الحسين في طريقه الى الشهادة 66

يا اخي ألا اخبرك بشيء سمعته البارحة . قال لها وما ذاك ؟ يا اختاه . فقالت اني خرجت البارحة في بعض حاجة فسمعت هاتفا يقول :
الا يا عين فاحتفلي بجهد ومن يبكى على الشهداء بعدي
على قوم تسوقهم المنـايا بمقـدار الـى انجـاز وعـد

فقال لها الحسين (ع) : يا اختاه كل ما قضى الله فهو كائن . قالوا وسار الحسين (ع) من الخزيمية يريد الثعلبية فمر في طريقه بزرود .
وبعدها وافى زرود وبها وافاه ناعى مسلم ينعى الحجى
تنفّس الحسين ثم الصُعدا ودمعه على ا بن عمه همـى

(زرود) . بفتح الزاء . والزرد البلع . ولعلها سميت بذلك لابتلاعها الماء التي تمطرها السحائب . لانها رمال . قال البكري زرود . بفتح اوله وبالدال المهملة في آخره . وقال ابن دريد : زرود . جبل رمل . وهو محدود في رسم ـ عالح ـ وفي رسم ـ الوقيظ ـ وهو بين ديار بني عبس وديار بني يربوع . متصل بجدود . قال ابو دؤاد :
زرود جدود خير من أراطى ومن طلح اللحاء ومن ابال(1)

اللسان . قوة الجنان مثال الزهد والورع . مثال العفاف والشهامة ان في ذلك لعبرة ، وفاتها قيل سنة 63 وقيل 65 كما اختلف ارباب التاريخ في قبرها فمنهم من ذكر انها في الشام في قرية ـ راوية ـ حيث المزار اليوم والمشهد المشهور يختلف اليه الزوار من المسلمين لزيارتها من قديم الاحقاب والقرية التي فيها القبر الماثل اليوم تسمى باسمها قرية ـ الست زينب ـ وقال آخرون ولا اشك انه هو الصحيح أن هذا الذي بدمشق هو قبر شقيقتها ام كلثوم ـ زينب الصغرى ـ بنت الامام علي (ع) واما زينب الكبرى فمرقدها في مصر مشهد معلوم يزار ويتبرك به كما حققه المؤرخون ، وقد الفت كتب عديدة في سيرتها وترجمتها وآخر ما ظهر كتاب ـ بطلة كربلاء ـ للفاضلة بنت الشاطئ اذ قالت في خاتمة كتابها . بطلة استطاعت ان تأثر لاخيها الشهيد العظيم . وان تسلط معاول الهدم على دولة بني امية وان تغير مجرى التاريخ .
(1) انظر البكري معجم ما استعجم ص 436 ، اللحاء موضع . والطلح شجر من العضاه وابال موضع قريب من أراطى .
الحسين في طريقه الى الشهادة 67

قال ابن الكلبي . عن الشرفي . زرود . والشقرة . والربذة . بنات يثرب ابن قانية بن مهليل بن رخام بن عبيل . آخى عوض بن أرم بن سام بن نوح ، وتسمى زرود العقبة . وفي زرود بركة وقصر وحوض . قالوا : اول الرمال ـ الشيحة ـ ثم رمل الشقيق . وهي خمسة أجبل . جبلا زرود . وجبل ـ الغر ـ وـ مريخ ـ وهو اشدها وجبل ـ الطريدة ـ وهو أهونها . حتى تبلغ جبال الحجاز . ويوم زرود من ايام العرب مشهور بين بني تغلب وبني يربوع(2) ذكر النويري(3) . قال : غزا ـ الحوفزان حتى انتهى الى زرود . خلف جبل من جبالها . فأغار على نعم كثير لبني عبس فاجتازوها . واتى الصريخ لبني عبس فركبوا ولحق عمارة بن زياد العبسي الحوفزان . فقال : يا بني شريك . قد علمتم ما بيننا وبينكم . قال الحوفزان . وهو الحارث بن شريك صدقت يا عمارة . فانظر كل شيء هو لك فخذه . فقال عمارة لقد علمت نساء بكر بن وائل اني لم أملأ أيدي أزواجهن وأبنائهن شفقة عليهن من الموت . فحل عمارة النعم ليرده . وحال الحوفزان بينه وبين النعم . فعثرت بعمارة فرسه فطعنه الحوفزان . وطعنه نعامة بن عبد الله بن شريك . واسر ابنا عمارة . سنان وشداد . وكان في بني عبس رجلان من طيء . ابنان لاوس بن حارثة . مجاورين لهم . وكان لهما أخ اسير في بني يشكر . فلما فقدته بنو شيبان نادوا . يا لثارات معدان فعند ذلك قتلوا ابني عمارة . وهرب الطائيان بأسرهما . فلما برئ عمارة من جراحة أتى طيئا فقال ادفعوا الى هذا الكلب الذي قتلنا به . فقال الطائي لاوس ادفع الى بني عبس صاحبهم . فقال لهم . تأمرونني ان اعطي بني عبس قطرة من دمي . وان ابني اسير في بني يشكر . فوالله ما ارجو فكاكه الا بهذا . فلما قفل الحوفزان من غزوه بعث الى بني يشكر في ابن أوس فبعثوا به اليه . فافتدى به معدان . وقال نعامة بن شريك :

(2) انظر ياقوت الحموي . معجم البلدان .
(3) انظر النويري . نهاية الارب ج 15 ص 415 .
الحسين في طريقه الى الشهادة 68

استنزلت رماحنا سنانا وشيخنا بطخفة عنانا
ثم آخوه قد رأى هوانا لما فقدنا بيننا معدانا

هذا يوم زرود الاول . وهناك يوم زرود الثاني . وهو لبني يربوع على بني تغلب . ذكر النويري(4) انه أغار خزيمة بن طارق التغلبي على بني يربوع . وهم بزرود . فاقتتلوا قتالا شديدا . ثم انهزمت بنو تغلب . واسر خزيمة بن طارق . أسره انيف بن جبلة الضبي ـ وهو فارس السليط ـ وكان يومئذ نفيلا(5) في بني يربوع . واسيد بن حناءة السليطي . فتنازعا فيه . فحكما بينهما الحارث بن قراد ، فحكم بناصية خزيمة للانيف . على ان لاسيد على انيف ماءة من الابل . قال : ففدى خزيمة نفسه بمأتي بعير وفرس . قال انيف :
آخذتك قسرا يا خزيم بن طارق ولاقيت مني الموت يوم زرود
وعانقته والخيـل تدمى نحورها فأنزلته بالقـاع غيـر حميـد

وقال ابن الكليحة اليربوعي(6) وكانت كلمت فرسه فتراخت به حتى اذا أسره انيف دونه :
تدارك ارخاء العرارة دونها وقد جعلتني من جذيمة اصبعا

وفيها يقول :
فقلت لكأس الجميها فانما حللنا الكثيب من زرود لنقرعا

ذكر ابن بليهد(7) قال : زرود هو مشهور على اسمه الى هذا العهد لم يتغير منه حرف واحد هو في وسط رمال عالج وهي محيطة به من كل جانب وطرقه صعبة المنافذ ، وفي الجهة الجنوبية منه جبلان من رمل يقال لهما الشامات وفيهم

(4) انظر النويري . نهاية الارب 15 ص 383 .
(5) النفيل الغريب .
(6) انظر البكري . معجم ما استعجم ص 436 .
(7) انظر صحيح الاخبار ص 249 .
الحسين في طريقه الى الشهادة 69

من يضيفها الى زرود فيقول شامات زرود وهي التي ذكرها عمر بن كلثوم في معلقته حين قال :
وانزلنا البيوت بذي طلوح الى الشامات تنفي الموعدينا

وزرود هي المحطة المشهورة في طريق حاج بغداد وقد ذكر ابو الفرج الاصبهاني في «الاغاني» ان ابا جعفر المنصور لما نزل زرود وهو ماء لبني اسد وعزم على الرحيل وهو والربيع عديلان على جمل قالا لبني اسد : هل عندكم حاد يحدينا هذه الليلة ؟ قالوا : نعم : يا امير المؤمنين . عندنا الذي يحدى بالملوك . فقال : على به فاندفع يتغنى الى الصبح . فاستأذن للرجوع الى اهله . فقال الخليفة للربيع ادفع له خمسين درهما . فلما دفعها له قال الرجل للربيع : اني حدوت بهشام بن عبد الملك في هذا الطريق . ودفع لي خمسين الف درهما . فاخبر الربيع الخليفة فقال : اقذفه في السجن حتى يدفعها اليك يا ربيع . فهي من بيت مال المسلمين الذي جمعته بنو امية فسقط في يد الاسدي ، ثم جاء الاسديون يستنجدون بالربيع ان يطلق لهم صاحبهم فكلم الخليفة وعفا عنه .
وذكر ابن جبير(8) زرود في رحلته . فقال : وهذه في بسيط من الارض فيها رمال منهالة . وبها خلق كثير . داخله ديراوات صغار شبيه بالحصن يعرف بهذه الجهات بالقصر . والماء بهذا الموضع في آبار غير عذبة . وفي المخطوط . حدث أبو محمد الوراق . عن علي بن الصباح عن هشام بن محمد عن ابيه . قال : سميت بزرود . ان زرود وشقرة ابنتي يثرب بن قانية بن مهلهل بن رخام بن عبيل بن عوض بن ارم بن سام بن نوح . وزرود قبل الخزيمية بميل ونصف . وهي لبني اسد وبني نهشل ايضا . وفيها من الابار العامرة والمدفونة نحوا من عشرين بئرا ماؤها غليظ . وبها قصر وحوانيت وبركة ماء وحوض على بئر كبير . قال الشماخ بن ضرار :
وراحت رواحا من زرود فنازعت زبالة جلبابا من الليل أخضرا

(8) انظر ابن جبير ـ الرحلة ـ ص 163 .
الحسين في طريقه الى الشهادة 70

وروي ان الرشيد حج في بعض الاعوام . فلما اشرف على الحجاز تمثل بقول الشاعر :
أقول وقد جزنا زرود عشية وراحت مطايانا تؤم بنا نجدا
على أهل بغداد السلام فانني أزيد بسيري عن بلادهم بعدا

ولقد أكثر الشعراء بذكر زرود في اشعارهم كمهيار الديلمي بقوله :
ولقد أحـن الـى زرود وطينتـي من غير ما جبلت عليـه زرود
ويشوقني عجف الحجاز وقـد طفا ريـف العـراق وظله الممدود
ويغـرد الشادي فلا يـهتـزنـي وينـال منـي السائق الغريـد
ما ذاك الا ان أقمار الـحـمـى أفلا كهـن اذا طلـعـن البيد

وجاء ذكر زرود بشعر بن سنان الخفاجي قال :
يا زمان الخيف هل من عودة يسمح الدهر بها من بعد ضن
أرضينا بثـنـيـات اللـوى عن زرود يـالها صفقة غبن

وللشيخ عباس الملا علي (ره) يذكر زرود بقوله(9) :
ضربوا فـي ربى زرود خياما لا تناءت تلك الربـى والخـيـام
ما حنينـي الـى زرود ولا را مـة لـولاهـم بهـالـي مـرام
أنعموا بـالوصال عيني زمانا ثم صدوا فصـد عنهـا المـنـام
واصلوني حتى اذا ملكو القلـ ـب جفوني فاعتاد جسمي السقام
لم يواعوا يـوم الوداع ذماما لـمـحـب وللـمـحـب ذمـام
أمن العدل أنهـم يـوم بانوا أيقضوا جفـنـي القـريح وناموا(10)

وهناك شعر كثير يذكر ويترد فيه . اسم زرود فليطلب من مضانه ، وفي

(9) من ديوان الشيخ عباس الملا علي البغدادي النجفي . الذي اخرجه حدثا الاستاذ اليعقوبي الى عالم النشر مع تعاليق مفيدة . وتراجم بعض الممدوحين . وغيرهم .
(10) وارق منه قول مهيار :
رحلتم وعمر الليل فينا وفيكم سواء ولكن ساهرون ونوم
الحسين في طريقه الى الشهادة 71

زرود جاء نعى مسلم بن عقيل للحسين (ع) . ذكر شيخنا المفيد(11) عن عبد الله بن سليمان والمنذر ابن المشعل الاسديان . قالا : لما قضينا حجنا . لم تكن لناهمة الا اللحاق بالحسين (ع) في الطريق لننظر ما يكون من أمره . فاقبلنا ترقل بنانا قتانا مسرعين حتى لحقناه بزرود فلما دنونا منه . اذا نحن برجل من أهل الكوفة . قد عدل عن الطريق . حين رأى الحسين ووقف الحسين (ع) كأنه يريده . ثم تركه ومضى ومضينا نحوه . فقال : أحدنا لصاحبه اذهب بنا الى هذا الرجل لنسأله . فان عنده خبر الكوفة . قالا : فمضينا حتى انتهينا اليه . فقلنا السلام عليك . فرد علينا السلام . فسألنا ممن الرجل . فقال انا بكر ابن فلان الاسدي . فانتسبنا له وانتسب لنا . ثم قلنا لنا اخبرنا عن الناس وراءك . قال : لم أخرج من الكوفة حتى قتل مسلم بن عقيل . وهاني بن عروة(12) ورأيتهما

(11) انظر الشيخ المفيد ـ الارشاد ـ .
(12) كان هاني بن عروة . هو وابوه من وجوه الشيعة . ويروى . انه كان كأبيه صحابيا . وحضر مع امير المؤمنين حروبه الثلاث وهو القائل يوم الجمل شعرا : يالك حربا حثها جمالها يقودها لنقصها ضلالها ، هذا على حوله أقيالها ، وروى المسعودي : انه كان شيخ مراد وزعيمها وكان يركب في اربعة الاف دراع وثمانية الف راجل . فاذا تلاها احلافها من كنده ركب في ثلاثين الف دراع . وكان معمرا وذكر بعضهم ان عمره كان ثلاثا وثمانين سنة . وقيل بضع وتسعين سنة وكان يتوكأ على عصى بهازج وهي التي ضربه ابن زياد بها لما احضر عنده حتى هشم انفه وجبينه . وسمع الناس الهيعة . فاطافت مذحج بالدار فخرج اليهم شريح القاضي . فقال ما به بأس . وانما حبسه اميره . وهو حي صحيح فقالوا لا باس بحبس الامير . وبقي هاني عنده الى ان قبض على مسلم فقتلهما معا اما مسلم فقد قتله بكير ورمى بجسده من على القصر الى الارض واما هاني فانه اخرج الى السوق التي يباع فيها الغنم مكتوفا . فجعل يقول وامذحجاه ولا مذحج لي اليوم . وامذحجاه واين مني يذحج فلما رأى ان احدا لا ينصره . جذب يده فنزعها من الكتاف . ثم قال : اما من عصا او سكين او حجز يجاحش به رجل عن نفسه . فتواثبوا عليه وشدوه وثاقا ثم قيل مد عنقك . فقال ما انا بها جد سخى : وما انا معينكم على نفسي . فضربه رشيد التركي مولى عبيد الله فلم يصنع به شيئا . فقال هاني الى الله المعاد : اللهم الى رحمتك ورضوانك . ثم ضربه اخر فقتله ، وكان يوم التروية وفي ذلك يقول عبد الله بن الزبير الاسدي :
الحسين في طريقه الى الشهادة 72

يجيران من أرجليهما في الاسواق . قالا ثم ودعنا ومضى ورجعنا حتى لحقنا الحسين (ع) فسلمنا عليه فرد علينا السلام . فقلنا له رحمك الله . انا عندنا خبرا ان شئت اخبرناك به علانية . قالا فنظر الينا والى اصحابه . ثم قال : ما دون هؤلاء سر فقلنا رأيت الراكب الذي استقبلته عشية أمس ؟ قال : نعم . وقد أردت مسألته . فقلنا قد والله استبرأنا لك خبره . وكفيناك مسألته . وهو امرؤ منا . ذو رأي وصدق وعقل . وانه حدثنا انه لم يخرج من الكوفة حتى قتل مسلم بن عقيل . وهاني بن عروة ورأهما يجران من أرجليهما في الاسواق . فقال (ع) انا لله وانا اليه راجعون . رحمة الله عليهما . وصار يردد ذلك مرارا . فقلنا ننشدك الله في نفسك واهل بيتك الا انصرفت من مكانك هذا من حيث أتيت فانه ليس لك بالكوفة ناصر ولا معين ولا شيعة بل نتخوف عليك . فنظر الى بني عقيل . فقال : ما ترون ؟ وقد قتل مسلم بن عقيل . فقالوا والله لا نرجع حتى نصيب ثارنا أو نذوق ما ذاق مسلم . فأقبل علينا الحسين (ع) وقال لا خير في العيش بعد هؤلاء . فعلمنا انه قد عزم رأيه على المسير فقلنا خار الله لك . قال : رحمكم الله . ثم قال له أصحابه : انك والله ما انت مثل مسلم بن عقيل . ولو قدمت الكوفة . لكان الناس اليك اسرع . فسكت . ثم انتظر حتى اذا كان السحر . قال : لفتيانه وغلمانه اكثروا من الماء . فاستقوا واكثروا . ثم ارتحل من زرود حتى انتهى به السير الى الثعلبية .
ثم أتى للثعلبيّة التي بطان بعدها ومن ثمّ سرى

(الثعلبية) . بفتح اوله . من منازل الحج من الكوفة بعد الشقوق . قال البكرى منسوبة الى ثعلبة ابن دودان بن أسد وهو اول من احتفرها . وهي ماء

اذا كنت لا تدرين مالموت فانظري الى هاني بالسوق وابن عقيل
الى بطـل قـد هشم السيف وجهه وآخر يهـوى من طمار قتيل
ترىجسدا قـد غيـر الموت لونه ونضح دم قـد سال كل مسيل
أيركب أسماء الهـمـاليج آمنـا وقد طلبته مـذحـج بـذحول
تطيف حواليـه مـراد وكلهـم على رقبة مـن سائل ومسول
الحسين في طريقه الى الشهادة 73

لبني اسد قالت ليلى الاخيلية :
عوابس تقروا الثعلبية ضمرا وهن شواج بالشكيم الشواجر(1)

وقيل الخزيمية هي ثلثا الطريق . وأسفل منها ماء . يقال له ـ الضويجعة ـ على ميل منها مشرف ثم تمضي فتقع في برك . يقال لها برك ـ حمد السبيل ـ ثم تقع في رمل متصل بالخزيمية وذكر صاحب حماه . ان الثعلبية ثلث طريق حجاج العراق . وذكر في كتاب ـ الاطوال ـ ان طول الثعلبية . سح ل . وعرضها كح ل(2) . ومن الثعلبية الى قبر العبادي 29 ميلا(3) قالوا وانما سميت بثعلبة بن عمرو بن مزيقياء بن عامر ماء السماء . قيل لما تفرقت أزد مأرب . لحق ثعلبة بهذا الموضع . فأقام به فسمى به . فلما كثر ولده وقوي أمره رجع الى نواحي يثرب . فأجلى اليهود عنها . فولده هم الانصار . قال الزجاجي : سميت الثعلبية . بثعلبة بن دودان بن أسد بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر وهو أول من حفرها ونزلها . وقال ابن الكلبي : سميت برجل من بني دودان بن أسد يقال له ثعلبة . أدركه النوم بها فسمع خرير الماء في نومه . فانتبه وقال : اقسم بالله انه لموضع ماء . وأستنبطه وابتناه . وينسب الى ثعلبة عبد الاعلى بن عامر الثعلبي عداده في الكوفيين . روى عن محمد بن الحنفية(4) . ومحمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب (ع) وسعيد بن جبير(5) ويقال

(1) انظر البكري ـ المعجم ـ ج 1ص 241 .
(2) انظر الملك المؤيد ـ تقويم البلدان ص 67 .
(3) انظر الملك المؤيد ـ تقويم البلدان ـ ص 101 طبع باريس .
(4) انظر كتابنا ـ محمد بن الحنفية ـ ص 106 طبع طهران .
(5) سعيد بن جبير (ره) كوفى تابعي مشهور بالفقه والزهد والعبادة وعلم تفسير القرآن . وكان قد أخذ العلم عن ابن عباس . وكان يسمى جهبذ العلماء ويقرء القرآن في ركعتين . قيل وما على وجه الارض احد الا وهو محتاج الى علمه . وكان علي بن الحسين السجاد يثني عليه . قال ارباب التاريخ . احتج سعيد بن جبير علي الحجاج بان الحسن والحسين عليهما السلام من اولاد رسول الله (ص) حقيقة . لقوله تعالى «ووهبنا له اسحاق ويعقوب ـ الى قوله تعالى ـ وزكريا ويحيى وعيسى والياس كل من الصالحين» . ولما ادخل على الحجاج . قال له ما اسمك ؟ قال سعيد بن جبير . فقال : بل شقي ابن كسير . قال : امي
الحسين في طريقه الى الشهادة 74

حديثه عن ابن الحنفية صحيفته ، وفي الثعلبية أغار الضحاك على الحاج ونهب أمتعتهم . وذلك ان معاوية بن ابي سفيان . دعا الضحاك بن قيس الفهري . وقال له : سر حتى تمر بناحية الكوفة . وترتفع عنها ما استطعت فمن وجدته من الاعراب في طاعة علي (ع) فأغر عليه . وان وجدت مسلحة أو خيلا فأغر عليها . واذا أصبحت في بلدة فأمس في أخرى . ولا تقيمن لخيل بلغك أنها قد سرحت اليك لتلقاها فتقاتلها . فسرحه فيما بين ثلاثة آلاف أو اربعة آلاف . فأقبل الضحاك فنهب الاموال وقتل من لقي من الاعراب . حتى مر بالثعلبية فأغار على الحاج . فأخذ أمتعتهم . ثم اقبل فلقى عمرو بن عميس الذهلي . وهو ابن اخى عبد الله بن مسعود . صاحب رسول الله (ص) فقتله في طرق الحاج . عند القطقطانية(6) ومعه اناسا من اصحابه(7) وقد نزل الثعلبية سعيد بن عمر ، واقام بها ثلاثة أشهر . وذلك قبل وقعة ـ القادسية ـ حتى تلاحق به الناس . فكانت

كانت اعرف بي اذ سمتني سعيدا . فقال له : شقيت وشقيت امك . ما تقول في ابي بكر وعمر أفي الجنة هما ام في النار ؟ قال : لو دخلت الجنة فنظرت الى اهلها لعلمت من فيها ولو دخلت النار ورأيت أهلها لعلمت من فيها . قال فما قولك في الخلفاء ؟ فقال سعيد : لست عليهم بوكيل . قال أيهم أحب اليكم : قال أرضاهم لخالقي : قال فايهم أرضى للخالق ؟ قال : علم ذلك عند الذي يعلم سرهم ونجواهم قال : أبيت أن تصدقني ؟ قال بلا لا احب ان اكذبك ثم قال له الحجاج اختر أي قتلة شئت ان اقتلك قال : اختر لنفسك فان القصاص امامك . ولما احضر له النطع وارادوا قتله استقبل القبلة قائلا وجهت وجهي للذي فطر السموات والارض حنيفا مسلما وما انا من المشركين . فقال الحجاج وجهوا وجهه على غير القبلة . فقال : اينما تولوا وجوهكم فثم وجه الله . قال : كبوه على وجهه . فقال منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى . ثم ذبح على النطع رحمه الله . قيل لم يبق بعده الحجاج الا خمس عشرة ليلة ولم يقتل بعده احدا لدعائه حيث قال : اللهم لا تسلطه على احد يقتله بعدي ، وكان قتله سنة 95 هجـ وهو ابن تسع واربعين سنة .
(6) القطقطانة . تقع قرب قصر مائل . وتسمى اليوم الحياضية . فيها مخفر شرطة عراقية .
(7) انظر الطبري ج 6 ص 78 .
الحسين في طريقه الى الشهادة 75

بعدها الوقعة الميمونة . وفتح الله على المسلمين(8) وقال ابن جبير(9) يصف الثعلبية . قال : ولها مبنى شبه الحصن خرب لم يبق منه الا الحلق وبازائه مصنع عظيم . كبير الدور من أوسع ما يكون من الصهاريج وأعلاها والمهبط اليه بادراج كثيرة من ثلاث جهات . وكان فيه من ماء المطر ماعم جميع المحلة . ووصل الى هذا الموضع جمع كثير من العرب رجالا ونساءا . واتخذوا به سوقا عظيمة . حفيلة للجمال والكباش والسمن واللبن وعلف الابل . فكان يوم سوق نافقة . ـ وفي المخطوط ـ حدث عبد الله بن عمرو . قال : حدثني عباد بن ابراهيم بن اسماعيل بن عطا الثعلبي . قال : سمعت حازم بن محراس يخبر عن ابيه ان رجلين مرا فاستسقى احدهما فلم يسق فلما جازا . قال أحدهما للآخر : والله لو سقوني لدللتهم على ماء لا ينزف . قال : فسمعها عقبة بن سهل من بني ثعلبة بن مالك ، وكان يقال له ـ العوآ ـ وذلك أنه عوى عليها حين اخذت منه . وهو الذي سمى الاسامي فيها من جمادها وشعابها وأوديتها . وان مالكا كان في منزل يقال له ـ الطريقين ـ من الثعلبية على ميلين وهي على غير منقب . ومنقب ـ الطريق . وكان في غنمه فورد عليه رجلان من الشمامين وطلبا السقي . فتثاقل عنهما ومضيا حتى اذا كانا بالسامة من وراء الجبل . والجبل رمل وراه ـ شقيقة جلد ـ قال احدهما للاخر لو سقانا لدللناه على ماء لا ينزف . وكان منخرق السمع فسمعهما . وهو على ثلاثة أميال . فلحقهما بأداوة من ماء . فاعتذر اليهما وسقاهما . فأخبراه عن الثعلبية . ووصفا له الوادي . وقالا له عليك بلسان الطريق فاحتفر فيه . فأول ما حفر فيه ـ الزوراء ـ من ذلك حتى انبط الماء . والزوراء . وراء الحصن . ثم حفر ـ الجوفاء ـ ثم حفر ـ العسيل ـ التي الى جانب عسيلة ابى جعفر ثم حفر ـ الحلقا ـ ويقال ان الذي حفر ـ العسيلة ـ هو ابو جعفر بعد ذلك . وحفر اهل بيت عتبة بنوا سريح . وبنوا عويمر اكثر من اربعماية ركية . وانتقل عقبة الى الرقة . وعسيلة ابي جعفر هي أطيب ركية بالثعلبية . وذكروا ان الثعلبية . كانت ذات شجر ولم يكن بها ماء . وكانت لبني ثعلبة بن مالك بن

(8) انظر البلاذري . فتوح البلدان ص 255 .
(9) انظر رحلة ابن جبير ص 163 .
الحسين في طريقه الى الشهادة 76

ثعلبة . واليهم نسبت الثعلبية . وكانت مياه الحرث بن سعد محيطة بها . وكان الزبير بن مالك بن سريح منخرق السمع يسمع الكلام من مسيرة ثلاثة أميال . وكان يرعى غنما له بموضع يقال له ـ حمد السيل ـ من الثعلبية على ثمانية أميال . وكان أهلها على ثمدلهم . يقال له ـ الطريقة ـ من الثعلبية على ثلاثة أيام . فمر رجلان من الشمامين الذين يعرفون مواضع الماء . فقالوا لاهل الزبير بن مالك . اسقونا الماء ثم ذكروا نحوا من الاحاديث المارة الذكر . الا انه قال : فجاءت بنوا ثعلبة مالك ابى الزبير فاشتجروا في الماء كل يدعيه . فتحاكموا الى والي المدينة . فقضى ان ا لماء لمن احتفره . حدثني ابو محمد الوراق . عن عقيل بن محمد بن شمردل الاسدي . قال : قال رجل نعامي . من نعامة بن صعب بن أسد بن خزيمة . ومر على ماء الشقوق فمنعوه ماءها . فقال :
قد قلت للعيس افردى بالبرد الماء ماء الحرث بن سعد
هناك تروين بغير نقد

يعني ماء الثعلبية . وحدث بن ابي السعد عن داود بن محمد بن عبد الملك الاسدي عن ابيه عن جده أن الثعلبية احدثت في زمن عبد الملك بن مروان . قالت ليلى الاخلية(10) .
عوانس تلقوا الثعلبية ضمرا وهن شواح بالشكيم الشواجر

وقال عمرو بن شأس الاسدي :
أتعرف منزلا من آل ليلى أبى بالثعلبية أن يريما

وذكر ابن بليهد(11) قال : ولما خرجت اياد من تهامه . نزلوا ناحية نجد ثم ساروا قبل العراق حتى نزلوا الشقيقة فتواثقوا هناك مع مرزبان من مرازبة الفرس ، وأتوا حتى اقاموا بالثعلبية . فلما انقضى أمد العهد أجلهم اياد عن الثعلبية . ثم ساروا حتى نزلوا الجبل من السواد . وهزموا هنالك جيشا للفرس . ثم ساروا

(10) انظر البكري : معجم ما استعجم ص 220 طبع اوربا .
(11) انظر محمد بن عبد الله بن بليهد ـ صحيح الاخبار ـ ج 3 ص 182 .
الحسين في طريقه الى الشهادة 77

حتى نزلوا الجزيرة ونفوا قوما من العما ليق كانوا بها . ونزلوا الموصل وتكريت . فلما ملك كسرى انو شروان بعث اليهم ناسا من بكر بن وائل مع الفرس فهزموا ايادا ونفوهم الى قرية يقال لها الحرجية بينها وبين الحصنين فرسخان فالتقوا بالحرجية وقتلت وقبورهم بهاالى اليوم وسارت بقيتهم الى ارض الروم وبعضها الى حمص .
وذكر ابن بليهد ايضا(12) (الثعلبية) تحمل هذا الاسم الى هذا العهد وهي لبني اسد في الجاهلية وفي صدر الاسلام . ويقال لها في هذا العهد «الثعيلبي» سكنته شمر وبنوا به قصور وحفروا به آبار وغرسوا فيه نخيل .
وبين الثعلبية والخزيمية ثلاث وعشرون ميلا . وبها بئر تعرف ببئر ـ النسبان ـ وبئر أخرى تعرف ـ بالمنصور ـ وبئر أخرى تعرف ببئر ـ عقبه ـ عليها حوض . وبئر تعرف ـ بالمخالصية ـ وبئر تعرف ـ بالمطهرية ـ وبئر تعرف ببئر ـ آس ـ وبئر تعرف ـ بابي المحسر ـ وبئر تعرف ـ لمحمد بن الربيع ـ وآبار متفرقة كثيرة العدد . وبالثعلبية قصر ومسجد جامع . وبركتان مربعتان . احدهما تعرف ـ بالكبرى ـ وهي المهدية . ولها مصفاة وبركة حيال القصر تعرف ـ بالخالصة ـ مربعة . ومن
الآبار الكبار والصغار اكثر من ثلاثين بئرا تعرف بالكرارير والموالي . وثلاث آبار . يقال لها ـ الوطاء ـ والجوفاء ـ والزوراء . وبين السابع من البريد الى الخزيمية شقائق رمل . يقال له ـ الوعساء ـ ودون الميرا بثلاثة أميال رمل . يقال له جبلا زرود . والمسرف بطرف ـ الوعساء ـ على ميل ونصف من العميس . قال الشاعر : يذكر الوعساء ، وذكره ابن بليهد انه صاحبه ذو الرمة .
فياظبية الوعاء بين حلاحل وبين النقاآ أنت أم ام سالم

ذكر ابن بليهد جلاجل وقال لا أعلم اليوم موضعا بهذا الاسم(13) . وقبل

(12) انظر محمد بن عبد الله بن بليهد ـ صحيح الاخبار ـ ج 3 ص 182 .
(13) انظر ابن بليهد ـ صحيح الاخبار ـ ج 1 ص 79 .
الحسين في طريقه الى الشهادة 78

ان تصل الى الخزيمية باربعة أميال . مفرق الطريق الايمن الى ـ الهاشمية ـ وهو المنتصف . والطريق الاوسط . قصر ام جعفر والطريق الثالث الى الخزيمية وهي ـ المجاشعية ـ وليس في طريق الخزيمية من حد الرمل الذي قبلها بثلاثة أميال . انما الاميال في الطريق الاول عن يمين نراها من بعد . الخزيمية دونها البريد بسبعة أميال . موضع يقال له ـ داره ـ وعلى مقدار ميلين من الثعلبية . بئر تعرف بالبرمكي ـ وبئر تعرف ـ بالبستان ـ وعلى ثلاثة أميال من العثلبية بركة وقباب ومسجد . والبركة مدورة تسمى ـ القبعة ـ وهي قبعة حفاف . وانما سميت قبعة لانها تقبع من الرمل . وهي الحزن . وهي تزرع . وعند بركة القبعة . عند الاميال الثلاثة المتفرقة والطريق العتيق يسرة الطريق الآخر . وهي أقرب الطريقين بميل وأسهلها تخرج عند بركة ـ العميس ـ وأول الرمل الغليظ عند القصر يسرة بركة يقال لها ـ العميس ـ قال أرباب السير : كان نزول الحسين (ع) الثعلبية وقت الظهيرة . فوضع رأسه (ع) فرقد . ثم استيقظ . وقال : قد رأيت هاتفا يقول : أنتم تسيرون والمنايا تسرع بكم الى الجنة . ولقد نظم هذا المعنى المغفور له الشيخ حسن الدمستاني (ره)(14) قال :
بينما السبط بأهليه مجدا بالمسير واذا الهـاتـف ينعـاهم ويـدعو ويشير
ان قـدام مطاياهم مناياهم تسير ساعة اذ وقف الطرف الذي تحت الحسين

قال ابو محنف : ولما نزل الحسين (ع) الثعلبية . أقبل اليه رجل نصراني ومعه امه فأسلما على يد الحسين (ع) وصارا في ظعينته(15) ويروي ان الحسين (ع) بات بالثعلبية حتى اذا أصبح الصباح . واذا برجل من اهل الكوفة . يكنى أبا هرة الازدي . قد أتاه وسلم عليه . ثم قال له : يابن رسول الله (ص) ما الذي اخرجك عن حرم الله وحرم جدك محمد (ص) ؟ فقال : ويحك يا اباهرة . ان بني امية أخذوا مالي فصبرت وشتموا عرضي فصبرت . وطلبوا دمي فهربت . وايم الحق

(14) من فحول شعراء البحرين .
(15) انظر شيخنا الصدوق (ره) ـ الامالي ص 93 .
الحسين في طريقه الى الشهادة 79

لتقتلني الفئة الباغية . وليلبسهم الله ذلا شاملا . ويسل عليهم سيفا قاطعا . وليسلطن عليهم من يذلهم . حتى يكونوا أذل من قوم سبا . اذ ملكتهم امرأة منهم فحكمت في أموالهم ودمائهم . وذكر الشيخ الصدوق . قال : لما نزل الحسين الثعلبية . أتاه رجل وسأله عن قوله تعالى« يوم ندعو كل اناس بامامهم»(16)» فقال (ع) : امام دعا الى هدى فأجابوا اليه وامام دعا الى ضلالة . فأجابوا اليها . هؤلاء في الجنة وهؤلاء في النار . وهو قوله تعالى «فريق في الجنة وفريق في السعير(17) ويروى عن الطرماح بن حكيم : قال : لقيت حسينا وقد امترت لاهلي . فقلت اذكرك الله في نفسك . فلا يغرنك أهل الكوفة . والله ان دخلتها لتقتلن . واني اخاف أن لا تصل اليها . فان كنت مجمعا على الحرب فانزل ـ أجا ـ(18) فانه جبل منيع . والله مالنا فيه ذل قط . وعشيرتي جميعا يرون نصرتك ما أقمت فيهم . فان هاجك هايج . فانا زعيم لك بعشرين ألف فارس يضربون بين يديك بأسيافهم . فوالله لا يصل إليك أحد أبدا وفيهم عين تطرف . فقال له : جزاك الله خيرا . ان بيني وبين القوم مواعيد اكره أن اخلفها . وقولا لسنا نقدر معه الاعلى الانصراف . ولا ندري على م تتصرف بناوبهم الامور في عاقبة . فان يدفع الله فقديما ما أنعم الله علينا وكفى . وان يكن ما لابد منه . ففوز وشهادة انشاء الله . قال : فودعته وقلت له دفع الله عنك شر الانس والجن . اني قد امترت لاهلي ميرة من الكوفة . ومعي نفقة لهم . فاتيهم فأضع ذلك فيهم . ثم آتيك انشاء الله . فان لحقتك لاكونن من أنصارك . فقال (ع) ان كنت فاعلا فعجل رحمك الله . قال : فعلمت انه مستوحش الى الرجال . حتى انه يسألني التعجيل . قال : ولما بلغت أهلي . وضعت عندهم ما يصلحهم وأوصيت . فأخذ أهلي يقولون ما بك ؟

(16) سورة ـ أسرى ـ .
(17) سورة الشورى .
شمر . انظر فؤاد حمزة ـ قلب جزيرة العرب . ص 12 .
(18) أجاو سلمى يسميان في الوقت الحاضر مع المنطقة المجاورة لهما بجبل

السابق السابق الفهرس التالي التالي