دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 264




دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 265


قافية التاء


وفيها ثلاث مقطوعات :
1ـ المكسورة 2 بيتان (13) جود الدنيا
2ـ المكسورة 1 بيت واحد (14) اشتياق الموت
3ـ المكسورة 5 أبيات (15) العاقبة

دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 266




دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 267

التاء المسكورة
(13)
جود الدنيا
1ـ إذا جادت الدنيا عليك فجد بها على الناس طراً قبل أن تتفلت
2ـ فلا الجود يفنيها إذا هي أقبلت و لا البخل يبقيها إذا ما تـولت
* * *
البحر :
طويل ( فعولن مفاعيلن ×4 ) إلا أن القبض دخل على عروضه وضربه فأصبحت بذلك مفاعيلن « مفاعلن» وأما في الحشو فأجازوا دخول القبض على فعولن لتصبح « فعول » ، ولا يخفي أن التفعيلة قبل العروض والضرب جاءت مقبوضة إلا قبل الضرب من البيت الثاني فقد جاءت سالمة على خلاف العادة .
القافية : من المتدارك وذلك بإشباع حرف الروي التاء .
سبب الإنشاء :
أنشدها في جواب من استكثر عطائه لأبي عبد الرحمان السلمي (1) حين علم أحد أبناءه سورة الحمد ، حيث ذكر ابن شهر آشوب بأن السلمي علم ابناً للحسين عليه السلام سورة الحمد فقرأها أمامه فأعطاه ألف دينار ، وألف حلة (2) وحشا فاه دراً (3) فقيل له في ذلك : وأين يقع هذا من عطائه ؟ يعني تعليمه ، فأنشد البيتين .
التخريج : مناقب آل أبي طالب : 4 / 66 ، وعنه بحار الأنوار : 44/ 191

(1) أبوعبد الرحمان السلمي : في المصدر عبد الرحمان السلمي ألا أنه تصحيف حسب ما توصلنا إليه وهو أبو عبد الرحمان عبد الله بن حبيب السلمي المضري أحد التابعين وثقاتهم صحب أمير المؤمنين عليه السلام وسمع منه وهو من خواصه ، وكان عاصم أحد القراء السبع قرأ عليه ، من أعلام القرن الأول الهجري ـ راجع الكنى والألقاب : 1/ 115 ، وبحار الأنوار : 41 / 149 .
(2) الحلة : بالضم إزار ورداء ولا تسمى حلة حتى تكون ثوبين ـ مختار الصحاح : 168 .
(3) الدر : بالضم واحدة الدرة وهي اللؤلؤة .
دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 268

وعوالم العلوم : 17 / 64 وأعيان الشيعة : 1/ 579 ، وأئمتنا : 1/ 222 ، وأدب الحسين : 17 ، وعبير الرسالة : 48 ، وديوان الحسين ابن علي : 122 .
عدد الأبيات : لا خلاف في أنه أنشأ بيتين .
السند : جاءت مرسلة .
الراوي : أول من رواها هو ابن شهر آشوب المتوفى عام 588 هـ .
النسخ : في الديوان جاء « يغنيها » بدل « يفنيها » إلا أنه تصحيف .
الإعراب : « إذا » شرقية وجوابها « فجدبها » شرطية .
اللغة :
الجود هو البذل ومنه المثل : « غاية الجود بذل الموجود » ، والفرق بين الجود والكرم أن الأول سعة العطاء وكثرته من غير سؤال سواء كان من طيب نفس أم لا ، ويقال للمطر الغزير الواسع جوداً ، والكرم إعطاء الشيء عن طيب نفس قليلاً كان أو كثيراً ، وأما السخاء : فهو أن يلين الإنسان عند السؤال ويسهل مهره للطالب ، ومنه قولهم : سخوت النار إذا ألينتها ، وسخوت الأديم : لينة وأرض سخاوية : لينة ، ويقال للفرس جواداً لكثرة عطائه في الجري ، وهناك من وضع بعض الرتب بينها : فالسخاء : هو أن يعطي المرء بعض ما لديه ويبقي لنفسه البعض ، والجود هو بذل الأكثر والإبقاء على الأقل لنفسه ، والكرم هو إعطاء كل ما لديه .
وقوله « تتفلت » أي تزول شيئاً فشيئاً ولكن بسرعة لا بتأن وهو من الجذر « فلت » الدال على التخلص من الشيء بسرعة (1) ويقال : « كان الأمر فلتة » إذا لم يكن عن تدبر ولا رأي ، وافتلت الإنسان إذا مات فجأة فالتفلت يوازي الفناء والتولي ، ويضاد الإقبال .
وأما قوله : « أقبلت » فمأخوذ من الإقبال الدال على مواجهة شيء لشيء ، ومقدمة أي شيء خلاف مؤخرته ، ولذا قالوا في أمثالهم :

(1) المقاييس : 4 / 448 .
دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 269

« لا يعرف قبيلاً من دبير» (1) أي هو جاهل لا يعرف شيئاً ، والقابلة : الليلة المقبلة ، وإقبال الدنيا وإدبارها من هذا ، وفي حديث علي أمير المؤمنين عليه السلام : « إذا أقبلت الدنيا على أحد أعارته محاسن غيره وإذا أدبرت عنه سلبته محاسن نفسه » (2) ولك أن تقول : أدبرت وتولت في البيت بمعنى متقارب ، ولذا جاز أن يكون « أقبلت » مضاداً لـ « تولت » ويتضح هذا في مثل قولك : أقبل فلان على فلان ، أي : واجهه أو قام بصلته ، فأما تولى عنه فمعناه أعرض ، وفي القرآن الكريم : « وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم »(3) أي أن تعرضوا عن الإسلام ، وكذا في قوله تعالى : « عبس وتولى » (4) فمعناه قبض وجهه وأعرض (5) .
التصوير الفني :
ثمة مقابلة جميلة بين « يفنيها » و« يبقيها » وأخرى بين « تنفلت » و « تولت » و « أقبلت » و « تولت » وهي مقابلات موظفة بدقة لتقريب المعنى وإيصاله إلى أذهان الآخرين بأيسر طريق ، وفي هذه المقابلات ثمة علاقات تضاد وعلاقات توازن ، فالفناء ضد البقاء ، و « أقبلت » ضد « تولت » أما « تنفلت » فهي موازية لـ « تولت » ، كما أن الجود يضاد البخل .
الشرح والمعنى :
واضحة معالمها حيث يريد القول : بأن المرء يجب أن يكون جواداً كريماً وأن الجود لا يفني الدنيا حين إقبالها على الفتى ، كما أن البخل لا يبقيها حين تتولى عنه .
الحكمة :
إن الغرض هو الوعظ والإرشاد حيث يضع النقاط على الحروف ويريد بيان ما يلي : إن جود الدنيا لا بد وأن يقابله الجود بها ، وإن إقبال الدنيا الذي لا يفنيه الجود بها ، ويقابله إدبارها الذي لا يبقيها حين تتولى ، والدنيا تتسرب من يد المرء كما يتسرب التراب من كفه .

(1) المستقصى : 2/ 146 .
(2) نهج البلاغة : 660 / القصار : 8 .
(3) سورة محمد ، الآية : 38 .
(4) سورة عبس ، الآية : 1 .
(5) راجع التبيان : 10 / 268 .
دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 270

النسبة :
لم يشكك أحد في نسبتها إلى الإمام الحسين عليه السلام رغم إرسالها ، ومضامينها وتركيبتها البلاغية لا تنافي النسبة إلى المعصوم عليه السلام ، فتظل النسبة إليه قائمة ما دام لم ينقظها شيء . نعم إن وجود البيتين التاليين منسوباً إلى أبيه الإمام أمير المؤمنين عليه السلام يضعف نسبتهما إليه بل ينفيهما ، وقد ذكر ابن طلحة (1) في القسم الذي خصصه بالكلام المنظوم للإمام أمير المؤمنين عليه السلام ، وقوله عليه السلام :
إذا جادت الدنيا عليك فجد بهـا على الخلق طراً إنهـا تتقلب
فلا الجود يفنيها إذا هي أقبلت ولا البخل يبقيها إذا هي تذهب (2)
وقد أوردهما كل من جمع شعر أبي تراب حسب ما اطلعنا عليه (3) إلا الأمين (4) الذي اهتم يجمع ما يطمئن إلى أنه من إنشائه ، مما يدل على عدم اطمئنان نسبتهما إلى الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ، ومن الملاحظ اتحادهما مع ما نسب إلى نجله الإمام الحسين عليه السلام ، وأما تحوير قافيتهما فلا يدل على عدم اتحادهما بل يدل على أحد أمرين : اختلاف الرواية ، أو أنه جاء من فعل الإمام الحسين عليه السلام وهذا متعارف عليه ، وعلى أية حال فلا يمكن البت بالنسبتين إلا إذا ظهر ما يؤيد أحدهما أو غيرهما .
الإقتباس : ومما يناسب هذا الغرض ما ينسب إلى أمير المؤمنين عليه السلام من البسيط :

(1) ابن طلحة : هو محمد بن طلحة بن محمد العدوي النصيبي ( ـ 652 هـ ) .
(2) مطالب السؤل : 1/ 180 ونقل عنه المجلسي في بحار الأنوار : 75 / 89 .
(3) ومن تلك : ديوان الأمير جمع قطب الدين البيهقي : 16 ، ديوان الإمام أمير المؤمنين بخط حسين الحسني ـ المكتبة الظاهرية : 13 ، ديوان الإمام علي ـ مكتبة الأسد : 7 ، ديوان أمير المؤمنين إمام علي ـ المترجم إلى الفارسية : 62 ، روائع الحكم في أشعار الإمام علي بن أبي طالب : 51 ، إلى غيرها .
(4) الأمين العاملي : هو محسن بن عبد الكريم .
دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 271

لا تبخلـن بدنيـاً وهي مقـبـلـة فليس ينقصها التبذير و السرف
وإن تولت فأحرى أن تجـود بها فالجود فيها إذا ما أدبرت خلف (1)
وأخيراً : إذا كانت النسبة إلى الإمام المعصوم عليه السلام صحيحة فيمكن الاستدلال بكراهة الركون إلى الدنيا واستحباب إنفاق ما يحصل عليه المرء فيها .


(1) روائع الحكم : 51 .
دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 272

(14)
اشتياق الموت
1ـ إن لم أمت أسفاً عليك فقد أصبحت مشتاقاً إلى الموت
* * *
البحر :
الكامل (متفاعلن ×6) إلا أنه دخل على عروضه وضربه الحذذ (1)فأصبحت تفعيلته « فعلن ـ / / / ه » ، ولكن دخل على الضرب بالإضافة إلى ما تقدم الإضمار (2) فأصبحت التفعيلة فعلن ( / / / ه ) فعلن ( فـاعل ) ( / ه / ه ) ، وأمـا الحشو فدخل الإضمـار على ثلاث تفـاعيل منها فأصبحت مستفعلن ( / ه / ه / / ه ) وبقيت واحدة سالمة وهي الثانية .
القافية : من المتواتر وذلك بإشباع حرف الروي « التاء » .
سبب الإنشاء :
هو رثاء أخيه الإمام الحسن عليه السلام يوم موته في السابع من شهر صفر عام خمسين للهجرة بالمدينة المنورة حيث دفن في بقيع الغرقد وقد سبقت الإشارة إلى ذلك .
التخريج :
مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب : 4/ 45 ، وعنه بحار الأنوار : 44 / 160 ، وعنها الألفين في أحاديث الحسن والحسين : 3 / 299 .
عدد الأبيات : بيت واحد ، وبما أن المصدر واحد فلا خلاف في ذلك .

(1) الحذذ : هو إسقاط الوتد المجموع ( / / ه ) برمته كما في متفاعلن ( / / / ه / / ه ) فإذا سقط علن ( / / ه ) يصبح متفا ( / / / ه ) فينقلب إلى فعلن ( / / / ه ) .
(2) الإضمار : هو إسكان الثاني المتحرك كما في متفاعلن ( / / / ه / / ه ) أسكن الحرف الثاني فـأصبحت متفاعلن ( / ه / ه / / ه ) فقلبت إلى مستفعلن ( / ه / ه / / ه ) ، وكذلك فعلتن ( / / / ه ) بعد الإضمار تصبح فعلن ( فاعلْ ) ( / ه / ه ) .
دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 273

السند : مرسل حيث نسب إليه بقوله : « وله أيضاً » .
الراوي : لم تتجاوز الرواية عن ابن شهر آشوب .
النسخ : لا اختلاف في ذلك حيث ان المصدر واحد .
الإعراب : إن شرطية وجوابها « فقد أصبحت » .
اللغة :
الأسف هو الندم ، والاشتياق : إفعال من الشوق وهو الحب للشيء والهيجان إليه ، ونزوع النفس إلى الشيء ، وحركة الهوى ، والكل بمعنى العام واحد ، وإلا فإن هناك فوارق بسيطة بين الحب والود والعشق والشوق والوجد والهوى وما إلى ذلك لا مجال لشرحه هنا .
التصوير الفني :
يقدر أن يموت من الأسف كمرحلة أولية لما يكنه من الحب إلى أخيه ، ولكنه يأخذ بعين الاعتبار أنه إذا لم يمت بذلك الأسف فإنه مشتاق وتواق للقاء أخيه بالموت .
الشرح والمعنى :
لا زيادة على ما ذكرنا ، وباختصار فقد وصل أسفه وندمه إلى درجة هائلة بحيث أنه كان يتوقع أن يقتله ذلك الندم ، أما وأنه لم يمت من أسفه وندمه فإنه أصبح مشتاقاً إلى الموت .
الحكمة : رثاء الأخ لأخيه وبيان مدى معزته لأخيه وقساوة فراقه .
النسبة : لم يستنكر أحد نسبته إليه رغم إرساله ، وليس فيه ما يتنافى مع مقامه كمعصوم عليه السلام .
الإقتباس :
ومما يناسب المقام قول الخنساء في أخيها صخر من الوافر :
وما يبكـين مثل أخي ولـكن أعزي عنـه بالـتـأسـي
فـلا والله لا أنـسـاك حتـى أفارق مهجتي ويشق رمسي (1)
ويقول أبو تمام في رثاء أخيه من البسيط :
لم يبق من بدني جزء علمت به إلا وقد حله جزء من الحزن

(1) ديوان الخنساء : 85 .
دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 274

كـان اللحـاق به أهنى وأحسن بي من أن أعيش سقيم الروح والبدن (1)
ويقول ابن الرومي في رثاء ابنه الثالث من الكامل الأخذ :
تـالله لا تنـفـك لي شـجنـاً يمضي الزمان وأنت لي شجن
مـا أصبحت دنيـاي لي وطناً بل حيث دارك عندي الـوطن (2)
وأخيراً : فإذا تمت النسبة فنستعلم منها جواز الرثاء ، وجواز المبالغة .

(1) ديوان أبي تمام : 35 .
(2) أروع ما قيل في الرثاء : 44 .
دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 275

(15)
العاقبة
1ـ فعقبى كل شيء نحن فيـه من الجمع الكثيف إلى الشتات
2ـ وما حزناه من حل وحرم يوزع في البنين و في البنات
3ـ وفي من لم نـؤهلهم بفلس وقيمة حبـة قبل الـممـات
4ـ و تنسانا الأحبـة بعد عشر وقد صرنا عظامـاً باليـات
5ـ كأنا لـم نعـاشرهم بـود ولم يـك فيهم خـل مـؤات
* * *
البحر :
الوافر ( مفاعلتن ×6 ) إلا أن القطف دخل على عروضه وضربه فأصبحت التفعيلة « فعولن » ، كما دخل العصب على بعض تفاعيل الحشو فاصبحت : « مفاعلين » .
القافية : من المتواتر وذلك بإشباع كسرة حرف الروي التاء .
سبب الإنشاء : بشكل خاص لم يعرف .
التخريج :
على ما تقدم ينقسم إلى ثلاثة أنواع من المصادر :
1ـ نصح الأبرار : 2 ، كتاب المخمسات ، وعنهما أدب الحسين وحماسته : 47 ، شرح أشعار الحسين : 11 ، جمال الخواطر : 3/ 9 ، وعنه ديوان الحسين بن علي : 123 ، و عنه الألفين في حديث الحسن والحسين : 3/ 299 .
2ـ الكشكول للبهائي : 251 ، وعنه عبير الرسالة : 71 ، ديوان المعصومين ، التحفة السجادية ، ديوان السجاد : ناسخ التواريخ ( حياة السجاد 1/ 351 ) .
3ـ ديوان قطب الدين زين العابدين .
4ـ مجلة مجمع اللغة العربية ( الدمشقية ) : 3 / السنة : 51 / الصفحة :

دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 276

580 التاريخ : رجب 1396 عن القصيدة الإفريقية الورقة : 4 .
عدد الأبيات : كل المصادر ذكرتها خمسة كالعادة حيث إن هذه المجموعة جاءت خماسية على كل القوافي .
السند : تقدم الحديث عن ذلك فلا نكرر .
الراوي : تقدم الحديث عن ذلك فلا نكرر .
النسخ :
في المجلة « وعقبى » بدل « فعقبى » وفي الديوان « إلى شتات » بدون الألف واللام ، ولا يختل بذلك الوزن .
وجاء في المجلة : « يؤهلهم » بدل « نؤهلهم » .
وجاء في المجلة : « خير اللدات » بدل « خل مؤات » إلا أنه من احتمال المحقق حيث في الأصل عنده بياض .
الإعراب :
وجود الفاء أول الأبيات يدل على أن هذه الأبيات هي امتداد للأبيات الخمسة التي جاءت على نفس البحر ولكن بقافية الباء وقبلها الهمزة وقد تقدم الحديث عن ذلك ، قيل إن الفاء للتعليل ، وأما من قرأها بالواو فهي استئنافية ، وعلى أية حال فقوله : « فعقبى » في محل رفع على أنه مبتدأ وخبره « إلى الشتات » وأضيفت عقبى إلى كل ، ونحن مبتدأ وخبره « فيه » وهو في محل رفع على الخبرية .
وقوله : « وما حزناه » الواو للعطف وما موصولة ، وجملة وحزناه صلته .
وقوله : « مؤات » مخفف « مؤاتي » وهي مرفوعة لكونها صفة للخل الذي هو اسم يكن .
اللغة :
قوله « عقبى » هو كل شيء آخره ، والعاقبة والنتيجة والخاتمة ، وكل شيء يعقب شيئاً ، أي يأتي بعده فهو عقيبه ، والليل والنهار عقيبان ، كل واحد منهما عقيب صاحبه (1) ، وتدخل الكلمة في

(1) العين : 4/ 268 .
دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 277

أمثالهم بمعان مقاربة ، كقولهم : من أين جاء عقبك (1) أي من أين جئت ، وفلان موطأ العقب (2) أي كثر أتباعه ، ومنه حديث عمار ابن ياسر (3) وقد وشى به أحدهم إلى عمر بن الخطاب فقال عمار ( اللهم إن كان كذب فاجعله موطأ العقب ) دعا عليه أن يكون ذا مال أو سطوة يتبعه الناس ويمشون وراءه فيتحمل آثامهم إضافة إلى آثامه (4) .
الجمع : مصدر بمعنى المفعول .
الكثيف : المتكثر ، الكثير .
الشتات : التفرق .
وقوله : الحيازة مصدر حاز بمعنى جمع وضم الشيء وحصل عليه ، ومن ضم إلى نفسه شيئاً فقد حازه .
والحل : بكسر الحاء والحلال مرجعهما إلى الفتح والإباحة ، كما في قولك : حللت العقدة أي فككتها ، وفي أمثال العرب : يا عامد اذكر حلا (5) ، فالحل هو المباح ويقابله الحرم بالكسر وهو الحرام الممنوع فعله والحرم أمعن من الحرام دلالة ، قال ابن فارس (6) : « والحلال ضد الحرام ، وهو من الأصل الذي ذكرناه

(1) مجمع الأمثال : 2/ 208 .
(2) المستقصى : 2/ 114 .
(3) عمار بن ياسر : حفيد عامر الكناني المذحجي ( 57 ق . هـ ـ 37 هـ ) من الولاة الشجعان وذوي الرأي واحد السباقين إلى الإسلام والجهر به ، هاجر إلى المدينة وشهد عدداً من الغزوات مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، لقبه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : « بالطيب المطيب » وهو أول من بنى مسجداً في الإسلام وهو مسجد قبا في المدينة ، ولي الكوفة أيام ابن الخطاب ، شهد الجمل وصفين مع علي عليه السلام وقتل في الثانية ـ الأعلام للزركلي : 5 / 365 .
(4) راجع المقاييس : 4/ 83 ولسان العرب : 15 / 334 .
(5) مجمع الأمثال : 2/ 298 .
(6) ابن فارس : هو أحمد بن فارس بن زكريا القزويني ( 329 ـ 395 هـ ) ولد في قزوين وتوفي في الري ، كان إماماً في علوم شتى وخصوصاً اللغة حيث اتقنها وكان قد =
دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 278

كأنه من حللت الشيء إذا أبحته وأوسعته لأمر ما (1) ، وأما حرم الحرام فمن المنع والتشديد ، وفي قوله تعالى : « وحرام على قرية أهلكناها » (2) قرء أيضاً « وحرم » (3) فالشاعر استخدم هذه بدلاً عن تلك .
قوله : يوزع بتقدير سوف يوزع ، والتوزيع هو التقسيم ، وبينهما بعض الفروق كما لا يخفى .
وأما قوله : « الفلس » وحدة نقدية صغيرة سميت بالفلس لشبهها بفلس السمك في استدارته .
وأما قوله « عشر » أراد الأيام العشر ولا خصوصية له .
والباليات : جمع البالي وهو الرث الفاني ، والعظام الباليات المنسحقات النخرات .
وأما قوله « الخل » فهو الصاحب والصديق ، والفرق بين الصداقة والخلة ان في الأولى اتفاق الضمائر على المودة فإذا أضمر كل واحد من الرجلين مودة صاحبه فصار باطنه فيها كظاهره سميا صديقين ، والخلة هو اختصاص بالتكرم ولذلك قيل لإبراهيم عليه السلام خليل الله ولا يقال صديق الله .
والمواتاة : حسن المطاوعة والموافقة وأصلها الهمز ، فخفف حتى صار يقال بالواو الخالصة (4) ، ومنه الحديث « خير النساء المواتية » (5) وللنحويين رأي غير هذا ، حتى أن سيبويه (6) قد عبر

= أخذها عن أبيه الفقيه بها ، له كتاب المجمل في اللغة ، حلية الفقهاء ، مسائل في اللغة .
(1) المقاييس : 2/ 20 .
(2) سورة الأنبياء ، الآية : 95 .
(3) وهي قراءة حمزة والكسائي وغيرهما كما في تفسير أبي حيان : 6 / 338 .
(4) المحكم لابن سيدة : مادة أتى .
(5) النهاية لابن الأثير : مادة أتى .
(6) سيبويه : هو عمرو بن عثمان المتوفى عام 194 هـ ، مضت ترجمته .

السابق السابق الفهرس التالي التالي