دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 279

عن أن الأصل يبقى وأن المواتاة للتخفيف فقط ، ولا يصح أن تكون الواو خالصة في المشتقات ، مستدلاً على أنه يقبح أن تقول : أتانا إتيانة واحدة بل لا بد أن تقول : أتانا آتياً وآتية واحدة وإتياناً (1) .
التصوير الفني :
لا يوجد ما نقف عنده بل البيت الثالث مقحم على الأبيات الأخرى وليس في جميعها صورة بلاغية تستحوذ القارئ .
الشرح والمعنى : واضحة معالمها .
الحكمة :
عظة وإرشاد وتذكير بالموت ومآل الحياة ، ومقارنة بين الموت والحياة ، وإن الحياة ذاهبة إلى الزوال والشتات وأن الأحياء سرعان ما ينسون الموتى ، ترى هل تستحق هذه الدنيا الاهتمام بها والحرص على تحصيل متاعها واقتنائها .
النسبة : سبق الحديث عن النسبة فلا نكرر ونستبعد صدورها عن الإمام الحسين عليه السلام .
الإقتباس :
وما يناسب البيت الأول ما ينسب إلى أمير المؤمنين عليه السلام من مجزوء الكامل أيضاً :
دنياً تحـول بأهلهـا في كل يـوم مرتين
فغدوهـا لـتجـمـع ورواحها لشتات بين (2)
ويقول في أخرى من مجزوء الكامل :
أي اجتماع لم يصر لتشتة منه اجتماعه (3)
وأما عما يتركه الإنسان بعد رحيله من هذه الدنيا فيقول عليه السلام من البسيط :
أموالنا لذوي الميراث نجمعها ودورنا لخراب الدهر نبنيها (4)

(1) الكتاب لسيبويه : 2/ 312 .
(2) روائع الحكم : 84 .
(3) روائع الحكم : 174 .
(4) روائع الحكم : 170 .
دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 280

يقول أبو العتاهية من الكامل :
أيا باني الدنيا لغيرك تبتني ويا جامع الدنيا لغيرك تجمع (1)
ويقول في أخرى من مجزوء الكامل :
ترك الأحبة بعده يتلذذون بماله (2)
ويقول لبيد بن ربيعة (3) من الطويل :
وما المال والأهلون إلا وديعة ولا بد يوماً ان ترد الودائع (4)
ويقول عن تناسي الأحبة له من الطويل أيضاً :
إذا انقطعت عني من الـعيش مدتي فإن غناء الـباكـيـات قـليل
سيعرض عن ذكري وتنسى مودتي ويحـدث بعدي للخليل خليـل (5)
ويقول أيضاً في أخرى من الكامل :
لا تحسبوا أن الأحبة لم يسغ من بعدكم لهم الشراب ولا الطعام
كلا لقد رفضوكم واستبدلوا بكم وفرق ذات بينكم الحمام
والخلق كلهم كذاك وكل من قد مات ليس له على حي ذمام (6)
وأخيراً : فإنه يحمل إلينا المواعظ كبقية الخماسيات مع تلك الفرضيات .

(1) ديوان أبي العتاهية : 144 .
(2) ديوان أبي العتاهية : 234 .
(3) لبيد بن ربيعة : هو حفيد مالك العامري المتوفى عام 41 هـ ، أحد الشعراء الفرسان في الجاهلية ، أسلم على يد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، وأحد أصحاب المعلقات ، سكن الكوفة ، جمع شعره في ديوان .
(4) ديوان لبيد بن ربيعة : 89 .
(5) ديوان أبي العتاهية : 221 .
(6) ديوان أبي العتاهية : 238 .
دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 281


قافية الثاء


وفيها مقطوعة واحدة :
1ـ المكسورة 5 ابيات (16) ايها المغرور


دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 282




دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 283

الثاء المسكورة
(16)
أيها المغرور
1ـ لمن يـا أيهـا المغرور تحـوي من الـمـال المـوفر والأثـاث
2ـ سـتمضي غير محمـود فريداً ويخلـو بعل عرسـك بالـتراث
3ـ و يخذلك الـوصي بلا وفـاء و لا إصـلاح أمـر ذي انتكـاث
4ـ لقد وفـرت وزراً مـرحينـاً يسد عليـك سـبـل الإنبعـاث
5ـ فمـا لك غير تقـوى الله حرز وما لك عليك دون ربك من غياث
* * *
البحر :
الوافر ( مفاعلتن ×6) إلا أن عروضه وضربه مقطوفان وتفعيلتهما تكون على « فعولن » ، وأما الحشو فدخل على بعض تفاعيله العصب فأصبحت « مفاعيلن » .
القافية : من المتواتر حيث حركة حرف الروي تشبع .
سبب الإنشاء : غير واضح كما تقدم الحديث عن ذلك في المقدمة .
التخريج :
على أربعة أنواع حسب النسبة وهي :
1ـ نصح الأبرار : 3 ، كتاب المخمسات ، وعنها أدب الحسين وحماسته : 48 ، شرح أشعار الحسين : 12 ، جمال الخواطر : 3/ 10 ، وعنه ديوان الحسين بن علي : 124 ، وعنه الألفين في حديث الحسن والحسين : 3/ 300 .
2ـ الكشكول للبهائي : 251 ، وعنه عبير الرسالة : 71 ، ديوان المعصومين ، التحفة السجادية ، ديوان السجاد ، ناسخ التواريخ ( حياة السجاد 1/ 352 ) .
3ـ ديوان قطب الدين زين العابدين .
4ـ مجلة مجمع اللغة العربية ( الدمشقية ) : 3/ السنة : 51 /

دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 284

الصفحة : 580 ، التاريخ : رجب : 1396 هـ ، عن القصيدة الإفريقية الورقة : 5 .
عدد الأبيات : لا خلاف في أنها خمسة .
السند : مرسل .
الراوي : تقدم الحديث عن هذه المخمسات .
النسخ :
جاء في العبير : « تجني » بدل « تحوي » رغم عدم مطابقته للكشكول الذي نقل عنه . جاء في الكشكول « فريد » وهو تصحيف ، وجاء في المجلة : « وتجلو من عرينك » إلا أنه احتمال الكاتب حيث وجد في الأصل فراغاً ، وفي الكشكول « بعد » بدل « بعل » .
جاء في المجلة من الاحتمال : « فلا وفاء ‌» كما جاء « ذي انبثاث » وفي الكشكول : « ذي المياث » ، وفي الشرح « ذي التياث » .
وأما قوله : « أوفرت » فجاء في الكشكول « وقرت وزر أمر » وفي الأدب : « أوفرت » وفي المجلة والشرح : « وزراً مرجحناً » وفي الأدب : « مرجحينا » ، وجاء في المجلة والكشكول والشرح والديوان « ولا وزر وما لك من غياث » .
الإعراب :
قوله « لمن » جار ومجرور متعلق بالفعل المتأخر تحوي ، وإنما قدم وجوباً لاقتضاء الاستفهام ذلك .
وأما قوله « غير » فهو حال للفاعل وكذلك « فريداً » حال منه ، ومن قرأه « فريد » بالضم لعله قدر كونه خبراً لأنت مقدراً وتكون الجملة في محل نصب حالاً من الفاعل ، والألف واللام من التراث إنما جيء بها كبديل عن المضاف إليه إذ الأصل تراثك .
وقوله : « بلا وفاء » يمكن أن يقع حالاً من فاعل يخذل كما يجوز غير ذلك أيضاً .
وقوله : « إصلاح » مضاف إلى معموله « أمر » ، والتقدير إصلاح الوحي أمراً على فرض أعمال المصدر « إصلاح » .
قوله : « مر حيناً » فعل وفاعل ومفعول ، وأما على رواية « وزراً
دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 285

مرجحنا » فالثاني صفة للأول الذي هو مفعول للفعل الذي قبله على اختلاف الروايات .
قوله : « لك » خبر مقدم مبتدؤه حرز ، وقيل غير ذلك أيضاً كأن يكون فاعلاً للظرف .
اللغة :
المغرور : اسم مفعول للغرور وهو الخدعة ، والمغرور هو المخدوع بسذاجته عن حقيقة الدنيا ومآلها يقول الشاعر من البسيط :
إن امـرءاً غـره منكن واحدة بعدي وبعدك في الدنيا لمغرور (1)
واغتر فلان ، قبل أن يكون مغروراً ، والغر الساذج اللين الانقياد .
وقوله « تحوي » بمعنى تجمع ، وأما الموفر : هو ما توفره لنفسك أو لمن معك من غير أن تؤدي حقه ، والأثاث : رياش البيت ، قال الجوهري (2) هو متاع البيت ، وقال الفراء (3) : لا واحد له من لفظه ، وقال أبو زيد (4) الأثاث جمع وهو البقر والغنم والإبل والبعير ، والمتاع هو الواحدة .
قوله : « ستمضي » أراد ستنتقل .
والمحمود هو المرضي ، والبعل : الزوج ، والعرس : المرأة والزوجة ، ويقال للمرأة بعل وبعلة كزوج وزوجة ، والتراث

(1) لسان العرب : 10 / 41 .
(2) الجوهري : هو إسماعيل بن حماد الفارابي ، المكنى بأبي نصر المتوفى بنيسابور عام 393 هـ أثر تجربته للطيران ، كان اعجوبة زمانه ومن الأذكياء ، أصله تركي من فاراب ، ولع باللغة العربية وأسرارها ، له مؤلفات منها : الصحاح ، العروض ، مقدمة النحو .
(3) الفراء : هو يحيى بن زياد بن عبد الله الاسلمي الكوفي ( 144 ـ 207 هـ ) كان من أئمة النحو واللغة وفنون الأدب ، توفي في رز بطريق مكة ، وكانت ولادته بالكوفة ، انتقل إلى بغداد وعهد المأمون العباسي تربية ابنيه إليه ، له مؤلفات جمة وجليلة منها : آلة الكتاب ، مشكل اللغة ، معاني القرآن .
(4) أبو زيد :
دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 286

والميراث واحد ، وأصله بالواو و « ورث » (1) وهو أن يكون الشيء لقوم ثم يصير إلى آخرين بنسب أو بسبب (2) ، وفي القرآن الكريم : « وتأكلون التراث أكلاً لما »(3) أي تأكلون الميراث جمعاً بمعنى أنهم يلمون الميراث ويأكلـونـه بشدة ونهم (4) ، وقال الله تعالى أيضاً : « ولله ميراث السماوات والأرض » (5) .
وأما الخذلان فهو ترك النصرة والقعود عنها ، يقال ظبية خذول إذا بقت عن تعهد ولدها .
والوصي : من يوكل إليه تدبير المال بعد موت الرجل بالشكل المطلوب من توزيع التراث وسداد الديوان ، والعناية بمن يترك في عهدته ، والوفاء : أراد أن ينفذ حسب ما أوصيت .
وأما الانتكاث : فهو من الفعل نكث الدال على الانتقاض ، وانتكث الشيء تفككت عراه ، والنكيثة إخلاف الوعد وهو خلاف الوفاء ، والالتياث مثل التفاف وزناً ومعنى من الفعل « ليث » وأصله نبات ملتف ، والمعنى أمر مختلط وملتبس ، والانبثاث من الفعل « بث » ، والبث : الشتات ، وبث الشيء فرقه .
والمياث : من الفعل « ميث » بمعنى أذاب ، والكل صحيح وزناً ومعنى .
وأما قوله : « وفرت » وفي بعض الروايات « أوفرت » كلاهما من الفعل « وفر » إلا أن الأول من باب التفعيل والثاني من باب الأفعال ، فالأول يدل على الكثرة والمبالغة ، والثاني فهو لمجرد التعدية أو لوصول وقت الفعل ، وبما أن وفر الذي بمعنى كثر لازم فتعديه كان بانتقاله إلى باب المزيد ، وأما « وقرت » فهو من

(1) كما في تجاه حيث ان أصله وجاه .
(2) راجع المقاييس : 6 / 105 .
(3) سورة الفجر ، الآية : 19 .
(4) راجع التبيان : 10 / 346 .
(5) سورة آل عمران ، الآية : 180 وسورة الحديد ، الآية : 10 .
دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 287

الفعل « وقر » المأخوذ من الوقر وهو الحمل ، يقال نخلة موقرة إذا كانت ذات ثمر كثير .
والوزر : هو الإثم والذنب ، والفرق بين الإثم والذنب أن الأول في أصل اللغة التقصير ومنه قول الأعشى من المتقارب :
جمالية تغتلي بالرداف إذا كذب الآثمات الهجيرا (1)
أراد المقصرات ، ولذا سمي الخمر إثماً لأنها تقصر بشاربها لذهابها بعقله ، والذنب هو ما يتبعه الذم أو ما يتتبع عليه العبد من قبيح فعله وذلك أن أصل الكلمة الاتباع ويجوز أن يقال : الإثم هو القبيح الذي عليه تبعة ، والذنب هو القبيح من الفعل ولا يفيد معنى التبعة ولهذا يقال للصبي قد أذنب ولم نقل قد أثم ، والأصل في الذنب الرذل من الفعل . وأما الوزر فهو يفيد أنه يثقل صاحبه ، وأصله الثقل ، ومنه قوله تعالى : « ووضعنا عنك وزرك الذي انقض ظهرك » (2) وقال جلا وعلا : « حتى تضع الحرب أوزارها » (3) أراد أثقالها وهو السلاح ، وقيل غير ذلك أيضاً .
وأما قوله « مر حيناً » فواضح ولكن في بعض الروايات : « مرحجيناً » وهو المائل الثقيل (4) ومعنى الوزر المرحجن الحمل الثقيل .
والانبعاث : الانطلاق قال الجوهري : انبعث أي أسرع ، ولعله أراد بالانبعاث البعث يوم القيامة .
وأما قوله : « الحرز » فهو الحفظ والصون ، فتقوى : أي مخافته حرز لك أي حفظ لشأنك وصون لأمرك دنياً وآخرة .
والغياث : أصله من المطر النازل من السماء الذي فيه خير وبركة

(1) فروق اللغة : 15 .
(2) سورة الانشراح ، الآية : 2 ـ 3 .
(3) سورة محمد ، الآية : 4 .
(4) راجع شرح أشعار الحسين : 14 عن المجمل .
دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 288

للناس ، يقال : جادنا غيث ، وغثنا أي أصابنا الغيث وهو المطر (1) ، وأما على رواية العجز بالشكل التالي : « ولا وزر وما لك من غياث » فالوزر : هو الملجأ .
التصوير الفني : لا يوجد فيه ما يستوقفنا .
الشرح والمعنى : بعد ما قدمنا ليس لدينا ما نقدمه .
الحكمة :
الشاعر يضع النقاط على الحروف ليبين غرور الإنسان في هذه الدنيا حيث يوفر المال والمتاع والأثاث ثم يتركه ليرحل عن هذه الدنيا غير مأسوف عليه ويمضي وحده ليواجه نتائج فعلته في الدنيا ويخلفه غيره على زوجته وعلى تراثه ، وتركته ، حيث يقارن العالمين ـ الحياة والموت ـ أحدهما الآخر وما يجري فيهما .
النسبة : كأخواتها لا نرجح نسبتها إلى الإمام عليه السلام .
الإقتباس :
ومما يناسب هذه الأبيات ما ينسب إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب من الطويل :
لقد خاب من غرتـه دنياً دنية وما هي إن غرت قروناً بطائل (2)
ويقول زيادة بن زيد العذرى (3) من الطويل :
وإن الـتقى خير الـمتاع وإنما نصيب الفتى من ماله ما تمتعا (4)
ويقول أبو العتاهية من الطويل :
تزود من الدنيا التقى والنهى فقد تنكرت الدنيا وحان أنقضاؤها(5)
وأخيراً : فالنتائج كسابقاتها دون زيادة ولا نقيصة .

(1) راجع الصحاح مادة غيث .
(2) روائع الحكم : 107 .
(3) زيادة بن زيد العذرى : هو حفيد مالك بن عامر بن مرة الحارثي كان من شعراء القرن الأول الهجري قتله هدبة بن خشرم المتوفى عام 50 هـ ، في حرب استعرت بين بني قرة رهط زيادة وبين بني عامر رهط هرمة .
(4) مجموعة المعاني : 1/ 12 من الأغاني : 11 / 169 .
(5) ديوان أبي العتاهية : 11 .
دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الابوذية ـ 2 421

النقد

انطلاقاً من مبدأ أنّ الكمال لله وحده جلّ وعلا نرحّب بكل نقد بنّاء يردنا ، وسيؤخذ بعين الاعتبار في سير عملنا إنشاء الله تعالى ، كما وسيثبت نصه في الجزء الأخير من الموسوعة المسمى بالخاتمة والمخصص للتقريظ والنقد ونحوهما .

دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الابوذية ـ 2 422

نداء

نهيب بذي القلوب النابضة بالعلم والثقافة ، ونستمد العون من أرباب الفضل والمعرفة لتزويدنا بما لديهم من معلومات حسينية لاسعاف هذه الموسوعة «دائرة المعارف الحسينية» التي تولت دراسة كل ما له علاقة بالإمام الحسين عليه السلام ونهضته المباركة وأنصاره الكرام ، والتفضل بإرسالها على العنوان التالي :
Hussaini Encyclopedia
P.O Box 925
London Nw2 4pz
أو على رقم الفاكس (لندن) Fax : 0181 - 2081140 .


السابق السابق الفهرس