دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 151

قطعه على نفسه فيما إذا انحسر مرض الطاعون (1)عن بلاده وذلك عام 1125هـ (1713م) ، ويذكر المؤرخون بأن جوهان فاز بتصميمه هذا على سائر منافسيه حيث كان تصميمه الهندسي فريداً من نوعه استمده من مصادر مختلفة وكان يتسم بدقة الزخرفة ، وما يهمنا من ذلك أنه صمم بناء الكنيسة بشكل عام على الطراز الإسلامي لمراقد أئمة المسلمين ، فمن الداخل يحيط بالبهو أروقة ، أما من الخارج فدق توسطت القبة الضخمة البيضاوية الشكل برجين شامخين كثيرا الشبه بالمآذن الإسلامية ، وقد أضاف المؤرخون بأنه أخذ الفكرة من الشرق الإسلامي ، وقد بدأ بإنجاز مشروعه هذا عام 1128 هـ ( 1716 م) إلا أن الأجل حال دون إكماله حيث توفي عام 1135 هـ ( 1723م ) فتعهد ابنه جوزيف (2)باكماله فانتهى من البناء عام 1150 هـ ( 1737 م ) وقيل إن بناء الكنيسة استغرق 25 عاماً .


(1) الطاعون : ذكر المؤرخون بأن طاعون عام 1125هـ ( 1713م) يعد الطاعون السابع عشر الذي اجتاح بلاد النمسا وكان ذلك في عهد كارل السادس ملك النمسا .
(2) جوزيف إيمانويل (Josef Emanuel ) : ابن جوهان إيرلاخ النمساوي ، أخذ الهندسة المعمارية والبناء من أبيه وطوره واشتهر بعده .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 152

وتعد الواجهة الأمامية للكنيسة تركيبة فريدة من نوعها في العالم الغربي ، غربية البناء شرقية التصميم استمدت فكرة الأبراج من المآذن في الشرق كما صرح بذلك كل من كتب عنها من الغربيين ، وعلى كل فإنها تعد من الطراز الإسلامي المستخدم في الغرب (1).
الفسطاط الملكي :
ولننتقل إلى عينة أخرى في الغرب حيث استخدم فيها القبة مع المئذنتين في تصميم قصر الفسطاط (2)الواقع في مدينة باريتون (3)البريطانية والذي بناه في بادئ الأمر المهندس هنري هولند (4)بأمر الملك جورج الرابع (5)قبل أن يصبح ولياً للعهد وذلك عام 1201 هـ ( 1786م) حيث طلب من مهندسه أن يصمم له منتجعاً صغيرا يجمع بين القديم والحديث ، تعلوه قبة مركزية دائرية محاطة بأعمدة من الطراز اليوناني فانتهى من بنائه عام 1202 هـ (1787م).
ولما كان عام 1231هـ ( 1815م) كلف الملك جورج مهندساً آخر هو جون ناش (6)بإعادة بناء الفسطاط ليحمل شكلاً شرقياً هندياً ـ إسلامياً ـ فقام

(1) لقد أمدتنا بهذه المعلومات السفارة النمساوية في بريطانيا حيث وفرت لنا بعض الصور والمقالات المختلفة عن الكنيسة .
(2) الفسطاط الملكي : (Royal pavilion ) هو منتجع أمير وليز ( جورج أغسطس )آنذاك إشترى أرضها فيما بعد أي عام 1267هـ (1850م) من الملكة فكتوريا .
(3) برايتون :(brighton )مصيف سياحي يقع على مضيق بحر المانش على بعد 94 كيلو متراً جنوب لندن ، تابعة لمقاطعة سسكس (sussex ).
(4) هنري هولند : (Henry holland) ولدعام 1158هـ (1745م) مهندس معماري إختص بالبلاط الملكي .
(5) جورج (الرابع ): أغسطس بن جورج (الثالث ) وليم فردرك ولدعام 1176 هـ (1762م) زار برايتون عام 1198هـ ( 1783م) للنقاهة والإستجمام عندما كان أميراً لولز ( wales) وأقام عندعمه كروف هاوس فأعجبته الإقامة بها ، تولى ولاية العهد عام 1226 هـ ( 1811 م) وحكم بعد أن أقعد المرض والده عام 1236هـ ( 1820م) وتوفي عام 1246 هـ ( 1830م) فخلفه وليم الرابع .
(6) جون ناش : (John Nash) ولد عام 1166هـ (1752م) مهندس إنكليزي إشتهر من بين أقرانه بالهندسة المعمارية ، من تصاميمه مبنى ( كارلتون هاوس ) في لندن والذي دمر عام 1243 هـ (1827م) توفي عام 1251هـ (1835م) .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 153

جون ناش بوضع تصميم للمظهر الخارجي للبناء مستلهماً ذلك من تصاميم هامفري ريبنون (1)، ومن التصاميم الواردة في كتاب « مشهد شرقي » (2)فاستغرق البناء سبعة أعوام وانتهى منه عام 1239هـ ( 1823م) .



برج استرنج ويز :
كل من يتجه نحو قلب مدينة مانجستر (3)تقع عيناه على برج شامخ

(1) هامفري ريبتون : ( Humphry Repton ) ولد عام 1166 هـ (1752م) مصمم إنكليزي مشهور توفي عام 1225 هـ ( 1810م) .
(2) مشهد شرقي (orienl scenery) : عنوان أربعة كتب في الهندسة المعمارية وضعها وليام وتوماس دانيال . ( WlIiam and Thomas Daniel) .
(3) مانجستر (Manchester) : ثالث مدينة بريطانية ، تقع في وسط بريطانيا ، تبعد عن العاصمة لندن شمالاً نحو 319 كليو متراً ( 189 ميل ) .
اسم الكتاب 154

يتصوره لأول وهلة أنه مئذنة مسجد إسلامي ، ولكن عندما يصل إلى شارع بري نيورود (1)يفاجأ بأنه برج لسجن استرنج ويز (2) والذي بني من الطابوق الأحمر ويرتفع بحوالي خمسة وعشرين متراً ، شكله أسطواني مضلع تطل منه مقصورة مكشوفة في بداية الثلث الأخير منه ، أنشىء للمراقبة ، ويكتب عن تاريخه بأن المجلس النيابي البريطاني أعلن في عام 1274 هـ ( 1858 م) أن مدينة مانجستر مدينة قضاء ، واتخذ على أثرها عدة إجراءات منها إنشاء محكمة ومباني لسكن القضاة إلى جانب إنشاء سجن ، وقد تم بالفعل شراء مبنى ( سترنج ويز ) مع أرض مجاورة بلغت مساحتها ثمان هكتارات (3)لبناء السجن ، ولغرض الحصول على أفضل تصميم نظمت مسابقة فاز بها ألفرد ووترهاوس (4)الذي الذي تمكن من أن يجمع في تخطيطه بين الميزة الفنية والحاجة إلى إيداع السجناء .
وانتهى ووترهاوس من بناء السجن عام 1275 هـ (1859م) وقد جمع في تصميمه بين النمط الإنكليزي المبكر ونمط أوروبا الغربية في البناء ما بين القرن السادس والعاشر الهجري (12 و 16م) ولكنه استأثر في بناء البرج بأوروبا الشرقية بل الشرق أيضاً وفي صفر عام 1281هـ ( تموز 1864م) فتحت المحكمة أبوابها .
وقد أصيب مبنى المحكمة والسجن في الغارة الجوية عام 1359 هـ ( 1940م) أثناء الحرب العالمية الثانية (5)إلا أن البرج ظل قائما إلى يومنا

(1) شارع بري نيو رود : (Bury New Road) .
(2) استرنج ويز : ( Strange ways) .
(3) الهكتار : عشرة آلاف كيلو متراً مربع .
(4) ألفرد وترهاوس : (Alfred Water house) ولد عام 1246 هـ ( 1830م) في ليفربول ( Lverpool ) تتلمذ على رچرد لين ( Richard Lane) في مانجستر مهندس معماري انتهج الطراز الذي كان سائداً في القرون الوسطى والطراز الفكتوري ، يعد تصميمه لمحكمة مانجستر أول عمل اشتهر به ، كرس أكثر أعماله في تصميم المراكز الثقافية كالجامعات والمدارس وذلك في كمبردج وأكسفورد كما صمم عدداً من الكنائس في لندن ، استخدم في أكثر تصاميمه الآجر الأحمر الغامق ( المحروق ) والحديد المزخرف ، توفي عام 1323 هـ ( 1905 م) في يتيندون ( Yattendon ) البريطانية .
(5) الحرب العالمية الثانية : بدأت باحتلال هتلر لتشكوسلوفاكيا في 23 / 1/ 1358 هـ =
اسم الكتاب 155

هذا ليمثل الطراز الشرقي في قلب المملكة المتحدة .



مشفى سانت جود:
يفاجئ الزائر لمدينة ممفس (1)الأمريكية عندما تبهر عينية قبة الصخرة ،

= ( 15 / 3/ 1939 م) فأعلنت كل من فرنسا وبريطانيا الحرب على ألمانيا في 18/7/1358هـ ( 3/ 9/ 1939م) ، وانتهت باستسلام اليابان في 24 / 9/ 1364 هـ ( 2/ 9/ 1945م) .
(1) ممفس : (Memphis) مدينة معروفة تقع على نهر مسيسيبي ( Mississippi) الشهيرة ، وهي عاصمة ولاية تنسي ( Tennessee) الواقعة في الجنوب الشرقي من الولايات المتحدة الأمريكية والمطلة شرقاٌ على المحيط الأطلسي .
اسم الكتاب 156

ويتخيل للوهلة الأولى بأنه في بيت المقدس بفلسطين ، حيث يخيم على جزء من مبنى مشفى سانت جود (1) قبة مثيلة لتلك ، وعندما يبحث عن سر ذلك يجد أن شاباً لبناني الأصل يدعى داني توماس (2)قرر أن يفي بعهد قطعه على نفسه عندما زار كنيسة جود ثاديوس (3)أن يبني مشفى لأمراض سرطان الطفل ، ويخلد تاريخه بذلك ، ففي عام 1374 هـ (1955 م) ، بدأ توماس بالفكرة وواصل نضاله حتى تحققت أمنيته عام 1382 هـ ( 1962 م ) عندما فتح المشفى أبوابه لاستقبال الأطفال المصابين بالسرطان .


(1) مشفى سانت جود : يعتبر الآن من المراكز العالمية الأولى في دراسة وعلاج امراض الأطفال الخطيرة . عالجت حتى الآن ( 1418هـ ) أكثر من أربعة عشر ألف طفل من أنحاء العالم مجاناً حيث تغطي ( Alsac) كافة المصروفات الزائدة عن طاقة التأمين الصحي لكل المصروفات عند عدم وجود تأمين .
وألساك : هيئة أمريكية لبنانية سورية خيرية مشتركة .
(2) داني توماس : لبناني مسيحي ترك مسقط رأسه ليستوطن الولايات المتحدة الأمريكية ، بدأ حياته بالعمل في مجال التسلية ثم تمكن من تطوير نفسه بفضل إيمانه بالله ، وقد طلب منه جل وعلا أن يوفقه لهذا العمل ، وبالفعل فقد تحقق حلمه . توفي في 21 / 7/ 1411هـ ( 6/ 2/ 1991 م ) بعد يومين من المشاركة في الذكرى السنوية التاسعة والعشرين لبناء المشفى ، فدفن في أرض المشفى .
(3) جود ثاديوس : قديسة ( St . Jude Thaddeus) بنيت باسمها كنيسة في ديترويت (Detroit) .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 157

المراقد
تاريخها وتطورها


دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 158




دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 159

حرف الألف

1ـ إبراهيم الأشتر( مرقد )
2ـ أم البنين( مقام )
3ـ أم كلثوم ( مرقد )
4ـ أولاد مسلم ( مرقد )

دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 160




دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 161

(1)
مرقد إبراهيم الأشتر

إبراهيم بن مالك الأشتر النخعي المستشهد في مسكن (1)في شهر جمادى الآخرة سنة 71 هجرية .
كان إبراهيم الأشتر فارساً شجاعاً موالياً لأهل البيت عليهم السلام متصلباً بتشيعه كأبيه مالك الأشتر ، ولماخرج المختار بن أبي عبيدة الثقفي (2)في الكوفة عام 66 هـ آخذاً بثأر الحسين عليه السلام بايعه إبراهيم الأشتر على ذلك .
ولما أقبل عبيد الله بن زياد يقود جيش عبد الملك بن مروان (3)من الشام لمحاربة الثائرين على الحكم الأموي ، خرج إبراهيم الأشتر على جمع من المقاتلين (4)فالتقى الجيشان بمكان قرب خازر (5)في شمال العراق وتمكن من القضاء على جملة من وجوه وقادة الجيش الأموي ، من أبرزهم : عبيد الله بن زياد (6)، والحصين بن نمير (7) ، وشرحبيل بن

(1) مسكن : بفتح الميم وسكون السين وكسر الكاف وبعدها النون ، موضع قريب من نهر الدجيل ، تقع في شمال غربي بغداد وتبعد عنها حوالي مئة كيلو متراً .
(2) المختار : ابن أبي عبيدة الثقفي من الزعماء الثائرين وقد خرج في الكوفة طلباً بثأر الحسين عليه السلام ، قتل في حربه مع مصعب بن الزبير في 14 رمضان عام 67 هـ .
(3) عبد الملك بن مروان الاموي : خامس من حكم من الامويين ما بين ( 65 ـ 86 هـ ) ولد في المدينة وتوفي في دمشق .
(4) هامش كتاب مراقد المعارف : 1/ 40 عن أنساب الأشراف : 5/ 336 .
(5) خازر : نهر يقع بين أربيل والموصل في شمال العراق بين الزاب الأعلى والموصل .
(6) عبيد الله : ابن زياد بن أبيه والي الأمويين على الكوفة والبصرة أرسل الجيش بقيادة عمر بن سعد لقتال الحسين عليه السلام في كربلاء .
(7) الحصين : بن نمير بن نائل السكوني التميمي من أهل حمص ، قائد كتيبة توجه =
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 162

ذي الكلاع (1) ، وابن حوشب (2) ، وغالب الباهلي (3)، وغيرهم .
وكان إبراهيم الأشتر عاملاً للمختار حين قتل عام 67 هـ على الموصل والجزيرة (4) فأقره مصعب بن الزبير (5) عليهما فوافقه على ذلك (6)لمواجهة الأمويين وقتالهم ، وحاول عبد الملك بن مروان استمالته فكتب إليه يدعوه إلى نفسه ويجعل له ولاية العراق ، ولكنه رفض ذلك وبرز لمواجهة الجيش الأموي بقيادة محمد بن مروان (7)فالتقيا بأرض مسكن من العراق فوقعت معركة طاحنة بين الجيشين ، وجاء في وصف المسعودي (8)لمبارزة الأشتر « واشتبكت عليه الأسنة فبرى منها عدة رماح وأسلمه من كان معه فاقتلع من سرجه ودار به الرجال وازدحموا عليه فقتل بعد أن أبلى ونكأ فيهم ـ وحز رأسه ـ وأتي عبد الملك بجسد إبراهيم فألقي بين يديه فأخذه مولى الحصين بن نمير فجمع عليه حطباً وأحرقه بالنار » (9) وكان ذلك في شهر جمادى الآخرة من عام 71 هـ (10).

= الى كربلاء لقتال الحسين عليه السلام ، كان في آخر أمره على ميمنة جيش عبيد الله بن زياد في حربه مع الأشتر .
(1) شرحبيل : بن ذي الكلاع الحميري ، أحد قادة الجيش الاموي ، ولي قيادة خيل عبيد الله بن زياد في حربه مع الاشتر .
(2) ابن حوشب : الظاهر أنه ابن حوشب بن طخمة ذو ظليم الألهاني الحميري الذي شهد صفين مع معاوية فقتل فيها ، وابن حوشب شهد كربلاء لقتال الحسين عليه السلام .
(3) غالب الباهلي : نسبة الى باهلة بن اعصر وكان العرب يستنكفون من الانتساب الى باهلة كأنها ليست فيما بينهم من الاشراف .
(4) الجزيرة : منطقة تقع في شمال سوريا حالياً ، وقد اطلق الجغرافيون هذه التسمية سابقاً على الاجزاء الشمالية من المنطقة التي تقع بين نهري دجلة والفرات .
(5) مصعب بن الزبير : ( 26 ـ 71 هـ ) أخو عبدالله بن الزبير ونائبه في العراق حاصر المختار الثقفي في الكوفة وقتله عام 67 هـ ، قتله عبد الملك بن مروان في معركة دير الجاثليق .
(6) أنساب الأشراف : 5/ 336 كما في هامش مراقد المعارف : 1/ 40 .
(7) محمد بن مروان : بن عبد الملك المتوفى عام 101 هـ ، والي الموصل والجزيرة من قبل والده وقائد جيشه في معركة دير الجائليق .
(8) المسعودي : هو علي بن الحسين بن علي المتوفى عام 346 هـ ، مؤرخ من اهل بغداد ، اقام في مصر ومات بها من مؤلفاته : اخبار الزمان ،البيان ، ذخائر العلوم .
(9) مروج الذهب : 3/ 106 .
(10) وقيل عام 72 هـ .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 163

والظاهر أن القبر شيد في المكان الذي أحرق فيه جسده الطاهر ، حيث مرقده الآن في مسكن على نهر دجيل عند دير الجاثليق (1)، ويقع اليوم في الصحراء ما بين بغداد وسامراء وهو قديم البناء على مرتفع من الأرض وعليه قبة مربعة الشكل من تحت ومدورة من فوق مبنية بالآجر والجص في أراضي الدجيل (2) ، وكانت تعرف بقبة الشيخ ابراهيم ، وقد نقش على حجرفوق باب القبة : « هذا قبر المرحوم السيد ابراهيم بن مالك الاجدر (3) النخعي علمدار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ـ 1089 هـ ـ » (4).
ويذكر حرز الدين (5) أنه زار مرقده الشريف سنة 1311 هـ وأن مرقده يقع على الجادة القديمة بين سامراء وبغداد كما يبعد عن دجلة قرابة أربعة فراسخ (6) ، ومن سامراء إلى مرقده حدود الثمانية فراسخ ، ومنه إلى الكرخ ومقابر قريش عشرة فراسخ على بعض الطرق التي تعورف على السير فيها قديماً (7).

(1) دير الجاثليق : دير قديم على مفترق طرق ، كان يرتبط ادارياً منذ العهود القديمة بمسكن ويقع غربي دجيل .
(2) مراقد المعارف : 1/ 37 .
(3) لعله تحريف للأشتر حيث يفهم من الكلام الذي بعده أن كاتبه كان إما من الفرس أو الترك لأن كلمة « علمدار » مستعملة عندهما وهي تعني صاحب البيرق ، على أن مالك الأشتر لم يكن صاحب بيرق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بل كان صاحب لواء ابن عم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الإمام علي عليه السلام ولعله أراد ذلك ، وعليه فيكون في الكلام سقط ولعل الصحيح « علمدار صاحب رسول الله ، أو وصي رسول الله » .
(4) هامش مراقد المعارف : 1/ 38 عن مراقد الأئمة والأولياء في سامراء : 42 ، ويعلق محمد حسين حرز الدين على كلام يونس السامرائي مؤلف كتاب مراقد الأئمة والأولياء قائلاً : « فهو إما إشتباه من الناسخ أو تحريف مقصود ، والصواب إبراهيم ابن مالك الأشتر » ويؤكد على أن مرقده في نواحي دجلة حيث يقول : لا خلاف بين المؤرخين ،علاوة على ذلك التسالم بين الفريقين يداً عن يد قديماً وحديثاً على أن هذه البنية القائمة اليوم هي قبر إبراهيم بن مالك الأشتر .
(5) حرز الدين : هو محمد بن علي بن عبد الله من بني مسلم ( 1273 ـ 1365 هـ ) من علماء الامامية ولد وتوفي في النجف ، له مؤلفات في مختلف العلوم والفنون بلغت 79 كتاباً منها : معارف الرجال ، ديوان شعره ، السمائل في الفقه .
(6) الفرسخ يعادل حوالي 5و5 كيلو متر .
(7) مراقد المعارف : 1/ 38 .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 164

ويذكر صاحب المشكاة : أن إبراهيم بن مالك النخعي رضوان الله عليهما قتل عند دير الجاثليق وأحرق جسده بالنار سنة سبع وستين من الهجرة ، وقبره بنواحي الدجيل عليه قبة من الجص والآجر ، معروف عند الناس بمرقد إبراهيم بن مالك الأشتر ، وغير مستبعد ذلك لكونه قتل هناك وأحرق بنو أمية جثته الشريفة بالنار (1).
هذا ولا زالت أطلال مرقده تشاهد على يمين الطريق المؤدي إلى سامراء بعد مدينة الدجيل بمسافة قليلة .
ومكان قبره اليوم يقع في قضاء فارس التابع لمحافطة صلاح الدين الذي يبعد عن مدينة الكاظمية 45 كيلو متراً ، عند شارع غير مبلط متفرع من الطريق العام الذي يربط بين سامراء والكاظمية وعلى مقربة من جسر الاسحاقي الذي تم تجديد بنائه من قبل سدنة المرقد عام 1417 هـ ، وقد طلبت من السيد سلمان هادي آل طعمة بأن يتوجه إلى المرقد ويوافيني ببعض التفاصيل فلبى طلبي مشكوراً ووافاني بمضمون التقرير التالي نقلاً عن سليمان أحد سدنة المرقد وكان ذلك في يوم الجمعة 24 / ذي الحجة / 1417 هـ (2):
فنقل سلمان (3)عن سليمان أن تاريخ هذا البناء يعود إلى عهد جده أي قبل حوالي قرن ، وأما القبة فقد جدد بناؤها عام 1391 هـ .
القبة مكسوة من الخارج بالقاشاني ومن الداخل مزخرفة بالآيات القرآنية وتحتوي على 12 شباكا مطلاً على الضريح وهي مرتكزة على ستة أعمدة بارتفاع سبعة أمتار ، والأعمدة مكسوة بالمرمر بارتفاع مترين ، بين كل عمود وآخر شباكان .

(1) هامش كتاب مراقد المعارف : 1/ 38 عن مشكاة الأدب .
(2) الموافق 2/ 5/ 1997 م.
(3) سلمان : هو ابن هادي آل طعمة بن محمد مهدي الموسوي ، ولد في كربلاء سنة 1353 هـ ، شاعر وكاتب له مؤلفات كثيرة اختص أكثرها بتاريخ كربلاء المقدسة
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 165




دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 166

وتحت القبة يقع ضريح ابن الأشتر وهو مصنوع من البرونز الأصفر ، نقل من ضريح السيد محمد (1)ابن الإمام الهادي عليه السلام عام 1385 هـ يبلغ حجمه ثلاثة أمتار في أربعة أمتار وربع بارتفاع مترين ونصف ، ويحاط به حرم مربع الشكل طول كل من أضلاعه 18 متراً ، ويطل على الصحن بأربعة أبواب مدعمة بالحديد .


(1) السيد محمد : هو النجل الاكبر للامام علي الهادي عليه السلام توفي عام 252 هـ ومرقده يقع على الطريق العام بين الكاظمية وسامراء على بعد ثمانية فراسخ من سامراء على يمين الذاهب إلى سامراء ، على مقربة من مدينة بلد .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 167

والروضة من الخارج مطلية بالجص ومحاطة بصحن غير مبلط يبلغ طول سياجه الخارجي مئة متر ، بينما يبلغ عرضه ثمانين متراً ، وهو مبني من الطابوق الاسمنتي الكبير ( بلوك ) ، وفيه إيوان ( طارمة ) للروضة إلا أنها غير مشيدة وفيه أيضاً غرفة ملحقة بالروضة اتخذت كمخزن لحفظ أثاث المرقد ، كما أن الروضة مزودة بالتيار الكهربائي ووسائل التبريد .


دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 168

وللمرقد ثلاثة عشر سادناً يتناوبون على خدمته أسبوعياً ، وقد تعرفنا على اثنين من المسؤولين منهم ، هما : جبار حسين خضير الخزرجي ، وصبار گعيد حمود الخزرجي .
ويتوافد على المرقد أبناء العراق من الجنوب والوسط أيام العطل الأسبوعية والمناسبات .
كما أن في الروضة لوحة الزيارة والتي تبدأ بالدعاء عند زيارة المقابر تليها زيارة خاصة بابن الأشتر يظهر منها أنها من وضع أهل المعرفة وهذا نصها :
« السلام على أهل لاإله إلا الله من أهل لا إله إلا الله ، يا أهل لا إله إلا الله بحق لا إله إلا الله ، كيف وجدتم قول لا إله إلا الله من أهل لا إله الأ الله يا أهل لا إله إلا الله بحق لا إله إلا الله اغفر لمن قال لا إله إلا الله ، واحشرنا في زمرة من قال : لا إله إلا الله محمد رسول الله علي ولي الله (1)، السلام عليك أيها البطل المغوار ، السلام عليك أيها الآخذ بالثار ، السلام عليك أيها المجاهد بين يدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يوم صفين ، السلام عليك يا من نهضت بك حميتك لأخذ ثأر الغريب المظلوم الشهيد بكربلاء حتى شفيت القلوب وأثلجت الصدور ، السلام عليك يا إبراهيم ابن البطل المشهور مالك الأشتر النخعي ، السلام عليك يا بن المفادي عن أمير المؤمنين حتى قال فيه سيد الوصيين كان لي مالك كما كنت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (2) ، السلام عليك أيها الشجاع الهمام ، الرئيس المقدام ، الموالي لآل بيت (3) الرسول الكرام ، الذي أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، اللهم إن هذا قبر المحب لأهل البيت ، الموالي لهم والمجاهد دون مبدئهم ، والمدافع عنهم ، وأن المرء مع من أحب ، اللهم ارزقنا وإياه مرافقتهم في الجنان ، إنك أنت أرحم الراحمين ، وصلى الله على محمد رسوله وآله الطاهرين وسلم تسليماً كثيراً كثيراً » .

(1) إلى هنا ينتهي نص زيارة أهل المقابر المروية عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ـ راجع مفاتيح الجنان : 1048 ـ.
(2) جاء في اللوحة صلى الله عليه وآله وسلم والصحيح إضافة « وآله » .
(3) كذا في اللوحة والصحيح« لأهل بيت » .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 169

(2)
مقام أم البنين

في الزاوية الجنوبية الغربية من رواق الروضة العباسية في كربلاء يزعم أن هناك مقاماً لأم البنين (1) ويقول المثل : « ثبت العرش ثم انقش » حيث أن من المعروف أن أم البنين لم تحضر معركة الطف هذا على فرض من قال بحياتها حتى عام 61 هـ راجع بشأن هذا ترجمتها من هذه الموسوعة (2) ، وعلى كل فهي فاطمة بنت حزام بن خالد الكلابية أم أبي الفضل العباس وأخوته الثلاثة عبد الله وجعفر وعثمان من الإمام أمير المؤمنين عليه السلام .
ويقول السيد سلمان هادي آل طعمة : « إن النساء كن يلصقن التربة على الحائط عند مقامها أفقياً فإذا لصقت يعلم بأن حاجة اللاصق سوف تنفذ وإن لم تلتصق يعلم بأن حاجته غير قابلة للتنفيذ .
وأضاف قائلاً : وقد اندثرت هذه العادة بعد تجديد بناء الرواق » (3) وذكر لي السيد سلمان أيضاً : أن في هذا الموقع مقبرة دفن فيها الشيخ علي ابن عبد الرسول سادن الروضة العباسية المتوفى عام 1187 هـ يزدحم عليها عدد كثير من النساء على باب المقبرة ويزعمن بأن هذه المقبرة مقام لأم البنين ويأتين بالخيوط الخضر لربطها بالباب ، ويخضبن الباب بالحناء ثم يطلبن الحاجة .

(1) جاء في كتاب كربلاء في الذاكرة : 170 إنه يقع في الرواق الشمالي من الروضة العباسية ، لكنه خطأ مطبعي والصحيح الجنوبي .
(2) راجع ترجمتها في معجم الشعراء ، أو في معجم الأنصار الهاشميين في ترجمة أبنائها من هذه الموسوعة .
(3) كربلاء في الذاكرة : 170 .
دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 1 170

أقول : ولعل الأسطورة جاءت من أن نساء الهاشميين كلهن حضرن كربلاء ، ولا بد أنهم عدوها ممن حضرن كربلاء فصوروا وقوفها على جثمان ابنها كما هو العادة ، فأصبح موقفها هنا مقاماً لها .
وقد عرفت بأنها لم تحضر كربلاء وقد ماتت في المدينة والظاهر أنها دفنت بالبقيع والتحدث عن مرقدها خارج عن موضوع هذا الباب .


المكان الذي يرمز لمقام ام البنين في الروضة العباسية في كربلاء - العراق

السابق السابق الفهرس التالي التالي