دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 1




دائرة المعارف الحسينية
المدخل
إلى الشعر الحسيني
(الجزء الاول)


دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 2




دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 3

دائرة المعارف الحسينية

المدخل
إلى الشعر الحسيني

( الجزء الأول )

محمد صادق محمد
( الكرباسي )

المركز الحسيني للدراسات
لندن ـ المملكة المتحدة


دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 4


الطبعة الأولى
1421 هـ ـ 2000 م


دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 5

بسم الله الرحمن الرحيم(1)

الحمد لله وسلامٌ على عباده الذين اصطفى(2) آدمَ ونوحاً وآلَ إبراهيم وآلَ عمرانَ على العالمين ، ذريّة بعضها من بعضٍ واللهُ سميعٌ عليم(3) ، إنّه لقول رسول كريم(4) ، إني لكم رسولٌ أمين(5) ، أبلغكُم رسالات ربّي و(6) لا أسألكم عليه أجراً إلا المودّة في القربى(7) وآتِ ذا القُربى حقّه(8) ذلك خيرٌ للذين يُريدون وجه الله وأولئك هم المفلحون(9) .

صدقَ الله(10) العليّ العظيم (11)


(1) سورة النمل ، آية : 30 .
(2) سورة النمل ، آية : 59 .
(3) سورة آل عمران ، آية : 33 ـ 34 .
(4) سورة الحاقة ، آية : 40 .
(5) سورة الشعراء ، آية : 107 .
(6) سورة الأعراف ، آية : 62 .
(7) سورة الشورى ، آية : 23 .
(8) سورة الأسراء ، آية : 26 .
(9) سورة الروم ، آية : 38 .
(10) سورة آل عمران ، آية : 95 .
(11) سورة البقرة ، آية : 255 .
دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 6

قال الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم :

« إن الحسين مصباح هدى
وسفينة نجاة
وإمام خير ويمن
وعز وفخر
وبحر علم وذخر »
(1)

وصدق رسوله الكريم

(1) عيون اخبار الرضا : 2/ 62 .
دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 7

مقدمة الناشر

يعتبر الشعر من أروع ضروب الأدب وأدناها إلى الروح والعقل ، إذ أن الشعر ، خصوصاً إذا ما كان موزوناً مقفّى فله موسيقى ونغم يجعلان من كلماته تتسلل بخفة إلى الروح قبل العقل ، لذلك أضحى الشعر أكثر ضروب الأدب وأسهلها حفظاً ، وبالتالي أكثرها ترديداً .
ثم إن الشعر بأغراضه المتعددة لعب ولا زال دوراً كبيراً في حياة الناس ، فقد سجل لنا التاريخ أن شعر الحماس مثلاً كان له في العصور السالفة خصوصاً في عصر الجاهلية أثر كبير في الحروب التي كانت تندلع آنذاك بين بعض القبائل ، حيث كانت كل قبيلة تصطحب معها شاعراً يلقي القصائد الحماسية التي تؤجج عوامل البطولة في نفوس المقاتلين ، خصوصاً الشاعرات ، ويذكر التاريخ أن الشاعرة الخنساء لعبت دوراً في هذا الشأن في عصر الجاهلية ومن بعده في عصر الإسلام ، وتنقل كتب التاريخ أيضاً أبياتاً قالتها هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان في معركة أحد بين المسلمين والمشركين لتشجيع أفراد جيش المشركين على القتال ، فقالت :
نحن بنات طارق نمشي على النمارق
إن تقبلـوا نعانق أو تدبروا نفـارق

أما الغزل فحدث ولا حرج ، فلم تخلُ قصيدة في الأزمنة الخالية من مطلع غزلي مهما كان شأن القصيدة أو الغرض منها ، فذلكم كعب بن زهير يبدأ قصيدته اللامية المشهورة التي ألقاها أمام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم معتذراً وشاهراً إسلامه ، يبدؤها بالغزل فيقول :
بانت سعاد فقلبي اليوم متبولُ متيّم إثرها لم يُفدَ مكبولُ

دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 8

هذا لا ينفي طبعاً وجود قصائد كاملة في الغزل والنسيب ، وهذا امر قائم حتى زماننا اليوم .
فذلكم الشاعر علي بن الجهم يقول متغزلاً :
عيون المها بين الرصافة والجسر جلبن الهوى من حيث ندري ولا ندري

الرثاء ايضاً ، كان له دور في حفظ تواريخ وفيات الكثير من العظماء وإظهار مزاياهم وصفاتهم الحسنة ، فذلكم بشر بن حذلم يرثي الحسين عليه السلام ويعلن نبأ استشهاده بطلب من الإمام زين العابدين عليه السلام في المدينة المنورة لحظة رجوع السبايا إليها حيث وقف في مسجد الرسول منشأً أبياته المشهورة :
يا أهل يثرب لا مقام لكم بها قتل الحسين فأدمعي مدرارُ
الجسم منه بكربلاء مضرج والرأس منه على القناة يدارُ

وتلكم الخنساء (تماضر بنت عمرو بن الحارث) ترثي اخاها صخراً فتقول :
وإن صخراً لتأتم الهداة به كأنه علم في رأسه نار

الهجاء كان وسيلة للطعن والذم وكشف العيوب وغير ذلك ، واشتهر الكثير من الشعراء في هذا المجال كالفرزدق وجرير ، والمتنبي الذي هجا كافوراً بقوله :
لا تشتري العبد إلا والعصا معه إن العبيد لأنجاس مناكيد

المديح كان وسيلة للتكسب وجني المال والتقرب من السلطان في معظم الأحيان ، هذا لا ينفي أن بعض الشعراء في مديحهم لبعض العظماء إنما أرادوا كشف صورهم الحقيقية وإبراز عظمتهم تماماً كما فعل الفرزدق في رده على هشام بن عبد الملك عند سؤاله ـ متجاهلاً ـ عن الإمام زين العابدين عليه السلام فقال :
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته والبيت يعرفه والحل والحرم

ومن ضروب الشعر أيضاً الوصف الذي يبرز صوراً جمالية رائعة . وهل أجمل من قول قائل يصف نحافة خصر امرأة ورشاقتها فيقول :

دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 9

ولولا الردف يمسكه لطار مع الهوى الخصر

أو ذاك الذي يصف مروحة فيقول :
إذا ما الهوى المقصور هيّج عاشقاً أتت بالهوا الممدود من كل جانب

وهكذا هو الشعر ، صور رائعة جميلة ، عذبة ومعانٍ أروع وأجمل ، لا يمكن أن تنشئها إلا كلمات نظمت على إيقاع ووزن معين .
على كل حال لم يكن المقصود من كل ما تقدم سوى إيضاح أهمية الشعر ، ومن ثم الوصول إلى الحديث عن هذا الكتاب (المدخل إلى الشعر الحسيني) . وعنوانه يشير إلى محتواه ، فقد أراد المؤلف من وضعه لهذا الكتاب (في جزئين) وهما طبعاً من أجزاء دائرة المعارف الحسينية العملاقة ، التقديم بهما لأجزاء الشعر التي طبعت أجزاء منها ـ وقد أشرنا سابقاً في مقدمة أول جزء طُبع لسبب تقديم المؤلف لتلك الأجزاء رغم أنها ليست الأجزاء الأول من الموسوعة ـ وشرح بعض الكلمات والمصطلحات ، وتعريف الأدب والشعر ، وذكر تاريخ الشعر وتطوره ، وشرح أوزانه ، وتحدث عن الأغراض الشعرية ، وبيّن المصطلحات العروضية ، ثم بعد ذلك تحدث عن الشعر الحسيني وأهميته ، ثم عرض منهجية العمل في الشعر بهذه الموسوعة . إذاّ هذا الجزء والذي يليه ـ جزءان كفيلان بهذا الموضوع كما أشرنا ـ يعتبران مقدمة ضرورية ولا بد منها لموضوع الشعر الحسيني .
في الختام لا بد من أن نشير الى أن هذا الجزء هو الجزء العشرون من أجزاء هذه الموسوعة التي طبعت حتى الآن ، وسيتواصل صدورها بإذن الله تباعاً ، وقد ألحقت بها فهارس عامة شاملة لكل محتويات الكتاب ومواضيعه ، كما غيره من الأجزاء التي طبعت حتى الآن .
والحمد لله رب العالمين .
6 / ربيع الثاني / 1421هـ
8 / تموز / 2000 م

دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 10




دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 11


قسم

الحسين في الشعر العربي القريض


دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 12




دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 13

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد والثناء للإله الواحد الأحَدْ
والصلاة على الرسول الخاتم المُسَدَّد
والسلام على أهل العصمـة والسؤدد

لندن
محمد صادق
شتاء
1418 هـ ـ 1997 م .



دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 14




دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 15

تمهيد

مهما حاول الباحث عدم التجاوز عن بحثه فإنه قد يضطر إلى دراسة جوانب تتعلق بهذا البحث أو ذاك رغم أنها خارجة موضوعياً عن مجال عمله ، ولكن من شأن البحث التطرق إلى تلك الأمور التي لها دور في رسم معالم الموضوع الذي تجري مناقشته ، وهذا هو الذي حدا بنا إلى وضع بعض الفصول هنا في إطار تسلسلي للموضوع الذي نريد بحثه .
وكل فصل من هذه الفصول يتطلب وضع دراسة مستقلة عنه ، وبما أن هذه الفصول خارجة عن موضوعنا فلقد أوجزنا الكلام عنها بما لا يتعارض مع الوفاء بالغرض الذي من أجله جاء هذا المدخل .
ويعود تاريخ وضع مثل هذه التوطئة أمام البحث إلى القرون الأولى للهجرة حيث نجد أنّ الملمين بالأبحاث سواء الرواة منهم والرجاليين أو المؤرخين والفقهاء أو غيرهم كانوا يولون اهتمامهم بهذا الجانب حتى أصبح ديدن الكتّاب والباحثين أن يصدروا أبحاثهم بمقدمة ضافية تمهيداً لدراساتهم وتختلف هذه المقدمات إحداها عن الأخرى بالقصر والطول تماشياً مع البحث كماً وكيفاً .
وقد وصل شأن بعض هذه المقدمات إلى درجة أنها أخذت طابع الاستقلال مما دفع الكثير إلى اعتبار كلِّ منها مؤلفاً بحاله وطبعت بمفردها ، ومن تلك على ما أتذكره الآن مقدمة ابن خلدون(1)

(1) ابن خلدون : هو أبو زيد عبد الرحمان بن محمد بن محمد ابن خلدون المالكي الاشبيلي المتوفى بالقاهرة عام 808هـ كانت ولادته بتونس عام 732 هـ مؤرخ فيلسوف وعالم بالاجتماع ، وأديب شاعر عرف بكتابه « العبر وديوان المبتدأ والخبر » والذي اشتهر بتاريخ ابن خلدون وترجم إلى اللغات الحية : الفرنسية وغيرها ، وله مؤلفات أخرى لم تحظ بهذه الشهرة منها : شرح البردة وكتاب الحساب وكتاب المنطق ، وشفاء السائل .
دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 16

لكتابه المعروف بتاريخ ابن خلدون(1) الذي رتبه على مقدمة وثلاثة كتب ، وجاءت هذه المقدمة في فضل علم التاريخ وتحقيق مذاهبه والإلماع بمغالطة المؤرخين(2) وهي تقع في حوالي ستمائة صفحة أي بنسبة الثمن من أصل الكتاب ، وقد اعتبروها من الناحية المعنوية خزانة علوم اجتماعية وسياسية وأدبية(3) بالإضافة إلى جوانب أخرى .
وكثيراً ما تحوز المقدمة على أهمية لا تقل عن أهمية الكتاب نفسه وربما يضاف إلى أهميتها كونها وقعت مقدمة لهذا البحث أو ذاك فإذا كان البحث بحد ذاته من الأبحاث الجديرة بالاهتمام فتأتي المقدمة حائزة على الأهمية أيضاً ، وللفقهاء الأصوليين مقولة تطرح للبحث تحت عنوان مقدمة الواجب فيناقشون وجوبها باعتبار ذي المقدمة .
وأما بالنسبة إلى ما نحن الآن بصدده فهو المدخل إلى الشعر العربي القريض والذي هو مقدمة لدواوين القرون الخمسة عشر الجامعة للأشعار المنظومة في الإمام الحسين عليه السلام ونهضته المباركة وأهل بيته الكرام وأنصاره الأبرار فيستوجب منا البحث في اتجاهين : في الشعر نفسه وفي منهاجية العمل ، وبما أن الشعر له دور في المجتمع وله قيمته الدينية والتاريخية والسياسية فلا بد من عرض بعض الأمور الجديرة بالبحث والمجدية للغرض الذي لأجله وضعت هذه الدواوين ، وأما عن منهجية عملنا في وضع هذه الدواوين فلا بد من التطرق إليها ايضاً بغرض سهولة التعامل مع مواد هذه القرون ، مكتفين بهذين الاتجاهين تاركين الأمور الأخرى إلى الجزء الأخير من الدواوين والذي خصص لدراسة الشعر الحسيني والمقارنة وما إلى ذلك .

(1) سماه كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر واشتهر بتاريخ ابن خلدون ويقع في ثمانية أجزاء بما فيه المقدمة .
(2) وأما الكتب الثلاثة فالأول في العمران وذكر ما يعرض فيه من العوارض الذاتية من الملك والسلطان والكسب والمعاش والصنائع والعلوم ، والثاني في أخبار العرب وأجيالهم ودولهم منذ مبدأ الخليقة إلى هذا العهد ، والثالث في أخبار البربر ومواليهم .
(3) الكنى والألقاب : 1 / 277 .
دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 17

الديوان

اختلفوا في كلمة الديوان من نواح متعددة :

1 ـ الحركة :

فقد قيل إن الدال مفتوحة وعليه الكسائي وقد قال إنها مولدة .
2 ـ وقيل إن الدال مكسورة كما عليه ابن السكيت .

2 ـ حرف العلة :

فقد قيل إنها واوية وذلك فيما إذا كانت الدال مكسورة كما ذهب إلى ذلك سيبويه حيث اعتبرها على زنّة فِعّال بكسر الدال وتشديد العين من دوّنَ يدون دوّاناً وإنما تقلب الواو الأولى ياءً للتخفيف (1) ـ ويجوز ذلك فيما إذا كان قبلها مكسوراً ـ فأصبحت ديوان ، وإنما لم تقلب الواو الثانية ياءً بعدما قلبت الأولى ياءً لأن الياء هنا غير أصلية وإنما تقلب الواو ياءً بعد الياء الساكنة إذا كانت أصلية كما في سيّد ، بل هي مقلوبة من الواو كما ذكرنا حيث ان الكلمة حولت إلى باب التفعيل فضوعف عين فعلها فأصبح دوّن يدون تدويناً ودوّاناً بواوين كما تقول كذب يكذب تكذيباً وكذاباً بذالين ومنه قوله تعالى :«وكذبوا بآياتنا كذابا» (2).
واستدلوا على أن الواو فيها أصلية بالتصغير حيث يقولون دويوين ، فعلى هذا فالديوان على زنة فعّال وأنها أبدلت الواو الأولى ياء فيما بعد ولذلك يجمع على دواوين لأن الدال أصبحت مفتوحة فلا يصح قلب الواو إلى الياء كما هو الحال في المفرد .

(1) راجع الصحاح للجوهري ، لسان العرب : 4/452 .
(2) سورة النبأ الآية : 28 .
دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 18

وهناك من يرى بأن الياء فيها أصلية وليست مقلوبة من الواو ، ويعتبرها حينئذ بمنزلة بَيطار ويرى أيضاً أن الدال مفتوحة وعليها فهي مشتقة من ديون يديون ديواناً كما يمكن أن يقال بيطر يبيطر بيطاراً(1) ، وربما قيل إنها مفردة رباعية كدحرج يدحرج ، وعليه فيكون المصدر ديونة ودِيواناً كدحرجة ودِحراجاً ، وعليها تكون حركة الدال الكسرة .
قال ابن منظور في كلمة الديوان : وإنما لم تقلب الواو ياءً وإن كان قبلها ياءً ساكنة لأنهم أنزلوها منزلة الياء غير اللازمة ولذلك جمعها بعضهم على دياوين وأجري غير اللازم مجرى اللزم وقد كان سبيله إذا أجراها مجرى الياء اللازمة أن يقول : ديّان إلا أنه كره تضعيف الياء كما كره الواو فقال دياوين .

3 ـ الجمع :

اختلفوا على ماذا يجمع الديوان فمنهم من قال : يجمع على دواوين كما هو المشهور بين اللغويين ، وقيل يجمع على دياوين كما ذهب إليه ابن جني وابن دريد ، وحقيقة هذا الخلاف يعود إلى الخلاف في الياء هل هي أصلية أم لا ، فمن عدها أصلية جمعها على دياوين كما في ديان ومن اعتبرها غير أصلية فقد جمعها على دواوين :
ومن الأول قول الشاعر ـ من الوافر ـ :
عداني أن أزورك أُمَّ عَمروٍ دياوينٌ تُنَفَّقُ بالمدادِ

(1) وهنا لا بد من الإشارة إلى أن بعض اشتقاقات هذه المفردة قد وردت في اللغة واستخدمها الشعراء مما يجعلنا نحتمل أن لا مانع من القول بعمومية الاشتقاق لها ، ومن تلك الاشتقاقات : البيطار ، المبيطر ، البيطر ، البيطرة ، قال النابغة ـ من البسيط ـ :
شكَّ الفريضة بالمِدْري فانفذها طعن المبيطر إذ يشفى من العضد
وقال الطرماح ـ من الطويل ـ :
يساقطهـا تترى بكل خميلـة كبزغ البيطر الثقف رهص الكوادن
وفي المثل : « أشهر من راية البيطار » .
دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 19

4 ـ الأصالة :

قيل إن مفردة الديوان جاءت دخيلة على العربية ثم اختلفوا في أصلها على أقوال :

أ ـ فارسية :

ذهب إلى ذلك ابن منظور(1) وابن الأثير(2) والجواليقي(3) والخفاجي(4) وأبو عبيدة(5) ، وعزى الزبيدي(6) ولادة الكلمة عند الفرس إلى أن كسرى أراد الإشادة بكتّابه ومعاونيه حينما لاحظ منهم سرعة الإنجاز ودقته فقال بالفارسية : « أين كار ديوان است » أي أن هذا عمل الجنّة(7) أراد أن ما تقومون به لا يقدر عليه إلا الجن ، وعليه فمنذ ذلك اليوم دخلت المفردة في القاموس الفارسي واستخدمت في الدوائر الرسمية .

(1) ابن منظور : ستأتي ترجمته .
(2) ابن الأثير : هو المبارك بن محمد بن محمد بن محمد بن عبد الكريم الشيباني الجزري (544 ـ 606هـ) المحدث اللغوي ، والمؤرخ الأصولي ، ولد في الجزيرة وانتقل إلى الموصل وتوفي بها ، من مؤلفاته : النهاية ، جامع الأصول ، الاتصاف .
(3) الجواليقي : هو ابن الجواليقي ، موهوب بن أحمد بن محمد بن الخضر البغدادي (446 ـ 540هـ) ، اللغوي النحوي ، كان إمام أهل الأدب بالعراق فاختصر بتأديب أولاد الحكام ، له كتاب المعرب ، العروض ، أسماء الخيل .
(4) راجع : المعرب ، شفاء الغليل ، والمراد بالخفاجي : هو عبد الله بن محمد بن سعيد بن سنان الأديب الشاعر الإمامي (422 ـ 466هـ) صاحب سر الفصاحة في اللغة ، وله ديوان شعر أيضاً .
(5) أبو عبيدة : هو معمر بن المثنى البصري التيمي بالولاء (110 ـ 209هـ) من أئمة الأدب واللغة ، ولد وتوفي في البصرة ، له 200 مؤلف ، منها : مجاز القرآن ، مآثر العرب ، الشوارد .
(6) الزبيدي : هو محمد المرتضى بن محمد بن محمد بن عبد الرزاق الحسيني (1145 ـ 1205هـ) اللغوي النحوي ، الأديب الشاعر ، المؤرخ النسابة صاحب كتاب تاج العروس ، أصله من واسط العراق ، ومولده في بلجرام ـ الهند ـ والمتوفى في مصر ، له : عقد الجواهر ، الروض المعطار ، بلغة الغريب .
(7) راجع تاج العروس : مادة ديوان ، وجاء في تاريخ ابن خلدون : 1/243 « إن الديوان اسم للشياطين بالفارسية سمّي الكتاب بذلك لسرعة نفوذهم في فهم الأمور ووقوفهم على الجلي منها والخفي وجمعهم لما شد وتفرق » .

الفهرس التالي التالي