دائرة المعارف الحسينية ـ السيرة الحسينية ـ 1 1


شمس ألمرأة لاتغيب



شمس ألمرأة لا تغيب 2


الطبعة الاولى
1425هـ ــ 2004م


شمس ألمرأة لا تغيب 3


شمس ألمرأة لا تغيب

للعلامة المحقق الشيخ
محمد صادق الكرباسي


اعداد
سهام القزويني

بيت العلم للنابهين
بيروت ــ لبنان


شمس ألمرأة لا تغيب 4


بسم الله الرحمن الرحيم


شمس ألمرأة لا تغيب 5

مقدمة الناشر

ألمرأة نصف المجتمع . . وارادها البعض كل المجتمع . . بحجة تحرير ألمرأة . . فحرروها من حجابها . . وسترها . . وانسانيتها . . وكرامتها . . حتى غدت أمة تشترى وتباع . . وسلعة تعرض على شاشات التلفاز . .
وارادها الاسلام انسانة مصانة الكرامة . . محفوظة الهيبة . . عليها مسحة الوقار . . اختا . . وبنتا . . وزوجة صالحة . . وأُما مربية للأجيال . . وعاملة في المجتمع مع حفظ المكانة والتزام الوقار . .
وضرب الاسلام امثلة كثيرة للمرأة المسلمة النقية من دون الجاهلية . . وعبوديتها .
فتلكم السيدة الكبرى خديجة بنت خويلد زوجة رسول الله (ص) التي ناصرته وأيدته وساندته بالموقف والمال ، في وقت عز الناصر والصديق والمؤيد . .

شمس ألمرأة لا تغيب 6

وتلكم السيدة الزهراء (عليها السلام) أم أبيها الرسول ، وزوج الوصي علي (عليه السلام) . . وأم الائمة الاطهار ( عليهم السلام ) صاحبة المواقف الجريئة التي لا تنسى .
وتلكم السيدة زينب بنت أمير المؤمنين (عليهما السلام) وزيرة الاعلام والثقافة والارشاد والتبليغ في كربلاء وما بعد كربلاء في قصر الإمارة في الكوفة . . وفي قصر يزيد في الشام . . حيث قارعتهما بالكلمة والموقف الجريء المنطلق من الاسلام . . وأحقية اهل البيت (عليهم السلام) . . والتي قادت مسيرة السبايا . . ورعتهم برعايتها وصانتهم طيلة فترة السبي حتى العودة الى المدينة . . فحفظت بحفظها للسبايا وبموقفها الواضح الجريء نهج الاسلام . . وكتب السيرة والتاريخ دونت مواقفها وكلماتها باحرف من نور .
هكذا هي ألمرأة في الاسلام . . لم تكن كما يدعي البعض زورا أنها كانت حجرا عليها مهملة مغلوبا عليها أمرها . .
فألمرأة في الاسلام ريحانة وليست بقهرمانة كما قال علي (عليه السلام) ولأننا بصدد كتابة مقدمة مختصرة نكتفي بهذا القدر اذ ان الكتاب الذي بين يديك ايها القارىء الكريم وايتها القارئة الكريمة كاف واف في شرح كل شيء عن

شمس ألمرأة لا تغيب 7

ألمرأة . . من نشاة ألمرأة . . الى الحجاب ، الى ألمرأة والتعليم . . الى ألمرأة والعمل . . . الى الكثير من المواضيع .
وهذا الكتاب هو المقدمة التمهدية للقسم الخاص بالنساء من معجم الأنصار من دائرة المعارف الحسينية الكبرى اقتطعتها الكاتبة الكريمة السيدة سهام القزويني لما رأته فيها من اهمية كبرى تفيد ألمرأة والمجتمع الاسلامي بعد ان قامت بالتعليق عليها وقدمت لها .
ونحن بدورنا مساهمة منا في إيصال هذه المقدمة الى شريحة اكبر من القارئات والقراء قمنا بطباعته آملين ان يحقق الغاية المرجوة منه . والله من وراء القصد ، والحمد لله رب العالمين . .

4/ جمادي الاولى / 1425هـ
22 / حزيران / 2004م



شمس ألمرأة لا تغيب 8




شمس ألمرأة لا تغيب 9

تقديم
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد والثناء لله رب العالمين وأزكى الصلوات والتحيات على أشرف الخلائق الرسول الاعظم (ص) وعلى اله المعصومين المطهرين .
رغم ان القسم الخاص بالنساء اللواتي حضرن كربلاء الكرامة مع أبي الاحرار الامام الحسين بن علي (عليهما السلام) من معجم الانصار ، من دائرة المعارف الحسينية لازال مخطوطا ، الا ان السيدة الجليلة العلوية سهام القزويني حفظها الله تعالى من المكاره ، عندما تعرفت على هذا الحقل ، ارتات بان موضوع المقدمة التمهيدية التي قدمتها لهذا الفصل هي بمثابة مرهم ناجح للجرح الذي اصاب جسد الامة من خلال طعنات اعداء الاسلام حول ألمرأة في ظل النظام الاسلامي .

شمس ألمرأة لا تغيب 10

فقد طلبت ان ازودها بالمخطوطة لتقتطع منها المقدمة لطباعتها مستقلة ، حيث وجدت فيها مقومات الاستقلال ، فلبيت طلبها ، مرحبا بالفكرة ، راجيا الله تعالى ان يسد بذلك جانبا من جوانب الطعن بالاسلام ونظامه ، واسأله جل شانه ان يوفقنا جميعا لما فيه مرضاته ، انه تعالى سميع مجيب .

محمد صادق محمد الكرباسي
لندن ــ المملكة المتحدة
5/1/1425هـ
26/2/2004م



شمس ألمرأة لا تغيب 11

المقدمة

شكلت النهضة الحسينية مصدرا هاما لنهضة الفكر الاسلامي منذ ان جعل الامام الحسين (عليه السلام) نفسه قربانا كما قالت العقيلة الطاهرة زينب بنت علي (عليهما السلام) (اللهم تقبل منا هذا القربان ) وهي تضع يديها الطاهرتين تحت جسد أخيها الشهيد الامام الحسين (عليه السلام) مقدمه إياه للحق سبحانه ، فكانت سلام الله عليها ورضوانه مثالا للمراة الصابرة المجاهدة في جنب الله ، واذا كانت ألمرأة ساهمت بنفسها على حركة التاريخ وليس باعتبارها زوجة واما واختا وابنة فحسب ، بل باعتبارها احدى اسباب استمرار الجنس البشري الى جنب الرجل ، فانها كانت تمثل ايضا قيما انسانية فاعلة .
ولما كان التاريخ عبر حركته شهد استهانة بحق ألمرأة وامتهانا لكرامتها وحقها في الحياة والوجود ، فان العقيدة الاسلاميه قد حررت ألمرأة من رق العبودية والذل ، واكد على شراكتها للرجل في بناء الحياة والاسرة كنواة لتطوير

شمس ألمرأة لا تغيب 12

الحضارة الانسانية. فها هو القرآن العظيم يشركها في درب الصلاح والتقوى مع اخيها الرجل وصولا الى مغفرته تعالى شانه . « إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً » (1) .
ظهرت ألمرأة في بعض مراحل التاريخ ملكة وحاكمة ، لكنها لم تاخذ حقها في امتلاك كرامتها الانسانيه الا في رحاب الاسلام العظيم ، والعلامة المحقق الشيخ الكرباسي في بحثه الدؤوب لاستكمال كل ما يرتبط بالامام الحسين (عليه السلام) وثورته المباركة وتداعياتها ، لما وجد ان ألمرأة كانت مثيلة الرجل في الحياة وشريكته في استمرار البناء الاجتماعي بصفته العقائدية فانها بالتاكيد قد شاركت وتركت اثرها العميق في بناء الثورة الحسينية وما ترتب عليها من نتائج استمرت عبر حركت التاريخ والى عصرنا الحاضر ، خصص بها عدد من الاجزاء في موسوعته المباركة .
ومن هنا فان التفاعل الموضوعي مع الشكل التاريخي

(1) سورة الاحزاب ، ألآية : 35 .
شمس ألمرأة لا تغيب 13

والحضاري للثورة الحسينية المباركة لايتكامل الا من خلال الدراسة الموضوعية لكل عوامل ومفردات هذا الفعل التاريخي والذي شكلت ألمرأة احد اوضح عناصره حتى وان لم تحمل السيف او تنزل الى ساحة الوغى ، فقد كانت العقيلة زينب سلام الله عليها والهاشميات اللواتي حضرن ارض كربلاء مصادر فاعلة في الفعل الجهادي الذي تكلل بقافلة الشهداء , فاذا كان الصبر والاحتساب الى الله احد افعال الجهاد في سبيل الحق ، فان مواقف العقيلة الطاهرة والهاشميات اثناء وبعد الواقعة كان يمثل استمرارا بالعمل النهضوي الذي قاده الامام الشهيد .
ومن خلال قرائتي للمجلد الاول من قسم النساء من معجم الانصار من دائرة المعارف الحسينية للشيخ محمد صادق الكرباسي حفظه الله ، شعرت اني أطوف بتاريخ ألمرأة عبر العصور ، وصولا الى وجودها الفاعل في الثورة الحسينية المباركة .
لقد حاول المؤلف الكرباسي ان يكون موسوعيا كما هو شأنه ، وها هو يلقي نظرة على آراء وافكار وبحوث فلاسفة ومفكرين من الجنسين تناولوا موضوع ألمرأة محللا ومستفيدا من هذه وتلك في تدعيم بحثه غير ناسيا ربط كل هذه

شمس ألمرأة لا تغيب 14

الافكار والآراء بفكرة موضوعه الاساس ، باعتبار انه يدرس النساء من خلال الفكر الحسيني وهو يسوق الادلة والبراهين من مصادرها استكمالا لنهجه البحثي ، حيث يقول سماحتة في تمهيد لهذا الفصل : (قد يكون هذا حلقة من حلقات معجم الانصار ، وربما يكون فصلا من فصوله ، او بابا مستقلا ، ولكن له علاقة بالهاشمين من جهة وبغير الهاشميين من جه اخرى ، بحيث انتزع منهما شخصيات انثوية ليعطي حقها حسب شانها وتكرم كرامة مميزة ، ويلقي عليها الضوء باستقلالية ، ومن هنا فقد ضم هذا الكتاب الهاشميات مع غير الهاشميات ممن حضرن كربلاء وكانت لهن مشاركة في الحركة التصحيحية التي قادها الامام الحسين (عليه السلام) من خلال نهضته المباركة عام واحد وستين للهجرة .
وما هذا الفصل الا لأن للمراة خصوصيتها ومميزاتها التي تختلف بها عن الرجل ، وهذا لايعني تفضيل احد الجنسين على الاخر ، بل الحديث عن المميزات والخصوصيات ، فانك لو تحدثت مثلا عن الليمون والتفاح او عن القرنفل والياسمين وميزت بينهما لايعني انك فضلت احدهما على الآخر ، بل ترم بذلك الى بيان خصوصيات كل واحد منهما دون تفضيل ، والتفضيل ربما يكون بسبب بعض الخصوصيات الملائمة مع هذا الموقع دون غيره او بالعكس ،

شمس ألمرأة لا تغيب 15

فيكون الافضل بهذا الموقع دون ذلك ، وهكذا اذا فلا تفصيل مطلقا ولا ترجيح ابدا ) .
وما قراءاتي في هذا السفر الجليل من الموسوعة الحسينية المباركة الا خطوة في درب الامام الحسين (عليه السلام) الذي ملأت ثورته اسماع الدنيا .
ومن اهمية دور ألمرأة في جميع مجالات الحياة ومنزلة المؤمنات منهن عند الله سبحانه وتعالى ، انه انزل في حقها سورة عنونها باسمها ، وتحدث عنها وبين احكامها وخصوصياتها , كما كرمها الاسلام حيث شرع في الحج والعمرة والسعي بسن الصفا والمروة اقتداء بالسيدة هاجر ام النبي اسماعيل (عليه السلام) الى موارد اخرى . ورغم كل ذلك فقد بخسوا حقها وتجنوا على الشريعة المحمديه وتقولوا عليها بما يدنس كرامتها ويقلل من شأنها ، فوجدت نفسي امام حق ضائع وشريحة ظلمت ، فجائني التوفيق يقصدني لان ارفع تلك الظلامه واحق الحق الضائع وذلك حين طرح علي شريك حياتي ان اطالع احد اجزاء الموسوعة الحسينية العملاقة لاجد فيها بحثا شيقا عن ألمرأة كمقدمة لاحدى فصول الموسوعة الا وهو قسم ألمرأة من معجم الانصار ، وعندها وقع اختياري ان اشارك مع المشاركين في الدفاع عن حقوق هذه الرياحين المزروعة بين الاشواك والمحجوبة عن

شمس ألمرأة لا تغيب 16

نور الشمس ، وعندما فكرت في الامر مليا وجدت ان في هذه المقدمه الشريفة التي خطتها يد المحقق القدير العلامه الكرباسي ما يشفي الغليل ويثلج الصدر ، الا انها ترتبط بمسلسل الاجزاء التي يصعب على الجميع اقتنائها ، وبما ان فصلها كان ممكنا لان فيها مايرتبط بألمرأة بشكل عام ، لذلك قمت باستمزاج قداسته لفصل هذه المقدمة في كتيب يمكن ان تصل الى اكبر عدد من القراء ، ليطلعوا على حقيقة نصف البشرية المضطهدة من قبل ابناء الشرق قبل الغرب , فتلقيت التشجيع من قبل سماحته ، فكان الذي بين يديك .
نسال الله تعالى شانه ان يوفقنا وصاحب هذه الموسوعة لكل خير وصلاح ، والسير على درب ابي الشهداء واخته العقيلة الطاهرة سلام الله عليهما , وما توفيقي الا بالله .

المعدة سهام القزويني
28/9/1424هـ
23/11/2003م
المملكة المتحدة ــ لندن



شمس ألمرأة لا تغيب 17

شأن ألمرأة

هذا الموضوع شائك ومترامي الأطراف وعميق يصعب الغوص فيه من خلال صفحات ، ولذلك علينا ان نوجز الكلام عنه بما يعنينا ويهمنا مع رسم صورة سريعة عن الفارق بين حقيقة الأنثى والواقع المعاش .
ولا يخفى ان الأنثى كانت مضطهدة في الجاهلية الاولى (1) بحيث كانت تدفن وهي على قيد الحياة خوف العار والشنار ، وجاء الاسلام ليرفع عنها الظلم ويحررها من العبودية التي كانت تعيشها في ظل الانظمة اللإنسانية وتبرزها على جميع الاصعدة كانسانة لها حقوقها وعليها واجباتها ، مراعيا في ذلك بنيتها الجسمية (الفسيولوجية) والنفسية

(1) الجاهلية الاولى : تطلق على العهد ما بين غياب النبي عيسى (عليه السلام) وبعثة الرسول الاكرم (ص) وما قولهم بالأولى الا وله مفهوم يدلنا على وجود جاهلية ثانية ، بل المقصود الجاهلية السابقة ، وما استخدام المؤلف مقولة الجاهلية الثانية فيما سياتي الا فذلكة منه في تشخيص الحالة الاجتماعية المريضة ووضع النقاط على الحروف ــ المعدّة .
شمس ألمرأة لا تغيب 18

(السيكولوجية) فاصبحت تلك الريحانة تساهم بشكل فاعل في الحياة البشرية في شتى مجالاتها ، وتقودها نحو الخير والصلاح ، وقد شاركت الجنس الآخر بناءه في وضع أسس هذه الحياة باسلوب حضاري مميز ، بدءا من الحيات الزوجية التي هي في الواقع وكذا في الحقيقة مشاركة جادة من كلا الجنسين لمواصلة الحياة المقدسة وبناء الجيل الجديد ، وانتهاء بكل الخيوط التي تتشعب من تلك المشاركة الفاعلة التي لايمكن فصلها وتميزها بين الجنسين اللذين هما ناموس الحياة ليس في الجنس البشري فحسب بل في كل جزءيات هذا العالم المترامي الأطراف .
ولكن من المؤسف جدا ان تتغلب العادات والتقاليد من جهة ، والروح السلطوية من قبل الجنس الخشن والذي هو بحق اسم على مسمى ، فتعانق المصالح لتؤدي الى إعادة أسر ألمرأة بشكل آخر ، وربما كان اسوء حالا من ذي قبل وبعناوين مختلفة ربما حملوا الكثير منها على الدين والمعتقد الاسلامي بالذات من جهة ، وباسم التحرير من قبل المحررين انفسهم من جهة اخرى ، وربما زجوا ألمرأة كأدوات في هذا التراجع المقيت الذي لم يؤدي الا الى تحجيم ألمرأة او تحميلها اكثر من طاقتها الجسدية والنفسية ليرتاح الطرف الاخر او ليجني ثمار ذلك باقل قدر من الخسائر .

شمس ألمرأة لا تغيب 19

ولا داعي الى سرد أو رواية ما قام به الاسلام بعد ما عانته ألمرأة في ظل الجاهلية الاولى والتي كان الوأد ابرز مظاهرها ، والى نقل عينات من بريق الجاهلية الثانية (1) في ظل دعاة التحرير المستورد من الغرب الذي هو اصلا لم يعترف بألمرأة كانسانة الا قبل عقود من الزمن ، وقد ادى بهم الى جعلها ومفاتنها سلعة تباع وتشترى لارتفاع رصيد الاثرياء ، وظلت ألمرأة من جهة اخرى بايدي دعاة الجاهلية الاولى ممن ترسخت فيه تلك المفاهيم في ظل العادات والتقاليد موشحا بوشاح الدين والعقيدة ، ولقد بدا باعادة تلك المفاهيمم الموروثة من الجاهلية معاوية بن ابي سفيان واترابه والتي ظلت اثارها تخيم على مجتمعنا الى هذا اليومم .
وعلى اي حال بقيت ألمرأة بين مطرقة الجاهلية الثانية وسندان الجاهليه الاولى تعاني الامرين ، وليس من ينقذها من تلك الاضطهادات المتتاليه ، ولا خلاص لها الا اذا ما رجعت الى الاسلام الذي حررها اول مرة والرجوع الى تعاليم قادة الاسلام وبناته وحملة افكاره المطهرون من الرجس ، بكل ما في النظام الاسلامي من ابعاد ، والابتعلد عن المصالح

(1) لا تجافي في هذه التسمية اذ الحقيقة ان مايعرف بالحضارة الغربية ان هي الا مجموعة من القوانين المادية التي تفتقد الى الجانب الروحي وتدعو لاشباع الغرائز المادية ــ المعدة .
شمس ألمرأة لا تغيب 20

الشخصية التي لعبت بها الاهواء لتحركها ذات اليمين وذات الشمال .
ونعود ونكرر ان بحث ألمرأة شائك يحتاج الى دراسة كل الجوانب المتعلقة بها مما لايمكن ان يستطرد في مثل هذه المقدمة التمهيدية ، ولكن ما لايمكن تجاوزه هي مسائل مفروضة علينا طرحها ، نظرا لاهميتها واثارة الاخرين لها تنقيصا بالعقيدة الاسلامية ، وسنورد باختصار شيئا منها في النقاط التالية :
1ــ بلوغ الانثى .
2ــ نقصان العقل .
3ــ فرض الحجاب .
4ــ الاختلاط .
5ــ التعليم .
6ــ ألمرأة والعمل .
7ــ ولاية ألمرأة .
8ــ قيمومة الرجل .
9ــ تعدد الزوجات .
10ــ الحضانة .

شمس ألمرأة لا تغيب 21

11ــ حق الطلاق .
12ــ نصيبها من الارث .
13ــ الحداد .
14ــ اعفائها من القتال .
الى جانب مواضيع اخرى تعتبر ثانوية نستعرضها ان شاء الله تعالى ، وهنا لابد من الاشارة الى امور يجب ان لا ننساها :
1) ان العبرة دائما بالاعم الاغلب ، ولا مجال للحديث في اي بحث او مناقشة علمية الاخذ بالشاذ النادر ، او ببعض الحالات الاستثنائية .
2) ان التفضيل امر نسبي ، اي انك تفضل امرا او شخصا في هذا المجال او هذا المكان او الزمان بدلا عن ذلك .
3) ان العمل بالاختصاصات او المميزات ليس تفضيلا ، فلو انك اخترت اللون الازرق في المستشفيات ليس لانه افضل الالوان بل لانه تبتعد عنه الجراثيم ، كما انك لو شربت الماء البارد في أوانه لايعني ان الماء البارد هو المفضل دائما لكل الاستخدامات ، بل ان الماء الحار للغسيل في الشتاء القارص هو المختار .

شمس ألمرأة لا تغيب 22

4) ان الحديث يجب ان يتم بموضوعية دون أي أغراض اخرى ، وأن يرفق بالدليل ، اذ لامجال للاعتباط والفرض .

شمس ألمرأة لا تغيب 23

بلوغ الانثى

اشتهر بين الفقهاء ان الانثى تبلغ بانتهاء العام التاسع من عمرها لتستقبل ربيعها العاشر ، لتكلف بأوامر الله ونواهيه ، وتكون مستقلة في الرأي والعمل وتكون لها كامل الصلاحية في اخذ القرارات والعمل بمقتظاها ، ويستدل بقول الامام الصادق (عليه السلام) : (اذا بلغت الجارية (1) تسع سنين دفع إليها مالها ، وجاز امرها في مالها ، وأقيمت الحدود التامة لها وعليها ) (2) .
وهناك رورايات ترى غير ذلك ، الا انها شاذة لم يعمل بها ، وان اخذ البعض يميل اليها تماشيا مع القوانين الغربية حيث جعل رؤيتها للدم هو دليل بلوغها ، وقد حصلنا على رواية واحدة او روايتين في هذا المجال ، وهو المروي عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ــ ظاهرا ــ حيث جاء هكذا : وفي خبر آخر

(1) الجارية : الصبية ــ المعدة .
(2) وسائل الشيعة : 18/114 .
شمس ألمرأة لا تغيب 24

(على الصبي اذا احتلم الصيام ، وعلى ألمرأة اذا حاضت الصيام) (1) .
ومن الملاحظ ان الغرب قد وضع السنة الثامنة عشر الحد الفاصل بين الطفولة والفتوة ولكنه تنازل مرتين في بعض الدول وربما ثلاث مرات في دول أخرى حيث قالوا : بالسابعة عشر ثم بالسادسة عشر واخيرا بالخامسة عشر مما يدلنا على ان مواكبة الغرب أصلا لا يصح ان يكون معيارا .
ولقد بحثنا موضوع بلوغ ألمرأة بالذات فقهيا في مكان آخر ولا مجال لبحثه هنا ثانية (2) . ولكن الذي نريد طرحه هنا ما تردد في بعض الاوساط البعيدة عن روح الاسلام : لماذا تظلم الانثى بتحملها المسؤوليه وهي صغيرة دون الذكر الذي يبلغ بانتهاء عامه الخامس عشر ، وفي الحقيقة كان الجواب

(1) وسائل الشيعة : 1/45 عن من لايحضره الفقيه : 2/76 ، فان صح سند الرواية ، دل نصها على المطلوب ، ولكن الظاهر ان الاحتلام في الرجال ينبئ عن البلوغ ، وكذلك الحيض في النساء ، ولكنهما لو تأخرا فان الروايات الصريحة والمتواترة تدل على ان البلوغ يحدد بالعمر ، ففي الرجال هو اتمام الخامسة عشر ، وفي النساء اتمام التاسعة ، وجاء في نيل الاوطار : 2/67 مرويا عن عائشة : (لايقبل الله صلاة الحائض الا بخمار ) ، وفي الروايتين نظر من حيث السند والدلالة ، وعلى فرض صحة السند ففي دلالتها على المطلوب المدعى في تامل ، اذ المتبادر الى الذهن : ان الحيض والاحتلام كاشفان عن البلوغ ، اذ لا تحيض ألمرأة قبل البلوغ ، وكذلك الفتى لايحتلم قبل البلوغ .
(2) نظن ان المؤلف بحث هذا الموضوع في إحدى اجزاء الحسين والتشريع الاسلامي من موسوعته دائرة المعارف الحسينية ــ المعدة .
شمس ألمرأة لا تغيب 25

عن هذا يحتاج الى مجال اوسع من الذي نحن فيه ، ولكن بإيجاز : فان العلم الحديث قد وصل بعد تجارب مضنية الى ان الانثى تسبق الذكر في تكميل قدراتها الفكرية من جهة وغرائزها البدنية من جهة أخرى ، بمعنى آخر ان الانثى في الاغلب الاعم تصل الى سن الرشد قبل الذكر ، وان قابلياتها جسديا تكتمل قبل الرجل ، ومن هنا نجد ان الانثى تمر بمراحل التكامل منذ بداية السنة العاشرة حيث ينبت عندها الشعر الخشن على العانة وتحت الابطين ثم يبرز النهدان ، وتاتي اخيرا مسألة رؤية الدم ، فهذه سنوات ثلاث تؤهلها بعدها للحمل ، بينما نجد الذكر في مثل هذا العمر يعبث ويلهو بافكاره الصبيانية ولن تجد فيه تغيرا ملحوظا نحو الكمال الجنسي حيث يتاخر حتى العام الخامس عشر وما بعده .
وما هذه الاسبقية الا دليل على انها مقدمة على الذكر في تكوين شخصيتها ، ومن هنا فانها بعد النصف الاول من العقد الاول من عمرها تبدا فيها مميزات الجنسين من حيث نوعية التفكير ، ومن حيث الاستيعاب ، وقد دلت الاحصاءات بالنسبة الى المدارس الابتدائية .
وكذلك في المراحل التالية عليها : ان الفتيات متفوقات على الفتيان بشكل عام ، وما هذا الا ان هناك فوارق عديدة

شمس ألمرأة لا تغيب 26

أودعت في جسم ألمرأة تجعل نمو قدراتها أسرع من الرجل ، وعليه فلا غرابة انها تكلف قبل الرجل وتتحمل المسؤولبة حسب امتلاكها لتلك القدرات ، وهذا ملحوظ على كل انثى .
وما تكليف ألمرأة في هذا العمر الا تكريم لها حيث جعلها بمستوى البالغين ليؤخذ برايها في جميع المجالات ، وتاخذ مجراها في الحياة نحو الاستقلال ، بل من العدالة ان يتعامل معها حسب تلك القدرات التي تمتلكها وان تجاهل مثل هذه القدرات يعد ظلما وتضييعا لحقها (1) .
وكما ان ألمرأة تسبق الرجل في الكمال فانها تسبقه في الشيخوخة ، ففي الغالب انها لا تنجب بعد الستين ، واما الرجل فيبقى قادرا على الإنجاب ، مما يدلنا على اختلاف القدرات في تكوين الجسم ، فلا مجال للقول بان هناك حالة واحدة في كل من الرجل وألمرأة ، ونسبة الحيف والظلم عليها انما يصدق اذا لم توضع قوانين خاصة بها كما هو

(1) لقد ذكر المؤلف في مكان آخر من موسوعته : ان من حقوق الطفل ان يؤخذ رأيه في الانتخابات ، ولكن عبر الولي الصالح ، حيث ان الاطفال مواطنون صالحون لهم ما لغيرهم ، وكذلك عليهم ما على غيرهم ، حسب طاقاتهم ، فكما الضرائب وما شاكلها تطبق بحقهم فكذلك لابد ان يأخذ برأيهم في الانتخابات عبر اوليائهم ، وفي بعض الدول نجد ان الاولياء يعاقبون على جرائم اطفالهم ، ومن هنا فان البنت التي دخلت السنة العاشرة من عمرها تكون صاحبة الراي في مصالحها الخاصة والاجتماعية العامة ، وان احتاجت الى استشارة الولي فهو حق من حقوقها . . هكذا يرى المؤلف ــ المعدة .

الفهرس التالي التالي