احداث مهمة

الانتفاضة الشعبانية عام 1991

Post on 14 آذار/مارس 2018

 

          قبل التحدث عن هذه الانتفاضة المباركة التي قام بها أبناء الشعب العراقي بكافة قومياته ومذاهبه في عام 1991م ضد النظام الصدامي القمعي المجرم، لابد وأن نحيي أولئك الشباب الأبطال الذين لبوا نداء الشهادة من أجل رفع راية الثورة ضد السلطة الدكتاتورية التي أذاقت شعبنا العراقي أنواعاً من الويلات كالاعتقال والملاحقة والإعدام والتهجير ومصادرة الأموال والحريات والاعتداء على شرف العوائل النبيلة وغيرها من الأعمال الإجرامية التي يندى لها جبين الإنسانية.

          بعد هذه الأسطر القليلة والمتواضعة نأتي ونتحدث عما قام به أبناء مدينة كربلاء المقدسة من أعمال بطولية ومميزة أذهلت الأجهزة السلطوية للنظام الصدامي الغارق في بحر دماء العراقيين الأبرياء والذي ولى ومن غير رجعة إلى مزبلة التأريخ وهو المكان الذي يستحقه.

          في أثناء الغليان الشعبي الذي عم كافة أنحاء العراق كان أبناء كربلاء الشجعان على أهبة الاستعداد للمشاركة في الانتفاضة المباركة التي انطلقت من محافظة البصرة الفيحاء عندما تصدى أبناء هذه المدينة المجاهدة الصبورة لقوات الحرس الجمهوري المهزوم من دولة الكويت، وما أن وصلت هذه القوات التي كانت تتكون معظمها من الموالين للنظام الصدامي حيث كان أاأأأأمعظم قادة هذه القوات من أقرباء صدام المقبور ومن المنتفعين منه الذين كان يغدق عليهم الأموال والمنح والسفر وغير ذلك، مما جعل من هذه الشريحة تتمتع بملذات الدنيا على حساب أبناء هذا الشعب البائس المنكوب والمسلوبة حقوقه وكرامته.

          بعد شمول الانتفاضة معظم المدن العراقية رفع أبناء كربلاء راية الحرية ضد جيش النظام الصدامي حيث قامت مجموعة من أبناء مدينة كربلاء وبالأخص من محلة العباسية الشرقية والغربية بتقديمها نخبة من الشباب الغيارى الذين نالوا الشهادة ومجموعة من الأسر الكربلائية العريقة والتي سأذكر أسماءها في أحد أبواب كتابنا هذا وهم الذين ساهموا بالغالي والنفيس في هذه الملحمة البطولية حتى نالوا الشهادة على أيدي أزلام جيش النظام الصدامي المقبور بعد أن لقنوا هذه القوات الخائبة الدروس والعبر في المقاومة الملحمية التي لم يكن لها مثيل في الدفاع عن المقدسات والمبدأ وكيف تكون المقاومة الشريفة حقاً.

          كان أول ما قامت به هذه المجموعة البطلة هو الهجوم على مقر منظمة حزب السلطة التي تقع خلف إعدادية كربلاء، وما أن هجمت هذه المجموعة الثائرة حتى هرب أزلام النظام الخاوين جراء ضربات الثوار، وبذلك تمكن الثوار من السيطرة على هذه المنظمة بعد مقتل من تبقى منهم، وما أن سيطرت قوات المجاهدين عليها حتى استولوا على الأسلحة الموجودة في داخلها، وبعد استيلائهم على تلك الأسلحة توجهوا بعدها نحو مقر حزب السلطة الذي كان يدعى: (بمنظمة الصمود) وأي صمود هذا؟. حيث لم يصمد أعضاء هذه المنظمة إلا بضع دقائق.

          وما أن توجهت تلك القوات الثائرة صوب هذه المنظمة حتى لاذ المكلفون بحمايتها بالفرار باستثناء الحزبيين الذين لم يتمكنوا من الهروب الأمر الذي دعاهم إلا إطلاق النار على الجماهير الغاضبة بشكل عشوائي حتى يتسنى لها الهروب مما حدا بالثوار للرد عليهم ومن ثم قتل مجموعة كبيرة ممن اضطروا إلى البقاء في المقر المذكور بسبب عدم تمكنهم من الهرب.

          في أثناء قيام جماهير محلة العباسية الشرقية والغربية بعملها البطولي هذا خرجت بقية مناطق مدينة كربلاء لتعلن انتفاضتها ضد السلطة الصدامية الغاشمة كمحلة المخيم والقزوينية والسعدية والجمعية وحي المعلمين وحي العامل وحي الغدير وبقية الأحياء الواقعة في هذه المناطق، حيث قاموا بالهجوم على المقرات الحزبية العائدة للنظام هناك، ومنها مقر منظمة حي المعلمين، وما هي إلا لحظات حتى تم حرق المقر وقتل من فيه من أزلام النظام وقد نال الشهادة في هذه الملحمة عشرات الشباب المجاهدين الذين تصدوا ببسالة وحملوا قلوبهم على الأكف لإحقاق الحق ودحر المتجبرين من أزلام النظام الصدامي البائد، وما انجلت الغبرة إلا عن مجموعة طيبة من الشباب المتدين الذي لبوا نداء الحق ونالوا أسمى معاني الشهادة، بفعل إطلاق النار عليهم من قبل الحزبيين العفالقة وكان من أشرس أزلام هذا النظام المجرم الذي أوغلت يده القذرة بدماء أبناء كربلاء الأصلاء المجرم (مدلول) الذي كان مستميتاً بالدفاع عن صدام لأنه من النكرات المعروفين ومن الذين استفادوا من الهبات والمساعدات التي كان يغدقها صدام على أزلامه، وقد تمكن الثوار من قتله وبذلك سقط ذلك المقر بالكامل في أيديهم.

          في هذه الأثناء قام أبناء منطقة باب بغداد وحي العباس وحي الزهراء وباب السلالمة وباب الطاق وبقية المناطق القريبة من هذه المنطقة بالهجوم الكاسح عل مقر مخابرات النظام الصدامي ومديرية أمن النظام، ودارت معارك ضارية بين الثوار وبين أزلام صدام أسفرت عن استشهاد العشرات من فرسان كربلاء الشجعان، وبعد قتال عنيف تمكن المجاهدون من السيطرة على دائرتي المخابرات والأمن فقاموا بإطلاق سراح المسجونين والاستيلاء على الوثائق والمستمسكات المهمة التي بحوزة هاتين المؤسستين القمعيتين.

          على أثر هذه الأحداث قام أبناء محلة باب الخان والمناطق التابعة لها بالهجوم على عدد من المدارس التي كانت مقراً لقوات صدام المنهزمة والتي كانت قد انسحبت من الحدود العراقية السعودية، وما أن قام الثوار بالهجوم حتى استسلم الضباط والجنود، وعند استسلامهم قام أبناء كربلاء الأفاضل قاموا بإعطائهم مبالغ نقدية لقسم من هؤلاء الذين كانوا لا يمتلكون النقود ثم أوصلوهم إلى ضواحي مدينة كربلاء لتسهيل عملية عودتهم إلى مدنهم.

          هذا جانب، ومن جانب آخر فإن جموع غفيرة من أبناء المدينة قامت بحمل السلاح والاستعداد للتصدي للقوات الصدامية التي قرر صدام إرسالها إلى مدينة كربلاء للقضاء على انتفاضتهم المباركة.

          بعد سيطرة الثوار على المدينة بالكامل جرى تنظيم الأمور حيث شكل الثائرون لجنة للإشراف على شؤون المدينة المقدسة وتشكل لجنة أخرى لإدارة شؤون الثوار الذين استعدوا لمواجهة القوات الصدامية التي توجهت إلى مدينة كربلاء للانقضاض على الانتفاضة الخالدة.

          كانت أولى طلائع القوات الصدامية قد وصلت بالقرب من منطقة حي العباس، وما أن وصلت هذه القوات حتى تصدى لها الشباب الكربلائي بقوة وعنف، وما هي إلا ساعات قليلة حتى تم القضاء على تلك القوات.

          وفي أثناء اندحار هذه القوات كانت قوات صدامية أخرى قد توجهت نحو مدينة كربلاء من ناحية الحر، وبعد أن علم الثوار بتوجه هذه القوات تصدوا لها أيضاً، وبعد قتال شرس تمكنت القوات الثائرة أن تحرز النصر في هذه المعركة الفاصلة.

          بعد هذه التطورات قامت السلطة الحاكمة في بغداد بإرسال طائرات. هليكوبتر وقد حلقت هذه الطائرات في سماء كربلاء على ارتفاع شاهق حتى لا تصيبها المدفعية التي كانت بحوزة الثوار الذين تمكنوا من الاستيلاء عليها بعد هروب القوات الصدامية.

          بعد تحليق هذه الطائرات في سماء كربلاء قامت بإلقاء منشورات موجهة إلى أبناء المدينة تهدد فيها السطلة الغاشمة أبناء المدينة بأنها ستقوم بقصف مدينة كربلاء بـ(الكيمياوي) إن لم يلقوا السلاح.

          إثر هذه المحاولة البائسة زادت همة وحماس أبناء المدينة فما كان منهم إلا أن يقوموا بنصب المدافع الرشاشة فوق أسطح المنازل والبنايات للتصدي للقوات الصدامية التي أخذت تتوافد على كربلاء ومن عدة جهات.

          بعدما أيقنت السلطة الصدامية بأن أبناء كربلاء مصممون على الاستمرار في الانتفاضة أصدر صدام أمراً بتشكيل قيادة عسكرية تضم مجموعة من كبار الضباط يرأسهم صهره المجرم حسين كامل.

          بعد تشكيل هذه القيادة توجه أفرادها نحو مدينة كربلاء واتخذوا من بساتين منطقة عون مقراً لهم.

          في أثناء وصول أركان القيادة  إلى كربلاء زجت السلطة الصدامية بالعشرات من الألوية والكتائب والسرايا إضافة إلى قوات الحرس الجمهوري وأرسلتها إلى مدينة كربلاء للقضاء على المجاهدين الأبطال.

          ما أن وصلت طلائع هذه القوات حتى تصدى لها أبناء كربلاء الغيارى فدارت معارك ملحمية اعترف بعنفها وشدتها أركان القيادة العسكرية للسلطة الصدامية الذين ظهروا على شاشات تلفزيون بغداد.

          في أثناء تكريمهم من قبل رئيس النظام السابق لمسهامتهم بالقضاء على الانتفاضة المباركة.

          بعد وصول هذه القوات إلى أطراف المدينة خرج أبناء كربلاء إلى الشوارع بالتصدي لها وهم تواقون لنيل الشهادة للدفاع عن مدينتهم المقدسة.

          لم تمض ساعات قليلة على وصول هذه القوات حتى اشتبكت معها قوات المجاهدين من أبناء مدينة الحسين عليه السلام البواسل الذين سطروا أروع الملاحم البطولية وطرزوا بدمائهم الزكية خارطة التحرر من العبودية والاستغلال التعسفي الصدامي الهمجي، كانت معركة (حي العباس) من أشد المعارك ضراوة حيث وقف المئات من أبناء المدينة وقفة رجل واحد وهم يتلقون الرصاص بصدورهم الأبية التي لم تقبل الذل والهوان، فنال العشرات منهم الشهادة بعد أن لقنوا هذه القوات درساً لن ينسوه، أما المعركة المشرفة الأخرى التي خاضها أبناء مدينة التضحية والفداء، فكانت (معركة المخيم) التي شاركت فيها المدفعية الصدامية البعيدة المدى التي كانت تتواجد في منطقة الشريعة والحر إضافة إلى الدبابات والهاونات والأسلحة والأخرى.

          تصدى أبناء هذه المنطقة والمناطق الأخرى للقوات الصدامية المهزومة واشتبك الطرفان في معارك عديدة كانت بين فر وكر، ولم تستطع القوات الصدامية السيطرة على الموقف إلا بعد أن عززت بقوات إضافية بعد أن فقدت الكثير من قواتها بين قتيل وجريح وخاصة بعد أن قاتلت قوات المجاهدين بالسلاح الأبيض، لقرب المسافة بين الطرفين، وتمكنت قوات المجاهدين من إعطاب العشرات من الدبابات والمصفحات وتدميرها وإحراقها بالكامل، وإسقاط طائرتي هليو كوبتر تابعة للقوات الصدامية في أطراف المدينة.

          في هذه الأثناء كانت القوات الصدامية قد أخذت من منافذ لم تكن بالحسبان من لدى قوات المجاهدين من جهة (سيد جودة)، إلا أن أبناء المدينة وقواتها البطلة حشدوا كل طاقاتهم للحيلولة دون توغل القوات الصدامية مما أدى ذلك إلى حدوث اشتباكات عنيفة وقتال ضارٍ بين الطرفين، ونظراً لكثافة القوات الصدامية فقد تمكنت من التقدم بعض الشيء، ولكن قوات المجاهدين المظفرة باغتتها بنيران كثيفة خاصة بعد مرورها بشارع (سيدنا العباس عليه السلام)، وما أن دخلت هذا الشارع حتى انقضت عليها قوات المجاهدين الأبطال من عدة جهات حتى أن قسماً منها اتخذت من سطوح المنازل والبنايات العالية مواقع لها، فما كان منها إلا التصدي بقوة قاهرة حتى أدى ذلك إلى حرق العشرات من الدبابات المتقدمة نحو مرقد العباس عليه السلام وقد شاهد كاتب هذه السطور هذه الدبابات المحترقة التي بقيت عدة أيام بعد أنتهاء الانتفاضة المباركة جائمة على أنقاضها تدعو على نفسها بالويل والثبور.

          انحصرت القوات الصدامية المتقدمة في شارع العباس عليه السلام بين النيران الكثيفة التي أطلقت عليها من فوق سطوح المنازل والبنايات من جهة وبين النيرات التي أطلقت عليها من أزقة بيوت أبناء محلتي (العباسية الشرقية والغربية ومحلة باب الخان) وقوات الثوار من جبهات أخرى والتي كانت مكلفة بحماية مرقد سيدنا العباس عليه السلام.

          واصلت القوات الصدامية تقدمها نحو مرقد العباس عليه السلام الذي كانت قيادة قوات ثوار الانتفاضة تتمركز بداخله، بعد أن عززت بدبابات كثيرة جاءتها إثر طلبها التعزيزات.

          بعد وصول الدبابات بالقرب من منطقة (الفسحة) وهي إحدى مناطق باب الخان حتى أبيدت عن بكرة أبيها حيث قامت مجموعة من أبناء هذه المحلة المجاهدة برمي أنفسهم وهم مدججون بالسلاح من فوق أسطح البنايات وخاصة بعد أن شاهد هؤلاء الشهداء الأبرار القصف الصدامي وهو يصيب مرقد مولانا وسيدنا العباس بن علي عليهم السلام، في هذه الأثناء كانت القوات الصدامية قد تمكنت من اجتياز منطقة (حي العباس) وتمكنت من الوصول إلى محلة (باب بغداد) القريبة من مرقد العباس عليه السلام بعد أن عوضت بأسلحة ومعدات جديدة وصلتها من القوات التي أرسلها صدام تعويضاً للاسلحة والجنود الذين أبيدوا بالكامل من قبل قوات الثوار البطلة.

          من جهة أخرى كانت قوات صدامية أخرى قد تمكنت من الوصول إلى المنطقة القريبة من (المخيم) بعد أن فقدت العديد من ضباطها وجنودها وأسلحتها المهنية.

          بعد وصول هذه القوات المعززة بالأسلحة الحديثة والفتاكة بالقرب من الروضتين المقدستين الحسينية والعباسية قامت هذه القوات بإحكام سيطرتها على هاتين المنطقتين، وبعد أن هيأت نفسها للهجوم على المرقدين الشريفين اللذين كان المئات من الثوار يتحصنون فيها والذين استعدوا لنيل الشهادة والدفاع بعزيمة عالية وهمة منقطعة النظير عن حرمة المرقدين المقدسين.

          بعد مناقشات ومداولات أجراها المجرم المقبور حسين كامل مع أزلامه قرر الهجوم على المرقدين المقدسين بعد أن أمر العشرات من طائرات الهليوكوبتر بقصف مواقع الثوار الذين كانوا منتشرون فوق أسطح المنازل والبنايات الأمر الذي أدى إلى استشهاد العشرات منهم، رحمهم الله وأسكنهم فسيح جناته.

          بعد هذه التطورات قامت القوات الصدامية بمهاجمة المرقدين المنورين وبعد أن تقدمت هذه القوات المجرمة التحم الثوار معها ووقفوا وقفة رجل واحد للذود عن حمى الإسلام وعن المقدسات، فتصدوا للقوات الصدامية الباغية ببسالة فلم تتمكن بذلك تلك القوات من الدخول إلى المرقدين الطاهرين إلا بعد أن قامت بإنزال جوي، حيث هبط المئات من المظليين من أفراد القوات الصدامية الباغية وعن طرق الحبال إلى داخل الصحنين المقدسين، مما أدى إلى حدوث اشتباكات عنيفة جدا وبالسلاح الأبيض هذه المرة، لنفاذ ذخيرة فرسان كربلاء.

          استمرت هذه المعارك عدة ساعات تمكنت فيما بعد القوات الصدامية من السيطرة على الصحنين المقدسين حتى قامت بإطلاق النار على كل من تواجد في داخلهما من أطفال ونساء وشيوخ عزل لجؤوا إلى هذه الأماكن المطهرة فراراً من القصف العشوائي الصدامي، أما المجاهدون الذين أسروا فقد نقلوا إلى خارج المرقد وتم إعدامهم فيما بعد.

          هذا وقد تحدث عدد من العاملين في البلدية الذين أمروا من قبل هذه القوات بنقل الجثث التي كانت موجودة في داخل الصحنين بأنهم شاهدوا المئات من الجثث المحترقة وكان من ضمنهم العشرات من النساء والأطفال والشيوخ الذين احتموا بالمرقدين بعد أن أصاب القصف المدفعي العشوائي منازلهم التي دمر قسماً منها.

انتفاضة2

          استمر العاملون في بلدية كربلاء بنقل الجثث المحترقة لمدة يومين، وقد قدرت الجثث بأكثر من خمسمائة جثة حسب ما ذكره لي بعض شهود عيان من الذين أثق بنزاهتهم.

          بعد رفع الجثث من المرقدين المقدسين استقرت عدة سرايا من القوات الصدامية في داخلهما، وقد شاهد كاتب هذه السطور كيف كان هؤلاء الجنود وهم يجلسون علي كراسٍ وضعت أمام أبواب الصحن وقد وضعوا أمامهم أجهزة التسجيل التي كانت تصدح بالأغاني الماجنة كما هو دأبهم وبغضهم الأموي الدفين ضد عترة النبي المصطفى محمد عليهم السلام.

          كما أن قسماً من هؤلاء الجنود المارقين أخذوا يلعبون (كرة القدم) داخل المرقدين المطهرين ولم يتورعوا بقدسية هذين المكانين المقدسين. وقد اعتبروا الأبواب مكاناً للأهداف، وقد شاهد كاتب هذه السطور (كرة القدم) وهي تخرج من أحد أبواب الصحن العباسي المقدس والله شهيد على ما أقول.

الانتفاضة3

          ما أن سيطرت القوا ت الصدامية على زمام الأمور حتى قامت بحملة اعتقالات واسعة وعشوائية شملت الآلاف من ابناء مدينة كربلاء سواء الذين شاركوا في الانتفاضة المباركة أم لم يشاركوا فيها.

          بعد اعتقال هؤلاء الأبرار جرى نقلهم إلى (فندق كربلاء) الذي أصبح مقرا لأركان القيادة الصدامية، وما أن كان يدخل هؤلاء الأبطال على عناصر السلطة القمعية حتى يجري إعدامهم بعد دقائق من دخولهم على هذه العصابة المارقة وكان يجري إعدامهم في ساحة الفندق المذكور، وقد برز في تلك الفترة أسماء زمرة خائبة من الذين كانوا يحققون مع المعتقلين ومن ثم يصدر أحكام الإعدام بحقهم، وهم: نقيب فواز،، أبو قتيبة، أبو غزوان، حسين التكريتي، أبو مصعب، وغيرهم ممن دنسوا أنفسهم ولطخوا أيديهم بدماء الأبرياء من السفاكين والمجرمين والقتلة.

          هذا من جانب ومن جانب آخر فإن القوات الصدامية التي قامت باقتحام المستشفى العام في كربلاء وبعد اقتحامها قامت بإعدام جميع من كان فيها من الجرحى الذين كانوا يرقدون على الأسرة حيث قامت بجمعهم في حديقة المستشفى ومن ثم إطلاق الرصاص عليهم، وهكذا استمر هذا المسلسل الغادر من قبل هذه القوات المجرمة بالإساءة إلى جميع أبناء المدينة المقدسة والقيام بحملة إبادة ضدهم.

          بعد مضي أسبوع على سيطرة القوات الصدامية المشينة على المدينة أصدر صدام حسين أمراً بتهديم مركز المدينة، حيث قامت قواته الخائبة بتفجير جميع المباني التجارية في شارع العباس عليه السلام وشارع علي الأكبر عليه السلام والمنطقة المحيطة بالحرمين المقدسين، وظلت تمارس هذه الإجراءات الجبانة حتى جاء ممثل الأمين العام للأمم المتحدة المرحوم (صدر الدين آغا خان) الذي أنقذ المدينة وأبناءها من الممراسات اللا إنسانية التي قام بها النظام الصدامي الكافر، وهنا لابد أن نشير بأن الالتفاتة الربانية هي التي جعلت من الأمين العام للأمم المتحدة يختار هذا الرجل الذي ينحدر من أصول شيعية وهو رئيس (فرقة الآغا خائية) وهي إحدى الفرق الإسماعيلية وهذه الفرقة هي إحدة فرق الشيعة الرئيسية في العالم الإسلامي والتي ينتمي إليها الخلفاء الفاطميون الذين حكموا الدولة الفاطمية العملاقة وهي إحدى دول الشيعة الرائدة التي حكمت مصر والعديد من الأقاليم الإسلامية، بعد مجيء هذا الرجل أوقفت السلطة حملتها بتهديم المباني والبيوت الواقعة في مركز المدينة، ما أن غادر ممثل الأمين العام للأمم المتحدة حتى قامت القوات الصدامية وأجهزة الأمن والمخابرات والحزبيين بتشكيل لجان مشتركة كان الغرض منها اعتقال المزيد من أبناء المدينة وفعلاً قامت هذه الأجهزة البوليسية بحملة كبيرة حيث داهمت البيوت وقامت باعتقال مئات الأشخاص ومن ثم إرسالهم إلى معتقلات (الفضيلية، الرضوانية، الأمن العام، وغيرها من غياهب السجون التي كانت مقراً للتعذيب القاسي لأبناء الشعب العراقي).

          لم تمض أيام معدودة على اعتقال هؤلاء حتى جرى إعدام الأغلبية منهم، فوفدوا إلى ربهم وهم مطمئنون بفوزهم بلقائه ونيلهم الجنة وهم مضرجون بدمائهم الطاهرة، أما المئات من المعتقلين الآخرين فقد قضوا عدة أشهر في هذه المعتقلات، وبعد عذاب شديد تعرضوا له في زنزانات السلطة الرهيبة أطلق سراحهم بعد ان دفع اقاربهم مبالغ نقدية (رشوة) إلى أزلام السلطة الكافرة مقابل إطلاق سراحهم.

          وقد تحدث هؤلاء بعد إطلاق سراحهم عن الأساليب البشعة التي مارسها أزلام السلطة القذرة معهم، وقد روى لي أخي الكبير المرحوم فريد زميزم الذي كان قد اعتقل من قبل أفراد أمن صدام بعد انتهاء الانتفاضة حكايات تقشعر منها الأبدان، وكان من ضمن هذه الأعمال البربرية ما يلي: تقوم سلطات السجن بجلب مجموعة من المعتقلين وكان المرحوم من ضمنهم وبعد الإتيان بهم يجردونهم عن ملابسهم حتى يبقون بالملابس الداخلية فقط ثم يؤمرون بالإنبطاح على الأرض التي فرشت بالحصى الخشن، وبعد أن يمتدوا على الأرض يقوم الحراس بدحرجة العشرات من البراميل المملوءة بالماء على أجسادهم، وكان يجري ذلك في وقت الظهيرة أي في شدة الحر وهكذا كانت تكرر هذه الأعمال على قدم وساق، ثم يقوم حراس السجن بإعادة المعتقلين إلى السجن وعند عودتهم توزع عليهم مياه حارة لغرض شربها فيضطر المسجونون للامتناع من تناولها الأمر الذي يؤدي إلى ضربهم من قبل الحراس بالهراوات ضرباً مبرحاً حتى يغمى على الكثير منهم ثم يتركونهم وهم يتضورون الماء عطشاً.

          هذه لمحة موجزة عن الأعمال البربرية واللاإنسانية التي تعرض لها أبناء مدينة كربلاء بعد انتهاء الانتفاضة الشعبانية، حيث أعدم المئات منهم وستقرأ عزيزي القارئ الكريم في أحد أبواب هذا الكتاب أسماء قسم من العوائل الكربلائية التي أعدم أبناؤها ظلماً وعدواناً إضافة إلى أنك سوف تطلع أيضاً على أسماء عوائل أخرى أعدم أبناؤها على أيدي السلطات الصدامية الدموية خلال الحرب العراقية الإيرانية بتهمة انتمائهم إلى الحركات الإسلامية حيث سبق وأن أصدر بما يسمى بـ(مجلس قيادة الثورة) الذي كان يرأسه صدام المقبور قراراً ذا أثر رجعي بإعدام كل من يثبت عليه وحسب قناعته المحاكم الصورية التي أمر بإنشائها هذا الرجل السيئ الصيت بأنه من الأشخاص الذين يحاربون نظامه التعيس وهكذا تم إعدام الآلاف من أبناء الشعب العراقي بشكل عام وأبناء مدينة كربلاء بشكل خاص بعد أن حكم عليهم المجرمون الذين ترأسوا هذه المحاكم أمثال المجرم: مسلم هادي، وعواد البندر وغيرهم من القتلة الطغاة المارقين الذين سيلقون العذاب الأليم من الله القوي المتعال جزاء لما اقترفته أياديهم من الأعمال الإجرامية المشينة هذه.

          هذا ولابد من الإشارة هنا بأن القوات الصدامية قامت بعد أن سيطرت على مدينة كربلاء المقدسة بتهديم جميع الحسينيات المنتشرة في كربلاء والتي كانت تعود إلى أبناء المدن العراقية، وقد سرقت محتويات هذه الحسينيات كالسجاد الفاخر والأجهزة الكهربائية كالمكيفات والمراوح والثريات النفيسة، إضافة إلى أعداد كبيرة من الكتب العلمية والتاريخية التي تم حرقها باعتبارها من كتب الشيعة، ولم يسلم من عبث هذه القوات حتى (القرآن الكريم) الذي أصابه أضرار كبيرة جراء التهديم العشوائي للحسينيات المذكورة.

          بعد تهديم هذه الحسينيات أصدرت وزارة الأوقاف أمرا بمصادرة الأرض التي شيدت عليها الحسينيات واعتبارها ارضاً تابعة للدولة دون أي تعويض لأصحابها بأي مبالغ نقدية.

          أما المباني والمحلات التي تم تهديمها فلم يقم النظام بتعويض أصحابها إلا بعد مضي خمس سنوات على القضاء على الانتفاضة، أي في عام 1996 وقد قدرت الحكومة الصدامية سعر المتر الواحد بعشرة آلاف دينار علماً أن سعر المتر الواحد كان يبلغ في تلك الفترة مائة وخسين ألف دينار، ومن يمتنع من إستلام المبلغ المقدر يلقى القبض عليه، وقد شكلت لهذا الغرض لجنة برئاسة نائب المحافظ الذي كان يدعى (محمد الجاف) وكان هذا من أشرس المرتشين الذين أثروا ثراء فاحشاً على حساب أبناء المدينة وحقوقهم، وقد قام هذا باستدعاء الأشخاص الذين تعود لهم تلك البنايات والدور وإجبارهم على المراجعة لاستلام المبالغ المقررة لهم والتي كانت لا تساوي إلا جزءاً  يسيراً من قيمة العقارات، وقد قام هؤلاء باستلام تلك المبالغ تحت طائلة التهديد لأنهم يعلمون بأنهم إن لم يأخذوا هذه المبالغ فإن مصيرهم السجن وربما الإعدام! ولا غرابة في ذلك.

          أما ما قام به المجرم حسين كامل من مجازر وأعمال وحشية فكانت كثيرة حيث ابتكر أعمالاً مشينة كان منها الإشراف شخصيا على إعدام المئات من أبناء المدينة وبشكل يندى له جبين الإنسانية ومن هذه الأعمال أنه قام بإعدام مجموعة كبيرة تقدر بمئات الشباب بعد نقلهم إلى منطقة (الرزازة) وعند وصولهم يتم إعطاءهم جرعات من مادة (البنزين) وبعد تناولهم لهذه المادة يطلق عليهم الرصاص بكثافة، حتى تلتهب أجسامهم ناراً، وهو ينظر إليهم ويضحك متشمتا بهذه النخبة الخيرة من أبناء هذه المدينة الباسلة، ومن الأعمال الوحشية الأخرى التي قام بها هذا السفاح الأهوج هو أنه أمر المعتقلين بنزع ملابسهم والبقاء بملابسهم الداخلية ومن ثم دفنهم بكامل جسمهم باستثناء الرأس ومن ثم يطلق الرصاص عليهم.

          من المجازر الأخرى التي قام بها هذا الوغد المتعطش لسفك الدماء حفيد الحجاج والأمويين الفسقة هو رمي مادة البنزين عليهم بعد أن يكبل أيديهم ثم يرميهم في حفرة يعدها بواسطة البلدوزرات ثم يأمر أتباعه بإطلاق النار عليهم، وبعد إطلاق النار عليهم تقوم تلك البلدوزرات برمي التراب عليهم ومن ثم تسير من على فوق تلك الحفرة.

          ومن الأعمال الإجرامية الأخرى التي فعلها حسين كامل كان يأتي بقسم ممن يشخصون المجاهدين ممن اشتركوا بالانتفاضة البطلة ضد فرعون العراق ويأمر بربطهم بالحبال ومن ثم ربط تلك الحبال بنهاية السيارات الحاملة للجنود وبعد أن يتم ذلك يأمر السواق بالسير وبسرعة وما أن تسير هذه السيارات حتى تتمزق أعضاء هؤلاء المجاهدين ومن ثم تترك أجسادهم عرضة للحيوانات الكاسرة.

          بعد انتهاء الانتفاضة عاد حسين كامل مع أعوانه إلى بغداد وبعد وصوله ذهب إلى رئيسه المقبور ليخبره بما جرى في كربلاء لأن مدينة كربلاء استمرت في مقاومة القوات الصدامية لمدة أربعة عشر يوماً وهي أطول مدة قياساً مع باقي المدن العراقية استطاعت قوات المجاهدين أن تتصدى لتلك القوات المهزومة، علما بأن القوات الصدامية قد تمكنت من السيطرة على جميع المدن العراقية خلال أيام قليلة باستثناء مدينة الدم والشهادة مدينة الإباء والتضحية مدينة كربلاء المقدسة.

          بعد إبلاغ المجرم حسين كامل سيده صدام بسيطرة قواته على مدينة كربلاء، قام بتوجيه خطاب إلى الشعب العراقي يعلن فيه تمكنه من القضاء على الانتفاضة الشعبانية ويهدد أبناء الشعب العراقي بالويل والثبور لكل من يقاوم جبروته وسلطانه المتهرئ.

          بعد انتهاء الانتفاضة وعودة القوات الصدامية إلى بغداد أمرت السلطة ببقاء قسم من عساكرها في ضواحي مدينة كربلاء تحسبا من أن أبناء المدينة البواسل قد ينتفضون مرة أخرى لأن السلطة تعلم جيداً بأن أبناء المدينة البواسل هم على خط الشهادة منذ استشهاد الإمام الحسين عليه السلام وحتى ظهور المنقذ الإمام صاحب الزمان (عج).

          وهكذا كان النظام المقبور يتحسس من كل صيحة عليه ويظنها هي العودة فيحذرهم وهذا ما أكده صدام بنفسه عندما استقبل وزير تجارته وسأله عن نشاط وزارته فقد أبلغه الوزير بأن الوزارة تقوم بتوزيع بعض المواد الغذائية وفق البطاقة التموينية، وفي أثناء حديث صدام معه جاء اسم مدينة كربلاء، فقال صدام مستهزئاً بلهجته المعروفة: (أعط أهل كربلاء لأنهم خوش يكاونون)!!. أي يحاربون جيداً.

          لم يمهل الباري عز وجل السفاح المجرم حسين كامل كثيراً إذ سرعان ما أصيب بورم خبيث في راسه الأمر الذي أدى بإرساله إلى فرنسا للعلاج، وبعد ذهابه إلى هناك أجريت له عملية ناجحة باستئصال الورم وعادت صحته على أحسن ما يرام، ولكن على ما يبدوا إن الله عز وجل أراد له شيئاً آخر ألا وهو أن يسحق ويرمى على المزبلة، وهو ما حدث إذ سرعان ما نشب الخلاف بين حسين كامل والمقبور عدي نجل صدام وعلى أثر هذا الخلاف هرب المجرم حسين كامل مع زوجته وأطفاله إلى دولة الأردن ومكث فيها عدة شهور، وفي أثناء وجوده في الأردن تدخل الملك حسين لدى صدام حسين وطلب منه أن يصدر أمرا بإعفاء حسين كامل من العقوبة التي تنتظره.!!. فوافق صدام على طلب حسين كامل.

          بعد إصدار صدام عفواً عن صهره عاد إلى العراق، وبعد عودته بعدة أيام أرسل صدام مجموعة من أبناء عمومته وأمرهم بقتل المجرم حسين كامل، وصل هؤلاء إلى دار المجرم حسين كامل مع العديد من أفراد أسرته، وبعد مقتله رمي جنب مزابل بغداد بعد أن سحق رأسه العفن بأحذية الذين هاجموه.

          وهكذا كان مصير هذا الوغد الذي تحدى الإمام الحسين عليه السلام عندما وقف أمام مرقده الشريف بعد تمكن قواته من السيطرة على الموقف وقد خاطب الإمام الحسين عليه السلام بقوله: ( انت حسين وأنا حسين وخل نشوف منهو الأقوى) هكذا كان مصير هذا السفاح الذي أساء لمرقد الإمام الحسين عليه السلام ومن يحذو حذوه إذ إنها والله من الكرامات الباهرة التي ظهرت من الإمام الحسين عليه السلام في عصرنا هذا.

          ولا يخفى أن التاريخ يعيد نفسه حيث تعرض ذلك المرقد السماوي لأبي الأحرار الإمام الحسين عليه السلام لسلسلة من الاعتداءات قام بها أسياد المجرم حسين كامل كالمنصور والرشيد والمتوكل ومن لف لفهم الذين قاموا بتهديم المرقد المقدس وكان جزاء ذلك لهم هو الخزي والعار الذي لحقهم إلى أبد الدهر. وكل من تفرعن وطغى وحاول المساس بهذه البقعة الشريفة، والدليل واضح وهذا ما صرح به التاريخ عبر صفحاته الخالدة.

          هذا وقد اكتشفت عدة مقابر جماعية تضم رفات الشهداء الأبطال من أبناء كربلاء الذين أعدمهم حسين كامل، وكانت المناطق التي اكتشفت هي: (الحر، الرزازة، المخيم، باب طويريج، الحي الصناعي، طريق النجف- كربلاء، حي التعاون) ومناطق أخرى كثيرة ولا زالت إلى يومنا هذا تكتشف المقابر تلو المقابر في العديد مناطق مدينة كربلاء.

          هؤلاء هم أبناء كربلاء فرسان شجعان، أبطال صناديد، لا يهابون الموت، بل علموا الموت كيف يحيى  من لازم المبادئ والقيم، والتضحية والفداء. ورثوا الشهادة من زعيمهم وباني مجدهم الإمام الحسين عليه السلام رمز التضحية والفداء، هذا الذي وقف تلك الوقفة الخالدة أما أزلام بني أمية الذين هم أجداد أولئك الأقزام الذين استباحوا مدينة كربلاء بأمر سيدهم حفيد بني أمية صدام الذي أخزاه الله في الدنيا والآخرة، وهكذا كان أبناء كربلاء سيوفاً مشرعة وسيبقون هكذا  بإذن الله لأنهم تخرجوا من مدرسة الحسين العظيم سلام الله عليه الذي وقف بوجه الزمرة الأموية المارقة التي أرادت للدين الإسلامي ورموزه الميامين الإساءة إلا أن الباري عز وجل أخزى تلك العصابة الضالة وأذهب بها إلى مزبلة التاريخ، وخلد أولئك الرجال العظام الذين قدموا دماءهم الزكية رخيصة من أجل عزة ورفعة ديننا الإسلامي الحنيف، وها هو الإمام الحسين العظيم يبقى مشعلاً وهاجاً رغم أنوف المعتدين،  وها هو عليه السلام يدخل إلى قلوب الرجال المتنورين على اختلاف أديانهم وأفكارهم وقومياتهم.

          ومن يريد الاطلاع على ذلك الموقف الخالد الذي وقفه عليه السلام ضده الطواغيت فليراجع مئات الكتب المعتبرة التي زينت صفحاتها بآلاف الأقوال والكلمات التي قالها مفكرو وساسة العالم أجمع.

          وهنا لابد من الإشارة بأننا والحمد لله قد أنجزنا كتاباً سيصدر عما قريب في بيروت، يتضمن أقوال أكثر من (200) شخصية عالمية بحق الإمام الحسين عليه السلام وقد سبق أن عرضت هذه الأقوال ببوستر جميل في منطقة بين الحرمين المقدسين في مدينة كربلاء المشرفة في شهر محرم الحرام لسنة 2009م.

          ما جاء في هذا الفصل هو ما شاهده وسمعه مؤلف الكتاب لأنه كان متواجداً في كربلاء وشاهد قسماً من تلك الأحداث،  إضافة إلى إجرائه عدة لقاءات مع قسم ممن شارك في هذه الانتفاضة المباركة، كما أن المؤلف التقى بعدد من الذين اعتقلوا من قبل الأجهزة الأمنية، وقد تحدث هؤلاء عن الأساليب البشعة التي تعرضوا لها أثناء اعتقالهم، وكان من بين المعتقلين شقيق المؤلف المرحوم الأستاذ فريد زميزم الذي توفي فيما بعد بسبب التعذيب القاسي الذي تلقاه على أيدي تلك الزمرة الملطخة أيديها بدماء الأبرياء.

..........................................

المصدر: تاريخ كربلاء قديماً وحديثاً/ سعيد رشيد زميزم: ص163- 180.