يا لـيلةَ الحـزنِ خُطي للنُهى علم |
|
فقـد كتبنـاكِ فــي أعمـاقِنا ألمـا |
ثـارت بك الاُسدُ والعلياءُ مقصدُها |
|
لِتحصُدَ الغيَّ مِمـنْ عـاثَ أو ظلمـا |
هـزَّتْ عروشَ بني سفيـان قاطبة |
|
ًبصرخة أسمعت من يـشتكي الصمَما |
قـومٌ قليلـونَ لكـنْ عزمهُم جبلٌ |
|
إذا دنــا السيفُ منـهم رنَّ وارتطما |
اُولاءِ سُلـاّكُ درب قصـده وهـج |
|
مـِنَ الضميرِ يرى فيـضَ الدما نِعَما |
يحدو بهم للمنايا نصـرُ مبدئِــهم |
|
فعــانقوا الفجرَ يَسقـونَ العدى حِمما |
مازّل يوماً لهم في مـوقف قــدمٌ |
|
ومــا أقـروا عـلى ظُلم لِمَنْ حكما |
يستبشرون وهم في ليـلة مُـلئتْ |
|
رُعبـاً كــأنّ المنـايا كانـت الحُلما |
جَنَّ الظلـامُ وأرضُ الطفِ مشرقةٌ |
|
بأوجه لـم يُخالِـط حُسنــها السأما |
تدنو المــنيةُ والاصحابُ في شُغل |
|
عن الحياةِ ولــم يَبــدو لهـا ندما |
ويعجبُ النــاسُ إن الليلَ حين بدا |
|
يَمدُ جُنـحاً مـن الظلماءِ مُحتدمــا |
قال الحسينُ لهــم خُفّوا على عجل |
|
فما ســُوايَ أرادَ المــعتدونَ دما |
ثـم انـثنى لبنـات الوحي ينظرها |
|
رأى الجلال على تلك الوجوه سمـا |
قد جللتهن أيــدي المكـرمات فما |
|
أرجفن في القول أو ثبطن من عزما |
تقودهن إلـى العليــاء زينبهــم |
|
تلك التي ورثت مــن حيدر عظما |
قد ودّعــت إخـوة عزت نظائرها |
|
بأدمع البشر منــها سال وانتظمـا |
تظــم فــي كفهـا قلبا لها وجلا |
|
وعزمها يتحــدى ظالمــاً رغما |
تحكي علياً ويــوم الـروع يعرفه |
|
يعطي البسالة حقاً صارمـاً وفمــا |
ما احتج إلا وكان النــد منكسـرا |
|
أو كر إلا وكـان الخصـم منهزما |
وهــؤلاء بنـوه الوارثــون أباً |
|
بسيفــه وبـه جبريــل قد قسما |
هـم هـؤلاء لهم يهوى العلا شرفا |
|
هم هؤلاء رقـوا في مجـدهم قمما |
قد جنهـم ليل حزن حاملا غصصاً |
|
لو مست الطود أضحى صلده رمما |
جيشان جيش يحاكي الشمس منظره |
|
وآخر راح في درب الضلال عمى |
يعمرون لهــم ديناً علــى وهم |
|
وإن أخسر شيء من بنى وهمــا |
لست أنساهُ حين أيقن بالموت |
|
دعاهم فقـام فيهــم خطيبا |
ثم قال الحقــوا بـأهليكم إذ |
|
ليس غيري أرى لهم مطلوبا |
شكر الله سعيكم إذ نصحتـ |
|
ثم أحسنتم لـي المصحوبـا |
فأجابوه ما وفيناك إن نحـن |
|
تركناك بالطفوف غــريبا |
أي عذر لنا يــوم نلقــى |
|
الله والطهر جدّك المندوبا (1) |
حاش لله بل نواسيك أو يأخذ |
|
كلّ مـن المنـون نصيبـا |
فبكى ثـم قـال جزيتم الخير |
|
فما كـان سعيـكم أن يخيبا |
ثم قال اجمعوا الرجال وشبّوا |
|
النار فيها حتى تصير لهيبا |
وغدا للقتال في يوم عاشوراء |
|
فأبدى طعناً وضرباً مُصيبا |
فكأنّي بصحبه حوله صرعى |
|
لدى كربلا شباباً وشيبا(2) |
فديتك من ناع إلى الناس نفسَهُ |
|
وموذنِ أهليـه بوشكِ وبــال |
كأن حياةَ النفسِ غيــر أحينة |
|
فمالك لا تـرنو لهـا بوصـالِ |
لعمرك إن الموتَ مـُرُّ مـذاقُه |
|
فما بالُ طعم الموتِ عندك حالي |
فديتُ وحيداً قد أحاط برحــلهِ |
|
لال أبي سفــيان جيشُ ظلالِ |
يقـول لانصـار له قـد أبحتُكُمْ |
|
ذمامي وعهدي فاسمعـوا لمقالِ |
ألا فارحلوا فالليلُ مـرخ سدولَهُ |
|
عليكم ومنهاجُ البسيـطةِ خـالِ |
فمالهم مــن مطلب قـد تألَّبوا |
|
عليه سوى قتلي ونهبِ رحالـي |
فقالوا جميعاً ما يُقــال لنا وما |
|
نقولُ جـواباً عــندَ ردِّ سؤالِ |
تقيكَ مـن الموتِ الشديدِ نفوسُنا |
|
ويرخصُ عندَ النفسِ ما هو غالِ |
أمِنْ فــَرَق نبغي الفريق وكلُّنا |
|
لاولاده والعيــش بعـدك قالِ |
فطوبى لهـم قد فاز والله سعيُهُم |
|
فكلُهم في روضة وظـلالِ(1) |
لسـت أنسى إذ قام في صحبه |
|
ينثر من فيه لؤلؤاً منثــورا |
قائلاً ليس للعـدى بغية غيري |
|
ولا بـُدَّ أن أردّى عــفيرا |
اذهبوا فالدجى ستيرٌ وما الوقت |
|
هجيـراً ولا السبيـل خطيرا |
فأجابــوه حاش لله بل نفديك |
|
والموت فيــك ليس كثيـرا |
لا سلمنا إذن اذا نحـن اسلمـ |
|
ـناك وتراً بين العدى موتورا |
انخليّك فـي العــدو وحيـدا |
|
ًونولّي الادبـار عنك نفورا |
لا أرانــا الالــه ذلك واختا |
|
روا بدار البقاء مُلكـاً كبيرا |
بذلوا الجهد فـي جهاد الاعادي |
|
وغدا بعضهم لبعض ظهيرا |
ورموا حـزب آل حرب بحرب |
|
مأزقٌ كان شره مستطيـرا |
كــم أراقـوا منهم دماً وكأي |
|
من كمّي قد دمروا تدمـيرا |
فدعاهم داعــي المنون فسّروّا |
|
فكأن المنون جـاءت بشيرا |
فاجأبوه مسرعين إلــى القتــل |
|
وقـد كــان حظهــم موفورا |
فلئن عانقــوا السيـوف ففي مقـ |
|
ـعدِ صــدق يُعانقــون الحورا |
ولئن غـودروا على الترب صرعى |
|
فسيــجزون جنــةً وحـريرا |
وغــداً يشربــون كأسـاً دهاقا |
|
ويُلقّــون نظـرةً وســرورا |
كان هذا لـهم جـــزاءً مــن |
|
الله وقــد كـان سعيهم مشكورا |
فغدا السبط بعدهم في عراص الطف |
|
يبغــي مـن العـدو نصيـرا |
كان غوثــاً للعــالميـن فأمسى |
|
مستغيثاً يـا للـورى مستجيـرا |
فأتاه سهــمٌ مشـومٌ بــه انقضّ |
|
جديلاً على الصعيـد عفيــرا |
فاصــأب الفــؤاد منــه لقـد |
|
اخطأ من قد رمـاه خـطأ كبيرا |
فأتاه شمرٌ وشَمّــَر عــن سـا |
|
عد أحقــاد صـدره تشميـرا |
وارتقى صــدره اجتــراءً على |
|
الله وكــان الخبُّ اللئيم جسورا |
وحسين يقول ان كنت مــن يجهل |
|
قــدري فاسـأل بذاك خبيـرا |
فبرى رأســه الشــريف وعـّ |
|
ـلاه على الرمح وهو يُشـرق نـورا |
ذبح العــلمَ والتقــى إذ بــراه |
|
وغدا الــحقّ بعـده مقهـورا |
عجباً كيف تلفح الشمـس شمســا |
|
ًليس ينفك ضوؤهـا مستنيــرا |
عجباً للسمــاء كيــف استقـرت |
|
ولبدر السمــاء يبـدو منيـرا |
كيف من بعده يضيء اليس البــدر |
|
من نـوره وجـهه مستعيــرا |
غادروه على الثرى وهو ظــل الله |
|
فـي أرضه يقاسي الحرورا (1) |
ناولــوني القرآن قــال حسـين : |
|
لذويه » وجــدَّ فــي الـركعات |
ِفرأى في الكتــاب سِفــرَ عزاء |
|
ومشى قلبـه علــى الصفحــاتِ |
ليس فــي القــارئين مثلُ حسين |
|
عالمــاً بالجـواهــر الغاليـات |
فهــو يدري خلف السطورا سطوراً |
|
اًليــس كـلُ الاعجاز في الكلمات |
للبيان العُلوي ، فـي اُنفس الاطهار ، |
|
مسرى يفــوقُ مســرى اللغات |
ِوهو وقفٌ على البصيرة ، فالابصار |
|
ُتعشو ، فــي الانجــم الباهرات |
يقذف البحـرُ للشواطـىء رمــلا |
|
ًواللالــي تغوص فــي اللُّجـاتِ |
وا لمصلُّـون فــي التـلاوة أشبـاه |
|
وإنَّ الفــــروق بالنيّــــاتِ |
فالمناجـاة شعلــةٌ مــن فـؤاد |
|
صادق الــحس مُـرهف الخلجات |
فإذا لم تكن سوى رجع قول |
|
فهي لهـوُ الشفـاه بالتمتمات |
إنما الساجد المُصلي حسـين |
|
طاهرُ الذيل ، طيّب النفحات |
فتقبّلْ جبريـلُ أثمارَ وحـي |
|
أنت حُمّلتـهُ إلـى الكائناتِ |
إذ تلقَّـاه جـدُّه وتـــلاه |
|
مُعجزات ترنُّ في السجعاتِ |
وأبوه مُدوّن الذكر ، اجـراه |
|
ضياءً علـى سوادِ الدواةِ |
فالحسين الفقيهُ نجلُ فقيــه |
|
أرشد المؤمنين للصلـواتِ |
أطلق السبط قلبه في صـلاة |
|
فالاريج الزكي في النسماتِ |
المناجاة ألسُنٌ مـن ضيـاء |
|
ِنحو عرش العليِّ مرتفعاتِ |
وهمت نعمــةُ القديـر سلاما |
|
ًوسكــوناً للاجفــن القلقاتِ |
ودعاهُ إلــى الرقــاد هدوء |
|
ٌكهُـدوءِ الاسحـار في الربواتِ |
وصحــا غبَّ ساعــة هاتفاً |
|
«اختاهُ بنت العــواتك الفاطماتِ |
إنني قــد رأيت جـدي واُمي |
|
وأبي والشقيقُ فـــي الجناتِ |
بَشّــروني أنـي إليهم سأغدو |
|
مُشرقَ الوجه طائرَ الخطـواتِ |
فبكت والدمـوع في عين اُخت |
|
نفثات البُركان فــي عبراتِ |
صرختْ :ويلتاه ، قال : خلاك الشرُّ |
|
فالـويل مــن نصيب العـتاةِ |
هتفــوا يــا حسين لسنا لئاماً |
|
فَنخلّيــك مُفــرداً في الفــلاة |
فتقــول الاجيـال ُ ويلٌ لصحب |
|
خلَّفوا شيخهم أسيــر الطغــاةِ |
فَنكونُ الاقــذارَ في صفحةِ التـأ |
|
ريخ والعارَ فــي حـديثِ الرُواةِ |
أو سُباباً علــى لسـان عجـوز |
|
أو لسان القصّاص فــي السهراتِ |
يتوارى أبناؤنــا فــي الزوايا |
|
من أليـم الهــجاء واللعنــاتِ |
ستـرانا غــداً نشـرّفُ حَــدَّ |
|
السيفِ حتــى يَذوبَ في الهبواتِ |
يشتكــي مـن سواعد صاعقات |
|
وزنــود سخيــّةِ الضربـاتِ |
إن عطشنا فليـس تَعطـشُ أسياف |
|
ٌتعبُّ السخين فــي المهجــاتِ |
لا ترانا نرمي البواتــر حتــى |
|
لا نُبقّي منها ســوى القبضـاتِ |
ليتنا يا حسين نسقــط صرعـى |
|
ثم تحيا الجسوم فــي حيـواتِ |
وسنُفديك مــرةً بعـد اُخـرى |
|
ونُضحّي دمـــاءنا مــرّاتِ |
أصبحوا هانئين كالقوم في عرس |
|
سكــوت مُعــطّل الزغرداتِ |
إن درع الايمان بالحــق درعٌ |
|
نسجتــه أصــابعُ المُعجزات |
يُرجع السيف خائبـــاً ، ويردُ |
|
الرمـح ، فالنصلُ هازىء بالقناةِ |
مثلما يطعــن الهــواء غبي |
|
ٌّفيجــيب الاثيــرُ بالبسمـاتِ |
يغلب المــوتَ هـازئاً بحياة |
|
لا يراها إلاّ عمــيق سُبــاتِ |
فاللبيبُ اللبيبُ فيها يجـوبُ العمر |
|
في زحمة مــن التـرّهــاتِ |
ويعيش الفتـى غــريقـاً بجهل |
|
فإذا شاخ عــاش بالـذكريـاتِ |
ألمٌ فــي شبابـه ، فمـتى ولّى |
|
فدمعُ الحرمــان فــي اللفتاتِ |
إن ما يكســب الشـهيدُ مضاءً |
|
أمل كالجنائـــن الضـاحكاتِ |
فهو يطوي تحـت الاخامص دُنيا |
|
لينــال العُلــى بدهر آتِ |