الحسين وأهل بيته وأنصاره (الجزء الرابع)

اسم الکتاب : الحسين وأهل بيته وأنصاره (الجزء الرابع)

المؤلف : للعلامة المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي
المطبعة : دائرة المعارف الحسينية / المركز الحسيني للدراسات /لندن المملكة المتحدة

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم(1)


الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى(2) آدم ونوحاً وآل ابراهيم وآل عمران على العالمين، ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم(3)،إنه لقول رسول كريم(4)، إني لكم رسول أمين(5)، أبلغكم رسالات ربي و (6) لا أسألكم عليه اجراً إلا المودة في القربى(7) وآت ذا القربى حقه(8) ذلك خير للذين يريدون وجه الله وأولئك هم المفلحون(9).
صدق الله(10)العلي العظيم(11)
(1) سورة النمل، آية: 30.
(2) سورة النمل، آية: 59.
(3) سورة آل عمران، آية: 33 – 34.
(4) سورة الحاقة، آية: 40.
(5) سورة الشعراء، آية: 107.
(6) سورة الأعراف، آية: 62.
(7) سورة الشورى، آية: 23.
(8) سورة الإسراء، آية: 26.
(9) سورة الروم، آية 38.
(10) سورة آل عمران، آية: 95.
(11) سورة البقرة، آية: 255.
(5)
قال الرسول الأعظم (ص):
«إن الحسين مصباح هدى
وسفينة نجاة
وإمام خير ويمن
وعز وفخر
وبحر علم وذخر»(1).
وصدق رسوله الكريم
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) عيون أخبار الرضا: 1/ 62، وقريب منه في فرائد السمطين: 42.
(6)
مقدمة الناشر
يختلج القلب.. وتتسارع نبضاته.. حتى يخال إليك أنها تطرق أعظم الصدر.. تريد أن تفتح كوة تنسل منها إلى الأثير.. ويرتعش الجسم حتى لتظنن أنك قد أصابك داء أطلق الحمى من عنانها.. وتحتل روحك لهفة.. هي كلهفة الحبيب إلى الحبيب لحظة اللقاء بعد نأي وافتراق طويلين.. وتمتلكك رهبة كرهبة المقدم على أمر يهابه..
هذا ما يعتريك.. وأنت تقف على بوابة الضريح.. توشك أن تلج إلى رحابه.. فهنا مرقد الحسين سيد الشهداء.. وهنا مثوى الجسد الطاهر المرمل بالدماء.. وقد أثخنته النصال والنبال.. والصفاح والرماح..
وتقترب من الضريح بخطى هادئة مطمئنة.. وتبلغ الشباك الذي يحيط به.. تلقي بجبهتك عليه أو تلصق خدك به.. ولا تملك حينها إلا أن تتذكر تلكم الجبهة الدامية وذلكم الخد التريب.. فتهرق عيناك دموعاً لا تستأذن حين تهمي.. ولكن كم هي وضيعة تلك الدموع أمام تلك الدماء.
نعم...
هذا ضريح الحسين.. وها هي الملائكة تحف به مستغفرة لزواره..
فيا لله ما أعظم هذا المشهد.. وما أروع هذا الموقف.. وما أسمى هذا المقام.. وما أعطر هذا الجدث.. ولست أدري أأغبط التراب الذي يلامس خده.. أم أغبط القبة التي تظلل قبره.. أم أغبط النسمات المفعمة بالعطر تلفح وجوه زواره.. لا بل أغبطها جميعاً.. وأغبط زواره وهم في لحظات خشوعهم وسموهم وإشراقهم حيث تتنزل عليهم رحمات المولى.. وهم يلهجون قائلين وتخنقهم العبرة السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله....
(7)
حل أمام ناظري هذا المشهد وأنا أحاول أن أخط بعض الكلمات كمقدمة لكتاب تاريخ المراقد الجزء الرابع من دائرة المعارف الحسينية، فرحت أصفه على هذه الورقة التي أمامي، ثم انتبهت إلى ضرورة كتابة المقدمة، ويا ليتني لم أنتبه.
نعم هذا هو الجزء الرابع من موضوع تاريخ المراقد من أجزاء دائرة المعارف الحسينية لسماحة آية الله الشيخ محمد صادق محمد الكرباسي، وقد بدأ سماحة المؤلف الجزء باستدراكات على الأجزاء السابقة في القرن الأول والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر. ثم بدأ بمواضيع الجزء الرابع مبتدئاً بموضوع الروضة الحسينية من الزاوية الفنية حسب تسلسل القرون منذ القرن الأول وحتى القرن الخامس عشر، ثم عرض للفنون ابتداءً من الفن الفرعوني إلى الفن الساساني وطرز الزخرفة المتنوعة، ثم عرض بالتفصيل للفن الإسلامي وعناصر المعمارية الإسلامية، والفن المعماري الإسلامي منتقلاً إلى الحديث عن عمارة الروضة المقدسة من كل الجوانب الفنية من النقوش إلى الزخرفة إلى القاشاني إلى الخطوط بأسلوب جديد وبتفصيل لم يتطرق إليه أحد من قبل.
ولا بد في الختام من الإشارة إلى أن هذا الجزء هو الجزء السابع والثلاثون من الأجزاء التي تم طبعها حتى الآن من أجزاء هذه الموسوعة، وعلى الله الاتكال في مواصلة السعي لطباعة سائر الأجزاء إن شاء الله.
23/ ربيع الثاني/ 1428هـ
10/ أيار/ 2007م
(8)

عكازة الكاتب

 


العكازة ليست للعاجز وحده بل للإنسان فيها مآرب أخرى، وهي تختلف من مورد إلى آخر، ومن موقع إلى غيره، فالكاتب قد لا يحتاج إلى نص يعتمد عليه بل يضطر في كثير من الأحيان إلى قاعدة يبني عليها، بل إلى صخرة تجدع بالشرارة لتتكون منها فكرة قد لا تكون مقتبسة منها بشكل مباشر، بل إنها توحي إلى أخرى.
إن قصتي مع الكتابة لها تشعب لا مجال لذكره لما في صوره من تعددية تحتاج إلى تهذيب ودراسة، إلا أن من أجلى صورها القدرة على كتابة موضوع قد يتوقف في انطلاقته على مجرد رأس خيط كما يقولون، وبدونه قد تنطوي وحدات من الزمن دون أن تحرك هذه الهمم تلك الأنامل التي لا تفتر عن الكتابة في أصعب الأشكال وفي أحلك الأوقات، ولكنها في الواقع هي من نسيج تلك القشة التي قد تقصم ظهر البعير بينما تلك العكازة رغم ضحالتها ونحافتها تأتي لتنقذ الكاتب من حيرة البدء أو التفرع والانشطار. والكاتب قد يكون كالغريق الذي يتشبث بكل حشيش ليوصله إلى جو الكتابة التي لم يعهد منه التوقف عنها، إلا أن الجواد قد يكبو، ولكن ليست كبوته عن عجز أو فقر، بل لتلاطم أمواج الفكر وازدحام الخيال الذي قد لا يسعه الفضاء، ولا تتحمله الأجواء، ولكن الدفعة الأولى هي التي تدحرج الكلمات والجمل وتركب الأفكار بالوقائع لتهبط من قمم الخيال إلى قراطيس الحياة، وتشرق صوراً من حقيقة الإنسان على أفق الواقع لتتطابق، سنن الحياة مع مسيرة الإنسان، أو لا تتطابق، فيحدث الصدام بين حضارة تلك وهذه لتبقى السماء ملبدة بغيوم الأفكار وتنتظر من يحررها من عبودية سلطان النفس الأمارة ويعيدها إلى حظيرة العرفان لترتقي سلم المعارف وتعرج بروح ملائكي مجرد لتصل إلى شاطئ الأمان في
(9)
المعمورة بعمران الذات والتغلب على اختراقات النفوس في مراحل قد لا تختلف عن غرق السفينة بمن فيها لتنهي بذلك جدلاً بل صراعاً بين قوى النفس المجندة وبين قوى العقل المسلحة فمن الغالب ومن المغلوب؟ وعندها تكون الآفاق خمساً ليس الخير في وسطها بل الخير في يمينها المتطرف بالحقيقة الضائع، لأن الرجحان في الفرض، والخسران في النهي وما بينهما مراحل ثلاث أوسطها المباح الذي لا يمكنه أخذ القرار فيه وكأنه لا يبالي بشيء فلا إلى هؤلاء ولا إلى أولئك دون أن يتخطى حدود الرجحان سلباً أو إيجاباً ليصل إلى ذروة الطاعة من ندب إلى فرض أو قمة في العصيان متدرجاً من لا محبوب إلى تجري المخالفة.
عكازتي قد تكون صورة أو لوناً أو كلمة أو صفحة أو حرفاً، وقد تكون إنساناً، أو مخلوق آخر أو قطعة من بقايا فيلم أو كلام أو مجرد رؤية أو حركة خاطفة تجلب النفس إلى مشتهياتها.
عكازتي ربما كانت قلمي أو قرطاسي أحمله ثقلي وثقلي، ينحني القلم لكنه لا ينكسر، وتنثني الورقة لكنها مطواعة، هذا قدري وهذا عملي.
ليس غريباً أن ترتسم لديك صورة قبعة من أخرى، ولكن الغريب أن تبتكر من الحذاء قبعة، العكازة هي العكازة، واللون قد يختلف، والصورة قد تتفاوت، وفي الكتابة قد يحتاج إلى كتيب مفرغ، وقد لا تفيدك موسوعة غناء، هذه هي العكازة التي أهش بها غنم كلماتي، وأطرد بها عداء وقفتي، ولي فيها مآرب أخرى.
أترك في النهاية ربط هذه الكلمات بما في هذه الباب بل وغيره إلى فهم القارئ الذي أعتمده في مجمل كتاباتي لعله يتفنن فيجد صوراً مختلفة مما حمله إليه خيالي.
(10)


استراحة المفكر


ليس المحارب وحده يستريح، وليس المقاتل وحده يريد فترة من الهدوء، لينطلق من جديد، بل المفكر هو الآخر يبحث عن مثل هذه الاستراحة، بل إنه المحارب حقاً، حيث يحارب ويجاهد معاً، ولكنه قد يتوقف لفترة زمنية لتكون بمثابة استعداد لجولة اخرى ربما كانت الأقوى والأكبر، إنه لا يتوقف جبناً ولا خوفاً، ولا حاجة إلى عتاد، بل إنها لحظات تأمل قد تكون لحظة منها خيراً من ألف شهر من العمل، ربما التأمل فيما كتب أو عما يكتب، بل ربما كيف يكتب ولماذا يكتب؟، أو ربما ابتعد أكثر من ذلك ليفكر من جديد هل يكتب؟ لأن الكاتب القدير يجب أن يدرس ما كتبه، يقيمه بل يقومه، فإن وجد فيه ما يقنعه وما ينفع الناس استمر على تلك الوتيرة، وإن لم يجد توقف عند حده إن لم يمح آثار ما قدمه إن وجد فيه ما يضيع وقت القارئ الذي هو أثمن من كل ثمين وأغلى من كل غالٍ.
الفكر عنوان كبير والكتابة تؤطره، والفكر مسرح هارب والكتابة تلجمه، والفكر ماض مع الخيال والقيد يثبته، فلا مسافة بين الكتابة والفكر، الاستراحة ضرورة في كل موقع، وقد يصل المفكر الكاتب إلى حد الضرورة في درجاتها القصوى لأن يستريح، اللهم إلا إذا كان المفكر من أنصاف المفكرين والكاتب مثله، وعادة ما تقع الطيور على أشكالها ويلتئم الباب بجدرانه فعندها تكون الكارثة، ولا تقع إلا على كاهل القارئ الناشئ ليدفع ثمنها باهضاً وسيبقى يعاني ربما لا يغادر الحضيض بعدما ترك حظيرته واستحاض دون أن يحاط علماً، وربما تتكون عنده معلومات هي أقرب إلى الجهل المركب الذي يلتبس عليه فتكون متشابهاته أكثر من محكماته إن وجدت.
(11)
إن هذه الاستراحة ضرورتها قصوى، لأنها تفرز المفكرين والكتاب، فمن ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية، والويل لمن خفت موازينه فإنه لا يترك لنفسه مجالاً لإعادة التفكير في بناء ذاته وتغيير الأسس التي يرتكز عليها في تفكيره وتسطيره بالانعكاس على القرطاس الذي بات مطاوعاً رغم أنه كمرآة القمر والتي لها قوتان قوة الالتقاط وقوة الانبعاث، فالضوء الذي تلتقطه من الشمس بما فيه من الحرارة لتبعثه نوراً فيه من الهدوء ما يدخل شعاب الفكر ويشع على آفاق القارئ، فمن هنا تأتي أهمية هذه الاستراحة التي هي بمثابة قاعدة انطلاق لصواريخ الفكر إن كانت نارية، وإلى أنوار القمر إذا ما كانت هادئة.
ليس في الهدوء كله تهدئة للنفس البشرية، بل قد يكون نور القمر المطل بهدوئه يوجب الإثارة في الجنس اللطيف، بحيث يولد فيها القلق ويثير من دفائنها للتفاعل مع أجهزتها المقاسة على مقاسها لينبعث اضراباً ويتحول إلى حالة من الهدوء غير المرغوب فيه والمعبر عنه بالكآبة، فهل العيب في النور أم في المرأة؟ هناك احتمالان بل احتمالات! فالفكر الثاقب قد يكون هادئاً ولكنه مثير ويتفاعل مع ما هو مودع في المتلقي ليصنع ما يصنع ويغير ما يغير إن سلباً أو إيجاباً، ولكن للألفاظ والكلمات، والأسلوب والطرح أثر كبير، هذا ما يجب أن يعتمده المفكر الكاتب في إستراحته على أرضية الصدق والإخلاص بعيداً عن الأنانية والكراهية للآخر، إنها العدالة، بل ربما العصمة فهل يا ترى تحصنا بذلك.
إن ما أوردته هنا يرتبط ارتباطاً وثيقاً بهذا الباب فعلى القارئ اللبيب أن لا يغيب عنه ذلك.
(12)


استدراك على ما فات


أشكر الله جل وعلا على ما وفقنا لإنجاز الجزء الرابع من تاريخ المراقد رغم كل الصعوبات التي لا قيناها ممن اعتمدنا عليهم في إخراج هذه الأجزاء، نأمل منه سبحانه وتعالى أن لا يكلنا إلى أنفسنا طرفة عين أبداً، وأن لا يخيب آمالنا بحق سيد رسله وخاتمهم محمد (ص) وحق آله الأطهار عليهم أفضل الصلاة وأزكى السلام.
ورغم كل المحاولات لتخفيف المستدركات إلا أن الأمر خارج عن إرادتنا لأسباب ثلاثة:
1- الغفلة والسهو اللذان لا يفارقان غير المعصوم «عليه السلام» مهما أوتي من قوة وإرادة وتصميم، ولا مجال إلا أن نعتذر من القارئ الكريم ونتوجه إلى الله جل اسمه ونردد قائلين: (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا، ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به وأعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا)(1).
2- العمل الفردي الذي ابتلينا به، حيث لا زلنا نقوم بجل المهمات إن لم يكن كلها لوحدنا، وكلما نردد استغاثة الإمام الحسين «عليه السلام»: «ألا هل من ناصر ينصرنا» لم نجد آذاناً واعية وبكل أسف مما يجعلنا أن نستلهم مقولة الرسول (ص) حين فتح مكة قائلاً: «لا إله إلا الله وحده وحده وحده أنجز وعده ونصر عبده...»(2).
3- اللامبالاة لدى أرباب الصف والتنضيد وغيرهم ومع كل الأسف نثبت شيئاً فتراه قد حذف وربما زيد على ما أوردناه شيء لم نورده، وهنا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة البقرة، الآية: 286.
(2) بحار الأنوار: 83/ 22.
(13)
أود الإشارة إلى عينتين فقط إحداهما في الزيادة والأخرى في النقيصة أما الأولى فيمكن ملاحظتها في الجزء الأول من كتابنا «الحسين الكريم في القرآن العظيم» حيث كرر في سورة البقرة مقطوعة من سطرين وردت في سورة الفاتحة(1) مع أنها واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار بأنها تختص بسورة الفاتحة، وأما المقطوعة التي سقطت أو أسقطت من زيارة عاشوراء والتي جاءت بعد مائة سلام وقبل السجود التي فيها لعن الظالمين وذلك من كتاب الجامعة في الزيارات الحسينية الكاملة(2) التي هي من إعداد المركز الحسيني للدراسات، ولما أخضع الطرف للتساؤل أجاب بأنه خطأ غير مقصود حين أخذت من نسخة منضودة كانت جاهزة عنده، مع العلم أنه أخذ قيمة التنضيد، ولا مجال لدينا إلا أن نردد قائلين: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
15/1/1427 هـ
لندن – المملكة المتحدة
محمد صادق محمد الكرباسي
ــــــــــــــــــــــــــ
(1) الحسين الكريم في القرآن العظيم: 1/ 125 و129 من دائرة المعارف الحسينية.
(2) راجع الجامعة في الزيارات الحسينية الكاملة: 35.
(14)


القرن الأول


(16/7/622=23/7/719م)
* في الثالث عشر من محرم لما أتى الإمام السجاد «عليه السلام» للإشراف على دفن أبيه الإمام الحسين «عليه السلام» وسائر الشهداء رضوان الله عليهم، تولى دفن أبيه بنفسه وقد جاء بنو أسد له ببارية جديدة لتفرش تحت جسد الإمام الحسين «عليه السلام» فوضعها في القبر تحت جسد أبيه «عليه السلام»(1) ثم إنه خط في الأرض وأهال يسيراً من التراب فبان قبر محفور ولحد مشقوق حفره رسول الله (ص) فتقرب إليه رجال من بني أسد ليعينوه على الدفن، فقال «عليه السلام» أنا أكفيكم امره، وان معي من يعينني(2) ثم بسط كفيه تحت ظهره الشريف وقال بسم الله وبالله في سبيل الله وعلى ملة رسول الله، هذا ما وعد الله ورسوله، وصدق الله ورسوله، ما شاء الله، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ثم أنزله ولم يشرك معه أحداً، ولما أقره في لحده وضع خده على نحره الشريف..
ثم لما هال التراب في قبره خط بإصبعه على قبره: «هذا قبر الحسين بن علي بن أبي طالب الذي قتلوه عطشاناً غريباً»(3).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) نفس المهموم: 356 عن الشيخ الطوسي، وقد شاهدها الديزج عندما أمره المتوكل بهدم القبر، ولكن الصحيح رآها عمر بن فرج الذي هدم القبر أولاً بأمر المتوكل سنة 232هـ، وأما الهدم الثاني فقد كان على يد إبراهيم الديزج سنة 236هـ، راجع تاريخ المراقد: 1/272 من هذه الموسوعة.
(2) اراد بهم الملائكة.
(3) مقتل الحسين لبحر العلوم: 469 راجع تفاصيل الدفن في السيرة الحسينية من هذه الموسوعة نقلاً عن العديد من المصادر.
(15)

(16)


القرن الحادي عشر


(8/10/1592 = 14/10/1689م)
وفي سنة 1048 هـ أمر السلطان صفي الدين الصفوي بتزيين إيوان صافي صفا (مرواريد) بالقاشاني فكتب على جانبيه البيت التالي من مربوع الرجز(1):
لي خمسة أطفي بهم حر الجحيم الحاطمة المصطفى والمرتضى وابناهما والفاطمة
كما كتب على قوس الإيوان ضمن النقوش المزينة الصلوات التالية:
اللهم صل على محمد المصطفى، اللهم صل على علي المرتضى، اللهم صل على البتول فاطمة الزهراء، اللهم صل على الإمامين الحسن والحسين، اللهم صل على الإمام علي بن الحسين، اللهم صل على الإمام محمد الباقر، اللهم صل على الإمام جعفر الصادق، اللهم صل على الإمام موسى الكاظم، اللهم صل على الإمام علي الرضا، اللهم صل على الإمام محمد الجواد، اللهم صل على الإمام علي الهادي، اللهم صل على الإمام الحسن العسكري، اللهم صل على الإمام القائم الحجة المنتظر المهدي، اللهم عجل فرجهم وسهل مخرجهم وارحمنا بهم(2).
ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) مربوع الرجز وزنه مستفعلن × 8 والذي سميناه بالرجز التام في هندستنا للعروض من جديد.
(2) كتابات الروضة الحسينية: 4، ويظهر في نهاية الكتيبة في المصدر كلمتان هما: «الأستاذ جليل» ولكن هناك كلمات أخرى غير واضحة لعله أراد أن يذكر كاتبها والله العالم.
(17)
* في سنة 1090هـ(1)، كتبتب على المصراع الأيمن من إحدى أبواب الروضة الحسينية الأشعار الفارسية التالية، وهي من بحر مربوع الرمل:
أي در علم أزل وي مخزن سر خدا
كاسمان در ملك رحمت جز تو نكشايد
أزپي تعظيم جاه سجده ودرگاه تست
أزكرييان مشت كرويران آيد سري
قبله حاجات در خاك درگاهت مقيم
نيست چون خاك درت برسر يزدان مظهري
درپناه آستانت هرگدائي خسروي
در جوار پاسبانت هر غلامي قيصري
بر شمار پرده داران آسمانت حاجبي
در قطار پيش كاران جبرئيلت چاكري
آسمانش جوهر سيمينت بشمار درآن
هست چون بر آسمان تابنده سيمين أختري
أز شكوه اين در، وز حرمت اين دركه است
چرخ راكر احتشامي عرش را كر زيوري
پاس اين درگاه راشب تا سحر روح القدس
پاسباني نو نشانه هر دمي پر منظري(2)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هكذا يظهر من التاريخ الشعري المثبت على المصراع الأيسر من الباب:
«از عماد الدولة بكشود أندر أينة حاير دري» والذي يعادل «1090».
(2) ترجمة الأبيات نثراً جاءت كالتالي.
يا من جعله الله في علمه الأزلي خازنا لسره
إن السماء لا تفتح أبواب رحمتها إلا لك (يا حسين)
من اسس تعظيم مكانتك السجود عند مرقدك
.................................................
إن عتبة مرقدك هي ملاذ حاجات الأمة
فلا يفوق على تراب عتبتك مظهر آخر في سر الله=
(18)
وكتب بعدها على الجهة اليمنى من هذا المصراع: «بسم الله الرحمن الرحيم» وعلى الجهة اليسرى من هذا المصراع: «قال النبي صلى الله عليه وآله».
وأما ما كتب على المصراع الأيسر:
قدسيان آيند هر شب باطبقهاي نشار تاگذارند أز شرف برخاك درگاهت سري
خوش بكام شاهد قدس هر شب تابه صبح جون بكام عاشق مسكين بت سيمين بري
أي شهنشاهي كه ذات أقدست راجز خدا هر عرض قائم نكردد جز بذات جوهري
صد هزارش جبرئيل آيد ز رحمت زير پر طاهــــــر بام توكساز شدن بكشايد پري
باز شد اين باب چون در حاير شاه شهيد از چنين را راي كسرى راي جمشيد أختري
كلك زكرم زد پي تاريخ لآل أو رقم از عماد الدولة بكشود أندر اين حاير دري
شد هويدا در أساس اين در والاگهر داور دارا شكـــــــوهي حسن وجم گوهري
ــــــــــــــــــــــــــ
=
كل فقير في جوار عتبتك ملك كريم
كل خادم لعتبتك هو قيصر عظيم
اجعلني حاجباً في عداد المستخدمين لك
والذي يعد جبرئيل في رعيل خدامك
تعتبر سماؤه معدناً للفضة
وهو في السماء مثل كوكب القمر المنير
من عظمة هذا الباب وحرمته يعرف مكانة الراقد هنا
أنت جلالة الأفلاك وأنت زينة العرش
إن روح القدس يحرس هذه العتبة من الليل إلى الصباح
حراسة هذا المقام وسام يجدد لمن يحرسه
الأختر: الكوكب النجم، سيمين الأولى: الفضة، سيمين الثانية: القمر.
(19)
سيل در تشنه عماد الدولة شاه جم نشان آنكه نبود همجو أو أز دوح دولت گوهري(1)
وختم هذه الأبيات بالعبارة التالية تكملة لما ورد في المصراع الأيمن، فجاء على اليمين (إنا فتحنا لك فتحاً مبينا)(2)، وعلى اليسار «أنا مدينة العلم وعلي بابها»(3).
ويظهر من هذه الأبيات أن الذي فتح هذا الباب هو عماد الدولة وفي سنة 1090هـ إلا أننا لم نتمكن من ضبط هذه الشخصية(4).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) جاءت ترجمة الأبيات إلى العربية نثراً كالتالي:
الملائكة الأطهار ينزلون كل ليلة وبأيديهم أطباق من الورد لكي يتشرفوا بوضعها على قبرك الطاهر
هنيئاً لشهود القدس المحظوظين من الليل إلى الصباح أنت في نظر العاشق المسكين ذلك المعشوق الفضي الناصع
يا ملك الملوك الذي لا يصل غير الله من الموجودات إلى كنهك وجوهرك
إن شعاع رحمة (الحسين) يغطي مائة ألف مثل جبرئيل صيتك الطاهر قد خيم علي كما القماش الجميل الناعم الملمس
وحين فتح هذا الباب في حائر الملك الشهيد فكأنه كان طريقاً لكسرى وللملك جمشيد
تكرم القلم فكتب في تأريخه الأحمر: من قبل عماد الدولة فتح هذا الباب في هذا الحائر
ظهر في أسس هذا الباب، ذو العظمة والقدر العادل صاحب العظمة والجلال، والثمين المعدن
عماد الدولة ملك الجماهير الذي لم يكن في دوحة الملك مثله
وإليك بعض معاني المفردات الأدبية المستخدمة: بري: نوع من القماش الجميل الناعم الملمس. سيمين: الفضة، بت: المعشوق، كام: الذوق، النظهر، پري: الطاهر، الخالص من الشوائب، أختري: السيد، أندر: في، لال: اللون الأحمر، جم: الكثير.
(2) سورة الفتح، الآية: 1، جاءت الآية تحت: «بسم الله الرحمان الرحيم».
(3) بحار الأنوار: 40/206، جاء الحديث تحت: «قال رسول الله صلى الله عليه وآله».
(4) راجع عن الكتيبة، كتابات الروضة الحسينية: 24 – 25.
(20)

القرن الثاني عشر


(15/10/1689 = 23/10/1786م)
* في سنة 1133هـ أهدت گوهر بيكم كريمة السطان حسين الصفوي الصندوق المصنوع من الخاتم لمرقد الإمام الحسين «عليه السلام» والذي ما زال موجوداً لحد الآن وقد سبق الحديث عنه(1).
وقد تمكنا من قراءة ما كتب عليه من جهاته الخمس السطح (أعلى الصندوق)، جهة الشمال، جهة الجنوب (القبلة)، جهة الغرب، وقسم من جهة الشرق.
1- جهة الشمال: مقسم إلى ثلاث أقسام بمعنى أن في وسطه عامودين من الكتابة وقد جاء على الشكل التالي:

ش463 ش464
(1)1 (2)2
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع تاريخ المراقد: 2/94 و3/247.
(21)

ش465 ش466
(33 4 5 6 7 8) (4)

 

1- يبدأ بقوله تعالى: (هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلو من رزقه وإليه النشور).

(22)

2- يبدأ بقوله تعالى: (أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض) إلى قوله: (يمسكهن).
3- يبدأ بقوله تعالى: (ألا الرحمن إنه بكل شيء بتصير) إلى قوله تعالى (إلا في غرور).
4- يبدأ نزولاً بقوله تعالى: (أمن هذا الذي يرزقكم) لتنتهي بقوله تعالى: (على صراط مستقيم).
5- يبدأ من قوله تعالى: (قل هو الذي أنشأكم) إلى قوله: (قليلاً ما تشكرون).
6- يبدأ من قوله تعالى: (قل إن العلم عند الله) إلى قوله: (هذا الذي كنتم به تدعون).
7- يبدأ من قوله تعالى: (قل أورأيتم إن أهلكني الله) إلى قوله (من عذاب أليم).
8- يبدأ صعوداً بقوله تعالى: (قل هو الرحمن) إلى قوله: (بماء معين)(1).
9- وكتب في العمود الوسطى الأول: قال سبحانه وتعالى: (تبارك الذي بيده الملك)(2).
10- وكتب في العامود الثاني: من الأسفل إلى الأعلى: (ويطهركم تطهيراً)(3) ويختمها بقوله: (هو الله العلي العظيم).
2- جهة الجنوب: مقسم إلى ثلاث أقسام أيضاً مثل جهة الشمال ويبدأ بسورة الملك من أوله إلى حيث يبدأ به في جهة الشمال أي إلى قوله: (وهو اللطيف الخبير)(4) على نفس الترتيب.
ـــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة الملك، الآيات: 15 – 30.
(2) سورة الملك، الآية: 1.
(3) سورة الأحزاب، الآية: 33.
(4) سورة الملك، الآيات: 1-14.
(23)
3- جهة الغرب (الرأس): يبدأ من الزاوية الجنوبية في الجهة العلوية إلى جهة الشمال بقوله: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً) (1) لينتهي إلى قوله: (ويستبشرون بالذين)(2) ليبدأ من جديد مما أنتهى به من الزاوية الجنوبية ولكن نزولاً إلى جهة الأرض (لم يلحقوا بهم)(3) ليصل من الزاوبة الجنوبية السفلى إلى قوله تعالى: (الذين استجابوا لله والرسول)(4) ويذهب شمالاً مكملاً الآيات ليصل عند الزاوية السفلى من جهة الشمال (إن الناس قد جمعوا لكم)(5) ويستمر ويذهب صاعداً إلى الزاوية الشمالية في الجهة العلوية وينتهي بقوله تعالى: (رضوان الله والله ذو فضل عظيم)(6).

ش473 ش474
(11)12 13 (12)

 

ــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة آل عمران، الآية: 169.
(2) سورة آل عمران، الآية: 170.
(3) سورة آل عمران، الآية: 170.
(4) سورة آل عمران، الآية: 172.
(5) سورة آل عمران، الآية: 173.
(6) سورة آل عمران، الآية: 174.
(24)

15
(15) (16)

4- جهة الفوق (السطح): يبدأ من الزاوية الجنوبية الغربية إلى جهة الشرق بقوله تعالى: (يا أيتها النفس المطمئنة* ارجعي إلى ربك راضية مرضية* فادخلي في عبادي* وادخلي جنتي)(1) ثم قوله تعالى: (قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى)(2) ثم من الزاوية الجنوبية الغربية إلى جهة الشمال يبدأ بقوله تعالى: (أجعلتم سقاية الحاج) إلى أن يصل عند الزاوية الشمالية الغربية إلى قوله تعالى: (لا يستوون) ثم يتجه نحو الشرق ليصل عند الزاوية الشمالية الشرقية إلى قوله تعالى: (وأولئك هم الفائزون) ويتحول إلى جهة الجنوب لينتهي عند الزاوية الجنوبية الشرقية لينتهي إلى قوله تعالى: (عنده أجر عظيم)(3).
وبعده جاء كلمة (ولا تحسبن).
ش479 ش480
(17)17 18 (18)
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة الفجر، الآيات: 27- 30.
(2) سورة الشورى، الآية: 23.
(3) سورة التوبة، الآيات: 19- 22.
(25)

ش481 ش482
(19)19 20 (20)

5- جهة الشرق: وما وصلنا منه والذي يبدو الجهة البارزة نحو الشرق فتبدأ من الزاوية الشمالية العليا من قوله: (وسيق الذين اتقوا) لينتهي عند الزاوية الجنوبية العليا إلى قوله (وقالوا الحمد لله الذي)(1).
ثم يبتدئ من حيث انتهى من الزاوية الشمالية العليا ولاكن بتجاه الأسفل من قوله تعالى (صدقنا وعده) الى قوله (الحمدلله رب العالمين)(2).
بعدها ينحو نحو الجنوب من الزاوية الشمالية السفلى ويبدأ من بعدها قوله تعالى: (إن الله اصطفى آدم ونوحاً) إلى قوله: (والله سميع عليم)(3) وجاء بعدها «صدق الله ورسوله النبي الكريم خدم بكتابته عبد الرحيم 1133».
ومما تجدر الإشارة إليه أن النقوش التي على الصندوق من النقوش الهندسية والمطعمة وقد كتب في وسط إحداها: «يا علي بن الحسين» ونظنها الجهة الواقعة عند مرقد علي الأكبر «عليه السلام»، ولا يحيط بها كتابات أخرى في الأشكال الهندسية المحيطة بها.
أما في الجهة التي على قبر الإمام «عليه السلام» ففي الوسط لم يكتب شيئاً ولكن في الأشكال الهندسية العشرة الواقعة على أطرافها فقد كتبت أسماء الأئمة العشرة هم الإمام الحسين «عليه السلام» وأبناؤه التسعة وحتى الإمام المهدي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة الزمر، الآياتان: 73- 74.
(2) سورة الزمر، الآياتان: 74- 75.
(3) سورة آل عمران، الآيتان: 33 – 34.
(26)
(عجل الله تعالى فرجه الشريف) وجاءت على الشكل التالي: «ياحسين بن علي»، «يا علي بن الحسين»، «يا محمد بن علي»، «يا جعفر بن محمد»، «يا موسى بن جعفر»، «يا علي بن موسى»، «يا محمد بن علي»، «يا علي ابن محمد»، «يا حسن بن علي»، «يا محمد بن الحسن».
كما كتب على إحدى الأشكال الهندسية الجانبية: «يا فاطمة يا علي» بينما كتبت على الأطراف آيات سورة آل عمران والزمر، وقطعة من دعاء الجوشن الكبير وكتب في الأشكال الهندسية ما يلس: «يا عدتي عند شدتي، يا رجائي عند مصيبتي، يا مؤنسي عند وحشتي، يا صاحبي عند غربتي، يا وليي عند نعمتي، يا غيائي عند كربتي، يا دليلي عند حيرتي، يا غنائي عند افتقاري، يا ملجئي عند اضطراري، يا مغيثي عند مفزعي».
وهناك كتيبات أخرى لم نتمكن من قراءتها(1).
وإليك بعض الصور التي تمكنا من التقاطها:

ش483 ش484
(21)22 (22)

ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) استخرجنا الكتابات المقروءة من الصور المرسلة من اللجنة المشرفة على إعمار المرقد الحسيني.
(27)

ش485 ش486
(23)23 24 (24)

* في حدود سنة 1155هـ(1) كتب بندان من قصائد المحتشم الكاشاني على كتيبة باب الرأس من أبواب الروضة وهي ثمانية وعشرون مصرعاً على ماجاء في المصدر(2)، والظاهر أن القفلين من البندين ألغيا من الكتابة ليكون على الشكل التالي:
اين كشته فتاده بهامون حسين تست وين صيد دست وپازده در خون حسين تست
اين نخل تركز آتش جان سوزتشنگى دود أززمين رسانده بگردون حسين تست
اين ما هى فتاده بدر ياى خون كه هست زخم از ستاره برتنش افزون حسين تست
اين غرقه محيط شهادت كه روى دشت از موج خون اوشده گلگون حسين تست
اين خشك لب فتاده دور از لب فرات كزخون اوزمين شده جيحون حسين تست
اين شاه كم سپاه كه با خيل اشگ وآه خرگاه زين جهان زده بيرون حسين تست

ــــــــــــــــــــــــــ
(1) سبق وذكرنا في تاريخ المراقد الجزء الثالث في جدول أبواب الروضة أنه قبل عام 1155هـ كان هناك باب عند الرأس الشريف، وبعد التوسعة تحول الباب إلى جهة الجنوب عند مرقد حبيب بن مظاهر، أو ربما كتبت هذه القصائد على الباب القديم، أو ربما كتبت على الباب الحديث إذ المصدر لا يذكر سوى قوله: «باب الحرم، فوق الرأس».
(2) كتابات الروضة الحسينية: 12.
(28)
اين قالب طپان كه چنين بانده بزمين شاه شهيد ناشده مدفون حسين تست(1)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ترجمة الأبيات نثراً هي كالتالي:
هذا المقتول المتروك بهذا العراء هو حسينك
وهذا الصيد الذي رفست أطرافه في الدم هو حسينك
هذه النخلة الرطبة التي من لهيب حرقة العطش
ارتفع منها الدخان إلى عنان الأفلاك هو حسينك
هذا القمر الملقى في بحار الدم الذي ترى
جروحه أكثر من نجوم السماء هو حسينك
هذا الغريق بمحيط الشهادة في صعيد الوادي
والملون من أمواج الدم هو حسينك
هذا الذابل الشفة والمرمي بعيداً عن نهر الفرات
والذي من دمه جرت أنهر على الأرض هو حسينك
هذا الملك الذي قل ناصره، والذي مع سيل الدموع والآهات
خرج من تحت خيمة السماء على سرج الدنيا هو حسينك
هذا الذي مضطرب جسمه ترك على الأرض بهذه الحالة
والملك الشهيد الذي لم يدفن جسمه هو حسينك
هامون: الأرض المسطحة الواسعة، كلگون: اللون الأحمر أو الوردي، جيحون: النهر والذي تسمي البلاد بعدها ببلاد ما وراء النهر طاجكستان، الخيل: قبيلة أو طائفة، خرگاه: الخيمة الكبرى، السماء، القالب، الجسم.
وقد أرتأيت أن أضع في ترجمتها ما جاراها السيد محمد مهدي بحر العلوم المتوفى سنة 1212هـ حيث جاءت في ديوانه المخطوط وفي مجلة تراثنا: 10/ 214 كالتالي:
يوم بنو المصطفى الهادي ذبائحه والفاطميات اسراء نوائحه
وسيط أحمد عار بالعراء لقى مزمل بالدما جرحى جوارحه
فوق القنا رأسه يهدى لكاشحه فنال أقصى مناه منه كاشحه
كم هام عز وأيد للسماح وكم أقدام سبق بها طاحت طوائحه=
(29)
كاى مونس شكسته دلان حال ما ببين ما را غريب وبيكس وبى آشنا ببين
اولاد خويش را كه شفيعان محشرند در ورطه عقوبت اهل جفا ببين
در خلد بر حجاب دو كون آستين فشان واندر جهان مصيبت ما بر ملا ببين
نى نى ورا چو ابر خروشان به كربلا طغيان سيل فتنه وموج بلا ببين
تنهاى كشتگان همه درخاك وخون نگر سرهاى سروان همه بر نيزه ها ببين
آن سر كه بود برسر دوش نبى مدام يك نيزه اش زدوش مخالف جدا ببين
ـــــــــــــــــــــــــــ
=
وكم حريم لأهل البيت محترم
قد استحل وكم صاحت صوائحه
مصاب خامس أصحاب الكساء وهم
أهل العزاء بهم حلت فوادحه
لم ينس قط ولا الذكرى تجدده
اورى بزند الأسى في الحشر فادحه
كيف السلو عن المكسور منفرداً
من غير نسوته خلوا مطارحه
يلقى الأعادي بقلب منه منقسم
بين الخيام وأعداء تكافحه
واللحظ كالقلب عين نحو نسوته
ترنو وعين لقوم لا تبارحه
لهفي عليه وقد مال الطغاة إلى
نحو الخيام وحاض النقع سابحه
قال: أقصدوني بنفسي وأتركو حرمي
قد حان حيني وقد لاحت لوائحه
(30)
آن تن كه بود پود پرورشش در كنار تو
غلطان بخاك معركه كربلا ببين(1)
ـــــــــــــــــــــ
(1) ديوان محتشم كاشاني: 283 – 284، وأما ترجمة الأبيات السبعة نثراً هي كالتالي:
يا مؤنس القلوب المنكسرة انظر إلى حالنا لترى غربتنا ووحدانيتنا وما لنا معارف
إن أبناءك (يا محمد) الذين هم شفعاء يوم الحشر هم اليوم في ورطة الاضطهاد من قبل الظالمين فانظر إليهم
الكونان في الآخرة رهن إشارتك فانظر إلى مصابنا في الدنيا أما الورى
يا عم انظر إلى الغيوم المرعدة التي حلت بكربلاء وإلى طغيان سيول الفتنة وأمواد البلاء
أنظر إلى أجسام الشهداء المرمية في التراب والدم وإلى رؤوس السادة مرفوعة على الرماح
أنظر إلى الرأس الذي كان لا يفارق كتف الرسول فإنه محمول على رمح لا يفارق كتف أعداءه
أنظر إلى الذي كانت نشأته بجوارك فإنه صريع على تربة كربلاء
استين فشان: تشير، تجيز. ني ني: العم بلغة الأطفال، تأكيد النفي.
وفضلنا أن نورد ما جاراه السيد بحر العلوم بقصيدته وترجمة مضامينها، وهي كما وردت في ديوانه المخطوط، ومجلة تراثنا القمية: 10/211.
هم أهل بيت رسول الله جدهم أجر الرسالة عند الله ودهم
هم الأئمة دان العالمون لهم حتى اقر لهم بالفضل ضدهم
سعت أعاديهم في حط قدرهم فازداد شأناً ومنه ازداد حقدهم
ونابذوهم على علم ومعرفة منهم بأن رسول الله جدهم
كأن قربهم من جدهم سبب للبعد عنه وأن القرب بعدهم
لو أنهم أمروا بالبغض ما صنعوا فوق الذي صنعوا لوجد جدهم=
(31)
....................................

ـــــــــــــــــــــــــ
=
دعوا وصي رسول الله وأغتصبوا إرث البتول وأورى الظلم زندهم
وأضرموا النار في بيت النبي ولم يرجوا الورود فبئس الورد وردهم
ومهدوا لذوي الأحقاد بعدهم أمراً بــــه تم ملأ قوام قصــــــدهم
اوصى النبي برفد الآل أمته فاستاصلواهم فبئس الرفد رفدهم
أبت صحيفتهم إلا الذي فعلوا من بعدها وأضاع العهد عهدهم
تعاقدوا وأعانتهم بطانتهم وحل ما عقد الإسلام عقدهم
(32)


القرن الثالث عشر


(24/10/1786 = 1/11/1883م)
* بعد سنة 1207هـ كتبت الآيات التالية على باب السدرة من الخارج في الكتيبة التحتانية:
(وسيق الذي اتقوا ربهم إلى الجنة زمراً حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين* وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين* وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين)(1). وفي نهايتها جاء التسليم على أبي عبد الله الحسين «عليه السلام» بالنص التالي: «السلام عليك يا سيد الشهداء»(2).
* في سنة 1225هـ كتب على صخرة المحراب(3) الذي سمي بنخلة مريم – حيث يذكر أن السيدة مريم «عليها السلام» أولدت السيد المسيح «عليه السلام» في هذا المكان وذلك بالقرب من مصرع الحسين «عليه السلام»(4) عند رأس الحسين «عليه السلام» - النص التالي: «اللهم إن هذا مشهد لا يرجو من فاتته فيه رحمتك أن ينالها في غيره، ولا أحد أشقى من امرئ قصده مؤملاً فآب عنه خائباً، اللهم إني أعوذ بك من شر الإياب وخيبة المنقلب والمناقشة عند الحساب وحاشاك أن تقرن طاعة وليك بطاعتك ومولاته موالاتك، ومعصيته بمعصيتك، ثم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة الزمر، الآيات، 73 – 75.
(2) كتابات الروضة الحسينية: 3.
(3) كما سمي مولد المسيح عيسى ابن مريم أيضاً.
(4) راجع تاريخ المراقد: 2/224، 333.
(33)
تؤيس زائره، والتحمل من بعد البلاد إلى قبره، وعزتك لا ينعقد على ذلك ضميري إذ كانت القلوب إليك بالجميل تشير».
وهذا ما كان مثبتاً على الجدار فوق ما يسمى بنخلة مريم، وأما على صخرة نخلة مريم فقد كتبت الآية الكريمة التالية: (وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنيا)(1) بينما كتبت على طرفي المرمر الآية المباركة: (فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى مصدقا)(2) بينما كتب على أطراف المرمر آية النور(3) إلى آخرها، وجاء في المصدر: «كتبه السيد محمد حسين بن محمد مهدي الموسوي البروجردي سنة 1225هـ»(4).
* في سنة 1232هـ كتب على باب الضريح أشعار المحتشم الكاشاني(5)، كما كتب اسم السلطان فتح علي القاجاري باعتبار أنه قام بإهداء هذا المشبك ومما وصلنا من العبارة قولهم: «السلطان ابن السلطان فتح علي قاجار خلد الله ملكه وسلطانه»(6).
* بعد سنة 1245هـ كتب فوق باب الروضة المسمى بباب الشهداء الحديث الشريف: «الحسن والحسين هما ريحانتاي في الدنيا والآخرة»(7).
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة مريم، الآية: 25.
(2) سورة آل عمران، الآية: 39.
(3) آية النور هي: (الله نور السماوات والأرض مثل نور كمشكاة فيها مصباح، المصباح في زجاجة، الزجاجة كأنها كوب دري، يوقد من شجرة مباركة، زيتونة لا شرقية ولا غربية، يكاد زيتها يضيء، ولو لم تمسسه نار، نور على نور، يهدي الله لنوره من يشاء، ويضرب الله الأمثال للناس، والله بكل شيء عليم) (سورة النور، الآية: 35).
(4) كتابات الروضة الحسينية: 18، ولكن سبق وذكرنا في الجزء الثاني من تاريخ المراقد: 224 أن في سنة 1329هـ كتبت الآية (وهزي) ولعل سائر الكتيبة كتبت سنة 1346هـ.
(5) أشعار المحتشم: لعلها القصيدة المعروفة التي أولها: «باز اين چه شورش است كه در خلق عالم است».
(6) كتابات الروضة الحسينية: 17.
(7) بحار الأنوار: 37/ 79.
(34)
وكتب أيضاً: «يا مفتح الأبواب» إلى جانب البيتين التاليين(1):
قوام الملك وقاه الإله كل السوء كه افتاب صفت بر فلك دهد پرتو
درت هواي بلند است خاك اين درشو كه روى جمله حاجات هست إين درگاه(2)
ويبدو من الشعر أن قوام الملك(3) هو الذي تبرع بهذا الباب، ولا يخفى أن هذا الباب أبدل سنة 1348هـ(4).
* في سنة 1257هـ(5) كتبت كتيبة(6) ضريح السيد إبراهيم المجاب مما يوحي بأن التوسعة والتعميرات في هذه الزاوية حصلت في هذا العام(7).
* بعد سنة 1276هـ كتبت على باب الزينبية من الخارج أرجوزة (مثنوي) بالشعر الفارسي(8):
ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) ترجمة البيتين نثراً هو كالتالي:
قوام الملك وقاه الإله من كل سوء فيه مميزات الشمس ونوره يشع على الأفلاك
بابك عالي الأعتاب، كن تراب هذه العتبة فإنها تعد في صدارة الأماكن التي تقضى بها الحاجات
(2) كتابات الروضة الحسينية: 15.
(3) قوام الملك: هو علي أكبر بن ابراهيم (اعتماد الدولة كلانتر) كان من رجال السياسة أيام السلطان فتح علي القاجاري، لقب سنة 1245هـ بقوام الملك وأصبح حاكماً لمنطقة فارس بعد سنة 1245هـ.
(4) راجع تاريخ المراقد: 2/256.
(5) ولا يخفى أن التوسعة في الجانب الغربي من الصحن تمت في سنة 1207هـ راجع تاريخ المراقد: 2/110.
(6) جاء في الكتيبة المثبتة على أطراف ضريح السيد إبراهيم المجاب بندان من أشعار محتشم (البند التاسع والعاشر) راجع سنة 1155هـ حيث أوردناها هناك.
(7) كتابات الروضة الحسينية: 13.
(8) ترجمتها نثراً جاءت كالتالي:
عندما خرجت زينب من المخيم إلى حومة الحرب ركضت نحو نعش أخيها القرم العطشان=
(35)
زخيگاه چون زينب بقتلگاه رسيد دويد تابر نعش شاه تشنه رسيد
بكريه كفت برادر كجاست غيرت تو كه سر برهنه أسيرند أهل وعترت تو
أگر زپاي فتادي بزخم نيزه وتير برار دستي ومارا ز دست شمر بكير
فتاد چون بسحن لب بست وديده كشود ..............................(1)
كه أي براد ترا محنت نرسيده زينب ردست چرخ جهانت برسر زينب
كر شاهر است كه أز حالات من پرسي زحال زار ودل بي قرار من پرسي
ــــــــــــــــــــــــــــــ
=
خاطبته وهي تبكي أين حميتك يا أخي فإن أهل بيتك وعترتك أسرى وحسرى
إذا أنهكتك جراح الرماح والأسهم أخرج يداً لتخلصنا من يد شمر
عندما تحث مطبقاً شفتيه فاتحاً عينيه ........................................
يا أخي ألم يصل إليك خبر مصائب زينب من يد الدهر نزلت الدواهي على زينب
لا يخفى على أحد أنك ستسأل عني تسأل عن ضعف حالي واضطراب قلبي
لا تسأل عني فإن قلبي ينزف دماً من الذل بل سل عن الذي أصابعه في الدم مغموسة
فجأة أتى شمر من الخلف واضعاً رمحه الدامي على كتف زينب الحزينة وقال لها قومي
عندها دفعته الغيرة لجريان دموعه اتركي جسد أخيك دامياً واذهبي
(1) ترى أن هنا شطراً ناقصاً حيث إن لا وجود للعجز على القافية الصدر «كشود» ولأنها أرجوزة لا بد من التطابق.
(36)
زمن مپرس كه أزدست ذلت خونست أز أوبه پرس كه أنكشت هايش درخونست
كه ناكهان زعقب، شمر به نيزة خونريز بدوش زينب محزون نهاد وكفت كه خيز
سپس كرامتش دست اين اشك شدسرازير تن برادر خودرا بحالت خونين بكذار(1)
ويبدو أن ذلك تم بعد فتح الباب مباشرة.
* بعد سنة 1276هـ كتب على باب السلطانية من الخارج في الكتيبة الفوقانية بالخط الكوفي ما يلي:
(إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً)(2) بينما كتبت في الكتيبة التحتانية الآيات التالية:
(يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم)(3) وقوله تعالى: (فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى)(4) ويبدو أن ذلك تم بعد فتح الباب مباشرة.
* في سنة 1286هـ كتبت في المخلع الشرقي – ونظنه المتجه نحو مرقد الشهداء – الرباعي التالي:
هذا البلد الأمين قد لاح لديك فاسجد متذللاً وعفر خديك
ذا طور سنين فاغضض الطرف به هذا حرم الكرام فاخلع نعليك(5)
ــــــــــــــــــــــــــ
(1) كتابات الروضة الحسينية: 3.
(2) سورة الفتح، الآية: 1.
(3) سورة الأحزاب، الآية: 53.
(4) سورة طه، الآية: 12.
(5) إن هذا الرباعي يتطابق مع البحر الذي استحدثناه ألا وهو المستكمل «فعولن متفاعلين× 4» ولكن دخل على التفعيلة الأولى من كل شطر منه الثلم فأصبحت «فعولن» «فعلن» بينما دخل على آخر تفعيلة الصدر القطع فأصبحت «فعلاتن»، وعلى آخر التفعيلة من العجز القطع والإضمار فأصبحت «مفعولن».
(37)
وأما على باب الرواق فقد كتب على أحد المصراعين ما يلي:
(إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً)، «السلام عليك يا أبا عبد الله، وعلى الدماء السلائلات بين يديك».
وعلى الآخر: (ادخلوها بسلام آمنين)، «الله محمد علي فاطمة حسن وحسين يا غفور» وكتب أيضاً:
«وهو دربار شهنشه كونين نذر پادشاه دوكون»(1)
وفي نهايتها جاء التاريخ 1386، ثم أورد الأبيات السبعة التالية من بنود الشاعر محتشم الكاشاني وهي كالتالي:
كشتي شكست خورده طوفان كربلا درخاك وخون طپيده ميدان كربلا(2)
گرچشم روز گار برو زار ميگريست خون ميگذشت از سر ايوان كربلا
نگرفت دست دهر گلابى بغير اشك زآن گل كه شد شكفته به بستان كربلا
از آب هم مضايقه كردند كوفيان خوش داشتند حرمت مهمان كربلا
بودند ديو ودد همه سيراب وميمكيد خــــاتم ز قحط آب سليمان كربلا
زان تشنگان هنوز بعيوق ميرسد فرياد العطش ز بيابان كربلا
ــــــــــــــــــــــــــــ
= ومن الأفضل أن تكتب وتقرأ الكاف مع الألف فيقال «لديكا» و«خديكا» و«نعليكا» وأما التفعيلة الأخيرة من صدر البيت الثاني فالظاهر أن فيه سقط وربما كان كلمة «لذ» ليكون هكذا «فاغضض الطرف به لذ»، ليسلم العروض.
(1) ترجمته هي كالتالي:
هذا بلاط سلطان سلاطين الكونين (الدنيا والآخرة) وهذا الباب ما نذره سلطان القطرين (العرب والعجم)
(2) سنأتي على ترجمتها.
(38)