عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 54

وفي عهد الخليفة العباسي المعتضد سنة 279هـ (892م) زار كربلاء حسن بن زيد العلوي الملقب بـ(الداعي الكبير) ملك طبرستان وديلم . فباشر ببناء الحضرة الحسينية واتخذ حولها مسجدا . ولكنه توفي قبل انجازها واكمل بناءها أخوه محمد بن زيد العلوي الملقب بـ(الداعي الصغير) الذي خلف أخاه وأهتم بمدينة كربلاء ومرقد الإمام الحسين (ع)(1).
وعندما دخل البيويهيون بغداد وأصبحوا الحكام الفعليين في زمن الخليفة العباسي المستكفي سنة 334هـ (946م) حظيت مدينة كربلاء بالإهتمام والرعاية. وكان أول من زارها من السلاطين البويهيين ، السلطان معز الدولة سنة 336هـ (977م)(2).
وفي سنة 367هـ (978م) أيام خلافة الطائع العباسي أستولى السلطان عضد الدولة فناخسرو بن ركن الدولة الحسن البويهي على بغداد من جديد ، وعرج على مدينة كربلاء لأول مرة لزيارة مرقد الإمام الحسين ، وقد أولى المدينة جل عنايته وأهتمامه وكان يزور كربلاء كل عام(3) .
وفي سنة 369هـ (980م) أهتم عمران بن شاهين والي إمارة البطائح ، التي تقع بالقرب من واسط جنوب العراق ، بمرقدي الإمام علي (ع) في النجف الأشرف والإمام الحسين (ع) في كربلاء المقدسة ، حيث شيد رواقاً في الجانب الغربي من حرم الإمام الحسين (ع) عُرف برواق أبن شاهين ، والذي يعرف اليوم برواق السيد إبراهيم المجاب وبني بجواره مسجداً(4).

(1) أعيان الشيعة ، ج1/ ص : 628.
(2) ستيفن لونگريك وفرانك ستوكس : شعوب العالم الحديث ـ العراق ، ص : 62 ، طبعة أولى ، أرنست بن ليمتد ـ لندن ، 1958م . تراث كربلاء ، ص : 77.
(3) السيد محسن الأمين : أعيان الشيعة ، ج1/ ص : 628. نزهة أهل الحرمين في عمارة المشهدين ، ص : 32. تاريخ كربلاء وحائر الحسين ، ص : 171.
(4) العلامة المجلسي : بحار الأنوار ، ج42/ ص : 320. الطبعة الثانية ، مؤسسة الوفاء بيروت/ لبنان ، 1403 هـ (1983م ) .
عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 55

وفي عهد الخلفية العباسي الطائع سنة 369هـ (980م) أغار (ضبة بن محمد الأسدي) أمير عين التمر ، الذي كان يتزعم عصابة من اللصوص وقطاع الطرق ، على كربلاء ومشهد (الإمام) الحسين (ع) . وكان هذا قد أتخذ من (عين التمر) مركزاً لنشاطه وقيامه بأعمال السلب والنهب ، وشن الهجمات على المدن والقوافل ، ومما ساعده على ذلك عدم أستتباب الأمن والطمأنينة في البلاد ، فأرسل عضد الدولة البويهي في هذه السنة سرية من الجند إلى عين التمر للقضاء على (ضبة بن محمد الأسدي) ولكن هذا الأخير هرب بعد وصول السرية إليها(1).
ولم يكتف عضد الدولة بذلك ، بل أولى مدينة كربلاء جل عنايته وكان من أكثر الذين أهتموا بها ، وقام بأهم زيارة له لهذه المدينة في سنة 369هـ (980م) حيث أمر بإعادة بناء مرقد الإمام الحسين (ع) والدور والمباني المحيطة به ، وقد أنتهى العمل من بناء المرقد سنة 371هـ (982م ) . وكذلك أمر قبل وفاته سنة 372هـ (983م) ببناء مرقد العباس (ع) لأول مرة ، فأزدهرت المدينة أزدهاراً واسعاً في عهده وأقيمت المباني الجديدة ما بين المرقدين وحولهما فتوسعت المدينة وأصبحت مهمة في مركزها الديني والعلمي(2).
وفي عهد الخليفة العباسي القادر بالله سنة 407هـ (1017م) أحترق مشهد الإمام الحسين (ع) بسبب سقوط شمعتين ، فأحدث ذلك بلبلة في المدينة ظل القبر على هذا الحال حتى قام وزير السلطان البويهي الحسن بن الفضل بن سهلان المعروف بأبي محمد الرامهرمزي سنة 414هـ (1023م) بإرجاع الطمأنينة والسكينة إلى النفوس وأولى المدينة والمشهد أهتمامه(3). وقام السلطان أبو طاهر جلال الدولة بن بهاء الدولة بن عضد الدولة البويهي ترافقه حاشية

(1) أبن الأثير : الكامل في التاريخ ، ج8/ ص : 710 ، دار صادر بيروت ، بيروت لبنان : 1386هـ (1966م ) .
دائرة المعارف الإسلامية ، ج4/ ص : 637.
(2) دائرة المعارف الإسلامية ، ج4/ ص : 637. أعيان الشيعة ، ج1/ ص : 628. تراث كربلاء ، ص : 62.
(3) الكامل في التاريخ ، ج9/ ص : 295. دائرة المعارف الإسلامية ، ج4/ ص : 637. السيد عبد الحسين الكليدار : تاريخ كربلاء المعلى ، ص : 14 ، المطبعة العلوية ، النجف الأشرف العراق ، 1349هـ (1930م ) .
عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 56

كبيرة من أهله وأتباعه من الأتراك بزيارة مدينة كربلاء ومرقد الإمام الحسين (ع) وذلك سنة 431هـ (1040م) ومكث فيها مدة من الزمن أجزل خلالها العطايا والنعم على الأهالي مما كان له اثره في تطور المدينة(1).
وبعد أنحسار نفوذ البويهيين سيطر السلاجقة على العراق ولم يذكر عنهم أنهم أتخذوا موقفاً معانياً من كربلاء والحائر بل أنهم محضوا كربلاء أحترامهم .وكان أول من زار المدينة السلطان السلجوقي أبو الفتح جلال الدولة ملكشاه مع وزيره نظام الملك مع حاشية كبيرة سنة 479هـ (1087م)(2).
وفي سنة 489هـ (1096م) أغارت قبيلة خفاجة على كربلاء بعد إغارتها على الحلة التي كان أميرها صدقة بن مزيد الملقب بـ (سيف الدولة) الذي لم يستطع أن يردهم أول الأمر. فقصدوا مشهد (الإمام) الحسين بن علي (ع) فعاثوا فيه الفساد والمنكر من قتل الناس والاعتداء على النساء ونهب الأموال والأعتداء على الأماكن المقدسة فوجه إليهم (صدقة) جيشاً فحاصروهم وقتل منهم خلقاً كثيراً في المشهد حتى عند الضريح(3).
وفي سنة 513 هـ (1120م) زار مدينة كربلاء الأمير دبيس بن صدقة بن مزيد أبو الأعز الأسدي ، وكان شاعراً خلف اباه صدقة بن مزيد على إمارة الحلة ولم يكن على وفاق مع الخليفة العباسي المسترشد في سياسته(4).
وقام الخليفة العباسي المسترشد سنة 526هـ (1132م) بوضع يده على الخزائن من الأموال والمجوهرات العائدة لمرقد (الإمام) الحسين (ع) لحاجته إلى المال لصرفه على الجيش وأكتفى بذلك دون أن يتعرض للمرقد بسوء(5).

(1) ابن الجوزي : المنتظم في تاريخ الأمم والملوك ، ج15/ ص : 274 ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، 1412هـ (1992م ) .
(2) المنتظم في تاريخ الإمم والملوك ، ج16/ ص : 259. دائرة المعارف الإسلامية ، ج4/ ص : 637.
(3) الكامل في التاريخ ، ج10/ ص : 260.
(4) المنتظم في تاريخ الأمم والملوك ، ج17 ، 18/ ص : 174. 5ـ بحار الأنوار ، ج45/ ص : 401 .
عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 57

وقد زار الخليفة العباسي المقتفي بالله كربلاء ومرقد الإمام الحسين (ع) سنة 553هـ (1158م) وهو في طريقه لزيارة مدينة الأنبار بعد أن عبر نهر الفرات(1).
وأزدهرت مدينة كربلاء ، وخاصة عمارة المراقد المقدسة ، وفي أيام الخليفة العباسي أحمد الناصر لدين الله سنة 575 622هـ (1180 1225م) وكان محباً لأهل البيت (ع) وموالياً لهم بخلاف آبائه وأسلافه(2).
ثم تعرضت كربلاء فيما بعد للإهمال والتقصير. وعندما أستولى المغول على العراق سنة 656هـ (1258م) بقيادة هولاكو ، كانت كربلاء لا تزال غارقة في الظلام ، ترزح تحت وطأة الفقر والإهمال, وكانت مدن مثل البصرة والنجف والكوفة والحلة وواسط والموصل وكربلاء وغيرها قد أصبحت خاضعة للمغول بسقوط بغداد ولذلك لم تتعرض للتدمير والنهب.
وفي سنة 696هـ (1297م) قدم العراق السلطان المغولي محمود غازان خان ماراً بالحلة والنجف فتوجه إلى كربلاء في زيارة الإمام الحسين (ع) وأمر للعوليين والمقيمين بمال كثير. وفي سنة 698هـ (1229م) قدم غازان مرة أخرى لزيارة كربلاء والنجف ثم أمر بحفر قناة من نهر الفرات تصل إلى سهول كربلاء وسمي هذا النهر بـ (الغازاني الأعلى) تتميزاً لنهرين آخرين حفرهما غازان أيضاً في الحلة(3). وقد خلف أولجايتو محمد خدابنده أخاه غازان سنة 703هـ (1304م) وحذا حذوه في أهتامه بالمراقد المقدسة ورعاية العلويين(4).
وأشار ابن بطوطة في رحلته إلى كربلاء سنة 727هـ (1327م) إلى مشهد الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) وقال عن كربلاء أنها: (مدينة صغيرة

(1) المنتظم في تاريخ الأمم والملوك ، ج17 ، 18/ ص : 125.
(3) تاريخ كربلاء وحائر الحسين ، ص : 183.
(3) تاريخ العراق بين احتلالين ، ص : 376. 4ـ مدينة الحسين ، ص : 24 .
عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 58

تحفها حدائق النخيل ، ويسقيها ماء الفرات والروضة المقدسة داخلها ، وعليها مدرسة عظيمة وزاوية فيها الطعام للوارد والصادر. وعلى باب الروضة الحجاب والقومة ، لا يدخل أحد إلا عن أذنهم . فيقبل العتبة الشريفة وهي من الفضة ، وعلى هذه المدينة طائفتان ، أولاد زحيك وأولاد فائز. وبينهما القتال ابداً ، وهم جميعاً يرجعون إلى أب واحد ، وبسبب فتنتهم تخربت هذه المدينة)(1)
وزار المدينة في نفس السنة تقريباً المؤرخ والعالم الجغرافي الشهير (حمد الله المستوفي) فوصف كربلاء بقوله: (وغربي الكوفة بثمانية فراسخ ، في صحراء كربلاء مشهد (الإمام) الحسين (ع) المعروف بالمشهد الحائري)(2).
لم تهدأ الأحوال السياسية في العراق زمن الأيلخانيين فكثرت الفتن والاضطرابات. وقد مهدت هذه الأوضاع الطريق للشيخ حسن الجلائري مؤسس الدولة الجلائرية ، التي كانت عاصمتها تبريز في إيران ، للأستيلاء على بغداد سنة 738هـ (1337م) والقضاء على سلطة الإيلخانيين فيها. وبالرغم من قصر فترة السيادة الجلائرية فقد تميزت بالأستقرار النسبي الذي ساعد على قيام نهضة عمرانية وعلمية وفنية في العراق وخاصة في المدن الدينية ومنها مدينة كربلاء.
وفي سنة 767 هـ (1366م) قدم بغداد السلطان أويس الجلائري ، الذي أصبح سلطاناً على خراسان والعراق بعد أبيه الأمير الشيخ حسن الجلائري ، ليخمد فتنة عبده الأمير مرجان الذي كان قد عينه والياً على العراق. وأراد (مرجان) هذا أن يستقل بالعراق ولذلك فإن السلطان أويس جهز جيشاً لإخضاعه. وما إن اقترب من بغداد حتى هرب مرجان إلى كربلاء وأستجار بحرم الإمام الحسين (ع) .وعندما علم السلطان أويس بذلك تيقن من صدق مرجان في حبه لأهل بيت

(1) رحلة أبن بطوطة ، شرح طلال حرب ، ص : 233 ، الطبعة الأولى ، دار الكتب العلمية بيروت ، 1407هـ (1987م ) .
(2) دائرة المعارف الإسلامية ، ج4/ ص : 637 .
عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 59

النبوة (ع) فأحضره وأكرمه وعفا عنه وأعاده والياً على العراق. وكان مرجان حينما أستجار بالحرم الحسيني المطهر قد نذر أن يبني مئذنة خاصة في الروضة الحسينية إن خرج ناجياً من هذه المحنة ، ففعل ذلك وبنى حولها مسجداً. ثم أجرى لهما من أملاكه في كربلاء وبغداد وعين التمر والرحالية أوقافاً يصرف وأرادها على المسجد والمئذنة التي عرفت بـ(مئذنة العبد) .
وعندما علم السلطان أويس بما قام به واليه على بغداد مرجان من تكريم وتعظيم لمرقد الإمام الحسين (ع) وجعل أمواله وأملاكه وقفاً عليه ، اقدم هو الآخر على على تجديد عمارة المرقد الشريف وقام من بعده أبناه السلطان حسين والسلطان أحمد بهادر خان بأستكمال البناء سنة 786هـ (1384م) ، وهو البناء الذي ما زال هيكله موجوداً إلى آلان وقد شيد أيضاً في هذه الفترة البهو الأمامي للروضة الحسينية المعروف بإيوان الذهب(1).
قبل أن يستولي تيمورلنك على بغداد سنة 795هـ (1393م) ترك السلطان أحمد بهادر خان بغداد متوجهاً إلى كربلاء مع جيشه البالغ حوالي ألفي مقاتل. فقد أرسل تيمورلينك جيوشه تتعقب السلطان أحمد فدارت معركة شديدة بين الطرفين في سهول كربلاء أنهزم في آخرها السلطان أحمد إلى الشام ومنها إلى مصر محتمياً بسلطانها الملك الظاهر برقوق(2).
وفي سنة 857هـ (1454م) قام علي بن محمد بن فلاح الملقب بـ(المشعشعي) الذي كان حاكماً على البصرة والأهواز والجزر القريبة منهما ، بنهب المشهدين المقدسين في كربلاء والنجف ، وقتل بعـض أهلهمـا وأخذ بعـض الأسـرى إلـى البصرة(3)

(1) تاريخ كربلاء وحائر الحسين ، ص : 188 ، 189.
جعفر الخياط ، موسوعة العتبات المقدسة لجعفر الخليلي ، ص : 266ـ قسم كربلاء.
(2) عباس العزاوي : تاريخ العراق بين أحتلالين ، ج2/ ص : 204 ، 205 ، الطبعة الأولى: مطبعة التفيض الأهلية بغداد 1354هـ (1936م ) . د. طارق جواد الجنابي : حضارة العراق ، ج10/ ص : 248 ، دار الحرية للطباعة بغداد.
(3) تاريخ العراق بين أحتلالين ، ج3/ ص : 144.
عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 60

وقام أوزون حسن سنة 873هـ (1468م) بتأسيس دولة التركمان آق قويونلي (الخروف الأبيض) التي خلفت دولة التركمان قرة قويونلي (الخروف الأسود) ، وحكمت لمدة 42 سنة في أطراف إيران والعراق وتعاقب على حكمها ثمانية سلاطين ، وإذا كانت هذه الدولة لم تستطع أن تقدم خدمات مهمة للعتبات المقدسة في كربلاء وسواها وذلك لأنشغالها بالحروب والمنازعات الشديدة التي كانت تقع بينها وبين العثمانيين وأحياناً مع الصفويين فيكفيها أنها حفظت للعتبات المقدسة أمنها وسلامتها ومنعت وقوع أي أعتداء عليها خلال حكمها الذي أنتهى على يد الشاه إسماعيل الصفوي سنة 914هـ (1508م)(1) .

(1) د. طارق جواد الجنابي : حضارة العراق ، ج10/ 248.
د. صالح محمد العابد : حضارة العراق ، ج10/ ص : 14 ، 15.
مستر ستيفن لونگريك : أربعة قرون من تاريخ العراق الحديث ، ص : 16 .
عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 61

تاريخ كربلاء
خلال الحكمين الصفوي والعثماني للعراق

بعد أن تم للشاه إسماعيل الصفوي تأسيس الدولة الصفوية في إيران سنة 906هـ (1501م) أرسل جيشاً كبيراً بقيادة لاله حسين للسيطرة على بغداد.
وبعد أن تم له ذلك سنة 914هـ (1508م) وقضى على دولة الخروف الأبيض (آق قويونلي) أصبح العراق تابعاً للدولة الصفوية ، فدخل بذلك مرحلة تاريخية جديدة. وفي السنة نفسها قدم الشاه إسماعيل الصفوي بغداد. وفي اليوم الثاني من مجيئه قام بزيارة كربلاء ، فأولى المراقد المقدسة في هذه المدينة جل أهتمامه ورعايته. فأنعم على مجاوري الروضة الحسينية بالمال والهدايا. وكانت السنين التي حكم بها الشاه إسماعيل الصفوي العراق سنين أزدهار وهدوء وخاصة المدن المقدسة(1).
وفي سنة 930هـ (1524م) توفي الشاه إسماعيل الصفوي فخلفه أبنه طهماسب الأول. وكان العراق آنذاك قد أصبح خاضعاً للعثمانيين الذين استولوا عليه. فأرسل طهماسب جيشاً حاصر بغداد سنة 936هـ (1530م) وحاصر القلعة التي تحصن بها حاكم بغداد ذو الفقار. واستطاع طهماسب أن يفتح القلعة وأن يقتل حاكم بغداد. وبعد أن سيطر طهماسب على بغداد والعراق قام بزيارة المراقد المقدسة في كربلاء(2).

(1) عبد الرزاق الحسني : العراق قديماً وحديثاً ، ص : 130 ، الطبعة الثانية ، مطبعة العرفان ، صيدا لبنان 1375هـ (1956م ) .
(2) د. صالح محمد العابد: حضارة العراق ، ج10/ ص : 16 ، دار الحرية للطباعة ، بغداد 1985م .
محمد باقر مدرس : شهر حسين ، ص : 304 .
عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 62

وسرعان ما بدأ التنافس بين الصفويين والعثمانيين للسيطرة على العراق . وبعد أعتلاء العرش من قبل السلطان العثماني سليم 918هـ (1512م) ، تمت السيطرة على العراق على يد أبنه السلطان سليمان القانوني سنة 941هـ (1535م ) . ولقد بذل هذا السلطان ما بوسعه لأستمالة العتبات المقدسة إليه وكسب ود السكان. وقرر أن يفعل في المدن المقدسة أكثر مما فعله الشاه إسماعيل الصفوي وطهماسب ، وخاصة بالنسبة إلى مدينة كربلاء. فأنقذ هذه المدينة من خطر الغرق وذلك بإنشاء سد لا زال يعرف بـ(روف السليمانية) . وأمر بشق نهر يوري أراضي مدينة كربلاء سنة 941هـ (1535م) سمي بـ(النهر السليماني) نسبة إلى السلطان سليمان ويسمى حالياً بـ(نهر الحسينية) الذي ما زالت مياهه تروي مدينة كربلاء(1). وينقسم هذا النهر عند دخوله المدينة إلى فرعين : الأول يسير بأتجاه الشمال الغربي من المدينة ويسمى بـ(الرشيدية) ، والثاني يسير بأتجاه جنوب مدينة كربلاء ويسمى بـ(الهندية) .
وفي سنة 980 هـ (1573م) أستطاع الشاه طهماسب الأول بن إسماعيل الصفوي أن يسيطر على بغداد من جديد بعد أن كان العثمانيون قد سيطروا عليه. وبعد أن عقد مع الدولة العثمانية معاهدة صلح قام للمرة الثانية بزيارة كربلاء والمراقد المقدسة فيها وأمر في هذه الزيارة بالأهتمام بالمدينة وبالمرقد الحسيني الشريف(2).
وفي سنة 984هـ (1576م) توفي الشاه طهماسب وتولى الحكم أبنه إسماعيل الصفوي الثاني إثر إغتيال أخيه حيدر ميرزا في نفس العام . وأمر بالأهتمام بمدينة كربلاء وبمرقد الإمام الحسين (ع)(3)

(1) دائرة المعارف الإسلامية ، ج4/ ص : 638.
مستر ستيفن لونگريك : أربعة قرون من تاريخ العراق الحديث ، ص : 25 ، جامعة أكسفورد 1925م .
(2) محمد باقر مدرس : شهر حسين ، ص : 305.
(3) سلمان هادي طعمة : تراث كربلاء ، ص : 44.
عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 63

سيطر العثمانيون بعدئذ على العراق. وتذكر بعض المصادر التاريخية أن الوالي العثماني على بغداد ، علي باشا الوندزادة من قبل السلطان العثماني مراد الثالث قام سنة 984هـ (1576م) بتعمير مرقد الإمام الحسين (ع)(1).
وفي 25 أيلول 1604م وصل إلى كربلاء الرحالة البرتغالي المعروف بيدرو تكسيرا. وتكمن أهمية هذه الرحلة في أنها مبكرة جداً وتتحدث عن أحوال كربلاء في القرن السابع عشر الميلادي بمختلف جوانبها الاقتصادية والأجتماعية والعمرانية.
ويصف تكسيرا سكان هذه المدينة بأنهم من العرب والإيرانيين وقليل من الأتراك. وبعضهم كان من بقايا الذين جاءوا لزيارة مرقد الإمام الحسين (ع) وأستوطنوا المدينة ، وقسم آخر خلفتهم الحروب التي أندلعت بين الصفويين والعثمانيين. ممن لاذ بأمان المرقد وسلام المدينة المقدسة.
واسواق هذه المدينة مبنية بناء محكماً وهي ملأى بالمؤن والبضائع التجارية. وعندما يتطرق إلى الروضة الحسينية يقول: إن المسلمين يتوافدون لزيارتها من جميع الأنحاء.
ويتحدث تكسيرا عن الفوضى التي كانت تضرب أطنابها في كربلاء والنجف تحت حكم الأمير ناصر المهنا الذي كان يعتبر نفسه سلطاناً(2).
والجدير بالذكر أن هذا الأمير هو شيخ قبيلة آل مهنا ، وهي من عشائر جشعم العربية. وكان قد قام في سنة 1013هـ (1604م) بغزو مدينة كربلاء وبسط زعامته عليها وقد أنتهت هذه الزعامة إثر السيطرة على العراق من قبل الشاه عباس الكبير الصفوي سنة 1032هـ (1623م)(3).

1ـ مرتضى نظمي زادة : گلشن خلفا ، ترجمة موسى كاظم نورس ، ص : 208 ، مطبعة الأدب النجف 1971م .
(2) THE TRAVELS OF PEDRO TEIXEEIRA, Second series. No. IX - p.xxii, p.p.51,52,53.
(3) سلمان هادي طمعة : تراث كربلاء. ص : 365 366 .
عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 64

وكان الشاه عباس الكبير قد توجه ، بعد سيطرته على بغداد سنة 1032هـ (1623م) ، لزيارة كربلاء وزيارة مرقد الإمام الحسين (ع) . ثم توجه عن طريق الحلة إلى النجف الأشرف لزيارة مشهد الإمام علي بن ابي طالب (ع)(1).
وبعد وفاه الشاه عباس سنة 1038هـ (1629م) خلفه الشاه صفي الدين الأول حفيد الشاه طهماسب. وأستطاع السلطان العثماني مراد الرابع بعد حصاره بغداد في نفس السنة أن يستولي عليها وعلى العراق. وكان هذا السلطان سفكاً للدماء وقام بمجزرة قتل خلالها زهاء ثلاثين ألف شيعي(2) ، مما حمل الشاه صفي الدين الأول على أن يسترجع العراق من العثمانيين سنة 1042 (1633م ) . وقد قام في هذه السنة بزيارة كربلاء وبذل الكثير من الأموال من أجل ذلك. لكن العثمانيين عادوا من جديد إلى العراق فسيطروا عليه وقتلوا خلال ذلك في معركة واحدة ألفي جندي إيراني ممن يسمون بـ(قزلباش) وكان ذلك في سنة 1048هـ (1638م ) .(3)وعندما بلغ الشاه صفي الدين هذا الخبر الذي أثاره كثيراً ، جهز جيشاً وحاصر بغداد وأستولى على العراق من جديد وقام بزيارة كربلاء والمراقد المقدسة فيها وأنعم على فقراء المدينة بالأموال والهبات الكثيرة(4).
وعاد العثمانيون إلى العراق مرة أخرى. وتم تعيين الوزير قبلان مصطفى باشا والياً على بغداد ، ولكن لم يؤثر عن هذا الوالي سوى أنه في مطلع سنة 1088هـ (1677م) زار كربلاء وأنعم على القائمين على خدمة مرقد الإمام الحسين (ع)(5)

(1) دائرة المعارف الإسلامية ، ج4/ ص : 637. محمد حسن مصطفى الكليدار : مدينة الحسين ، ص : 37 38.
(2) ستيفن لونگريك: أربعة قرون من تاريخ العراق الحديث ، ص : 74. محمد باقر مدرس : شهر حسين ، ص : 317.
(3) مرتضى نظمي زادة : گلشن خلفا ، ترجمة موسى كاظم نورس ، ص : 233. 4ـ عبد الحسين الكليدار آل طمعة : بغية النبلاء في تاريخ كربلاء ، ص : 73 ، مطبعة الأرشاد ، بغداد. شهر حسين ، ص : 318. 5ـ مرتضى نظمي زادة : گلشن خلفا ، ترجمة موسى كاظم نورس ، ص : 282. عباس العزاوي : تاريخ العراق بين أحتلالين ، ج5/ ص : 113 ، شركة التجارة والطباعة المحدودة بغداد ، 1372هـ (1953م ) .
عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 65

أما الوالي العثماني على بغداد ، الوزير حسن باشا ، فقد قام بإصلاحات يمكن القول بسببها أن العراق دخل في عهده مرحلة جديدة. ولقد قام بزيارة مشهد الإمام الحسين (ع) سنة 1116هـ (1704م) وأجزل العطاء على القائمين على الحرم وعلى الفقراء. ثم زار كربلاء مرة أخرى سنة 1127هـ (1715م) وأمر بتعمير الطارمة الحسينية ، وبنى في كربلاء خان الباشا الذي كان يقع مقابل (باب الرجاء) أحد أبواب الروضة الحسينية(1).
وفي سنة 1138 هـ (1726م) أستطاع نادر شاه الافشاري أن يقضي على الدولة الصفوية ويتسنم عرش إيران ويمد نفوذه إلى العراق ، حيث سيطر عليه بعد أن قام بحصار بغداد. ثم توجه لزيارة مرقد الإمام الحسين (ع) في كربلاء ومرقد الإمام علي (ع) في النجف. وقامت زوجته وهي كريمة الشاه سلطان حسين الصفوي بإنفاق أموال كثيرة لتعمير الحائر الحسيني سنة 1153هـ (1740م)(2).
وزار نادر شاه الأفشاري كربلاء مرة أخرى سنة 1156 هـ (1743م) مع وزرائه وعساكره. وقد أولى مرقد الإمام الحسين (ع) والمراقد الأخرى في المدينة عنايته وساهم في تحسين المدينة(3).
ويقدم لنا الرحالة الألماني كارستن نيبور الذي وصل كربلاء يوم 27 كانون الأول سنة 1765م ، ضمن الرحلة الدنيماركية ، وصفاً ممتعاً عن المدينة. فقد ذكر كثرة النخيل في كربلاء ، ويقول بأن عدد سكانها يفوق عدد سكان النجف ، ويتحدث عن سور كان يحيط كربلاء له خمسة أبواب ولكن خلال زيارته وجده متهدماً.

(1) تاريخ العراق بين أحتلالين ، ج5/ ص : 164 ، 193. گلشن خلفا. مصدر سابق ، ص : 318.
(2) مدينة الحسين : مصدر سابق ، ص : 38. محمد باقر مدرس : شهر حسين ، ص : 325 ، 326.
(3) جعفر محبوبة : ماضي النجف وحاضرها ، ص : 223 ، الطبعة الثانية ، دار الأضواء ، بيروت لبنان ، 1406هـ (1986م ) .
السيد عبد الحسين الكليدار آل طمعة : بغية النبلاء في تاريخ كربلاء ، ص : 73 .
عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 66

ويتحدث نيبور مبهوراً بالروضة الحسينية التي تتألف من الحضرة والصحن (الفناء المكشوف) الذي يحيط بالحضرة التي كانت تشع منها الأنوار ومضاءة كلها في منظر فريد أخاذ لكثرة الشبابيك الزجاجية التي كانت موجودة فيها.
ويذكر أيضاً أن العباس بن علي بن أبي طالب (ع) قد شيد له جامع كبير تقديراً لبطولته التي أبداها في يوم عاشوراء سنة 61هـ (680م) ، وذكر كذلك بمنى المخيم الذي كان في تلك الفترة حسب ما يصفه حديقة واسعة الأرجاء في نهاية البلدة(1).
وفي سنة 1216هـ (1801م) أنتشر خبر أقتراب الوهابيين من كربلاء بقيادة سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود بجيش يقارب الستمائة هجان وأربعمائة فارس عندما كان معظم سكان مدينة كربلاء في النجف يقومون بالزيارة. فساع من بقي في المدينة لإغلاق الأبواب. غير أن الوهابيين نزلوا فنصبوا خيامهم وقسموا قواتهم إلى ثلاثة أقسام ، وهاجموا أقرب باب من أبواب المدينة فتمكنو من فتحه ، ودخلوا البلدة فدهش السكان وأصبحوا يفرون بكل الأتجاهات خوفاً. أما الوهابيون فقد شقوا طريقهم إلى الأضرحة المقدسة وأخذوا يخربونها فاقتلعوا القضبان المعدنية والسياج والمرايا ونهبوا النفائس والأشياء الثمينة من هدايا الأمراء والملوك والسلاطين. وكذلك سلبوا زخارف الجدران وقلعوا ذهب السقوف وقتلوا بالقرب من الضريح حوالي خمسين شخصاً وخمسمائة شخص خارج الضريح في صحن المرقد. أما مدينة كربلاء نفسها فقد عاث الغزاة فيها فساداً وتخريباً وقتلوا من دون رحمة جميع من صادفوه كما سرقوا البيوت والأسواق ، ولم يرحموا أحداً لا الشيخ ولا الطفل ولم يحترموا النساء ولا الرجال

d 1_ Niebuhr. Carsten: Voyage en Arbaie et en d,autre pays circonvoisins (amesterdam 1776) .
موسوعة العتبات المقدسة ، ترجمة جعفر الخياط ، ص : 286 290 ، قسم كربلاء .
عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 67

فلم يسلم من في المدينة من وحشيتهم . ولقد قدر بعضهم عدد القتلى بألف نسمة وقدرهم الأخرون بخمسة ألاف(1).
وفي أوائل القرن التاسع عشر الميلادي زار كربلاء يمين الدولة علي خان الحاكم السادس من ملوك مملكة أودة في الهند الذي حكم ما بين 1213 1229هـ (1798ـ 1814م) فأشفق على حالتها ، وبنى فيها أسواقاً حسنة وبيوتاً قوراء ، أسكنها بعض من نكبوا وبنى للمدينة سوراً حصيناً وأقام حوله الأبراج والمعاقل ، فأمنت على نفسها وعاد إليها بعض الرقي والتقدم(2).
وفي سنة 1217هـ (1802م) زار مدينة كربلاء الرحالة الهندي أبو طالب خان والتقى بعمته التي كانت تسكن بجوار مرقد الإمام الحسين ، فوصفت له أحداث غزو الوهابيين بتفاصيلها. فذكر في رحلته ما حل بالروضتين عند الغزو. كما ورد لدى وصفه للصحن الحسيني الشريف قوله: (وفي وسط الصحن مقام إبراهيم المجاب) مما يدل على أن مرقد إبراهيم لم يكن ضمن الرواق الحسيني حتى ذلك الحين(3)
بدأت الدولة العثمانية تنهار فأستقل كل والٍ بولايته ومنهم والي العراق داود باشا الذي دعا الناس لبيعته. فخضعت مدن العراق جميعها لطاعته ما عدا الحلة وكربلاء ، فأرسل جيشاً كبيراً فدخل الحلة ثم توجه إلى كربلاء سنة 1241هـ (1826م) فلم يستطع دخولها لأنها كانت محصنة بسور محكم متين البنيان. وحاول مراراً فلم يفلح وقد حاصرها أربع سنوات من سنة 1241 1245 هـ (1826 1830م) ومع ذلك بقيت المدينة صامدة فقام بقطع الماء والمؤونة عنها فأضطر سكان المدينة إلى إبرام معاهدة صلح فيها بينهم وبين

(1) دائرة العارف الإسلامية ، ج4/ ص : 638. أربعة قرون من تاريخ العراق الحديث ، ص : 217.
گيفن يونك: العراق بلاد ما بين النهرين ، ص : 123 ، كولينز لندن ، 1980م .
(2) بغية النبلاء في تاريخ كربلاء: ص : 40. تاريخ كربلاء وحائر الحسين ، ص : 238.
محمد صادق الكرباسي : دائرة المعارف الحسينية ، تاريخ المراقد ، الجزء الثاني ، تحت الطبع.
(3) تراث كربلاء ، مصدر سابق ، ص : 371. بغية النبلاء في تاريخ كربلاء ، مصدر سابق ، ص : 179.
عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 68

الوالي داود باشا ، وبذلك سلمت المدينة والمراقد المقدسة من الهدم والدمار ، وسميت هذه الواقعة بواقعة المناخور(1).
بعد تولي الوالي العثماني نجيب باشا الحكم في بغداد سنة 1258هـ (1842م) لم تكن كربلاء خاضعة للسلطة العثمانية. لذلك جهز جيشاً أوائل عام 1843م لفرض سيطرة الحكومة العثمانية على مدينة كربلاء. وبعد حصار للمدينة بالمدافع ، من أحداث ثغرة واسعة فيه. وعند ذلك دارت معركة حامية أشتركت فيها ، إلى جانب أهالي كربلاء ، قوة من بعض العشائر المحيطة بالمدينة. لكن الجيش العثماني تغلب في النهاية ودخلت قواته إلى المدينة ، فقامت هذه القوات بقتل المئات من الذين أستجاروا بمرقد العباس (ع) ، وتقدر بعض الروايات أن عدد القتلى بلغ أربعة آلاف نسمة من المدافعين عن المدينة(2).
وفي سنة 1270هـ (1853م) زار كربلاء عالم الآثار الإنكليزي لوفتس . وقد أبدى إعجابه بمدخل كربلاء قائلاً: (إنه أكثر جمالاً من مدخل النجف لوجود غابة كثيفة من أشجار النخيل والبساتين حول المدينة.) . ويقول: (إن الأبنية الكثيرة المشيدة خارج أسوار المدينة توحي بالأمان من خطر القبائل البدوية) .ويشير إلى وجود كور في ضواحي كربلاء لصنع الطابوق (الآجر) ويقول (إنه يشابه طابوق بابل في شكله وحجمه) .
ويتحدث لوفتس عن الروضة الحسينية قائلا ً: « إنها كثيرة الشبه في تصميمها بمشهد الإمام علي (ع) وإن قبة الحسين وحدها هي المكسوة بالذهب في كربلاء وإن إحدى المآذن الثلاث تبدو متداعية وتوشك على السقوط (على ما يبدوا كان يتكلم عن مئذنة العبد) »

(1) بغية النبلاء في تاريخ كربلاء ، ص : 41. تراث كربلاء: ص373. 2ـ أربعة قرون من تاريخ العراق الحديث ، ص : 288. دائرة المعارف الإسلامية ، ج4/ ص : 638.
جعفر الخليلي : موسوعة العتبات المقدسة ، ج2 من قسم كربلاء/ ص : 276 279.

السابق السابق الفهرس التالي التالي