علي الاكبر 1




علي الاكبر



علي الاكبر 2

عبد الرزاق القمي


علي الاكبر

إنتشار المكتبة الحيدرية


علي الاكبر 3




علي الاكبر 4




علي الاكبر 5

مقدمة الناشر

الشباب رمز العطاء في كل مجتمع ، بل هومن تنعقد عليها الامال ... اجل هذه حقيقة لايمكن التشكيك فيها بحال من الاحوال ، فهذه القوى المتصارعة في العالم كل تحصي بطريق اوباخر والطاقات والقدرات المختلفة للطرف الاخر ، وعلى رأسها طاقتها الشابة ، ونسبة الشباب فيها لحساب معامل القدرة على البناء والتقدم ومواجهة التحديات فرسم الستراتيجيات بل بعضها تولي قضايا الشباب أهمية كبيرة ... بل قامت في بعض البلدان مؤسسات عديدة همها الاول هوة الشباب ...بل اكثر من ذلك حيث اصبح في البعض منها وزارة خاصة بالشباب ... لماذا هذا الاهتمام يا ترى ؟
لأنه بالقدر... الكم الذي يمكن للشباب ان يعطي ،

علي الاكبر 6

وكما يعطي كيفاً يتحدد مصيرالأمة ، لكن وعلى الرغم من هذا الاهتمام المتزايد مازال العالم يعاني الكثير من الخلل والضعف والتعثر المتواصل في فهم وتنمية عطاء هذه الشريحة ، فرفع عطاءها كماً ونوعاً ...افقياً وعمودياُ والقفز بها الى المستوى المطلوب لمواجهة امتناللتحديات الحضارية الراهنة المتعددة الاساليب والأطر والمستويات واثبات اصالة حضارتنا السماوية المقتدرة على ولادة افضل انواع التقدم المدني ورعايته وحمايته و... والسبب لاساسي الهام هو إهمال عنصر الايمان في رسم البرامج والخطط الخاصة بالشباب وعدم المراجعة التاريخية الشمولية التحليلية للقمم الشابة المؤمنة في تاريخ امتناالخالد...هذه النجوم التي لاتعرف الافول .. لانها ترفض العطاء المحدود .. وعلى رأس هذه القمم الشامخة الشابة سيدنا على الاكبر بن الحسين بن علي بن أبي طالب « عليهم افضل الصلاة والسلام » الذي استشهد عام «60» للهجرة في واقعة كربلاء مسطراً للشباب المسلم مثلاً رائعاً للفداء والتضحية والتقوى ... فالتأمل والتطلع الى قمم كهذه من أوليات التفكير لتنظير لعملية النهوض ومقدماتها ومناخاتها المطلوبة لتحويل هذا الجيل العجوز الى جيل شاب لايعيش الشباب من زاوية عنصر الزمن فحسب ، بل من جميع النواحي ،

علي الاكبر 7

وهذا الكتاب هو مما يغطي جانباً من هذه الحاجة الماسة للتعرف على هذه القمم الملتزمة الشابة ، فاليك عزيزي القاريء هذا السفر القيم عن أشبه الناس خلقاً وخلقاً ومنطقاً برسول الله « صلى الله عليه وآله وسلم » .

15 ـ شعبان المعظم ـ 1408 هـ



علي الاكبر 8




علي الاكبر 9

المقدمة

غير خاف أن الغاية التي وضع لها فن التاريخ حفظ سير الماضين وما أوثر عن السلف من فضائل وآداب وعادات تكون سنة يستن بها الخلف وأثراً يقتفى في صالح الأعمال كما أن هناك ما لا يتفق مع صحيح الاعتبار وتأباه الفطرة السليمة ويتباعد عنه العقل الكامل مما يفت في العضد الاجتماعي فيعتبرمن استضاء بنور عقله ومشى وراء فطرته واتخذ تلك السنن اللاحبة طريقاً مهيعاً الى غاياته الكريمة .
لكن الأهواء لعبت بعقول الرجال ، والمطامع أخذت بهم الى مهوى سحيق وان العصبية العمياء حرجت على الاشادة بذكر المواد الجوهرية من تاريخ رجالات الأمة وقادة الاصلاح .
ومن تلك القضايا المهمة التي سترها التاريخ اخبار السيد الشهيد « علي الأكبر » من أدوار حياته المقدسة الى حين

علي الاكبر 10

شهادته يوم الطف وما تحلى به من فضائل وفواضل وما أوثر عنه من حكم وآداب .
كما رويت عنا أخبار امة الخفرة فلم نعرف ان الامام « شهيدالعبرة » متى اقترن بها وكيف كان عهده بها الى غير ذلك من سلسة تاريخها وتاريخ ولدها كل هذا من جرائم التاريخ ومن بواعث الأهواء القاهرة لها والمبيحة لنشر أخبار القيان والمغنين .
نعم شعت من بين تلك السحب الكثيفة التي أثارتها زوابع الحقد والعداء لأهل البيت عليهم السلام كواكب من الفضائل والفواضل تضمنتها سماء العظمة فأهدينا منها الى منزلة سامية لرجالات بيت النبوة ومنها ما يتعلق بتاريخ «الشهيد الأكبر»في اليقين والبصيرة والاخلاق الفاضلة والبلاغة والثبات عند ملاقاة الأقران مع نفس قدسية حوت جم المعارف وحميد الخصال .
وها نحن نثبت في هذه الرسالة ما أضاء لنا في ثنايا الجوامع وزبر الأولين فلمسناه جوهرة فردة وحقيقة راهنة واخرجناه للقارئ تحت عناوين تمييزاً للبحث ومن الله سبحانه نستمد العون والتوفيق .

علي الاكبر 11

ليلى أم الأكبر

هي بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي (1) وأمها ميمونة بنت أبي سفيان صخـر بن حرب بن أمية (2) وجدتها بنت أبي العاص وعمة أبيها برزة بنت مسعود زوجة صفوان بن أمية أم ولده عبدالله الأكبر (3) أخرجها صفوان معه يوم أحداً ( 4) .
وما ذكرناه من اسمها نص عليه الشيخ المفيد في الإرشاد والطبرسي في أعلام الورى واختاره ابن جرير في التاريخ وابن الأثير في الكامل واليعقوبي في تاريخه والسهيلي في الروض الآنف .

(1) الاصابة ج 3 ص 412 .
(2) المصدر السابق ج 4 ص 178 .
(3) المصدر السابق ج 4 ص 249 .
(4) شرح النهج الحديدي ج 3 ص 359 .
علي الاكبر 12

ويرتئي السبط في تذكرة الخواص وابن جريرفي المنتخب من الذيل ص 19 ملحق بجزء 12 والخوارزمي في المقتل ان اسمها « امنة وانفرد ابن شهر اشوب في المناقب فسماها « برة » وأنها ابنة عروة كانفراد السهيلي في الروض الآنف ج 2 ص 326 بأن ميمونة بنت أبي سفيان كانت جدتها من الأب وذلك ان عروة تزوج ميمونة فولدت له أبا مرة وبنت أبي مرة ليلى زوج الحسين .
ومن أجل اتصال ليلى بميمونة قيل لعلي الأكبر يوم الطف« إن لك رحماً بأمير المؤمنين يزيد» وأريد منه الجنوح الى عسكر يزيد لكن نفسه القدسية أبت إلا النزوع الى الشرف الخالد والحياة الأبدية فقال عليه السلام :
إن رحم رسول الله أحرى بأن يرعى من رحم ابن آكلة الأكباد (1) .
كانت ليلى من بيت شرف ومنعة فان جدها عروة أحد العظيمين الذين قالت قريش فيهما :« لولا أنزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم» (2) والقريتان مكة والطائف ،

(1) سر السلسة العلوية لابي نصر البخاري في النسب .
(2) سورة الزخرف : الآية 31 .
علي الاكبر 13

والعظيم الآخر الوليد بن المغيرة المخزومي الملقب بالوحيد ولشرفه في قومه وكثرة أمواله لعدم انقطاع ملكه شتاءاً وصيفاً كان يكسو الكعبة وحده وكان يفرش له بازاء الكعبة من ناحية داره بعد وفاة عبد المطلب كما كان يفرش لابن جدعان من ناحية داره ويفرش « لشيخ الأبطح» أبي طالب مكان أبيه عبد المطلب بازائها .
والوليد هذا هو المراد من قوله تعالى :
« ذرني ومن خلقت وحيداًَ وجعلت له مالاً ممدوداً وبنين شهودا » (1) .
وفي مسعود الثقفي تجتمع ليلى مع المختار بن أبي عبيد الثقفي فانها بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود ، والمختار بن أبي عبيد بن مسعود فـأبو مرة والد ليلى والمختار ولدا عم (2) .
ولشرف عروة في قومه أرسلته قريش يوم الحديبية لعقد الصلح مع رسول الله صلى الله عليه وآله وكان كافراً وأسلم سنة تسع من الهجرة ورجع الى قومه يهديهم الى الإسلام فصعد الى علية له وأشرف منها عليهم وأظهر الإسلام ودعاهم

(1) سورة المدثر : الآية 11 .
(2) الاصابة ج 4 ص 130 .
علي الاكبر 14

إليه فرموه بالنبل وأصابه سهم فمات فقيل له ما ترى في دمك قال كرامة أكرمني الله بها وشهادة ساقها الله إلي ليس في إلا مافي الشهداء الذين قتلوا مع رسول الله فادفنوني معهم ، فلما مات دفنوه مع الشهداء وقال رسول الله ليس مثله في قومه إلا كمثل صاحب ياسين في قومه (1) .
وكان عند عروة يوم اسلم عشر نسوة فعرفه النبي بأن الإسلام لايبيح أكثر من أربع ، فاختار اربعاً منهن زينب بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية (2) .
ولد أبو مرة والد ليلى على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله فكانت له صحبة ولما قتل أبوه عروة خرج هو وأخوه أبو المليح إلى النبي وأعلماه بقتل أبيهما وأسلما ورجعا الى الطائف مسلمين .
وفي ليلى يقول الحارث بن خالد المخزومي (3) .
أطافت بنا شمس النهار ومن رأى من الناس شمساً في المساء تطوف


(1) الاصابة ج2 ص 478 .
(2) الاصابة ج 4 ص 316 .
(3) الإصابة ج 4 ص 178 .
علي الاكبر 15

أبو امها أوفى قريش بذمة وأعمامها إما سألت ثقيف

ولم يظهر لنا سنة وفاتها ولا مقدار عمرها ولا حضورها في مشهد الطف وإن نسبه « الدربندي » في أسرار الشهادة الى بعض المؤلفات المجهول صاحبها مع أن المؤرخين أجمع أهملوا ذكرها ولعلها كانت متوفاة قبل الطف .
وقال الشيخ الجليل المحدث الشيخ عباس القمي في نفس المهموم ص 167 لم أظفر بشيء يدل على مجيء ليلى الى كربلاء .
وناهيك بهذا المحدث الخبير المدقق فان عدم عثوره على مجيئها الى الطف فيه قناعة لمن يتطلب الوقوف على حقائق التاريخ .

علي الاكبر 16

ولادة الاكبر

ولد علي الأكبر في الحادي عشر من شهر شعبان(1) سنة ثلاث وثلاثين من الهجرة قبل مقتل عثمان بسنتين (2) وقد قتل سنة خمس وثلاثين وقول شيخنا الجليل ابن ادريس الحلي في مزار « السرائر» ولد في خلافة عثمان يتفق معه .
فيكون له يوم الطف ما يقارب سبعاً وعشرين سنة ويؤيده اتفاق المؤرخين وأرباب النسب على أنه أكبر من الامام السجاد الذي له يوم الطف ثلاث وعشرون سنة والتحديد

(1) أنيس الشيعة للحجة السيد محمد عبد الحسين بن محمد عبد الهادي الجعفري الطياري الهندي الكربلائي الفه باسم السلطان فتح علي شاه سنة 1241 هـ ، قال الحجة الشيخ آغا بزرك في الذريعة ج 2 ص 458 رأيت الكتاب في النجف عند السيد آغا التستري وهو بالفارسية
(2) الحدايق الوردية مخطوط .
علي الاكبر 17

بالسبع عشرة كما في منتخب الشيخ الطريحي أو الثمان عشرة كما في الارشاد واعلام الورى أو التسع عشرة كما في مناقب السروري ، محكوم لذلك الاتفاق مع خلوه عن الشاهد وكلمة ابن نما الحلي في « مثير الأحزان » : ان له يومئذ أكثر من عشر سنين وان كانت مجملة إلاأنها تقال لمن فوق العشرة بنحو ثلاث سنين ونحوها وهذا شيء غريب .
وأغرب منه ما في « نقد المحصل » للخواجة نصير الدين الطوسي ص179 طبعة مصر« ان له يوم الطف سبع سنين ».
فان القرائن دالة على منزلة له رفيعة عند أبيه الشهيد وتقدمه على من معه من أصحابه وأهل بيته عدى عمه العباس فان المؤرخين اتفقوا على أن الحسين عليه السلام لما اجتمع ليلة عاشوراء بابن سعد أمر من كان معه بالتنحي عنه إلا أخوه العباس وابنه علي الأكبر وكان مع ابن سعد غلامه وابنه حفص .
ولما خطب عليه السلام يوم عاشوراء وسمع بكاء عياله قال لأخيه العباس وابنه علياً الأكبر سكتاهن فلعمري ليكثر بكاؤهن .
ولما أمر الحسين أصحابه يوم الثامن بالذهاب الى

علي الاكبر 18

المشرعة للاستقاء بعث معهم علياً الأكبر قائداً فان هذا يشهد بأن للأكبر يومئذ أكثر من هذا السن كما أن رجزه عند الحملة يشهد به فهذا الرأي لانعرف مأخذه .
نعم من المحتمل قريباً إسقاط « عشرة » بعد السبع فيكون له سبع عشرة وهذا أليق وإن لم يوافقه التاريخ المتقدم .

علي الاكبر 19

كنية الاكبر

جاء في زيارة علي الأكبر المروية عن أبي حمزة الثمالي ان الامام الصادق عليه السلام قال له :
ضع خدك على القبر وقل : صلى الله عليك ياأبا الحسن ثلاثاً (1) وكما يحتمل أن تكون الكنية لتفاؤل بالولد الحسن يحتمل أنها صدرت بعد أن كان له ولد سمي «الحسن» ورواية أحمد بن أبي نصر البزنطي تشهد بأنه كان متزوجاً من جارية له ولد منها فانه قال للامام الرضا عليه السلام : الرجل يتزوج المرأة وأم ولد أبيها .
قال عليه السلام : لابأس .
فقال أحمد : بلغنا أن علي بن الحسين ـ السجاد ـ تزوج

(1) كامل الزيارة لابن قولويه ص 240 .
علي الاكبر 20

بنت الحسن بن علي عليهما السلام وأم ولد أبيها .
فقال عليه السلام : ليس هكذا إنما تزوج ابنة الحسن عليه السلام وأم ولد لعلي بن الحسين المقتول عندكم (1) .
ومن المعلوم ان الجارية لايقال لها أم ولد إلا إذا ولدت من سيدها فهذا الحديث شاهد صريح على ان علي الأكبر كانت عنده جارية قد أو لدها .
على ان الاستضاءة من قول الامام الصادق في تلك الزيارة التي رواها أبا حمزة تلمسنا جوهرة فردة وحقيقة ناصعة أضاعتها الحقب وعبثت بها أيدي الخائنين وذلك أن للأكبر الشهيد أهلاً وولداً وان كان عقبه منقطع الآخر فان الامام الصادق يقول فيها :
صلى الله عليك وعلى عترتك وأهل بيتك وآبائك وأبنائك وأمهاتك الأخيار الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا .
ولفظ الأبناء جمع يدل على أكثر من أثنين وكما يحتمل إرادة الصلبيين خاصة يحتمل أن يراد ما يعمهم وأبناءهم لكن الاحتمال الثاني مدفوع بظاهر إطلاق اللفظ عند العرف فانه

(1) الكافي بهامش مرآة العقول ج 4 ص 465 .
علي الاكبر 21

يختص بالصلبيين . كما أن قوله عليه السلام« وعلى عترتك» دال عليه فان عترة الرجال ذريته فلو لم يكن له ذرية لما صح استعمال هذا اللفظ وورود هذه الجملة في لسان الامام العارف بخواص البلاغة مقتضيات الأحوال أقوى برهان .
وغير خاف ان هذه الرواية رواها الشيخ الجليل ابن قولوية في «كامل الزيارة » بسند صحيح ورجال ثقاة منهم علي بن مهزيار وهومن أوثق وكلاء أبي جعفر الجواد عليه السلام كما دل عليه قوله في كتابه إليه« لقد خبرتك وبلوتك في الطاعة والخدمة فلو قلت اني لم أرمثلك رجوت أن أكون صادقاً » .
وفيهم ابن أبي عمير الثقة الثبت وهو الذي ضربه السندي بن شاهك على التشيع بأمر الرشيد مائة وعشرين سوطاً ثم حبس ولم يطلق إلا بعد أن دفع مائة وعشرين ديناراً .

الفهرس التالي التالي