دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 250

بسكون الجيم وإلا لما استقام الوزن .
القافية :
تارة جاءت من المتدارك ( ه / / ه ) كما فيما إذا كانت التفعيلة سالمة أو مخبونة ، وتارة جاءت من المتراكب (1) ( ه / / / ه ) فيما إذا كانت مطوية ، وهذا غير مستحسن ، يؤدي إلى ضعف النظم ، ولا يخفى أن خمساً منها جاءت على المتراكب وأربعاً على المتدارك .
سبب الإنشاء :
لم تذكر المصادر لنا شيئاً عن سبب إنشاءه أو إنشاده هذه الأبيات إلا ما يفهم منها أنه أراد بيان موقعه والافتخار بذلك ، وظاهر استخدامه لهذا البحر « الرجز » وتصديره بقوله : « أنا الحسين ابن علي بن أبي طالب » يوحي بأنه أنشأها في معركة ما ، وللعلم فإنه لم يشترك حسب الظاهر إلا في صفين ومعركة الكرامة بكربلاء ، ولكن المؤلفات التي تحدثت عن صفين ، والمقاتل التي تحدثت عن يوم الطف خالية من مثل هذا الرجز ، ولكن أكثر الظن أنه أنشأها في حرب صفين عام 37 هـ حيث كان على عشرة آلاف مقاتل ، هذا إن كانت النسبة إليه صحيحة .
التخريج :
كشف الغمة : 2/ 248 ، وعنه بحار الأنوار : 75 / 124 ، وعنهما أدب الحسين وحماسته : 23 ، عبير الرسالة : 46 ، وأخيراً ديوان الإمام الحسين : 121 ، ثم الألفين في حديث الحسن والحسين : 3/ 297 ، هذا وقد جاء في أدب الحسين أنه نقل الأبيات عن كتاب تهذيب تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ، إلا أنه غير صحيح حيث أن الأبيات لم ترد في تاريخ دمشق ولا تهذيبه .
عدد الأبيات : لا خلاف في عددها حيث ان المصدر الرئيس واحد .
السند : لا وجود له ، وعليه فإنها مرسلة .
الراوي : هو الأربلي أبو الحسن علي بن عيسى المتوفى عام 692 هـ وقد سبقت ترجمته .
النسخ : لا اختلاف فيها .

(1) المتراكب : هو ما إذا توسطت بين الساكنين ثلاث حركات .
دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 251

الإعراب :
قوله « البدر » ظاهره أنه صفة للحسين ، وليست لعلي عليه السلام فعليه يكون مرفوعاً وإلا فلابد أن تكون مجرورة .
اللغة :
قوله « البدر » القمر ليلة كماله .
وأما أرض العرب : إما المراد بها أرض المسلمين للغلبة ، وإما لأن الشاعر من العرب فخصص بدريته بالعرب .
عمرو : هو ابن عبد ود العامري ولد حدود عام 80 قبل الهجرة ، كان من شجعان المشركين قتله الإمام أمير المؤمنين عليه السلام عام 5 للهجرة في معركة خندق والذي فيه قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : « ضربة علي يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين » (1) وفي ذلك قالت أخت عمرو (2) من البسيط :
لـو كان قاتل عمرو غير قاتله لكنت أبكـي عليـه آخر الأبد
لكن قاتلـه من لا يعـاب بـه وكان يدعى قديماً بيضة البلد (3)
وقوله : « مبير » من الجذر « بري » بمعنى نحت وقطع ، ومنه في دعاء الافتتاح : « والحمد لله قاصم الجبارين ، مبير الظالمين ، مدرك الهاربين ، نكال الظالمين » (4) ولفظه مبير اسم فاعل بمعنى القاطع كناية عن القاتل اي القاطع لأوداجه أو لرقبته .
قوله : « مرحب » هو من أهالي خيبر (5) كان من رؤساء اليهود بخيبر خرج لحرب المسلمين في معركة خيبرعام 7 هـ فقتله

(1) علي من المهد إلى اللحد : 134 ، وروى الحاكم في المستدرك عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قوله : « لمبارزة علي بن أبي طالب لعمرو بن ود يوم الخندق أفضل من أعمال أمتي إلى يوم القيامة » .
(2) أخت عمرو بن عبد ود العامري : هي عمرة بنت عبد ود .
(3) فضائل الخمسة من الصحاح الستة : 2/ 359 عن مستدرك الصحيحين : 3/ 33 .
(4) أعمال شهر رمضان : 16 .
(5) خيبر : واحة في شمال المدينة المنورة كان يسكنها اليهود على أيام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فتحها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عام 7 هجرية .
دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 252

علي عليه السلام وهو الذي قال عنه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إني : « لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرار غير فرار لا يرجع حتى يفتح الله على يديه » (1) وفي ذلك قال حسان (2) فيما قال من الطويل :
فقال سأعطي الراية اليوم ضارباً كميا محباً للرسول مـواليـا
يحب إلـهي والإلـه يحـبـه به يفتح الله الحصون الأوابيا
فخص بها دون البريـة كلهـا علياً و سماه الوزير المواخيا (3)
قوله : « كشوف » جمع الكشف : وهو الظهور ويتحدد معناه حسب متعلقه وهنا متعلقه الكرب .
وأما قوله : « الكرب » بضم أوله وفتح ثانيه جمع الكربة وهي الحزن والمشقة ، وقوله : « مجلي » اسم مفعول من الجلاء : بمعنى الكشف وهو الظهور وكل المعاني تتشعب منه .
وأما قوله : العجب بفتحتين والعجب بالضم ثم السكون ، فالأول انفعال نفساني يعتري الإنسان عند استعظامه أو استطرافه ومنه كلمة عجيب ، وأما العجب فهو إنكار ما يرد عليك ، وله معنى آخر هو إعجاب الإنسان بنفسه (4) ، ولكن المعنى الأول لعله هو الأنسب لما نحن بصدده ، والفرق بين العجب والكبر أن العجب بالشيء شدة السرور به حتى لا يعادله شيء عند صاحبه فيقال معجب بنفسه إذا كان مسروراً بخصالها ، بينما الكبر هو إظهار عظم الشأن فهو من الله مدح ومن المخلوق ذم .
قوله : « ميراث النبي » أراد الخلافة .
قوله : « أوصى بحفظ الأقرب » حيث قال الله تبارك وتعالى : « قل

(1) راجع غزوات أمير المؤمنين : 139 ، ينابيع المودة : 1/ 47 .
(2) حسان بن ثابت الأنصاري مضت ترجمته .
(3) الغدير : 2/ 40 .
(4) العجب هذه حالة نفسانية قد تتولد من التكبر .
دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 253

لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى »(1) .
التصوير الفني :
ليس في الأبيات قوة بلاغية لجهات عديدة ، أولاً : حرف الروي لم تكن على شكل واحد كما عرفت عند الحديث عن القافية وجوازه في الرجز لا يدل على قوته ، بل العكس هو الصحيح ، ثانياً : أن تكرار القافية والتي لا يبيحه أصحاب الفن إلا بعد سبعة أبيات حيث تكرر في الأول والثالث من جهة والسادس والثامن من جهة اخرى والاعتذار بان الرجز لا يخضع لهذا الالتزام غير صحيح إذ الحديث ليس عن الجواز وعدمه بل عن القوة والضعف ، كما لا يعتذر له بأن القافية في الأول « أبي » والقافية في الثالث « أبي » يختلفان ، ففي الأول جزء من الكنية وهي تختلف عن الثاني ، إذ أن كلتيهما في الحاصل بمعنى واحد بالإضافة إلى أن قافية السادس والثامن متحدان في اللفظ والمعنى ، وثالثاً : إن الرجز الأول لم يكتمل لفظه إلا في حشو الرجز الثاني وذلك قوله « طالب » وهو عيب أن يقع في أي مقطوعة رجزية ، ورابعاً : استخدام كلمة « كشوف » جمعاً غير موفق فإذا أراد بها « انكشاف » فإن هذه اللفظة لا تعطي معنى تلك ، مضافاً إلى أن المعنى فيه مرتبك ولا يصح إلا بتكلف ، وخامساً أن التكرار في قوله : « أليس من أعجب عجب العجب » غير مستساغ حيث لا يحظى بأي جمال لفظي ولا يوحي إلى معنى بديع ، والتكلف باد عليه ، حاله أقل حالاً من البيت التالي من الرجز :
وليس قرب قبر حرب قبر وقبر حرب بمكان قفر (2)
والذي يلاحظ فيه تنافر الحروف .
وقد يحمل التكرار جمالية وإبداعاً كما في البيت التالي من البسيط :

(1) سورة الشورى ، الآية : 23 .
(2) شرح مختصر المعاني : 1/ 20 ، البداية والنهاية : 2/ 180 . وفيها جاء البيت الثاني مقدماً على الأول قيل هو من إنشاء الجان .
دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 254

كم عاقل عاقل أعيت مذاهبه وجاهل جاهل تلقاه مرزوقا (1)
الشرح والمعنى :
إنه يفتخر ، ويعرف نفسه بأنه البدر ، الذي يوصف به عادة كل من علا شأنه علماً وكمالاً ، كما في قول بديع الزمان الهمذاني (2) في ممدوحه (3) من الطويل :
هو البدر إلا أنه البحر زاخراً سوى أنه الضرغام لكنه الوبل (4)
ثم يذكر مناقب أبيه وشجاعته ، إلا أن في قوله : « كشوف الكرب » نوع من الكلفة للوصول إلى المعنى التالي الذي لعله يكون المراد : « قبل أن تنكشف كربة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وتوطد دعائم الإسلام الذي كان صلى الله عليه وآله وسلم حريصا على بناءها حتى لا يتزعزع كان علياً عليه السلام يدافع عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في حروبه مع الكفار والمشركين إلى أن استقر دين الله في النفوس فلم يعد للرسول صلى الله عليه وآله وسلم كربة » حيث يريد حصر صفة الكشف هذه في الإمام علي عليه السلام حين كان الرسول بحاجة إليه حيث لا ناصر له وكان الإسلام لا زال فتياً .
كما أن في قوله : « أليس من أعجب عجب العجب » تكلف للوصول إلى معنى يناسب المقام ، ولعله أراد أن يعقب على تلك

(1) شرح مختصر المعاني : 1/ 112 ، وجاء من الشعر المنسوب إلى الإمام أمير المؤمنين عليه السلام كما في روائع الحكم في أشعار الإمام علي بن أبي طالب : 43 والذي لم يذكره السيد محسن الأمين العاملي في ديوان الذي جمعه باسم ديوان الإمام أمير المؤمنين عليه السلام مما يدل على عدم قبول النسبة إليه وعلى أية حال فالاستشهاد ليس بقائله بل بما يحمله من التكرار غير المعيب وهو من البسيط :
العجز عن درك الادراك ادراك والبحث عن سر ذات السر اشراك
(2) بديع الزمان الهمذاني : هو أحمد بن الحسين بن يحيى ( 358 ـ 398 هـ ) إمامي شاعر أديب ، أحد أئمة الكتاب أخذ الحريري منه أسلوب كتابة المقامات ، ولد في همذان وتوفي في هراة 398 هـ ، من مؤلفاته : المقامات ، ديوان شعر ، 233 رسالة .
(3) ممدوحه : هو خلف بن أحمد السجستاني ( 326 ـ 399 هـ ) أمير سجستان في 350 هـ وبما أنه كان يحب العلم قرب العلماء أيام إمارته وانفق عليهم ، تنازل عن الإمارة لصالح ابنه الطاهر كرهاً وذلك عام 390 هـ ثم فتك بابنه الطاهر الذي كان وحيده إلا أن قواد جيشه حاصروه فاستسلم .
دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 255

الفضائل التي ذكرها للإمام علي عليه السلام أنه المقدم على غيره في تولي الأمر بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لأنه الوريث الشرعي والقريب منه بكل ما في الكلمة من معنى ومنها تلك الفضائل وبنص من الله دون الذين هم بعيدون عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، ولعله قصد جميع الذين حكموا بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أو أراد تخصيص معاوية بن أبي سفيان أكثر من غيره .
وهذا التفسير يتبع مورد إنشاءه أو إنشاده فإن كان في أمر خلافة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام فالمراد به كل من حكموا قبله وإن كان إنشاؤه في حرب صفين فالمراد به معاوية وإن كان إنشاؤه في معركة الطف فالمراد به يزيد بن معاوية من باب المصداق وتكون إشارته واضحة إلى من قبله أيضاً والله العالم .
الحكمة :
لا شك أن الغرض الظاهر هو الفخر ومطالبة حقوقه المغتصبة ، ولكن الغرض الأهم الذي يريد الوصول إليه هو إثبات أحقية الإمام أمير المؤمنين عليه السلام بالخلافة أولاً ، وبيان أن المواهب هي من وراء الوصول إلى سدة الحكم في الجانب الوضعي ، وبالنص في الجانب الإلهي .
النسبة :
إن الاضطراب العروضي واللغوي والبلاغي مضافاً إلى الإرسال في السند لا يشجع المرء إلى القول بأنها صادرة عن الإمام الحسين عليه السلام ، اللهم إلا أن يقال بأن التصحيف لعب دوره في الأمور الثلاثة الأولى ، والاضطهاد كان من وراء الأمر الرابع ، أو يقال بأنه قيل على لسان الحال ، والله العالم .
الإقتباس :
يقول علي أمير المؤمنين عليه السلام فيما ينسب إليه من الرجز في حرب صفين :
أنـاعلي و ابن عبد الـمطلب
نحن و بيت الله أولـى بالكتب
و بالنبي المصطفى غير الكذب
أهل اللواء والمقـام والـحجب (1)

(1) روائع الحكم : 157 .
دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 256

وينسب إليه أيضاً من البسيط متفاخراً :
أنـا علي وأعلى الـناس في الـنسب
بعد النبي الهاشمي المصطفى العربي (1)
وأخيراً : إذا ثبت صدوره عن الإمام المعصوم عليه السلام فيدل على ما يلي :
1ـ جواز الفخر بما هو واقع وحقيقة وبالآباء أيضاً .
2ـ جواز استخدام المجاز والتشبيه .
3ـ المواهب الشخصية هي الركيزة للوصول إلى سدة الحكم .
4ـ وجوب النص في الإمامة .

(1) روائع الحكم : 157 .
دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 257

(12)
التزود
1ـ يحول عن قريب من قصور مزخرفـة إلى بيت التراب
2ـ فيسلم فيـه مهجـوراً فريداً أحاط به شحوب الاغتراب
3ـ وهول الحشر أفظع كل أمر إذا دعي أبن آدم للحسـاب
4ـ وألفى كل صالحة أتـاهـا و سيئـة جناها في الكتاب
5ـ لقد آن الـتزود إن عقلنـا وأخذ الحظ من باقي الشباب
* * *
البحر :
هو الوافر ( مفاعلتن ×6 ) إلا أن القطف دخل عروضه وضربه فاصبحا « فعولن » كما دخل على بعض تفاعيل الحشو العصب فأصبحت « مفاعيلن » .
القافية : من المتواتر بإشباع حرف الروي الباء .
سبب الإنشاء : لم يرد شيء في هذا الاتجاه ولكن الظاهر هو مجرد الوعظ ولا حاجة ملموسة إلى الإنشاء .
التخريج :
لقد سبق الحديث عن هذه المجموعة الشعرية في المقدمة ثم في حرف الألف فلا حاجة إلى التكرار ، وأما المصادر التي أوردتها حسب الأسلوب المتبع فيها والمشار إليه في حرف الألف كالتالي :
1ـ نصح الأبرار : 1 ، كتاب المخمسات ، وعنهما أدب الحسين وحماسته : 47 ، شرح أشعار الحسين : 7 ، جمال الخواطر : 3 / 9 وعنه ديوان الحسين بن علي : 120 ، وعنه الألفين : 297 .
2ـ الكشكول للبهائي : 3/ 251 ، وعنه عبير الرسالة : 71 ، ديوان المعصومين ، التحفة السجادية ، ديوان السجاد . ناسخ التواريخ ( حياة السجاد 1/ 351 ) .

دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 258

3ـ ديوان قطب الدين زين العابدين .
4ـ مجلة مجمع اللغة العربية ( الدمشقية ) : 3 / 580 ، السنة : 51 / التاريخ : رجب 1396 هـ عن العقيدة الإفريقية الورقة : 2.
عدد الأبيات: لا خلاف في أنها خمسة .
السند : مضى الحديث عنه .
الراوي : تقدمت مناقشته .
النسخ :
في نسخة من الشرح : « تحول » بصيغة الماضي ، ولا شيء ، في المجلة : « ويسلم » بالواو بدل الفاء ، وفيه أيضاً « وحيداً » بدل « فريداً » .
وفي الأدب : جاءت الكلمة « سحوب » بالسين المهملة بدل « شحوب » بالشين المعجمة ، ولا معنى له .
وجاء في الكشكول : « وحول » بالحاء المهملة بدل الهاء وهو ظاهر التصحيف ولعله غلط مطبعي .
وفي الأصل الذي نقلت عنه المجلة « افضع » بالضاد المعجمة وهو تصحيف .
وجاء في الكشكول : « وألقى » بالقاف المثناة بدلاً من الفاء الموحدة وكلاهما بمعنى واحد ، ولكن جاء في أصل المجلة « فريد » وهو تصحيف .
في المجلة : « لو عقلنا » بدل « إن عقلنا » وكلاهما يصح .
الإعراب :
قوله « يمول » مبني للمجهول والضمير المستتر فيه يعود إلى القاطن المستفاد من الكلام ، ومزخرفة صفة للقصور ، وأما إضافة البيت إلى التراب فهو من إضافة العام إلى الخاص .
قوله : « فيسلم » الفاء عاطفة للتفريع ويسلم مبني للمجهول ، ومن اوردها بالواو فهو لمجرد الجمع ، إلا أن الفاء أنسب للمعنى ، وأما مهجوراً فهو منصوب على الحال لنائب الفاعل وهو ضمير مستتر يعود إلى القاطن ، وكذا الحال في قوله « فريداً » أو « وحيداً » . وأما « هول » فمرفوع على الابتداء لأنه خبر افظع ، و « ادم » مضاف إليه إلا أنه ممنوع من الصرف لعلتين العجمة والعلمية ، وإذا ظرف إما متعلق بالهول أو بأفظع والأول أقرب

دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 259

إلى المعنى ، والثاني أضبط للإعراب حيث لا يفصل بين المصدر ومتعلقه بالأجنبي كما لو كان متعلقاً بالهول .
وأما قوله : « صالحة » بتقدير كل أعمال صالحة ، وجملة اتاها في محل جر لتكون صفة لاعمال صالحة .
وأما قوله : « إن عقلنا » إن أداة شرط وعقلنا فعله ، وجملة لقد آن التزود جواب الشرط مقدم عليها للضرورة ، وأما « وأخذ » معطوف على التزود .
اللغة :
التحويل : هو الانتقال ، وأراد به الأنتقال المكاني ، والفعل هنا من باب التفعيل الدال على الكثرة .
وقوله « عن قريب » أراد عن زمان قريب .
القصر من المنازل : ما علا وارتفع ، والمزخرفة منها : ما زين وحسن .
والبيت : هو المسكن ، وجذر الكلمة مأخوذة من البيتوتة وهي الإقامة في مكان ليلاً ، وأراد ببيت التراب : القبر .
قوله : « يسلم » فيه مسامحة ، وظاهر اللفظ أنه فعل مضارع مجهول من سلم بالفتح يسلم بالكسر بمعنى ترك وفرغ ، إذ لا يصح أن يكون من باب التفعيل حيث لا يستقيم الوزن .
قوله « شحوب » هو اختطاف اللون ، ولا معنى هنا لسحوب بالمهملة كما ورد في بعض المصادر مغلوطاً حيث إن السحب بمعنى الجر وليس السحوب من مشتقاته ، كما أن الاغتراب ليس فيه سحب ولا سحوب .
والاغتراب : مضى تفسيره في اشتقاقات « غريب » ، وعلى كل فالمراد به هنا الابتعاد عن الأحبة ، والألف واللام جاءا عرضاً عن المضاف إليه والأصل : « اغترابه » .
وأما الهول فهو الفزع والخوف تقول يوم مهول : أي مخوف ، بل في الهول استعظام للخوف .
وقوله : « الحشر » أراد يوم الحشر أو عملية الحشر ، ويوم الحشر

دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 260

من أسماء يوم القيامة ، وإنما سمي بذلك لأنه يجتمع الناس ، والمحشر مكان تجمع القوم ومنه قوله تعالى : « ويوم نحشرهم جميعاً » (1) ، والفرق بين الحشر والجمع ، أن الحشر هو الجمع مع السوق وأما الجمع فهو مجرد ضم الشيء إلى الآخر فيقال جمع بين الأمرين ولا يقال حشر بينهما .
وقوله : « أفظع » أفعل تفضيل من الفظع وهو شدة الشناعة وتجاوز الحد المألوف ، وفظع بالأمر ومنه إذا هاله الأمر فلم يثق على تطبيقه ، ومنه قول لبيد (2) من الكامل :
وهم السعاة إذا العشيرة أفظعت وهم فوارسها وهم حكامها (3)
فقوله « أفظع كل أمر » أصله أفظع منه أي من الخوف الذي يعتريه في القبر ، وعلى أية حال ففيه معنى الإعراض والاستدراك والمعنى « بل هول الحشر أفظع » .
قوله : « ألفى » بمعنى وجد ومنه قوله تعالى في قصة النبي يوسف عليه السلام : « واستبقا الباب وقدت قميصه من دبر وألفيا سيدها لدى الباب » (4) .
والجني : قطع الثمر من الشجر ، وهنا كناية عن الافتراق والعمل . وأراد بالكتاب : صحيفة أعمال الإنسان والذي أشار إليه سبحانه وتعالى في عدد من الآيات منها : « وكل شيء أحصينـاه كتـابـا » (5) .
وأما قوله : « التزود » من باب التفعيل ، وأصل الكلمة مأخوذ من

(1) سورة يونس ، الآية : 45 .
(2) لبيد : هو ابن ربيعة بن مالك العامري المتوفى عام 41 هـ أحد الشعراء الفرسان في الجاهلية ، من أهل عالية نجد .
(3) ديوان لبيد : 180 .
(4) سورة يوسف ، الآية : 25 .
(5) سورة النبأ ، الآية : 29 .
دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 261

الزاد وهو ما يتخذ من الطعام للسفر ثم استخدم في غيره مجازاً ومن ذلك قول الله تعالى : « تزودوا فإن خير الزاد التقوى » (1) ، وقال جرير (2) من الوافر :
تزود مثل زاد أبيـك فينا فنعم الزاد زاد أبيك زادا(3)
وزاد الركب : الفرس ، وآن التزود أي حان وقت التزود .
قوله : « إن عقلنا » أراد ان أعملنا العقل ، والحظ : هو النصيب من الخير والفضل وما يحصل به من كمال النفس من المعارف والحكم والأخلاق الحميدة ، والمحظوظ من نال على الخير والفضل .
وأراد بباقي الشباب أي باقي أيام الشباب والحيوية .
التصوير الفني :
لا يوجد في الأبيات ما يمكن التركيز عليه حيث إنه لم يستخدم فيها أي نوع من أنواع البديع ولا المحسنات اللفظية بل إنها مجرد وعظ وتذكير بأسلوب نثري في قالب نظم .
الشرح والمعنى : فيها من الوضوح ما بها كفاية .
الحكمة : الوعظ وبيان مهاول القبر والبعث والنشور .
النسبة :
ليس في الأبيات ما ينافي كونها للإمام المعصوم إلا كونها ليست من عيون الشعر العربي ، واختلاف الأقوال في منشئها ، وعدم الدليل على هذه النسب ، بالإضافة إلى الإرسال من الناحية الروائية (4) .
ومجموع هذه الأبيات سبق الحديث عنها في المقدمة .

(1) سورة البقرة ، الآية : 197 .
(2) جرير : هو ابن عطية بن حذيفة الخطفي ( 28 ـ 110 هـ ) ولد ومات في اليمامة شاعر فحل ، جمعت نقائضه مع الفرزدق في ثلاثة أجزاء ، وله ديوان شعر .
(3) لسان العرب : 6 / 110 .
(4) تاج العروس : 8 / 154 .
دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 262

الإقتباس :
ومما يناسب البيت الأول قول عدي بن زيد العبادي (1) من الخفيف :
شاده مرمراً و جللـه كـلـ ساً فللطير في ذراه وكور
لم يهبه ريب المنون فباد الـ ـملك عنه فبابه مهجور (2)
ويقول آخر من الكامل :
زينت بيتك جاهلاً وعمرتـه و لعل صهرك صاحب البيت
من كانت الأيام سـائرة بـه فكـأنه قد حل بـالـمـوت (3)
مما يناسب البيت الثاني قول الغزال (4) من البسيط :
أنظر إلي إذا أدرجت في كـفني وأنظر إلي إذا أدرجت في لحدي
واقعد قليلاً وعاين من يقيم معي ممن يشيع نعشي من ذوي ودي
هيهات كلهم في شـأنـه لـعب يرمي التراب ويحثوه على خدي (5)
ومما يناسب البيت الثالث ما ينسب إلى أمير المؤمنين عليه السلام من الوافر :
ولـو أنا إذا متـنـا تركنـا لكان الموت راحة كل حي
ولـكنـا إذا متنـا بعثـنـا لنسأل بعد ذا عن كل شيء (6)
وقال أيضاً من الكامل :
واخش مناقشـة الحساب فإنـه لا بد يحصى ما جنيت ويكتب (7)

(1) عدي بن زيد العبادي : هو حفيد حماد بن زيد التميمي المتوفى نحو 35 ق . هـ كان من أهل الحيرة ، وهو أول من كتب بالعربية في ديوان كسرى ، جمع شعره في ديوان .
(2) العقد الفريد : 3 / 141 .
(3) العقد الفريد : 3/ 137 .
(4) الغزال .
(5) العقد الفريد : 3/ 140 .
(6) روائع الحكم : 170 .
|(7) روائع الحكم : 195 .
دائرة المعارف الحسينية ـ ديوان الإمام الحسين(ع) ـ 1 263

ومما يناسب البيت الرابع والخامس قول يزيد بن الصقيل (1) من الطويل :
وإن امرءاً ينجو من النار بعدما تزود من أعمـالها لـسـعيد
إذا ما المنايا أخطأتك وصادفت حميك فاعلم أنهـا سـتعـود (2)
وكذا ما ينسب إلى علي عليه السلام من الكامل :
واجعل تزودك المخافة والتقى وكأن حتفك من حسائك أسرع (3)
ومما يناسب البيت الخامس قول الأعشى (4) من الطويل :
إذا أنت لم ترحل بزاد من التقى ولاقيت بعد الموت من قد تزودا
ندمت على أن لا تكـون كمثله وأنك لم ترصد لما كان أرصدا (5)
ويقول ناصيف اليازجي (6) من البسيط :
دع يوم أمس وخذ في شأن يوم غد واعدد لنفسك فيه أفضل العدد (7)
وأخيراً : إذا كانت النسبة صحيحة والتي هي بعيدة جداً ، إن التذكير بالموت ضرورة حياتية لتحسين سيرة الإنسان وسلوكه .

(1) يزيد بن الصقيل :
(2) مجموعة المعاني : 1 / 8 .
|(3) روائع الحكم : 105 .
(4) الأعشى : هو ميمون بن قيس ، وقد سبقت ترجمته .
(5) من أروع ما قال الشعراء العرب الحكماء : 59 .
(6) ناصيف اليازجي : هو ابن عبد الله بن ناصيف بن جنبلاط ( 1214 ـ 1287 هـ ) من كبار أدباء عصره ، شاعر كاتب ، أصله من حمص ولد في كفر شيما بلبنان وتوفي في بيروت ، له من المؤلفات : الجوهر الفرد ، نار القرى ، مختارات اللغة العربية .
(7) نفح الأزهار : 59 ، مجموعة المعاني : 1/ 5 .

السابق السابق الفهرس التالي التالي