دور ألأب في التربية 343

والقانون ، وإنه مضطر للإلتزام ببعض الضوابط . وإن عدم تطبيق القانون بشأن الطفل يؤدي إلى ظهور حالة ألإهمال عنده ، وإن القسوة في ذلك تبعده عنكم .
ومن أخطاء ألأب أن ينادي بإستمرار بتطبيق القانون في البيت ويطالب بألإلتزام بالنظم فنراه يضغط بشدة على أولاده غافلا عن أن هذا ألإجراء يؤدي إلى توقف عملية النمو في جميع أبعادها .
فحاكمية ألأب ضرورية ولكن بشرط أن لا تكون مطلقة لأنها تؤدي إلى تبعية عمياء من قبل الطفل فيستسلم لوالده دون إرادة منه ، وهذا ليس صحيحا من الناحية التربوية .
8 ـ الغضب وممارسة ألإقتدار : ليس صعبا أن نفرض على الطفل شيئا ما أو أن نغضب عليه ، ولكن علينا أن نحذر ذلك كثيرا ، فقد ورد عن ألإمام الصادق (ع) قوله : «الغضب مفتاح كل شر ».
وثمة آثار سيئة أخرى للغضب كما وردت في الحديث الشريف : «شدة الغضب تغير المنطق وتقطع مادة الحجة وتفرق الفهم ».
وعادة ، فإنه من غير الصحيح أن يكون ألأب كائنا مخيفا ويجب على الطفل أن يخشاه ويحذره ، بل عليه أن يكون مثالا للإقتدار ، وفي الوقت نفسه قدوة في الحب وألإعتدال والعطف ، وهذا يحتاج إلى فن خاص . فقد جاء عن ألإمام علي (ع) قوله : «سوء الخلق يوحش القريب وينفر البعيد».
9 ـ التهديدات : ينبغي أن يخشى الطفل أباه ، ويقيم له وزنا غير أن هذا لا يعني أن يرتجف أمامه بإستمرار فلا يرغب بلقائه أبدا .
وليس صحيحا أن يكون ألأب لينا في الوقت نفسه فيفقد شأنه عند الطفل ، أو أن يهدده بإستمرار ويخوفه .
إن حالة ألإعتدال معرضة للإهتزاز في البيت فيما لو أقدم الوالدان على إستخدام الصراخ مع أولادهما وخلقا وضعا إرهابيا في ألأسرة . مع العلم أن الصراخ لا ينفع دوما لتطبع ألأولاد عليه أولا لأنه مجرد صراخ ، وإنهم سوف لا يكترثون به ثانيا عندما يصبحوا أحداثا ومراهقين .
10 ـ العقاب : ليس صحيحا أن لا نعاقب الطفل أبدا ، أو أن نعرضه لعقاب مستمر دائما .

دور ألأب في التربية 344

يعتقد بعض ألآباء أن قدرتهم نازلة من السماء ، وعليهم أن يمارسوا قوتم مع أولادهم ، غافلين بأنهم مكلفون بهداية أطفالهم وبنائهم ، لا أن يمارسوا معهم القوة وألإقتدار .
والمهم في الموضوع هو أن نعي موارد العقاب وحدوده ، فمتى يحق لنا أن نعاقب الطفل ، ومتى لا يحق لنا ذلك ؟ ثم هل إن العقاب هو من أجل أن نشفي غليلنا أم من أجل بناء الطفل ؟ وهل إن المطلوب من العقاب هو تنبيه الطفل أم جعله يشعر بألأذى وألم ؟
ينبغي أن يفكر ألأب بهذه ألأمور جيدا .
وإسلاميا ، فإن العقاب هو كالدواء الذي يجب أن لا يستخدم إلا عند الضرورة وبمقدار محدد أيضا .

كلام حول الطرد وألإبعاد :

تحدثنا في السطور الماضية عن ألإرتباط وألإبعاد ، وقلنا أنه لا ألإرتباط الشديد صحيحا ولا الطرد وألإبعاد . ومن الحق الطفل أن ينشأ في البيت بين أحضان والديه ، وأن يكون الوسط الذي يعيشه آمنا ومريحا ، وعليه أن يشعر بأنه ينبغي اللجوء إلى هذا الوسط ألآمن ليكون ملاذا له وذلك عندما تواجهه المشاكل والصعوبات .
إن للإبعاد أعراضا سيئة تصيب الطفل ، أقلها إنه سيبحث عن أشخاص آخرين ليكونوا ملاذا له . وعندها لا ندري هل سيكون هؤلاء ألاخرون أفضل منكم ويعيشون في أوساط أفضل من أوساطكم ؟
كما يؤدي ألإبعاد أيضا إلى توقف عملية نضج الطفل ، وتبدد أحلامه وحرمانه من السعادة حيث يهدد ذلك مكانة ألأسرة وشأنها .
ويشعر ألأولاد المطرودون بالقلق أيضا ويلجأون إلى العنف وألإضطرابات السلوكية والحقد في أغلب ألأحيان . ومن ثم يصبحون عدوانيين وعصاة مشردين منحرفين حيث يلجأون إلى المكر والخداع أحيانا وألإنتقام في أحيان أخرى فيما لو تمكنوا من ذلك .
وبشكل عام يمكن القول بأن الطرد وألإبعاد هو بمثابة السم لإصابته

دور ألأب في التربية 345

بأمراض نفسية عديدة ، وسوف تتحول حياته إلى جحيم لا يطاق فيتمنى الخلاص منها . وينبغي أن يدرك الطفل ، رغم إستخدام القوة معه ، بأن عليه أن يبقى في هذا البيت وينشأ فيه .

السابق السابق الفهرس