صفحة

اسم الکتاب : كربلاء الحضارة والتاريخ

المؤلف : د. رؤوف محمد علي الانصاري
المطبعة : دار الكتب

الفصل الأول

كربلاء ... المراحل التاريخية

توطئة:

يستهدف هذا الفصل دراسة الجوانب التاريخية لكربلاء وتأثيراتها على

الأصعدة المختلفة ومنها الجانب العمراني. وفي العصور التي سبقت الإسلام

كانت للمنطقة المحيطة بكربلاء الحالية أهميتها التاريخية والدينية والجغرافية،

ومركزا للعبادة وأرضا مقدسة لدى ديانات مختلفة وأقوام متعددة.

أما مدينة كربلاء الحالية، كحاضرة إسلامية مقدسة فقد ولدت مع

استشهاد الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) في واقعة الطف عام

61هـ (680م). وقد شهدت في مراحلها التاريخية المختلفة تطورات أثرت على

ازدهارها ونموها العمراني. ويعزى ذلك إلى الاهتمام والعناية التي حظيت بها

المدينة ومراقدها المقدسة خلال العهود الإسلامية من قبل الكثير من الحكام

والولاة الذين تعاقبوا على حكم العراق وكانوا يمثلون دولا ذات حضارات

مختلفة، وخاصة خلال العهود العباسية والبويهية والجلائرية والصفوية

والعثمانية.

وقد لعبت مدينة كربلاء المقدسة في أحقاب زمنية مختلفة دورا متميزا

في التاريخ الإسلامي، فكانت مركزا للتمدن والازدهار الثقافي والديني

والعمراني. أما حاليا، فتعتبر إحدى أهم مدن العالم الإسلامي. وقد حظيت هذه

المدينة باهتمام عدد من الرحالة والمؤرخين والمستشرقين الذين تناول كل واحد

منهم جانبا من تاريخها ومعالمها الإسلامية المميزة.

(41)

وسيتناول هذا الفصل المراحل التاريخية التي مرت بها كربلاء، حيث ؤ

قسم إلى خمس مراحل تبعا لأهميتها وهي:

* كربلاء قبل الإسلام.

* واقعة الطف ... وكربلاء

* تاريخ كربلاء ما بعد واقعة الطف حتى الحكم الصفوي للعراق.

* تاريخ كربلاء خلال الحكمين الصفوي والعثماني للعراق.

* تاريخ كربلاء منذ تأسيس الدولة العراقية سنة 1921.

(43)

كربلاء قبل الإسلام

أعطى الموقع الجغرافي والبيئي المتميز لكربلاء أهمية خاصة منذ

أقدم العصور. وهي تنتمي إلى حضارة الأقوام السامية في العراق ـ التي

تنحدر من سام بن سيدنا نوح (ع) ـ، لاسيما البابليين منهم، وذلك لقربها من

بابل. وكانت جسرا للهجرات السامية والعربية بين بلاد الشام والجزيرة العربية

وبين سواد العراق. وهي أول مركز استيطان سامي عربي في منطقة الفرات

الأوسط، وملتقى الطرق البرية الرئيسية عبر منطقة عين التمر باتجاه كافة

البلدان.

إن موقعها في الجنوب الغربي لمدينة بغداد وقربها من مجرى نهر

الفرات، ووجودها داخل منطقة مناخية معتدلة، لا في أقصى جنوب العراق ولا

في أقصى شماله، إضافة لأراضيها الخصبة الصالحة للزراعة، وقد جعلها

موقع جذب لبعض القبائل والجماعات والقوافل التي كانت تتجول في القسم

الشرقي من شبه الجزيرة العربية، مما جعل منها أيضا مركزا لتجمع سكاني

قبل ظهور الإسلام بفترة طويلة.

وقد وجدت لفظة كربلاء في المنحوتات الأثرية البابلية التي عثر

عليها الباحثون الأثريون. فقيل إنها منحوتة من كلمة «كور بابل» وهي تعني

مجموعة قرى بابلية قديمة أشهرها وأكبرها «نينوى» التي تقع إلى الشمال

الشرقي من مدينة كربلاء الحالية ـ وهي غير نينوى عاصمة الآشوريين التي

تقع في شمال العراق قرب مدينة الموصل ـ وكانت قرية عامرة في العصور

القديمة، سكنها الساميون. وهي الآن سلسلة تلال أثرية ممتدة من جنوب سدة

الهندية على نهر الفرات التي تبعد عن كربلاء الحالية بنحو 30كلم حتى

(43)

مصب نهر العلقمي في الأهوار القريبة من مدينة كربلاء وتعرف «بتلال

نينوى».

وجاء في كتاب (مراصد الإطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع) ما

نصه: «إن بسواد الكوفة تقع ناحية تسمى (نينوى) منها كربلاء التي قتل فيها

الإمام الحسين (ع)».

وقد جاء في كتاب (بغية النبلاء في تاريخ كربلاء)، أنه يوجد على

بضعة أميال في القسم الشمال الغربي من مدينة كربلاء، أطلال وأكم قيل أنها

كربلاء الأصلية.

والجدير بالذكر أنه قبل سني الحرب العالمية الأولى كان بعض

الأفراد من المناطق المجاورة لهذه المنطقة يستخرجون من هذه الأطلال

طابوقا (آجر) مسطحا كبيرا يطلق عليه محليا بالطابوق الفرشي يحملونه إلى

كربلاء. واستمرت كربلاء على ازدهارها في عهد الكلدانيين، فقد ذكر

المستشرق الفرنسي لويس ماسنيون في كتابة (خطط الكوفة) إن كربلاء كانت

قديما معبدا للكلدانيين في مدينة تدعى (نينوى).

وقد أسفرت التقنيات الأثرية عن اكتشاف آثار ومواقع كثيرة على

أراضي كربلاء أقدمها مجموعة من كهوف ومغارات اصطناعية تقع على

الكتف الأيمن لوادي الطار الذي كان يمثل نهر الفرات القديم قبل أن توجد

بحيرة الرزازة. ويبلغ عددها 400 كهف تقريبا.

ــــــــــــــــــ

(1) محمد علي هبة الدين الشهرستاني: نهضة الحسين، ص: 89 ـ دار الكتاب العربي ـ بيروت / لبنان عبد الرزاق الحسني:

موجز تاريخ البلدان العراقية، ص: 61 ـ الطبعة الثانية، مطبعة العرفان ـ صيدا / لبنان ـ 1351هـ (1933م).

(2) صفي الدين بن عبد الحق: مراصد الإطلاع على أسماء الامكنة والبقاع، ص: 261 ـ 262، الناشر أنتر برس.

(3) عبد الحسين الكليدار آل طعمة: بغية النبلاء في تاريخ كربلاء، ص: 8 ـ مطبعة الإرشاد، بغداد. طابوق فرشي كبير: وهو

عبارة عن طابوق طيني مفخور (اجر) على شكل مربع وذي سماكة تتراوح بين (4 ـ 5 سم).

(4) محمد باقر مدرس: شهر حسين، (باللغة الفارسية) ص: 10 ـ انتشارات كيلني، الطبعة الثانية، 1414هـ (1994م).

(44)

وتبعد هذه الآثار عن مدينة كربلاء الحالية حوالي 30 كلم إلى

الجنوب الغربي في منتصف الطريق بين كربلاء وقصر الأخيضر بامتداد

الهضبة الغربية الصحراوية. وقد قام الإنسان بنحتها وحفرها في حدود سنة

1200 قبل الميلاد، وربما استخدمت لأغراض دفاعية أول الأمر، ثم أتخذت

قبورا فيما بعد.

وإلى جانب ما تقدم فإن كربلاء ظلت مزدهرة ومحتفظة بمكانتها في

العصور الغابرة، وخصوصا في عهود التنوخيين واللخميين والمناذرة يوم كانت

الحيرة عاصمة مملكتهم.

يتضح مما تقدم أن تاريخ كربلاء موغل في القدم، وأنها كانت من

أمهات مدن طسوج النهرين الواقعة على ضفاف نهر بالاكوباس ( الفرات

القديم) وعلى أرضها معبد للعبادة والصلاة. كما يستدل على قدمها من

الأسماء التي عرفت بها قديما كـ«عمورا»، «ماريا»، و «صفورا». وقد كثرت

حولها المقابر، كما عثر على جثث بشرية داخل أواني خزفية يعود تاريخها

إلى ما قبل العهد المسيحي. أما الأقوام التي سكنتها فكانت تعتمد على

الزراعة لخصوبة تربتها وغزارة مائها وكثرة العيون التي كانت منتشرة في

أرجائها.

ومن الأدلة أيضا على قدم كربلاء أو قدم «الأكوار» (جمع مورة في

تلك الجهات) هو وجود أطلال وهضبات لم تزل قائمة على بعد بضعة أميال

عن كربلاء الحالية، الى الشمال الغربي منها.

ــــــــــــــــ

(1) د. قحطان رشيد صالح: الكشاف الأثري، ص: 222، المؤسسة العامة للأثار والتراث في العراق، 1987م.

(2) سلمان هادي طعمة: تراث كربلاء، ص: 24، الطبعة الثانية، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ـ بيروت/ لبنان ـ 1983م.

(3) د. مصطفى جواد: موسوعة العتبات المقدسة لجعفر الخليلي، ج2 / ص: 16، من قسم كربلاء، الطبعة الأولى ـ دار التعارف

ـ بغداد 1386هـ (1966م).

(4) المصدر السابق.

(45)

وعندما إستولى الساسانيون على العراق في عهد شاهبور ذي الأكتاف

(تاسع ملوك الساسانيين). الذي اعتلى العرش سنة 310م. قسموا العراق إلى

عشر استانات (ولايات)، سمي كل منها طسج (قضاء).

وقسمت هذه الوحدات الإدارية بدورها إلى وحدات أصغر سمي كل

منها رستاق (ناحية). وكانت الأراضي الواقعة بين مدينة عين التمر ـ التي

تقع في البادية على مسافة 67 كلم من كربلاء إلى الجنوب الغربي منها ـ

ونهر الفرات هي الولاية العاشرة. وقد قسمت إلى ست وحدات إدارية سميت

إحداها «طسج النهرين». وسبب تسمية هذه الوحدة «بالنهرين» كونها واقعة

بين خندق شاهبور ونهر العلقمي.

ويقال بأن كربلاء كانت قبيل الإسلام أيضا تحتوي على بيوت ومعابد

للمجوس وكان يطلق عليها بلغتهم (مه بار سور علم) أي المكان المقدس.

ويستدل مما تقدم بأن كربلاء كانت على مر العصور أرضا مقدسة لدى

ديانات مختلفة وعند أقوام متعددة، ولذلك كانت تنتشر فيها معابد كثيرة

للصلاة.

يقول الدكتور مصطفى جواد المؤرخ واللغوي العراقي المعروف: «إن

اسم كربلاء ليس عربيا وأن محاولات رده إلى الأصول العربية غير صحيحة

وتصطدم بعقبات تاريخية ولغوية، إذ أن موقعها خارج عن الجزيرة العربية وأن

في العراق كثيرا من البلدان ليست اسماؤها عربية كبغداد وبابل وبعقوبة».

ـــــــــــــــــ

(1) محمد باقر مدرس: شهر حسين، ص:10 ـ11، انتشارات كليني، الطبعة الثانية، 1414هـ (1994م).

تسمية العلقمي تسمية عباسية متأخرة. ولعل كان باسم آخر جدد كريه العلقمي.

(2) سلمان هادي طعمة: تراث كربلاء، ص: 23.

(3) د. رؤوف محمد علي الأنصاري: مجلة النور، ص:2 ـ العدد 61، لندن 1416هـ(1996م).

(4) د. مصطفى جواد، موسوعة العتبات المقدسة، ج 2 من قسم كربلاء، ص: 16.

(46)

ويعتقد فريق من المؤرخين واللغويين،أ،ه يمكن ربط اسم كربلاء

بللفظة الآرامية كاربيلا (kar-bella) المتصلة بلفظة كربلاتو

(kar-ballato) الآشورية أو كاربيل (kar-bel) التي تعني سور

الإله بيل.

ويرى فريق من المؤرخين واللغويين، ومنهم الأب أنستاس ماري

الكرملي، أن لفظ كربلاء ذكر في كتب الباحثين ومنحوت من كلمتين

آشوريتين هما «كرب» بمعنى معبد أول حرم والكلمة الثانية «إل» بمعنى إله

في اللغة الآرامية ومجموع الكلمتين بمعنى «معبد الإله» أو «حرم الإله».

وذهب بعض الباحثين إلى أن لفظ كرب تطور في اللغة

العبرية، لذلك نجد الكلمة (كراب karab). ومعناه يقترب. تعني في الوقت

نفسه (يقاتل ويحارب) ومن هنا كانت كلمة (كراب karab) بمعنى المعركة.

وقد ذكر آخرون بان لفظة (كربلاء) مشتقة من الكلمة العربية الكربلة أي

رخاوة في القدمين، يقال: جاء يمشي مكربلا، فيجوز على هذا أن تكون أرض

هذا الموضع رخوة فسميت بذلك، ويقال: كربلت الحنطة إذا هذبتها ونقيتها.

ويقول الشيخ آغا بزرك الطهراني إن كلمة كربلاء متكونة من كلمتين

هما «كار» أي الفعل و «بالا» بمعنى السامي والعلوي باللغة الفارسية. وبذلك

يكون معنى لفظة كربلاء «الفعل العلوي» أو «العمل السماوي» المفروض من

الأعلى وهذا يقارب المعنى الذي ذهب إليه الأب أنستاس ماري الكرملي كما

ذكرنا ذلك سابقا.

ــــــــــــــــ

(1) مصطفى عباس الموسوي: العوامل التاريخية لنشاة وتطور المدن العربية الإسلامية، ص:168، بغداد 1982م، منشورات

وزارة الثقافة والإعلام.

(2) عبد الرزاق الحسني: العراق قديما وحديثا، ص: 124، الطبعة الثانية، مطبعة العرفان، صيدا / لبنان ـ 1375هـ(1956).

محمد باقر مدرس:شهر حسين، ص:10،مصدر سابق.

(3) د. مصطفى جواد، موسوعة العتبات المقدسة، لجعفلر الخليلي، ج2 من قسم كربلاء، ص: 11.

(4) ياقوت الحموي: معجم البلدان، ج7 / ص:229، الطبعة الأولى، مطبعة السعادة ـ مصر،1324هـ(1906م).

(5) د. مصطفى جواد: موسوعة العتبات المقدسة، ج2 قسم كربلاء، ص: 18.

(47)

إن اسم كربلاء كان معروفا للعرب قبل الفتح الإسلامي للعراق وقبل

أن يسكنها العرب المسلمون وذكرها بعض المسلمين الذين رافقوا خالد بن

الوليد عند فتح الجانب الغربي من العراق.

ورود في معجم البلدان لياقوت الحموي أيضا: إن كربلاء سميت

بالطف لأنها مشرفة على العراق وذلك من أشرف على الشيء أي أطل،

والطف: طف الفرات أي الشاطئ. وجاء أيضا أن الطف: أرض من ضاحية

الكوفة في طريق البرية فيها كان مقتل [الإمام] الحسين بن علي بن أبي

طالب (ع) وهي أرض بادية قريبة من الريف فيها عدة عيون ماء جارية، منها

(الصيد)، و (القطقطانية)، و(الرهيمة)، و(عين الجمل) وذواتها، وهي عيون

كانت للموكلين بالمسالح (الحصون والقصور) التي كانت وراء خندق سابور

الذي حفره بينه وبين العرب وغيرهم.(2)

وتشير بعض المصادر التاريخية إلى إن كربلاء الحالية المعروفة

بهذا الاسم اليوم، كانت قبل الإسلام منطقة تحيط بها قرى قديمة عند قدوم

الإمام الحسين (ع) إليها عام 61هـ (680م) منها (نينوى)، و(عمورا)،

و(ماريا)، و(صفورا)، و(شفيه)(3)، وكانت على مقربة من هذه القرى منطقة

تدعى (النوارس) وهي مجموعة مقابر للمسيحيين الذين سكنوا هذه الأراضي

قبل الفتح الإسلامي للعراق. وتقع هذه المقابر اليوم في شمال غربي كربلاء

في أراضي الكمالية بالقرب من المنطقة التي يقع فيها مرقد الحر بن يزيد

الرياحي(4).

ـــــــــــــــ

(1) أبو جعفر محمد بن جرير الطيري:تاريخ الرسل والملوك، ج3/ ص: 373، دار المعارف بمصر 1962م.

د.مصطفى جواد: موسوعة العتبات الحسينية، قسم كربلاء، ص:12..

(2) ياقوت الحموي: معجم البلدان، ج7 / ص: 229، الطبعة الأولى، مطبعة السعادة ـ مصر 1324هـ (1906م).

(3) محمد حسن مصطفى آل كليدار: مدينة الحسين، ص:13 ـ 14، ط1، مطبعة النجاح ـ بغداد 1367هـ (1947م).

(4) محمد حسن مصطفى آل كليدار: مدينة الحسين، مصدر سابق، ص: 13ـ 14.

(48)

وتشير رواية مقتل الإمام الحسين (ع) إلى أن قوما من بني أسد قد

تولوا دفنه، مما يعني أن قبيلة بني أسد العربية كانت تسكن كربلاء قبل قدموه

الإمام الحسين (ع).

وقد اطلق على مدينة كربلاء الحالية بعد استشهاد الإمام الحسين (ع)

في العام نفسه (61هـ) أسماء عدة منها (مشهد الحسين)، و(مدينة الحسين)،

و(البقعة المباركة)، و(موضع الابتلاء)،و(محل الوفاء)، و(الحائر)،

و(الحير) إلى غير ذلك من الأسماء.إلا أن أشهر هذه الأسماء هو (الحائر)

لما أحيط بهذا الاسم من الحرمة والتقديس، والجدير بالذكر أن الحائر إختص

فيما بعد بالمرقد في الغالب (1).

وسبق لإمام علي بن أبي طالب (ع) خلال سفره إلى حرب صفين

أن شاهده أنصاره يقف متأملا ما في الأرض من اطلال وآثار، فسئل عن

السبب فقال: إن لهذه الأرض شأنا عظيما فها هنا محط ركابهم وها هنا

مهراق دمائهم، فسئل في ذلك فقال: «ثقل لآل محمد ينزلون هنا»(2).

وإلى جانب تلك القرى الموغلة في القدم كانت توجد قرى أخرى عامرة

بالسكان والحياة. وكانت أكبر هذه القرى المحيطة بكربلاء هي بلدة (عين

التمر) والتي تضم ناحية شثاثا ومنها يجلب القسب (التمر اليابس) والتمر(3).

ومن القرى المحيطة بكربلاء أيضا قرية الغاضرية. وقد أنشئت بعد

انتقال قبيلة بني أسد إلى العراق في صدر الإسلام. وعلى هذا فإنها ليست

قديمة في التاريخ، وهي لا تزال معروفة باسم «الغاضريات» وهي الأراضي

ـــــــــــــــــ

(1) المصدر السابق، ص: 14. د. عبد الجواد الكليدار: تاريخ كربلاء وحائر الحسين، ص: 23، الطبعة الثانية - المطبعة

الحيدرية- النجف الأشرف، 1367هـ (1947م).

(2) الدينوري: الأخبار الطوال، ص: 253، الطبعة الأولى، القاهرة 1960م. د. مصطفى جواد: موسوعة العتبات المقدسة لجعفر

الخليلي، ج2 من قسم كربلاء، ص: 16.

(3) ياقوت الحموي: معجم البلدان، ج4 / ص:176.

(49)

المنبسطة التي هي اليوم إحدى نواحي مدينة كربلاء وتعرف بمنطقة الحسينية

الواقعة على طريق كربلاء - بغداد القديم عامرة ببساتين النخيلة والفواكه(1).

وكانت توجد قرية بالقرب من كربلاء عامرة بالمساكن تسمى (العقر).

وقد روي أن الإمام الحسين (ع)، لما انتهى إلى هذه الأرض قال لبعض

أصحابه: ماتسمى هذه القرية ؟ وأشار إلى العقر، فقيل له: اسمها العقر،

فقال الحسين (ع): نعوذ بالله من العقر، ثم قال (ع): فما إسم هذه الأرض

التي نحن فيها؟ قالوا: كربلاء، فقال (ع): أرض كرب وبلاء !ّ وأراد الخروج

منها فمنع كما هو مذكور في مقتله(2).

وعلى أية حال لم تكتسب مدينة كربلاء الحالية هذه المكانة السامية

والمنزلة المقدسة التي لها الآن لولا إستشهاد الإمام الحسين (ع) وصحبه في

اليوم العاشر من شهر محرم الحرام سنة 61هـ (680م)، في هذه البقعة التي

تقع بين كربلاء القديمة في التاريخ والنواويس على وجه التحديد. وقد تنبأ بذلك

الإمام الحسين (ع) نفسه قبل أن يرد أرض كربلاء ويلقى مصرعه فيها، إذ

قال (ع): كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء(3).

ولكن كل ما يمكن القول عن تاريخ كربلاء القديم عند الفتح

الإسلامي: إنها بقعة زراعية واقعة على ضفاف نهر الفرات، والأقوام الذين

سكنوها كانوا يعولون على الزراعة لخصوبة ترتها، وغزارة مائها لكثرة العيون

التي كانت منتشرة في أرجائها.

ــــــــــــــــــ

(1) د. عبد الجواد الكليدار: تاريخ كربلاء وحائر الحسين، ص:112.

(2) ياقوت حموي: معجم البلدان، ج7 / ص:229. الدينوري: الاخبار الطوال، ص:252.

(3) السيد ابن طاووس: اللهوف في قتلى الطفوف، ص: 25، دارالمرتضى - بيروت / لبنان.

نور الدين الشاهرودي: تاريخ الحركة العلمية في كربلاء، ص: 13، الطبعة الأولى، دار العلوم، بيروت - لبنان 1410هـ

(1990م).

(50)