الشهيد مسلم بن عقيل عليه السلام 60

بالحق ويشتد عليهم في الظلم ، فإن الله عز وجل كره الظلم ونهى عنه وقال : «ألا لعنة الله على الظالمين » ويبشر الناس بالجنة وبعملها وينذر بالنار وبعملها ، ويستألف الناس حتى يتفقهوا في الدين ، ويعلم الناس معالم الحج وسنته وفريضته وما أمر الله به في الحج الأكبر والحج الأصغر وهو العمرة ، وينهى الناس أن يصلي أحد في ثوب صغير إلا أن يكون ثوبا واحدا يثني طرفيه على عاتقيه ، وينهى الناس أن يجتبي أحد في ثوب واحد يفضي بفرجه الى السماء ، وينهى أن لا يقص أحد شعر رأسه اذا عفا في قفاه ، وينهى اذا كان بين الناس هيج عن الدعاء الى القبائل والعشائر وليكن دعاؤهم الى الله وحده لا شريك له ومن لم يدع الى الله ودعا إلى القبائل والعشائر فليقطعوا بالسيف حتى يكون دعاؤهم الى الله وحده لا شريك له.
ويأمر الناس باسباغ الوضوء وجوههم وأيديهم الى المرافق ، ويمسحون برؤوسهم كما أمر الله عز وجل وأرجلهم إلى الكعبين ، وآمره بالصلاة لوقتها واتمام الركوع والخشوع ، ويغلس بالفجر ويهجر بالهاجرة حين تميل الشمس ، وصلاة العصر والشمس في الأرض مدبرة ، والمغرب حين يُقبل الليل لا تؤخر حتى تبدو النجوم في السماء ، والعشاء أول الليل (4).
ويأمر بالسعي إلى الجمعة إذا نودي لها ، والغسل عند الرواح اليها ، وأمره أن يأخذ من المغانم خمس الله ، وما كتب على المؤمنين في الصدقة من العقار عشر ما سقت العين وما سقت السماء وعلى ماسقى الغرب نصف العشر ، وفي كل عشر من الإبل شاتان ، وفي كل عشرين من الإبل أربع شياة ، وفي كل أربعين من البقر بقرة ، وفي كل ثلاثين من البقر تبيع أو تبيعه جذع أو جذعة ، وفي كل أربعين من الغنم سائمة وحدها شاة فإنها فريضة الله التي افترض الله عز وجل على المؤمنين في الصدقة فمن زاد خيرا فهو خير له.
ومن أسلم من يهودي أو نصراني إسلاما خاصا من نفسه ودان بدين الإسلام

(4) التفرقة بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء محمولة على الفضيلة بعد ورود الأحاديث عن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ وأهل بيته بصحة الجمع بينهما في غير سفر ولا ضرورة ، رواه البيهقي في السنن ج3 ص166 من طرق أربعة ، وفي مسند أحمد ج1 ص354. قيل لابن عباس : لم جمع رسو الله بين الصلاتين ؟ قال : كي لا يحرج على أمته ، وفي المبسوط لشمس الدين السرخسي ج1 ص149 نقل عن أحمد بن حنبل جواز الجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء في الحضر من غير عذر ، وروى عن ابن عباس أن رسول الله جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة من غير عذر وأجمع علماء الامامية على جواز الجمع بينهما ولو لغير عذر.
الشهيد مسلم بن عقيل عليه السلام 61
فإنه من المؤمنين له مثل ما لهم وعليه مثل ما عليهم ، ومن كان على نصرانيته أو يهوديته فإنه لا يفتن عنها ، وعلى كل حالم ذكرا وانثى حر أو عبد دينار واف أو عوضه ثيابا فمن أدى ذلك فإن له ذمة الله وذمة رسوله ومن منع ذلك فإنه عدو لله ولرسوله وللمؤمنين صلوات الله على محمد والسلام عليه ورحمة الله وبركاته (5).
هكذا كان رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ مع عماله وولاته ولكنه لما أرسل أمير المؤمنين الى اليمن بعد صلح أهل نجران لم يرفقه بمثل هذا الكتاب لعلمه بوقوفه على الأحكام وخبرته بالشؤون التي تدير الأمة وهو باب مدينة علم الرسول ، وأقضى الأمة وأفقهها.
كما أن أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ عند ما يرسل واليا من قبله يشرح له الامور الواجبة على الوالي القيام بها كما فعل مع الأشتر ومحمد بن أبي بكر وغيرهما.
إذا فحسب مسلم بن عقيل من العظم أن يكون في نظر الإمام الشهيد كعمه الوصي عند النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ واقفا على الدروس الإلهية والمعارف القدسية بصيرا بوجوه المحاججة والنظر ، خبيرا بمداراة الخاصة والعامة ، رابط الجأش عند مستن النزال ، لم ترعه الهزاهز ولم توقفه المشكلات عن كشفها ، بحبلي البرهان ولم يثنه اشح عن بذل النائل في محله اللائق ، ولم تأخذه في الله لومة لائم في إحقاق الحق وفصل الخصومات والإنتصاف للمظلومين .
فأبو عبدالله لم يرسل مسلما إلى العراق واليا من قبله إلا وهو يعلم أنه من فقهاء بيته الهاشمي وعلماء أسرته وأتقياء فئته وساسة ذويه ومن ذوي الحنكة واللياقة من قومه ، وإنه لحري بإقامة الأمت والعوج وتثقيف الأود وتهذيب الأمة وإصلاح الفاسد ودحض الأباطيل فلا يحتاج إلى شرح ما يجب عليه من الأعمال لعقله الوافر وعلمه الغرير وسياسته الحكيمة وتحرية المصالح العامة.
ومن هنا اقتصر الإمام الشهيد في صك الولاية على تعريف أهل الكوفة بأن مسلما أخوه وثقته والمفضل عنده من أهل بيته (6).
ولا يرتاب الواقف على هذا الصك في أن الحسين ـ عليه السلام ـ لا يريد من

(5) تاريخ الطبري ج3 ص157 وصبح الأعشى ج10 ص9 وفتوح البلاذري ص77 وسيرة ابن هشام ج2 ص384.
(6) المنتخب للشيخ الجليل الطريحي.
الشهيد مسلم بن عقيل عليه السلام 62

الوثاقة التي حازها « مسلم » إلا تلكم الغايات الكريمة التي ألمعنا اليها وقيامه بشؤون الولاية العامة واحتوائه على مجامع الفضيلة ، ثم تلك الأخوة التي شرفه بها سيد الشهداء لا تعدو أن تكون أخوة شرف ووداد ، أخوة علم ودين أخوة سؤدد وخطر ، وأي ابن انثى يرتضيه « إمام الحق » أخاله من بين المسلمين إلا أن يكون ذلك الإنسان الكامل الذي لا يدرك شأو مجده ولا يبلغ أحد مدى عظمته ـ صلى الله عليه وعلى آبائه ـ.

الشهيد مسلم بن عقيل عليه السلام 63

سفر مسلم إلى العراق

تقيض مسلم ـ عليه السلام ـ لما ندبه اليه أبو عبدالله الحسين ـ عليه السلام ـ من حمل أعباء النيابة الخاصة ومعه صك الولاية أو الشرف الوضاح والسؤدد الخالد فخرج من مكة للنصف من شهر رمضان (1) على طريق المدينة وإذ وصلها صلى في مسجد الرسول وزار بقعته المقدسة (2) ووذعه الوداع الأخير ، وجدد هنا لك المواثيق المؤكدة على ما انطوت عليه أضالعه من التضحية والمفادات دون إحدى الحسنيين الحياة السعيدة أوالخلود بالذكر المؤبد بمرضاة رب العالمين ، ثم ودّع أهله وسافر إلى العراق ومعه قيس بن مسهر الصيداوي وعمارة بن عبدالله السلوي وعبدالرحمن بن عبدالله الأزدي (3) مع دليلين استأجرهما من قيس يدلانه على الطريق (4).
ولم يأخذ الطريق الجدد إلا وألق الحق معه ولم يهبط الى واد إلا وعبق الصدق يصحبه ومزيج نفسه شهامة من قومه وبسالة من عمه أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ وعزيمة ممن شرفه بالولاية والنيابة عنه سيد الشهداء ، وأنه لايرى الموت دون الحق إلا سعادة والحياة مع الضالمين إلا برما.
وبينا هو يسير الى قصده الأسنى إذ ضل الدليلان عن الطريق فتاهوا في البر

(1) مروج الذهب ج2 ص6/ شرح الشريشي على مقامات الحريري ج1 ص192.
(2) تاريخ الطبري ج6 ص198.
(3) كامل ابن الاثير ج4 ص9 ، والأخبار الطوال ص231.
(4) الإرشاد للشيخ المفيد.
الشهيد مسلم بن عقيل عليه السلام 64

واشتد بهم الحر والعطش ولم يستطع الدليلان حراكا ولكن بأن لهما سنن الطريق فقالا لمسلم عليك بهذا السمت فالزمه لعلك تنجو ، وحيث أنه لم يسعه حملهما للتوصل الى النجاة لأنهما على وشك الهلاك وغاية ما وضح للدليلين العلائم المفضية الى الطريق لا الطريق نفسه ، ولم تكن المسافة بينهم وبين الماء معلومة وليس لهما طاقة على الركوب بأنفسهما ولا مردفين مع آخر وبقاء مسلم ـ عليه السلام ـ معهما إلى منتهى الأمر يفضي الى هلاكه ومن معه فكان الواجب المؤكد التحفظ على النفوس المحترمة بالمسير لادراك الماء فلذلك تركهما في المكان (5).
ومضى على الوصف ومات الدليلان عطشا وأفضى مسلم إلىالماء فأقام به وهذا الموضع (6) يعرف بالمضيق من بطن الخبت (7).
وكتب الى الحسين ـ عليه السلام ـ مع رسول استأجره من أهل هذا الموضع يعرفه خبر الدليلين وأنه ينتظر أمره.
وهنا نستفيد منزلة عالية لمسلم في التقوى والورع في أمر الدين وأنه لا يتخطى رأي حجة الوقت في حله ومرتحله وإنما كتب الى إمامه بهذه الحادثة لأنه احتمل أن يكون هذا الحادث يغير رأي الإمام فتوقف عن المسير ليرى ما عنده ويكون على بصيرة في إنفاذ أمره.
ولما قرأ السبط الشهيد كتاب مسلم أمره بالمسير الى مقصده تعريفا بأن هذه الأحوال لا تغير ما عزم عليه من إجابة طلب الكوفيين وقد ملاؤ الأجواء هتافا بأنهم لا إمام لهم غيره ينتظرونه ليقيم ودهم فلو لم يجبهم تكون لهم الحجة عليه يوم نصب الموازين والإمام المنصوب من قبل الله تعالى لا يعمل عملا يسبب اللوم عليه.

(5) استنبطنا ذلك مما يحمله مسلم من القدسية التي تمنعه من ترك الأولى فضلا عما يراد من الدين بل ما تقتضيه الإنسانية.
(6) الأخبار الطوال ص232.
(7) في الطبري ج6 ص198 ، وابن الأثير ج4 ص9 الخبيت بالخاء المعجمة والباء الموحدة ثم المثناة من تحت وبعدها المثناة من فوق ، وفي إرشاد الشيخ المفيد الخبت بالخاء المعجمة ثم الباء الموحدة وبعدها تاء مثناة من فوق ، وفي نص الأخبار الطوال ص 232 الحربث بالحاء والراء المهملتين ثم الباء الموحدة وبعدها ثاء مثلثة وهو غير مراد قطعا لأن الحربث كما في تاج العروس ومعجم البلدان نبت طيب ، وأما ما في الإرشاد فيمكن إرادته لأنه في تاج العروس ج1 ص614 ذكر من معانيه المتسع من الأرض والوادي العميق الوطيء ينبت العضاة وقرية لزبيد في البر مشهورة وماء لكلب كما أن الأول يمكن ارادته لأن الخبيت كما في معجم البلدان والمعجم مما استعجم للبكري ماء لبني عبس وأشجع يقع في العالية وهي الحجار وفي المستعجم أنه موضع على بريدين من المدينة.
الشهيد مسلم بن عقيل عليه السلام 65

مسلم لا يتطير

تمهيد :
جاء النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ حاملا لواء الدعوة الآلهية ، وفيها بث روح النشاط في معتنقيها الى كل معروف من راجح في الشريعة ، أو مباح تداولته العقلاء في التوصل الى مقاصدهم لئلا يربكهم العطل ، فيتقهقروا عن الرقيّ ، ويعوزهم الحصول على الثروة ، ويضيق نطاق المملكة عن التوسع ، ويعروا ملكهم عن الأبهة ، ويقصروا عن نيل الغايات يستنتج ذلك من الأحاديث النبوية ، وكلمات الأئمة ، من خلفائه الواردة في الحث على التجارة والزراعة والصدقة ونحوها وإليك يسرا منها لتعرف الغاية المرموقة للشريعة المطهرة.
فيقول رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ :
« تسعة أعشار الرزق في التجارة والجزء الباقي في الغنم ، وان من بات ليلته كالا من طلب الحلال بات مغفورا له »
وقال أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ :
« تعرّضوا للتجارة فان فيها غنى لكم عما في أيدي الناس وان الله يحب المحترف الأمين ، فهذا داود ـ عليه السلام ـ أوحى اليه الله تعالى : انك نعم العبد إلا انك تأكل من بيت المال ولا تعمل بيدك ، فبكى داود ـ عليه السلام ـ أربعين صباحا حتى أوحى الله تعالى اليه أني ألنت لك الحديد فاعمل منه ، فكان يعمل بيده كل يوم درعا يبيعه

الشهيد مسلم بن عقيل عليه السلام 66

بالف درهم فعمل ثلثمائة وستين درعا باعها بثلثمائة وسبين ألفا واستغنى بها عن بيت المال. »
ورأى محمد بن المكندر أبا جعفر الباقر ـ عليه السلام ـ خارجا إلى بعض نواحي المدينة في وقت حار وهو يتصبب عرقا فقال له : إنك من أشياخ المدينة تخرج على مثل هذا الحال لطلب الدنيا أرأيت لو جاءك أجلك وأنت على هذا الحال ؟ ، فقال ـ عليه السلام ـ :
« إني لا أخاف أن يجيئني أجلي على هذا الحال وأنا في طاعة الله أكف بها لنفسي وعيالي عنك وعن الناس ، وإنما كنت أخاف لو جاءني الموت وأنا على معصية من معاصي الله. »
ورأى ابو عبدالله الصادق ـ عليه السلام ـ المعلى بن خنيس متأخرا عن السوق فقال له :
« اغدو الى عزك فإن رسول الله قال : ملعون ملعون من ألقى كله على الناس. »
وقال ابو الحسن موسى ـ عليه السلام ـ :
« من طلب الرزق من حله ليعود به على نفسه وعياله كان كالمجاهد في سبيل الله (1) ».
وقالو ـ عليهم السلام ـ في الصدقة :
« إنها تذهب نحس ذلك اليوم وان الله يدفع بالبكور شر ما ينزل من السماء الى الأرض في ذلك اليوم وان يد المعطي أحد الأيدي الثلاثة التي يقول فيها رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ : يد الله العليا ، ويد المعطي تليها ، ويد السائل السفلى فاعط الفضل ولا تعجز نفسك (2) ».
وفي الزراعة يقول الصادق ـ عليه السلام ـ :
« والله ما عمل أحد عملا أحل ولا أطيب من الزراعة والغرس فإن الزراعة الكيمياء الأكبر ولقد جعل الله أرزاق أنبيائه في الزراعة والضرع إلا ادريس كان خياطا وأمر سبحانه وتعالى آدم

(1) هذه الأحاديث ذكرها الحر العاملي في الوسائل ج2 ص527 و529 و531 طبع عين الدولة.
(2) النصوص 47.
الشهيد مسلم بن عقيل عليه السلام 67

ـ عليه السلام ـ أن يحرث بيده ليأكل من كدّه (3) ».
وهذه آثار كافية في التعريف بما عليه الشريعة من الحث المتأكد للدؤوب على الأعمال والنشاط في أمر الدنيا للعون على الآخرة والتكفف عما في أيدي الناس وكفاية ما أهمهم من أمر العيال وأن التواني عن العمل مبغوض للشارع المقدس لاستلزامه محاذير لا تتفق مع ما يراد من البشر في التوجه نحو الخالق جل شأنه القابض على أزمّة القضاء والقدر وأن الواقف على مباحث علمي الأخلاق والفقه يجد الكثير من الشواهد على هذه الدعوى ومنها منفيات جاءت بها الملة الحنيفية اكتسحت ما تداوله الجاهليون مما يضرب على يد النشيط ويوقف سير البشر عن بلوغ الغايات.
كالتأثير بمجاري النّجوم وسعود الأيام ونحوسها وإن كنا لا ننكر أن المشيئة الإلهية جعلت للأوقات الخاصة والآيات الكونية كالكسوف والخسوف والزلزلة وظهور المذنبات وتغيير الهواء دخلا في نزول البلاء الذي قدره والخير الذي أمضاه لكن لاعلى نحو العلة التامة كعلية النار للإحراق بحيث لا يمكن التخلف عند حدوثها ، وإنما تلك الحوادث من المقتضيات التي يرتفع أثرها ببعض الأسباب المقارنة لها.
ومن هنا نرى المشرع الأعظم ـ صلى الله عليه وآله ـ أمر أمته بالفزع الى الله تعالى بالصلاة والدعاء والاستغفار ونحوها مما فيه الزلفى للمهيمن جل شأنه عند حدوث الأشياء المخيفة ولا مانع عقلا من أن يودع المولى سبحانه وتعالى في مجاري الكواكب والأوقات الخاصة جهة اقتضاء لنزول بائه ، ويجعل بمقتضى لطفه وحنانه وكرمه على عباده أسبابا آخر تسلب آثر تلك المقتضيات إن وقعت مقارنة لها.
وقد جاءت الشريعة بكثير من هذه الأسباب الرافعة لتأثير المقتضيات كصلة الأرحام الموجبة لنمو العدد من العمر والمال والولد وكالصدقة والتوكل على الله والإستغفار المذهب لنحس اليوم وشر ما ينزل من السماء.
ومن هذا الباب ما جاء : أن الرؤيا على ما عبّرت ولا تقصوها إلا على من يعقل (4) ولا يحدث بها إلا حبيب أو لبيب (5) فالحبيب يردعه حبه عن أن يسيء الى حبيبه بالتعبير السيء واللبيب يردعه اللب والعقل عن اساءة أخيه في الدين ، والغاية منه رفع المساءة

(3) المصدر ص649.
(4) البحار ج14 ص436.
(5) المجازات النبوية للشريف الرضي ص251 مصر.
الشهيد مسلم بن عقيل عليه السلام 68

عن النفوس الباعثة على التأخر في العمل وتوليد روح الإقدام فيها بكسح العرقلة أمام مسعاه.
وليس الغرض أن تعبير الرؤيا بالحسن مما يغير القدر الجاري بل القضاء يكون على مجراه حتى مع حسن التعبير إذ ليس في نفس الرؤيا دليل قطعيّ على دفع القدر المحتوم فيما اذا كان التعبير حسنا بل الغاية أن الانسان مع حسن التعبير لا يتأخر عن العمل بخلاف التعبير السيّء فانه يوجب الفتور والتأخر عن الحركة وربما يؤدي الى الشرك.
ومما اكدت الشرعية نفيه « الطيرة » فانها اكتسحت ببيانها الاوفى ما اعتاده الجاهليون مما يردع العامل عن قصده ولا يتاح له الحصول على غاياته وأوضحت مضار هاتيك العرقلة أمام مسير الأمة . فالمسلم المستنير بالتعاليم الربوبية لا يكترث بالأقرن والأعضب والبارح (6).
والى هذه التافهات من عادات الجاهلية يشير الكميت الأسدي بقوله :

ولا أنا ممن يزجر الطير همه أصاح غراب أم تعرض ثعلب
ولا السانحات البارحات عشية أمر سليم القرن أم مر أعضب

وهذه العقيدة الراسخة في نفسه استفادها من تعاليم أئمته من آل الرسول ـ عليهم السلام ـ الدعاة الى شرع جدهم الذي لم يزل يهتف غير مرة بأن الطيرة مرفوعة عن هذه الأمة (7) وأنها من الشرك وما منا من يتطير (8) ومن استقسم أو تكهن أو تطير طيرة تردة عن سفره لم ينظر الى الدرجات العلى يوم القيامة (9) وأن من أرجعته الطيرة من حاجة فقد أشرك (10) فاذا تطيرت فامض (11).
وكتب بعض البغداديين الى أبي الحسن عليه السلام ـ يسأله عن الخروج يوم الأربعاء ، فقال :

(6) في تاج العروس ج2 ص123 : البارح ما مر من الطير من يمينك الى يسارك ، والسانح عكسه ، والأول يتطير منه دون الثاني ، وفيه ج1 ص387 : الأعضب مكسور القرن والأقرن صحيحة.
(7) الخصال للصدوق في باب التسعة.
(8) نهاية ابن الأثير ج3 ص58 ، وشرح النهج الحديديّ ج4 ص430.
(9) محاضرات الراغب ج1 ص67.
(10) مفتاح دار السعادة ج2 ص274.
(11) محاضرات الراغب ج1 ص68.
الشهيد مسلم بن عقيل عليه السلام 69

« من خرج يوم الأربعاء خلافا على أهل الطيرة وقي من كل آفة وقضى الله حاجته » (12).
ولما سمعت أم كلثوم أباها أمير المؤمنين يقول : « صوائح تتبعها نوائح » قالت : يا أبة تتطير ؟ قال ـ عليه السلام ـ :
« يا بنية ما منا أهل البيت من يتطير ولا يتطير به ولكن قول جرى على لساني (13). »
ولم يحك الله التطير إلا عن أعداء الرسل المالئين عن صراط الشريعة المنحرفين عن التعاليم المقدسة فانهم قالوا لرُسلهم : «إنا تطيرنا بكم لئن تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم * قالوا طائركم معكم أئن ذكرتم بل أنتم قوم مسرفون » وفي الحكاية عن قوم صالح : «قالوا اطيرنا بك وبمن معك قال طائركم عند الله » ، وفي الحكاية عن قوم فرعون : «فاذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه ألا انما طائرهم عند الله » ، وفي الحكاية عن أعداء رسول الله : « وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله » .
فالطائر سواء فسر بالبلاء المنزل عليهم أو العمل المسبب لنزول البلاء تكون نسبته الى الله تعالى باعتبار أنه المجازي لهم على أعمالهم القبيحة ، ونسبته اليهم باعتبار تسبيبهم لنزول البلاء بالجحود والطغيان على المولى الحكيم جل شأنه وتكذيب الرسل بما جاوأ به من عند ربهم وأنذروا أممهم الذي هو سبب لتقدير قضاء الله وحلول بلائه ونقمته.
وعلى كل حال فالشريعة المطهرة ردعت عن كل ما يعرقل البشر عن الفوز والنجاح والمضي في الأعمال وبلوع الغايات ، وان التطير بتلك الأمور المعروفة عند العرب فمع اعتقاد أن لها التأثير في الخير والشر فهو شرك كما في الحديث ، ومع عدم الإعتقاد بها فمن الخطأ الواضح التأخير عن الأعمال عند عروضها وان أشد الناس خوفا وأضيقهم صدرا وأحزنهم قلبا كثير الإحتراز لما لا يضره ولا ينفعه ، وكم شخص حرم بذلك نفسه من الرزق بتأخره عن الأعمال لمجرد سماع أو رؤية ما يسوؤه.
وقد أوضح النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ لامتّه فساد الطّيرة ليعلموا أن الله تعالى

(12) من لايحضره الفقيه للصدوق ص168.
(13) المستدرك للنوري ج2 ص27.
الشهيد مسلم بن عقيل عليه السلام 70

لم يجعلها سببا لما يخافونه لتطمئن قلوبهم وتسكن نفوسهم الى وحدانية الباري عز شأنه فيترسلون في أعمالهم ولا يحذرون من وخامة العاقبة فلا ينبغي للانسان التوقف في أعماله متكلا على هذه الأمور التي لا يقام لها وزن في جنب الإرادة الإلهية.
ثم من لطف الشارع بالأمة جعل لهم أسبابا يكون قيامهم بها منجاة من وخامة ما يتطيرون منه فأرشدهم إلى أن التوكل علىالله يذهب ما يخاف من الطيرة (14) ، والصدقة تدفع الأضرار الموهومة (15) ، والدعاء عند السفر منجاة من الشر كما قال أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ عند خروجه إلى النهروان :
« اللهم لا طير إلا طيرك ، ولا ضير الا ضيرك ، ولا خير إلا خيرك ، ولا إله غيرك (16) ».
أو كما قال موسى بن جعفر ـ عليه السلام ـ :
« اعتصمت بك يا رب من شر ما أجد في نفسي فاعصمني من ذلك (17) ».
وكما صدر من الشارع نفي الطيرة أخبر عن حسن الفأل بالأسماء الحسنة ، والسر فيه أن التفأل يوجب النشاط في العمل والمضي في المقصد وهو الذي يريده المولى سبحانه من العباد.
فالتطيّر بما أنه تشاؤم من المرئي أو المسموع يكون قاطعا للعبد عن مقام « إياك نستعين » وفاتحا على نفسه باب الخوف بغير الله ومن هنا أطلق عليه الشرك وتبرّأ منه النبي وأهل بيته فقالوا : « ما منا من يتطير. »
وأما الفأل فيحث أنه من الأشياء السارة للقلوب المؤيدة للآمال ، الفاتحة باب الرجاء المسكنة للخوف ، الرابطة للجأش الباعثة على الإستعانة بالله والتوكل عليه ، المفضية بصاحبها الىالطاعة والتوحيد حرّض عليه النبي وأحبه فقال ـ صلى الله عليه وآله ـ :
« لا طيرة وخيرها الفأل ».

(14) الوسائل ج2 ص180 عين الدولة.
(15) المصدر ص182.
(16) أمالي الصدوق.
(17) من لا يحضره الفقيه ص168 ، وشرح النهج الحديدي ج4 ص431.
الشهيد مسلم بن عقيل عليه السلام 71

وفي لفظ آخر :
« ويعجبني الفأل الصالح (18) ».
وفي حديث بريدة :
« كان النبي لا يتطير وإنما يحب الفأل (19) استقبلته في سبعين من أسلم فقال لي : ما اسمك ؟ قلت : بريدة ، فسر وجهه وقال : برد أمرنا وصلح ، وممن ؟ قلت : من أسلم ، قال : سلمنا ، ثم ممن ؟ قلت : من بني سهم ، قال : خرج سهمنا (20) ».
وليس في حديث اللقحة التي أمر بحلبها فقام رجلان ليحلباها وكان اسم أحدهما مُرة والآخر حرب فأمرهما بالجلوس حتى اذا قام ثالث اسمه يعيش أمره بالحلب (21) ، ما يشهد للتطير فإنه من المحال على النبي أن ينهى عن شيء ثم يرتكبه وإنما صدر منه هذا تأكيدا لما نهى عنه من التسمية بمثل حرب ومرة وجمرة وأمثالها فأتبع قوله الفعل تعليما للمسلمين بالمضي على أمره مطمئنين غير هيابين.
ومما يؤكده ما في بعض الأحاديث من زيادة قول عمر : أتكلم يا رسول الله أم أصمت ؟ فقال ـ صلى الله عليه وآله ـ :
بل أصمت وأنا أخبرك بما أردت ظننت يا عمر أنها طيرة ؟ وليس بذلك فإنه لا طيرة إلا طيره ولا خير إلا خيره ولكن أحب الفأل الحسن (22).
والنكتة في نهي النبي عن التسمية بالأسماء القبيحة حتى غير بعض الأسماء الى ما هو أحسن كتغيير الحباب بن المنذر الى عبدالرحمن ، وشهاب الى هشام ، وحرب الى سلم ، وأبي مرة الى أبي حلوة ، وبني مغوية الى بني مرشدة (23) ، هو إرشاد الأمة الى أن البقاء على مذاهب سلفهم من التسمية بتلك الأسماء ربما يؤدي الى حزن بعضهم من

(18) البخاري ج4 ص14 ومسلم ج2 ص260.
(19) مسند أحمد ج5 ص347.
(20) الاستيعاب بترجمة بريدة.
(21) موطأ مالك ج3 ص140 مصر.
(22) مفتاح دار السعادة ج2 ص262.
(23) المصدر.
الشهيد مسلم بن عقيل عليه السلام 72

بعض عند المصاحبة والملاقات لكون الطيرة من الغرائز الكامنة في النفوس فقد يعبر الإنسان تعبير السوء من اشتقاق الاسم فيفارق صديقه وأخاه في السفر والمعاملات والشركات فتنحل عرى الإجتماع وتفكك الوحدة والتضامن ، فكان من لطف الشارع على الأمة ورأفته بهم أن عرفهم بأن لايقيموا على حال يتنفر منها لغير عذر ولا فائدة تعود في الدين والدنيا فإنه جاء حاملا لواء الوحدة والإجتماع والتراحم وادخال المسرات على المؤمنين.
ولذا كان يأمر بالغسل والطيب يوم الجمعة ويمنع آكل الثوم من ادخال المسجد لما فيه من الإستكراء الموجب للتنفر والفرقة الرافعة للحنان والعطف.
وأما عدوله ـ صلى الله عليه وآله ـ عن الجبلين في طريقه الى « بدر » وكان أهل أحدهما بنو النار والآخر بنو محرق فليس للتطير لأنه كان على حال أحوج فيها الى الاجتماع والتضامن من التفرق وغرائز الناس على حالها من الإنقباض عن الأسماء القبيحة فأراد النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ مماشاتهم في هذا الحال كي لا يتفرق جيشه تطيرا من اسم الجبلين وأهلهما.
هذا على فرض صحةالحديث وإلا فالمجال واسع في حساب أولئك الرجال من حيث الإعتماد على مروياتهم.
وسؤال الحسين ـ عليه السلام ـ عن اسم الأرض ولما أخبر بأنها كربلاء قال : « كرب وبلاء » لم يكن من التطير في شيء فإن المتطير لم يعلم ما يرد عليه وإنما يستكشف ذلك من تلك الأشياء المعروفة عند العرب إنها سبب لورود الشر ، وسيد الشهداء كان على يقين مما ينزل به في أرض الطف من قضاء الله تعالى فهو عالم بالكرب الذي يحل به وبأهل بيته.
كما أنه ـ عليه السلام ـ لم يكن جاهلا باسم الأرض ، كيف والامام عندنا معاشر الإمامية عالم بما يجري في الكون من حوادث وملاحم ، ويعرف ما أودع الله في الأشياء من أسرار ومزايا إقدارا من مبدع السموات والأرضين ـ جلت عظمته ـ فإنه سبحانه أودع في الأئمة الطاهرين قوة قدسية نورية بواسطتها كانوا يتمكنون من استكشاف الأشياء ، ويقفون على أنساب الناس ، وما تكنّه الصدور ، وما يدّخرون ، ويعرفون لغات الحيوانات ، واذا جاز في سليمان ـ عليه السلام ـ أن يعرف منطق الطير كما قال تعالى : «وعلّمنا منطق الطير » ففيمن تكوّن من نور النبي الذي هو أكمل

الشهيد مسلم بن عقيل عليه السلام 73

الكائنات أولى وأجدر ، وهذه القوة عبّر عنها في الآثار بعمود نور يرفع للإمام ـ عليه السلام ـ عند الولادة يرى به أعمال العباد وما كان ويكون.
فسؤال الحسين ـ عليه السلام ـ عن اسم الأرض التي منعوا من اجتيازها (24) أو أن الله أوقف الجواد فلم ينبعث (25) كما أوقف ناقة النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ عند الحديبية فلم تنبعث حتى هبط جبرئيل يأمره بالنزول في هذا الموضع والصلح مع قريش (26) ، لأجل أن يعترف أصحابه بتلك الأرض التي هي محل التضحية الموعودين بها باخبار النبي والوصي ـ صلى الله عليهما وآلهما ـ لتطمئن القلوب وتمتاز الرجال وتثبت العزائم وتصدق المفادات.
وهذا باب من الأسئلة معروف عند علماء البلاغة يعرف بتجاهل العارف أو سوق المعلوم مساق المجهول ، واذا كان فاطر الأشياء الذي لا يعادر علمه صغيرا ولا كبيرا يقول لموسى ـ عليه السلام ـ : «وما تلك بيمينك يا موسى » ، ويقول سبحانه لعيسى ـ عليه السلام ـ : «أأنت قلت للناس اتخذوني وامي الهين » لضرب من المصلحة ، فالإمام المنصوب من قبله أمينا على شرعه ودليلا لعباده لا تخفى عليه المصالح.
وهذا كسؤال النبي عن اسم الجبلين واسم الرجلين اللذين قاما للب اللقحة ، ألم يكن النبي الأعظم المتكون من النور الأقدس عالما بذلك ؟ وإنما النكتة ما أشرنا إليها .
لقد ورد عن الشارع أحاديث ربما يستظهر منها غير المتأمل في أسرارهم إثبات الطيرة مثل ما ورد : أن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ قال :
« لا عدوى ولا طيرة وإنما الشؤم في ثلاثة : المرأة والفرس والدار (27) ».
وهذا في الحقيقة إخبار عما تعلقت به إرادة المولى جل شأنه بعدم السعادة في هذه الأشياء لمن اقترن بها ، وصاحبها نظير خلق المسك وغيره من الأرواح الطيبة فبعض الأشخاص يتلذذ بها ، وبعض يلحقه الضرر منها كما أودع تعالى شأنه في بعض الأحجار

(24) كامل ابن الأثير ج4 ص21.
(25) المنتخب للشيخ الجليل الطريحي.
(26) ابن الأثير ج2 ص76.
(27) صحيح مسلم ج2 ص261.
الشهيد مسلم بن عقيل عليه السلام 74

خواص من خير أو شر تلحق من يحملها.
ومن هذا القبيل المرأة والفرس والدار ، فإن الله تعالى قضى بسعادة من قارنها كما قضى بنحوسه جريا لناموس المصالح والمفاسد في الأشياء ، فأين هذا الطيرة التي يحكم فيها بنحوس الشيء وإن لم يجعله الله كذلك.
والنبي ـ صلى الله عليه وآله ـ حيث لم يسعه المصارحة بهذه الأسرار لبعد العقول عنها أجمل البيان ثم نصب قرينة على المراد باقتران هذه الثلاثة بنفي الطيرة في كلام واحد وإلا فلا يعقل منه ـ صلى الله عليه وآله ـ أن ينفي الطيرة ثم يفرضها في كلام واحد فيقول : لا طيرة وإنما الشؤم في ثلاثة ـ الخ.
على أنه ورد في أحاديث آل الرسول ـ عليهم السلام ـ ما يفسر ذلك الشؤم المخبر عنه ؛ ففي حديث الصادق ـ عليه السلام ـ :
« شؤم المرأة كثرة مهرها ، وعقوق زوجها ، وأما الدابة فمنعها ظهرها وجماحها ، وأما الدار فضيق ساحتها وشر جيرانها وكثرة عيوبها ، ومن بركة المرأة خفة مؤنتها ويسر ولادتها (28) »
وفي وصية النبي صلى الله عليه وآله لأمير المؤمنين : ـ عليه السلام ـ :
« العيش في ثلاثة : دار قوراء وجارية حسناء وفرس قباء » (29).
ونفي العدوى في هذا الحديث لا ينافي ما ورد أن الرجل يصيب إبله الجرب فيوردها على إبل صحيحة ، فقال النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ :
« لا توردن ذا عاهة على مصح ».
فإن الغرض من النهي التحرز عن إيذاء المؤمن بادخال الإبل الجرب على الصحيحة لاعتقاده أن ذلك مؤثر في العدوى فيتسبب منه التنفر من هذا الفاعل ، والمذمة له وقد جاءت الشريعة بالتعاضد والالفة بين المسلمين . فقوله : « لا توردن ذا عاهة » ليس العدوى اذ قد يكون في الحيوان الوارد عليه المريض مناعة تضاد ميكروب الجرب فلا يصاب بذلك الداء ، ومن هنا قال الشريف المرتضى : إنا نجد كثيرا ممن يخالط الجربى فلا يجرب ويخالط الصحيح ذا عاهة فلا يصيبه من دائه شيء فنهي النبي لم يكن

(28) معاني الأخبار للصدوق ص49.
(29) الخصال الصدوق ج1 ص62.

السابق السابق الفهرس التالي التالي