو بدوره جعلها في خدمة زوجته فاطمة بنت رسول الله صلى عليه وآل وسلم.

      8ـ إنها انتقلت إلى بيت زينب الكبرى بوفاة فاطمة ابنة رسول الله ص في الثالث من شهر جمادى الثانية من السنة الحادية عشرة للهجرة.

      9ـ في الثاني من محرم من سنة 61هـ وصلت مع زينب الكبرى إلى كربلاء ثم بقيت في الركب إلى آخر المآساة.

      وهذا الجمع لا غبار عليه إلا في كونها هلالية الذي قد يتنافى مع كونها أمة وردت من الحبشة، وأنها أمة وهي عربية، ولم تحصل هناك.

ــــــــــــــــــــــــــ

(1) الإصابة: 4/391، أسد الغابة: 7/244 ومنهما تراجم أعلام النساء: 2/375.

(2) راجع تهذيب التهذيب: 3/431.

(116)

 

حروب بين العرب والأحباش إلا إذا قيل بأن العبودية في الجاهلية لم تقتصر على أسارى المقاتلين بل كانت العبودية تحصل أيضاً بالسرقة وما يلتقط فالأول كما في قصة عبودية سلمان المحمدي (الفارسي) وقصة نبي الله يوسف عليه السلام، وأشهر الهلاليين هما قبيلتان: هلال بن عامر بن صعصعة العدنانية، وهلال بن عمرو بن جشم القحطانية(1) لكن لم نتمكن من تشخيص من أيهما هي لأننا لم نحصل على ترجمة أبيها في كتب المعاجم والتاريخ والرجال وحسب المعطيات التي بين يدينا والتي لا تتجاوز في ملخصها ألا كون زوجها عبد الله الأسلمي كان صحابياً وإن أول مشاهده الحديبية سنة 6هـ وخيبر سنة 7هـ وما بعدهما وسكن المدينة إلى أن توفي فيها.

      وأما عن عبد الرحمان الأعرج الراوي الوحيد عنها أنه كان مدنياً مولى لربيعة المتوفى سنة 23هـ، لم يذكر أن الأعرج سكن غير المدينة إلا الاسكندرية التي توفي فيها سنة 117هـ وأنه كان عالماً بالأنساب العربية وأن هرمز سمي بكيسان مما يفهم أن أصله فارسي.

      فاعتماداً على الزوج والراوي والمولى جعفر ثم علي عليه السلام يفترض أن تكون ولادتها قبل الهجرة بحدود سبع سنوات ووفاتها بعد سنة 61هـ يكون مجمل حياتها نحو سبعين سنة أو أكثر من ذلك بتقديم ولادتها أو تأخير وفاتها أو كليهما.

      ولا بد أن يكون زواجه في المدينة بعد أن دخلت بيت علي عليه السلام وهذا لا ينافي أن تبقى في عبوديتها لعلي أو فاطمة عليه السلام، ولا ينافي هذا عدم وجود ذكر لها حين استشهد الإمام أمير المؤمنين عليه السلام عن الإماء اللواتي تركهن لأنها لم تكن في حبالته أي لم تكن من اللاتي نكحهن بملك يمين بل كانت من المتزوجات الباقيات في ملكه(2). ويمكن إضافة بعض المعطيات الأخرى إلى ما سبق وهو أن هناك عدداً من أقارب قفيرة ـ حسب الظاهر ـ وردت أسماؤهن في الإصابة منهم:

ــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع معجم قبائل العرب: 3/1221ـ 1222.

(2) سبق وذكرنا في معجم أنصار الحسين (الهاشميون): 1/83 سراياه وبعض التفاصيل عن ذلك.

(117)

 

      1ـ فاطمة بنت علقمة بن عبد الله بن أبي قيس أم قهطم العامرية والتي هاجرت مع زوجها سليط بن عمرو إلى الحبشة فولدت له سليط بن سليط، وأمها عاتكة بنت أسعد بن عامر بن بياضة الخزاعية، أسلمت قديماً في مكة وبايعت(1).

      وقد جاء في الطبقات: هي فاطمة أم قهطم بنت علقمة بن عبد الله بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي، وأمها عاتكة بنت أسعد عامر بن بياضة الخزاعية، أسلمت قديماً في مكة وبايعت وهاجرت إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية مع زوجها سليط بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود(2).

      2ـ قهطم بنت علقمة بن عبد الله بن أبي قيس أمرأة سليط بن عمرو، والتي هاجرت هي وزوجها إلى الحبشة ثم رجعا الى المدينة مع أهل السفينتين(3).

      3ـ فاطمة بنت المجلل بن عبد الله بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي القرشية العامرية، تكنى أم جميل وهي بها أشهر، هاجر حاطب بن الحارث معه امرأته فاطمة بنت المجلل فتوفي زوجها هناك وقدمت المدينة هي وابناها مع أهل السفينتين فروى عبد الله بن الحارث بن محمد بن حاطب عن أبيه عن جده قائلاً: لما قدمنا من أرض الحبشة خرجت بي أمي إلى النبي ص وقالت: هذا محمد بن حاطب وهو أول من سمي باسمك....»(5).

      ولكن حسب الإصابة فإنه لم يحدد والد قفيرة الهلالية. وأما الثلاثة الأخريات فقد ذكر بأنهن عامريات، وبنو عامر عدد من القبائل وما يناسب اتحاد بني عامر مع ابي هلال كقبيلتين هما عامر بن زغبة وهم بطن من هلال بن عامر(6) وأخرى قبيلة عامر بن هلال وهم بطن من عامر بن

ـــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع الإصابة: 4/384.

(2) الطبقات الكبرى: 8/272.

(3) راجع الإصابة: 4/391.

(4) راجع الإصابة: 4/384.

(5) الإصابة: 3/375.

(6) معجم قبائل العرب: 2/707.

(118)

 

صعصعة من العدنانية(1) المعروفة، يتفرع من القبيلة الأولى عامر بن يزيد والذين هم بطن من مرداس بن رياح من هلال بن عامر(2) فإذا فرض اتحاد النسبين كان النسب الثاني هو الأقرب إلى الصواب وهو عامر بن هلال العدنانية فهم هلالية عامرية.

      ومن المعطيات التي لدينا ما رواه الصدوق(3) في علله بإسناده عن أبي ذر(4) قال:

      كنت أنا وجعفر بن أبي طالب مهاجرين إلى بلاد الحبشة فأهديت لجعفر جارية قيمتها أربعة ألآف درهم، فلما قدمنا المدينة أهداها لعلي عليه السلام تخدمه، فجعلها علي عليه السلام في منزل فاطمة، فدخلت فاطمة عليها السلام يوماً فنظرت إلى رأس علي عليه السلام في حجر الجارية، فقالت: يا أبا الحسن، فعلتها، فقال لا والله يا بنت محمد ما فعلت شيئاً فما الذي تريدين؟ قالت: تأذن لي في المصير إلى منزل أبي رسول الله ص، فقال لها: قد أذنت لك، فتجلببت بجلبابها وتبرقعت ببرقعها وأرادت النبي ص فهبط جبرئيل عليه السلام فقال: يا محمد إن الله يقرئك السلام ويقول لك: إن هذه فاطمة قد أقبلت إليك تشكو علياً فلا تقبل منها في علي شيئاً فدخلت فاطمة فقال لها رسول الله ص: جئت تشكين علياً، قالت: أي ورب الكعبة، فقال لها: أرجعي إليه فقولي له رغم أنفي لرضاك، فرجعت إلى علي عليه السلام فقالت له: يا أبا الحسن رغم أنفي لرضاك تقولها ثلاثاً، فقال لها علي عليه السلام: شكوتيني إلى خليلي وحبيبي وسول الله ص وأسوأتاه من رسول الله ص، أشهد الله يا فاطمة أن الجارية حرة لوجه الله وأن الأربعمائة درهم التي فضلت من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) معجم قبائل العرب: 2/713.

(2) معجم قبائل العرب: 2/714.

(3) الصدوق: هو محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (306ـ 381هـ) ولد في قم وتوفي في ري. كان من أعلام الإمامية له مؤلفات جمة منها: من لا يحضره الفقيه، التوحيد، الأمالي.

(4) أبو ذر: هو جندب بن جنادة بن قيس الغفاري (ق33ق.هـ 32هـ) من كبار الصحابة. من حواري الإمام أمير المؤمبنين عليه السلام وهو الصادق الصدوق، أبعد مرتين مرة إلى لبنان ومرة أخرى إلى الربذة وفيها توفي ودفن.

(119)

 

عطائي صدقة على فقراء أهل المدينة، ثم تلبس وانتعل وأراد النبي ص فهبط جبرئيل فقال: يا محمد إن الله يقرئك السلام، ويقول لك: قل لعلي قد أعطيتك الجنة بعتقك الجارية في رضا فاطمة والنار بالأربعمائة درهم التي تصدقت بها فأدخل الجنة بعتقك الجارية في رضا فاطمة والنار بالأربعمائة درهم التي تصدقت بها فأدخل الجنة من شئت بعفوي، فعندها قال علي عليه السلام أنا قسيم الله بين الجنة والنار(1).

      ولكن في هذه الروايات ما يخدشه من أن أبا ذر لم يكن من المهاجرين إلى الحبشة ومنها أن أمير المؤمنين عليه السلام العالم والعارف بموقع ابنة الرسول ص وأنهما كفؤ لا يقوم بمثل ذلك، وإن كان يفهم من كلامه أنه لم ينكحها وأرى أنه يرأب عن مثل هذا أيضاً وهي على قيد الحياة ومنها أن سند الحديث ضعيف فأكثرهم مجهولون أو لم يوثقوا(2).

      وبتقديري والله العالم بعد دراسة كل النصوص الواردة نحتمل والله العالم بل نرجح أن المازندراني لم ينقل عن ذيل الاستيعاب بل أخذها من الإصابة والذي جاء بعده مباشرة ترجمة قهطم بنت علقمة والتي ذكر بأن أباها علقمة بن أبي قيس فوقع لديه خلط لدى النقل ولذلك لم يذكر بأنها هلالية وإنما أورد قسطاً من النقل من ترجمة قهطم، ثم أنه أخذ تتمة النقل من علل الشرائع للصدوق إلى حد قوله فجعلها علي عليه السلام في منزل فاطمة، ثم أضاف من عنده ما هو طبيعي أنها إذا كانت في بيت فاطمة فإنها تنتقل إلى بيت زينب ومن الطبيعي أنها عندما رحلت إلى كربلاء تصاحبها وهكذا والله العالم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) علل الشرائع: 1/195، وعنه البحار: 43/147، حلية الأبرار: 2/277، وبشارة المصطفى: 101، مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 3/343 عن الروح والريحان لأبي منصور الكتاب.

(2) إن سند الحديث روى الصدوق محمد بن علي القمي المتوفى سنة 381هـ عن أبيه علي بن الحسين القمي المتوفى سنة 329هـ عن سعد بن عبد الله الأشعري المتوفى سنة 299هـ عن الحسن بن عرفة العبدي المتوفى سنة 257هـ، عن وكيع بن الجراح الرواسي المتوفى سنة 196هـ، عن محمد بن إسرائيل الكوفي والهلالي بالولاء المتوفى نحو سنة 148هـ عن أبي صالح ميزان البصري المتوفى بعد 100هـ، عن أبي زر جندب بن جنادة الغفاري المتوفى سنة 32هـ، باستثناء الصدوقين وأبي ذر كلهم إما في دائرة الجهالة أو عدم الوثاقة ومن أراد التفصيل فليطرق باب الرجال.

(120)

 

      ومن الجدير بالذكر أن رواية الصدوق لم يذكر فهيا أسم قفيرة، كما لم نجد في مصدر آخر أن من جملة الإماء اللواتي كن في كربلاء من اسمهن قفيرة إلا هو، ومع كل هذا فإن نقله عن مصدر ثقة وليس من استنتاجه فإن ولادتها ووفاتها لا بد تكونا مثل ما سبق وأشرنا إليه.

(121)

 

(122)

 

(72)

قمر بنت عبد النمرية

ن20ـ 61هـ= 641ـ 680م

 

      قمر «قمرا» أم وهب بنت عبد النمرية (نمر بن قاسط) العدنانية(1).

      ضبط المفردة: قمر: بفتح القاف والميم معاً وهو الهلال بعد أن يتم ثلاث ليالٍ وأما قبل ذلك فهلال وإذاً تم قرصه سمي بدراً ولا ينسلخ تسميته بالقمر أيضاً، وإنما يقال له قمراً لبياضه، لأن مصدر الفعل قمر الذي يعني أشتد بياضه. ويوصف الشخص بالقمر لجماله أو لبياض وجهه وإشراقه أو لكونه دائرياً، وإذا وصفت المرأة بذلك أريد جماليها، وقد استخدمت المفرد علماً وهي من الأسماء العربية الأصيلة الا أنها كثيرة الاستخدام في الفارسية والغالب عليها إتيانها مضافة فيقال قمر الزمان في العربية(2) وقمر الملوك في الفارسية.

      وحسب استقرائنا فإن أول من ذكر بأن اسم أم وهب قمر هو الكاشفي(3) في كتابه روضة الشهداء(4) وتبعه المازندراني في معالي السبطين(5) وأما من

ــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) معجم قبائل العرب: 3/1192.

(2) كقمر العراق: صفة لمسعود بن عمرو بن عدي، وقمر نجد: وصفاً للزبرقان، وجاء علماً كقمر الدين بن منيب بن عناية الله الحسيني (1123ـ1193هـ).

(3) الكاشفي: هو حسين بن علي السبزواري البيهقي (ن 840ـ 910هـ) كان من أعلام المفسرين سكن سبزوار بإيران وهرات بإفغانستان، ومن مؤلفاته: جواهر التفسير لكلام القدير، المواهب العلية، ومخزن الإنشاء.

(4) روضة الشهداء: 362.

(5) معالي السبطين: 1/388.

(123)

 

ذكر بأن اسمها قمرى فهو صاحب ناسخ التواريخ(1) وفي هامشه ذكر بأنها على زنة مأوى أي بفتح أوله وسكون ثانيه، والظاهر أن ألفه في الأصل ممدودة وليست مقصورة وأصلها قمراء فخففت وتعني ضوء القمر، وتوصف الليلة بالقمراء إذا كانت مقمرة فيقال ليلة قمراء ومن ذلك قول الشاعر من الرجز:

يا حبذا القمراء والليل الساج       وطرق مثل ملاء النساج

      والقمراء أيضاً: طائر صغير من الدخاخيل(2) وواحده الدخل وهو طائر صغير يدخل بين رؤوس الشجر والنخل، ولا أرى ما يناسب وصف المرأة بها أو يتخذ علماً لها. إلا إذا قيل قمري بالضم ثم السكون وبالياء في آخرها بدل الألف المقصورة وهو طائر ومؤنثه قمرية أكبر قليلاً من الحمام وأصغرمن الفاخته(3) وهو طائر الحزن حيث يضرب به الأمثال في الفارسية والتركية والهندية وأما العرب فقد أخذلوا المفردة من الفرس فشددوا ياءها(4) وأما إذا قرئت بفتحتين وياء في آخرها فتعني النسبة إلى القمر، وإن قرئت بالضمة والسكون وياء في آخرها فتعني النسبة إلى القمر، وإن قرئت بالضمة والسكون وياء في آخرها فهي نسبة إلى موضع في مصر والكل لا يناسب، وما يناسب أن تكون مخففة «القمراء» وتكتب خطأ بالألف المقصورة(5).

      ولا يسمى الرجل عادة بقمر إلا مضافاً، بل تخص النساء. وممن سميت بذلك قمر البغدادية التي كانت صاحبة الجمال والفصاحة والأدب والكمال، ومن شعرها شوقاً إلى بغداد حينما كانت بإشبيلية من الكامل:

آها على بغدادها وعراقها          وظبائها والسحر في أحداقها

ومجالها عند الفرات بأوجه        تبدو أهلتها على أطواقها(6)

  متبخترات في النعيم كأنما        خلق الهوى العذري من أخلافها

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ناسخ التواريخ (حياة الإمام الحسين): 2/270.

(2) تاج العروس: 13/464.

(3) المنجد في اللغة: 208.

(4) المنجد في اللغة: 653.

(5) لغت نامه دهخدا: 36/472.

(6) تراجم أعلام النساء: 2/376 عن الرياحين: 6/159.

 

(124)

 

نفسي الفداء لها فأي محاسن        في الدهر تشرق من سني إشراقها

      وكانت جارية لأبي إبراهيم بن محمد بن حجاج اللخمي البغدادي المتوفى سنة 181هـ صاحب إشبيلية حيث جلبت له من بغداد(1).

      وقمر الاستامبولية والتي كانت هي الأخرى من فواضل نساء عصرها بالآستانة صاحبة كتاب العقائد الاسلامية.

      وقمر سني بنت عبد الرزاق بن عبد الكريم الحسن آباذي (القرن 6هـ) كانت قمر متحدثه لها حديث في سنة 531هـ عن زاهر بن طاهر بن محمد السخامي المتوفى سنة 533هـ كما روى عنها إجازة علي بن أحمد بن عبد الواحد المقدسي (القرن 6هـ)(3) وقمر خانم (أي السيدة قمر) بنت ظل السلطان علي بن فتح علي القاجاري (القرن 13هـ) تلك الشاعرة باللغة الفارسية التي تقول من الهزج(4):

نميدانم چراپيش رفيقان      سخن پر سند از عاشق حبيبان(5)

      وهناك قمرية العمرية والتي كانت من مغنيات العصر العباسي(6).

      هذا كل ما ورد في تسمية الإناث بهذا الاسم والذي غلب على تسمية الإماء وبالأخص عند العرب فيما إذا كانت مجردة غير مضافة ويبدو أن التسمية لم تأخذ مجالها الواسع وبالأخص في اللواتي برزن في مجال العلم والثقافة.

      وأما عن التي نحن بصدد ترجمتها فإن كل المصادر القديمة وجل المصادر الحديثة ذكرتها بالكنية «أم وهب» لمكان ابنها وهب بن عبد بن حباب الكلبي، وتذكر جل المصادر أن الابن والأم والزوجة كانوا على النصرانية فالتحقوا في الثعلبية بركب الإمام الحسين عليه السلام، ومن المعلوم أن

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) أعلام النساء: 4/220 عن نفح الطيب، التكملة لكتاب الصلة.

(2) أعلام النساء: 4/219 عن التعليم والتربية عند نساء الآستانة.

(3) أعلام النساء: 4/220.

(4) الهزج المسدس المحذوف والذي تفعيلته مفاعيلن مفاعيلن فعولن×2.

(5) تراجم أعلام النساء: 2/376.

(6) أعلام النساء: 4/220 عن الأغاني.

(125)

 

الإمام الحسين عليه السلام وصل إلى الثعلبية التي تبعد عن كربلاء 441 كيلومتراً وذلك يوم السبت 19/12/60هـ(1) فأسلموا ولازموا الإمام الحسين عليه السلام وربطوا مصيرهم بمصير الإمام الحسين عليه السلام وأهل بيته وأنصاره ونسائه وقتلوا جميعاً في كربلاء وتعد قصة مقتلهم سبقاً تاريخياً في هذا الاتجاه، ولكن هناك بعض المصادر الأخرى ذكرت شخصية أخرى ألا وهو وهب بن وهب وكان قد خرج مع أمه أم وهب، ولدى التمحيص تبين أن الذي كان نصرانياً هو وهب بن وهب امه، وأما وهب بن عبد الله الكلبي فقد كان مسلماً وكان قد نزل الكوفة مع أبيه وأمه وزوجته هانية واتخذ عند بئر الجعد من همدان داراً فرأى القوم بالنخيلة يعرضون ليسرحوا إلى الحسين عليه السلام إلى آخر مقولة عبد الله بن عمير الكلبي والد ولوهب، والتفصيل يراجع في محله(2).

      والذي اعتمدناه أن قمر كانت أم وهب بن عبد الله الكلبي التي حضرت وزجها عبد الله وابنها وهب وكنتها هانية وكانت مسلمة ولوهب رجز أوردناه في محله(3) أذاً أم وهب هذه هي:

      1ـ اسمها: قمر استشهدت في كربلاء سنة 61هـ.

      2ـ زوجها: عبد الله بن عمير(ة) الكلبي  المستشهد في كربلاء سنة 61هـ.

      3ـ ابنها: وهب بن عبد الله الكلبي المستشهد في كربلاء سنة 61هـ.

      4ـ كنتها: هانية زوجة وهب المستشهدة في كربلاء سنة 61هـ.

      5ـ دينها: الإسلام قبل أن تصل إلى كربلاء.

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع تاريخ المراقد: 5/74، 79، 83.

      وقيل إنه التحق بالركب في قصر بني مقاتل على تفصيل أوردناه في ترجمة وهب بن عبد الله الكلبي.

(2) ترجمة وهب بن وهب، وترجمة وهب بن عبد الله الكلبي في الجزء الثلاث من معجم أنصار الحسين (غير الهاشميين).

(3) راجع ديوان القرن الأول: 1/59، 61.

(126)

 

      6ـ فكرة الالتحاق: بدأت في دارهم في الكوفة عند بئر الجعد من همدان.

      وإذا اتحد الذي ذكرناه فإن هناك معلومات أخرى يمكن إضافتها إلى ذلك وهي:

      1ـ أن أم وهب (قمر) هي ابنة عبد من النمر بن قاسط(1).

      2ـ إن عبد الله بن عمير الكلبي كان من أصحاب الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ثم الإمام الحسين عليه السلام(2)، وقد قتل في الحملة الأولى يوم الطف(3) وورد ذكره في زيارة الناحية(4) والرجبية(5). وكان أول الرامين من معسكر الحسين عليه السلام إلى معسكر ابن زياد(6).

      3ـ التحق عبد الله وابنه وزوجتيهما بالإمام الحسين عليه السلام ليلة الثامن من محرم في كربلاء(7).

      4ـ نسبه: عبد الله بن عمير بن عباس بن عبد قيس بن عليم بن خباب الكلبي العليمي(8).

      5ـ أعلم عبد الله زوجته بقراره الالتحاق بالإمام الحسين عليه السلام فطلبت منه أن يصحبها(9).

      6ـ أم وهب قتلت برأس ابنها رجلين وضربها رستم غلام شمر بعمود فقتلها(10).

ـــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أنصار الحسين: 99، 195.

(2) رجال الطوسي: 54/78، كما في معجم رجال الحديث أيضاً: 10/272.

(3) معجم رجال الحديث: 10/272 عن مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 4/113، ومقتل الحسين للخوارزمي: 2/8، بحار الأنوار: 45/12،13.

(4) بحار الأنوار: 45/71، أنصار الحسين: 99.

(5) بحار الأنوار: 98/272.

(6) فرسان الشهادة: 1/251.

(7) قاموس الرجال: 6/544، وتنقيح المقال: 2/201.

(8) تنقيح المقال: 2/201.

(9) مستدركات علم رجال الحديث: 8/561.

(10) إبصار العين: 198، تاريخ الطبري: 3/326.

(127)

 

      7ــ كان لوهب بن عبد الله بن العمر خمس وعشرون سنة(1).

      8ـ تزوج وهب من هانية في 23/12/60هـ في الكوفة(2).

      يمكن أن يستخلص من كل هذا أن أم وهب هي قمر بنت عبد من نمير بن قاسط كانت على أقل التقادير لها من العمر تسع وثلاثون سنة لأن أبنها كان له من العمر خمس وعشرون سنة فعلية لا بد وأن تكون ولادتها سنة 20هـ واستشهادها سنة 61هـ يوم عاشوراء سنة فعلية لابد وأن تكون ولادتها سنة 20هـ واستشهادها سنة 61هـ يوم عاشوراء، وأما زواجها فلا بد وأن يكون أكثر من ذلك لأنه له صحبة مع علي عليه السلام وسنأتي على ترجمة زوجها وابنها وكنتها هانية إن شاء الله تعالى كما سنأتي على سيرتها في باب السيرة الحسينية.

      وأخيراً فإن هناك شخصيتين نسويتين هما:

      1ـ أم وهب بن وهب النصرانية (ن 26ـ 61هـ)(3)؟

      2ـ أم وهب قمر بنت عبد النمرية (ن 20ـ 61هـ).

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) وسيلة الدارين: 202.

(2) ناسخ التواريخ (حياة الإمام الحسين): 2/270 وذكر أن يوم استشهد كان قد مضى من زواجه 17يوماً. وعنه فرسان الهيجاء: 252.

(3) سبقت ترجمتها في معجم أنصار الحسين (النساء): 1/211.

 

(128)

 

حرف الكاف

 

      73ـ كبشة المدنية (مولاة أم إسحاق)                       ق 25ـ ن 90هـ

(129)

 

(130)

 

(73)

كبشة ... المدينة

ق 25ـ ن 90هـ = 646 ـ 709م

      كبشة المدنية هي أم سليمان بن مسعود بن مالك الكوفي، مولاة أم إسحاق التيمية.

      ضبط المفردة: كبشة بفتح الكاف وسكون الباء ثم شين مفتوحة تنتهي بتاء التوحيد أو التأنيث، هناك من قال بأن التاء فيها ليست للتأنيث كما في فاطمة بل هي تاء للدلالة على الواحد من الجنس كما في شجرة، وعلى الفرضيتين فالمفردة بدون التاء «كبش» لها معان مختلفة فما يناسب الوصف أو العلمية هو سيد القوم، وإذاً ما استخدمت في الأنثى أريد منها سيدة قومها فعلية تكون كبشة مؤنث الكبش، ولكن الكبشة تسمى للأشياء والأعلام والمواضع حسب المعاني الواردة لها والتي لا نريد الخوض فيها لأنها خارجة عن الموضوع، وفي الغالب يستخدم في أعلام الذكور بالكنية فيقال أبو كبشة وكذلك يقال أم كبشة في أعلام الإناث، ومن النادر استخدامه علماً للذكور.

      وعلى القول بأن التاء فيها ليست للتأنيث فقد قيل بأنه اسم مرتحل ليس بمؤنث، ومؤنث الكبش الدال على الجنس ليس له مؤنث من لفظه بل يأتي من غير فيقال: نعجة(1).

      وبغض النظر عن هويتها اللغوية والصرفية فإن «كبشة» تستخدم علماً للإناث وهناك سبع عشرة أمراة من الصحابيات تسمين بكبشة، وفي

ــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع تاج العروس: 17/348.

(131)

 

التابعيات من تسمين بكبشة أيضاً(1) ويسمى الرجال بكبيش والنساء بكبيشة بصيغة التصغير.

هذا وقد ورد اسم كبشة في اللاتي وردن كربلاء مع الإمام الحسين عليه السلام لأول مرة على ما نظن في كتابين لمؤلفين معاصرين هما الشيخ محمد مهدي المازندراني (1293ـ 1384هـ) في كتابه معالي السبطين(2) المطبوع في طبعته الثالثة في النجف سنة 1356هـ(3)، والشيخ ذبيح الله المحلاتي (1310ـ1405هـ) في كتابه فرسان الهيجاء(4) المطبوع في طبعته الأولى في طهران سنة 1375هـ(5) ولم أجد لهما ثالثاً إلا السيد إبراهيم الزنجاني (1344ـ1422هـ) الذي أخذه عنهما على الظاهر وذكرها في كتابه وسيلة الدارين(6) وذكرها باسم كثبه الظاهر منه التصحيف(7) حيث يبدو أن نقله المباشر كان من المازندراني، ونظن والله العالم أن المحلاتي أخذ من المازندراني لتقدمه عليه في العمر والكتابة والطباعة وهنا لا بد من إيراد عبارة المازندراني أولاً حيث أوردها في عداد الإماء اللائي كن في كربلاء وحضرن معركة الطف، والذي نصه جاء كالتالي:

      «ومنهن كبشة كانت جارية للحسين عليه السلام اشتراها بألف درهم وكانت تخدم في بيت أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله التميمية زوجة الحسين، ثم تزوجها ـ أي كبشة ـ أبو رزين فولدت منه سليمان فهو مولى الحسين عليه السلام  له ـ أي سليمان ـ ذكر أيضاً في ـ زيارة الناحية: السلام على سليمان مولى

ـــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع تاج العروس: 17/350، تهذيب التهذيب، وتراجم أعلام النساء: 2/378.

(2) معالي السبطين: 2/231و 232.

(3) الذريعة إلى تصانيف الشيعة: 21/202.

(4) فرسان الهيجاء: 1/161.

(5) الذريعة إلى تصانيف الشيعة: 16/168.

(6) وسيلة الدارين: 426.

(7) ومما يدل على التصحيف أيضاً أنه عندما يذكرها يشير إلى أنه ذكر ابنها سلميان في حرف السين ولدى مراجعة سليمان في كتابه وسيلة: 150 يذكرها كبشة.

(132)

 

الحسين، وسليمان هذا الذي أرسله الحسين بكتب إلى رؤساء الأخماس والأشراف بالبصرة حيين كان في مكة كما ذكره أرباب المقاتل والسير، فجاء الكتاب بنسخة واحدة إلى جميع أشرافها فكل من قرأ ذلك الكتاب كتمه إلا منذر بن الجارود، فإنه خشي بزعمه دسيساً من قبل عبيد الله بن زياد، فأخذ الكتاب والرسول فقدمهما(1) إلى عبيد الله بن زياد فلما قرأ الكتاب قدم الرسول وأمر بضرب عنقه(2) وأمه كبشة جاءت مع الحسين عليه السلام حتى أتت كربلاء»(3).

      وأما نص المحلاتي الذي ورد بالفارسية لم يختلف عما أورده المازندراني إلا في أنه نسب قوله إن أمه كبشة إى أرباب التاريخ ولم يصرح بهم، والظاهر أن كليهما أخذا من الشيخ عبد الله بن محمد حسن المامقاني (1290ـ1351هـ) أو أن المازندراني أخذ عنه ثم أخذ المحلاتي عن المامقاني والله العالم حيث يقول في ترجمة سليمان مولى الحسين عليه السلام: «سليمان مولى الحسين عليه السلام كما في نسخة ومولى الحسن عليه السلام كما في نسخة أخرى قتل مع الحسين عليه السلام ولذا عده الشيخ ـ الطوسي ـ في رجاله من أصحاب الإمام الحسين عليه السلام(4) قال سليمان مولى الحسين عليه السلام قتل معه، وفي بعض نسخه مولى الحسن عليه السلام، وقد عده ابن داود(5) في القسم الاول فقال: «مولى الحسين عليه السلام قتل معه وكفى بذلك فخراً»(6)

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) يبدو أن في نسبة أن المنذر بن الجارود هو الذي أخذ سليمان الكتاب إلى ابن زياد فيه شيء من عدم الصحة، إذ هناك من روى بأن المنذر إنما أخبر ابن زياد بذاك ولم يسلمه، وقد ورد في مقتل الحسين للخوارزمي: 10/199 أن أبن زياد سأل المنذر من رسول الحسين إلى أهل البصرة فقال المنذر رسوله مولى يقال له سليمان، قال: فعلي به فأتي وكان مختفياً عند بعض الشيعة في البصرة.

(2) في نفس المهموم: 83 أنه صلبه بعد ذلك، وفي مقتل الحسين للخوارزمي: 1/199 فضرب عنقه صبراً ثم أمر بصلبه ثم صعد المنبر.

(3) معالي السبطين: 2/231.

(4) وما هو موجود في رجال الطوسي: 74 سلمان أو سليم مولى الحسين عليه السلام.

(5) ابن داود: الحسن بن علي بن داود الحلي (647ـ ب 707هـ) ولد وتوفي في الحلة من علماء الإمامية الفقهاء الرجاليين والشعراء، من مؤلفاته: تحصيل المنافع، والجوهرة، والرجال.

(6) كتاب الرجال لأبي داود: 106.

(133)

 

وأقول سليمان هذا أمه كبشة كانت جارية للحسين عليه السلام اشتراها بألف درهم وكانت تخدم في بيت أم إسحاق بنت طلحة بن عبد الله التيمية زوجة الحسين عليه السلام فتزوج بالجارية أبو رزين فولدت سنة سليمان وقد كان مع الحسين عليه السلام(1) ولكنه يتردد في أنه قتل في كربلاء أو في البصرة بعدما ينقل عن المؤرخين أنه كان رسول الحسين عليه السلام الى أهل البصرة وقتل هناك.

      وما يمكن استخلاصه من نص المازندراني ما يلي:

      1ـ رسول الإمام الحسين عليه السلام إلى البصرة هو سليمان.

      2ـ أبوه أبو رزين.

      3ـ أمه كبشة وهي أمة قيمتها ألف درهم.

      4ـ الابن والأم كانا ملك يمين للإمام الحسين عليه السلام.

      5ـ كانت كبشة تخدم في بيت أم إسحاق التيمية زوجة الحسين عليه السلام (50ـ ب 61هـ).

      6ـ زواج أبو رزين من كبشة تم بعد أن تزوج الإمام من أم إسحاق عام 50هـ.

      7ـ قتل سليمان في البصرة بتسليم منذر له لابن زياد.

      8ـ كبشة رافقت الركب الحسيني الذي توجه إلى كربلاء.

      9ـ ورد اسم سليمان في زيارة الناحية بوصفه مولى الحسين.

      وهنا لا بد من مقاربة النص مع ما ورد في كتب التاريخ والمقاتل حيث لم يذكر المازندراني مصدراً كلامه وربما جمع المتفرقات معاً بعد ما توصل الى فكرة معينة.

1ـ أن اسمه سليمان هو الأكثر شيوعاً عند أهل المقاتل والتاريخ(2) وهو برواية أبي مخنف لوط بن يحيى الأزدي (ن80ـ  158هـ) والسيد علي بن موسى ـ ابن طاوس ـ (589ـ 664هـ)، وما ورد في بعض

ــــــــــــــــــــــــــ

(1) تنقيح المقال: 2/65.

(2) راجع تاريخ الطبري: 3/280، بحار الأنوار: 44/340.

(134)

 

المصادر أن مولى الحسين عليه السلام كان اسمه سلمان أو سليماً كما في رجال الطوسي (385ـ 460هـ) مولى الحسين عليه السلام فهذا مغاير مع هذا فإن سليمان كان رسول الحسين عليه السلام إلى أهل البصرة وقتل في البصرة في اليوم الذي خرج بعدها ابن زياد منها إلى الكوفة، وللعلم أن ابن زياد ترك البصرة يوم الأول من ذي الحجة(1)، وأما سلمان أو سليم أو أسلم فهو من موالي الإمام الحسين عليه السلام الذين قتلوا في عاشوراء وما ورد في زيارة الناحية: «السلام على سليمان مولى الحسين ابن أمير المؤمنين ولعن الله قاتله سليمان بن عوف الحضرمي»(2) وأن سليمان الذي قتل في كربلاء حيث لم يرد في زيارة الناحية والزيارة الرجبية اسم من لم يستشهد في كربلاء، فأما اسم من قتل في كربلاء سليمان بالياء (أو سلمان بدونها والتحقيق في محله)(3) ولكن المسلم الذي قطع رأسه بالبصرة صلب هو سليمان بصيغة رغم أن هناك من ذكره مبكراً أيضاً.

      2ـ من أين جاء اسم أبيه أبو رزين، الظاهر أن أول من ذكر هذه الكنية بغض النظر عن بقية جوانب النسبة هل هي صحيحة أم لا، فقد ورد على ما يظهر في كتاب الملهوف لابن طاوس وكتاب مثير الإحزان لابن نما ونصهما واحد تقريباً. حيث قال ابن طاووس: «وكان الحسين عليه السلام قد كتب الى جماعة من أشراف البصرة كتاباً مع مولى له اسمه سليمان ويكنى أبا رزين»(4) وقال ابن نما: وكتب عليه السلام كتاباً إلى وجوه أهل البصرة... وبعث الكتاب مع زراع (ذراع) السدوسي وقيل سليمان المكنى بأبي رزين....»(5) وهكذا نقل صاحب ناسخ التواريخ(6) عن ابن نما، وكذلك.

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) وذلك لأن رسالة يزيد وصلته في غرة ذي الحجة ويحثه على الرحيل إلى الكوفة وقد وصل الكوفة في الرابع من ذي الحجة ومعنى ذلك مقتل سليمان يكون في نهاية شهر ذي القعدة والفاصلة بين البصرة والكوفي نحو خمسمائة كيلومتر يمكنه طيها في أربعة أيام أو بأقل من ذلك.

(2) إقبال الأعمال: 74.

(3) راجع ترجمته في حرف السين في معجم أنصار الحسين (قسم غير الهاشميين).

(4) الملهوف: 110.

(5) مثير الأحزان: 27.

(6) ناسخ التواريخ: 2/44.

(135)

فعل الأميني في كتابه المؤلف بالفارسية ياران پاپدار إمام حسين عليه السلام إلا أنه أضاف قائلاً: سليمان بن أبي رزين مسعود بن مالك الأسدي الكوفى مولى الإمام الحسين عليه السلام وعلى رواية الإمام الحسن عليه السلام أمه تسمى كبشة جارية الإمام(1) اشتراها بعشرة آلاف درهم وأهداها لأم إسحاق بنت طلحة بن عبد الله التميمي زوجة الإمام الحسين عليه السلام، وم ثم تزوجها أبو رزين مسعود والذي كان من أتباع مذهب أهل البيت عليهم السلام والموالين للإمام أمير المؤمنين عليه السلام فولدت له سليمان والذي تربى في بيت الرسالة والعصمة وصحب الإمام الحسين عليه السلام إلى حين استشهد» وهنا يذكر توجه كرسول للإمام الحسين عليه السلام إلى أهل البصرة ويستطرد في ذكر ما حل به ويستند في كلامه هذا إلى الكامل في التاريخ وإلى إبصار العين وتنقيح المقال وناسخ التواريخ وينابيع المودة(2).

      إلا أن الواقع يشهد أن طريقته ليست بعلمية لأنه اطلع على هذه الكتب الخمسة فكتب ما يجمع بينهما بتصوراته حيث أن الكتب الخمسة خالية من هذا النص بالشكل الذي ذكره، وأما إبصار العين فقال:

      «سليمان بن رزين مولى الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام، كان سليمان هذا موالي الحسين عليه السلام أرسله بكتب إلى رؤساء الأخماس بالبصرة حين كان في مكةـ وسرد قصة ذهابه إلى البصرة وما حل به عن الطبري ـ وقال في نهاية المطاف: إن المنذر بن الجارود «أخذ الكتاب والرسول فقدمهما الى عبيد الله بن زياد في العشية التي عزم على السفر الى الكوفة صبيحتها فلما قرأ الكتاب قدم الرسول سليمان وضرب عنقه وصعد المنبر صباحاً فلما قرأ الكتاب قدم الرسول سليمان وضرب عنقه وصعد المنبر صباحاً وتوعد الناس وتهددهم ثم خرج إلى الكوفى ليسبق الحسين عليه السلام(3) ومن الواضح أنه ذكره باسم سليمان بن رزين مولى الحسين عليه السلام ولم يقل سليمان بن أبي رزين مسعود الأسدي.

      وأما نص الكامل في التاريخ(4) فإنه لم يسم الرسول ولا كنيته ولا أباه، وإنما ذكر الرسالة وما حل بالرسول.

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) الإمام: لم يوضح أهو الإمام الحسن أو الإمام الحسين عليهما السلام.

(2) يا ران إمام حسين: 77ـ78.

(3) إبصار العين: 104 ـ 105.

(4) الكامل في التاريخ: 3/268.

(136)

 

      وأما تنقيح المقال فقد سبق ونقلنا جانباً من كلامه حيث يرى أن اسمه سليمان، وأن أباه أبو رزين وأن أمه كبشة ولكنه متردد بين كونه مولى الإمام الحسين عليه السلام أو أخيه الإمام الحسن عليه السلام وهل هو الذي حمل الرسالة إلى أهل البصرة فقتل  هناك أو أنه قتل مع الحسين عليه السلام في كربلاء، وتبين أن نقل المازندراني كان من المامقاني لا غير. أما نقل الأميني عن ناسخ التواريخ، فإنه لم يذكر أن اسمه سليمان وكنيته أبو زرين وأنه حمل الرسالة إلى أهالي البصرة، ولم يتطرق إلى أنه مولى الحسين عليه السلام ولا إلى قتله(1).

      وأما ينابيع المودة، فهذا نصه: «ثم برز سليمان مولى الحسين رضي الله عنهما فقتل منهم رجالاً ثم قتل رضي الله عنه»(2).

      وهنا يأتي الكلام في أن كبشة إذا كانت تخدم في بيت أم إسحاق فليس بالضرورة أن تكون مولاة الإمام الحسين عليه السلام ولعلها كانت مولاتها منذ أن كانت زوجة الإمام الحسن عليه السلام ويؤيد هذا ما ورد في تنقيح المقال مردداً أن سلمان مولى الإمام الحسن عليه السلام وكانت كبشة تخدم أم إسحاق زوجة الإمام الحسن عليه السلام وبعد وفاته عليه السلام انتقلت كبشة مع سيدتها إلى بيت يجعلنا نقول بأن أبا رزين تزوج كبشة وهي في بيت الإمام الحسن عليه السلام لأن القول بزواجها وهي في بيت الإمام الحسين عليه السلام يعني أن أم إسحاق إنما انتهت عدتها فإذا تزوجت في بيت الإمام الحسين عليه السلام سنة 50هـ بأنها أنجبت في أوائل 51هـ   سليمان فهذا يعني أنه كان حين بعثه الإمام الحسين عليه السلام رسولاً إلى أهل البصرة لا يصح، ومن هنا نؤكد أن كبشة تزوجت وهي في بيت الإمام الحسن عليه السلام ومن المعقول جداً أن يكون زواج أبي رزين من كبشة عام الأربعين بنحو خمس سنوات ليكون عمر نجلها عند تحميل الرسالة له على أقل التقادير خمساً وعشرين سنة، ولكن هذا لا يتحقق مع عمر أم إسحاق والتي كانت ولادتها في حدود سنة 30هـ فإذا

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ناسخ التواريخ: 2/44.

(2) ينابيع المودة: 2/169.

(137)

 

دخلت بيت الإمام الحسن عليه السلام حسب المتعارف سنة 40هـ وقلنا بأن الإمام الحسن عليه السلام في زواجة منها أهداها هذه الوصيفة كبشة وقلنا إنها تزوجت من أبي رزين فأولدت في سنة 40هـ فإن عمره لدى حمل الرسالة كان تسع عشرة سنة وهذا مما يمكن قبوله.

      وما نرجحه حسب المعطيات أن الذي ذكر في زيارة الناحية هو غير الذي كان رسولاً لأن الإمام الحجة عليه السلام لم يذكر المستشهدين خارج كربلاء وإلا لذكر مسلم بن عقيل المقتول في الكوفة، لا اختلاف الأوصاف.

      كما نرجح أن المامقاني اختلط عليه أمر سليمان المكنى بأبي زرين كما جاء في الملهوف ومثير الأحزان وبين كونه ابن أبي رزين، فإن المصدرين ذكرا بأن رزين كنية لسليمان لا لأبيه، ولما حدث له هذا التصور فتبادر إلى ذهنه بأن أبا رزين هو الأسدي الذي كان من أصحاب الإمام أمير المؤمنين عليه السلام كما في رجال الطوسي(1) والذي يصرح باسمه ابن حجر العسقلاني فيقول عنه: مسعود بن مالك أبو رزين ونقل أيضاً أن عبيد وغيره، ويقول أيضاً: وذكر أن ابن زياد قتل أبا رزين ونقل أيضاً أن عبيد الله بن زياد ضرب عنقه بالبصرة، ونقل أيضاً بأنه توفي سنة 85هـ، ومع هذا يقول: فتلخص أن أبا رزين مختلف في اسمه والأصح أنه مسعود بن مالك(2) ومن الواضح أن الجمع بين قتله بالبصرة على يد ابن زياد وأنه عاش إلى سنة 85هـ وقيل 90أيضاً وبين من قال شهد صفين مع علي وأن لم يقتل وهرم.

      ولكن الذي يتضح من كلامه النظر عن الملابسات أنه كان من الموالي وليس أسدياً وهذا يحل لنا عقدة أخرى ألا وهي إذا كان أبو رزين والد سليمان وكان أسدياً فكيف يمكن أن يكون سليمان مولى.

      وجاء في تهذيب التهذيب في باب الكنى: أبو رزين روى عن علي عليه السلام وعنه أبو الخير، وصوابه أبو زرير وهو عبد الله بن زرير(3) وصفه في

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) رجال الطوسي: 64.

(2) راجع تهذيب التهذيب: 5/421 ـ 422.

(3) تهذيب التهذيب: 6/355.

 

(138)

 

الأسماء بالغافقي المصري توفي سنة 83هـ وشهد مع علي صفين(1) ولكن هذا لا يبرر قول المامقاني في أبي رزين نقل هذا القول كبديل محتمل للتصحيف غير وارد لأنه ذكر عبد الله بن أبي رزين مسعود بن مالك الأسدي في الإسماء(2) والظاهر إنما أتى بذلك لمن احتمل ذلك فرده بما هو مناسب(3).

      والحاصل بعد كل الذي نقلناه أن مقتضى الجمع والذي لعله لم يكن موفقاً إلا أنه معقول ما يلي:

      1ـ أن هناك سليمان قتل بالبصرة وآخر في كربلاء، وربما يكون الذي قتل في كربلاء كان مخففاً بدون ياء (سلمان) أو بدون الألف والنون «سليم» كما في معجم الرجال(4).

      2ـ أن للإمام الحسين عليه السلام موفدين إلى أهل البصرة أحدهما سليمان هذا والآخر ذراع(5) السدوسي، وربما تمكن ذلك من إيصال الرسائل وسليمان لم يتمكن من إيصالها ل سلمها وقتل.

      3ـ إن سليمان هذا ابن أبي رزين وليس «أبو رزين» كنية له.

      4ـ أبو رزين: اسمه مسعود بن مالك الكوفي.

      5ـ إن مسعود بن مالك الكوفي كان مولى أبي وائل الأسدي من أسد خزيمة(6) واسمه شقيق بن سلمة الأسدي الخزيمي الكوفي(7).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تهذيب التهذيب: 3/143.

(2) راجع تهذيب التهذيب: 3/140.

(3) تنقيح المقال: 3(قسم باب الكنى): 16.

(4) معجم رجال الحديث: 8/231.

(5) وجاء في مثير الأحزان: 27 زراع بالزاي ولكنه تصحيف من نقل عنه ذكره «ذراع» بالذال المعجمة ولأن هذه النسخة طبعت في إيران فاحتمال التصحيف وارد.

(6) بنو أسد إحدى عشر قبيلة وشقيق من بني أسد بن خزيمة وهي قبيلة عدنانية عظيمة وهم من أسد بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار،  وبطونهم كثيرة ـ راجع معجم قبائل العرب: 1/21ـ 25.

(7) راجع تهذيب التهذيب: 5/421، 6/485، 2/512.

(139)

 

      6ـ إن مسعود بن مالك الكوفي توفي سنة 85هـ وشهد مع علي عليه السلام صفين وربما غيرها.

      7ـ إن أبا وائل شقيق بن سلمة الأسدي الكوفي (1ـ82هـ) شهد مع علي عليه السلام صفين(1).

      8ـ إن كبشة كانت مولاة الإمام الحسن عليه السلام جعلها في خدمة زوجته أم إسحاق التيمية وذلك حين تزوجها حدود عام40هـ(2)؟

      9ـ إن زواج أبي رزين مسعود بن مالك الكوفي من كبشة كان قبل زواج الإمام الحسن عليه السلام من أم إسحاق، ولما تزوجها جعل كبشة وصيفة لها.

      10ـ إن عمر كبشة لا بد وأن يكون حين تزوجت بنحو 14سنة لتكون ولادتها قبل 25هـ.

      11ـ إن كبشة إذاً كانت أمة اشتراها الإمام الحسن عليه السلام بألف درهم، وزوجها لأبي رزين ودخلت بيت الإمام الحسين عليه السلام مع دخول أم إسحاق التيمية إلى حبالة الإمام الحسين عليه السلام سنة 50هـ بوصية من الإمام الحسن عليه السلام.

      12ـ وربما أشترى الإمام الحسين عليه السلام كبشة من ورثة الإمام الحسن عليه السلام إن لم تكن هي من ممتلكات أم إسحاق التيمية.

      13ـ وعلى هذا التقدير فإن سليمان لا بد وأنه ولد في حدود سنة 30هـ أو قبيلة ليكون عمره في حين حمل الرسالة نحو عشرين سنة.

      14ـ يبدو أن أبا رزين كان على دين سيده ابي وائل شقيق بن سلمة الأسدي حضر مع سيده معركة صفين إلى جانب علي عليه السلام والظاهر أنه بقي على ملكية أبي وائل.

      15ـ إن سليمان إنما أصبح قناً لأن أباه وأمه كانا قنين وربما اشترط الإمام الحسن عليه السلام على أبي وائل عند زواج أبي رزين وكبشة أن يكون

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع وقعة صفين: 497و 512 وقيل اسمه سفيان لا يعتمد.

(2) راجع معجم أنصار الحسين (النساء): 1/147.

(140)

 

 

المولود تابعاً لملكية زوجته كبشة، وربما وصل إلى الإمام الحسين عليه السلام بالشراء أو بالهبة.

      16ـ إن كبشة عندما ذهب ابنها سليمان إلى البصرة حاملاً رسالة الإمام الحسين عليه السلام التحقت بركب الإمام الحسين عليه السلام لأن مولاتها أم إسحاق التيمية كانت في الركب.

      17ـ إن سليمان الذي ورد ذكره في زيارة الناحية هو مولى آخر للإمام الحسين عليه السلام إن لم نقل بأنه تصحيف سلمان أو سليم أو أسلم، وإن كان الأول آطهر لأن التصحيف بين سليمان وسلمان كثيراً ما يقع، وبعض نسخ الطوسي ذكرته سلمان ولا يوجد في نسخ الطوسي سليمان أبداً.

      18ـ إن استشهاد سليمان ابن أبي رزين في البصرة على يد ابن زياد في غرة ذي الحجة من سنة 60هـ وإن استشهاد سليمان في كربلاء بيد سليمان بن عوف الحضرمي في العاشر من محرم من سنة 61هـ.

      19ـ إن بقاء كبشة على قيد الحياة ربما كان إلى ما بعد زواجها بأبي رزين الذي توفي سنة 85هـ، وقبل سيدتها أم إسحاق التيمية نحو 93هـ، ليكون عمرها في حدود خمس وستين سنة وهذا عمر طبيعي.

      هذا كل ما أمكن قوله في هذا الجمع الذي يعتمد على المعطيات التي أوردناها والله نسال التقويم والإصابة.

      وسنأتي في ترجمة ابنها سليمان في قسم الأنصار غير الهاشميين إلى ما يؤيد ما أوردناه هنا.

(141)

 

 

(142)

 

 

حرف اللام

     

      74ـ ليلى بنت أبي مرى الثقفية                20ـ63هـ.

      75ـ ليلى بنت مسعود النهشلية                ق 22ـ ب 61هـ.

 

(143)

 

 

 

(144)

 

 

(74)

 

ليلى بنت مرة الثقفية
20ـ 63هـ = 641ـ 672م

 

      هي ليلى بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود بن متعب بن مالك بن كعب الثقفية.

      هذا هو المشهود في اسمها(1) وهناك من ذكر أن أسما آمنة(2) بل هناك قول بأن أسمها برة(3)، ويذكر أن ليلى بنت أبي مرة لما ولدت سمتها أمها برة، ولما نشأت كانت تقوم الليل للعبادة فسماها أبوها ليلى واشتهرت بما سماها، وكان اسمها عند بني هاشم آمنة، وذلك عندما ولدت علي الأكبر عام 36هـ لشبه مولودها عند بني هاشم آمنة، وذلك عندما ولدت علي الأكبر عام 36هـ لشبه مولودها بمولود آمنة بنت وهب أم الرسول ص حيث دخل بعض نساء بني هاشم، وإذا بعلي الأكبر شبيه برسول الله من رأسه إلى قدميه، ودار الحديث ما بينهن في ذكر آمنة بنت وهب فالتفتن إليها وقلن لها أنت شبيهة بآمنة، لأن ولدك علي شبيه رسول الله خلقاً وخُلقاً ومنطقاً فمن ذلك اليوم عرفت بآمنة عند بني هاشم(4).

      ولا يخفى أن سبق وتحدثنا عن ضبط المفردة «برة» في برة بنت النوشجان(5) وأما «آمنة» فقد بحثنا عن ذلك في السيدة سكينة بنت الإمام

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع الإصابة: 3/412، الإرشاد: 2/110، إعلام الورى: 1/478، الكامل: 3/293، تاريخ اليعقوبي: 2/247، الروض الآنف كما في علي الأكبر للمقرم: 13، الشجرة المباركة: 72، رجال الطوسي:76.

(2) راجع تذكرة الخواص: 277، مقتل الحسين للخوارزمي: 2/30.

(3) مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 4/77، وعنه البحار: 45/230.

(4) مشهد الحسين: 2/9 عن مخطوطات بني أسد (مخطوط).

(5) معجم أنصار الحسين (النساء): 1/217.

(145)

 

الحسين عليه السلام(1) بقي أن تتحدث عن ضبط المفردة «ليلى» فهي بفتح أولها وسكون ثانيها وفتح ثالثها وتنتهي بألف مقصورة على زنة سلمى وهي من الأسماء الثلاثية المزيدة بحرف، أصلها الليل وتعني الظلام، والذي هو ضد النهار الذي يعني الضياء، ويقال ليلة ليلى وليلاء في مؤنث الليل، كما يقال في المذكر ليل أليل، ويراد من جميعها شدة الظلمة وربما أطلقوا ليلاء على ليلة الثلاثين من الشهر(2) لأن القمر في المحاق فيكون الظلام دامساً، وتسمى الأنثى بليلى ربما لشعرها حيث كان يعد اللون الأسود الداكن الجمال المرأة، دون المشوب أو اللون الفاتح، وعلى ما تقدم إن صح فإن إطلاق ليلى عليها كانت لقيامها في الليل للعبادة. وتجمع ليلى على ليالي كما في الرجز التالي:

لم أر في صواحب النعال

اللابسات البدن الحوالي

شبهاً لليلى خيرة الليالي(3)

      ومما يؤكد أن السبب في التسمية هو اللون الأسود تسميتهم أو وصفهم للخمر السوداء بأم ليلى فقالوا وبها سميت المرأة(4) ويكنى الرجل كما المرأة بليلى وهم كثر، وهذا يدل على كثرة استخدامها كاسم للأنثى القضاعية واللتان كانتا من أمهات الجاهلية بالإضافة إلى ليلى بنت مهلهل التغلبية المتوفاة بعد سنة 45ق.هـ. ثم في العهد الإسلامي ليلى بنت مهدي العامري المتوفاة حدود سنة 68هـ، وليلى بنت عبد الله الأخيلية المتوفاة حوالى سنة 80هـ(5)، واستمرت التسمية بهذا الاسم إلى يومنا هذا وتعد من الإسماء المرغوبة.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

(1) معجم أنصار الحسين (النساء) : 2/40.

(2) راجع لسان العرب: 16/ 378.

(3) تاج العروس: 30/377.

(4) تاج العروس: 30/377.

(5) راجع أعلام للزركلي: 5/248و249.

(146)

 

      وبالعودة إلى المترجمة لها فإن نسبها يعود إلى أي مرة وهو أبوها ففي نسخة الطوسي «أبي قرة» وجاءت نسخة ثانية في أسم جدها متعب بن مالك «مصعب بن مالك»، ويبدو أن «أبو مرة» أو «أبو قرة» هو اسم أبيها، أو كنية عرف بها واشتهر بحيث لم يعرف بغيرها وله أخ باسم أبي المليح وكان ممن أسلم(1) وكانت ولادة أبي مرة في عهد الرسول ص وقد أسلم وصحب الرسول ص كما أبيه ويذكر أن أبا مرة وأبا مليح ابنا مسعود ذهبا إلى الرسول الله ص فإعلماه بقتل عروة وأسلما(2) وأخت أبي مرة هي أم سعيد بنت عروة مما يظهر أن عروة سمى أولاده بالكنية. وأم ليلى هي: ميمونة بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية(3).

      خالها: معاوية بن أبي سفيان الأموي.

      خالتها: ابنة أبي سفيان زوجة سعد بن أبي وقاص الزهري فعليه يكون عمر بن سعد الزهري ابن خالتها وهي بنت خالته(4)

      وجدتها من أبيها: ابنة أبي العاص(5).

      وعمة أبيها: برزة بنت مسعود بن متعب الثقفي زوجة صفوان بن أمية(6).

      وعمتها: أم سعيد بنت عروة الثقفية زوجة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام وكانت ولادتها في حدود عام 20هـ في المدينة والتي أنجبت لعلي عليه السلام أم الحسن (21ــ ب 61هـ) ورملة الكبرى (22ـ ب 61هـ)، وعمر الأوسط (23ـ 38هـ) وأم كلثوم الصغرى (24ـ ق 40هـ)، وقد توفيت أم سعيد في حدود عام 35هـ.

      بالعودة إلى السيدة ليلى بنت أبي مرة الثقفية زوجة الإمام الحسين عليه السلام وأم علي الأكبر عليه السلام فقد ولدت في سنة 20هـ في المدينة، وتزوجت من الإمام الحسين عليه السلام سنة 35هـ(7)، وكانت السيدة رباب الكلبية أم سكينة في

ـــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع أسد الغابة: 4/33.

(2) راجع أسد الغابة: 6/284.

(3) راجع علي الأكبر للمقرم: 13، المجالس الحسينية: 127.

(4) راجع وسيلة الدارين: 292.

(5) الروض الأنف: 2/326 وعنه علي الأكبر: 14.

(6) علي الأكبر: 14.

(7) راجع مشهد الحسين عليه السلام: 2/9.

(147)

 

حبالة الإمام الحسين عليه السلام ثم إنه تزوج عليهما عاتكة العدوية أم محسن سنة 38هـ وفي سنة 50هـ تزوج عليهن أم إسحاق التيمية أم علي الأصغر سنة 50هـ وقد أرملن أربعتهن سنة 61هـ بشهادة الإمام الحسين عليه السلام وبقيت على قيد الحياة حتى السابع من شهر ربيع الثاني من سنة 63هـ حيث توفيت في المدينة في هذا التاريخ(1) ودفنت على الظاهرة في البقيع، وكانت قد أنجبت للحسين عليه السلام ابنها علي الأكبر يوم الأحد الحادي عشر من شهر شعبان سنة 38هـ في مدينة الكوفة(2) ولم يكن لها مولود غير علي الأكبر الذي استشهد في كربلاء مع أبيه الحسين عليه السلام. فكانت ليلى من بيت شرف وعز بالطائف حيث كانت قريش تشير إلى جدها عروة بالعظمة(3) فلذلك أوفدته قريش يوم الحديبية لعقد الصلح مع رسول الله ص حينما لم يكن قد أسلم بعد، إذ أسلم سنة تسع للهجرة، ورجع إلى قومه يهديهم إلى الإسلام فصعد إلى علية له وأشرف منها عليهم وأظهر الإسلام إليه فرموه بالنبل وأصابه سهم(4) فمات فقيل له ما ترى في دمك، قال: كرامة أكرمني الله بها وشهادة ساقها الله إلي ليس في إلا ما في الشهداء الذين قتلوا مع رسول الله فأدفنوني معهم، فلما مات دفنوه مع الشهداء، وقال رسول الله ص في حقه حينئذ ليس مثله في قومه إلا كمثل صاحب ياسين(5)

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع أنصار الحسين (الهاشميون): 3/67.

(2) راجع معجم أنصار الحسين (الهاشميون): 2/324: ولا يخفى أن الإمام السجاد عليه السلام ولد في يوم الخميس في التاسع من شهر شعبان سنة 33هـ.

(3) وذلك حينا قالت قريش بنص القرآن الكريم: (لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم) [الزخرف: 31]. إذ أرادوا بالعظيم عروة بن مسعود الثقفي، والوليد بن المغيرة المخزومي وكان الاول بالطائف والثاني في مكة.

(4) في نفس المهموم: 278 عن شرح الشمائل المحمدية أنه كان يؤذن للصلاة فرموه بالسهم فمات.

(5) صاحب ياسين: كناية رجل من بني إسرائيل الذي وردت قصته في سورة يس الآية: 20، وأسمه حبيب النجار حيث آمن بالرسل عند ورودهم القرية، راجع مجمع البيان: 7ـ8/655، في قوله تعالى: (وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال يا قوم ابتعوا المرسلين) [يس: 20]، ومفردة ياسين تطلق على الرجل بالكتابة.

 

(148)

 

في قومه(1) وكان بشبهة الرسول ص بعيسى بن مريم عليها السلام في محياه، ويعده من ساده الإسلام، حيث يقول عليه السلام: ورأيت عيسى ابن مريم عليه السلام فإذا أقرب من رأيت به شبهاً عروة بن مسعود(2) ويروى عن ابن عباس عن الرسول ص: أربعة سادة في الإسلام بشر بن هلال العبدي وعدي بن حاتم، وسراقة بن مالك المدلجي، وعروة بن مسعود الثقفي(3) ولمكانته أرسلته قريش لعقد الصلح مع الرسول ص يوم الحديبية(4) وكان عروة متزوجة بعشرة نسوة عندما أسلم فعرفه الرسول ص بأن الاسلام لا يبيح أكثر من أربع فأختار أربعاً، منهن زينب بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية(5)، وكان إسلامه في السنة التاسعة من الهجرة(6).

      وأما الحديث عن ابي مرة والد ليلى فقد ولد على عهد رسول الله ص فكانت له صحبة أكيدة، وقد أسلم حينما قتل أبوه فجاء الرسول ص مع أخيه أبي المليح فأعلماه بذلك وأسلما وعادا إلى الطائف كما سبق وأشرنا إلى ذلك، وقد روى عن الرسول ص مباشرة، وروى عنه مكحول بن عبد الله الشامي المتوفى ما بين 12ـ18هـ)7) وإذا كان أبو مرة يوم مقتل أبيه بالغاً من العمر بحيث وفد مع أخيه الى رسول الله ص وأسلما أي في السنة العاشرة للهجرة، وأن ليلى ابنته ولدت سنة 20هـ وأنه ولد في عهد الرسول ص الذي ولد سنة 53ق.هــ فمن المفروض أن ولادته كانت ما بين 53ـ20ق.هـ.

      وبالنسبة إلى السيدة ليلى فقد كانت من ربات الحجى حيث انتهلت من بيت النبوة طيلة ربع قرن من الزمان ما بين 25ـ35هـ وقد جمع في ابنها

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) علي الأكبر للمقرم: 15 عن الإصابة 2/478.

(2) نفس المهموم: 279 عن شرح الشمائل المحمدية.

(3) نفس المهموم: 279، عن أسد الغابة: 4/31.

(4) الإصابة: 4/477.

(5) الإصابة: 4/316.

(6) الإصابة: 2/477.

(7) تهذيب التهذيب: 6/454.

(149)

 

علي الأكبر شرافة أبيه وشرافة قبيلتها حيث كانوا أرباب سؤدد في الجاهلية والإسلام ومن هنا يقول فيها الحارث المخزومي(1) من الطويل:

أطافت بنا شمس النهار ومن رأى        من الناس شمساً في المساء تطوف(2)

أبو أمها أوفى قريش بذمة                وأعمـــــــــــامها إما سألت ثقيف(3)

      ويقول في أخرى من الطويل أيضاً:

أمن طلل بالجزع من مكة السدر(4)      عفا بين أكناف المشقر فالحضر

ظللت وظل القوم من غير حاجة               لدن غدوة حتى دنت حزة العصر(5)

يبكون من ليلى عهوداً قديمة             وماذا يبكي القوم من منزل قفر(6)

      ورغم أن صاحب الإغاني صرح بأن الفائية والرائية أنشأهما في السيدة ليلى بنت أبي مرة الثقفية إلا أنني أشك أن يكون المراد بليلى زوجة الإمام الحسين عليه السلام لأنه بعد هاتين المقطوعتين أورد مقطوعة أخرى دالية من الطويل فيها ما لا يناسب مقام السيدة ليلى حيث يقول:

لقد أرسلت في السر ليلى تلومني        وتزعمني ذا ملة طرفا جلدا(1)

وقد أخلقنا كل ما وعدت به              والله ما أخلفتها عامداً وعدا

فقلت مجيباً للرسول الذي أتى            تراه، لك الويلات،من وقلها جداً؟

إذا جئتها فاقرالسلام وقل ها       دعي الجورليلى وآسلكي منجاً قصدا

أفي مكثنا عنكم ليالٍ مرضتها      تزيدينني ليلى على مرضي جهدا

ــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الحارث المخزومي: هو ابن خالد بن العاص بن هشام المتوفى في مكة في حدود سنة 80هـ، من أهل مكة، وكان شاعر غزل، ولاه يزيد بن معاوية إمارة مكة، ولما ظهرت دعوة عبد الله بن الزبير اختفى خوفاً، له ديوان شعر.

(2) في نسخة: «في العشاء».

(3) الإغاني: 3/328 والإصابة: 4/178.

(4) السدر: شجر النبق.

(5) الحزة: الوقت، وحزة العصر، وقته.

(6) الإغاني: 3/328.

(7) الطرف: من لا يثبت على صاحب.

(150)

 

تعدين ذنباً واحداً ما جنيته          علي وما أحصي ذنوبكم عدا

فإن شئت حرمتُ النساء سواكم    وإن شئت لم أطعم نقاخاً ولا بردا(1)

وإن شئت غرنا بعدكم ثم لم نزل       بمكة حتى تجلسي قابلاً نجداً(2)

      وبما أن الشاعر كان والياً ليزيد بن معاوية الأموي فلا يأمن في شعره، بل ربما لم يقصد هو السيدة ليلى الثقفية، بل ربما كان الراوي إبراهيم بن المنذر الحزامي المتوفى سنة 236هـ الذي عمد إلى القول بأن الشاعر جاء إلى أحمد بن حنبل والحزامي هذا قيل إنه خلط في القرآن حتى يذكر أنه جاء إلى أحمد بن حنبل فاستأذن عليه فلم يأذن له، وجلس حتى خرج فسلم عليه فلم يرد عليه أحمد السلام، وكان ابن حنبل يتكلم فيه وبذمه، ويسب إليه المناكير(3) وعليه فإن ليلى الواردة في الدالية ليس المقصود بها السيدة ليلى بنت أبي مرة الثقفية، وإذا ما سقطت هذه الرواية فإن الفائية والرائية بما أنها ليس فيهما ما يعيب أمكن القول بأن الشاعر قصدها لأنها كانت من بيت سؤدد ولما طافت حول الكعبة ورأى من جلالها أنشأ البيتين.

      ويتصل نسب السيدة ليلى الثقفية مع المختار بن أبي عبيدة الثقفي عند جد أبيها مسعود حيث إنها بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود، والمختار بن أبي عبيدة بن مسعود، فأبو مرة والدها ولمختار ولدا عم(4).

      وبما أن ميمونة أمها هي بنت أبي سفيان صخر الأموي فإن أبا سفيان صخر جدها من قبل أمها فيكون يزيد بن معاوية بن أبي سفيان من طبقتها وهو ابن خالها وهي ابنة عمته، ومن هنا جاء النداء من معسكر عمر بن سعد الزهري يوم عاشوراء لعلي الأكبر أن لك مع يزيد رحماً فإن شئت أمناك(5).

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) النقاخ: ألماء الصافي البارد.

(2) غرنا: أتينا الغور، ابتعدنا.

(3) راجع تهذيب التهذيب: 1/108.

(4) علي الأكبر للمقرم: 15 عن الإصابة: 4/130.

(5) المجالس الحسينية: 128.

(151)

 

      وبما أن ليلى الثقفية كانت بنت خالة عمر بن سعد الزهري قال الإمام الحسين عليه السلام مخاطباً ابن سعد حين قتل ابنه علي أكبر: «قطع الله رحمك»(1).

      أما بالنسبة إلى وفاتها فإنها تتوقف على مسألة حضورها كربلاء أو عدم حضورها وعلى فرض عدم حضورها وعلى فرض عدم حضورها فهل ذلك دليل على وفاتها قبل ذلك، وهذا ما يجب البحث عنه، ونقول فإن ثلة من المؤلفين ذهبوا إلى أنها لم تحضر كربلاء وآخرون ذكروا عدم حضورها، والمنكرون أستدلوا على عدم حضورها بعدم ذكرها في معركة الطف، والمصادر متوقفة على ذكر وفاتها وحضورها، فمن هنا ذهبوا إلى القول بعدم حضورها ومعظمهم بنوا على أنها كانت، إذا المتوفاة قبل هذا التاريخ حيث لم يجدوا ما يبرر بقاءها في المدينة مع رحيل زوجها الإمام الحسين عليه السلام ورحيل نجلها الوحيد علي الأكبر، وهذا التوجه في موقعه، ومع هذا فإن قسماً منهم لم يؤكدوا وفاتها قبل معركة الطف بل جزموا بعدم حضورها، وفي هذه المجموعة التي تستدل على عدم حضورها كربلاء لعدم وجود ذكر لها في معركة الطف استدركوا الأمر فقالوا: لعدم ذكرها في الكتب والمصادر المعتبرة، خوفاً من الادعاء عليهم بأن عدم إيجادهم لا يدل على عدم الوجود.

      وأما المدعون حضورها فقد اعتمدوا على عدد من النصوص التي وردت في هذا المجال والتي تؤكد حضورها وتبين مواقفها في هذه المعركة وبالأخص عندما خرج نجلها الوحيد علي الأكبر عليه السلام.

      نعود ونقول من جديد أن اعتبار مصدر أو عدم اعتباره للقول بأنه مصدر معتبر يعود إما إلى أصل وإما إلى مؤلفه فإن اعتمد الأول وهو الكتاب نفسه فإنه يعتمد على أحد وجهيه من الشك بانتسابه إلى مؤلفه أو العلم بعدم انتسابه، وهذا لم يحدث في هذا المجال، وأما لأن الكتاب فيه أكاذيب وأقوال غير مستندة إلى الرواة المتصفين بالوثاقة، وفي هذا المجال لم يصدق لأن الذين استندوا إلى ذلك اعتمدوا على هذه المصنفات في موارد أخرى.

ــــــــــــــــــــــ

(1) وهناك من قال إن الإمام عليه السلام أراد بذلك قطع نسله، راجع وسيلة الدارين:292.

(152)

 

      وأما أن الاعتبار يراد به مؤلف الكتاب فلو ألفه من هو معتمد أو معتبر كتابه فمؤلفه وكتابه معتمدان ومعتبران، وهذا أيضاً لا يصدق فإن الكثير من الكتب المعتمدة على اعتماد أصحابها، فيها ما هو مرفوض كما في الكافي والبحار بل كل مؤلفات أو أن للمعتمدين والمعتبرين كتباً لا يعتمد عليها، السبب إذ لاشك أن كتاب من ليس بصدوق لا اعتبار له كما لا اعتبار نعتمد على وجود النص فإن وجدنا ما يناقضه من القول هناك جاء مجال المصادر حتى وإن كانت معتمدة لا يدل على عدم وجودها لاحتمال أن المصادر الأخرى لم تكن في متناول مؤلفه، وإذا ما ذكرت بعض هذه المصادر بأنني لم أعثر على نص بذلك هو الآخر لا يدل على عدم صحة القول الآخر الذي يذكر الحادث أو القصة إن دليل الوجود مقدم على دليل النفي.

      هذا من جهة ومن جهة أخرى أننا في التاريخ يكفينا الاعتماد على ما ورد عدم تناقضه مع نص آخر، أو عدم تطابقه مع العقل، أو العرف، وإلا لنسف التاريخ بأسره إذا ما أريد الاعتماد على الرجال والدراسة والأصول ذكره أحدهم ثم جاء آخرون نقلوا عنه وأصبح مشهوراً بين الناس فلا حجة لمثل هذا المشهور في قبال من لم يتمكن من طباعة كتابه ونشره قبل ذاك أو لم يطبع أصلاً، فمثل هذا المشهور حاله حالما يجري العمل به في الكثير من قضايا الولادات والوفيات بالنسبة إلى المعصومين عليهم السلام حيث يعمل في بلد في وقت ما اعتماداً على قائد أو عالم ثم يشاع فيصبح مشهوراً بين الناس من دون تحقيق كما في وفاة السيدة فاطمة الزهراء عليه السلام ووفاتها في 13جمادى الأولى والذي شاع بين الناس بينما العلماء المحققون كانوا يحتفلون بوفاتها في الثالث من جمادى الثانية أعتماداً على تحقيقاتهم العلمية والقرائن المحفوفة بالحدث بالإضافة إلى وجود روايتين عن الصادقين عليهما السلام خلافاً للأول الذي اعتمد قول بعض المؤرخين، وكذا الحال في ولادة الإمام الحسين عليه السلام الذي اشتهر بأنه في الثالث من شعبان

(153)

 

بينما التحقيق وتطبيق أيام الشهر بأيام الأسبوع والأٌقوال يصادف يوم الخامس من شعبان.

      ومن هنا فإن المؤلف يجب أن يكون دقيقاً في كلامه ولا يعتمد على أول كتاب أو مصدر اطلع عليه بل لا بد من مراجعة الأمر بدقة، ويتأنى بالحكم في ذلك، وهنا لا مجال لإجراء أصل العدم ليضع نفسه موضع الشك في المقولة المنقولة ليقول الأصل عدم النقل، ولا يخفى أن تعدد المصادر التي رافدها مصدر واحد لا يوجب قوة المسار، بل اعتماد المحققين على ما نقله المؤرخ هو المعنى إذا كان قد اطلع على القول الآخر وإلا فان عدم اطلاعه لا يدل على عدم وجوده، واليوم ظهرت مؤلفات كانت في غياهب السجون والصناديق والملاجئ وكانت محتكرة لدى خزانها فلا بد من أخذ هذا بعين الاعتبار، والتشكيك فيها يوصلنا إلى التشكيك بتلك أيضاً والكلام حول هذا الموضوع شائك وطويل وهنا نود أن ننقل ما ورد في المصادر التي في متناولنا مع تاريخ وفاة كاتبها ليتبين تقدم أحدهما على الآخر واعتمادات النقلة، تاركين المصادر التي لم تذكر حضورها أو وفاتها لأنها لا تقدم ولا تؤخر لنا في الأمر شيئاً، بل نذكر فريقين من المصادر،المصادر التي ذكرت حضورها، والمصادر التي ذكرت عدم حضورها كربلاء لنعرف من بينها الحقيقة، أو ما لا ينافيها على أقل التقادير.

      مصادر النفي نذكرها حسب وفاة المؤلف:

      1ـ قمقام زاخر: 2/653 للحاج فرهاد بن عباس القاجاري (1233ـ 1305هـ) حيث قال ما ترجمته: «في حين التأليف لم أطلع على أحوال ليلى أم علي الأكبر»(1).

      2ـ لؤلؤ ومرجان: 90للشيخ حسين بن محمد تقي النوري (1254ـ 1320هـ) حيث قال ما ترجمته: «ما يتناوله الخطباء بأن الإمام حينما توجه علي الأكبر إلى ساحة القتال توجه هو إلى أمه ليلى وقال: قومي واذهبي

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) النص أتى بعد التحدث عن علي الأكبر وأنه لا عقب له وبما أنه يذكر أمهات الشهداء فذكر ما يلي ونصه بالفارسية: «ودر حين تأليف أز أحوال ليلى مادر علي أكبر چيزي بنظر نرسيده». ومن هنا توقف عند هذا الحد ليذكر سائر أولاد وزوجات سيد الشهداء.

(154)

 

إلى خلاء وادعي لولدك فإني سمعت من جدي أنه قال: دعاء الأم في حق ولدها يستجاب، إلى آخره تمامه كذب»(1).

      3ـ منتخب التواريخ: 271 للشيخ محمد هاشم بن محمد علي الخراساني (ن1309ـ 1352هـ) حيث قال ما ترجمته: «اعلم لا يعلم أن الوالدة المكرمة لعلي الأكبر ليلى حضرت كربلاء بل لا يعلم أن هذه السيدة كانت على قيد الحياة حين وقعت معركة الطف»(2).

      4ـ الكبريت الأحمر: 187 للشيخ محمد باقر بن حسن البيرجندي (1276ـ 1352هـ) حيث قال ما ترجمته: «حضور والدة علي أكبر في كربلاء لم يذكر في أي كتاب معتمد، ولا عبرة بما أورده صاحب كتاب مهيج الأحزان بأن أمه وأخواته أتين إلى مكان مصرعة»(3).

      5ـ منتهى الآمال: 1/294 للشيخ عباس بن محمد رضا القمي (1294ـ 1359) حيث قال ما ترجمته: «ويبقى هنا سؤال وهو هل كانت أمه حاضرة في كربلاء أو لا؟ الظاهر عدم حضورها هناك، ولم أجد في الكتب المعتبرة شيئاً، وأما ما اشتهر من أن الحسين عليه السلام جاء إلى أم علي الأكبر بعد ذهابه إلى الميدان وقال لها قومي وادعي لولدك فإني سمعت جدي رسول الله ص يقول: إن دعاء الأم مستجاب في حق ولدها، فإنه

ــــــــــــــــــــــــــ

(1) أورد النوري في مقام عدم جواز الكذب على الخطباء في التعزية ومثل بما يذكر من على المنابر عن قول الإمام الحسين عليه السلام لأم علي أكبر ما نصه بالفارسية: «آنچه روضه خوان مي خواند كه بعد از رفتن علي أكبر به ميدان وآمدن ان حضرت به مادرش ليلى فرمود: برخيز برد درخلوت ودعاكن براي فرزندت، كه من ازجدم شنيدم كه مي فرمود: دعاي ما در در حق فر زند مستجاب مي شود» تا آخر آن، كه تمام دروغ است».

(2) ذكر النص بعد ما تحدث عن سقوط علي أكبر في المعركة وقال بالفارسية ما نصه: «بدانكه: معلوم نيست والده ي مكرمه ي حضرت علي أكبر ليلى در كربلاء حاضر بوده بلكه معلوم نيست در وقعه ي طف ابن مخدره حياة داشته».

(3) نصه الفارسي كما نقل في كتاب علي أكبرشبه المصطفى: 16 كالتالي: «بودن مادر علي أكبر در كربلاء در هيج كتاب معتبري ذكرنشده، واعتباري نيست به كلام صاحب كتاب مهيج الأحزان كه ما دروخواهران أو برسر نعش أو آمدند».

(155)

 

كذب محض من أوله إلى آخره قاله شيخنا»(1) وأراد بالشيخ هو الشيخ حسين بن محمد تقي النوري (1254ـ 1320هـ).

      6ـ نفس المهموم: 286 للشيخ عباس بن محمد رضا القمي (1294ـ1359هـ) حيث يقول ما نصه: «وأما أمه هل كانت في كربلاء أم لا؟ لم أظفر بشيء من ذلك والله العالم».

      7ـ وقائع الأيام: 2/443 للشيخ علي بن عبد العظيم الخياباني (1282ـ 1367هـ) حيث يقول ما نصه: «وأما أمه هل كانت في كربلاء أم لا لم أظفر بشيء من ذلك والله العالم».

      8ـ علي الأكبر ابن الشهيد: 16 للسيد عبد الرزاق بن محمد المقرم (1316ـ 1391هـ) حيث يقول ما نصه: «ولم يظهر لنا سنة وفاتها ولا مقدار عمرها ولا حضورها في مشهد الطف وأن نسبة الدربندي ـ الآتي ذكره ـ في أسرار الشهادة إلى بعض المؤلفات المجهول صاحبها، مع أن المؤرخين أجمع أهملوا ذكرها، ولعلها كانت متوفاة قبل الطف».

      9ـ الملحمة الحسينية 1/18 للشيخ مرتضى بن محمد حسين المطهري (1338ـ 1400هـ) حيث يقول: هناك نموذج آخر للتحريف في وقائع عاشوراء وهو القصة التي أصبحت معروفة جداً في القراءات الحسينية والمآتم وهي قصة ليلى أم علي الأكبر. هذه القصة لا يوجد في الحقيقة دليل تاريخي واحد يوكد وقوعها. نعم فأم علي الأكبر موجودة في التاريخ واسمها ليلى بالفعل ولكن ليس هناك مؤرخ واحد يشير إلى حضورها لمعركة كربلاء. ومع ذلك فما أكثر المآتم التي تقرأ لنا قصة احتضان ليلى لابنها علي الأكبر في ساحة الوغى! والمشهد العاطفي الخيالي المحض! حتى إنني حضرت شخصياً في قم مجلساً حسينياً أقيم باسم آية الله

ــــــــــــــــــــــــ

(1) منتهى الآمال المعرب: 1/675 وأما نصه بالفارسية: «وآيا والده ي آن جناب در كربلاء بوده يا نبوده؟ ظاهر آنستكة نبوده، ودر كتب معتبره نيافتم در ابن باب چيزى، واما آنچه مشهور است كه بعد از رفتن علي أكبر عليه السلام به ميدان حضرت حسين عليه سلام نزد مادرش ليلى رفت وفرمود بر خيز وبرو در خلوت دعاكن براي فرزندت كه من أز جدم شنيدم كه مي فرمود دعاي مادر در حق فرزند مستجاب ميشودـ إلى آخره ـ بفرمايش شيخ ما تمام دروغست».

(156)

 

البروجردي(1)، دون أن يكون هو حاضراً بالطبع، وقد سمعت في هذا المجلس أن علياً الأكبر نزل إلى ساحة الوغى وإذاً بالحسين يتوجه إلى أمه ليلى ويطلب منها الدخول إلى أحدى الخيم ونثر شعرها والتوجه إلى ربها بالدعاء ليرجع ابنها سالماً أليها! فإني سمعت جدي رسول الله يقول بأن دعاء الأم بحق ابنها مستجاب! فهل هناك تحريف أكثر من هذا. أولاً ليست هناك ليلى في كربلاء حتى يحدثها الإمام. ومن ثم ثانياً هل هذا هو منطق الحسين في المعركة؟ أبداً فمنطق الحسين يوم عاشوراء كان يجد استأذنه بالقتال أذن له كما تذكر كل الروايات: «فآستأذن في القتال أباه فأذن له»(2). ولكن رغم ذلك ما أكثر الأشعار التي نظموها بحق ليلى وابنها في خيم كربلاء!!(3).

      10ـ فرسان الهيجاء للشيخ ذبيح الله بن محمد علي المحلاتي (1310ـ 1406هـ) حيث قال ما ترجمته: «وأما حضور ليلى كربلاء، وعلى فرض حياتها أنها بقيت في المدينة لم أطلع لحد الآن على ذلك، وأما ما يقرأ ـ من على المنابرـ أن الإمام الحسين عليه السلام أمر ليلى أن تدعو لولدها ـ علي الأكبر ـ فقد صرح الشيخ النوري لا أصل له، وهذا كذب، وهناك العديد من المؤرخين ذكروا بأنها توفيت قبل حدوث وقعة كربلاء، ولا يعلم كم عاشت في الدنيا، والله العالم»(4).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) البروجردي: هو حسين بن علي الطباطبائي (1292ـ 1380هـ) ولد في بروجرد، توفي ودفن فيها، من أعلام الإمامية وفقهائها البارزين، تتلمذ على السيد أبي القاسم الكاشاني والسيد محمد كاظم الخراساني وشيخ الشريعة الاصفهاني. من مؤلفاته: أحاديث الشيعة، كتاب الطبقات.

(2) الملهوف: 47.

(3) راجع حماسة حسيني: 1/24 (النص الفارسي).

(4) جاء النص الفارسي كالتالي: «واما بودن ليلى حر زمين كربلا بلكه زنده بودن او لو بعد مدينة تاكنون بنظر نرسيده وآنچه را كه ميخوانند امر كردن حسين ليلى را كه در حق علي دعاكن حاجي نوري ميفرمايدد أصلي ندارد واين نسبت دروغ است وبسياري از ارباب التواريخ وفات ليلى را قبل از وقعة كربلاء نوشته اند، معلوم نيست در دنيا چقدر زندگاني كرده است، والله العالم».

(157)

 

      11ـ  قاموس الرجال: 7/422 للشيخ محمد تقي بن كاظم التستري (1320ـ 1415هـ) حيث يقول: «ولم يذكر أحد من السير المعتبرة حياة أمها يوم الطف، فضلاً عن شهودها، وإنما ذكروا شهود الرباب أم الرضيع وسكينة».

      وأما المصادر التي ذكرت السيدة ليلى بما يرتبط بوقعة الطف فهي كالتالي:

      1ـ الإقبال: 574 للسيد علي بن موسى (ابن طاوس) (589ـ 664هـ) حيث روى زيارة الناحية بسلسلة رواته عن الناحية المقدسة سنة 252هـ يقول الحجة ابن الحسن العسكري عليه السلام في جملة زيارة علي الأكبر: «حكم الله لك على قاتلك: مرة بن منقذ بن النعمان العبدي لعنه الله وأخزاه ومن شركة في قتلك، وكانوا عليك ظهيراً وأصلابهم الله جهنم وساءت مصيراً، وجعلنا الله من ملاقيك ومرافقيك، ومرافقي جدك وأبيك وعمك وأخيك، وأمك المظلومة، وأبرأ إلى الله من أعدائك أولي الجحود».

      2ـ نور العين في مشهد الحسين: 27 للشيخ يعقوب بن إسحاق الإسفراييني (230ـ 316هـ) ما نصه: «فرقهم ـ الحسين ـ عن ولده وبكى عليه بكاءً شديداً وقال: يا بني يعز علي فراقك وحمله عند القتلى وصارت أمه سهرانة ولهانة وهي تنظر إليه وتبكي وزينب تنادي واحبيباه».

      3ـ الأغاني: ../... للمؤرخ علي بن الحسين (أبو الفرج) الاصفهاني (284، 356هـ) ما نصه: روى الراوي قائلاً: كنت أطوف في سكك المدينة وأنا على ناقة لي حتى أتيت دور بني هاشم فسمعت من دار رنة شجية وبكاءً وحنيناً فعرفت أنها أمرأة وهي تبكي وتنوح وترثي كالمراة الثكلى بحيث أن الناقة لما سمعت لم تبق لها طاقة، فبركت فنزلت ووقفت أنتظر أحداً أسأله عن الدار وعن الباكية فعند ذلك أقبلت جارية فتقدمت أنتظر أحداً أسأله عن الدار، وعن الباكية فعند ذلك أقبلت جارية فتقدمت إليها وسألتها لمن هذه الدار: قالت: لقد قتل صاحبها وهو الحسين عليه السلام فقلت من هذه الباكية، قالت: هي ليلى أم علي الأكبر، لم تزل تبكي ابنها ليلاً ونهاراً»(1)

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) لقد رواها معالي السبطين: 1/418قائلاً: حكي عن بعض الكتب، ونقلها رياحين الشريعة: 3/279 عن الأغاني، إلا أنه لم يذكر بأي جزء وأية صفحة، راجع كتاب علي أكبر شبيه المصطفى: 18.

(158)

 

      4ـ مناقب آل أبي: 4/109 للشيخ محمد بن علي (ابن شهرآشوب) المازندراني (488ـ 588هـ) حيث يقول: «فضربوه بالسيف، فقال الحسين: على الدنيا بعدك العفا وضمه إلى صدره وأتى به إلى باب الفسطاط، فصارت أمه شهربانويه(1) ولهى تنظر إليه ولا تتكلم فبقي الحسين وحيداً وفي حجره علي الأصغر..».

      5ـ روضة الشهداء: 425 لملا حسين بن علي الكاشفي (ن 830ـ 910هـ) حيث قال ما ترجمته: «الامام الحسين عليه السلام حمل ـ أبنه ـ على فرس ـ العقاب  وأتى به إلى باب الخيمة وأمه وأخواته رفعوا صوتهم بالعويل ورثته»(2).

      6ـ تهذيب الفوادح الحسينية للشيخ حسين بن محمد الرزاي (....ـ 1216هـ) حيث يقول(3) «لما خرج بكر بن غانم إلى علي الأكبر تغير وجه الحسين عليه السلام فقالت أمه ليلى سيدي هل أصيب ولدي، قال: «لا يا ليلى ولكن قد خرج إليه من أخاف عليه منه فأدعي له فأني سمعت من جدي فكشفت رأسها ودعت له ولعنت بكراً ورفعت يدها نحو السماء، فوقعت معركة شديدة ما بين علي وبكر فالتفت علي إلى ما تحت أبي بكر وقد انخرق درعه فضربه علي فقطعه نصفين»(4).

      7ـ أسرار الشهادة: 2/515 للشيخ آغا بن عابد الدربندي (1208ـ 1285هـ) حيث يقول: «في رواية عبد الله بن سنان الكوفي عن أبيه عن جده ظريف: «فبينما أنا أنظر وإذا بشاب قد خرج ـ من أبيات بني هاشم في المدينة  ـ كأنه البدر الطالع ومعه أمرأة وقد حفت بها إماؤها فأركبها

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) شهر بانويه: خلط بين علي أكبر وعلي السجاد عليه السلام.

(2) جاء نصه بالفارسية كالتالي: «إمام حسين عليه السلام أو را برأسب عقاب بسته به در خيمة آورد ومادر وخواهرانش زاري در گرفتند وبراي وي مرثيه هامي خوا ندند».

(3) وجاء نصه الفارسي كالتلي: «از بعضي كتب استفاده ميشود ما در علي اكبر نيز بيرون آمد وفرياد وا ولداه بر كشيد وخود را بر نعش فرزند انداخت امام در أو را به خيمه برگردانيد» ـ راجع علي أكبر شبيه المصطفى: 14.

(4) نقلاً عن مشهد الحسين: 2/12، وقريب منه معالي السبطين: 1/417 وسيأتي.

(159)

 

ذلك الشاب في محمل قالت عنه وعنها فقيل أما الشاب فهو علي الأكبر ابن الحسين عليه السلام والمرأة، أمه ليلى زوجة الحسين عليه السلام ثم أركبوا بقية الحرم والأطفال»(1).

      ويقول: «طلب بن الحسين ـ البراز يبرز أليه أحد فهتف عمر بن سعد ببكر بن غانم، وندبه فبرز أليه، فلما برز تغير لون الحسين عليه السلام فقالت ليلى أم علي لم تغيرك يا سيدي، لعله قد أصابه شيء؟ قال: لا ولكن قد برز إليه من يخاف عليه منه، فادعي لولدك علي فإني سمعت من جدي رسول الله ص : أن دعاء الأم يستجاب في حق ولدها» فجردت رأسها وهي في الفسطاط ودعت له إلى الله عز وجل بالنصر عليه»(2).

      8ـ مهيج الأحزان: للشيخ حسن بن محمد علي بن اليزدي (ن 1188ـ 1245هـ) حيث قال ما ترجمته: «إن أم علي الأكبر وأخواته حضرن على جثمانه»(3).

      9ـ تذكرة الشهداء: 213 للشيخ حبيب الله بن علي مدد الكاشاني (1262ـ 1301هـ) حيث قال ما ترجمته: «يستفاد من بعض المؤلفات أن أم علي الأكبر خرجت مع من خرج على جثمان ابنها فكانت تنادي وا ولداه وألقت بنفسها على جهة ابنها فأرجعها الإمام إلى خيمتها»(4).

      10ـ ذخيرة الدارين: للسيد عبد المجيد بن محمد رضا الحسيني (1280ـ 1356هـ) حيث يقول: «إن ليلى أم علي الأكبر ـ كانت واقفة كالمدهوشة تدعو له في الفسطاط»(5).

      11ـ معالي السبطين: 1/417ـ 418 للشيخ محمد مهدي بن عبد

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أسرار الشهادة: 2/506.

(2) نقل الأسرار عن بعض التأليفات.

(3) جاء في علي أكبر شبيه المصطفى: 16 عن مهيج الأحزان: «مادر وضواهران أو بر سر نعش أو امدند».

(4) راجع علي أكبر شبيه المصطفى: 15.

(5) مشهد الحسين: 1/50.

(160)

 

الهادي المازندراني (1293ـ 1384هـ) حيث يقول: «فلما خرج إليه ـ بكر بن غانم ـ تغير وجه الحسين عليه السلام فقالت أمه ليلى: يا سيدي ولعله قد أصابه شيء، قال: لا،  ولكن قد خرج إليه من أخاف عليه فآدعي له فإني قد سمعت من جدي رسول الله ص: إن دعاء الأم يستجاب في حق الولد فكشفت رأسها ودعت له ولعنت بكراً» ثم قال: «وفي خبر دعت ليلى بهذا الدعاء يا راد يوسف على يعقوب من بعد الفراق وجاعله في الدهر مسروراً، ويا راد إسماعيل على يعقوب من بعد الفراق وجاعله في الدهر مسروراً، ويا راد إسماعيل إلى هاجر إلهي بعطش أبي عبد الله، إلهي بغربة أبي عبد الله، آمنن علي برد ابني» ـ إلى أخره ـ.

      12ـ أسرار الشهادة: للشيخ محمد بن محمد مهدي الأشرفي (1291ـ 1315هـ) قوله: لما قتل علي الأكبر خرجت ليلى حافية حاسرة مكشوفة الرأس تنادي واولداه» ثم قال المازندراني: «ويؤيده ما ورد في بعض الكتب المعتبرة: فقاتل علي بن الحسين عليه السلام حتى قتل، وكانت أمه واقفة بباب الفسطاط تنظر إليه ـ إلى آخره ـ»(1).

      13ـ مشهد الحسين: 1/49ـ 63و 2/10ـ 14 للشيخ عبد المجيد بن حميد الهر (1328ـ 1409هـ) حيث بقول نقلاً عن مخطوطات بني أسد: «كانت لعلي الأكبر عناية خاصة لآمه ليلى وكان يتولى ركوبها ونزولها بنفسه حتى وصلوا كربلاء، ولما كان مراهقاً كان في كل يوم بعد صلاة الغداة يأتي إلى أمه ليلى فيقبل يدها ثم يسألها حاجتها فيقضيها، واستمرت هذه العادة حتى صبيحة يوم عاشوراء فأكثر ذلك اليوم من تقبيل يدها فقالت له: بنفسي أنت، أراك اليوم تكثير التقبيل، فقال: نعم يا أماه هذا يوم الوداع فخنقتها العبرة غير أنها لزمت السكوت» ويضيف عن المصدر قائلاً: «إن الحسين كان واقفاً على مرتفع بقرب باب الخيمة ينظر إلى قتال ولده، وليلى كانت تكثر التردد من خيمتها إلى موقف الحسين عليه السلام وتنظر إلى وجهه الشريف وتكتسب من رؤية وجهه الكريم سلامة ولدها فنظرت إلى وجهه الكريم وإذا تغير فقالت أمه ليلى يا سيدي ولعله قد أصابه بشيء قال: لا، ولكن خرج أليه من أخاف عليه منه، إنه بكر بن غانم كعمرو بن ود العامري في شجاعته وإني أخشى على ولدي منه، قالت

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) نقلاً عن معالي السبطين: 1/417.

(161)

 

يا سيدي أنا والدته فما الذي عمل لسلامة ولدي من هذا اللعين، قال عليه السلام: فأمضي إلى خيمتك وأدعي لولدك لينتصر على بكر بن غانم ويقتله ويعود إليك لتتزودي من النظر إليه وتودعيه وداعه الأخير ـ إلى أن يقول ـ فقاتل وقتل فبادرت ليلى من الخيمة ومضت نحو نعش ولدها علي(1) إلى أن يقول ـ إن ليلى حملت مع الأسرى من كربلاء إلى الكوفة ومنها إلى الشام وعادت من الأسر إلى كربلاء ومنها إلى المدينة المنورة، وكانت على طول الطريق عليلة مريضة وكانت لا تنفك عن النوح والبكاءـ إلى أن يقول ـ : قالت زهرة الأسدية وهي ممن تسكن الحائر الحسيني: مضينا إلى حج بيت الله أنا ونفر من أرحامي عام 63هـ، ثم وردنا المدينة وأتينا محلة بني هاشم ودخلنا على الهاشميات اللواتي وردن كربلاء في عشرين من صفر ثم دخلنا على ليلى بنت أبي مرة وكانت مريضة فسلمنا عليها وقد عرفت أننا قد التقينا معها في كربلاء، وبعد ثلاثة أيام قضت نحبها ودفنت في البقيع في السابع من ربيع الثاني من نفس العام واقيمت لها المآتم والعزاء، ماتت وهي مظلومة»(2).

      بالمقارنة مع النصوص الواردة في هذا الباب يتبين أن النافين لوجودها في كربلاء على إضراب فقسم ينفي وجود ذكر لها في أي مصدر من المصادر، وقسم ينفي وجود ذكر لها في مصدر معتمد، وعباراتهم شتى فبالنسبة إلى أقدم النصوص هو نص فارسي لفرهاد ميرزا القاجاري المتوفى سنة (1305هـ) أنه ينفي الاطلاع على حياة السيدة ليلى عامة وهذا لا يدل على عدم الوجدان.

      وأما الشيخ النوري فالظاهر أراد كذب نسبة هذه الرواية إلى الإمام الحسين عليه السلام ومن ثم عن الرسول ص، وليس مضمونها، لان مضامين مثل هذه الرواية وردت في روايات أهل البيت عليهم السلام حيث إن دعاء الوالدين في حق الأولاد مستجاب، وقد ورد بهذا المضمون ومن ذلك رواية الإمام الصادق عليه السلام عن آبائه عليهم السلام عن رسول الله ص: «أربعة لا ترد لهم دعوة وتفتح لهم أبواب السماء، وتصير إلى العرش: دعاء الوالد لولده،

ــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع مشهد الحسين: 1/63و 2/13.

(2) مشهد الحسين: 2/14.

(162)

 

 

والمظلوم على من ظلمه، والمعتمر حتى يرجع، الصائم حتى يفطر»(1) ولا يخفى أن المراد بالوالد هو الأب والأم كما بالولد الابن والبنت.

      وأما أن يكون إنكاره لكشف رأسها للدعاء فقد ورد أن السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام لما دخلوا دارها بغرض أخذ البيعة من علي عليه السلام لأبي بكر، قالت لهم: «والله لتخرجن أو لأكشفن شعري ولأعجن إلى الله» فخرجوا وخرج من كان في الدار(2) ومع الأسف فإن الشيخ النوري لم يذكر دليلاً على كذب ذلك ولم يفصح عن السبب الذي دعاه إلى مثل هذا القول، وكان بإمكانه إن وردت الرواية في مصدر من المصادر المتقدمة جعلها من المراسيل كما هو ديدن الفقهاء والمحدثين إذا لم يكن النص مناقضاً لشرع أو على نصها في كتب الرواية التي في متناوله ثارت ثائرته، ونحن بدورنا لا نصر على صحة الرواية أو عدم وضعها بل نترك الأمر إلى التحقيق، ففي الموارد التاريخية نأخذ بما ورد ما لم يكن منافياً للشرع أو العقل أو العرف في تاريخ حدوث الحدث، وأما إذا كان يؤسس عليه كنص شرعي ورد من الأصول وربما في بعض الموارد تطرق باب التسامح في أدلة السنن التي لها شروطها ومواردها، ولعل هذه منها، ولا يخفى أن الشيخ النوري مع جلالته هو من  المتأخرين، ورغم أنه من المحدثين المحققين فإنه يعتمد في كتابه دار السلام على أقل من ذلك، ، ومع هذا فلا ننكر له قولاً ولكن نرده إلى التحقيق للوصول إلى ما يقرب الحقيقة أو الواقع.

      وأما صاحب المنتخب فإنه ينفي العلم عن حضورها كربلاء أو بقائها على قيد الحياة إلى حين وقوع معركة الطف الحزينة، وعدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود، فإذا ما ذكر حضورها وحياتها في بعض المصادر أذا لم يعارض نصاً صريحاً فلا يمكن نفيه، ولا يخفى أنه أيضاً من المتأخرين.

      وأما صاحب الكبريت فإنه لا ينكر وجود بعض النصوص على حضورها

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بحار الأنوار: 90/254 عن أمالي الصدوق: 159.

(2) تاريخ اليعقوبي: 2/126. والمراد لأكشفن أي لاكتشفن رأسي للدعاء.

(163)

كربلاء ولكنه ينفي الوثاقة عن المصادر التي نقلت هذه النصوص، إلا أن في ذاك تعميماً ولا نعلم أذاً كانت جميع المصادر التي اطلعنا عليها في متناوله أم لا؟ ومن ثم إنه ينفي اعتبار كتاب مهيج الأحزان، ولا يخفى أن هذا العنوان لم يكن في متناول يدي لاطلع على النص وعلى مؤلف الكتاب، أهو السيد عبد الله بن محمد رضا شبر الحسيني المتوفى سنة 1242هـ أم هو الشيخ حسن بن محمد علي اليزدي الحائري المتوفى بعد عام 1242هـ، والظاهر أنه أراد به الثاني حيث جاء في فهرس المراجع من المصدر الذي ورده نصه: «أنه للشيخ حسن اليزدي»، وفي الواقع لم أفهم نفي الاعتبار بما ورد في الكتاب ألكون مؤلفه لا اعتبار له والذي هو من أجله الفقهاء والزهاد ومن أصحاب الكرامات ومن أبرز تلامذة السيد علي الطباطبائي صاحب الرياض ونجله السيد محمد المجاهد، وقد اثنى التنكابني على فضله وورعه كثيراً(1) وقال عنه الطهراني: كانت له عند الناس على اختلاف طبقاتهم مكانة سامية ومقام رفيع وكان له اهتمام بالوعظ والإبكاء وإقامة العزاء وكان يستفيد من وعظه الخواص والعمام(2) أم أن النص لا اعتبار له والمؤلف لم يحقق فيه، فإن كان الأول فلا يصح لأن مقامه أرفع من التشكيك بشخصه، وإن كان الثاني فلأقل إنه لم يكن نقله من اللامبالاة بل لعله محقق عنده، فلا ينبغي الطعن به بهذا الشكل ومن دون دليل وهو الفقيه المتجرين إلا أنه كما يبدو كان متأثراً بأستاذه الشيخ النوري السابق الذكر من دون تحقيق على ما يظهر حيث لم يبين سبب عدم اعتبار ما ورد في المهيج الأحزان الأخبار المعتبرة في المصيبة، وكان له اليد الطولى في ذلك(3).

      وأما القمي في المنتهى والنفس، ففي الثاني لم يظفر على نص يدل على حضور السيدة ليلى في كربلاء، وكان فراغه من الكتاب سنة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) قصص العلماء: 101 وعنه الكرام البررة: 1/346.

(2) الكرام البررة: 1/346.

(3) جاء في قصص العلماء: 101 ونصه الفارسي: «واز تأليفات أو كتاب مهيج الأحزان است كه أخبار معتبرة مصيبت را درآن جمع نموده، ونهايت اهتمام تمام در اخبار داشته».

(164)

 

1335هـ، ولكنه في الأول والذي فزع منه سنة 1350هـ أطلع على كتاب اللؤلؤ والمرجان المؤلف سنة 1319هـ فإنه بحكم ملازمته لأستاذه الشيخ النوري تأثر به وطرح مسألة حضورها في دائرة الشك، ونقل كلام أستاذه دون أن يعلق إلا بقوله: «ولم أجد في الكتب المعتبرة شيئاً» والظاهر أنه استنتج من كلام أستاذه وجود من يقول ذلك إلا أنه لا اعتبار لقولهم، وهذا لم يستند إلى تحقيق.

      وأما صاحب الوقائع فإنه نفى العلم بذلك وعدم اطلاعه على حضورها حسب الكتب التي كانت في متناول يده، وهذا لا يدل على الوجود، ومن هنا لم ينفِ ذلك.

      وأما المقرم فإن في كلامه نظراً، ومع أنه من المتأخرين إلا أن له باع في التحقيقات فإن كلامه ورفضه ليسا موضوعين لأن عدم الظهور لا يدل على عدم الوقوع، ويبدو أنه لا يرتاح إلى ما ينقله الدربندي في أسراره وبالأخص لأنه نقل عن بعض المؤلفات التي لم يورد اسمها أو مؤلفها، والحق معه في أن المصدر غير المعروف عنوانه ولا مؤلفه لا يعد من الكتب المعتمدة أو المعتبرة، ولكن قوله: «إن المؤرخين أجمع أهملوا ذكرها» غير مقبول وذلك لأمرين.

      الأول: إن المؤرخين لم يذكروا الكثير من تفاصيل الأحداث والوقائع، وإذا ما وجد في بعض الكتب فيضرب عرض الجدار فهذا أمر مرفوض حتى منه قدس سره لأنه اعتمد في معلوماته على العديد من المعلومات التي لم توردها معظم المصادر، ومن المفترض إخضاعها للنقاش فإن كانت تنافي الشرع أو العقل أو العرف المتبع في عصر الحدث فترفض، وأما إذا لم تكن كذلك فتوضع في بقعة الإمكان التي أمرنا بها حيث جاء في المآثور: «كلما قرع سمعك فذره في بقعة الامتحان»(1).

      الثاني: ادعاء الإجماع بهذه السهولة، نعم إذا أراد معظم المؤلفات التي كانت في متناوله صح كلامه، وسوف ترى أن هناك العديد من

ـــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هناك نسبة إلى الإمام أمير المؤمنين عليه السلام إلا أننا لم نحصل على المصادر التي لدينا ولكن يذكر بأن هذه المقولة هي لابن سينا ونصه كالتالي: «كل ما قرع سمعك من العجائب فذره في بقعة الإمكان حتى يزودك عنه ساطع البرهان».

(165)

 

المؤلفات قد ذكرت هذا الأمر بغض النظر عن صحة ذلك أو اعتبار تلك المؤلفات.

      وأما بالنسبة إلى كتاب أسرار الشهادة ونقله عن كتاب يجهل مؤلفه فهذا أمر شائع حيث كان الكثير يؤلفون المصنفات ويزهدون في ذكر أسمائهم، أو أنهم  كانوا يبدأون بتحريرها دون أية مقدمة أو خاتمة، وقد لا يضعون وهذا ما يلاحظ في كتاب الذريعة وغيره من المؤلفات التي عنيت بالمؤلفات، وفي هذه الحال لابد من دراسة النص بغض النظر عن المؤلف والمؤلف.

      وأما الملحمة الحسينية: فهي مجموعة محاضرات ذكر الناشر لها (انتشارات صدرا) في النسخة الفارسية بعد استشهاد الشيخ المطهري سنة 1400هـ، بأنه استأذن من الهيئة المشرفة على نشر آثار الشيخ المطهري(1) وكانت هذه المحاضرة بالذات قد ألقاها في محرم سنة 1389هـ، وقد طبعت دون مراجعة قائلها، وعلى فرض صحة النسبة فإن الملحمة هذه فيها موارد أخرى يبدو أنها كانت مجرد خطاب دون تحقيق، والكلام الخطابي قد تكون فيه بعض الزلات ولا بد من تقويمها لدى التحرير.

      ومن جهة أخرى فإن في التعبير جزماً وقطعاً بعدم وجود أي دليل على حضورها كربلاء وتصريحه بعدم وجود مؤرخ واحد يشير إلى حضورها، وهذا أيضاً قطع في غير محله، ولعله لم يطلع على المصادر التي ذكرت ذلك، واستدلاله على عدم صحة واقعة حدثت بين ليلى وابنها علي الأكبر على الجزم بعدم حضورها، ففي المثل: «ثبت العرش ثم انقش» فعليه أن يثبت عدم حضورها ثم يمكنه ان يستدل بعدم صحة الحادثة، وأما استخفافة بمسألة الدعاء لأن الإمام في حالة الحرب يستوجب عليه التضحية والجهاد دون الالتجاء لدفع الخطر على أنصاره بالدعاء فالكلام مرفوض لأن منطق الدعاء مطلوب في كل حال وقد مارسه عليه السلام بنفسه، وفي أنه عليه السلام كان يجد.

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) حماسة حسيني:1/2. هذا وقد وصلتنا نسخة من كتاب كربلاء فوق الشبهات السيد جعفر مرتضى العاملي وهو في الرد على ما ورد في الملحمة الحسينية.

(166)

 

 العذر لكل من أنصاره لعدم الذهاب إلى المعركة ليس بمعومه صحياً أولاً وأنه في علي الأكبر لم يحدث مع علي الأكبر بل مع أمه المضطربة الولهانة ومن حقه أني خفف من هولها بالدعاء وهذا أسلوب حكيم فيه سياسة لا تتنافى مع تحقق الدعاء والموقف حيث تحقق ثم لما عاد الابن إلى المعركة قتل، ونحن معه في أن هناك الكثير من الأقوال الشائعة التي لا صحة لها، ولكن ضرب جميعها بعصا واحدة لا يصح عليماً.

      وأما صاحب الفرسان ينفي الاطلاع وهذا لا يتناقض مع الوجود، ثم يعتمد على كلام الشيخ النوري والكلام الكلام.

      وأما صاحب القاموس، رغم باعه الطويل في الرجال والأخبار والحديث لم يحدد لنا الكتب المعتبرة من غيرها وبالأخص في مادة التأريخ حتى يمكن الرد عليه وقد سبق وتحدثنا عن مسألة الاعتبار والاعتماد في أول البحث، والغالب على كل من تأخر عن الشيخ النوري أخذ بكلامه واعتمده لموقعه العلمي ولكنهم نسوا أنهم لا يلتزمون بآرائه في كثير من المجالات ومن تلك في مسألة تخص القرآن المنزل على الرسول ص حيث ذكر عن تلميذه الشيخ الطهراني(1) أنه أثبت فيه عدم تحريف بالزيادة والتغيير والتبديل وغيرها مما تحقق ووقع في غير القرآن، ولو بكلمة واحدة، لا نعلم مكانها، واختار في خصوص ما عدا الآيات الإحكام وقوع تنقيص عن إجمالاً من الأخبار التي ذكرها في الكتاب مفصلاً ثبوت النقص فقط، ويقول في رسالته: لا أرضى عمن يطالع فصل الخطاب ويترك النظر إلى تلك الرسالة: حيث ذكر في أول الرسالة الجوابية ـ على رد كشف الارتياب للشيخ محمود الطهراني ـ ما معناه: إن الاعتراض مبني على المغالطة في لفظ التحريف، فإنه ليس مرادي من التحريف التغيير والتبديل بل خصوص الإسقاط لبعض المنزل المحفوظ عند أهله، وليس مرادي من الكتاب القرآن الموجود بين الدفتين فإنه باق على الحالة التي وضع بين الدفتين في عصر

ــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الذريعة: 16/231.

(167)

 

عثمان ـ حيث لم ـ لم يلحقه زيادة ولا نقصان، بل المراد الكتاب الإلهي المنزل، ويقول الطهراني: وسمعت عنه شفاهاً أيضاً(1).

      ولكن العلماء والفقهاء لم يقولوا بالنقص أيضاً، فمن هنا الأخذ يقول الشيخ النوري من دون سبر وتحقيق لا يصح، وإن تقديس كلام الأعيان أمر مرفوض.

      والحاصل: إن كل من اعتمد على الشيخ النوري فهو قول واحد وكثرة النقل أو الاعتماد على شخص واحد لا يوجب تعدد الأقوال، ربما يوجب الاعتبار إن وقع عن تحقيق وإلا فلا، إذاً فالقول قولان، قول من لا اطلاع له وهذا لا ينافي القول القائل بحضورها، والقول الآخر المنسوب إلى النوري الذي نفاه وكذبه والذي نظن أن نفيه  جاء لأجل نسبة الرواية إلى المعصوم والله العالم.

      وأما بالنسبة إلى المصادر التي يفهم منها حضورها بالتصريح أو بالإشارة فأولها هو نص زيارة الناحية الصادر عن الإمام عليه السلام والذي يسأل الله لملاقاتها ووصفها بالمظلومة حيث يقول: «وجعلنا من ملاقيك ... وأمك المظلومة»، والمظلومية لا تصدق، إلا إذا كان هناك حدث وقع في حياتها وله ارتباط بواقعة الطف، وما أعظم ذلك الحدث أن يقتل نجلها ـ الذي هو أشبه الخلق برسول الله ص والذي كان يذكرهم به ص وكان وحيدها وعزيز والده ـ أمامها، واحتمال أنها مظلومة بسبب مقتله وانقطاع نسلها ولو بعد الوفاة بعيد غير متبادر إلى الذهن، واحتمال وقوع حدث آخر لا يناسب زيارة الناحية والله العالم.

      وأما نور العين فلا شك أنه من المصادر القديمة وأنه لا يمكن البت بأنه من الأصول المعتمدة كلياً لأن فيه أموراً غير دقيقة وربما يطابق ما نراه.

ــــــــــــــــــــــــ

(1) يقول الطهراني في الذريعة: 16/232 «وكان حرباً بان يسمى: فصل الخطاب في عدم تحريف القرآن» ولكن المؤلف قال وإن شئت سمه: القول الفاصل في إسقاط بعض الوحي النازل»، ولكن بعض المعاندين نشروا اسمه بالعنوان التالي: «فصل الخطاب في إثبات تحريف القرآن» تجنباً على المؤلف حيث حرفوا عنوان الكتاب، وخير من تحدث عن نفي التحريف عند الإمامية هو السيد الخوئي في كتابه  البيان في تفسير القرآن.

(168)

 

صحيحاً كوجود الإمام الحسين عليه السلام وأخته زينب عليه السلام في دمشق قبل رجوعه إلى المدينة ونهضته، ولكن الكثير من المؤرخين اعتمدوه في غير موارد الطعن حاله حال سائر المصادر الأخرى. ومما تجدر الإشارة إليه أنه لم يتعرض إلى أي تفصيل عنها إلا حضورها على جثمانه عندما نقل إلى خيمة القتلى، وربما هذا المقدار لا يمكن أن يغيض الشيخ النوري والشهيد المطهري.

      وأما ما نسب إلى الأغاني فلم نجد هذا النص المنقول عنه في النسخة التي راقبها وبحثها على موقع منتديات برامج نت قسم المكتبة بتاريخ 30/5/2006م(1). ولا يخفى أن النسبة إلى الأغاني جاءت من المحلاتي في  رياحين الشيعة، وأما المازندراني في المعالي(2) فنسباها إلى بعض المؤلفات ولم يفصح عنه، ومع الأسف ليس لدينا كتاب الرياحين لنحقق في هذه النسبة ولكنه جاء في مقالة غير موقع.

      ذكر صاحب المقال(3) ما ترجمته أن المحلاتي سمع من المؤرخ الإسلامي المرحوم الميرزا هادي الخرساني(4) وهو يخطب من على المنبر في النجف الأشرف بأنه نقل ذلك عن الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني(5) ويذكر صاحب زندگاني إمام: «بأني لم أعثر على نص في كتاب الأغاني»(6)، ونحتمل والله العالم في ذلك أحد الأمور التالية: إما أن النسخة التي رآها الخرساني تختلف عن النسخ الأخرى، وإما أن الخراساني نسبها إلى ابي الفرج الأصفهاني وأقحم كتاب الأغاني لأنه أشهر مؤلفاته فأراد كتاباً آخر له لم نطلع عليه، أو خطأ من أحدهما الناقل.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) www.bramjnet.com باستخدام خدمة البحث، حيث لا يوجد لدينا نسخة من الأغاني فيها فهرس الأعلام.

(2) معالي السبطين: 418.

(3) صاحب المقال: هو سيد مرتضى حسيني شاه ترابي.

(4) الميرزا هادي الخراساني: عبر عنه المقرم في كتابه العباس: 181 بفخر الذاكرين الثقة الثبت الشيخ ميرزا هادي الخراساني النجفي، وقد اعتبره الشيخ حسين الحلي في كتابه النقد النزيه: 1/100 في النقل عنه، كان من خطباء القرن الرابع عشر الهجري.

(5) رياحين الشريعة: 3/297.

(6) زندكاني إمام حسين لهاشم رسولي محلاتي: 461 نقلاً عن موقع پژوهش سراي تاريخ أفغانستان www.afghanistinhistory.net. بتاريخ: 5/12/2009م.

(169)

 

أو المنقول عنه، والحاصل لا يعتمد على النص باعتباره الأغاني بل على النص الذي ورد في المعالي عن بعض المخطوطات التي لا شك جهالتها تقلل من أهمية، مما يجب الرجوع إلى عرض النص على نصوص الشريعة وعلى العقل والعرف العام في ذلك العصر فإن لم يعارضها يوضع موضع الإمكان.

      وأما ابن شهرآشوب فإنه يصرح بحضورها كربلاء ولكنه خلط في تسمية أم علي الأكبر وأم زين العابدين عليه السلام حيث يقول في مقتل علي الأكبر: «فصارت أمه شهربانويه ولهى تنظر أليه»(1)  ولكنه يقول في ترجمة الإمام زين العابدين عليه السلام:«أمه شهربانويه بنت يزدجر»(2) والمناقب من المصادر التي اعتمدها جل العلماء وأرباب المقاتل إن لم نقل كلهم، ولعل المجلسي الشيخ محمد باقر بن محمد تقي (1027ـ 1111هـ) أخذ منه حيث قال في مقتل علي الأكبر ما ترجمته:« وشهربانو كانت واقفة في حالة الدهشة ولسانها معقود وقد تسمرت في مكانها من شدة الصدمة ولكن المشهور أن أم علي الأكبر هي ليلى بنت أبي مرة الثقفي»(3).

      وأما الكاشفي في الروضة فإنه لم يفصل كثيراً وإنما أورد بأن السيدة ليلى كانت على نجلها عندما حمل الى خيمة القتلى، وهذا نص صريح بحضورها كربلاء وليس فيه ما يمكن رفضه.

      وأما الفوادح الحسينية فالمطبوع الذي لدينا نسخة منه هو في الواقع «تهذيب الفوادح الحسينية» رغم أن الناشر لم يذكر في العنوان مفردة التهذيب ولكن المؤلف في آخر الكتاب ذكر العبارة التالية: «انتهت بانتهاء هذه القصيد كتابة كتاب تهذيب الفوادح»(4) وفي هذه النسخة لم نجد النص

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مناقب آل أبي طالب: 4/107.

(2) مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 4/176.

(3) جلاء العيون: 406 ونصه الفارسي كالتالي: وشهربانو مدهوش ايستاده بود وياراي سخن كفتن وحركت كردن نداشت ومشهور آنست كه مادر علي أكبر دختر أب مرة ثقفي بود».

(4) الفوادح الحسينية: 375 وهي من منشورات مكتبة العلوم العامة في المنامة البحرين في طبعتها الرابعة، وهذه الطبعة هي مستنسخة من طبعة النجف غير المطبعة الحيدرية، سنة 1379هـ.

(170)

 

الذي أورده المازندراني والهر، والظاهر أخذا النص من أصل الكتاب والذي ليس بحوزتنا، نعم هناك نسخة مخطوطة لدينا والظاهر أنها قريبة من المطبوع(1)، ولان جد في طعنه مجالاً من حيث الشخصية والكتاب، ولا يمكن أن يكون كلا الناقلين أخطآ في النقل عنه، وربما قيل إنه يعتمد في مثل هذه الأمور بالتسامح في أدلة السنن وهو ممن نقل حديث الدعاء المنسوب إلى الرسول ص والكلام الكلام.

      وأما الدربندي فإنه كان من أعلام الأمة ومن الفقهاء الأصوليين ولا يمكن الطعن فيه، نعم قد يقال عنه إن في باب التاريخ يعمل بنظرية التسامح في أدلة السنن وهذا رأي فقهي دراج بين الفقهاء ويصح تطبيقه في غير الإحكام الشرعية دون أدنى شك بالشروط التي سبق وذكرناها وهي أن لا يكون النص مخالفاً للشرع أو العقل أو العرف، وقد استنكر بعض المعاصرين(2) النص الوارد في الأسرار والرواية المنقولة برواية عبد الله بن سنان الكوفي بما يصلح أن يكون في باب الفقه دون التاريخ وعندها يصح القول بأنها مرسلة، واعتراضه قسم منه وارد وقسم آخر غير وارد، ومن الأخير قوله: من هو الفاضل الأديب المقري صاحب الموسوعة والذي نقل عنه تلميذ الترمذي؟، قوله: ما هو اسم الكتاب الذي نقله صاحب المجموعة منه؟ وقوله: لماذا لم يوجد إلا في هذه المجموعة المجهولة؟، وقوله: هل تحويله على كون تلميذه من العرب كافياً في صحة سنة هذه الرواية، وأخيراً قوله: الخلاصة أن الرواية ساقطة من حيث السند والمصدر.

      لا نشك في ما ذهب إليه في الخلاصة بأن هذه الرواية لا يمكن أن تكون صحيحة السند ولا يمكن أن يكون المصدر معلوم المؤلف ولا يمكن أن يكون بمصاف المؤلفات المعلومة المؤلف، ولكننا نخالفه في درجة الطعن وأسبابه فعلى سبيل المثال: من (الفاضل الأديب المقري)، فإن الكثير من أرباب التصنيف كانوا يذكرون الأشخاص بالوصف الذي كان

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) وقد وقعت بخط مبارك بن أحمد بن محمد بن أحمد الدرازي البحراني آل عصفور في يوم السبت الخامس من شهر ذي القعدة من سنة 1252هـ.

(2) وهو فضيلة الشيخ حسين بن راضي.

      في موقع منبر الجمعة بتاريخ: 16/3/2011م.

(171)

 

معروفاً به كما في قولهم قال الشيخ أو الخطيب. إذ درج عند فقهاء الإمامية أن يطلق الشيخ على الطوسي، والخطيب عند المؤرخين بالخطب البغدادي وهكذا ولا يوجب الطعن لأننا لم نعرفه ولربما كشفناه فيما بعد، وقوله الآخر: ما هو اسم الكتاب، فنقول بأن هناك الكثير من المؤلفين لم يختاروا عنواناً لكتبهم بل تركوا مؤلفاتهم دون عنوان كم يمكن ملاحظته في العديد من العناوين المطروحة في الذريعة باسم الرسالة أو المجموعة أو غيرها، وهذا ليس طعناً بالكتاب وكان من ديدان الخطاء والشعراء أن يسجلوا حاجاتهم من القصائد في صفحات قراطيس وبمرور الأيام تصبح مجاميع ورسائل وهي كثيرة، وقد لاحظت ذلك بنفسي وهو أن جل الخطباء والرواية والتفسير والتاريخ ليستخدموها في خطاباتهم، وبالتالي يكون كتاباً أو مجموعة أو رسالة، وهذا لا ضير فيه، وأما من هو صاحبها وجامعها فإنه هو ذلك الخطيب الذي عرف بالفاضل الأديب المقري، والذي يفهم فإنه هو ذلك الخطيب الذي عرف بالفاضل الأديب المقري، والذي يفهم من وصفه بالأخير أنه خطيب، نعم هناك إشكال وارد على الدربندي لماذا لم يصرح باسمه، حتى وإن كان معروفاً لديه وفي مجتمعه، لأنه يكتب للمستقبل كما للحاضر، ولكن مثل هذا الأمر صدر عن الآخرين وليس هو الوحيد في ذلك.

      وأما لماذا لم يرد مثل هذا النص في مصدر آخر، فهذا الاعتراض وارد ولكن الكثير من الروايات وردت من مصدر دون آخر فلا يعني عدم صحتها لتفرده بالنقل.

      وأما قوله غير المرضي بشكله ومضمونه وطرحه «هل تحويله على كون تلميذه من العرب كافياً في صحة سند الرواية» فإن الدربندي ربما نسي أسم تلميذه بعدما أراد إثباته في الكتاب وتذكر صفاته فذكرها وهذا ما نقوم به تلميذه بعدما أراد إثباته في الكتاب وتذكر صفاته فذكرها وهذا ما تقوم به نحن كذلك، والرجل ليس في مقام توثيق الرواية بل في مقام البيان، وهكذا رد لا يعد موضوعياً، وإذا ما كن خللاً من جهات فهذا ينسحب على كل المقاتل التي ذكرت جمال نساء أهل البيت عليهم السلام أو وصفت أهل البيت عليهم السلام بأوصاف فيها من المبالغة ولا بد من أخذ ما هو معقول وطرح ما هو غير معقول الذي ربما دخل النقلة والرواة كما هو الحال في كثير

(172)

 

من المرويات، ولاشك أن الرواية بمجملها لا تصنف في الصحاح ولا الموثوقات حالها حال سائر مقاطع والسيرة فتأمل.

      هذا ويستند في رده بالتالي إلى الشيخ النوري الذي أثار هذه الرواية في كتابه اللؤلؤة والمرجان(1) حيث نسب الرواية إلى الوضع باعتبار أن مثل ها لم يحدث، وأنه عرف الإمام الحسين عليه السلام بأنه متزي بزي الجبابرة والملوك مما ينافي سيرة الإمام المعصوم، في إشارة منه إلى أنه وصفه بملك الحجاز وجلوسه على الكرسي وبنو هاشم يحفون به وقد زينت المحامل بملابس الحرير والديباج ثم إن المعاصر يستشكل على بعض المبالغات التي عادة تحف الوصف والنعت، وبتصوري بأن مثل هذه الإشكالات واردة في معظم كتب المؤرخين والرواة مما لا يمكن القدح بها خصوصاً ان الدربندي ذكر في التذييل على هذه الرواية يقول: «لا يخفى عليك أن هذه الروايات وإن كانت قد اشتملت على بعض الأمور الشاذة، وذلك مثل كون والدة سيد الساجدين في الحياة في تلك الأوقات إلا أن نقلها والتحديث بها مع ذلك مما لا ضير ولا غائلة فيه»(2) ليعلق على كلامه قائلاً: «ثم اعتذر ـ الدربندي عن نقله لهذه الروايات بما لا يقبل» إن المستشكل مع الأسف يريد ان يحاسب الناقل على كل صغيرة وكبيرة من المنطوق العقلي، والأمر لا يستوجب ذلك فإن هناك بعض النصوص الشاذة ترد في جملة كلام من يجب البحث عنها وتهذيبها وهذا ما حدث في مناقب ابن شهرآشوب من نقله عن أم الإمام زين العابدين عليه السلام أن شهربانويه أتلفت نفسها في الفرات»(3).

      هو يخالف ما اشتهر بأنها توفيت في نفاسها، فهل يهاجم انب شهرآشوب كما هاجم الدربندي، ومن رده على ذلك يعترف ضمناً بأن السيدة ليلى أو بالأحرى أم علي الأكبر كانت حاضرة في كربلاء لأنه يقول «ويعتبرها أماً لعلي الأكبر المقتول في كربلاء وليست أم الإمام زين العابدين عليه السلام، فإذا كانت شهربانو أمً لعلي الأكبر وأتلفت نفسها في الفرات

ــــــــــــــــــــــــ

(1) اللؤلؤ والمرجان: 168.

(2) أسرار الشهادة: 2/509.

(3) مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 4/112.

(173)

 

فإن هذا يستلزم حضورها كربلاء، وقد صرح ابن شهرآشوب بوجودها في كربلاء ولكن لا يسميها بليلى بشهربانويه(1). وأرى والله العالم أن الاستناد إلى قول الشيخ النوري ف عدم حضورها كربلاء أمر غير دقيق فإنه لم يتعرض في حديثه إلى حضورها أو عدم حضورها، وإنما تحدث عما يقال حولها من قصص وأخبار فكذبها، وأتصور هو من سوء الفهم لعبارته ولذلك لا اعتبار لكل ما يروى بالاستناد إلى الشيخ النوري في مسألة حضورها أو عدم حضورها كربلاء.

      وما بالنسبة إلى جهالة الراوي عبد الله بن سنان الكوفي الذي أدعاه المعترض فليس فيه جهالة بل هو من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام والإمام الكاظم عليه السلام ومن الثقات الأجلاء والذي كان خازناً للمنصور والمهدي والهادي الرشيد العباسيين وله روايات في الكافي والتهذيب وغيرهما(2)، وأما أبوه الذي يروي عنه هو سنان بن ظريف والذي هو من أصحاب الأئمة الباقر والصادق والكاظم عليهم السلام وهو الذي وصى الإمام الصادق عليه السلام ابنه عبد الله بملازمة أبيه حيث قال: «الزم أباك لا يزداد على الكبر إلا خيراً» وقد روى الكافي وغيره عنه، وأما ظريف فلم نحصل عنه شيئاً وهو الذي روى عن المشاهد، ولعله لم يكن من المعروفين وهم كثر وقد روى أن هناك الكثير ممن رافقوا الإمام الحسين عليه السلام حينما خرج إلى العراق في  الطريق مما لا يمكن البت بأسمائهم، وربما كان من الذين أجبروا على الالتحاق بمعسكر ابن زياد، ولكن هذا ينافي كلامه «ثم ساروا ـ من المدينةـ قاصدين الكوفة فسرت معهم حتى وصلنا كربلاء»(3) وهنا يحتمل أن صحة الرواية أنه في الطريق ذهب إلى الكوفة لأنه من أهلها فسير إلى كربلاء ـ والله العالم ـ وهذا لاشك مما تؤخذ على الرواية ولكنه قد تحصل من الاختزال، وبهذا القدر نكتفي بالحديث المنقول عن أسرار الشهادة.

      وأما بالنسبة للمهيج فليس فيه ما يستنكر بل ربما نقل ذلك من مناقب

ـــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 4/109.

(2) راجع مستدرك علم رجال الحديث: 5/31.

(3) أسرار الشهادة: 2/507.

(174)

 

آل أبي طالب لابن شهرآشوب كما تقدم، وأما عن الكتاب ومؤلفه فقد سبق الحديث عنهما.

      وأما عن تذكرة الشهداء فهو كسابقة ولعل فيه شيئاً من الإضافة التي لا تنافي ما وقع وحدث، وقد وصفه الطهراني بالمولى قائلاً: عالم فقيه ورئيس جليل ومؤلف مروج مكثر(1) فكيف به لا يكون من المعتمدين كما ادع البعض أن حضور السيدة ليلى لم يرد في كتب معتبرة.

      وأما كلام الأشرفي فيدخل السياق السابق بل إن صاحب المعالي ينقله حسب رأيه من الكتب المعتبرة رغم أنه لم يذكرها، والمدرس: يصفه بالعالم الفاضل والمجتهد الكامل ذي الورع والتقى من مفاخر المذهب الجعفري، جامع أصول الشريعة، ومراسم الطريقة، والتي تنسب إليه كرامات كثيرة(2) ومثله لا يمكن أن لا يعد كتابه معتبراً.

      وأما الذخيرة فعلى ما ذكره الطهراني كان مؤلفه وراقاً وقال أيضاً: «ولما لم يكن لمؤلفه فضل وخبرة وقعت فيه بعض الأخطاء والاشتباهات»(3) ولكنه لم يزد على ما قاله المؤلف من الكتب من الكتب المعتبرة.

      وأما صاحب المعالي فإنه ينقل عن مصادر يحددها وقد مضى الكلام عن كل ما يمكن الحديث عنه في الأمور السابقة، ويعد من الخطباء المحققين، وإذا ما نقل عن كتاب خطي فإنه لا يضر المقام بعد ما عرفت أن معظم التاريخ والأحداث لا يحقق في النصوص الواردة كما هو الحال في الفقه والحديث.

      وأما الهر فإنه كان من الخطباء الباحثين ولم ينقل في كتابه عن الأفواه بل اعتمد على المصادر التي كانت بمتناول يده وكان من الدقة بحيث أنه وبالأخص في هذا الموضوع مصدر أي مقطع نقله حتى ولو كان نصف سطر، فقد اعتمد على الكتب التي سبق ذكرها، وما تفرد في النقل عنه هو

ـــــــــــــــــــــــــــــ

(1) نقباء البشر: 1/360.

(2) ريحانة الأدب: 1/128.

(3) نقباء البشر: 2/585 في ترجمة أخيه السيد حسين بن محمد رضا الحسيني الشيرازي الحائري.

(175)

 

 

الكتاب المخطوط الذي يعود إلى بني أسد مما لا نعرف عنه شيئاً، وكونها مخطوطة لا يعيب ولكن جهالة مؤلفها يقلل من قيمتها، ولكن إذا لم يكن مضمونها مخالفاً للشرع والعرف والعقل بالشروط السابقة الذكر فلا ضير في ذلك وهناك عدد من المؤلفات المجهولة اعتمدت بالاعتبار المذكور، بل بعضها ظهر فيما بعد مؤلفها من مضامين كلامه أو المعاصرين له، وفي مجمل الحديث عن الكتب المجهولة المؤلف تذكرت كتاب «نزهة الإخوان في وقعة بلد المقتول العطشان» والذي تحدث عن واقعة المناخور التي وقعت من قبل العثمانيين على أهالي كربلاء مابين سنة 1241ـ 1245هـ، والتي يتبين أم كاتبها كان شاهداً على أحداثها ولم يوجد فيه ما يخالف الإحداث التي وقعت كم أرخها آخرون، وقد رجحنا أنها تكون للملا عبد الجليل الحائري، فإن مثل هذا لا يضر بالموضوع بمستوى الكذب والافتراء، وما دامت لا تخالف الموازين فإن في قبولها على الاحتمال المعتمد في القضايا التاريخية لا بأس.

      ومن كل الذي أوردناه يمكن التأكيد على حياة السيدة ليلى في سنة 61هـ، وحضورها معركة الطف الحزينة، والصورة التي ترسمها لنا هذه المؤلفات إذا أخذت بالشكل الذي سبق وذكرنا لا معنى للرفض بهذه الشدة التي أظهرها البعض من دون مبرر، لتكون الصورة الإجمالية والاحتمالية على النحو التالي:

      يقول حامل أحدى الرسائل التي وجهت من قبل أهل الكوفة إلى الإمام الحسين عليه السلام عندما أراد الحسين عليه السلام الخروج الى العراق رأى امرأة خرجت وقد حفت بها إماؤها، وإذا بشاب أركبها محملها، فسأل عن تلك المرأة فقيل له إنها السيدة ليلى وعن الشاب فقيل له إنه نجلها علي الأكبر، ويذكر أن علي الأكبر كان كل يوم بعد صلاة الغداة يأتي إلى أمه يقبل يديها ثم يسألها حاجتها فيقضيها واستمر بذلك حتى صبيحة يوم عاشوراء إلا أنه في صبيحة عاشوراء أكثر من تقبيل يدها فسألت عن ذلك فأخبرها أنه الوداع فخنقتها العبرة إلا أنها أمسكت عن البكاء، ولما خرج علي الأكبر الى ساحة القتال وقف الحسين عليه السلام على مرتفع بقرب باب الخيمة ينظر إلى قتال ولده، وكانت أمه ليلى تكثير التردد من خيمتها إلى موقف الحسين عليه السلام.

(176)

 

وتنظر إلى وجهة فإذا به قد تغير فظنت أن ولدها أصيب بمكروه ولما سألته عن ذلك طمأنها وقال خرج إليه من أخاف عليه منه بكر بن غانم فاضطربت وسألت ماذا تفعل فطلب منها أن تتنحى جانباً وتدعوه له فدعت لابنها ولعنت غانماً ثم دعت بدعاء يعقوب في حق ابنه يوسف، فقتل علي الأكبر غانماً ورجع وجدد العهد، إلا أنه عاد إلى ساحة القتال وقاتل حتى قتل، فحمل جثمانه إلى خيمة القتلى وأمه ليلى واقعة على باب الفسطاط ومعها أخواته وليلى ولهانة تبكي ودها ولا تتكلم من الدهشة ولما وقع نظرها على جثمانه نادت واولداه وألقت بنفسها على جثمانه فأرجعها الإمام الى خيمتها، ثم أنها أسرت مع من أسرن ولما مرت في كربلاء في الأربعين التقاها نسوة من بني أسد ممن توافدن على قبر الحسين «عليه السلام» ثم أنها عادت مع الركب إلى المدينة وهي مريضة لا ينفك عنها النوح والبكاء، ويذكر وإذا هو عند دور بأنه كان يطوف بعد حادثة الطف بنسك المدينة وهو على ناقته وإذا هو عند دور بني هاشم يسمع صوت بكاء شجي توقفت الناقة من أثرها للحسين عليه السلام وعن الباكية فقيل أنها ليلى الثقفية تبكي الحسين وابنها علي الأكبر ليلاً ونهاراً، وفي موسم الحج عام 62هـ جاءت قافلة من العراق لتزور قبر الرسول ص بعد مناسك الحج وكان فيها أسدية قد تعرفت على آل الحسين عليهم السلام في كربلاء فدخلت على ليلى وسلمت عليها فرأت أن المرض قد أنهكها، وما مرت عليها إلا فترة قصيرة حتى توفيت في السابع من ربيع الثاني من سنة 63هـ قهراً وظلماً، وقد رثاها الإمام الحجة في زيارة الناحية ووصفها بالمظلومة.

      فإن هذا المضمون لا أظن يوصف بالكذب ويتضارب مع الواقع حيث إنه محتمل بل ومرجح وقد وردت به نصوص مختلفة ومتقطعة كان جامعها هذه الصيغة، ويكفي في المقام ما لا يتعارض مع الكتاب والسنة والعقل العرف ولا النصوص التاريخية التي وردت في المقام، وعدم ذكر جل المصادر على تفاصيل الحادثة لا يدل على عدم صدق ما رواه الآخرون وفيهم من يعتد بقوله والله العامل بحقائق الأمور.

(177)

 

(178)

 

(75)

ليلى بنت مسعود النهشلية

ق 22ـ ب 61هـ = 643ـ 681م

 

      هي السيدة ليلى بنت مسعود بن خالد بن مالك بن ربعي بن سلم النهشلية الدارمية التيمية.

      أمها عميرة بنت قيس بن عاصم بن سنان بن خالد بن منقر المقاعسية.

      وأم عميرة: عناق بنت أعبد بن أسعد بن منقر بن عبيد بن الحارث المقاعسية.

      وأم عناق: هي ابنة سفيان بن خالد بن عبيد بن مقاعس بن عمرو بن كعب التميمية.

      ولدت السيدة ليلى في البصرة ـ الظاهرـ نحو سنة 22هـ على ما توصلنا من زواجها وإنجابها أنها من مواليد سنة 22هـ تقريباً(1)، ويصرح الزمخشري أن علياً عليه السلام تزوجها في البصرة(2) وقد سبق وقلنا إن زواجها كان بعد 12/7/36هـ في الكوفة(3) مما يمكن القول بأن أباها كان من أهل البصرة أو الكوفة وبما أن يوم عنين الذي حدث بينهم وبين عبد القيس من البحرين(4)، يمكن القول بأنها بصرية، وليس في المعاجم والمؤرخات ذكر لأبيها حتى نستشف بعضاً من حياته وحياتها، وما سبق وتحدثنا عنه في زوجات الإمام أمير المؤمنين عليه السلام(5) فيه الكفاية فلا نكرر، وعلى أي حال

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) معالي السبطين: 2/228.

(2) ربيع الأبرار: 2/330.

(3) معجم أنصار الحسين (الهاشميون): 1/217.

(4) معجم قبائل العرب: 2/1197.

(5) معجم الأنصار (الهاشميون): 1/214.   

(179)

 

فإنها تزوجت بعد أمير المؤمنين من ابن أخيه عبد الله بن جعفر الطيار وأنجبت له خمسة أولاد، ومجمل سيرتها الزوجية على نحو التقريب هي كالتالي:

      الولادة: قبل سنة 22هـ في البصرة على الأكثر.

      الزواج: نحو 5/7/36هـ في البصرة من علي عليه السلام.

      النكاح: نحو 12/ 7/36هـ في الكوفة.

      الإنجاب: 1ـ عبد الله الأصغر 37هـ في الكوفة والمستشهدين في كربلاء(1).

      2ـ أبو بكر 38هـ في الكوفة والمستشهد في كربلاء(2).

      3ـ عبيد الله 39هـ في الكوفة والمأسور في كربلاء والمقتول في المزار سنة 67هـ(3).

      أرملت: من علي عليه السلام في الكوفة 19/9/40هـ.

      الهجرة: في رجب سنة 41هـ هاجرت من الكوفة إلى المدينة في ركب الإمام الحسن عليه السلام.

      تزوجت: من عبد الله بن جعفر الطيار في المدينة في شعبان سنة 41هـ.

      أنجبت له: 1ـ صالح نحو 42هـ.

      2ـ موسى نحو 43هـ.

      3ـ هارون نحو 44هـ.

      4ـ يحيى نحو 45هـ.

      5ـ أم أبيها نحو 46هـ(4).

ـــــــــــــــــــــــ

(1) معجم ألانصار (الهاشميون): 2/189.

(2) معجم ألانصار (الهاشميون): 1/366.

(3) معجم ألانصار (الهاشميون): 1/254.

(4) راجع المعارف لابن قتيبة: 207، وجاء في وسيلة الدارين: 255 دون أن ينسبه إلى مصدر أن ليلى أنجبت لجعفر صالحاً وأم أبيها وأم محمد، ولكنه لم يذكر مصدراً لقوله هذا.

(180)

 

      عاشت: في المدينة وتوفيت فيها وعلى الأرجح أنها دفنت في البقيع.

      أما عن حضورها معركة الطف في كربلاء فإن المازندراني يؤكد خروجها مع أبنائها إلى كربلاء(1) إلا أنه لم يذكر لمولته هذه مصدراً، ولكن أمر حضورها ليس بالبعيد وذلك حيث إن عبد الله بن جعفر الطيار كان متعاطفاً مع ابن عمته الحسين عليه السلام بأعلى درجات التعاطف فأذن لزوجته زينب الكبرى وابنها عون(2) وعبيد الله من زوجته الخوصاء الواثلية(3) والقاسم الذي أمه ولد(4) وذلك لأن أولادها الثلاثة من علي عليه السلام جميعاً حضروا كربلاء. وفي النهاية فاحتمال حضورها كربلاء وارد وليس بمستغرب.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

(1) معالي السبطين: 2/228.

(2) معجم أنصار الحسين (الهاشميون): 2/448.

(3) معجم أنصار الحسين (الهاشميون): 2/247.

(4) معجم أنصار الحسين (الهاشميون): 3/40، ملاحظة إذا ما أورد والدهم تارة موصوفاً بالأكبر وقلنا «عبد الله الأكبر» وتارة لم نذكره بالوصف فهو واحد، حيث إن الأصغر والأوسط توفيا في العقد الأول من حياتهما.

(181)

 

(182)

 

حرف الميم

 

            76ـ مليكة بنت الأحنف التيمية                ن 20ـ ب 61هـ.

            77ـ مليكة المدنية (وصيفة الرباب)            ن 2ـ ب 61هـ.

            78ـ ميمونة بنت علي الهاشمية                ن 21ـ ب 61هـ.

            79ـ ميمونة (أم عبد الله بن يقطر الحميري)   ق10ق.هـ ـ ب 61هـ.

(183)

 

 

(184)

 

 

(76)

مليكة بنت الأحنف التيمية

ن 20ـ ب 61هـ = 641ـ 680م

 

      هي: مليكة بنت الأحنف بن القيس بن معاوية بن حصين السعدية التيمية.

      المفردة ملكية: هي مؤنث المليك، وهو فعيل لفظ مبالغة(1) كما في عليم بمعنى عالم مبالغة، ومليك بمعنى مالك وعليه فالميم فيها مفتوحة، وكذلك الكاف، وهي ليست بمعنى المفعول كما في قتيل بمعنى المقتول، ويدل على أنه ليس صيغة مفعول لأن المذكر والمؤنث متساويان تقول رجل قتيل وأمراة قتيل، نعم يمكن أن تكون المفردة «مليك ومليكة»(2) كما أنها ليست صفة مشبهة لأن هذه الصفة سماعية وتأتي في الفعل الثلاثي كما في كرم يكرم بضم الراء في الماضي والمضارع والذي هو ضد اللؤم(3) وليس صيغة مصدر للفعل المجرد الدال على السير كما في رحل تقول رحيل، أو الصوت كما في صهل تقول صهيل(4) وإذا ما قرأت بضم الميم وفتح اللام وسكون الياء «مليك» لتكون صيغة تصغير فرغم أن أهل اللغة ذهبوا إلى ذلك فنراها ثقيلة على الأسماع في الأسماء، والغالب في وضع الأسماء مراعاة أمرين: سهولة الأداء، وحسن المعنى، ففي التصغير خفة في الثناء، وثقل في الأداء، إذ المليكة بالفتح تعني صاحبة الملك، والمليكة بالضم إذا كانت مصغرة تعني المستولية الصغيرة، وربما بتكلف يمكن القول بأنها

ـــــــــــــــــــــــــ

(1) معالي السبطين: 236.

(2) الأوزان: 81.

(3) الأوزان: 88.

(4) معجم الأوزان الصرفية: 217.

(185)

 

مستولية على القلب بشكل مصغر، وبغض النظر عن التصغير فإن مليكة تعني الصحيفة(1) ويرى الزبيدي(2) مليكة: اسم جماعة من النسوة صحابيات وهن: مليكة جدة إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، ومليكة بنت ثابت بن الفاكه، وابنه خارجة بن زيد، وابنة خارجة بن سنان المرية(3) إلى غيرهن(4)، فملكية أيضاً جماعة من المحدثين(5) ويذكر أيضاً مليكة بفتح الميم وكسر اللام وفتح الكاف على زنة سفينة فهي مليكة بنت أبي الحسن النيسابورية محدثة روت عن الفضل بن عبد الرحمان بن السمعاني(6) والظاهر هذا هو الذي أريد به هنا «مليكة بنت الأحنف».

      أما أبوها الأحنف فقيل إنه صفة وليس باسم وأصبح لقباً له اشتهر به فقام مقام الإسم، قيل اسمه الضحاك(7) وقيل صخر(8)، ويكنى بأبي بحر(9) كان من أصحاب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) علي أمير المؤمنين (عليه السلام) والحسن المجتبى(10) ولد في عهد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، والظاهر(11) أن ولادته كانت في أيام الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن المعلوم أن الرسول ولد سنة 53قبل الهجرة، وما يقال إنه أدرك

ـــــــــــــــــــــ

(1) راجع المنجد في اللغة: 775، تاج العروس: 27/352.

(2) الزبيدي: هو محمد بن محمد المرتضى الحسيني (1145ـ 1205هـ) ولد في بلكرام في الهند وتوفي في القاهرة ودفن في مشهد السيدة رقية، كان من الإمامية، إمام اللغة في عصره، وله مؤلفات جمة رغم قصر عمره حيث توفي بالطاعون، تجاوزت مؤلفاته 107كتب منها: إنالة المنى في سر الكنى، تحفة العيد، وتكملة القاموس.

(3) تاج العروس: 27/ 352.

(4) راجع تذهيب التهذيب: 6/616، ولكنه لم يحركها بالحركات الصرفية.

(5) تاج العروس: 27/352 ولكنه لم يذكر أحدهم.

(6) تاج العروس: 27/353.

(7) مستدركات علم رجال الحديث: 1/519 وتهذيب التهذيب: 1/123.

(8) تهذيب التهذيب: 1/123، يرى الأمين في أعيان الشيعة: 3/222 «الظاهر أن الضحاك أيضاً لقب له كالأحنف واسمه صخر، وإنما قيل له الأحنف لحنف (عوج) كان برجله» ولذلك ذكره في «صخر».

(9) رجال الطوسي: 7، وتهذيب التهذيب: 1/123و غيرهما.

(10) مستدركات علم رجال الحديث: 1/519 ورجال الطوسي: 7، 35، 66.

(11) ولا يعني ذلك أنه ولد في عهد نبوة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) والتي بدأت في سنة 13ق.هـ.

(186)

 

الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ولم يسلم كما في التهذيب فغير دقيق حيث إن الطوسي أورده في أصحاب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكان قد سكن البصرة بعد تخطيطها سنة 12هـ، وتوفي سنة 67هـ في الكوفة وهو في سفره إليها، وقيل إنه ولد سنة 3ق.هـ(1) وكان من أشرافها وكان يضرب به المثل في الحلم، وبعث إلى الإمام علي (عليه السلام) في وقعة الجمل: «إن شئت أتيتك في مائتي فارس فكنت معك، وإن شئت اعتزلت ببني سعد فكففت عنك ستة آلاف سيف فاختار علي عليه السلام اعتزاله»(2). وكان في صفين مع علي (عليه السلام) فلما طلبوا نصب الحكمين قال وإن شئت أن تجعلني ثانياً أو ثالثاً فإن عمراً لا يعقد عقدة إلا عقدت لك أشد منها، فعرض علي (عليه السلام) ذلك على الناس فأبوه، وقالوا لا يكون إلا أبو موسى..»(3) وفي حرب النهروان بعثه علي «عليه السلام» مع ثلة ألى الخوارج للاحتجاج عليهم(4) ولما كان أيام الإمام الحسن عليه السلام كان مع صعصعة بن صوحان العبدي(5) في جمع من أهل العراق في جامعها فخطب معاوية فيهم وقال: إن الله أكرم الخلفاء وأوجب لهم الجنة وأنقذهم من النار ثم جعلني منهم وجعل أنصاري أهل الشام الذابين عن حرم الله، المؤيدين بظفر الله المنصورين عل أعداء الله، فقال الأحنف لصعصعة: أتكفيني أم أقوم إليه؟ فقال صعصعة: بل أكفيكه ثم قام ورد عليه»(6).

      ولما كان في عهد الإمام الحسين عليه السلام: كتب الإمام الحسين عليه السلام إليه مع جماعة من وجوه أهل البصرة يدعوهم إلى نصرته، فكتب الأحنف في الجواب: فأصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون(7) والظاهر

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) أعيان الشيعة: 7/384.

(2) بحار الأنوار: 32/120.

(3) بحار الأنوار: 32/541.

(4) بحار الأنوار: 38/183.

(5) صعصعة بن صوحان العبدي: هو حفيد حجر بن الحارث (ن 15ق.هـ ـ 56هـ) ولد في دارين في القطيف، سكن الكوفة، ونفي بأمر معاوية إلى أوال (البحرين) فتوفي فيها وله مزار معروف،  كان من حواري أمير المؤمنين (عليه السلام) شهد معه صفين والجمل.

(6) بحار الأنوار: 44/132.

(7) بحار الأنوار: 44/340 كما في مستدركات علم رجال الحديث: 1/521.

(187)

 

 أنه ويزيد بن مسعود النهشلي وآخرون من أهل البصرة تجهزوا للالتحاق بركب الإمام الحسين عليه السلام إلا أنهم أبلغوا أن الإمام الحسين (عليه السلام) قد قتل(1).

      كان الاحنف نحيل الجسم قصيراً صغير الرأس خفيف العارضين إلأ أنه كان فارساً شجعاعاً وداهية، وكان قد محض بالولاء شارك في فتح إيران، وله وقفات مع عمر بن الخطاب وعائشة ومعاوية تدل على شدة ولائه، ويدافع عن علي (عليه السلام) ويجاهر بذلك ويرد عليهم(2) وقد دعا له الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)(3).

      وبالعودة إلى السيدة مليكة ابنة الأحنف التيميمة فإن من ذكر بأن اسمها ملكة(4) وربما صح الاثنان معاً ليكون أحدها تخفيف عن الآخر أو كان من أنواع الدلع الذي يستخدمه الوالدان بالنسبة إلى أولادهم، والله العالم.

      وعلى أي حال فإنها تزوجت الإمام الحسن (عليه السلام) وأنجبت له أبا بكر وأم الحسن الوسطى كما ورد في اللباب(5) وقد قتل أبو بكر في كربلاء عن عمر بلغ ستة عشر عاماً لتكون ولادته سنة 44هـ(6) والظاهر من عمره وعمر أبيه ومقتضيات الحال أن الزواج تم في العراق بعد حرب الجمل في عام 36هـ وأبوها له من العمر أربعون عاماً لعلها كانت في العقد الثاني لتكون ولادتها في حدود عام عشرين للهجرة فتكون في سنة 36هـ لها من العمر ستة عشر عاماً، وربما كان زواج الإمام الحسن«عليه السلام» منها قبل وفات أبيه سنة 40هـ فتكون ولادة أم الحسن الوسطى سنة 42هـ وولادة أبي بكر سنة 44هـ، وكل ذلك من باب الاحتمال الذي لا يمكن البت فيه ولكن مثل هذا الاحتمال وارد.

      ويقول صاحب المعالي إن أم أبي بكر حضرت كربلاء، إلا أنه ذكر بأن أمه أم ولد(7) وهذا هو من الخلط بين أبي بكر وعبد الله أهما

ــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع باب السيرة الحسينية سنة 61هـ.

(2) أعيان الشيعة: 7/383ـ 385.

(3) تهذيب التهذيب: 1/123.

(4) راجع لباب الأنساب: 1/343، وعنه معجم أنصار الحسين (الهاشميون): 1/354.

(5) لباب الأنساب: 1/342و 344.

(6) معجم أنصار الحسين (الهاشميون): 1/347.

(188)

 

شخصيتان أم شخصية واحدة، فإذا حضرت فهذا يعني أنها آسرت وكانت في ركب الإمام السجاد (عليه السلام) إلى أن رجعت إلى المدينة وتوفيت بعد ذلك، ومن الواضح أنها إذا كانت على قيد الحياة تكون في ركب الإمام الحسين عليه السلام لأنه كان حامي ووالي حرم أبيه وأخيه، بالإضافة إلى أن ولديها أم الحسن الوسطى وأبا بكر كانا في كربلاء، والله العالم بحقائق الأمور.

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع معالي السبطين: 2/236.

(189)

 

(190)

 

(77)

مليكة المدنية

ن5ـ ب 61هـ = 623ـ 680م

      وصيفة السيدة رباب بنت أمرىء القيس بن عدي بن أوس الكلبية.

      كانت العادة في بنات الكرام جارية في تجهيز المرأة في عرسها أن تكون لها وصيفة تخدمها وبالأخص إذا كانت صغيرة، ونرجح أن مليكة دخلت مع سيدتها الرباب إلى بيت الإمام الحسين (عليه السلام) في سنة 19هـ، ونحتمل أنها كانت من أرض الشام كما كانت هي من دومة الجندل، ولا نعلم أنها استبعدت من الاقطار العربية أوغيرها، ولكنها على ما سبق وأشرنا إليه جاءت الشام وإذا كانت سيدتها لها من العمر حين تزوجت نحو ثلاثة عشر عاماً فالمفروض أن تكون أكبر منها لتتمكن من خدمتها كما هي العدة في الخدم والمربيات لطبيعة عملها الذي هو بحاجة إلى الحكمة والتدبير، وكان ديدن الامام الحسين (عليه السلام) أن لا يتسرى بالإماء ولكنه يتزوج بالعقد، بل يزوج إماءه بعبيده ولا يتركهم عزاباً، ومن هنا قام بتزويج مليكة وصيفة زوجته ليلى بعبدها عقبة بن سمعان وربما هو الآخر قدمه الإمام الحسين عليه السلام إليها عندما تزوجها حيث جرت العادة أن المرأة تستقل في شوؤنها بالإماء والعبيد لخدماتها البيتة والخارجة من دائرة البيت التي تعيشها ويشير الطبري في تاريخه إلى أن عقبة كان عبداً للرباب(1) وكان يتولى خدمة أفراس الإمام الحسين عليه السلام وتقديمها له(2) ولم يذكر أنها أنجبت له.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تاريخ الطبري: 3/335.

(2) معالي السبطين: 2/232.

(191)

 

      وبالرجوع إلى مليكة فإن المازندراني يذكر بأنها كانت تخدم في بيت الحسن بن علي (عليه السلام) ثم بعده انضمت إلى الحسين (عليه السلام) وكانت في بيوته وتارة في بيت عبد الله بن جعفر هي وزوجها عقبة لأنه كان عبداً مملوكاً للرباب بنت أمرىء القيس، ولما خرج الحسين عليه السلام من المدينة إلى العراق خرجت هي مع زوجها عقبة بن سمعان»(1).

      ومن نقل المازندراني يمكن القول إن عقبة كان عبداً للرباب وأما مليكة فقد كانت أمة من إماء الإمام الحسن عليه السلام وتم التزويج بينها وبوفاة الإمام الحسن عليه السلام سنة 50هـ انتقلت إلى بيت الرباب تخدمها هي وزوجها عقبة والله العالم بحقائق الأمور، وسواء قلنا بأنها أمة للرباب أو للإمام الحسن عليه السلام فإنها ربما كانت أكبر من السيدة رباب ولكن لا يمكن البت بذلك، ولكن إذا كانت وصيفة الرباب فإنها من المواليد أوائل الهجرة وهذا محتمل لتكون أيام كربلاء في أواخر الخمسينات، ولا شك أنها أسرت مع الأسرى ورجعت إلى المدينة وبقيت مع الرباب ومن المفترض أنها توفيت في المدينة ودفنت في البقيع.

      وقد اختلف المؤرخون في زوجها فمنهم من قال استشهد في كربلاء(2) ومن قال أسر(3)، وسنأتي على تفاصيل حياته في سيرته إن شاء الله تعالى.

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) قاموس الرجال: 7/219.

(2) راجع بحار الأنوار: 98/340 في الزيارة الرجبية.

(3) تاريخ الطبري: 3/335.

(192)

 

(78)

ميمونة بنت علي الهاشمية

ن 21ـ ب 61هـ = 642 ـ 680م

 

      هي ميمونة بنت علي بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمية القرشية.

      ميمونة: بفتح الميم مؤنث الميمون وهو اسم مفعول من أيمن التي تعني البركة والمفردة هي الأساس صفة استخدمت علماً وأسماً في الذكور والإناث وممن سمي هي الأساس صفة استخدمت علماً واسماً في الذكور والإناث وممن سمي بذلك عدد من الصحابة والتابعين(1) وفي الأنثى هناك من سميت بميمونة من الصحابيات والتابعيات(2) ومن أبرزهن ميمونة بنت الحارث العامرية الهلالية زوجة الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) حين تزوجها في السنة السابعة للهجرة وتوفيت سنة 51هـ فعليه إن ميمونة هي المبروكة أي التي فيها البركة.

      قال المازندراني في عداد من خرجن إلى كربلاء من أخوات الحسين (عليه السلام) أم سلمة وأختها ميمونة وأمهما أم ولد(3)، وهذا لا يعني أنهما شقيقتان، وقد فصل القول عنهما في ترجمة والدة أم سلمة(4) ووالدة ميمونة(5).

      ونستذكر الماضي عن حياة السيدة ميمونة قليلاً:

      أمها أم ولد (ن 6ـ ب 40هـ)، نكحها علي (عليه السلام) بملك اليمين حوالى

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع تهذيب التهذيب: 5/590.

(2) راجع تهذيب التهذيب: 6/616.

(3) معالي السبطين: 2/227.

(4) معجم أنصار الحسين (الهاشميون): 1/185.

(5) معجم أنصار الحسين (الهاشميون): 1/203.

(193)

 

عام 20هـ في المدينة وأنجبت له ميمونة والتي أعتقت من حصة ابنتها هذه حيث كانت وحيدة أمها، فإذا كان نكاح علي لأمها في سنة 20هـ فإن ولادتها على الأغلب في 21هـ أو بعدها.

      وأما ميمونة على ما سبق تزوجها عبد الله الأكبر ابن عقيل الهاشمي (ن 20ـ 61هـ)(1). وذلك في حدود سنة 36هـ وأنجبت له: رقية وعقيلاً وأم كلثوم(2)، ولا يخفى أن هناك أرباكاً في زواج عبد الله الأكبر ابن عقيل حيث يرى البعض أنه تزوج أم هاني (فاختة) بنت علي (عليه السلام) أولاً ثم تزوج ميمونة(3)، ولكن اختيارنا رسا على أن أم هاني هي زوجة عبد الله الأصغر ابن عقيل وميمونة هي زوجة عبد الله الأكبر ابن عقيل، وعلى ذكرتسلسل الأولاد فإن الأول هي رقية والثاني هو عقيل والثالث هي أم كلثوم، وإذا ما أنجبتهم سنة بعد سنة كانت ولادة الاولى رقية سنة 37 والثاني هو عقيل سنة 38هـ، والثالث هي أم كلثوم سنة 39هـ، الظاهر أن عبد الله وميمونة لم يبق لها عقب في أولادهما، وعدم ورود أسمائهم في كربلاء مع أن الوالدين حضراها لعله يرشدنا إلى أن أولادهما درجوا قبل معركة الطف سنة 61هـ، وعلى أي حال فقد قتل أبوهم في كربلاء، وأسرت أمهم مع السيدة زينب عليها السلام ورجعت إلى المدينة ومن المفروض أنها توفيت في المدينة ودفنت في البقيع.

      وكان عمرها يوم الطف نحو أربعين سنة وبعلها أكثر من أربعين عاماً وأما الأولاد فلا ذكر لهم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع معجم أنصار الحسين (الهاشميون): 2/199.

(2) معجم أنصار الحسين (الهاشميون): 1/186 وسفير الحسين: 26.

(3) راجع المحبر: 56، وسفير الحسين: 26.

(194)

 

 

(79)

ميمونة أم عبد الله الحميري

ق 10ق.هـ ـ ب 61هـ= 612ـ 680م

      هي ميمونة أم عبد الله بن يقطر الحميري(1).

      يذكر عنها المازندراني(2): إنها كانت حاضنة للإمام الحسين عليه السلام في بيت أمير المؤمنين عليه السلام إلى أن توفيت فاطمة عليها السلام بتاريخ 3/6/11هـ في المدينة، ثم بعدها انضمت إلى بيت الإمام الحسين عليه السلام وكانت تخدم في بيته إلى أن خرج الإمام الحسين عليه السلام من المدينة في 29/7/60هـ إلى العراق ووصلها في 2/1/61هـ، فخرجت هي مع ابنها عبد الله بن يقطر الحميري، ثم إنه عليه السلام بعثه بعد ما خرج من مكة وهو في الحاجز يوم 13/12/60هـ وتوجه إلى الكوفة ليوصل رسالة إلى مسلم بن عقيل، فقبض عليه الحصين بن نمير التميمي في القادسية فأرسله إلى عبيد الله بن زياد فسأله عن حاله فلم يخبره فقال له: اصعد القصر والعن الكذاب ابن الكذاب ثم انزل حتى أرى فيك رأيي، فصعد القصر فلما أشرف على الناس، قال: أيها الناس أنا رسول الحسين ابن فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) إليكم لتنصروه وتؤازروه على ابن مرجانة وابن سمية الدعي ابن الدعي فإمر به عبيد الله فألقي من فوق القصر إلى الأرض فكسرت عظامه وبقي به رمق فأتاه عبد الله بن عمير اللخمي فذبحه بمدية(3) وهناك من يرى بأن عبد الله بن يقطر خرج مع

ــــــــــــــــــــ

(1) اختلف في ضبط المفردة فقيل «بقطر» كما في تاريخ الطبري: 3/303 و343. و«يقظة» كما في الإصابة: 3/58 ولكنني أظنه أراد عبد الله بن بقظة بالباء الموحدة لأنه ذكره بين الألف والثاء.

(2) راجع معالي السبطين: 2/230.

(3) إبصار العين: 103 عن تاريخ الطبري: 3/303.

(195)

 

مسلم بن عقيل إلى الكوفة، ثم إن مسلماً كلفه بحمل رسالة ألى الحسين عليه السلام ليخبره بتراجع القوم فقبض عليه الحصين وسلمه لابن زياد(1). وما إن واصل الحسين عليه السلام إلى زبالة يوم الاثنين 21/12/60هـ حتى أخبر بمقتله على يد عبيد الله بن زياد(2)، وبقيت ميمونة في ركب الإمام الحسين عليه السلام إلى أن قتل وأسر من بقي من آله وآل أنصاره فأسرت ورجعت مع الركب إلى المدينة وبقيت فيها إلى أن توفاها الله فيها الظاهر أنها دفنت في البقيع.

      نستقرىء من كونها حاضنة الإمام الحسين عليه السلام وأن ابنها عبد الله لدة الحسين عليه السلام والذي ولد بفارق ثلاثة أيام، أنها في شعبان سنة 4هـ كان لها من العمر أكثر من 14سنة وعليه يكون عمرها يوم الطف أكثرمن سبعين عاماً وابنها له من العمر حين استشهد في الكوفة 56سنة.

      كما نستقرىء مما سبق أنها لم تكن أمة بل كانت حرة وزوجها يقطر كان من بني حمير الذين ينتسبون إلى حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، وبلادهم في اليمن(3).

      ونستقرىء أيضاً أنها لم تنجب ليقطر غير عبد الله، حيث لم نجد لغيره ذكراً ولو كان لبان.

      ونستقرىء أيضاً أن ميمونة كانت شديدة الولاء لأهل البيت عليهم السلام حيث لم يذكر أنها استئجرت لذلك ولا كانت أمة فعلية كانت متبرعة بحضانة الإمام الحسين عليه السلام ويبدو أنهم أكثر كما أم قيس بن ذريح الكناني المتوفاة سنة 68هـ(4)، وأم الفضل لبانة بنت العباس الهاشمية، نعم هناك من ذكر بأن يقطر كان خادماً لرسول الله ص، وهذا يحمل إلينا معنيين الأول: إنه لم يكن عبداً مملوكاً، والثاني: إنه ربما كان يقتات من وراء الخدمة، وهذا النوع من الخدمة لا يتطلب إلا ثلاثة أشياء آنذاك: الكسوة، السكن، الطعام، فإذا وفرها المخدوم للخادم خدمه لأن الحياة كانت بسيطة، وربما كانت خدمة يقطر تبرعاً لمقام الرسول ص، وربما كان كما كان أنس بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) إبصار العين: 104.

(2) راجع تاريخ المراقد: 5/79.

(3) معجم قبائل العرب: 1/305.

(4) وفي أعلام الزركلي: 5/206 أنه كان رضيع الحسين عليه السلام.

(196)

 

مالك الخزرجي الأنصاري (10ق.هـ ـ 93هـ) الذي خدم الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) منذ أن دخل الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) المدينة وحتى قبض (صلى الله عليه واله وسلم) ويروى عنه أنه قال: «كن أمهاتي يحثثنني على خدمة الرسول (صلى الله عليه واله وسلم)»(1) ومما يدل على أن خدمة الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) كانت امنية للكثير من الصحابة، وقد ذكر صاحب تاريخ الكوفة: أن يقطراً كان خادماً عند رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وكانت زوجته ميمونة في بيت أمير المؤمنين عليه السلام فولدت عبد الله قبل ولادة فاطمة الحسين عليه السلام بثلاثة أيام، وكانت ميمونة حاضنة له، فلذا عرف عبد الله برضيع الحسين عليه السلام وإلا فالحسين لم يرضع من غير ثدي فاطمة عليها السلام(2) ولسان الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) وإبهامه كما في الروايات.

      وما جاء في بعض الأقوال وصف عبد الله بن يقطر برضيع الحسين عليه السلام(3) وأنه أخاه من فيه مسامحة وإنما كانت حضانته وحضانة الحسين عليه السلام في وقت واحد من قبل أمه ميمونة وسنأتي على تفصيل الكلام في عبد الله بن يقطر إن شاء الله تعالى: ونستقرىء أيضاً أن ميمونة كانت تخدم في  بيت فاطمة علهيا السلام على الاقل في مدة حملها بالحسين عليه السلام.

      المصادر التي ذكرت عبد الله بن يقطر ذكرت بأن أمه كانت حاضنة الإمام الحسين عليه السلام ولكن جلها لم تذكر اسمها، وربما أول ما ورد ذكرها بالاسم هو ما أورده المازندراني في معالمه والبراقي(4) في تاريخه، وما ورد في الوسيلة(5) أن صاحب الأصابة ذكرها في حرف الميم لم نتمكن من الحصول عليه في الإصابة، والاعتماد على المازندراني والبراقي في تحديد اسمها وهما محققان جليلان، والله العالم.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تهذيب التهذيب: 1/239.

(2) تاريخ الكوفة: 292.

(3) جاء في بحار الأنوار: 98/341 في الزيارة الرجبيبة «السلام على عبد الله بن يقطر رضيع الحسين عليه السلام» أي الذي رضع في وقت واحد مع الحسين عليه السلام.

(4) البراقي: هو حسين بن أحمد بن إسماعيل بن زيني الحسني النجفي (1261ـ 1332هـ) كان من علماء النجف، له العديد من المؤلفات منها: بهجة المؤمنين، السر المكنون، ومعدن الأنوار.

(5) وسيلة الدارين: 216.

(197)

 

(198)

 

حرف النون

 

            80ـ نفيسة بنت علي الهاشمية                22ـ ب 61هـ

            81ـ نفيلة (أم أبي بكر الهاشمي) المدنية      ن 29 ـ ب 61هـ

 

 

(199)

 

(200)