دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 1




دائرة المعارف الحسينية
معجـم الشعـراء
الناظمين في الحسين (ع)
( الجـزء الاول )



دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 2




دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 3


دائرة المعارف الحسينية

معجـمُ الشعـراء
الناظمين في الحسين (ع)

( الجزء الأول )

محمد صادق محمد
( الكرباسي )

المركز الحسيني للدراسات
لندن ـ المملكة المتحدة


دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 4


الطبعة الأولى
1419 هـ ـ 1999 م


دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 5

بسم الله الرحمن الرحيم(1)

الحمدُ للهِ وسلامٌ على عِبادهِ الذينَ اصْطَفَى(2) آدمَ ونوحاً وآلَ إبراهيمَ وآلَ عمرانَ على العالمين ، ذريّةٌ بَعضُها من بعضٍ واللهُ سَميعٌ عَليم(3) ، إنّه لقولُ رسولٌ كَريم(4) ، إني لَكُم رَسولٌ أَمين(5) ، أُبلغكُم رِسالاتُ ربّي و(6) لا أَسْألكُم عَليهِ أَجْراً إلا المَوَدّةَ في القُربى(7) وآتِ ذا القُربى حَقّهُ(8) ذلِكَ خيرٌ للذينَ يُريدُونَ وَجْهَ اللهِ وأُولئِكَ هُمُ المُفلِحُون(9) .

صدقَ اللُه(10) العليُّ العَظيم (11)



(1) سورة النمل ، آية : 30 .
(2) سورة النمل ، آية : 59 .
(3) سورة آل عمران ، آية : 33 ـ 34 .
(4) سورة الحاقة ، آية : 40 .
(5) سورة الشعراء ، آية : 107 .
(6) سورة الأعراف ، آية : 62 .
(7) سورة الشورى ، آية : 23 .
(8) سورة الأسراء ، آية : 26 .
(9) سورة الروم ، آية : 38 .
(10) سورة آل عمران ، آية : 95 .
(11) سورة البقرة ، آية : 255 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 6

قال الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم :

« إن الحسين مصباح هدى
وسفينة نجاة
وإمام خير ويمن
وعز وفخر
وبحر علم وذخر »
(1)

وصدق رسوله الكريم

(1) عيون أخبار الرضا : 1/62 ، وقريب منه في فرائد السمطين : 42 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 7


مقدمة الناشر

الشعر صنيع الشاعر ، ولا شعر بلا شاعر تفتقت قريحته عن كلام منظوم في أبيات موزونة مقفّاة ، والشاعر ابن بيئته يتأثر بها وبهمومها وقضاياها ويحملها في فؤاده ليصوغها شعراً ، والشاعر يؤثر في بيئته وبني جلدته ، وحتى الأجيال اللاحقة به .
فالشاعر ان قال حماساً ألهب المشاعر وجيّش النفوس ، وإن قال رثاءاً أحزن الأفئدة والجوارح وأبكى العيون ، وإن قال غزلاً هيّج العواطف وأثلج صدور العشاق ، وإن ضمّن شعره أحداثاً جرت في عهده بقي شعره تاريخاً تخلّده الأزمنة ويعود إليه البحّاثة للاستشهاد به كما يستشهدون بكتب التاريخ والسير .
ولأن هذه الموسوعة أرادها واضعها حاوية لكل ما يتعلق بالإمام الحسين عليه السلام ونهضة الحسين عليه السلام ، فهي لن تكتمل من تدون ذكر الشعراء الذين نظموا شعراً في الحسين عليه السلام ، ونصرته ، ونصرة أهدافه ومبادئه ، حيث لا يخفى على أحد ما للشعراء الحسينيين من دور هام في نشر أهداف نهضة الإمام الحسين عليه السلام ، وتسليط الضوء على مظلوميته على مر الازمنة والعصور ، إذ لم يخلُ زمان ولا مكان من شعراء نظموا شعراً في الحسين عليه السلام ، وأهل بيته وأنصاره ، حتى غدت معظم مجالس العزاء تفتتح بأبيات من الشعر وتختتم بأبيات من الشعر الفصيح والعامي على السواء ، ناهيك عن اللطميات الحسينية وهي قصائد تقرأ في عاشوراء بأطوار متعددة .
لقد أكرم الأئمة عليهم السلام الشعراء الذين نظموا في الحسين عليه السلام ، فها هي كتب التاريخ تحدثنا عن إكرام الإمام أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام للشاعر دعبل الخزاعي عندما أنشده قصيدته التائية الخالدة التي مطلعها :

دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 8


تجاوَبنَ بالإرنانِ والزّفراتِ نوائحُ عُجمُ اللفظِ والنَّطقاتِ

وكان تأثر الإمام الرضا عليه السلام بالغاً لدرجة أن بعض أبياتها أبكى الإمام عليه السلام حتى الإغماء ثلاث مرّات ، ولما فرغ دعبل من انشادها دخل الإمام عليه السلام الدار وبعث مع الخادم إلى دعبل صرّة فيها عشرة آلاف درهم من الدراهم المضروبة باسمه ـ كان الامام الرضا عليه السلام يومها ولياً لعهد المأمون ـ لكنّ دعبل رفض أخذ المبلغ طالباً منه أن يهب له ثوباً من ثيابه ، فأنفذ إليه الإمام بجبة خز مع المبلغ .
هذا الجزء من دائرة المعارف الحسينية ، هو الجزء الأول من معجم الشعراء الناظمين في الحسين عليه السلام يحتوي على ترجمة موجزة لكل شاعر من هؤلاء الشعراء وهو بالتحديد يحوي تراجم لأربعة وأربعين شاعر ، على أن تصدر تراجم الشعراء الآخرين تباعاً في أجزاء لاحقة بإذن الله تعالى . والحمد لله رب العالمين .

10/شوال/1419هـ
29/1/1999م



دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 9


قسم

تراجم الشعراء الناظمين في الإمام الحسين (ع)

بالعربيّة الفصحى


دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 10




دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 11


بسم الله الرحمن الرحيم

أحمدك اللهم يا سابغ الفضل والنعم
وأصلي عليك يا نبي العرب والعجم
وسلام عليكم يا صفوة الخلق والأمم

لندن
محمـد صـادق
صيـف
1417 هـ ـ 1996 م .



دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 12




دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 13


تمهيد

دور الشعراء

بعدما وضعنا دواوين الشعر ، شعرنا بالحاجة إلى التعريف عن الشاعر حيث يظل مجهولاً عند الكثير من القراء بدونه وتبقى قيمة الشعر محدودةً بعدم معرفة قائله ، فلذا بادرنا إلى ترجمة الشاعر بأقل ما يمكن ، للإحاطة به من الناحية الأدبية ـ جانب الشعر ـ ولا يخفى على أحد دور الشعراء في نشر أهداف الإمام الحسين عليه السلام على مدى العصور والأجيال ، وهو دور مشرف .
فالشاعر المهدف سيظل اسمه خالداً مع أنصار الحسين عليه السلام الذين بذلوا مُهَجَهم دونه ودون أهدافه السامية حيث أن النصرة هي نصرة الأهداف ، ولا تنحصر بالنزول إلى ساحة الوغى بل هي من أبرز مصاديقها وأشرف أنواعها .
وأما الشاعر الذي يستخدم فن التعبير في نصرة أبي عبد الله الحسين عليه السلام وأهدافه ويتخذ من نفسه إذاعة جوالة لنشر مفاهيم تلك النهضة المباركة التي عنونها الإمام عليه السلام بقوله : «إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي»(1) وأطلق من خلالها أسس الحياة الكرمية التي منها قوله المدوي : «إن لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون المعاد فكونوا أحراراً في دنياكم»(2) ، تلك الحقيقة التي امتازت بصدق العمل وحرية الضمير .
فالشاعر المخلص والموالي يشعر بالذنب إن لم يشترك مع سيده الحسين عليه السلام في ترسيخ تلك الأسس التي تنازل لأجلها الإمام عليه السلام عن حياته وحياة أعز المقربين لديه .

(1) مقتل الحسين للمقرّم : 139 .
(2) اللهوف : 50 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 14


والشاعر عندما ينظم في الحسين عليه السلام يرى أنه في ساحة الجهاد يواكب سيده وينصره بالكلمات بدل السيوف والرماح وذلك حين لم يحظَ بالمشاركة في معركة الكرامة بكربلاء عام 61هـ ، وإلى هذا المعنى يشير مهيار الديلمي(1) في قوله : ـ من المتقارب ـ :
وما فاتني نصركم باللسان إذا فاتني نصركـم باليد(2)

وأما الشريف المرتضى(3) فرغم أنه يرى بأن في نظم الشعر انتصاراً للإمام عليه السلام إلا أنه لا يقتنع بهذا الحد حيث يقول ـ من الخفيف ـ :
لست أرضى في نصركم وقد احتجـ ـتـم إلى النصـر مني الأشعـارا
غـيـر أني مـتى نصرتكم بطعـن أو بضـرب أســابق النصّــارا(4)

ويقول في قصيدة أخرى ـ من السريع ـ :
ولم أكن أقنع في نصركم بنظـم أبيــات مـن الشعر(5)

ويقول الخوارزمي(6) في نصره للإمام الحسين عليه السلام بنظم الشعر ـ من الوافر ـ :
وإن موفقـاً إن لـم يقاتـل أمامك يابـن فاطمـة البتـول
فـسوف يصوغ فيك مجرات تنقل في الحزون وفي السهول(7)


(1) مهيار الديلمي : هو مهيار بن مرزويه الديلمي المتوفى عام 428هـ ، من كبار شعراء القرن الخامس الهجري ، راجع ترجمته في هذا ألمعجم فصل الميم .
(2) ديوان القرن الخامس ، المقطوعة : 9 .
(3) الشريف المرتضى : هو علي بن الحسين بن موسى المتوفى عام 436هـ وهو من كبار علماء وشعراء القرن الخامس الهجري ، راجع ترجمته في هذا المعجم فصل العين .
(4) ديوان القرن الخامس المقطوعة : 26 .
(5) ديوان القرن الخامس المقطوعة : 30 .
(6) الخوارزمي هو : الموفق بن أحمد الخوارزمي المتوفى عام 568هـ ، تلميذ الزمخشري ، كان من أعلام الحنفية وخطبائها ، له مؤلفات منها مقتل الحسين عليه السلام ، مناقب علي بن أبي طالب ، مناقب أبي حنيفة ، وكتاب الأربعين في أحوال سيد المرسلين صلى ألله عليه وآله ، ومسانيد على البخاري .
(7) راجع المقطوعة : 72 من ديوان القرن السادس من هذه الموسوعة .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 15

ويقول ابن أبي الحديد(1) ـ من الطويل ـ :
ويا حسرتـا إذْ لمْ أكـن في أوائلٍ مِـن النّاس يُتلى فضلُهُـم فـي الأواخـرِ
فأنْصُرَ قوماً إن يكنْ فاتَ نصرهم لدى الرَّوعِ خَطّاري(2) فما فاتَ خاطري(3)

وهكذا جاءت قوافل الشعراء وسجّلت موقفها تجاه نهضة أبي عبد الله الحسين عليه السلام في وجه الظلم والطغيان وظلت تقتدي به وتعتبره مثلاً أعلى للإباء والتضحية . ورمزاً للحرية والكرامة .
هذا وقد أدرك الطغاة منذ اليوم الأول بأن في الشعر حركة إعلامية قوية تفوق كل الوسائل الإعلامية الأخرى وجرت سيرتهم إلى يومنا هذا على استخدامها كوسيلة عظمى في الإعلام ، فهذا صدام حسين(4) رئيس جمهورية العراق كان قد منع التداول بالشعر الدارج (الشعبي) في العراق بحجة أن تداوله يضعف من اللغة الفصحى ولكنه رجع عن قراره هذا حين أعلن الحرب ضد إيران فاستخدم الشعراء وبالأخص الناظمين باللهجة الدارجة ـ حيث أن قدرة الإثارة فيها كبيرة جداً بالنسبة إلى الشعب العراقي ـ وخلع عليهم الجوائز وطلب منهم أن ينظموا قصائد حماسية في الحرب لتهيج النفوس ضد إيران .
وإذا ما راجعنا التاريخ نجد أن حرب صفين التي وقعت بين الإمام أمير المؤمنين عليه السلام وأنصاره من جهة ومعاوية بن أبي سفيان وأتباعه من جهة أخرى عام 37هـ فإن للشعر فيه دوراً كبيراً إعلامياً وحماسياً فإن ديوان(5) هذه

(1) ابن أبي الحديد : هو عبد الحميد بن محمد بن محمد المدائني ، ولد سنة 586هـ ، من علماء المعتزلة ، اشتهر بشرحه لنهج البلاغة ، توفي ببغداد سنة 655هـ .
(2) الخطّار : خَطّرَ الرمح اهتز ، والخطّار : الطعّان بالرمح .
(3) راجع ديوان القرن السابع من هذه الموسوعة .
(4) صدام : هو ابن حسين المجيد التكريتي ولد عام 1346هـ في تكريت ، انتمى إلى حزب البعث العراقي تولى الرئاسة عام 1399هـ .
(5) إن من الجدير بهذه الأشعار أن تجمع ضمن كتاب تحت عنوان ديوان صفين ، كما بالإمكان أن توضع مسرحية شعرية في ذلك كما هو مألوف الآن في الملاحم ، وهذا يوصلنا إلى أن هذا النوع من المسرح كان بالفعل قائماً في الحرب .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 16


الحرب كما في رواية ابن مزاحم(1)(2) الراوي لفصول هذا القتال وفيها يحمل الينا 502 مقطوعة شعرية لـ 195 شاعراً ، منها 161 مقطوعة من الرجز والباقي من سائر الأوزان(3) وهذا الكم الهائل من الشعر في حرب واحدة يؤكد لنا الدور الإعلامي للشعر من جهة والدور الحماسي في الحرب من جهة أخرى .
وإذا ما رجعنا القهقرى فنجد أن المعلقات السبع أو العشر ما هي إلا نتيجة للحركة الإعلامية التي انبثقت في سوق عكاظ المؤتمر السنوي للشعر وذلك للاعلان عن فوز أشعرهم وأقدرهم على نظم الشعر بالقدح المعلّى ، ويشير ابن رشيق(4) إلى دور الشعراء ومكانتهم لدى الشعوب قائلاً :
«كانت القبيلة من العرب إذا نبغ فيها شاعر أتت القبائل فهنأتها ، وصنعت الأطمعة واجتمع النساء يلعبن بالمزاهر ، كما يصنعون في الأعراس ، ويتباشر الرجال والولدان ، لأنه ـ الشاعر ـ حماية لأعراضهم وذبّ عن أحسابهم وإشادة بذكرهم ، وكانوا لا يهنَّؤون إلا بغلام يولد أو شاعر ينبغ فيهم أو فرس تنتج»(5) .
وقال الجاحظ عن مكانة الشاعر ودوره : «كان الشاعر في الجاهلية يقدّم على الخطيب لفرط حاجتهم إلى الشعر الذي يقيّد عليهم مآثرهم ويُفخّم شأنهم ويهوِّل على عدوهم ومن غزاهم ، ويُهيَّب من فرسانهم ويخوف من كثرة عددهم فيهابهم شاعر غيرهم ويراقب شاعرهم»(6) .
وما ندوات الشعر التي كان السلاطين والملوك والأمراء والوزراء

(1) راجع كتاب صفين لنصر بن مزاحم .
(2) ابن مزاحم : هو نصر بن مزاحم بن سيار المنقري المتوفى 212هـ ، مؤرخ إمامي كوفي النشأة سكن بغداد ، له مؤلفات ثمانية منها : الغارات ، عين الوردة ، الجَمَلْ .
(3) الأوزان التي استخدمت في حرب صفين هي :
الوافر ، الخفيف ، البسيط ، المتقارب ، الكامل ، الرمل ، المنسرح ، السريع ، الهزج .
(4) ابن رشيق : هو الحسن بن رشيق القيرواني (390 ـ 456هـ) ولد في ضواحي تونس العاصمة ثم انتقل إلى قيروان وتوفي في ضواحي صقلية ، أديب وناقد وباحث كاتب ، تربو آثاره على ثلاثين مؤلفاً منها قراظة الذهب ، الشذوذ ، ميزان العمل .
(5) العمدة : 1/78 .
(6) البيان والتبيين : 1/45 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 17


يعقدونها في البلاطات والقصور إلا لكسب أكثر عدد ممكن من الشعراء الذين يرجون منهم القيام بحركة الدعاية والبث الإعلامي المنشود للخط وللسلطان ، وبالتالي تعطى لهم السنايا والعطايا بسخاء وكرم حسب مقدرة الشاعر على الدور الذي أوكل إليه .
ومن هنا يتضح لنا دور الشعراء الحسينيين في إحياء ذكرى عاشوراء على مر العصور من جهة ، ودورهم في ترسيخ المبادئ التي نهض الإمام الحسين عليه السلام لأجلها في وجه الطغيان والطاغية ، فإذا ما أخلص الشاعر نيته وجعل نصب عينيه تلك الأهداف السامية ، فلا شك أنه مسجل في ديوان الحسين عليه السلام ويستحق أن يحمل وسام الأنصار .
وأخيراً نصل إلى السبب الحقيقي من وراء اضطهاد الشعراء الحسينيين على يد سلاطين القمع والإرهاب ووزراء السجن والتعذيب كما نصل إلى السبب من وراء اغتيال الشعر الحسيني بل شعر مدرسة أهل البيت عليهم السلام بشكل عام من كتب التاريخ والتراث والأدب والسيرة ، وإبعاده من نوادي أدب ومجالس الشعر ، فكلما كان الشاعر جاداً في نشر تلك الأهداف الحسينية بل المحمدية كلما كانت معاناته أدهى وأعظم ، وكلما كان الشعر بديعاً فتح طريقه إلى القلوب والأذهان كلما كان اغتياله أسرع وأشد .
إذاً فالشاعر لا بد وأن يكون ملتزماً مهدفاً يضع الأمة على الطريق الصحيح ومسارها السوي ويجنبها الانحراف والانزلاق حيث أن الشعوب تنظر إلى الشعراء بأنهم رسل السلام والمحبة ورجال الفكر والثقافة فلا بد أن يتحملوا مسؤولياتهم بأحسن وجه وبشكل دقيق ، ويتجنبوا الكذب والدجل ويبتعدوا عن أبوب السلاطين والملوك ومن المعروف أن حبل الكذب قصير(1) ، كما أن الملك لو دام لأحد لما وصل إلى غيره .

(1) يقول جوبلز لدى حديثه عن الدعاية والإعلام : «إن الدعاية الطيبة لا حاجة بها إلى الكذب بل يجب أن تنأى عنه وليس ثمة ما يدعو لتزييف الحقائق... والدعاية الكذوب تقدم ضد نفسها برهاناً على أنها تدافع عن قضية خاسرة وهي لا تنجح على طول الخط . وإنما تنجح الدعاية في آخر المطاف حينما تدافع عن حق وعدل ، والحق يحتاج إلى من يعبد الطريق أمامه...» ـ راجع الاعلام والدعاية نظريات وتجارب : 157 ـ .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 18


الشعر فن له قدسيته ومكانته لدى جميع الشعوب وفي كل الأعصار والامصار فلولا قدسيته لما عد الشعراء في مصاف الأنبياء والرسل على العهد الجاهلي ، ولما خلد ذكر تلك الزمرة التي قامت بواجباتها بينما أهمل أولئك الذين تسكعوا على أبواب الأمراء والوزراء وتراكضوا خلف الدرهم والدينار «فأمّا الزَبَدُ فَيَذهَبُ جفاءً وأمّا ما يَنفَعُ الناسَ فَيَمكُثُ في الأَرْضِ كَذلِكَ يَضْربُ اللهُ الأمْثالَ»(1) ، وما زال الشاعر يرضي ربه وضميره فهو مؤيد من قبل الله جلّ وعلا وقد قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لحسان(2) : «لا تزال يا حسان مؤيداً بروح القدس ما نصرتنا بلسانك»(3) ، وقال الإمام الصادق عليه السلام لهشام(4) : «يا هشام لا تزال مؤيداً بروح القدس ما نصرتنا بلسانك»(5) ، وإلـى هـنا نكتفي ونـترك التفاصـيل إلـى محلها(6) .

(1) سورة الرعد ، الآية : 17 .
(2) حسان : هو ابن ثابت بن المنذر الخزرجي الأنصاري المتوفى عام 54هـ شاعر مخضرم اختص بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم بعد الإسلام ، عاش ستين سنة في الجاهلية ومثلها في الإسلام .
(3) بحار الأنوار : 21/388 .
(4) هشام : هو ابن الحكم الكوفي ، مولى بني كندة وكان عند بني شيبان بالكوفة ، ولد بالكوفة ونشأ بالواسط وسكن بغداد عام 199هـ ، وفي حدود هذه السنة توفي بها ، كان من أصحاب الأئمة الصادق والكاظم والرضا عليهم السلام ، له مؤلفات منها : الإمامة ، القدر ، الدلالات على حدوث الأشياء .
(5) بحار الأنوار : 10/293 .
(6) راجع باب المدخل إلى الشعر الحسيني من هذه الموسوعة .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 19

الشعر والشعراء

لقد سبق وتحدثنا في باب المدخل إلى الشعر الحسيني(1) إن أول ما نظم من الشعر هو بحر الرجز(2) وقد سنَّه لأول مرة جد(3) الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مضر(4) بن نزار بن معد بن عدنان ، وقد ذكرنا أيضاً في تاريخ الشعر وتطوره وادعاء البعض بأن الشعر العربي يعود إلى ألفي عام قبل الإسلام إلا أنه لم يتمكن من إثبات مدعاه .
وعلى كل فإن مضر بن نزار له وجود على أرض الواقع ولا بد من التمسك به كأوَّل من نظم إلى أن يبرز اسم آخر في قباله ، هذا وقد توصلنا أيضاً في مقدمة باب الشعر الفارسي بأنه بدأ بعد الإسلام(5) ، وتحدثنا عن شعر البوذيين في ديوان الأبوذية(6) ومدى تقدمهم في الشعر ، وفي غيرها من أبواب الشعر غير العربي بكلا نوعيه الغربي والشرقي ، ومع هذا فيظل مضر على الأقل يحتفظ بوسام السبق في نظم الشعر العربي فهو أبو الشعراء العرب إن لم يكن الأب المطلق للشعر والشعراء .

(1) راجع المدخل إلى الشعر الحسيني فصل الرجز من هذه الموسوعة .
(2) الرجز : نوع من الشعر ينظم بتكرار «مستفعلن» ست مرات ، ويأتي تاماً ومشطوراً ومنهوكاً .
(3) يعتبر مضر الجد السابع عشر للرسول صلى الله عليه وآله وسلم «راجع باب الحسين نسبه.. نسله» من هذه الموسوعة .
(4) مضر : اسمه عمر ، وأمه سودة بنت عك ، وقيل غير ذلك كان آية في الذكاء وكان على الحنفية الإبراهيمية .
(5) راجع باب الشعر الفارسي الجزء الأول من هذه الموسوعة وذكرنا أن هناك من يريد نسبة الشعر إلى بهرام الخامس الملقب بكور (420 ـ 438م) ، إلا أنه لم يفلح .
(6) راجع ديوان الأبوذية الجزء الأول ـ المقدمة ـ حيث ذكرنا ذلك عند بيان وجه التسمية بالأبوذية وتطرقنا إلى الشعر البوذي وتاريخه .

الفهرس التالي التالي