أنــزلوه بكــربلاء وشادوا |
|
حوله من رماحــهم أســوارا |
لا دفاعاً عــن الحسين ولكن |
|
أهل بيت الرسول صاروا أُسارى |
قال : ماهــذه البقـاعُ فقالوا |
|
كربلاء فقــال : ويحــكِ دارا |
هاهنا يشربُ الثرى مـن دمانا |
|
ويثيرُ الجمـادَ دمــعُ العذارى |
بالمصير المحتوم أنبأنـي جدي |
|
وهيهــات أدفـــع الأقـدارا |
إن خَلَتْ هـذه البقـــاع من |
|
الأزهار تمسي قبورُنا أزهــارا |
أو نجوماً عـلى الصعيد تهاوت |
|
في الدياجير تُطلـعُ الأنـــوارا |
تتلاقى الأكبـادُ من كُل صوبٍ |
|
فوقَها والعيــونُ تهمـي ادّكارا |
مَنْ رآها بكـى ومن لم يزرها |
|
حَمَّل الــريحَ قلبُه تـِذكــارا |
كربلاء !! ستصبــحين محجاً |
|
وتصيرين كالهـواءِ انتشــارا |
ذكركِ المفجع الألــيم سيغدو |
|
في البرايا مثلَ الضيـاءِ اشتهارا |
فيكون الهدى لمــن رام هدياً |
|
وفخاراً لمـن يــرومُ الفخارا |
كُلّما يُذكـر الحســينُ شهيداً |
|
موكبُ الــدهر يُنبت الأحرارا |
فيجيءُ الأحرار في الكون بعدي |
|
حيثما ســرتُ يلثمون الغبارا |
وينادون دولــةَ الظلـم حيدي |
|
قد نقلنا عــن الحسين الشعارا |
فليمت كــلُ ظالـــمٍ مستبدٍّ |
|
فإذا لــم يمــت قتيلاً توارى |
ويعــودون والكــرامةُ مَدّت |
|
حول هامــاتهم سنـاءً وغارا |
فإذا أُكــرهوا ومــاتوا ليـوثاً |
|
خَلّدَ الحـقُ للأُســود انتصـارا |
سَمِعَتْ زينبُ مقــالَ حســينٍ |
|
فأحستْ في مُقلتيــها الــدوارا |
خالتْ الأزرقَ المفضّض ســقفاً |
|
أمسكتُهُ النــجومُ أن ينهــارا |
خالتْ الأرضَ وهـي صمّاءَ حزنٌ |
|
حمأً تحـتَ رجِلهــا مَــوّارا |
ليتني مـُتُّ يـاحســينُ فلــمْ |
|
اسمع كَلاماً أرى عَليـه احتضارا |
فُنيــتْ عِتــرةُ الرسولِ فأنتَ |
|
الكــوكبُ الـفردُ لا يزالُ منارا |
مات جدي فانــهدَّت الوردةُ الـ |
|
زهـراءُ حزنـاً ، وخلَّفتنا صغارا |
ومضي الوالـدُ العــظيمُ شهيداً |
|
فاستــبدّ الزمـانُ والظلُّ جارا |
وأخوك الــذي فقدنـاهُ مسموماً |
|
فبتنا مـن الخــطوبِ سُكارى |
لا تَمُتْ يـا حســينُ تفديكَ منّا |
|
مُهجــاتٌ لـم تقرب الأوزارا |
فتقيكَ الجفــونُ والهُدب نرخيها |
|
ونلقـي دون المنــون ستارا |
شقّت الجيــبَ زينـبٌ وتلتهـا |
|
طاهــراتٌ فمـا تركن إزارا |
لا طمــاتٍ خـُدودهـنَّ حُزانى |
|
ناثراتٍ شعــورهنَّ دثــارا |
فدعاهـنَّ لاصـطبــارٍ حسينٌ |
|
فكأنَّ المياه تُطفــيء نــارا |
قــال : إن مـتُّ فالعـزاءُ لكنّ |
|
الله يُعطي من جــوده إمطارا |
يلبـسُ العاقلُ الحكيمُ لباسَ الصبر |
|
إن كانــتْ الخــطوبُ كبارا |
إنّ هــذه الدنيـا سحابةُ صيفٍ |
|
ومتــى كانـت الغيومُ قرارا |
حُـبّيَ المـوتُ يُلبسُ الموتَ ذلاً |
|
مثلمـا يكسفُ الّهيبُ البخارا (2) |
ذكراكِ مـِلءُ مَحـاَجِرِ الأجيالِ |
|
خَطَرَاتُ حـُزْنٍ يَزْدَهِـي بِجَلأل |
وَرَفَيفُ سـِرْبٍ من طُيُوفِ كآبةٍ |
|
تختالُ بيــنَ عَـوَاصِفٍ ورِماَل |
يَا لَيْلَــةً كَسـَت الزمانَ بِغَابَةٍ |
|
مِنْ رُوحِها ، قَمــَرِيَّةِ الأَدْغـاَل |
ذكراكِ مَلْحَمــَةٌ تَوَشَّحَ سِفْرُهاَ |
|
بروائعٍ نُسِجَت مـن الأَهْــوَال |
فَهناَ (الحسينُ ) يَخِيطُ من أحْلأمِهِ |
|
فَجْرَيْنِ : فَجْرَ هوىً وَفَجْرَ نِضَالِ |
وَ أَماَمَهُ الأجيالُ...يلمحُ شَوْطَها |
|
كَابٍ على حَجـَرٍ مــن الإِذْلألِ |
فيجيشُ في دَمِهِ الفداءُ ويصطلي |
|
عَزْمــاً يُرَمّــِمُ كَبْوَةَ الأجيالِ |
طَعَنُوهُ مــن صَرخـَاتِهِمْ بِأَسِنَّةٍ |
|
وَرَمَوْهُ مــن أَنَّاتِهــِمْ بِنِبـَالِ |
(فَأَحَلَّ) مـن ثَوْبِ التــجلُّدِ حَانِياً |
|
وَ (أفاَضَ) في دَمْعِ الحنانِ الغالي |
وانْهاَرَ فــي جُرْحِ الإباءِ مُضَرجاً |
|
بِالحُزْنِ... مُعْتَقَلاً بِغَيـٍرِ عِقَال |
فَتَجَلَّتِ (الحوارءُ) في جَبَرُوتِها الـ |
|
قُدْسِيِّ تجلو موقف الأبطــال |
مَدَّتْ علـى البَطَلِ الجريحِ ظِلألَها |
|
وَ طَوَتْهُ بين سَوَاعِـدِ الاّمـال |
فَتَعاَنَقاَ...رُوحَيــْنِ سَلَّهُمِا الأسى |
|
بِصَفَائِهِ من قَبْضَةِ الصَـلْصَالِ |
وعلى وَقِيدِ الــهَمِّ فـي كَبِدَيْهِما |
|
نَضَجَ العِنَاقُ خَمَائِلاً و دَواَلـيِ |
وَهُنـَاكَ ( زينُ العابدين) يَشُدُّ في |
|
سَاقَيْهِ صَبْرَهُماَ علـى الأَغْلألِ |
و (سُكَيْنَةٌ) بـاَتَتْ تـُوَدِّعُ خِدْرَهاَ |
|
فَتدِبُّ نارُ الشوقِ فـي الأسْدَالِ |
والنسوةُ الخَفِراَتُ طـِرَنَ حمائماً |
|
حيرى الرفيفِ كـئيبةَ الأَزْجَالِ |
مَازِلْنَ خلفَ دموعِ كـل صَغِيرةٍ |
|
يَخْمِشنَ وَجْهَ الـصبرِ بالأذيالِ |
حتَّى تفجَّرَ سِرْبُها في سَرْوَةِ الـ |
|
أحزانِ فاحْتـَرَقـَتْ مِنَ المَوَّالِ |
ووراءَ أروِقَةِ الخيــامِ حكـايةٌ |
|
أُخْرَى تتيـهُ طيُـوفُها بِجَمَالِ |
فَهُناَلِكِ (الأَسَدِيُّ) يُبْدِع صــورةً |
|
لِفِدائِهِ ، حُورِيَّــةَ الأشكـالِ |
ويحاولُ استنفارَ شِيمَةِ نــُخْبَةٍ |
|
زرعوا الفَلأةَ رُجُولَةً ومعـَاَلي (1) |
نادى بِهِمْ... والمجدُ يشهــدُ أنَّهُ |
|
نادى بِأعظمِ فَاتِحِينَ رِجــاَلِ |
فإذا الفضاءُ مُُدَجَّجٌ بِصــوارمٍ |
|
وإذا الترابُ مُلَغَّـمٌ بِعَوَالــي |
ومشى بِهِم أَسَـداً يقــودُ وَرَاءه |
|
نحو الخلــودِ ، كتيبةَ الأشْبَالِ |
حتـَّى إذا خدرُ (العقيلةِ) أجهشتْ |
|
أستارُه فــي مِسْمــعِ الأَبْطَالِ |
ألقـى السلامَ.... فما تبقَّتْ نَبْضَةٌ |
|
في قَلْبِه لــم ترتعــشْ بِجَلألِ |
وَمـُذِ الْتَقَتْهُ ـ مَعَ الكآبةِ ـ زينَبٌ |
|
مخنــوقَةً مــن هَمِّها بِحِبَالِ |
قَطــَع استـدارةَ دمعةٍ في خَدِّها |
|
وَأَراَقَ خَاطِــرَها مـن البَلْبالِ |
وَتَفَجَّرَ الفــرسانُ بِالعَهْـدِ الذي |
|
ينسـابُ حــول رِقَابِهـم بِدَلألِ |
قرِّي فُؤَاداً يا (عقيلةُ) وأحــفظي |
|
هـذي الدموع.. فإنَّهنَّ غـوالي |
ما دامتِ الصحراءُ... يَحْفَلُ قلبُها |
|
مِنَّـاـ بِنَبْضـَةِ فــَارِسٍ خَيَّالِ |
سيظلُّ في تاريخ كـلِّ كــرامة |
|
ميزان عِــزِّكِ طَـافِحَ المِكْيَالِ |
عَهْدٌ زَرَعْناَ في السـيوفِ بُذُورَهُ |
|
وَسَقَتـْهُ دِيـمَةُ جُرْحِناَ الهَطَّالِ |
ليلةَ العشــرِ كمْ بعثتِ الضَّراما |
|
لقلوبِ الأنامِ عــاماً فعامــا |
ليلةَ العــشرِ مـا تزال حكاياك |
|
تُثير الشجى دموعـاً سجامــا |
حدّثينا عـن المــآسي العظيما |
|
ت توالت على الـهدى تترامى |
حدّثينا عــن غربة السبط تُبدي |
|
زُمرُ الشركِ في عداه الخصاما |
يوم جــاءت يقودها البغيُ ظُلماً |
|
واستشاطت لحــربه أقزامـا |
حــاولت أن تــذلَّه ليزيــد |
|
أو يذوقَ المنونَ جاما فجامــا |
فرأتهُ صعبَ المجسَّةِ صُلبَ العود |
|
يأبى له الحجـى أنْ يُضامــا |
وبوادي الطفوف سجّل مجــداً |
|
كلَّما مــرَّ ذكــره يتسامـى |
بات والأهلُ والصحابُ تُناجـيه |
|
بنطقٍ تـعطيه فيـه التزامــا |
تتفـدّاه بالبنيــن وبالأهــل |
|
وتستعـذبُ الردى حيـنَ حاما |
ياليلـة العشر كم تسمو بك الفكر |
|
وفي دروسـك ما تحيى به العبر |
رهــط لنسل رسول الله يطرده |
|
عن داره موغـل بالظلم مؤتزر |
رهــط تقـاذفه البيداء لاسكن |
|
يأوي إليـه ، عـليه حوم الخطر |
ياللعجائب كــم للظلم من صور |
|
يأتي بهـا بشـر فـي فعله أشر |
مثل الحسين الذي في جده نعمت |
|
هذي الأنام غــدا يجفى ويحتقر |
ونغل ميسون بين الناس حاكمها |
|
وهو الذي لم يصنه الدين والخفر |
يملي على السبط إذعانا لبيعته |
|
ودون مـا يبتغيه الصارم الذكر |
حاشا ابن فاطمة أن يغتدي تبعا |
|
وهو الذي غصنه ما عاد ينكسر |
ياليلة العشر من عاشور أي فتى |
|
قد بـات ليلك لا ماء ولا شجر |
وحــوله النسوة الأطهار ذاهلة |
|
وسط الخيام ومنها القلب منفطر |
كل تراها وقد اودى المصاب بها |
|
وعندها من مآسي صبحها خبر |
وبنيــها زينب والهم يعصرها |
|
ودمعها من جفون العين ينحدر |
ترى الحسين أخاها وهو يعلمها |
|
بقتلــه والعدا من حوله كثر |
ياليلــة العشر ما خرت عزائم من |
|
للبسط دون الورى في الحق قد نصروا |
بـاتــوا ومثل دوي النحل صوتهم |
|
وللصلاة لهــم فــي ليلــهم وطر |
وبيــن مــن يقرأ القـرآن ديدنه |
|
حتى الصــباح فمـا ملوا وما فتروا |
أكرم بهــم مـن حمـاة مالهم شبه |
|
بين العبـاد وإن قلــوا وإن نـزروا |
هم إن دجــى الليل رهبان سماتهم |
|
وفي النــهار ليوث الغاب إن زأروا |
صلى الألــه عليهم ماهمت سحب |
|
ومــا أضــاء بأنوار لــه القمر |
ها هنا تُنحــر النحـور ولم يبق |
|
لنــا فــي الحياة غيــر القليلِ |
ها هنا يصبح العزيزُ من الأشراف |
|
في قبضــة الحقــير الذليــلِ |
ها هنا تُهتـك الكــرائم مـن آلِ |
|
علـــيّ بذلـــةٍ وخمــولِ |
من دمــي يبــلل الثرى ها هنا |
|
واحر قلبي على الثرى المبلــولِ |
ورقى فــوق مــنبرٍ حامد الله |
|
يُثني علـى العزيــز الجليــل |
ثـم قــال أربعــوا فقتلي شفاءٌ |
|
لصــدورٍ مملــوءةٍ بـالذحولِ |
فاجــابوه حــاش لله بل يُفديك |
|
كلّ بالنفس يــا بــن البتـولِ |
فجزاهــمُ خيــراً وقــال لقد |
|
فُزتم ونلتم نهــاية المأمــولِ |
ومضى يقصدُ الخيــامَ ويــدعو |
|
ودعيني يا أخت قبـل الــرحيلِ |
ودعيني فما الــى جمــع شمل |
|
بكم بعــد فــرقةٍ مـن سبيلِ |
ودعيني واستعملي الصــبر إنـّا |
|
من قبيـلٍ يفــوقُ كــلّ قبيلِ |
سأننا إن طغت علينـا خطــوبٌ |
|
نتلقــى الأذى بــصبرٍ جميلِ |
لا تشقي جيبــاً ولاتلطمـي خداً |
|
فأنا أهـل الــرضا والقبــولِ |
وأخلفيني على بناتـي وكــوني |
|
خير مستخــلف لأكــرم جيلِ |
وأطيعي إمامــك السـيد السجّاد |
|
رب التحــريــم والتحليــلِ |
فاذا ما قضيـــت نحـبي فقولي |
|
فـي الإلــه خيــر سبيــلِ |
وأذكـرينـي أذا تنفـلت بالليل |
|
عقيب التكبيــر والتهليــلِ(1) |