دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 382

وبالمناسبة أطلق على لون من ألوان الشعر بالبند حيث تأتي على مقاطع مقاطع .
والحاصل : أن البند نوع من أنواع الشعر كان معروفاً قديماً(1) وهو يشبه ما يسمى بالشعر الحر في زماننا ، ومنه قول السيد أحمد الدورقي الإحسائي(2) المتوفى عام 1247 هـ من مقطوعة شعرية في الحقيقة من الكامل أولها :
يا سادة الخلق ومعدن التقى وخيرة الله وأرباب الوفى(3)

ومنها ما أنشأه السيد حسن المحسني الدورقي(4) المتوفى عام 1272 هـ يقول في أولها :
يا قتيلاً لسيوف الأدعياء والأشقياء
يا ذبيحاً يا طريحاً بالعراء
حسيناً يا حسيناً يا حسين(5)
وهي في الحقيقة من الرمل فالأولى من مجزوء الرمل ، صدر وعجز ، والثانية من الرمل إلا أنه شطر واحد ، والثالثة أيضاً من الرمل وهو شطر واحد .
ومن التببع لما نظم على البند يتوصل المرء إلى أنه ينظم على بحر

(1) اعلام هجر : 1/255 وفي الهامش يرجع الكلام إلى كتاب ميزان البند للملائكة وكتاب البند في الأدب العربي لعبد الكريم الدجيلي .
(2) أحمد الدورقي : هو ابن محمد بن محسن المحسني الفلاحي (1157 ـ 1247 هـ) ولد في المدينة ودرس في العراق وسكن دورق ، فقيه إمامي ، وكاتب أريت وشاعر أديب ، من آثاره : منهل الصفا ، وقاية المكلف ، ديوان شعره .
(3) أعلام هجر : 1/255 .
(4) حسن الدورقي : هو ابن أحمد بن محمد الاحسائي الفلاحي (1213 ـ 1272 هـ) ولد في الإحساء وسكن دورق خوزستان الإيرانية ، درس في كربلاء ، فقيه أديب ، وشاعر كاتب ، له : مناسك الحج ، منظومة الأصول ، ملتقطات الدرر .
(5) اعلام هجر : 1/284 .
دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 383

الهجز مفاعيلن (//././.) في الأغلب ، وعلى بحر الرمل فاعلاتن (/.//./.) وقد يمزج بين البحرين كما هو الحال في الأبوذية التي تنظم على الهزج على الأغلب وعلى الرجز وتنظم مزيجة بينهما والتي اصطلحنا على ذلك بالمرج كما بيّنا ذلك في محله(1) .
ومن البند ما ينظم على بحر الهزج ويتألف من أربعة أجزاء سباعية وهي « مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن » وقد نظم صفي الدين الحلي(2) (750 هـ) بقوله : « على الأهزاج تسهيل مفاعيلن مفاعيلن وهذا البحر إذا التزم فيه وزنه وقافيته كانت القصيدة أو القطعة من بحر الهزج ، وإذا لم يلتزم فيه إلا الوزن وترك الالتزام بالقافية سمي في عرف أدباء المتأخرين بنداً لأنه فصل من الكتاب » ولقد أبدع فيه كل الإبداع محمد بن إسماعيل الحلي المعروف بابن الخلفة(3) المتوفى عام 1247 هـ ، وحلق في نظمه السيد نصر الله الحائري(4) ، ومن تأخر عنه كالقزويني(5) ، والسيد محمد حسن الكيشوان(6) ، والسيد رضا الهندي(7) ، والشيخ عبد الحسين

(1) راجع المقدمة التمهيدية لديوان الأبوذية الجزء الأول .
(2) صفي الدين الحلي : هو عبد العزيز بن السرايا الحلي ، مضت ترجمته .
(3) ابن خلفة : هو محمد بن إسماعيل الحلي المتوفى عام 1247 هـ ، شاعر فحل ، نظم في الفصحى والدارج ، رافق اسمه مع البند حيث كان له باع طويل فيه ، وله نظم كثير في جميع أنواعه قديمه وحديثه .
(4) نصر الله الحائري : هو ابن الحسين بن علي الموسوي المتوفى عام 1154 هـ ، لقب بمدرس الحائر ، كان من العلماء الأدباء ، والمدرسين الشعراء ، والمجاهدين الأباة ، استشهد في القسطنطينية على الولاء .
(5) القزويني : هو باقر بن هادي بن صالح القزويني الحلي (1304 ـ 1333 هـ) ولد في طوريج القريبة من كربلاء ، أديب شاعر .
(6) الكيشوان : هو ابن كاظم بن علي القزويني (1295 ـ 1356 هـ) كان عالماً فاضلاً ، وأديباً شاعراً ، من آثاره : تحفة الخليل في العروض ، علم الجبر ، منهج الراغبين في شرح تبصرة المتعلمين ، ديوان شعر .
(7) رضا الهندي : هو ابن محمد بن هاشم النقوي (1290 ـ 1362 هـ) ولد في النجف وتوفي في الفيصلية ، كان آية في الذكاء ، مشاركاً في الكثير من العلوم القديمة ، أديب شاعر ، من آثاره : الميزان العادل ، بلغة الراحل ، ديوان شعره .
دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 384

الحياوي(1) ، ومما قاله الحائري ـ من الهزج ـ :
سلاماً ما شذى الزهر
وقد باكره القطر
ولا العود على الجمر
ولا نغمته المطربة النفس
ولا العقد من الدر
على جيد مها الأنس
ولا زهر نجوم الأفق مذ فارقها البدر(2)
ومما قال ابن خلفة في بنده المشهور :
أيها اللائم في الحبْ
دع اللوم عن الصبْ
فلو كنت ترى حاجبي الزجْ(3)
فويق الأعين الدعجْ
أو الخد الشقيقي
أو الريق الرحيقي
أو القد الرشيقي(4)
وقد ذهب الشيرازي(5) إلى أن البند من حيث العروض هو أقرب إلى

(1) عبد الحسين الحياوي : هو ابن قاعد الواسطي (1295 ـ 1345 هـ) ولد في الحي أحد أقضية الكوت ، درس في اليمن ، عالم فاضل ، وأديب شاعر ، توفي في مسقط رأسه ودفن في النجف ، له بعض المجاميع .
(2) ديوان نصر الله الحائري : 252 .
(3) مجلة لغة العرب البغدادية العدد : 5 / السنة : 7 / الصفحة : 369 / التاريخ : 5 / 1929 م .
(4) البابليات : 2/52 .
(5) الشيرازي : هو حسن بن مهدي الحسيني الحائري مضت ترجمته .
دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 385

الشعر الحر حين يقول : « فهو أقرب أنواع الشعر إلى الشعر الحر وهو لا يتقيد بأسلوب الشطرين الذي تقيد به الشعراء منذ أقدم العصور ، وإنما يخرج عنه فيجيء هزجاً تختلف أطوال أشطره فيأتي شطر بتفعيلتين يليه شطر بخمس تفعيلات ، وثالث بأربع ، ورابع بتسع ، وهكذا كما يملى على الشاعر ذوقه وفكره »(1) .
ويضيف قائلاً : إن الشعر دائماً يرتكز على بحر واحد بينما البند يستعمل بحرين اثنين من بحور الشعر ، يجمع بينهما ، ويكرر الانتقال من أحدهما إلى الآخر ، والبحران المستعملان في البند هما الهزج والرمل »(2) .
ومن المعلوم أن التفعيلة المستخدمة في الهزج هي مفاعيلن وهي مولدة من دائرة المجتلب ، والتفعيلة المستخدمة في الرمل هي فاعلاتن وهي أيضاً من مولدات دائرة المجتلب ، وربما استخدموا تفعيلة مستفعلن والتي هي من تفعيلات الرجز فعندها تكون التفعيلة المستخدمة في البند هي ما ولدته دائرة المجتلب ، دون غيرها من الدوائر ، ولعل هذا هو الفيصل بينه وبين الشعر الحر ، وربما لو قيل إنه نوع من أنواع الشعر الحر كان أقرب .
ولا يخفى أن المبنى الأدبي لتفسير الشعر الحر يؤثر في تحديد هوية البند ، فعلى ما اخترناه هناك فهو نوع من أنواعه ، وقد أوكلنا الحديث عن البند بشكل أوسع إلى مقدمة فصل الشعر الحر من أبواب الشعر .
وأما جمال الدين(3) فيعرف البند بقوله : البند : شعر ذو شطر واحد يقوم إيقاعه على أساس التفعيلة الواحدة المتكررة بحرية تامة ، ولأجل هذا اعتبرنا إيقاع البند هو الأساس الذي يقوم عليه الإيقاع في الشعر الحر . والنماذج التي وصلتنا من البند تقوم على بحري الهزج وتفعيلته (مفاعيلن) أو الرمل وتفعيلته (فاعلاتن) وبعض نماذج البند تخلط بين البحرين لمكان التشابه بين تفعيلتيهما ، فإن (مفاعيلن) تتألف من وتد وسببين لو قدم أحدهما لصار (لي مفاعي) المساوية لـ (فاعلاتن) وتخضع هاتان التفعيلتان

(1) الأدب الموجه : 189 .
(2) الأدب الموجه : 190 .
(3) جمال الدين : هو مصطفى بن جعفر (1417 هـ) مضت ترجمته .
دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 386

لكل ما تخضعان له من تغيير طارئ في بحور الشعر من زحاف أو علة بزيادة تقتضيها طبيعة الإيقاع على التفعيلة الواحدة .
بحور البند : ليس الأمر كما زعمه بعض النقّاد من أن البند (كل بند) على بحر الهزج بزيادة سبب خفيف في أوله ، ولا ما زعمه البعض الآخر من أنه ذو وزنين متداخلين هما الرمل والهزج ، بل الصحيح أن في النماذج الموجودة منه الأنواع الثلاثة : الهزج الصافي ، الرمل الصافي ، والممزوج من البحرين معاً .
1 ـ أما الهزج الصافي : وقد جاءت أكثر البنود على هذا البحر ، ولذلك شاع عند المتأخرين أن البند على بحر الهزج ، فكتبوا بنودهم عليه ، ومن هذه النماذج الجارية على الهزج (مفاعيلن أو مفاعيل) بنود ابن معتوق الحويزي(1) والجـدحفصي(2) أو الحائري(3) وبنود المتأخرين(4) .
2 ـ أما الرمل الصافي : فهي أقل استخداماً من بنود الهزج ، ومن أروعها وأكثرها بنود السيد علي بن باليل الدورقي(5) وهي على كثرتها قد جاء كل بند منها قصيراً التزم في عدد مفرداته أربعين كلمة في كل بند ، كما التزم في آخرها قافية موحدة هي الراء المفتوحة وربما التزم في أشطره بقوافي قد تنتهي مع نهاية التفعيلة فاعلاتن فيكون البند منسجماً ، وقد تنتهي في وسط التفعيلة فينحرف الوزن إلى الهزج(6) .
3 ـ وأما الممزوج من البحرين معاً : إنما هي رمل خالص أو هزج خالص ولكن قضية المزج أو الاضطراب جاءت من طبيعة هذين الوزنين

(1) ابن معتوق : هو ابن شهاب الموسوي (1025 ـ 1087 هـ) من أهل حويزة في جنوب إيران ـ مضت ترجمته .
(2) الجدحفصي : هو عبد الرؤوف بن حسين الموسوي البحراني (1066 ـ 1113 هـ) مضت ترجمته .
(3) الحائري : هو نصر الله الحائري الموسوي المتقدم الذكر .
(4) راجع الإيقاع في الشعر العربي من البيت إلى التفعيلة : 225 .
(5) ابن باليل : هو علي بن باليل الموسوي الجزائري الدورقي المتوفى عام 1102 هـ .
(6) راجع أدب البند : المقدمة ، الصفحة : ح .
دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 387

أولاً ، ومن طبيعة البند ونظرة أصحاب البنود للقافية ثانياً(1) .
مثال الأول كبند الحائري المتقدم الذكر الذي نظم على الهزج .
وأما الثاني والذي نظم على بحر الرمل قول ابن باليل .
راح يُفدي الخال بالعم جلالا
ولكم ساء فتى بالخال حالا
نقطة ثم بها سطح البها مستوى الحظ كمالا
واشتكى كلا إليها العطش الأكبر بالنفس ضلالا
شكوة الظمآن في البيداء آلا(2)
وأما الثالث الممزوج قول ابن باليل أيضاً :
قدّه يجلو علينا مبسماً لو يملك البرق اختياراً
قبّل البرق ثناياه اضطراراً
ثم خبرني بما يحكمه الحاكم ما بين لئاليه
وبين اللفظ من فيه
دع الحاكم باديه
سما كل من الأمرين(3)
حيث جاءت المقاطع الثلاثة الأولى على الرمل وأما المقاطع الثلاثة الثانية فقد جاءت على الهزج .
هذا وقد وقع الخلاف في تاريخ الإنشاء عليه أو ظهوره أو انتمائه فقد أورد الشيرازي أقوال الأدباء في ذلك قائلاً : « وقد اختلف الباحثون في مخترع البند فقال الأستاذ محمد الهاشمي(4) : « إن البند من مخترعات

(1) راجع الإيقاع في الشعر العربي من البيت إلى التفعيلة : 238 .
(2) أدب البند ، المقدمة صفحة : ح .
(3) أدب البند ، المقدمة ، الصفحة : ط .
(4) محمد الهاشمي : هو ابن يحيى (1316 ـ 1393 هـ) ولد في بغداد ، شاعر أديب وصحفي سياسي ، هاجر إلى مصر ثم دمشق ثم بغداد ، عمل في المحاماة وتولى
=
دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 388

العراقيين »(1) وقال السيد محسن الأمين العاملي(2) : « إن البند اخترعه أهل الحويزة »(3) وقال آخرون : « إنه من مخترعات أهل الأندلس » ، ولعل هذه الآراء ناشئة من دراستهم الأدب العربي فحسب ، واعتبار أول شاعر عربي أنتج منه مخترعاً له ، بينما نجده قبل العرب في الفرس ، ولعله كان قبل الفرس في اليونان أو في أمة أخرى ، وإلى هذا يذهب الدجيلي(4) في قوله : « إن البند قد اقتبسه ابن معتوق أو غيره من الأدب الفارسي »(5) .
وفي الحقيقة إن البند كان قد تعامل معه صفي الدين الحلي (750 هـ) إلا أنه لم يكن معروفاً بهذا الشكل ، وإنما اشتهر على عهد ابن معتوق (1087 هـ) ولكن لا يبعد أن البند يعود إلى القرون الأولى من الهجرة عندما اختلط العرب بالفرس بعد فتح إيران ودرج فيها رويداً عبر أدباء الفرس المستعربين ونبحث بالتفصيل عن هذه المسألة في مقدمة شعر الحر والبند في محله ، ولكن نود الإشارة إلى قول البعض من أن ما ورد في المقامة الحادية عشرة من مقامات الحريري(6) الموسومة بالساوية « نمط من النثر » أكثر شبهاً من مقطوعتي ابن دريد(7) وأبي العلاء(8) وهي قوله :
1 ـ أيا مَنْ يَدّعي الفَهم إلى كَمْ يا أخا الوَهمْ

= بعض المناصب ، وأصدر عدداً من الصحف والمجلات ، له : عبرات الغربب ، القضاء بين يديك ، وسميراميس .
(1) راجع مجلة اليقين البغدادية .
(2) محسن الأمين : مؤلف موسوعة أعيان الشيعة مضت ترجمته .
(3) راجع معادن الجوهر : 3/627 ، والحويزة جزء من خوزستان الإيرانية ، بناها سابور ذو الأكتاف .
(4) الدجيلي : هو عبد الكريم بن مجيد بن عيسى (1324 ـ 1394 هـ) درس في النجف وبغداد والقاهرة ؛ شاعر ودارس ، تولى بعض المناصب في وزارة المعارف العراقية ، من آثاره : البند في الأدب العربي ، مع السائرين ، ديوان شعره .
(5) الأدب الموجه : 188 .
(6) الحريري : هو القاسم بن علي البصري (516 هـ) ، مضت ترجمته .
(7) ابن دريد : هو محمد بن الحسن بن دريد (321 هـ) مضت ترجمته .
(8) أبو العلاء : هو أحمد بن عبد الله بن سليمان (449 هـ) مضت ترجمته .
دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 389

تُـعَـبّـي الــذّنـبَ والـذَّمْ وتُخطي الخَطـأ الجَـمْ
2 ـ أمـا بـان لكَ العَـيـبْ أما أنْـذرَكَ الشَّـيـبْ
ومـا فـي نُصـحِـه رَيـبْ ولا سمـعُكَ قـدْ صَمْ
3 ـ أمـا نادى بـكَ المـَوتْ(1) أمـا أسْمَعـَكَ الصَّوتْ
أمـا تـخشـى مـن الفَـوتْ فـتحـتـاطَ وتَهـْتَـمْ
4 ـ فكـم تَسـدَرُ في السهـو(2) وتَخْتـالُ مِـن الـزَّهْوْ
وتَـنْـصَـبُّ إلـى اللَّـهْـوْ كَأنّ المَـوْتَ مـا عَمْ
5 ـ وَحَـتّـام تـَجـافيـك(3) وَإبْطـاءُ تَـلافـيـكْ
طِـباعـاً جَمّـعـَتْ فيــكْ عُيـوباً شَمْلُهـا انْضَمْ
6 ـ إذا أسْخَـطْـتَ مَـولاكْ فما تَقْـلَقُ مـِن ذاكْ
وإنْ أخفَــقَ مـَسـعــاكْ تَلَظّيْـتَ مـِنَ الهَـمّ(4)
7 ـ وإنْ لاحَ لـكَ النّـَقْشْ مِـن الأصفـَرِ تَهْتَش(5)
وإن مَـرّ بـكَ النـّعــشْ تَغامَمْـتَ ولا غـَمْ(6)
8 ـ تُـعاصي النّاصِحَ البَرْ وتَعْـتاصُ وتـَزْوَرْ(7)
وتَــنْـقـادُ لـِمـَنْ غـَرْ ومَـنْ مانَ ومـنْ نَمْ(8)
9 ـ وتَسعى في هوى النّفسْ وتَحْتالُ علـى الفـَلْسْ
وتنسـى ظُلمـةَ الـرَّمـسْ(9) ولا تَـذْكُـرُ مـا ثَـمْ

(1) إنما قال « نادى بك » لأنه ضمن نادى معنى دعا وهتف .
(2) أسدر : تَحيَّرَ .
(3) حتامَ : أصلها حتى متى .
(4) تلظى : احترق .
(5) الاحتشاش : الطرب والفرح .
(6) تغاممت : مفاعلة من الغم أي أظهرت الغم .
(7) الإزورار : الميلان .
(8) مان : أجوف يائي أصله مين بمعنى كذب .
(9) الرمس : القبر .
دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 390

10 ـ وَلَـوْ لاحَـظَكَ الحَـظْ لَما طـاحَ بـكَ اللَّحظْ(1)
ولا كُـنْـتَ إذا الـوَعــظْ جَـلا الأحـْزانَ تَغْتَمْ
11 ـ ستُذري الـدّمَ لا الدّمْعْ إذا عايَنْـتَ لا جَمـْعْ
يَقـي فـي عَـرْصَةِ الجَمعْ(2) ولا خـالَ ولا عـَمْ
12 ـ كَأنـي بِـكَ تَنـْحـَطْ إلـى اللَّحـْدِ وتَنْغـَظْ
وقـد أسلَـمَـكَ الـرَّهـْـطْ إلى أضْيَـقَ مِنْ سَمْ(3)
13 ـ هُناكَ الجِسْـمُ مَمْـدودْ لِـيَسْتَـأكِلـَهُ الـدُّودْ
إلـى أنْ يَـنْـخَـرَ الـعـودُ(4) وَيُمسي العَظـمُ قَد رَمْ
14 ـ وَمِـنْ بَعـْدُ فـلا بُدْ مِنَ العَرْضِ إذا اعْتُدْ(5)
صِـراطٌ جَـســْرُهُ مــُدْ عَلـى النّار لِمَـنْ أَمْ
15 ـ فكَـمْ من مُرشِدٍ ضَلْ وَمِـنْ ذي عِـزّةٍ ذَلْ
وكَــمْ مــِن عـالِـمٍ زَلْ وقالَ الخَطْبُ قَد طَمْ(6)
16 ـ فبادِرْ أيّهـا الغُـمـْرْ(7) لِما يَحْلـو بـِه المُرْ
فَقـدْ كـادَ يهـي العـُمْـرْ(8) وما أقْلَعْتَ عـن ذَمْ
17 ـ ولا تَـرْكَنْ إلى الدَّهْرْ وإنْ لانَ وإنْ سَــرْ
فَـتُلـْفـى كمـَنِ اغـْتـَرْ بِـأفْعى تَنْفـُثُ السَّمْ(9)
18 ـ وَخَفِّضْ مِنْ تراقيكْ(10) فَإنّ المَوْتَ لاقـيـكْ

(1) اللحظ : النظر بمؤخر العين تيها .
(2) العرصة : ساحة وأشباهها .
(3) السَم : ثقب الإبرة ، والمراد به ضيق القبر .
(4) عود اللسان : العظم في أصل اللسان ، والمراد صلب الإنسان الذي به قوامه .
(5) العرض : أراد الوقوف يوم القيامة للحساب .
(6) طم : علا وعظم .
(7) الغمر : الجاهل .
(8) يُهي : يضعف من وهى السقاء .
(9) نفث الحية السم : نكزته ورمت به .
(10) تراقيك : ترفعك .
دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 391

وســـارٍ فـي تــَراقـيـكْ ومـا يَـنْـكـُلُ إنْ هـَمّ(1)
19 ـ وجـانـِبْ صَعَـر الخَدْ(2) إذا ســاعـدَكَ الـجـَدْ(3)
وزُمَّ الـلـَّفـْــظَ إنْ نــَد(4) فـمـا أسْعـَدَ مـَـنْ زَمْ
20 ـ وَنَفِّسْ عَـن أخي البَثْ(5) وَصَــدّقـهُ إذا نـَـثْ(6)
وَرُمَّ الــعـَمــَلَ الــرَّثْ(7) فـقــد أفلـحَ مـَنْ رَمْ
21 ـ وَرشْ مَن ريشُه انحصْ(8) بمـا عـَمَّ ومـا خَـصْ
ولا تـأْسَ علـى الـنّـَقـْصْ ولا تحـرِصْ علـى اللَّمْ(9)
22 ـ وعـادِ الخُلُـقَ الـرّذْلْ وَعَـوِّدْ كَفـَّكَ الـبـَذْلْ
ولا تَـسْـتَـمـِع الـعــَذْلْ وَنَـزّهْها عـَنِ الضـَّمْ(10)
23 ـ وَزَوّدْ نـَفْسـكَ الخيـر وَدَعْ ما يُعْقِبُ الضَّـيرْ(11)
وَهَـيّئ مَـركَـبَ السّـَيـرْ وَخَـفْ مـِنْ لُجّةِ اليَمْ(12)
24 ـ بِـذا أوصيتُ يا صاحْ(13) وقَد بُحْـت كمَنْ بـاحْ
فـَطـوبـى لِـفـَتـى راحْ بــآدابـي يــَأتـَمْ(14)

,وهو قول غريب منه حيث إنها من الشعر الموزون على بحر الهزج

(1) ما ينكل إن هم : أي لا يرجع إن عزم .
(2) صعر : مال والصعر الميلان .
(3) الجد : الحظ .
(4) زم : قيد ، وند : نفر وهرب .
(5) البث : الحزن .
(6) نث الكلام : نشره .
(7) رم : أصلح ، والرث من العمل ما لا يصلح .
(8) الرش : ألإصلاح ، وانحص : تناثر .
(9) اللم : الجمع .
(10) الضم : كناية عن البخل .
(11) الضير : الضر .
(12) اليم : البحر .
(13) يا صاح : مختصر يا صاحبي .
(14) مقامات الحريري : 89 ـ المقامة : 11 .
دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 392

المتعارف النظم عليه بتفعيلتين(1) للشطر الواحد ، ولونه كما أشرنا سابقاً المربع أي الذي يحتوي كل بيت منه على أربعة أشطر يتحد ثلاثة أشطر الأولى منه في القافية فيما بينها ، بينما يتحد قافية الشطر الرابع منه مع مثيلاته أي التفيعلة الثامنة من كل بيت وعليه الاعتماد في التقفية .
والقول بـ « إنها الحلقة الوسطى بين النظم والنثر »(2) كلام لا وجه له وقد بحثا ذلك في مقدمة ديوان المربع فليراجع .

(1) الهزج بالاصالة سداسي التفاعيلات إلا أن الغالب عليه أن يأتي مجزوءاً رباعي التفعيلات في البيت الواحد .
(2) أدب البند ، المقدمة ، الصفحة : و .
دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 393

النقد

انطلاقاً من مبدأ أنّ الكمال لله وحده جلّ وعلا نرحّب بكل نقد بنّاء يردنا ، وسيؤخذ بعين الاعتبار في سير عملنا إنشاء الله تعالى ، كما وسيثبت نصه في الجزء الأخير من الموسوعة المسمى بالخاتمة والمخصص للتقريظ والنقد ونحوهما .

دائرة المعارف الحسينية ـ المدخل إلى الشعر الحسيني ـ 1 394

نداء

نهيب بذي القلوب النابضة بالعلم والثقافة ، ونستمد العون من أرباب الفضل والمعرفة لتزويدنا بما لديهم من معلومات حسينية لاسعاف هذه الموسوعة « دائرة المعارف الحسينية » التي تولت دراسة كل ما له علاقة بالإمام الحسين عليه السلام ونهضته المباركة وأنصاره الكرام ، والتفضل بإرسالها على العنوان التالي :
Hussaini Encyclopedia
P.O box 925
London Nw2 4pz
أو على رقم الفاكس (لندن)
Fax : 0208 - 208 1140 .

السابق السابق الفهرس التالي التالي