علي الاكبر 22




لقب الأكبر

لقب السيد الشهيد ( بالأكبر ) لكونه أكبر من الامام زين العابدين وقد صرح بذلك السجاد عليه السلام حين قال له ابن زياد : أليس قتل الله علياً ؟ فقال الامام : كان أخ أكبر مني يسمى علياًً فقتلتموه (1) .
ولقد وصف السجاد بالأصغر والشهيد بالأكبر جماعة من المؤرخين منهم :
1ـ ابن جرير الطبري في تاريخ الامم والملوك ج 6 ، ص 260 فان فيه قال حميد بن مسلم انتهيت الى علي بن الحسين الأصغر وهو مريض الخ .

(1) الطبري في المنتخب من الذيل ملحق بجزء 12 ص ، 39 وابن كثير في البداية ج 9 ، ص 103 والدميري في حياة الحيوان بمادة البغل .
علي الاكبر 23

وقال في المنتخب من الذيل الملحق بجزء 12 من التاريخ ص 19ولد الحسين علياً الأكبر ولا عقب له وعلياً الأصغر امه أم ولد وفيه ص 88 قتل علي بن الحسين الأكبر مع ابيه بنهر كربلاء وليس له عقب وشهد علي الأصغر مع أبيه كربلاء وهو ابن ثلاث وعشرين سنة وكان مريضاً نائماً على الفراش .
2ـ ابن قتيبة في المعارف ص 93 ولد الحسين علياً الأكبر امه بنت أبي مرة وعلياً الأصغر أمه أم ولد وفي ص 94 قال وأما علي بن الحسين الأصغر فليس له عقب إلامنه .
3ـ الدينوري في الأخبار الطوال ص 254 تقدم علي بن الحسين الأكبر وفي ص 256 قال لم ينج من أصحاب الحسين وولده وولد أخية إلا ابنه علي الأصغر وكان مراهقاً .
4ـ اليعقوبي في التاريخ ج2 ، ص 94 طبعة النجف وأما علي بن الحسين الأصغر فليس للحسين عقب إلامنه .
5ـ القرماني في التاريخ ص 108 هم الشمر بقتل علي بن الحسين الأصغر وهو مريض .
6ـ الدميري في حياة الحيوان بمادة البغل ان علي بن الحسين الأصغر يلقب زين العابدين وكان له أخ أكبر منه يسمى علياً قتل مع أبيه بكربلاء .

علي الاكبر 24

7ـ السهيلي في الروض الآنف ج 2 ، ص 326 قتل معه بالطف علي الأكبر وأما علي الأصغر لم يقتل معه أمه أم ولد اسمها سلافة بنت كسرة يزدجرد .
8ـ الشعراني في لواقح الأنوار ج 1 ، ص 23 كان للحسين من الأولاد علي الأكبر وعلي الأصغر وله العقب .
9ـ سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص ص 156 علي الأكبر قتل أبيه وعلي الاصغر وهو زين العابدين والنسل له .
10 ـ ابن كثير في البداية والنهاية ج 9 ، ص 103 اشتهر علي بن الحسين بزين العابدين وكان له أخ أكبر منه يقال له علي أيضاً قتل مع أبيه .
11ـ الديار بكري في تاريخ الخميس ج 2 ، ص 319 كان زين العابدين ابن ثلاث وعشرين سنة وهو علي الأصغر وأما علي الأكبر فانه قتل مع أبيه .
12 ـ ابن خلكان في وفيات الأعيان بترجمة السجاد ج 1 ، ص 347 طبعة أيران يقال لزين العابدين علي الأصغر وليس للحسين عقب الامنه .
13 ـ الصبان في اسعاف الراغبين بهامش نور الابصار

علي الاكبر 25

ص 194 ان من أولاد الحسين علياً الأكبر وعلياً الاصغر له العقب .
14ـ الحافظ الثبت علي بن محمد بن علي الخزاز الرازي القمي في كفاية الأثر ص 318 من النسخة الملحقة بأربعين المجلسي والخرايج للراوندي في باب ماجاء عن الحسين من النص وفيه ان عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال : كنت عند الحسين إذ دخل عليه علي بن الحسين الأصغر فدعاه الحسين وقبل ما بين عينيه ثم نص بالإمامة عليه وعلى الباقر عليه السلام .
15 ـ في مجالس الصدوق ص 93 مجلس 30 عن الصادق عليه السلام ان الحسين جاء الى كربلاء بأولاده علي الأكبر وعلي الأصغر .
16 ـ الشبلنجي في نور الأ بصار ص 194 ان من أولاد الحسين علياً الأكبر استشهد مع أبيه وعلي الأصغر زين العابدين .
17 ـ الشيخ فخر الدين الطريحي في المنتخب ص 20 طبعة هند وصف السجاد بالأصغر والمقتول بالأكبر .
هذا ما عليه المؤرخون من وصف السجاد بالأصغر وهناك جماعة استوضحوا كبر المقتول مع أبيه واكتفوا بتوصيفه

علي الاكبر 26

بالأكبر وسكتوا عن وصف زين العابدين بالأصغر منهم :
18 ـ ابن الأثير في الكامل ج 4 ، ص 30 قال أول من قتل من آل أبي طالب علي الأكبر وأمة ليلى .
19 ـ المسعودي في مروج الذهب ج 2 ، ص 91 والتنبيه والاشراف ص 263 قتل مع الحسين ابنه علي الأكبر .
20 ـ ابن الصباغ في الفصول المهمة ص 209 طبعة إيران قتل مع الحسين علي الأكبر .
21 ـ ابن العماد في شذرات الذهب ج 1 ، ص 66 قتل مع الحسين ولداه علي الأكبر وعبد الله .
22 ـ المحب الطبري في ذخائر العقبى ص 151 استشهد علي الأكبر مع أبيه .
23 ـ الوطواط في غرر الخصائص ص 229 في باب 11 فصل ثاني أول من قتل علي الأكبر .
24 ـ الشبراوي في الاتحاف بحب الاشراف ص 47 ان علياً الأكبر قتل مع أبيه بكربلاء .
25 ـ شيخنا الشهيد الأول من أعيان علمائنا الإمامية في مزار الدروس قال ثم زر علي بن الحسين وهو الأكبر على الأصح .

علي الاكبر 27

26 ـ سيد العلماء ميرزا أبو القاسم الطهراني في شرح زيارة عاشوراء ص 354 طبعة بمبي قال الأصح عند المؤرخين ان المقتول في الطف هو الأكبر .
27 ـ ابن إدريس الحلي في مزار « السرائر » بعد أن اختار ان المقتول هو الأكبر قال على هذا علماء التاريخ والنسب منهم البلاذري والنسابة العمري وابن أبي الأزهر في الفاخر وأبو علي ابن همام في الأنوار إلى غيرهم .
28 ـ الشيخ الجليل العلامة ميرزا محمد علي الأوردبادي حكاه عن النفحة العنبرية في النسب ومفتاح النجا في مناقب آل العبا للحارثي البدخشي وتذكرة الأئمة للمولى محمد باقر اللاهيجي وجماعة أخر .
وقد انفرد عن هؤلاء الجمع الكثير شيخنا المفيد في الإرشاد والطبرسي في أعلام الورى فذهبا الى أن المقتول هو الاصغر وأما الاكبر فأمه شاه زنان بنت كسرى يزدجرد .
ولعدم الشاهد عليه وإعراض أهل الفن عنه وهم أعلم بفنهم وأبصركان الأرجح كون المقتول بالطف هو الأكبر
وأما ما نص عليه ابن شهر اشوب في المناقب وابن طلحة الشافعي في مطالب السؤال ص 73 وابن الصباغ في الفصول

علي الاكبر 28

المهمة من أن زين العابدين هو الأوسط فيكون للحسين من الأولاد ثلاثة يقال لهم علي .
فليس فيه مخالفة لما ذكرنا ه من الاتفاق على كون المقتول هو الأكبر وان السجاد أصغر منه فان غاية ما عندهم ان زين العابدين أوسط أولاد الحسين ويتفق مع القول بأنه أصغر من الشهيد بالطف .
لكن إعراض الكثير عن ذكر هؤلاء الأولاد الثلاثة للحسين يبعد هذا الرأي وان صححه الاربلي في كشف الغمة فان الثابت عند أهل النسب والسيرة ان للحسين علياً الأكبر وعلياً الأصغر وهو السجاد وعبد الله الرضيع وجعفر درج في أيام أبيه كما لم يثبت صحيحاًَ من البنات غير فاطمة وسكينة وأما فاطمة العليلة فحكى المجلسي في البحارج 10 القول به عن بعض مؤلفات أصحابنا ولجهالة المؤلف وعدم تعرض أهل النسب والتراجم والمؤرخين لها كان للتوقف مجال واسع .

علي الاكبر 29

ملحوظة

تقدم في صدر العنوان ان الامام السجاد عليه السلام قال لابن زياد : كان لي أخ أكبر مني فقتلتموه .
فقال ابن زياد: بل الله قتله
فقال الامام: الله يتوفى الأنفس حين موتها
وغير خاف ان هذه المحاورة كانت بعد أن أمر ابن زياد بادخال حرم النبوة عليه وقد أذن للناس إذناً عاماً فأدخلت مخدرات الامامة .
مغلولة الأيدي الى الأعناق تسبى على عجف من النياق
حاسرة الوجـه بغير برقع لاستر غيـر ساعد وأذرع

علي الاكبر 30

قد تركت عزيزها على الثرى وخلفته في الهجيـر والعـرى
ان نظرت لها العيون ولولت أونظرت الى الرؤوس أعولت
تـود أن جسمـهـا مقبـور ولا يراها الشامـت الكـفـور (1)
وأما عقيلة آل محمد ( زينب الكبرى ) فدخلت متنكرة وقد انحازت عن النساء واحتف بها إماؤها لكن جلال النبوة المنسدل عليها وأبهة الإمامة استلفت نظرة ابن زياد فقال من هذه المتنكرة المنحازة عن النساء ؟ فقيل له ابنة أمير المؤمنين

(1) المقبولة الحسينية ص 63 لحجة الاسلام الشيخ هادي آل الشيخ الأكبر كاشف الغطاء وسمعت منه أعلى الله مقامه انه لماكان ينقل الى البياض مايكتبه في المسودة فلما وصل إلى قوله : « تود ان جسمها مقبور » شاهدبعده :
وهي بأستار من الأنوار تحجبها عن أعين النظار

فتعجب منه حيث لم ينظمه وزاد في تعجبه انه لمانقله الى البياض وعاد الى المسودة فلم ير البيت مثبتاً في المسودة فعلم انه شيء غيبي لا ينكره أهل الإيمان ولاغرابة من الحجة المنتظر عجل الله فرجه اذا كتب هذا ، وأشار ناشر المقبولة الى هذه القصة بكلمته التي ألحقها بالمقبولة .

علي الاكبر 31

عليه السلام فأراد أن يحرق قلبها بأكثر مما جاء إليهم فقال :
الحمد لله الذي فضحكم وقتلكم وأكذب أحدوثتكم .
لكن ابنة « حيدرة » لم يثنها عن مجابهته والرد عليه كل ما شاهدته من الفظائع التي يشيب لها فود الطفل وتزلزل الجبال الرواسي فانها تركت أولئـك الأطائب من آل عبد المطلب على وجه الصعيد بلا غسل ولا كفن وهي أشلاء مبضعة وأعضاء مقطعة تسفي عليهم الريح بوغاء الثرى وبينهم سيد شباب أهل الجنة .
غسلتـه دمـاؤه قلبتـه أرجل الخيل كفنته الرمول

وقد اكتنفت بها نسوة في الأسر بين شاكية وباكية وطفل كضه العطش الى أخرى أقلقها الوجل وأنين المريض يفطر الصخر الأصم لبهر السير وثقل الحديد والجامعة وأمامها رأس الصخر الأصم لبهر السير وثقل الحديد والجامعة وأمامها رأس شمس الامامة علة والكائنات ومن حوله الأقمار النيرة .
والواحدة من هذه كافية في أن تفت الكبد وتهدالقوى وتذهل الأسد الخادر إلا أن ابنه أمير المؤمنين ذلك المردي ابن عبد ود ومزهق مرحباً وقالع باب خيبر كانت على جانب عظيم من اليقين والطمأنينة مع بصيرة هي انفذ البصائر .

علي الاكبر 32

ولا بدع في ذلك بعد ان شاركت الامامين سيدي شباب أهل الجنة في ذلك المرتكض الطاهر والحجر الزاكي والصلب القادس وللبان السائع والعصمة الإلهية والتربية العلوية .
وحسبها من الخطر ان ما انحنت عليه اضالعها هو ذلك العمل المفاض عليها من ساحة القدس الإلهي لابارشاد معلم أو تلقين مرشد كما يقول الامام السجاد عليه السلام لها على مافي إحتجاج الطبرسي ص 166 .
إنك ياعمة بحمد الله عالمة غير معلمة وفهمة غير مفهمة .
وإن حديث الرواة لما وقفت على جسد أخيها وقالت : اللهم تقبل منا هذا القربان .
يدلنا على تبوئها عرش الجلالة وأنها كأخيها الحسين اخذ عليها الميثاق بتلك النهضة المقدسة وان كان التفاوت محفوظاً بينهما فانه لما كان واجباً عليه ومنه تقديم « الذبيح » الى ساحة الجلال الربوبي والتعريف به ثم طفقت سلام الله عليها ناهضة ببقية الشؤون التي وجبت عليها ولا استبعاد فيه بعد وحدة النور وتفرد العنصر .

علي الاكبر 33

وها هنا افرغت عن لسان أبيها بكلام أنفذ من السهم وأحد من شبا السيوف وألقمت ابن مرجانة حجراً إذ قالت له في ذلك الحوار :
هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاج وتخاصم فانظر لمن الفلج ثكلتك امك يا ابن مرجانة .
وأوضحت للملأ المتغافل خبثه ولؤمه وانه لن يرحض عنه عارها وشنارها كما انها أدهشت العقول وحيرت الفكر في خطبتها بكناسة الكوفة بعد أن أومأت بيدها الى ذلك الجمع فسكتوا حتى كان على رؤوسهم الطير وليس في وسع العدد الكثير ان يسكن ذالك اللغط ويرد تلك الضوضاء لولا الهيبة الالهية ولبهاء المحمدي الذيث جلل «عقيلة الهاشميين»
وعندما اندفعت ابنة أمير المؤمنين عليه السلام بخطابها الجزل مع طمأنينة نفس وثبات جأش وشجاعة ان شئت فسمهابالأديبة وإلا فهي فوق ذلك وأصبحت في ذلك المحتشد الرهيب أو فقل بين الناب والمخلب تمام الفضيحة للامويين بما نشرته من صحيفتهم السوداء والناس يومئذ حيارى يبكون لايدرون ما يصنعون وأنى يرحض عنهم العار بقتلهم سليل النبوة ومعدن الرسالة وسيد شباب أهل الجنة

علي الاكبر 34

وقد خاب السعي وتبت الأيدي وخسرت الصفقة وباؤوا بغضب من الله وخزي في الأخرة ولعذاب الله أكبر لو كانوا يعلمون .
وللنفسية التي حوتها والثبات الذي انطوى عليه أضالعها ولياقتها تلقي الأسرار الإلهية كما هي وأدائها في مورد الأداء كما يجب تحملت شطراً مما يحمله الامام الحجة بعد حادثة الطف فكان يرجع إليها في معرفة الأحكام الشرعية حفظاً للسجاد من عادية الأعداء .
يقول أحمد بن إبراهيم سألت حكيمة بنت الامام الجواد عليه السلام عمن تأتم به من الأئمة فسمتهم ثم ذكرت الحجة بن الحسن وسمته فسألتها عنه قالت انه مستور فقلت إلى من تفزع الشيعة قالت إلى جدته ام أبي محمد الحسن العسكري فقلت لها تأمريني أن أقتدي بمن وصيته الى امرأة قالت اقتداء بالحسين بن علي عليهما السلام فانه أوصى الى اخته زينب في الظاهر فكان ما يخرج من علي بن الحسين من علم ينسب إليها ستراً الى علي بن الحسين عليهما السلام (1) .
ويمكننا الاستفادة من هذه الرواية انها رجعت صلوات

(1) اكمال الدين للصدوق ص 275 والغيبة للشيخ الطوسي ص 148 .
علي الاكبر 35

الله عليها الى المدينة وبقيت مدة حتى يتحقق مفاد هذا الحديث بأنها كانت مرجعاً للشيعة في الأحكام .
ولهذه اللكنة الدقيقة جاء بها شهيد العز والدين الى العراق لعلمه ان الغاية التي يضحي بنفسه لأجلها ستذهب أدراج السلطة الغاشمة وتبقى الحقيقة مستورة لولم يتعقبها لسان ذرب وان كل أحد لا يستطيع في ذلك الموقف الذي تحفه سيوف الظلم أن يتكلم بالحقيقة مهما بلغ من المنعة في عشيرته الاالعقيلة فانها التي تعلن بموبقات ابن مرجانة وابن معاوية وان ما جرى على ابن عفيف الازدي حين رد عليه شاهد لهو فان عشيرته الازد وان أخرجوه من المسجد لما امر بقتله ابن زياد لكنه بعد ذلك بعث الى داره من قتله بمرأى من عشيرته ومسمع .
والمرأة وإن وضع الله عنها الجهاد ومكافحة الأعداء وأمرها أن تقر في بيتها فذلك فيما إذا قام بتلك المكافحة ودافع عن قدس الشريعة غيرها من الرجال واما إذا توقف إقامة الدين ونصرة الحق عليها فقط كان الواجب النهوض بعبء ذلك كله كي لاتندرس آثار الشريعة وتذهب تضحية أولئك الأطهار دونها أدراج التمويهات .
ولذلك نهضت سيدة نساء العالمين الصديقة فاطمة

علي الاكبر 36

الزهراء عليها السلام للدفاع عن خلافة الله الكبرى حين أخذ العهد على سيد الأوصياء بالسكوت فخطبت تلك الخطبة البليغة في مسجد النبي صلى الله عليه وآله في محتشد من المهاجرين والأنصار .
على ان سيد الشهداء كان على يقين بأخبار جده الرسول بأن القوم وإن بلغوا في غاية الخسة وتناهوا في الخروج عن سبيل الحمية لايمدون الى النساء يد السوء وقد أنبأ سلام الله عليه عن ذلك بقوله لهن ساعة الوداع الأخير :
البسوا ازركم واستعدوا للبلاء واعلموا ان الله حاميكم وحافظكم وسينجيكم من شر الأعداء ويجعل عاقبة أمركم الى خير ويعذب عدوكم بأنواع العذاب ويعوضكم عن هذه البلية بأنواع النعم والكرامة فلا تشكوا ولا تقولوا بألسنتكم ما ينقص من قدركم (1) .
هذا كله لولم نقل بالامامة لسيد الشهداء واما مع الخضوع لناموس علم الامام الشامل لما كان ويكون وسيره حسب المصالح الواقعية وعصمته في أقواله وأفعاله كما هو الحق الذي لامحيص عنه كان المحتم علينا الاذعان بأن ما

(1) جلاء العيون للمجلسي رحمه الله .
علي الاكبر 37

صدرمنه ناشئ عن حكمربانية ومصالح إلهية لايتطرق إليها الشك وليس الواجب علينا إلا التصديق بجميع أفعاله من دون أن يلزمنا العقل بمعرفة المصالح الباعثة على تلك الأفعال الصادرة منه وهكذا الحال في كل ما وجب على المكلفين فانه لم يجب على العباد إلا التسليم والخضوع للمولى من دون أن يعرفا الاغراض الباعثة عليها وهو الحال في العبيد مع مواليهم فان العقل لايلزم العبد بأكثر من طاعة سيده ومولاه حينما يأمره وينهاه .
فتشاطرت هي والحسين بدعوة حتم القضاء عليهـمـا أن ينـدبا
هذا بمشتبـك النصـول وهذه في حيث معترك المكاره في السبا (1)


(1) من قصيدة في زينب للعلامة الحجة الشيخ ميرزا محمد علي الاوردبادي .
علي الاكبر 38

صفات الأكبر

تمهيد

ان من القضايا التي قياساتها معها ارتباط مكارم الأخلاق في توطيد أسس الحضارة وإقامة صرح المدينة وبها يتمكن الحصول على التوئدة وجمام الأنفس والأمن العام والمهابة في النفوس ضد ما في الصرامة وشراسة النفس من موجبات النزاع وبواعث الملاشاة وذهاب المنة وضؤولة القوى فأي امة شاء الله سبحانه لها البوار والهلكة علقت بنفوسها الدعارة حتى القي بأسها بينها وتدهورت إلى هوة الضعة والهوان وفشل الجامعة .
كانت العرب على العهد الجاهلي تعمل على هذه الشاكلة فلم تبرح الحروب الطاحنة تبيد رجالها ووئد البنات يذهب بالاناث والعادات الهمجية تلعب بعقولها حتى هبت

علي الاكبر 39

عليهم نسائم اللطف الإلهي « بالنبي محمد» صلى الله عليه وآله لأزاحة تلك الأشواك المتكدسة أمام السير البشري المبيدة لكيانهم فجاء صلى الله عليه وآله حاملاًَ للصفات الحميدة متحلياً بالملكات الفاضلة قاصداً تحلية النفوس بمكارم اخلاقه فقال :
إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق (1) .
لايريد منهم جزاء ولاشكورا يريد أن يجعل حياتهم حياة خالدة لاتبيدها الحقب والأعوام يريد أن يكونوا ذووا نفوس مطمئنة عارفة رشدها من غيها فإفاض عليهم من أخلاقه الكاملة وصفاته الكريمة ما فيه بقاء نسلهم وتكثير عددهم وان لاتدرن عف مآزرهم بأي وصمة ينبزون بها كيلا يدنس شرفهم بالخرافات فلا تغمزلهم قناة ولاتقرع صفات .
وها نحن نذكرمن تلك الخصال الحميدة شيئاً يسيراً لنستفيد منها دروساً ضافية في تهذيب النفوس وتحليتها بالملكات الجميلة .

(1) الفيض القدير ج 2 ص 572 .

السابق السابق الفهرس التالي التالي