البالغون الفتح في كربلاء 408

لم نعثر في كتب التواريخ والتراجم ـ حسب متابعتنا ـ على إلتحاق هذا الشهيد بركب ألإمام الحسين عليه السلام إذ لم يذكر فيمن إلتحق بألإمام عليه السلام في مكة ، كما لم يذكر فيمن إلتحق له عليه السلام في كربلاء ، فالظن أنه ممن إلتحق بألإمام عليه السلام في الطريق بين مكة وكربلاء (1).
قال أبو مخنف عن الضحاك بن عبدألله المشرقي قال : لما رأيت أصحاب الحسين عليه السلام قد أصيبوا ، وقد خلص إليه وإلى أهل بيته ولم يبق معه غير سويد بن عمرو بن أبي المطاع الخثعمي وبشير بن عمرو الحضرمي (2).
كان سويد عند القتال يرتجز :
أقدم حسين اليوم تلقى أحمدا وشيخك الحبر عليا ذا الندى
وحسنا كالبدر وافى ألأسعدا وعمك القرم الهمام ألأرشدا
حمزة ليث ألله يدعى أسدا وذا الجناحين تبوأ مقعدا
في جنة الفردوس يعلو صعدا(3)

قال الراوي : وتقدم سويد بن عمر بن أبي المطاع ، وكان شريفا كثير الصلاة ، فقاتل قتال ألأسد الباسل ، وبالغ في الصبر على الخطب النازل ، حتى سقط بين القتلى وقد أثخن بالجراح ، ولم يزل كذلك وليس به حراك حتى سمعهم يقولون : قتل الحسين ، فتحامل وأخرج من خفه سكينا ، وجعل يقاتلهم بها حتى قتل رضي ألله عنه (4).
وكان سويد آخر شهيد من أصحاب الحسين عليه السلام رحمة ألله

(1) المجموعة الموضوعية : ج3 ص 297 .
(2) الطبري : ج4 ص 641 .
(3) الدكتور لبيب بيضون : موسوعة كربلاء ص 108 .
(4) السيد إبن طاوُس : الملهوف ص 165 .
البالغون الفتح في كربلاء 409

ورضوانه عليهم أجمعين وأشركنا معهم إله الحق آمين (1).
قال أرباب المقاتل : وكان يأتي الحسين عليه السلام الرجل بعد الرجل فيقول : السلام عليك يابن رسول ألله ، فيجيبه الحسين عليه السلام ويقول : وعليك السلام ونحن خلفك ثم يقرأ : «مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً»(2).
ذكره الطبري والشيخ وقال عنه في بحار ألأنوار (وكان شريفا كثير الصلاة ) وذكره إبن شهر آشوب مصحفا (عمرو بن أبي المطاع الجعفي ) (3).

(1) منتهى ألآمال : ص 391 .
(2) سورة ألأحزاب ، ألآية: 23 .
(3) المحقق شمس الدين : ألأنصار : ص 91 ـ 92 .
البالغون الفتح في كربلاء 410




البالغون الفتح في كربلاء 411

الناجون

لماذا أعطى ألإمام الحسين عليه السلام إذنا لأصحابه بألإنصراف !؟

قال المفيد : قال الحسين عليه السلام أما بعد : فإنه قد أتانا خبر فظيع قُتل مسلم بن عقيل رضوان ألله عليه وهانئ بن عروة رضوان ألله عليه وعبدألله بن يقطر وقد خذلنا شيعتنا فمن أحب منكم ألإنصراف فلينصرف غير حرج ليس عليه ذمام . فتفرق الناس عنه وأخذوا يمينا وشمالا حتى بقي في أصحابه الذين جاؤوا معه من المدينة ونفر يسير ممن إنضموا إليه وإنما فعل ذلك لأنه عليه السلام علم أن ألأعراب الذين إتبعوه إنما إتبعوه وهو يظنون أنه يأتي بلدا قد إستقامت له طاعة أهله فكره أن يسيروا معه إلا وهم يعلمون على ما يقدمون(1)قال الخوارزمي فتفرق الناس وأخذوا يمينا وشمالا حتى بقي في أصحابه الذين جاؤوا معه من مكة وإنما أراد أن لا يصحبه إنسان إلا على بصيرة(2)جاء في ألأنصار : يبدو أنه قد كان يسود في تلك ألأيام حتى في أوساط الخاصة من الناس ألإعتقاد بأن امر الخلافة سيصير إلى العلويين أو إلى الهاشميين بوجه عام ، ففي حديث لبطة بن الفرزدق الشاعر أن عبدألله بن عمرو بن العاص قال له حين أخبره لبطة بلقائه للحسين حين خروجه من مكة : (ويلك ، فهلا إتبعته ، فوألله ليملكن

(1) ألإرشاد : ص 324 .
(2) مقتل الخوارزمي : ج1 ص 328 .
البالغون الفتح في كربلاء 412

ولا يجوز السلاح فيه ولا في أصحابه قال (لبطة) فهممت وألله أن ألحق به ، ووقع في قلبي مقالته ثم ذكرت ألأنبياء وقتلهم فصدني ذلك اللحاق .. قال : وكان أهل ذلك الزمان يقولون ذلك ألأمر وينتظرونه في كل يوم وليلة قال : وكان عبدألله بن عمرو يقول : لا تبلغ الشجرة ولا النخلة ولا الصغير حتى يظهر هذا ألأمر ـ الطبري : 5 / (386 ـ 387 ) . نلاحظن أن داعي ألأتباع هو ألأمل في أن يملك الحسين عليه السلام . ولعل كثيرين من هؤلاء الذين إتبعوه من ألأعراب قد تأثروا في إتباعهم له بهذا ألإعتقاد : أنه لا بد أن يملك ، وأنه (لا يجوز السلاح فيه وفي أصحابه) فلما إكتشفوا ـ نتيجة لمقتل من أخبر الحسين عليه السلام بأنهم قتلوا ـ أن السلاح يجوز في أصحابه ، تفرقوا عنه . وهذا الخبر مروي في مقتل الخوارزمي (1 / 222) بصورة أخرى ، وفيه : ( أما أنه لا يحيك فيه السلاح)(1).. إذن فقد بقي رجال الثورة الحقيقيون وحدهم بعد أن إنجلى الموقف وتبين المصير . وقد كان ألإعلان الذي سمعه الناس من الحسين عليه السلام في زبالة هو ألإختبار ألأول في هذه المسيرة . وقد أدى إلى تفرق الكثيرين الذين رافقوه عن رغبة وطمع . وبقي معه هؤلاء الرجال الذين عرفهم التاريخ بإسم (أنصار الحسين عليه السلام) .
وقد مروا في إختبار ثان حين حثهم الحسين عليه النجاة بأنفسهم في ليلة العاشر من المحرم قائلا لهم : (هذا الليل قد غشيكم فإتخذوه جملا ، ثم ليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي ، وتفرقوا في سوادكم ومدائنكم حتى يفرج ألله ، فإن القوم إنما يطلبوني ، ولو قد أصابوني لهوا عن طلب غيري ) . وقد ولد هذا النداء وهذا ألإذن العام تارة والخاص تارة أخرى ، تساؤلا كبيرا حول مغزى هذا ألإذن ، الذي يتناول أصحابه والرجال من أهل بيته إذ لم تكن النسوة حاضرات

(1) ألأنصار : ص 40 .
البالغون الفتح في كربلاء 413

في ذلك المجلس ، أو على ألأقل لم تكن مخاطبات بذلك الخطاب ، وهو عليه السلام رغم المدح العظيم الذي قدمه عن أصحابه وأهل بيته ، رغم ذلك عرض ذلك ألإذن ، فهل يعني ذلك ألإذن أن ألإمام عليه السلام يعطيهم براءة ذمة عن القتال معه ، بحيث لو تركوه في تلك اللحظات لكانوا مبرئين عن الذنب ، لا يستحقون عقوبة على تركه أم أن في ألأمر سرا آخر ؟ .
أولا :كأن ألإمام عليه السلام يرد أن يظهر ما قد يكون محتملا في ألأذهان إلى واقع ألأعيان ، فيقول : ربما هناك من ينتظر ألإذن بالرحيل أو يطلبه لكنه يشعر بالحرج أو الضيق ، فرفعا لذلك الحرج عرض ألإمام ألإذن . والواقعة هي أقرب ما تكون إلى قوله تعالى « لاَ يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ{44} إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ{45} وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَـكِن كَرِهَ اللّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِينَ{46} لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ{47}»(1) كما أن عرض ألإمام ألإذن يكون من قبيل قوله تعالى : «وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً»(2).
ثانيا : إظهار أهلية الوصف الذي أعطاه ألإمام الحسين عليه السلام لأصحابه من خلال إثبات أنه ، رغم ألإذن الذي تردد صداه عبر الزمان ، لم ينسحب أحد منهم ، بل بالعكس إزدادوا إصرارا على المعركة فداء له عليه السلام ، فإنتفى أي إحتمال أن يكون هناك حرج لدى البعض ، أو ضغط

(1) سورة التوبة ، ألآيات : 44 ـ 47 .
(2) سورة الكهف ، ألآية : 51 .
البالغون الفتح في كربلاء 414

على أصحابه رضوان ألله عليهم . كما اثبت أن الموضوع ليس قبلية أو عشائرية ، فإنه لو كان ألأمر كذلك ، ربما كان يكفي هذا ألإذن للتفرق . ولكن ألأجوبة كانت واضحة جلية في أن العلاقة التي كانت بين ألإمام الحسين عليه السلام وأصحابه وأهل بيته لم تكن مجرد علاقة عائلية أو قبلية ، بل كانت علاقة مع الدين وعلاقة المأموم بالإمام . فها هو الحسين عليه السلام عند خروجه من مكة قال : (أما بعد فإنه من لحق بي منكم إستشهد ، ومن تخلف لم يبلغ مبلغ الفتح)(1).
وقوله لإبن الحر الجعفي ( فوألله لا يسمع واعيتنا أحد ثم لا يناصرنا إلا هلك)(2)أما في الكبريت ألأحمر قال الحسين عليه السلام لإبن الحر : (إني أنصح لك كما نصحت لي ، إن إستطعت ألا تسمع صراخنا ولا تشهد وقفتنا أو وقعة إن كانت بيننا فإفعل فوألله لا يسمع واعيتنا أحد ولا ينصرنا إلا أكبه ألله في نار جهنم)(3)فألإذن لم يكن بهدف إعطاء براءة الذمة للمتخاذلين ، إذ لا عذر في خذلانه عليه السلام . إن المعركة التي يخوضها ألإمام الحسين عليه السلام لا يحتاج نصره فيها إلى أمر من ألإمام عليه السلام ، أو تكليف . فإن وجود ألإمام عليه السلام في ساحة المعركة نفسها ينطق بالتكليف .


أولا ـ الناجون من الهاشميين

1 ـ ألإمام علي بن الحسين عليه السلام :


وكان مريضا وقد نهكته العلة وكانت هذه مقتضى الحكمة ألإلهية

(1) بحار ألأنوار : ج18 ص 463 .
(2) المصدر السابق : ص 495 .
(3) الكبريت ألأحمر : ج2 ص 479 .
البالغون الفتح في كربلاء 415

2 ـ الحسن إبن ألإمام الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام :


إشترك في القتال وجرح أثناء المعركة إستنقذه أسماء بن خارجة .
قال الشيخ الحجة القرشي : وقاتل الحسن إبن ألإمام الحسن عليه السلام قتال ألأبطال حتى هوى إلى ألأرض جريحا (1)قال المقرم : وأصابت الحسن المثنى إبن ألإمام الحسن السبط عليه السلام ثماني عشرة جراحة وقطعت يده اليمنى ولم يستشهد (2)ولما عمد أنذال أهل الكوفة إلى حز رؤوس الشهداء وجدوا به رمقا فإستشفع به أسماء بن خارجة الفزاري وكان من أخواله فشفعوه فيه فحمله معه إلى الكوفة وعالجه حتى برئ من جرحه ثم لحق بيثرب (3). كان جليلا فاضلا ورعا ، وكان يلي صدقات أمير المؤمنين عليه السلام في وقته ، تزوج من إبنة عمه فاطمة بنت الحسين عليه السلام ، أمه خولة بنت منظور الفزاري توفي نحو سنة 90 هـ بالمدينة (4).
3 ـ زيد إبن ألإمام الحسن بن علي عليه السلام :


زيد إبن ألإمام الحسن بن علي عليه السلام ، أبو الحسن الهاشمي ، من أصحاب ألإمام السجاد عليه السلام جليل القدر كريم الطبع ، طريف النفس ، كثير البر ، كان يلي صدقات رسول ألله صلى ألله عليه وآله وسلم ، وذكر بعض المؤرخين أنه تخلف عن عمه الحسين عليه السلام فلم يخرج معه إلى العراق ، مات سنة 120 هـ ، لم يدع ألإمامة ولا إدعاها له مدع من الشيعة ولا غيرهم (5).

(1) حياة ألإمام الحسين عليه السلام : ج3 ص 275 .
(2) مقتل المقرم : ص 263 .
(3) حياة ألإمام الحسين : ج3 ص 275 : أُم الحسن المثنى خولة بنت منظور بن يسار إبن عقيل بن هلال بن سمي بن غالب بن فزارة ومن هنا كانت القرابة والخؤولة : لأن خولة فزارية ، ولهذا قال عمر بن سعد (لع) عندما شفع لأسماء بن خارجة للحسن عليه السلام : دعوا لأبي حسان إبن أخته .
(4) الملهوف : ص 191 .
(5) المصدر السابق : نقلا عن معجم رجال الحديث 7 / 339 ، وبالنقل عن : رجال الشيخ وألإرشاد للمفيد والعمدة للسيد مهنا ، والبحار 64 / 329 .
البالغون الفتح في كربلاء 416

4 ـ عمرو إبن ألإمام الحسن بن علي عليه السلام :


قال السيد إبن طاوُس : ذكر في مختصر تاريخ دمشق 19 / 198 بإسم : عمرو بن الحسن بن علي بن ابي طالب عليه السلام ، خرج مع عمه الحسين بن علي عليه السلام إلى العراق وكان مع السبايا الذين ساروا إلى دمشق مع ألإمام زين العابدين عليه السلام ، ولد محمدا وإنقرض ولده ، وكان رجلا ناسكا من أهل الصلاح والدين(1).


من غير الهاشميين :

5 ـ عقبة بن سمعان :


عده الطبري وغيره من مؤرخي واقعة الطف . كان عبدا للرباب زوجة الحسين عليه السلام وأنه كان يتولى خدمة أفراسه وتقديمها له . فلما إستشهد الحسين عليه السلام فر على فرس ، فأخذه أهل الكوفة ، فزعم أنه عبد للرباب فأطلق سراحه وجعل يروي واقعة الطف كما حدثت ، ومنه أخذ الكثير من أخبارها .
قال الطبري : وأخذ عمر بن سعد عقبة بن سمعان وكان مولى للرباب بنت إمرئ القيس الكلبية ، وهي أم سكينة بنت الحسين عليه السلام فقال له : ما أنت ؟ قال : أنا عبد مملوك فخلى سبيله (2)>>.
6 ـ الضحاك بن عبدألله المشرقي :


قال ابو مخنف : حدثنا عبدألله بن عاصم الفائشي ـ بطن بن همدان ـ عن الضحاك بن عبدألله المشرقي ، قال : قدمت ومالك بن

(1) الملهوف : ص 192 ، أنظر تذكرة الخواص لسبط إبن الجوزي : ج2 ص 178 إذ قال إستصغروا عمر إبن الحسن بن علي عليه السلام فلم يقتلوه وتركوه .
(2) الطبري : ج4 ص 649 .
البالغون الفتح في كربلاء 417

النضر ألأرحبي على الحسين عليه السلام ، فسلمنا عليه ، ثم جلسنا إليه ، فرد علينا ، ورحب بنا ، وسألناعما جئنا له ، فقلنا : جئنا لنسلم عليك ، وندعو ألله لك بالعافية ، ونحدث بك عهدا ، ونخبرك خبر الناس ، وإنا نحدثك أنهم قد جمعوا على حربك فرَ رأيك . فقال الحسين عليه السلام : حسبي ألله ونعم الوكيل ! قال :فتذممنا وسلمنا عليه ، ودعونا ألله له ، قال : فما يمنعكما من نصرتي ؟ فقال مالك بن النضر : عليَّ دين ، ولي عيال ، فقلت له : إن علي دينا ، وإن لي لعيالا ، ولكنك إن جعلتني في حل من ألإنصراف إذا لم أجد مقاتلا قاتلت عنك ما كان لك نافعا ، وعنك دافعا ! قال : قال : فأنت في حل ، فأقمت معه(1).
قال أبو مخنف : حدثني عبدألله بن عاصم ، عن الضحاك بن عبدألله المشرقي ، قال : لما رأيت أصحاب الحسين عليه السلام قد أصيبوا ، وقد خلص إليه وإلى أهل بيته ، ولم يبق معه غير سويد بن عمرو إبن ابي المطاع الخثعمي وبشير بن عمرو الحضرمي قلت له : يابن رسول ألله قد علمت ما كان بيني وبينك . قلت لك : أقاتل عنك ما رأيت مقاتلا فإذا لم أر مقاتلا فأنا في حل من ألإنصراف . فقلت لي : نعم . قال : فقال : صدقت ، وكيف لك بالنجاء ، إن قدرت على ذلك فأنت في حل . ، قال : فأقبلت إلى فرسي وقد كنت حيث رأيت خيل أصحابنا تعقر ، أقبلت بها حتى أدخلتها فسطاطا لأصحابنا بين البيوت ، وأقبلت أقاتل معهم راجلا ، فقتلت يومئذ بين يدي الحسين عليه السلام رجلين ، وقطعت يد آخر ، وقال لي الحسين عليه السلام يومئذ مرارا : لا تشلل ، لا يقطع ألله يدك ، جزاك ألله خيرا عن أهل بيت نبيك صلى الله عليه وآله وسلم فلما أذن لي إستخرجت الفرس من الفسطاط ، ثم إستويت على متنها ، ثم ضربتها حتى إذا قامت على السنابك رميت بها عرض القوم ، فأفرجوا لي ، وإتبعني منهم خمسة

(1) المصدر السابق : ص 618 .
البالغون الفتح في كربلاء 418

عشر رجلا حتى إنتهيت إلى شفية . قرية قريبة من شاطئ الفرات ، فلما لحقوني عطفت عليهم ، فعرفني كثير بن عبدألله الشعبي وأيوب بن مشرح الخيواني وقيس بن عبيدألله الصائدي ، فقالوا : هذا الضحاك بن عبدألله المشرقي ، هذا إبن عمنا ، ننشدكم ألله لما كففتم عنه فقال ثلاثة نفر من بني تميم كانوا معهم : بلى وألله لنجيبن إخواننا وأهل دعوتنا إلى ما أحبوا من الكف عن صاحبهم . قال : فلما تابع التميميون أصحابي كف ألآخرون . قال : فنجاني ألله (1).
إنتهى بحمد ألله في 29 / شعبان / 1428 هـ الموافق 12 / 9 / 2007 راجيا من ألله العلي القدير قبوله .
إني رأيت أنه لا يكتب إنسانا كتابا في يومه إلا قال في غده : لو غير هذا لكان أحسن ، ولو زيد هذا لكان يستحسن ، ولو قدم هذا لكن أفضل ، ولو ترك ذاك لكان أجمل ...
وهذا من أعظم العبر ، وهو دليل على إستيلاء النقص على جملة البشر ..

العماد ألأصبهاني



(1) المصدر السابق : ص 641 .
السابق السابق الفهرس