عصمة الحوراء زينب (ع) 1


عصمة الحوراء زينب عليها السلام


تأليف
السيدعادل العلوي


عصمة الحوراء زينب (ع) 2




عصمة الحوراء زينب (عليها السلام) 3

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي مَنّ علينا بآلائه ، وحبانا بنعمه ، ووفّقنا لخدمة خلقه ، حمداً يليق بشأنه ، ونثني عليه شاكرين ونمجّده مادحين، وأنّى يبلغ المادح مدحه والحامد ثناءه، والصلاة على الشجرة الزيتونة المباركة وعلى فرعها ولقاحها وثمرها وورقها ــ أعني بذلك محمّداً وآله الطاهرين ـ وسلّم تسليماً كثيراً.
لقد جاء في الحديث الشريف عن النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) : « زكاة العلم تعليمه من لا يعلمه » .
وتطبيقاً لهذا الحديث ولكي يكون المرء مصداقاً للمعلّم والمتعلّم ، سارع مكتب آية الله العظمى المرجع الديني الكبير الشيخ ميرزا جواد التبريزي ( دام ظلّه العالي ) من خلال الإخوة القائمين عليه سماحة الشيخ عبّاس الهزّاع وسماحة الشيخ محمّد أبي سعود ( حفظهما الله تعالى ) إلى اغتنام حضور علم من أعلام الحوزة العلمية ، وفرع من فروع الدوحة المحمّدية ، وعنوان من عناوين الولاية العلوية، سماحة العلاّمة الحجّة سيّدنا الفقيه الاُستاذ الأجلّ السيّد عادل العلوي (حفظه الله تعالى)، والتمسوا منه أن يفيض على إخوته في بلاد الشام ـ وفي رحلته

عصمة الحوراء زينب (عليها السلام) 4

الشاميّة(1) ممّا رزقه الله تعالى من العلم والمعرفة.
وكما هو ديدن هذا العالم العامل ، لم يتأخّر في إجابة هذه الدعوة ، فاتّفقت الكلمة أن يكون الكلام عن مقام صاحبة المكان الشريف فخر المخدّرات وسليلة الطهر والنقاء ، السيّدة زينب الكبرى ، وكانت الأيام المباركة أيام ولادتها الميمونة ، فراح خَدَمة الدين والمذهب الإخوة القائمين على مكتب آية الله العظمى التبريزي ( دام ظلّه العالي ) بنشر الخبر وتهيئة المكان اللائق بهذه الأبحاث وتقديم كلّ ما يخدم المحاضر والحاضرين، وليس هذا بعجيب، حيث إنّه ديدن المخلصين الذين لا همّ لهم إلاّ نشر علوم أهل البيت ( عليهم السلام ) من إحقاق الحقّ ودحض الباطل ومحاربة أهل البدع والضلالات .
ولكي يكتمل العمل وتعمّ الفائدة جميع من له رغبة بتوطيد العلاقة بالسيّدة العظيمة زينب وبأهلها الأطهار سارع المكتب أيضاً بنشر هذا العلم وإخراجه إلى أيدي القرّاء المحبّبين لعلوم أهل البيت ( عليهم السلام ) ، والذين يطلبون الحقّ والحقيقة ، فصاروا بذلك مصداقاً آخراً لحديث آخر عن النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) : « ما تصدّق الناس بصدقة مثل علم ينشر » ، ولكي ينشر هذا العلم ويصل إلى أيدي محبّيه ، أحببت أن تحرّر هذه المحاضرات، فاستأذنت سيّدنا الاُستاذ بكتابة هذا العلم النافع وإخراجه بصورة ميسّرة ولغة سهلة ينتفع منها عامّة المؤمنين ، فاستجاب لي

(1) طالت الرحلة شهرين متتابعين ، وألقى الاُستاذ أكثر من خمسة وخمسين محاضرة إسلامية في أماكن مختلفة من مكاتب المراجع والحسينيات والمساجد. وقد تصدّى لضبط المحاضرات وتحريرها جماعة ممّن حضر عند السيّد الاُستاذ دروساً في حوزة قم العلمية المباركة .
عصمة الحوراء زينب (عليها السلام) 5

شاكراً لطفه إذ جعلني بذلك من العاملين لخدمة أهل البيت وشيعتهم ، فبادرت إلى كتابة هذه المحاضرات لكي تكون أثراً جميلا من آثار أهل العلم والمعرفة ، وهذا ما حثّ عليه الحديث الشريف عن النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) : « قيّدوا العلم، قيل: وما تقييده ؟ قال: كتابته » ، فتمّت كتابة هذه المحاضرات ووضعت عليها تعليقاً يبيّن مراد المحاضر بنحو يسهل على كلّ قارئ فهمه ، متجنّباً الإسهاب والتعقيد ، علماً أنّ هذه المحاضرات اُلقيت في سنة 1421 هـ أوّل ربيع الثاني ، فنسأل الله تعالى أن يثيبنا على عملنا هذا ، إنّه جوادٌ كريم .

الشيخ علي الفتلاوي
سوريا ــ دمشق ــ السيّدة زينب (عليها السلام)



عصمة الحوراء زينب (عليها السلام) 6

( المحاضرة الاُولى )

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف خلقه محمّد المصطفى وآله الطاهرين ، واللعن الدائم على أعدائهم ومنكري فضائلهم من الآن إلى قيام يوم الدين.
أمّا بعد:
فإنّ الحديث ليحلو عن مقام الحوراء زينب ( عليها السلام ) ، سيّما ونحن في رحابها الواسع وفي أيام ولادتها المباركة، وإنّما اخترت هذا الموضع لما للمكان من أثر، حيث إنّي حللتُ ضيفاً عليها، فوحياً من مكانها تاقت النفس للحديث عنها، ولما لزيارتها من إشعاع روحي ينعكس على كلّ من دخل إليها مستعدّاً بقلبه وعقله لتلقّي هذا الإشعاع، وكلامي عنها مبيّناً عظمتها ، لأنّها سلام الله عليها باب أمير المؤمنين صلوات الله عليه ، وأمير المؤمنين (عليه السلام ) باب رسول الله (صلى الله عليه وآله ) كما ورد في الحديث الشريف عن النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) : « أنا مدينة العلم وعليٌّ بابها » (1) ، كما أنّه (عليه السلام )

(1) الوسائل 17 : 242، تأريخ بغداد 11: 204 جاء الحديث فيه عن ابن عباس ، قال : « قال رسول الله (صلى الله عليه وآله ) : أنا مدينة الحكمة وعليّ بابها فمن أراد الحكمة فليأتِ من الباب»، وفي مستدرك الصحيحين 3: 126 عن ابن عباس «قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : أنا مدينة العلم وعليّ بابها » . وكما تعلم أنّه لا يجوز الدخول من غير الباب المخصّص فسيأخذك إلى غير النبيّ (صلى الله عليه وآله) وغيره باطل محض. ومراد سيّدنا الاُستاذ بقوله: «وعليّ باب رسول الله» أي الوسيلة إلى النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) هو أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ومن وصل إلى النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) فقد دخل في الرحمة الإلهيّة لأنّه ( صلى الله عليه وآله ) رحمة الله للعالمين ، ودخل في الأمن الإلهي لأنّه أمان للبشرية ، واستضاء بنوره لأنّه سراج منير .
عصمة الحوراء زينب (عليها السلام) 7

باب الله الذي منه يؤتى، كذلك الرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) باب الله تعالى كما ورد في الزيارة الشريفة: « أنتم باب الله الذي منه يؤتى »(1) ، فتكون زينب الكبرى (عليها السلام ) باب الله تعالى لو حذفنا الوسائط(2) ، فإذن من له حاجة عند أمير المؤمنين ( عليه السلام ) لا بدّ أن يدخل إليه من الباب المقصود ، ألا وهو زينب ( عليها السلام ) ، وهذا المعنى ــ كون زينب باب أمير المؤمنين ( عليهما السلام ) ــ حدّثني به سيّدنا الاُستاذ آية الله العظمى النجفي المرعشي ( قدس سره ) ، كما هو عند أهل السير والسلوك إلى الله تعالى . فنحن إذن على باب من أبواب الله تعالى وفي رحاب السيّدة الحوراء زينب الكبرى ( عليها السلام ) ، وسنتطرّق إلى الحديث عن عظمة هذه السيّدة الكبرى لنبيّن مضمون العبارة الرائعة التي قرأتها على سيّارة بعض المؤمنين التي تقول : ( السيّدة زينب روضة العلم

(1) ورد هذا المقطع الشريف في الزيارة، ومراده أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) هو باب إلى الله تعالى وهو الوسيلة إلى الله تعالى لقوله تعالى : ( وَلَوْ أنَّهُمْ إذْ ظَلَمُوا أنفُسَهُمْ جَاؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ ) ( النساء : 64 ) ، فحيث كان النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) باباً من أبواب الله تعالى ووسيلةً إليه ، فلا بدّ من الولوج إلى الرحمة الإلهية من الباب الذي فتحه لنا واتّخاذ الوسيلة التي لها قابليّة أن توصلنا لله تعالى ولأنّه ( صلى الله عليه وآله ) أفضل الخلق طرّاً فهو الباب الأوسع والوسيلة الأسرع. (2) أي لو حذفنا الواسطة بينها (عليها السلام) .
عصمة الحوراء زينب (عليها السلام) 8

والنور ) ، وحيث إنّها سلام الله عليها كذلك فلنستمدّ سويّة من علمها ومن نورها ممّا يجعلنا نعيش في هذه الروضة ونهتدي بنورها إن شاء الله تعالى.
لقد كتب لنا التأريخ عن العشّاق ، وأجمل ما كتب عن قيس العامري العاشق ، مجنون ليلى ، فإنّه كان يمرّ على جدران ديار ليلى بعد أن فارقته ، وكان يقبّل هذه الجدران بلهفة المشتاق وعطش العاشق ، فلامه الناس على ذلك ووصفوا هذا الفعل بالجنون ، فردّ عليهم بقوله الرائع الذي صاغه ببيت من الشعر ، فقال:
وما حـبّ الديار شغفن قلبي ولـكـن حـبّ من سكن الديارا

فالحبّ يعلّم الإنسان ماذا يفعل مع الحبيب في حضرته ، وكيف يتعامل مع ديار الحبيب وآثاره ، هكذا نحن عندما ندخل على حبيبة الله وحبيبة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وحبيبة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، حبيبة أهل البيت ( عليهم السلام ) ، فنقبّل الأبواب والضريح ونقول لمن يعترض على ذلك كما قال قيس العامري (1) ،

(1) نعم نقول كما قال قيس العامري ، ولكن لا نستدلّ بقول قيس بل هو شاهد من التأريخ ، وحيث كان ردّه منطقياً فاستشهدنا به ، وإلاّ لنا دليلنا المتين كما في جامع أحاديث الشيعة للسيّد البروجردي ( 20 : 172 ) حديث طويل إلى أن قال : فزرنا لله شكراً لما عرفنا وقبّلنا الأرض بين يديه وسألناه عمّا أردنا فاُجبنا ، فحملنا إليه الأموال الخبر : ومعناه عندما التقوا بالإمام الحجّة ( عليه السلام ) فعلوا ذلك ولم يردعهم عنه، فجاز أن نقبل ما يمتّ لهم بصلة تعظيماً وحبّاً ، كما أنّه ورد في السنّة المتّفق عليها عند الفريقين تقبيل الحجر الأسود في الحجّ، وينقل أنّ أحد علمائنا الكبار عند تشرّفه بزيارة بيت الله الحرام وعند لقائه بالملك في السعوديه جعل مصحفاً في جلد خروف وأهداه إلى الملك ، ولمّا عرف الملك ذلك قبّل القرآن ، ولكن فوق الجلد ، فقال العالم : لِمَ قبّلت الجلد أيّها الملك ؟ قال : إنّما قبّلت القرآن الذي في باطن الجلد وهذا هو قصدي ، فقال العالم : وهكذا الشيعة يقبّلون الضريح وقصدهم من في الضريح وليس الحديد أو الخشب ، وإنّما كتبت هذه القصّة كشاهد في المقام للاستدلال بها . ونقول في التفسير إنّ النبيّ يعقوب ( عليه السلام ) لمّا ألقوا عليه قميص يوسف ( عليه السلام ) وارتدّ بصيراً بإذن الله تعالى ، فكان للقميص أثراً وضعيّاً بإذن الله تعالى .
عصمة الحوراء زينب (عليها السلام) 9

فإذا وقف الإنسان على جمال حبيبه ، فإنّه يعشقه لأنّ الإنسان يعشق الجمال ، وإذا عشق الحبيب لجماله ، سيقبّل جداره وكلّ آثاره لو لم يتمكّن من تقبيله ، فلا يُشكل علينا أنّ هذا الفعل شرك (1) والذين توهّموا الشرك في هذه الأفعال إنّما ينشأ توهّمهم هذا من عدم معرفة مقام أهل البيت ( عليهم السلام ) معرفة جمالية ، ولو أنّهم عرفوا مقامهم سلام الله عليهم لفعلوا كما فعل قيس العامري إلاّ أنّ معرفتهم الأئمة المسلمين حقّاً معرفة جلالية مع أنّ لهم رتبة اُخرى لا يعرفهم فيها إلاّ الله سبحانه ، وهذه المعرفة هي الرتبة العليا في المعرفة وتسمّى المعرفة الكمالية (2) ،

(1) إنّ الشرك له معنى عند أهل التفسير والعقائد ألا وهو عبادة غير الله مع الله سبحانه ، ونحن عندما نفعل هذا التعظيم لأئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) ولذرّياتهم الكريمة فليس المقصود منه العبادة ، ولا يقول أحد من الشيعة ــ عامّتهم أو علماءهم ــ إنّنا نرى في صاحب الضريح له أو يفعل فعل الإله بالاستدلال ، ومن في قلبه شكّ في كلامي فليرجع إلى كتبهم ومن في قلبه مرض ندعو الله تعالى أن يزيل مرضه .
(1) قسّم الاُستاذ المعرفة الإلهية إلى ثلاثة أقسام :
أوّلها ــ المعرفة الجلالية ، والتي معناها سلب النقص عن المعرّف وبيان الحدود ، فقولنا الله تعالى ليس بجسم ، ليس متّحداً مع غيره ، ليس في جهة وغيرها من الصفات التي يجلّ الله تعالى عنها وتسمّى الصفات الجلالية ، وعند بيان أنّه تعالى واجب الوجود وليس ممكن الوجود فنكون قد بيّنّا الفرق بينه وبين مخلوقاته، هذه هي المعرفة الجلالية.
ثانيها ــ المعرفة الجمالية ، وهي أن نعرف الله تعالى بصفات الجمال وأنّه يتّصف بالعلم والقدرة والحياة وبصفات أفعالية كالرازق والخالف وغيرها .
ثالثها ـ المعرفة الكمالية، وهي المعرفة التامّة أي معرفة الكنه والحقيقة، وهذه ممتنعة على المخلوق ولا يعرف الله بهذه المعرفة إلاّ الله تعالى لأنّه هو الذي يعلم ذاته ولأنّه لا محدود فلا يحيط به شيء وهو يحيط بكلّ شيء ، وقد وردت روايات كثيرة تؤكّد هذا .
وأمّا معرفة النبيّ وأمير المؤمنين وأهل البيت ( عليهم السلام ) لله تعالى فهي معرفه جمالية إلاّ أنّها أعلى مراتب المعرفة الجمالية لأنّ المعرفة الجمالية لها مراتب متفاوتة . وأمّا المعرفة الكمالية فقد ورد عنه ( صلى الله عليه وآله ) : « ما عرفناك حقّ معرفتك ». وهكذا أهل البيت ( عليهم السلام ) هناك من يعرفهم معرفة جلالية أي بسلب النقوص عنهم في الرتبة البشرية وأنّهم يجلّون عن غيرهم من أهل المعصية والفجور والزلل والخطل والوهم والانحراف والاشتباه والالتباس ، كما ورد ذلك في الزيارة الجامعة التي سوف تأتي إن شاء الله كما أنّهم يعرفون بالمعرفة الجمالية أي نعرفهم كما يعرفهم سلمان المحمّدي بأنّهم أهل الفضل ولهم أعلى الرتب في كلّ كمال فضلا عن تنزّههم عن كلّ نقص ، ولهم معرفة اُخرى هي المعرفة الكمالية أي الإحاطة بكنههم وحقيقتهم ، وهذه لا يرتقي إليها مخلوق إلاّ هم ، فهم يعرفون حقيقة أنفسهم فقط والله من ورائهم محيط فلذلك قال النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) لعليّ ( عليه السلام ) : « يا عليّ ما عرفني إلاّ الله وأنت، وما عرفك إلاّ الله وأنا » . وهذه الرتب تجري على سيّدتنا زينب لأنّها من أهل البيت ( عليهم السلام ) إلاّ أنّهم حجج الله تعالى وخلفائه ولهم من الصفات والحقيقة التي لا يدانيهم فيها حتّى مثل زينب ( عليها السلام ) . ولكن لا بدّ أن نعرفها بالمعارف الثلاثة حتّى نطّلع على مقامها الشامخ .
عصمة الحوراء زينب (عليها السلام) 10

وبناءً على هذا فإذا أردنا معرفة السيّدة الجليلة الجميلة الكاملة زينب الكبرى ( عليها السلام ) لا بدّ لنا أن نعرفها بهذه الرتب الثلاثة من المعرفة التي ستكسبنا أدباً وخضوعاً وحبّاً وعشقاً زينبيّاً ، لأنّها باب الله تعالى الذي منه يؤتى ، ووسيلته التي إليه ترجى ، فحديثي سيكون عن عظمة هذه السيّدة التي لو رأينا جمالها لوصلنا إلى

عصمة الحوراء زينب (عليها السلام) 11

مقام الفناء (1) في وصفها وتمام الانبهار بجمالها ، فالعبارة التي قرأتها على تلك السيّارة ( السيّدة زينب روضة العلم والنور) سواء قصد كاتبها ما فهمت أو لم يقصد فإنّ زينب الكبرى هكذا حقّاً ، ولكن لا بدّ من معرفة عمق هذه العبارة وكيف تكون روضة العلم والنور ؟ ولماذا لا نحسّ هذا النور سيّما ونحن بجوارها وحول ضريحها ؟ لماذا لا يُذهب نورها ظلمتنا ؟ لماذا لا يرفع علمها جهلنا ؟ لماذا لا يطيّب عطرها أرواحنا ؟ لماذا لا تعلو حقيقتها على أوهامنا ؟
نحن نعلم أنّ الذي يقف أمام نور حسّي سيتكوّن خلفه ظلّ وظلمة ، ويتصاغر هذا الظلّ وتندحر هذه الظلمة كلّما اقتربنا من النور، فما يعيشه الإنسان من الجهل الذي خلق من الظلمة ، وجُعل له جنوداً وهي الصفات الذميمة وكلّها ظلمانية ، كما خُلق العقل من النور وجعل الله له جنوداً نورانية كما في حديث العقل في كتاب الكافي.
فالظلمات التي يعيشها الإنسان هي السبب في هذا البعد عن الحقّ والحقيقة .
فيا تُرى عندما ندخل حرم السيّدة ( عليها السلام ) ولا نشعر النورانية وبالعلم الإلهي ، هل المناظر الشيطانية التي ألفناها كلّ يوم في الشوارع والأسواق والأزقّة والسيارات العامّة ، هي الحاجب أم الأدران المعنوية أم كلاهما ؟ والحقّ أقول إنّ

(1) المقامات التي يصل إليها المؤمن في السير والسلوك الذي تعلّق قلبه بالمعشوق سواء كان هذا المعشوق هو الله تعالى ، أو من يحبّه الله تعالى ، فهي متعدّدة ومنها مقام الفناء أي أنّ العاشق يكون مرآة المعشوق .
عصمة الحوراء زينب (عليها السلام) 12

المناظر الشيطانية لها دورها الذي لا يستهان به (1)، ولكن الظلمة القلبية الناشئة من الذنوب لها دورها الأكبر (2)، ويكفي شاهداً على ذلك قول النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) : « من رأى منكم منكراً فليغيّره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان » (3) ، فلكثرة هذه المشاهد الشيطانية يموت فينا هذا الإيمان الضعيف ، فنعتاد على رؤيتها وتستأنسها النفوس وهذا ما أحسسته (4) ، فإذن لا بدّ من علاج

(1) إنّ المشاهد أو المناظر سواء كانت رحمانية أو شيطانية لها أثرها على القلب والروح ولذلك جاء الحديث الشريف بمعاشرة ( من يذكّركم الله رؤيته ) أي انظروا إلى من يذكّركم بالله تعالى وعاشروه لكي يكون رفيق صلاح لقلوبكم ، وإنّ النظرة الثانية للمرأة الأجنبية سهم من سهام الشيطان .
(2) نعم ذكر أهل الحديث عن إمامنا الصادق ( عليه السلام ) : « إن أذنب الرجل خرج في قلبه نكتة سوداء » ، وكلّما ازداد الذنب اتّسعت النكتة حتّى تستولي على القلب جميعه فيكون قلباً محجوباً ومنكوساً بسواده عن الحقّ . وهناك للذنوب آثار اُخرى كثيرة وعليكم بمراجعة كتب الحديث لتعرفوا مضارّ الذنوب . كما لسيّدنا الاُستاذ كتاب ( التوبة والتائبون على ضوء القرآن والعترة ) وهو مطبوع ضمن المجلّد الرابع من موسوعته الكبرى ( رسالات إسلامية ) فراجع .
(3) مستدرك الوسائل، باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، الباب الثالث ، الخبر السابع ، عن كتاب قصار الجمل .
(4) إنّ ظاهر سيّدنا الاُستاذ دام عزّه يدلّ على أنّه حاو على رتبة عالية من الإيمان ، فلو قال إنّ رتبة أضعف الإيمان ماتت لتكرّر المشاهد الشيطانية فليس مراده أنّه بقي بلا إيمان وإنّما مراده أنّ النهي عن المنكر في القلب يستوجب رتبة ضئيلة من الإيمان وهي المعبّر عنها في الحديث بـ « أضعف الإيمان » ، فلو تركنا النهي بقلوبنا لكثرة المشاهد الشيطانية نكون قد قتلنا هذه الرتبة الضئيلة وهذا ما أحسّه السيّد حفظه الله تعالى .
عصمة الحوراء زينب (عليها السلام) 13

لما نحن فيه ولا أرى علاجاً ناجعاً لهذه اللوثة إلاّ معرفة زينب العقيلة كما هو اللائق بها ، لأنّ القلب لو تنجّس بشيء من هذه القاذورات فإنّه يطهر بدخوله إلى حضرة هذه اللبوة الطاهرة ويخرج منها طاهراً مرّة اُخرى ، وكما أنّ الماء يطهّر البدن فزينب تطهّر القلب والروح ولا قياس (1) ، فبعطرها نتعطّر وبطهرها نتطهّر ، وجاء عن النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) (2) : إنّ من وقف قرب بائع العطر يصيبه شيء من ذلك العطر ، وهكذا الذي يدخل إلى العطر المعنوي وينغمس فيه فسيكون مصدراً للعطر أينما حلّ ، فلنعرف زينباً ، ولنزر زينباً ، لتجب لنا الجنّة ، فإنّ من زارها عارفاً بحقّها وجبت له الجنّة (3) ، وإن لم نعدم الثواب في زيارة بلا معرفة ، إلاّ أنّ السعادة الاُخرويّة واللذّة العنويّة ، لا تتمّ إلاّ بزيارة محاطة بمعرفة كمالية أو جمالية ، فبهكذا زيارة تتغيّر جواهر القلوب ، وترتفع الحجب الظلمانية ، وتفتح الأقفال .
ربما يتبادر إلى الذهن أنّ هذه الكلمات إنشاء محض وهذا التبادر ناشئ من

(1) أي لا قياس بين المطهّر المادّي وآثاره وبين المطهّر المعنوي وآثاره لما للمطهّر المعنوي من أهمية كبيرة في حياة البشر .
(2) جاء في الحديث عن رفيق السوء وعشرته وعن رفيق الصلاح وعشرته : « إنّ النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) قال : إنّ مثل جليس السوء كمثل نافخ الكير فإن لم يصبك من رائحة كيره أصابك من سواده ، وقيل الجليس الصالح كبائع الطيب فإن لم يصبك من طيبه أصابك من رائحته » .
(3) ورد في حقّ السيّدة فاطمة المعصومة اُخت الإمام الرضا ( عليه السلام ) : « عن سعد الأشعري القمّي ، عن الضرا ( عليه السلام ) ، قال: قال : يا سعد عندكم لنا قبر ؟ قلت : جعلت فداك قبر فاطمة ( عليها السلام ) بنت موسى بن جعفر ( عليه السلام ) ، قال : بلى ، من زارها عارفاً بحقّها فله الجنّة » ، فما بالك بزينب ، فإنّه من الأولى أن يكون لزائرها الجنّة إذا كان عارفاً لأنّها كفاطمة المعصومة إذا لم تكن أعلى وأرفع ، وهذا من تنقيح المناط عند الاُستاذ دام ظلّه .
عصمة الحوراء زينب (عليها السلام) 14

التسرّع في الحكم ، فنحن نقول : المعرفة من العرفان في مقابل العلم (1) وربما يكونان مترادفين ، إلاّ أنّا نرى أنّ هناك فرق بين العلم والمعرفة، فالعلم يهتمّ بالكلّيات والمعرفة تهتمّ بالجزئيّات ، فيطلق على الله تعالى عالم ولا يطلق عليه عارف (2) فالمعرفة كلّي تشكيكي لها مراتب (3) طولية وعرضية (4) وبالمعرفة توزن الأشياء، ولهذا قال مولى الموحّدين ( عليه السلام ) : « تكلّموا تعرفوا ، فإنّ الإنسان مخبوء تحت طيّ لسانه » (5) ، وجاء أيضاً : « تكلّموا يرحمكم الله ، فبالكلام يعرف

(1) هنا الكلام يدور عن العلم والمعرفة، ولو أردنا أن نتجاوز هذا الهامش لكان بالإمكان كتابة فصل خاصّ بذلك، ولكن نبيّن ذلك بحسب ما يسمح به المقام ، فنقول : إنّ الفرق بين العلم بالمعنى الأعمّ والعرفان المأخوذ من المعرفة، فإنّ المعرفة عبارة عن إدراك الجزئيات والعلم عبارة عن إدراك الكلّيات، وقيل : إنّ المعرفه تصوّر والعلم تصديق، ولمثل هذا يقال : كلّ عالم عارف ، وليس كلّ عارف عالم.
(2) لا يطلق على الله تعالى عارف لأنّ المعرفه أخصّ من العلم وهي علم بالشيء مفصّلا عمّا سواه أي علم بالجزئيات، والعلم هو إحاطة بالكلّيات والجزئيات والله تعالى محيط بالكليات والجزئيات ، فلذلك نطلق عليه عالم ولا نطلق عليه عارف تعالى عن ذلك.
(3) مراده من الكلّي التشكيكي : أي أنّ مفهوم المعرفة مفهوم كلّي ينطبق على مصاديقه وهذه المعرفة ذات مراتب متعدّدة وهذا مراده من كلمة تشكيكي، والكلّي التشكيكي ما يتفاوت في التقدّم والتأخّر والضعف أو الأولوية ويقابله الكلّي المتواطي كالإنسان.
(4) طولية وعرضية : أي مراتب المعرفة إحداها في طول الاُخرى أي تليها ومتوقّفة عليها فتسمّى مراتب طولية ، واُخرى معرفة في قبال معرفة موازية لها فتسمّى عرضيّة.
(5)نهج البلاغة / قصار الكلمات ، ومعناها أنّ قيمة الإنسان تحدّد من كلامه ، ويستدلّ عليه أنّه صادق أو كاذب ، عالم أو جاهل من خلال كلامه ، لأنّ الكلام صفة المتكلّم، والظاهر عنوان الباطن.
عصمة الحوراء زينب (عليها السلام) 15

قدركم » ، فالمعرفة إذن هي اُسّ الكمال لكلّ قابل لها (1) وهي على ثلاثة أنحاء كما ذكرنا جلالية ، وجمالية وكمالية واُقرّب هذا بالمثال (فإنّك لو رأيت جبلا عن بعد فإنّك ستعرفه بحدوده وإنّه لم يكن شجراً أو حيواناً أو شيئاً آخر إنّما هو جبل ، وهذه معرفة جلالية، ولكن لو اقتربت منه ورأيت جماله وصلابته وشموخه فهذه معرفة جمالية ، وعندما تصعد عليه وترى كنهه وواقعه فهذه معرفة كمالية ) ، وهكذا معرفتنا للأئمة الأطهار (عليهم السلام ) .
ورد في الزيارة الجامعة : « ما من وضيع ولا شريف ولا عالم ولا جاهل إلاّ عرف جلالة قدركم » (2) ، أي حتّى عدوّهم يشهد بفضلهم لأنّه يعرفهم معرفة جلالية ، وهناك من يعرف أمير المؤمنين ( عليه السلام ) والسيّدة زينب ( عليها السلام ) بمعرفة جمالية فلذلك استحقّ سلمان الإخلاص سلمان التقوى ، أن يكون من أهل البيت ( عليهم السلام ) فقالوا في حقّه : « سلمان منّا أهل البيت » (3) ، فتراه ملازماً لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) فكلّما دخل الأصحاب المسجد وجدوا سلمان بجوار مولاه يشرب من معينه الصافي ونميره العذب ، فاتّفقوا على أن يسبقوا سلمان إلى أمير المؤمنين (عليه السلام )

(1) اُسّ الكمال القابل لها : أي أنّ المعرفة هي الأساس الأوّل والأهمّ في كمال كلّ من له قابلية لحمل هذه المعرفة وهذا القيد، لأنّ المعرفة مختصّة بمن له إدراك دون سواه .
(2) مفاتيح الجنان ; للمحدّث القمّي: 610.
(3) « سلمان منّا أهل البيت » هذا حديث مشهور عن النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) وأيضاً ورد في الدرجات الرفيعة عن أبي جعفر ( عليه السلام ) وفي البحار عنه أيضاً ( عليه السلام ) ومراد الأئمة ( عليهم السلام ) وسيّدهم أنّ سلمان منهم أي على نهجهم وفكرهم وسلوكهم ويطابقهم القدم بالقدم والنعل بالنعل ، بل ورد عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) إنّه خلق من طينتنا وروحه مقرونة بروحنا ... وهناك كلام طويل فليراجع عنه في الكتب المؤلّفة فيه .
عصمة الحوراء زينب (عليها السلام) 16

فبكّروا بالمجيء وفعلا لم يجدوا في الطريق إلاّ آثار أقدام الإمام ( عليه السلام ) ففرحوا بذلك ، ولكن ما أن وصلوا المسجد ، وإذا بسلمان جالس عند أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، فتفاجأوا فقالوا : يا سلمان ، من أين أتيت ؟ أنزلت من السماء أم خرجت من الأرض ؟ فقال سلمان : إنّما جئت من حيث جئتم. فقالوا : فأين آثار أقدامك؟ فقال : إنّي لمّا رأيت أقدام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فوضعت أقدامي عليها، لأنّي أعلم أنّه لا يضع قدماً ولا يرفعها إلاّ بحكمة وعلم، هكذا يعرف سلمان مولاه وهكذا يقتفي أثره ، فمعرفة سلمان معرفة جمالية ولكن لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) معرفة اُخرى وهي المعرفة الكمالية وهذه منحصرة بالله تعالى ورسوله حيث أكّد ذلك النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) : « يا عليّ ، ما عرفك إلاّ الله وأنا ... » (1) لأنّه لا يعرف حقيقة الولي والحجّة وباطن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) إلاّ من كان محيطاً بذلك تمام الإحاطة ، وإن شاء الله في المحاضرات الآتية سنعرف زينباً بشي من المعرفة الجمالية من خلال أحاديثهم الشريفة ، وهذا ما نفهمه من قول الإمام زين العابدين : « أنتِ عالمة غير معلّمة » فبكلامه هذا أراد أن يعرفنا جمالها وعظمتها ، فمثل هذا الكلام من الإمام المعصوم ( عليه السلام ) إشارة إلى جمال زينب (عليها السلام)، وهذا أبوها أمير المؤمنين ( عليه السلام )عندما يدخل عليها وهي تفسّر القرآن الكريم للنساء وفي آية ( كهيعص ) فأشار

(1) هذا حديث نبوي مشهور : « إنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله ) قال لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) : يا عليّ ، ما عرف الله إلاّ أنا وأنت ، وما عرفني إلاّ الله وأنت، وما عرفك إلاّ الله وأنا »، وهنا يشار إلى أنّ معرفة النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) وأمير المؤمنين لله تعالى معرفة تفوق معرفة جميع الخلق ومختصّة بهما مع الأئمة الأطهار وفاطمة الزهراء ( عليهم السلام ) وأنّهم لا يعرفهم حقّ المعرفة إلاّ الله تعالى أي بالمعرفة الكمالية .
عصمة الحوراء زينب (عليها السلام) 17

أمير المؤمنين ( عليه السلام ) إلى سرّ هذه الحروف المقطّعة فقال : « ك يعني كربلاء وما سيجري فيها على زينب » (1) ، وورد في روايات العرش أنّه كتب على العرش : « زينة العرش الإلهي عليّ بن أبي طالب » (2) ، وكتب في اللوح المحفوظ : « زينة اللوح المحفوظ زينب » ، وهذا الحديث إشارة صريحة إلى جمال زينب، فإذن من خلال معرفتنا لجمالها (عليها السلام) نزداد حبّاً لها، ومن خلال ازدياد الحبّ نزداد أدباً وشوقاً، ومن خلال الأدب والحبّ نزداد علماً ونوراً في روضتها ودوحة علمها وعنوان بطولتها وصبرها .
العلم كثير ومنه ما هو نافع ، ومنه ما هو ضارّ ، وفيه ما لا نفع فيه إذا عُلم ، ولا ضرر فيه إذا جُهل ، وهذا ما يوضحه الحديث المروي عن « إنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) دخل المسجد فوجد الناس قد تجمهروا على رجل فقال : ما هذا ؟ قالوا : علاّمة يا رسول الله ، فقال : وما العلاّمة ؟ قالوا : إنّه أعرف بأنساب العرب وأشعارها ، فقال النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) : هذا علم لا يضرّ من جهله ولا ينفع من علمه ، إنّما العلم ثلاث : آية محكمة ، وفريضة عادلة ، وسنّة قائمة ، ما خلاهن فضل » (3) ، فمن دراية هذا

(1) ( كهيعص ) هذه الحروف المقطّعة في سورة مريم آية (1) ، لها من التأويل في قضية كربلاء ، وإنّ كلّ حرف يدلّ على شيء وحدث في كربلاء مذكور في محلّه ، فالكاف تدلّ على كربلاء ، والهاء هلاك يزيد ، والصاد تدلّ على صبر الحسين ، والعين عطشه ، وغير ذلك .
(2) لمعرفة هذه الكتابة على العرش يراجع كتاب السيّد العلوي ( هذه هي الولاية ) المجلّد الخامس من الموسوعة ( رسالات إسلامية ) ، وكذلك ( الإمام الحسين في العرش الإلهي ) و ( زينب الكبرى زينة اللوح المحفوظ ) في المجلّد السادس من الموسوعة .
(3) قوله: « ما خلاهن فضل » أي أنّ العلوم البشرية لها أهمية كبرى لكنّها تأتي في الدرجة الثانية من حيث الأهمية والحاجة البشرية لها بعد العلوم الإلهية بحيث يصل التكليف فيها حدّ الوجوب الكفائي وأحياناً يتعدّاه إلى الوجوب العيني حسب حاجة الاُمة الإسلامية وأهمية هذه الحاجة فيراجع كتب الفقه الاستدلالي في ذلك .

الفهرس التالي التالي