ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 116

وقد قطعوا ألأرحام بعد قيامهم بظلم مقام ألأقربين من ألأهل
بحبس وتشريد وبغي وغيلة وحرب وإرصاد وخذل إلى قتل
لئن قتلت آل النبي أمية فقتلاهم أوفى عديدا من الرمل
وإن منعتها الماء تشفي غليلها فقد أرسلوه للقبور من الغل
وإن حبست عنها الفرات فإنهم بإجرائه أجرى فقُبِّح من فعل(1)
وقد حيل فيما بين ذاك وبينهم وفحاروا وحار العقل من كل ذي عقل
وحاولت ألأرجاس إطفاء نورهم بأفواههم والنور يسمو ويستعلي(2)
فعلمهم المنشور في كل مشهد وحكمهم المشهور بالنصف والعدل


(1) ألأبيات الثلاثة ألأخيرة التي ذكرها السيد قدس سره تشير إلى أعمال المتوكل العباسي الشنيعة ضد أهل البيت عليهم السلام ومحاولته طمس آثار قبرالحسين عليه السلام بإجراء الماء على قبره الشريف .
(2) كأنما أشار قدس سره إلى ألآية الكريمة « يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ »(الصف8) .
ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 117

وأسماؤهم تلوٌ لأسماء ربهم وجدهم خير الورى سيد الرسل
ويرفعهم في وقت كل فريضة نداءُ صلاة والصلاة من الكل (1)
مشاهدهم مشهودة وبيوتهم تراها كبيت ألله شارعة السبل
تشد الورى من كل فج رحالها إليها وتطوي البيد حزنا إلى سهل(2)
على كل عداء من السير ضامر يغول الفلا في كل هاجرة تغلي(3)
تؤم التي فيها النجاة وعندها مناخ ذوي الحاجات للفوز بالسؤل


(1) مما يوافق ما ذكره السيد رحمه ألله وإرتأينا إيراده هنا ، ما ذكره إبن عنبة في عمدة الطالب ص 301 ، فقد سأل المتوكل ألإمام أبي الحسن الهادي عليه السلام : من أشعر الناس ؟ فقال عليه السلام : الحماني حيث يقول :
فلما تنازعنا المقال قضى لنا عليهم بما نهوى نداء الصوامع
قال المتوكل : ما نداء الصوامع يا أبا الحسن ؟ قال : أشهد أن لا إله إلا ألله وأشهد أن محمدا رسول ألله .
(2) فج : الطريق الواسع بين الجبلين ، والجمع فجاج ،ا لرازي، مختار الصحاح 1 / 491 .
الحزن : ما غلظ من ألأرض ، وفيها حزونة ، الرازي، مختار الصحاح 1 / 134 .
(3) ضامر : الناقة ضامر وضامرة وضمر الفرس أي هزل ، الرازي، مختار الصحاح 1 / 384 .
هاجرة : نصف النهار عند إشتداد الحر ،الرازي، مختار الصحاح ، 1 / 690 .
ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 118

بيوت بإذن ألله قد رفعت فما لها غير بيت ألله في الفضل من مثل(1)
وفيها رجال ليس يلهيهم بها عن ألله بيع أو سوى البيع من شغل
أولئك أهلوها وأهلا بأهلها ولا مرحبا بالغير إذ ليس بألأهل
أولئك لا نوكى أمية والتي قفتها فزادت في الضلالة والجهل(2)
أساءت إلى ألأهلين فإجتث أصلها وبادت كما بادت أمية من قبل
فسل عنهم الزوراء كم باد أهلا فأمست لفقد ألأهل بادية الثكل
أبيدت بها خضراء ذات سوادها فأضحت بها حمراء من حلب النصل
وإن شئت سل أبناء يافث عنهم فعندهم أنباء صدق عن الكل(3)


(1) إشارة إلى ألآية الكريمة «فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ» (النور36) .
(2) نوكى : ألأنواك هو ألأحمق ، وجمعه نوكى وقوم نوكى ونوّك ، إبن منظور، لسان العرب 5 / 20 ، وفي البيت إشارة إلى بني العباس الذين إستلموا الحكم بعد بني أمية .
(3) أبناء يافث : يافث هو إبن نوح النبي عليه السلام ويقال أن من نسله ألأتراك الذين سيطروا على

=

ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 119

فكم ترك ألأتراك كل خليفة ببغداد خلفا لا يُمِرُّ ولا يُحلي
وكم قلبوا ظهر المجن لهم بها وكم خلعوهم خلع ذي النعل للنعل
وكم قطع الجبار دابر ظالمي أولي عدله والحمد لله ذي العدل
وقلتم أضاعوها كذبتم وإنما أُضيعت بكم لما أنطويتم على الغل
وهل يطلبون ألأمر من غير ناصر أو النصر فيمن لا يقيم على إل
كنصرة أنصار النبي إبن عمه فلم يبق منهم غير ذي عدد قل
ونصر عبيدألله في يوم مسكن لسبط رسول ألله ذي الشرف ألأصل(1)


=
الدولة العباسية من أيام المعتصم وإلى دخول البويهيين وقتلوا خلفاء بني العباس وسملوا أعينهم وتلعبوا بهم كما يلعب الطفل بالكرة .
(1) مسكن : موضع قريب من أوانا على نهر الدجيل عند دير الجاثليق ، ياقوت، معجم البلدان 5 / 127 .
ويشير السيد قدس سره إلى عبيدألله بن العباس بن عبدالمطلب الذي جعله ألإمام الحسن عليه السلام على رأس مقدمة جيشه ، وعددهم إثني عشر الف وعبئه لقتال معاوية فلما علم معاوية أرسل إليه يرغبه في المسير إليه وضمن له ألف الف درهم يعجل له منها النصف ويعطيه النصف ألآخر

=

ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 120

إذ إنسل من جند عليهم مؤمرٌ بجنح الظلام والدجى ستر منسل
ولم يرع حق المصطفى ووصيه ولا حرمة القربى الحرية بالوصل
ونصرة كوفان حسينا على العدى فلما أتاهم حل ما حل بالنسل
وبيعة أشراف القبائل مسلما وقد أسلموه بعد ذلك للقتل
ونصرتهم زيدا وإعطاؤهم يدا وتركهم إياه فردا لدى الوهل(1)
ولو قام في نصر الوصي وولده حماة مصاديق اللقا صادقو الفعل


=
عند دخوله الكوفة ، فإنسل عبيدألله بن العباس في الليل إلى معسكر معاوية في خاصته وبقي المعسكر بلا قائد ولا رئيس ، فأخذ القيادة الصحابي الجليل قيس بن سعد وخطب خطبة جليلة في أصحابه تظهر لك بني العباس على حقيقتهم ودورهم التخريبي في أيام رسول ألله وأمير المؤمنين وأيام ألإمام الحسن عليه السلام .
أنظر : ألمجلسي ، بحار ألأنوار، 44 ـ 48 ، ألمفيد ،ألإرشاد 2 / 13 ، الكشي، رجال الكشي ص 112 ، ألأربلي ، كشف الغمة 1 / 350 ،إبن شهر آشوب، المناقب 4 / 33 .
وألأغرب من هذا ، أن عبيدألله بن العباس موتور من معاوية لأنه قتل ولديه على يد بسر بن أرطأة حينما وجهه معاوية لليمن .
(1) إشارة لخذلان أهل الكوفة زيد بن علي بن الحسين بن علي عليه السلام والذي قال عندما تفرقوا عنه أهل الكوفة لقد فعلوها حسينية ، إشارة منه عليه السلام إلى خذلانهم جده الحسين بكربلاء ، أنظر :ألمقرم ، زيد بن علي ص 140 .
ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 121

لقام بنصر الدين من هو أهله وذيد بهم من ليس للأمر بألأهل
ولو كان في يوم السقيفة جعفر أو الحمزة الليث الصؤول أبو شبل
لما وجدت تيم سبيلا إلى العلى ولا هبط ألأمر العليُّ إلى السفل
ولكن قضى فيما قضى ألله عنده وما خطت ألأقلام في اللوح من قبل
بإمهالهم حتى يميز به الذي يطيع من العاصي المكب على الجهل
إلى أن يقوم القائم المرتجى الذي يقوم بأمر ألله يطلب بالذحل
ويشفي صدور المؤمنين بنصره ويملأ وجه ألأرض بالقسط والعدل
ويسقي العدى كأسا مصبرة إذا بها نهلوا عَلُّوا بيحموم والمهل(1)
فمهلا فإن ألله منجز وعده وموهن كيد الكافرين على مهل


(1) يحموم : اليحموم ، الدخان ، ألرازي، مختار الصحاح، 1 / 157 .
ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 122

وخاذل جمع الماردين ومن سعى لإطفاء نور ألله بالخيل والرجل
فديتك يابن العسكري إلى متى نعاني العنا من كل ذي ترة رذل
فقم يا ولي ألله وإنهض بعزمة من ألله منصورا على كل مستعلي
لئن ضن بالنصر المؤزر معشر فإني مُعدُّ النصر من عالم الظل
ولائي دليلي والمهيمن شاهدي وعلمك بي حسبي من القول والفعل
فدونك نصري باللسان طليعة لنصري إذا طالعت نورك يستعلي
أتت من عُبيدٍ متَّ إسما ونسبة له منك حبل غير منقطع الوصل
فمُنَّ علينا بالقبول فإنها أشق على ألأعداء من رشق النبل
عليك سلام ألله مبلغ فضله ومالك من فضل على كل ذي فضل


وقال أيضا مشطرا البيتين المشهورين للشافعي (1): (بحر البسيط)

(1) الشافعي : هو محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع ، ولد سنة 150 هـ ، ومات سنة

=

ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 123

(يا أهل بيت رسول ألله حبكم) حبُّ الرسول ومن بالحق أرسله
أجر الرسالة عند ألله ودكم (فرض من ألله في القرآن أنزله)
(كفاكم من عظيم الشأن أنكم) قد أكمل الدين فيكم يوم أكمله
وأنكم بشهادات الصلوة لكم (من لم يصل عليكم لا صلوة له)

وله في رثاء أبي عبدألله الحسين عليه السلام (بحر البسيط)
نزت أمية حرب ثم مروان منابرا ما لهم فيهن سلطان(1)


=
204 هـ ، ولقد لخص علمه أحمد بن حنبل بقوله : الشافعي ، فيلسوف في أربعة أشياء : في اللغة وإختلاف الناس ، والمعاني ، والفقه) .
أنظر : الشافعي ، ديوان ، ص (8 ـ10) .
(1) جاء في تفسير آية «وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ» (الإسراء آية :60 ) ، أن رسول ألله صلى الله عليه وآله وسلم رأى في المنام قردة تنزو على منبره ، فأعلمه جبرئيل أنهم بني أمية يتغلبون على ألأمر فيتنازعون على منبره وإنهم الشجرة الملعونة ، ثم أن النبي لم يستجمع ضاحكا من يومئذ حتى مات صلى ألله عليه وآله وسلم ، أنظر : القرطبي ، تفسير ، 10 / 282 ـ 283 ، ولم يصرح بإسمهم ، الطبري ، تفسير ، 15 / 112 ـ113 ، أبن كثير ، تفسير ، 3 / 50 ، أبي يعلى ، مسند ، 11 / 348 ، إبن الجوزي ، العلل المتناهية ، 2 / 70 .
ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 124

وأعلنت لُعنت سب الوصي بها وقد أُقيمت به منهن عيدان(1)
كم قد علا ما علاه الطهر ذو دنس رجسٌ من الناس بل قرد وشيطان
وا ضيعة الدين إذ قد حل ساحته من بعد ذي الوحي غنّاء ونشوان
كم حاربت آل حرب من بسيفهم من بعد ما حزبوا ألأحزاب أو دانوا
وألجأت حسنا للصلح عن مضض وجعجعت بحسين وهو ضمآن
رمت بسهم الردى من بالحجاز ومن أم العراق وقد خانته كوفان
قامت تطالب إذا دانت على ترة أوتار بدر بأشياخ لها بانوا(2)


(1) إشارة لما إبتدعه معاوية بن أبي سفيان من سب للإمام علي عليه السلام وجرت هذه البدعة في فترة حكم بني أمية وآل مروان وقد أشار إليها الشريف قتادة في قصيدة بقوله :
لعنته في الشام سبعين عاما لعن ألله كهلها وفتاها
(2) في البيت إشارة إلى ما تمثل به يزيد بن معاوية عندما وضع رأس الحسين عليه السلام بين يديه ، فأنشد أبيات إبن الزبعرى :
ليت أشياخي ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع ألأسل
ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 125

وبالقليب هوت فك ذا فيه من وثن كانت له دون وجه ألله أوثان
وقد تلاها بنو الزرقاء ثم تلا أبناء نثلة ختان وخوان(1)
فأرهفوا لبني بنت النبي شبا حد السيوف وداف اللب خوان
هذا وكلهم للدين منحل سيان من مثلهم : كفر وإيمان

وله أيضا رادا على إبن حجر الهيتمي (2): (بحر الكامل)

(1) بنو الزرقاء ، الزرقاء هذه أم بني أمية بن عبد شمس وإسمها أرنب وكانت في الجاهلية من صواحب الرايات ، أنظر : المقريزي ، النزاع والتخاصم ، ص 10 .
أما أبناء نثلة فهم أبناء نثلة بنت كليب بن الحباب أم العباس بن عبدألمطلب كانت أمة لفاطمة بنت عمرو المحزومية أم عبدألله وأبي طالب والزبير أبناء عبدالمطلب وإياها عنى أبو فراس الحمداني بقوله :
ولا لكم مثلهم في المجد متصل ولا لجدكم معشار جدهم
ولا لعرقكم من عرقهم شبه ولا نثيلتكم من أمهم أمم

أنظر ألأميني ، الغدير 3 / 400 .
(2) هو أبو العباس شهاب الدين أحمد بن حجر ، ولد سنة 899 هـ ، في محلة أبي الهيتم نسبة إلى محلة الهياتم ، من قرى مصر ، وكانت وفاته بمكة سنة 873 هـ ، ودفن بالمعلاة .
أنظر الهيتمي ، الصواعق المحرقة ، ص9 .
وهو القائل :
ما آن للسرداب أن يلد الذي صيرتموه بزعمكم إنسانا
فعلى عقولكم العفاء لأنكم ثلثتم العنقاء والغيلانا

وقد وردت هذه ألأبيات في صدر المخطوطة .
ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 126

قد آن للسرداب أن يلد الذي يصليكم بسيوفه نيرانا
ويسومكم خسفا بما ثلثتم بابي الفصيل العجل وألأوثانا
أنكرتموا المهدي إذ لم تسلكوا سبل الهدى وتبعتم الغيلانا
فإغتالت ألأحلام منكم والحجى وظللتم في تيهكم عميانا
وضربتم ألأمثال للمولى الذي لا يبتغي لظهوره برهانا
قد بان في خضر وإلياس وفي عيسى لكم من أمره ما بانا
وأبحتم الدجال طول حياته والسامري وقبله الشيطانا
وأحلتم في أكرم الخلق الذي قد ناله في الخلق من قد هانا
هلا أجزتم أن يكون وتُحجب ألأبصار عنه إلى مدى قد آنا
إذ جاز عند ألأشعري إمامكم حجب البصير فلا يرى إنسانا


ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 127

أنسيتم صنع ألألى قدمتم في الدين حتى أفسدوا ألأديانا
كفوا وغضوا الطرف قد ولدتم شنعاء يعقب خزيها الخسرانا


وقال أيضا في الرد عليه :
قل للنواصب أنتم في جحدكم موعود حق نور ألأكوانا
كالمشركين فإنهم قد أنكروا ميعاد يوم شيب الولدانا
ضربوا لهم مثلا حديث خرافة وضربتم العناقاء والغيلانا

وقال أيضا في الرد عليه (1):

(1) لقد رد على أبيات إبن حجر عدة من علمائنا وشعرائنا منهم السيد مهدي الطالقاني الذي رد عليه بقصيدة طويلة مثبتة بديوانه ، منها :
لا تحفلن بزخارف الرجس الذي سكران يهذي يقمر السكرانا
أنكرت طول حياته يا أيها الـ ـشيطان لِمَ لا تُنكر الشيطانا
أيكون للرجس البقاءة لم يكن لفتى برى الباري له ألأكوانا
إن تجحدوه فمن إمام زمانكم إذ ليس تخلو ألأرض منه زمانا

أنظر : الطالقاني ، ديوان ، ص 171 ـ 174 .
ومنهم أيضا الشيخ حسن سبتي فقد شطر البيتين المتقدمين بقوله :
(ما آن للسرداب أن يلد الذي) في العرش نور قبل آدم كانا
نورا براه لنا ألإله وأنتم (صيرتموه بزعمكم إنسانا)

=

ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 128

ما آن للنصاب أن يتذكروا ما أعلن الهادي به إعلانا
إذ قال إني تارك ما إن به إستمسكتم إستكملتم ألإيمانا
ومخلّف الثقلين لن يتفرقا حتى الورود ألآل والقرآنا(1)
فأبيتم آل النبي بجهلكم حسدا لهم وأبنتم العصيانا
قلتم كتاب ألله يكفينا وقد حاولتم التفريق لا الفرقانا(2)


=
(فعلى عقولكم العفاء لأنكم) بجحودكم خالفتم القرآنا
لكذبتم قول النبي بقولكم (ثلثتم العنقاء والغيلانا)

أنظر حرز الدين ، معارف الرجال ، 1 / 225 . وقد نسبت لبعض أدباء بغداد ، وقد نسبها محقق ديوان السيد مهدي الطالقاني إلى السيد محمود شكري ألآلوسي ، بالرغم من كونها قد ذكرت من قبل إبن حجر في كتابه الصواعق المحرقة ، ولم ينسبها إلى نفسه . بقي أن نقول أن بين إبن حجر والسيد ألآلوسي فترة زمنية طويلة تمتد إلى مئات السنين.
(1) إشارة لقول الرسول ألأعظم صلى الله عليه وآله وسلم : (أني مخلف فيكم الثقلين كتاب ألله وعترتي أهل بيتي فأنظروا كيف تخلفوني فيها فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض) وعرف هذا الحديث بحديث الثقلين وقد ورد بصيغ مختلفة تشير إلى المعنى المتقدم الذكر .
أنظر : الترمذي ، السنن ، 5 / 662 ، إبن كثير ، تفسير ، 4 / 114 ، البهيقي ، السنن الكبرى ، 5130 ، الطبراني ، المعجم الكبير ، 3 / 66 ، إبن الجوزي ، العلل المتناهية ، 1 / 269 ، الشوكاني ، نيل ألأوطار ، 2 / 328 ، وهناك مصادر كثيرة ذكرت هذا الحديث .
(2) دعى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بدواة وكتف وقال : أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا فقال عمر : يكفينا =
ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 129

فرقتم بين الكتاب وأهله ولأجله ضيعتم التبيانا
أوصى بجمعهما ليجتمع الهدى فأبيتم وأبنتم العصيانا
ورضيتم بالميتة الجهلاء صما عن إمام زمانكم عميانا(1)
فلَتُسأَلُنَّ غدا عن الحبلين إذ قطعتهما أيديكم عدوانا
أما الكتاب فقد نبذتم أمره وقرينه قستم به الغيلانا
ستُحلّؤون عن الورود لسلسل تستبدلون بورده النيرانا


وقال أيضا في الرد عليه :
هلا إستبان لجند إبليس ألأُلى خروا على ما ذُكروا عميانا


=
كتاب ألله .
أنظر : مسلم ، صحيح ، 2 / 890 ، البخاري ، صحيح ، 3 / 1111 ، النيسابوري ، المستدرك على الصحيحين ، 3 / 542 ، إبن حنبل ، مسند ، 1 / 324 ، البهيقي ، السنن الكبرى ، 3 / 433 .
(1) كأنما أشار قدس سره للحديث المشهور : (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية) .
أنظر : الكليني ، الكافي ، 1 / 377 ، الحر العاملي ، وسائل الشيعة ، 28 / 353 ، المجلسي ، بحار ألأنوار ، 8 / 362 ، وهناك مصادر كثيرة ذكرت هذا الحديث لم نذكرها خشية ألإطالة .
ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 130

إن ألأئمة عشرة وإثنان من قول المصدق قد بدا برهانا
لم ينكروا عدد الهداة وأنكرو أعينهم وهو المحال عيانا(1)
لولا أئمتنا الهداة ومنهم المهدي لم يجدوا له تبيانا
فلينظروا أي الفريقين الذي قد ثلث العنقاء والغيلانا
دع ذكر من لا تنفع الذكرى لهم إذ لم تجد في جمعهم إنسانا


وقال أيضا مخمسا بيتي أبي الحسن التهامي (2) في حق ألإمام علي عليه السلام :

(1) لم ينكروا قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (الخلفاء بعدي إثنا عشر ، كعدة بني إسرائيل) .
أنظر : الصدوق ، ألأمالي ، ص 310 ، المفيد ، الخصال ، 2 / 468 ، إبن شهر آشوب ، المناقب ، 1 / 3000 ، المجلسي ، بحار ألأنوار ، 36 / 230 . بل أنكروا ألأئمة ( وقد جاء الحديث بصيغة أخرى ) : (ألأئمة من بعدي إثنا عشر ، أولهم علي بن ابي طالب ، وآخرهم القائم) .
أنظر : الصدوق ، من لا يحضره الفقيه ، 4 / 179 ـ 180 ، الحر العاملي ، الوسائل ، 28 / 348 ، المجلسي ، بحار ألأنوار ، 8 / 366 .
(2) هو أبو الحسن علي بن محمد بن نهد التهامي ، لم تشر المصادر إلى سنة ولادته ، وهو من اهل تهامة ـ بين الحجاز واليمن ـ ولي خطابة الرملة ، ثم رحل إلى مصر متخفيا ومعه كتب من حسان بن مفرج الطائي ، فعلمت حكومة مصر فإعتقل وحبس بالقاهرة ، ثم قتل سرا في سجنه وكان ذلك عام 416 ، المتأمل لشعره يجد فيه همة عالية ، ونفس أبية ، وشجاعة زائدة ، وشعره حسن ذو طلاوة ورونق ، وقد أجاد في بعضه إجادة حتى لحق بفحول الشعراء وأروع ما قاله مرثيته المشهورة في ولده .
ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 131

(بحر الطويل)
تطوف ملوك ألأرض حول جنابه وتسعى لكي تحظى بلثم ترابه
كان كبيت ألله بيت علا به (تزاحم تيجان الملوك ببابه
ويكثر عند ألإستلام إزدحامها)
أتته ملوك ألأرض طوعا وأمّلت مليكا سحاب الفضل منه تهللت
ومهما دنت زادت خضوعا به علت (إذا ما رأته من بعيد ترجلت
وإن هي لم تفعل ترجل هامها)


وقال طاب ثراه مشطرا البيتين المشهورين لأبي الحسن التهامي : (بحر الطويل)
(تزاحم تيجان الملوك ببابه) ليبلغ من قرب إليه سلامها
ويستلم ألأركان عند طوافها (ويكثر عند ألإستلام إزدحامها)
(إذا ما رأته من بعيد ترجلت ) ليعلو فوق الفرقدين مقامها
فإن فعلت هاما على هامها علت ( وإن هي لم تفعل ترجل هامها)


ديوان السيد محمد مهدي بحر العلوم 145

كتب العلامة النراقي (1) إليه من إيران : (بحر المتقارب)
ألا قل لسكان دار الحبيب هنيئا لكم في الجنان الخلود
أفيضوا علينا من الماء فيضا فنحن عطاشى وأنتم ورود(2)

فأجابه (طاب ثراه) بقوله :
ألا قل لمولى يرى من بعيد ديار الحبيب بعين الشهود
لك الفضل من شاهد غائب على شاهد غائب بالصدود
فنحن على الماء نشكو الظما وفزتم على بعدكم بالورود


(1) العلامة النراقي : محمد مهدي بن أبي ذر الكاشاني ، الشهير بالنراقي ، فقيه ، أصولي ، من آثاره تجديد ألأصول ، التحفة الرضوية إلى المسائل الدينية ، لم تذكر سنة ولادته إلا أنه توفى سنة 1209 هـ ، وله كتاب مشهور إسمه جامع السعادات ، وهو أجمع كتاب في ألأخلاق للمتأخرين .
أنظر : أغا بزرك ، الذريعة ، 5 / 58 ، كحالة ، معجم الرجال ، 12 / 57 ، البغدادي ، هدية العارفين ، 2 / 352 ، البغدادي ، إيضاح المكنون ، 1 / 148 .
(2) البيتان لشاعر قديم قبل الطباطبائي والنراقي بثمانمائة عام ، وهي من أبيات لخلف بن أحمد القيرواني ، الذي تأدب بأفريقيا ، ودخل مصر ، ومات فيها سنة 414 هـ . وقد ترجم له ياقوت الحموي في معجم ألأدباء ، 12 / 65 وقال من شعره :
هل الدهر يوما بليلى يجود وأيامنا باللوى هل تعود
عهود تقضت وعيش مضى بنفسي وألله تلك العهود
ألا قل لسكان وادي الحبيب هنيئا لكم في الجنان الخلود
أفيضوا علينا من الماء فيضا فنحن عطاشى وأنتم ورود

أنظر : اليعقوبي ، نقد كتاب شعراء الغري ، ماثل للطبع .
السابق السابق الفهرس