عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 240

الشناشيل (المشربيات)

من الظواهر المالوفة في البيوت التراثية في كربلاء ما يعرف بالشناشيل (المشربيات) . وهي الشرفات الخشبية المزخرفة المعلقة والمصطفة على الطريق العام . ففي بيوت الميسورين تتحول الشناشيل إلى قطع فنية رائعة ، وذلك لجمال نقوشها الخشبية التي تتخللها قطع زجاجية صغيرة ملونة.
وجاء في فرهنك جديد (المعجم الجديد) لفريدون كار ، فارسي فارسي : إن الشناشيل كلمة فارسية مركبة من (شاه نشين) بمعنى محل جلوس الشاه.
ويذكر اللغوي والمؤرخ العراقي الدكتور مصطفى جواد: إن الشناشيل يطلق عليها أيضاً الأجنحة والرواشن ، مفردها روشن ، وهي لفظة فارسية أيضاً ومعناها الضوء. وتعني الروشن كذلك: الرف ، والكوة ، لكنها لا تؤدي المعنى المراد هنا(1).
والراجح أن لفظ الشناشيل أو الروشن قد أستخدم منذ العصور الإسلامية الأولى في مدينة البصرة. وقد ورد في نهج البلاغة بشرح الإمام محمد عبده ، من كلام للإمام علي بن أبي طالب (ع) فيما يخبر به من الملاحم بالبصرة قوله: « ويل لسكَكِكُم (أزقتكم) العامرة والدور المزخرفة التي لها أجنحة كأجنحة النسور وخراطيم كخراطيم الفيلة (الميزاب) » ، وقد شرح الإمام محمد عبده أجنحة الدور التي شبهها الإمام علي (ع) بأجنحة النسور بأنها رواشينها(2).
وأنتشر هذا الفن الرائع في مدينة البصرة ، حيث يعتبر من فنونها المميزة ، ومنها أنتقل إلى باقي المدن العراقية وبالخصوص الجنوبية والوسطى منها. وكانت مدينة كربلاء إحدى أكثر المدن تأثراً بالشناشيل البصرية.
تُشيد الشناشيل أساساً على قسم من بناء الطابق الأول يضاف إلى المساحة الأساسية للبيت ، وذلك عن طريق إحداث بروز يستند إلى روافد خشبية أو معدنية.

(1) د. مصطفى جواد: مجلة سومر ، ج24/ ص : 244.
(2) الإمام محمد عبده: شرح نهج البلاغة للإمام علي بن أبي طالب (ع) ، ج2/ ص : 9 .
عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 241

وعندما يتسع البروز نسبياً يعيد المعمار إلى تدريج ألواح الخشب أو الروافد ، ليمكنه الحصول على نقاط أستناد قوية تشيد فوقها الشناشيل ، ويبلغ البروز عادة متراً واحداً لو أكثر بقليل.
ويتم صنع الشناشيل من الخشب ، بدلاً من الآجر أو الحديد ، للتغلب على مشاكل الثقل في توسعة البناء ، وكذلك مساعدة الخشب في تحقيق برودة الجو الداخلي للغرفة عن طريق تقليل كمية الحرارة الواصلة إلى البيت ، دون أن تمنع الضوء والهواء من الوصول إلى غرف الشناشيل من خلال الفتحات الخارجية المشبكة. وكذلك تحفظ للسكان حرمتهم فهي مصممة لحجب الرؤية من الخارج للجالسين في هذه الشرفات أو الغرف الملحقة بها.
والشناشيل المصطفة على طول الطريق العام توفر مظلة يحتمي بها المشاة من شمس الصيف وأمطار الشتاء(1).
ومن الظواهر المألوفة الأخرى في البيوت التراثية في مدينة كربلاء ما يعرف بالأرسي (الشبابيك الخشبية المزخرفة) ، التي تفتح وتغلق برفعها إلى الأعلى والأسفل. وتنخل الأرسي أحياناً الأبجورات وهي شبابيك صغيرة شبيهة بالأبواب تغطيها مقاطع من الخشب المائل المشبك لدخول الهواء وحجب الضوء.
وتمتاز معظم البيوت التراثية بوجود البنجرات (وهي عبارة عن قضبان حديدية ذات أشكال زخرفية جميلة تصف عمودياً وتثبت من الأعلى إلى خشبة مرتكزة في أعلى الشباك وأخرى تستند إلى قاعدة الشباك) ، وفي فصل الصيف تصف مشربيات الماء الفخارية (التنگ) على هذه البنجرات(2).

(1) د. رؤوف محمد علي الأنصاري : صحيفة الحياة ، ص : 18/ العدد 12943 ، آب 1998.
(2) سلمان هادي طعمة : كربلاء في الذاكرة ، ص : 413 .
عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 242

المساند الخشبية (الدلگ)

وتستعمل في البيوت الكربلائية أعمدة من الخشب التي تسند الممرات في الطابق الأول ، وفي بعض الأحيان تسند الطارمات والغرف في الطابق الأول ايضاً. وتنتهي هذه الأعمدة بتاج مقرنص متدرج يساعد في تقليل مقطع الجسر الخشبي الذي يعلو عدداً من هذه الأعمدة.

مواد البناء المحلية

من أهم المواد الأولية المصنعة محلياً ، والمستعملة في بناء البيوت الكربلائية ، الطابوق الطيني المفخور (الآجر) الذي يعتبر العنصر الرئيسي في البناء ، وذلك لوفرة مادته الأولية ولسهولة صناعته ، وكذلك سهولة أستخدامه في البناء وقلة تكلفته ، ويمتاز أيضاً بمقاومة جيدة وقدرة كبيرة على عزل الحرارة والصوت ، بالإضافة إلى مرونته وأنصياعه حسب رغبة المعمار بحيث يعطي تشكيلات زخرفية معقدة رائعة الجمال ، كالحنيات والنتوءات والمقرنصات والزخارف الهندسية والكتابية البديعة.
أما عملية تماسك الطابوق (الآجر) في البناء ، فتعتمد بالدرجة الأولى على مادة محلية أخرى هي الجص ، ولهذه المادة مميزات خاصة لها أثر كبير في عملية البناء ، كونها تمتلك قابلية عالية على الجفاف بسرعة فائقة بعد أنتهاء البناء مباشرة. وساعدت هذه المواصفات في بناء القباب والأقبية والعقود (الأقواس) من دون الحاجة إلى أستعمال القوالب الخشبية.
وأستعمل في أسس بناء البيوت الكربلائية مخلوط مسحوق النورة والرماد كمانع للرطوبة ، وتستعمل في الأساسات كسر (قطع صغيرة) من الآجر الخضراوي المصخرج.

عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 243

ومن المواد الأخرى المستعملة القير (القار الاسود) كمانع للرطوبة في تغليف جدران الأسس وأحواض المياة وبعض مصاريف المجاري ، وكذلك فرشه على سطوح البيوت قبل تبليطها لمنع تسرب المياه والرطوبة إلى الطوابق السفلية(1).

الأكساءات والزخارف

تستعمل مادتا الجبص والبورق في الأكساءات الداخلية في تبيض الجدران لإعطائها وجهاً مصقولاً يستغني به عن اللبخ (البلاستر) ودهان الجدران.
ولم تقتصر الزخارف الهندسية والبنائية في البيوت التراثية في مدينة كربلاء على الآجر والجبص ، بل شملت الأعمال الخشبية في البناء ، وأظهر النجارون براعة في الدقة والمهارة في الأعمال الخشبية للأبواب والمشبكات والنوافذ الزجاجية التي تطل على الساحة الداخلية المكشوفة ، والمزينة بنقوش جميلة رائعة ومطعمة بقطع صغيرة من الزجاج الملون. ويمكن فتح قسم من هذه الشبابيك لدخول الضوء والهواء إلى الغرفة.

المطبخ

يُعد المطبخ أحد مرافق البيت التراثي ، وهو الموضع الذي يُطبخ فيه الطعام ، ويحتل هذا المرفق أحد أركان البيت في مكان بعيد عن مصدر هبوب الرياح ، وذلك لمنع تصاعد الدخان إلى الغرف والمرافق السكنية الأخرى.
وتوجد فتحة في جدار المطبخ ، وفوهتها في أعلى السطح ، اشبه بالبادكير ويخرج عبره الدخان إلى الفضاء. إلى جانب ذلك كان يبنى التنور في سطح البيت لغرض صناعة الخبز ، وذلك للتخلص من تصاعد الدخان إلى الغرف والمرافق الأخرى للبيت.

(1) د. رؤوف محمد علي الأنصاري : صحيفة الحياة ، ص : 21/ العدد 12458 ، أبريل 1997 .
عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 244

الحمام

ويقع في ركن من أركان البيت ومساحته متران مربعان أو أكثر بقليل ، يحتوي على حوض ماء صخري صغير. ويسخن الماء في معظم الأحيان في مشرية خارج الحمام في ساحة البيت أو المطبخ ثم تدخل إلى الحمام فيفرغ ماؤها في الحوض ، وهنا تبدأ عملية الأستحمام . وأحياناً يوجد تحت أرضية الحمام موقد نار (المشعل) لتسخين أرضية الحمام ، ويستعمل الخشب كوقود لهذا الغرض. وكان معظم أهالي مدينة كربلاء يستخدمون الحمامات الشعبية المنتشرة في أحيائها القديمة(1).

سطح البيت

أما سطح البيت التراثي فيستخدم للنوم ليلاً خلال موسم الصيف أتقاء من الحر الشديد. وتتشابه السطوح فيما بينها لأن معظم بيوت المدينة القديمة بأرتفاع واحد تقريباً ، وتحيط بالسطوح الجدران وتسمى بـ(الستارة) حيث يبلغ أرتفاعها ما بين 1.60 1.80 متر والتي تفصل سطوح البيوت بعضها عن البعض الأخر.
وكان البيت التراثي في مدينة كربلاء يحتوي على بئر للماء العذب يقع في احد أركان البيت ، وأحياناً تشترك بيوت عدة في بئرٍ واحد.

عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 245

زقاق قديم في مدينة كربلاء

عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 246

بيت قديم

البادگيرات ( ملاقف الهواء )

عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 247

حصـن الأخيضـر

يُعد حصن الأخيضر أحد المباني التاريخية والأثرية البارزة في العراق ، نظراً إلى ضخامة بنائه وتفرده من حيث التصميم والبراعة في هندسته ، ومعالمه العمرانية والزخرفية وسعة مرافقه. ويعتبر من الحصون الدفاعية الفريدة من نوعها ، وقلما نجد بناء بعظمته في منطقة مقفرة وبعيدة عن العمران.

موقع الحصن

يقع الحصن في الصحراء الغربية من العراق ، على بعد 50 كلم إلى الجنوب الغربي من مدينة كربلاء ، وحوالي 152 كلم من مدينة بغداد ، و17 كلم إلى الجنوب من مدينة عين التمر (شثاثا) . ولوقوعه وسط البادية أهمية تأريخية كبيرة ، حيث ملتقى الكثير من الطرق التجارية. فالطريق الذي يربط جنوب العراق بأعلى الفرات وسوريا يمر به ، كما أنه يقع على الطريق الذي يربط مدينة الكوفة وسوريا ، وهو مركز على طريق البحر الأبيض المتوسط حلب البصرة من جهة ، والبحر العربي من جهة أخرى ، فلموقعه الفريد ، وبروز معالمه العمرانية ، الأثر البارز في إقبال الزوار والسياج عليه من داخل العراق وخارجه(1).

تاريخ الحصن وتسميته

لقد مضى على أكتشاف الرحالة الأجانب لحصن الأخضير ما يقارب الأربعة قرون ، حيث وردت أول إشارة واضحة إليه في كتابات الرحالة

(1) الكشاف الأثرية ، ص : 215 .
عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 248

الأيطالي بتروديلا فيلا (pietro Della Valle) سنة 1625م . ثم تلاه تافرنيه (Tavernier) سنة 1638م ، ودبليوبيوز (Beawes) سنة 1745م ، ثم مر به جي روبرتس (Roberts) في سنة 1748م ، أعقبه الميجر جون تايلر (Taylor) سنة 1790م .
وقد حضي حصن الأخيضر بأهتمام المختصين من رجال الآثار ، إذ نشرت عنه عدد من الكتب والأبحاث التي تناولت هذا الأثر الغامض من جوانبه التاريخية والفنية والمعمارية. إن السبب في ذلك يعود بشكل أساسي إلى أمرين :
الأول: أنه أغفل من أية كتابة تاريخية معمارية ، مثل الشواهد التي تعلو في العادة واجهات الكثير من المباني الاثرية أو بعض أقسامها الداخلية.
الأمر الثاني : عدم وجود أية إشارات واضحة في كتب التاريخ عن تاريخ بنائه ، وخاصة في المدونات التاريخية العربية والقديمة والبلدانية ، حيث أن بناء القصر ما يزال بحالة جيدة ، إضافة إلى ما يتميز به من ضخامة تلفت النظر(1).
لقد تناول هذا الحصن بالدراسة والبحث والتقصي عدد غير قليل من علماء الآثار والباحثين والمؤرخين والمستشرقين ، وذهبوا في تاريخه وتسميته مذاهب شتى. فقد أرجعه البعض إلى العصر السابق للإسلام ، أي إلى العهد الساساني ، ومنهم المستشرق الفرنسي لويس ماسنيون الذي قال أنه ساساني ، وأنه (قصر السدير) المشهور. وأيده في ذلك الباحث الفرنسي (دي لافوي) ، وكذلك العلامة اللغوي العراقي المعروف الدكتور مصطفى جواد ، الذي يرى (أن أسلوب هذا الحصن وطراز بنائه يختلف عن الطرز العربية الإسلامية. وهو يعتقد أنه ساساني وهو (حصن عين التمر) ، تلك البلدة العتيقة التي عفت آثارها ولم يبق إلا حصنها أعني الأخيضر ـ. وإن عد الأخيضر من الأبنية العربية بل الإسلامية في تلك الفترة هو تحميل للتاريخ والفن ما لا يطيقان ، وأنه بناء لم تعرفه

(1) K. A. C. Creswell: Early Muslim Architecture, Vol. ll, page: 50. Oxford, 1932,
G. L. Bell: Palace and mosque at ukhaidhir, page: 4. Oxford, 1914.
عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 249

العرب وليس له شبيه في آثارهم ) . غير أن غالبية علماء الآثار يرجعونه إلى العصور الإسلامية ، وبشكل خاص إلى العصر العباسي الأول. وذلك بسبب أدلة معمارية وتاريخية يسوقونها. وتُعد دراسة المستشرق البريطاني ك. أ. كريزول عن قصر الأخيضر من أهم الدراسات التي كتبت عنه ، وقد خلص إلى أنه بنى سنة 161هـ (778م) ، ويعتبر أحد الآراء المهمة في هذا الموضوع(1).
ويرى الكثير من العلماء المتخصصين في العمارة والفنون الإسلامية ، أن العناصر المعمارية لصحن الأخيضر تتماشى تماماً مع ما وصل إليه تطور الفن المعماري الإسلامي في تلك الحقبة من الزمن. وهي الحقبة التي تنحصر بين بدء تشييد مدينة دار السلام (بغداد) سنة 145هـ (762م) وتشييد مدينة سامراء في سنة 221هـ (836م) العاصمة العباسية الثانية التي شيدت في العراق بعد بغداد ، وقد وجد بأن هناك تشابهاً كبيراً بين طراز عمارة الحصن وأبنية سامراء الأثرية(2).
ومما يؤكد على أن حصن الأخيضر بناؤه إسلامي ، وذلك من خلال التقيبات التي جرت فيه ، أن أسس بنائه من أصل واحد ، وأن المسجد فيه أصلي شيد مع البناء ، ويعود إلى دور تأسيس الحصن. كما أن محراب المسجد في جداره الجنوبي (القبلي) كان من أصل البناء أيضاً. ويمتاز هذا المسجد بنفس الخصائص التي تميزت بها المساجد الإسلامية(3).
وتذكر بعض المصادر التاريخية أن حصن الأخيضر أقيم على أنقاض قصر مقاتل الذي نزل فيه الإمام الحسين (ع) في طريقه إلى كربلاء عام 61هـ (680م), وقد هدم قصر مقاتل من قبل عيسى بن موسى ، أبن الأخ الأكبر لأبي العباس السفاح والمنصور في القرن الثاني الهجري وأقام حصن الأخيضر فوقه

(1) K.A.C. Creswell: Early Muslim Architecture, Col. II, page: 50. Oxford, 1932.
(2) د. عبد العزيز حميد: سومر ، ج37/ ص : 172 ، سنة 1981م . الكشاف الأثري ، ص : 215.
(3و 4)ـ الكشاف الأثري ، ص : 215 216 .
عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 250

ومهما يكن من أمر ، فإن حصن الأخيضر كان قائماً حوالي سنة 157هـ (773م) ، وهي السنة التي تسبق وفاة أبي جعفر المنصور ثاني الخلفاء العباسيين 134ـ 158هـ (751ـ 774م) وذلك نتيجة للعثور على عدد من المسكوكات الفضية يتراوح ضربها بين سنتي 157و 162هـ (1).

تسمية الحصن بالأخيضر

أختلف المؤرخون كذلك في أصل تسمية (الأخيضر) . وذكر بعضهم أن تسميته ربما جاءت بسبب أخضرار موقع الحصن ، فإن كلمة الأخيضر معروفة في البادية ، وهي مصغر من كلمة الأخضر في اللغة العربية ، والوادي الذي يمر بالقرب من الأخيضر نفسه يسمى بوادي الأبيض نسبة إلى بياض رماله.
والبعض الآخر ، ومنهم العلامة العراقي محمود شكري الآلوسي ، يرى أن (الأخيضر محرف من (الأكيدر) أسم أحد أمراء قبيلة كندة الذي أسلم في صدر الإسلام)(2).

معالم الحصن المعمارية

يتميز حصن الأخيضر بأنه بناء دفاعي ضخم . وهو مشيد بالحجر المتوفر في المنطقة المحيطة به ، والجص. والبعض من أجزائه مبني بالطابوق الطيني المفخور (الآجر) الذي يجلب من المنطقة القريبة من مدينة كربلاء وهو مستطيل الشكل ، ومن أهم معالمه العمرانية هي :

الأسوار

يحيط بحصن الأخيضر سور طوله من الشمال إلى الجنوب 175متراً ، وعرضه من الشرق إلى الغرب 169متراً ، ويبلغ أرتفاعه حوالي 21 متراً. يضم

(1) مظفر الشيخ قادر : مسكوكات من الأخيضر ، مجلة المسكوكات ، العدد1/ ص : 20 ، بغداد 1969.
د. عبد العزيز حميد: سومر ، ج37/ ص171.
(2) سلمان هادي طعمة : تراث كربلاء ، ص : 122.
د. جليل العطية ، جريدة الشرق الأوسط العدد 6342/ ص : 15 ، لندن 1996 .
عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 251

السور أربعة أبراج رئيسية ، تقع في الأركان الأربعة ، وقطر كل منها 5 أمتار. كما يوجد في منتصف كل ضلع من أضلاع السور برج كبير ، يتوسطه مدخل. وتوجد عشرة أبراج في كل ضلع ، خمسة عن يمين الداخل وخمسة أخرى عن يساره ، وقطر كل برج من هذه الأبراج 3.50 متر ، وبذلك يكون مجموع الأبراج في السور 48 برجاً. وتوجد بين برج وآخر حنايا أرتفاعها حوالي 10.50 متر إلى مستوى المجاز الذي يقسم السور بعد هذا الأرتفاع إلى جدراين ، أحدهما داخلي يطل على ساحات الحصن ، وآخر خارجي فيه حنايا داخلية ومزاغل لرمي السهام . وهذا المجاز بعض مترين ويتصل بغرف دائرية الشكل تقوم فوق كل برج من الأبراج. ويوجد في كل زاوية من زوايا الحصن الداخلية سُلم يتصل بالمجاز والأبراج الرئيسية ، إضافة إلى سُلمين متقابلين على جانبي كل مدخل من مداخل السور. أما القصر فقد بني ملاصقاً للضلع الشمالي من السور الخارجي ، وله سور خاص من الجهات الثلاثة الأخرى. وهذا السور مدعم بأبراج.

المرافق الداخلية

تنحصر المرافق ضمن بناية مستطيلة الشكل ملاصقة للسور الخارجي من الجهة الشمالية ، طولها 112 متراً وعرضها 80 متراً. والبناية مدعمة بأبراج عددها 26 برجاً بقطر 1.20 متر لكل برج ، ثمانية منها في كل من الضلعين الغربية والشرقية وخمسة في الضلع الجنوبي ، وبرجان في الزاويتين الجنوبية الغربية والشرقية ، وتضم المرافق الداخلية التالية :
1ـ الديوان الرسمي (البهو الكبير) : وهو عبارة عن قاعة مستطيلة الشكل طولها 15.50 متر وعرضها 9 أمتار. وفي ضلعيها الشرقي والغربي اربعة أساطين نصف اسطوانية ، تقوم عليها خمسة عقادات متتالية ، تنحصر بينها مداخل الغرف الخاصة بالديوان. فالمدخل الذي في الضلع الشرقي ، يؤدي إلى الطابق العلوي ، في حين تؤدي المداخل الثلاثة إلى غرف. وفي الإيوان الأخير

عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 252

مدخلان ، يؤدي الأول إلى الطابق العلوي ، أما المدخل الثاني فيؤدي إلى المسجد ، والطوابق تتألف من مجموعة غرف متداخلة.
2ـ القسم المركزي : يحيط هذا القسم رواق سقفه معقود يفصله عن باقي اقسام القصر. ويكون الوصول إليه من خلال مدخل في منتصف الضلع الجنوبي للديوان الكبير ، ويقابله مدخل آخر يؤدي إلى الرحبة الكبرى. وهذه الرحبة عبارة عن ساحة مستطيلة الشكل ، طولها 33 متراً وعرضها 27 متراً تفتح عليها أربعة أبواب بواسطة الرواق الكبير. فالمدخل الشمالي يتصل بالإيوان الكبير. والمدخلان الشرقي والغربي يؤديان إلى المجاز المحيط بهذا القسم ، ومنها قسم الحرم . أما المدخل الجنوبي فيتصل مباشرة بما يعرف بـ (المابين) ، والضلع الشمالي للرحبة أكثر أرتفاعاً من بقية الأضلاع. ويتألف الضلعان الشرقي والغربي من تجاويف أو طوق ، بنمط واحد. أما الضلع الجنوبي فيتالف من فتحة كبيرة تُعد واجهة للإيوان الكبير.
3ـ الإيوان الكبير : وهو على شكل قاعة مستطيلة الشكل طولها 10.75 متر ، وعرضها 6 أمتار ، تعلوها عقادة نصف أسواطنية مشيدة من الآجر ، يحيط بها عدد من القاعات المخصصة لأستقبال الضيوف ، وتمتاز واجهتها بجمال تصميمها وكأنها صممت على غرار قاعات العرش. وتتصل بهذا الإيوان قاعتان على جهته الشرقية ، وقاعتان أخريان على جهته الغربية. وهذه القاعات مستطيلة الشكل ، طول كل منها 10 أمتار وعرض 4.65 متر. وتتميز هذه القاعات بسلسلة من العقود والزخارف الجبصية المتنوعة. وأما الإيوان ساحة مستطيلة تحف بها عدد من القاعات. وفي منتصف الضلع الجنوبي لهذه الساحة ، يوجد مدخل يؤدي إلى الرواق الكبير الذي يحيط بالقسم المركزي ، وتفتح في هذه الرواق عدة أبواب.
4ـ المسجد: وهو مبنى مستطيل الشكل ، طوله 24 متراً ، وعرضه 15.50 متر ، وله مدخل في البهو ، وآخر في المجاز الغربي الذي يفصل بين

عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 253

سور الحصن وبين القسم الشمالي الذي يكون القصر ومرافقه. تحيط بالمسجد من جهاته: القبلية والشرقية والغربية أروقة ، وتستند إلى صف من الأعمدة في كل جهة ، تقوم عليها أقواس متتالية ومعقودة وذات زخارف هندسية جميلة. وأما شكل المحراب فهو مقعر. وقد برهنت التحريات الأثرية بأن بناءه جزء اصيل من بناء حصن الأخيضر وليس مستحدثاً أو مضافاً إلى البناء. وللمسجد ثلاثة مداخل هي أثنان منها يؤديان إليه بواسطة المجاز الشمالي ويقعان في الضلع الشمالي لصحن المسجد. أما المدخل الثالث فيقع في الزاوية الجنوبية الشرقية من المسجد ويؤدي إلى البهو.
5ـ قسم الحرس : يقع إلى الجهة الشرقية من البهو ، ويلتصق بالسور الخارجي من الشمال ، ويؤدي إليه بواسطة مدخل يقع في المجاز الطويل. كما يوجد مدخل آخر على شكل سطح مائل يؤدي إلى الطابق الأول بواسطة مدخل فرعي على يمين الصاعد ، وإلى الطابق الثاني بعد أنعطافه إلى الجنوب ، فيصل إلى الطابق الثاني. وهذا القسم يتكون من طابق واحد ، عدا الجانب الغربي الذي يتألف من طابقين لأتصاله بالغرف والمرافق الخاصة بالحرس والكائنة في أعلى المدخل الرئيسي.

بيوت السكنى

وهي أربعة بيوت يستقل بعضها عن البعض الآخر. يقع اثنان إلى الشرق من القسم المركزي. والاثنان الآخران يقعان إلى الغرب من هذا القسم . وفي كل بيت منها مدخل يقع في الرواق الكبير. وتكاد هذه البيوت أن تكون متشابهة من حيث التصميم ، والتناظر في الموقع.
يتكون كل بيت من صحن مستطيل الشكل ، وأضلاعه ذات حنايا. وتعلو هذه الحنايا أقواس تستند على أعمدة ، ويكون مدخل البيت في الحنية الوسطى. وغالباً ما تتشابه الواجهتان الشمالية والجنوبية في التصميم ، وعدد القاعات

عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 254

والمرافق التي تضمها. وتتميز هذه البيوت بنظام الأواوين. وهو طراز ينسب إلى الطراز المعماري الحيري (نسبة إلى مدينة الحيرة) قرب مدينة الكوفة.

قسم الخدم

وهو بناء كبير يتألف من صحن مستطيل الشكل ، مع ثماني قاعات ، سقوفها معقودة بأقبية ، وهو معزول عن بيوت السكنى الخاصة بالعوائل ويقع خلف القسم المركزي وغرف الأستقبال.

الحمام

بناء مستطيل الشكل يقع بين البيت الجنوبي من بيوت السكنى ، وبين قسم الخدم . طوله 9.90 متر وعرضه 9.30 متر. ويقع مدخله في الركن الجنوبي الشرقي من الرواق الكبير. يحيط بالحمام جدار داخلي إضافة إلى الجدران الأساسية التي هي من أصل القصر. وهذا الحمام خاص بالقصر ، وجدرانه الداخلية مشيدة من الطابوق والنورة ، أما أرضية الحمام فهي مبلطة بالرخام الأبيض. وله مدخل رئيسي داخلي يقع في الزاوية الجنوبية الشرقية للرواق الكبير ، وله مداخل فرعية أخرى. وقسم الأستحمام يتكون من ثلاث قاعات متداخلة ، يؤدي إليه مدخل في الضلع الغربي. والتصميم العام للحمام يشبه تصميم الحمامات التي شيدت في العصور الإسلامية.

الأبنية الخارجية

هناك أبنية تقع خارج الحصن. والأولى تقع على يمين الداخل من المدخل الشمالي (الرئيسي) وهي مستطيلة الشكل طولها 76 متراً وعرضها 12 متراً ، مكونة من سلسلة غرف وسقوفها معقودة وعددها 14 غرفة. وتكون إحدها بشكل إيوان مفتوح من الجانبين. وهناك باب لسلم يؤدي إلى سطح البناية. وتوجد ساحة مستطيلة طولها 33.20 متر وعرضها 24.70 متر تقع بين البناية المستطيلة

عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 255

القائمة على الضلع الشمالي ، والسور الممتد على الضلع الغربي. كما توجد بناية صغيرة في الجهة الشمالية الشرقية للحصن ، ويشبه تصميمها الحمام(1).

حصن الاخيضر


(1) G. L. Bell: Amurath to amurath, pages: 147 - 155,
K. A. Creswell: Early Muslim architecture, Vol. II, pages: 52 - 70.
عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية 256

حصن الاخيضر في كربلاء



السابق السابق الفهرس التالي التالي