الشيخ الكعبي ـ صوت حزين وعبرة ساكبة 50

السلام ـ ، تصنع من تراب قبر الحمزة سبحة تصلي بها ... الخ .
4 ـ احترامه للامام الحسين ـ عليه السلام ـ ، فهو كان يحتفي يوم عاشوراء ، وكان لا يقف عند راس الحسين ابدا ، وانما كان دائما يزوره عند رجليه ، ويسلم عليه من عند قبر ولده علي الاكبر ـ عليه السلام ـ .
5 ـ انه كان لا يصعد المنبر بقصد الربح المادي ، وانما كان يصعد المنبر بنية حمل الامانة ، وحمل رسالة الحسين ـ عليه السلام ـ .
هذه حقيقة شيخنا الجليل في هذا المجال وقد اشار القرآن الكريم الى ذلك ، في قوله تعالى : « اتبعوا من لا يسئلكم اجرا » [ يس : 21 ] .
فالناس جبلوا على ان يتابعوا الخطيب الذي لا يسالهم اجرا ، ولا يريد منهم جزاء ولا شكورا .
ان الخطيب الذي يصعد المنبر بقصد جمع المال ، والحصول على حطام الدنيا ، هو خطيب باع نفسه بثمن بخس ودراهم معدودة ، بخلاف الخطيب الذي يصعد المنبر ، بقصد ايصال صوت الحسين ـ عليه السلام ـ الى العالم اجمع .
ان الشيخ الكعبي الجليل كانت له علاقة غريبة بمنبر الحسين .. كان يقدس المنبر الى درجة العبادة ، فهو لا يصعد اليه الا وهو على وضوء ، ولا يتكلم الا بكلام يرضي الله ، وينفع الناس ، وكانه قد اخذ درسه العظيم هذا من الامام زين العابدين ـ عليه السلام ـ حين قال ليزيد : ائذن لي ان اصعد هذه الاعواد ، فاتكلم بكلمات فيهن لله رضى ولهؤلاء الجالسين اجر وثواب .
وكان الشيخ الكعبي يقول : ان حديثا شريفا واحدا من رسول الله

الشيخ الكعبي ـ صوت حزين وعبرة ساكبة 51

ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ في خصوص المنبر يكفي لايقاظ الشعور الديني في اعماقنا .. ثم يقرا الحديث : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ لابي ذر الغفاري ـ رضي الله عنه ـ : يا ابا ذر ، ما من خطيب الا وعرضت عليه خطبته يوم القيامة ، وما اراد بها .. اي ان الخطبة لا تعرض وحدها ، وانما تعرض معها نية الخطيب ومقصده ، هل كان في نية حسنة ، ومقصد جميل ، يوم قال هذه الخطبة ام لا ؟ .. وهل كان الخطيب على المنبر مؤمنا بما يقول ام مجرد كلمات جوفاء فارغة تعود ان يقولها للاستنفاع بحطام الدنيا والالتذاذ بمتعها ؟
اجل .. هكذا كان الشيخ عبد الزهراء الكعبي يفكر قبل الصعود على المنبر ، ويفكر وهو فوق المنبر ، ويفكر بعد نزوله من على المنبر .
كان يقدم وصاياه الى كل من يسير في ظله من الخطباء المبتدئين .. وكان هناك اكثر من خمسين خطيبا انتفعوا بهذه الوصايا وتأثروا بها وباسلوبه وطريقته في الخطابة ، فهو كان حريصا على اعداد جيل جديد من الخطباء متسلح بثقافة دينية صحيحة ، ثقافة اهل البيت ـ عليهم السلام ـ .
كان الشيخ الكعبي ، يؤمن بان المنبر هو الخطيب نفسه ، فاذا اراد الخطيب منبرا قويا ، فما عليه الا ان يقوي نفسه .. فالمنبر القوي هو الخطيب القوي .. والمنبر الخاشع المؤثر هو الخطيب الخاشع المؤثر .. ولا يتاتى الخشوع للخطيب الا بملازمة التقوى ، وبمعاهدة صلاة الليل .. وبالمحاسبة الدائمة للنفس وشطحاتها .. اذ لا يمكن ان يوجد خطيب على مستوى رفيع ، من دون هذه الشروط التي ذكرناها .
كان الشيخ الكعبي يذكر الموانع التي تمنع الخطيب من الانطلاقة في

الشيخ الكعبي ـ صوت حزين وعبرة ساكبة 52

رسالة المنبر فيذكر من الموانع التي تعيق المسيرة :
اولا : الديون التي تاتى كنتيجة طبيعية للاسراف والتبذير ، والعطاء بغير قانون.
ثانيا : الاخلاق السيئة وضيق النفس . فاذا عرفت ان الشرط الاساسي ، لبلوغ النجاح في الخطابة والكتابة ، انما هو في انشراح الصدر ، ادركت ان الضيق ، وسوء الخلق ، وسرعة النرفزة والغضب ، انما تشكل هذه كلها سدا منيعا بوجه التقدم . وفي هذا المجال نقرأ آيتين من القرآن الكريم ، واحدة تتحدث عن السبب الكامن وراء انطلاقة الخطيب فوق المنبر .. بينما الثانية تتحدث عن السبب الاول الكامن وراء تلكؤ الخطيب وانكساره فوق هذا المنبر :
فالاولى قوله تعالى : «ويضيق صدري ولا ينطلق لساني» [ الشعراء : 13 ].
والثانية قوله تعالى : « رب اشرح لي صدري » [ طه : 25 ] .
.. كما مر علينا .
ثم يضيف الشيخ الكعبي عاملا ثالثا وهو : عدم الالتزام بمبادىء الحق والامانة والصدق , وكان يضرب امثالا في هذا المجال ، ويروي قصصا جميلة لا تخلو من الطرافة والفائدة .
وكان اذا ساله شخص عن الطريق الى المنبر ، وكيف يصبح الواحد منا خطيبا ناجحا ، يجيبه بقوله :
لكي تصبح خطيبا ناجحا ، وكاتبا قديرا ، لابد لك من تطبيق المنهج التالي :
1 ـ تزكية النفس بالاخلاق والعبادة ، وصلاة الليل ، والمعاهدة في

الشيخ الكعبي ـ صوت حزين وعبرة ساكبة 53

التربية ..
2 ـ العلم والفكر والمضمون الجيد .
3 ـ الادب العربي الاصيل .
4 ـ الإبداع في اللغة الإنگليزية .
5 ـ الحفظ والتذكار ، والتامل .
علما انه ما كان يتقن اللغة الانگليزية ، ولكنه كان يوصي طلابه باتقان لغة اجنبية حتى يستطيع صاحب المنبر الانتشار اكثر فاكثر في تبليغ رسالته .
ولكي نستوعب افكار الشيخ الكعبي في المنبر والخطابة ، تعالوا معي نقرا شيئا من نثره في هذا المجال ، فقد كان من عادته ان يكتب دائما بقلمه تجاربه في المنبر ، وفي الفصاحة والبلاغة ، فنسمعه هنا يقول : ان مقومات الخطابة تنبع من اعماق نفس الانسان ، لان الله عز وجل خلق الانسان خطيبا : « خلق الانسان * علمه البيان » [ الرحمن : 3 ـ 4 ] .
وعلى هذا يكون كل انسان خطيبا ، اذ انه ـ اي انسان ـ يحمل ملكة الخطابة ، وموهبة البيان في داخله ، واذا اراد ان يطلقهما فما عليه الا ان يحرك مشاعره ويركز عقله نحو هذا الهدف ، ليجد الخطابة تتدفق على لسانه كالشلال القوي .
ونقرا الآن ما كتبه الشيخ الكعبي بقلمه في هذا الخصوص :
من مقومات التبليغ(1)ـ نموذج من نثره :
التبليغ لا يكون الا بمقومات ، فاذا توفرت في المبلغ نجح في

(1) مجلة ( صوت المبلغين ) العددان 8 و 9 ، السنة الاولى صفر وربيع الاول 1381 هـ ، ص 14 .
الشيخ الكعبي ـ صوت حزين وعبرة ساكبة 54

رسالته ، وادى مهمته ، وكان معذورا امام الله تعالى ، وممدوحا عند الناس .. واما اذا لم تتوفر تلك المقومات في المبلغ رسب وفشل وباء بالخسران . لم يسمع كلامه ، ولم يفد نصحه ، ولم ينجح ارشاده ، فعلى المبلغ ان يتعاهد نفسه فينظر ، هل كملت فيه المقومات ، ام انها ناقصة ، حتى يتمها ان اراد الهداية والارشاد ، وشاء نجاح التبليغ .
ومقومات التبليغ كثيرة ، من اهمها : المثابرة والصبر والثبات ، والصمود في الدعوة ، والمداومة على الارشاد ، بان لا يياس وان طال الامد ، ولم ير نتيجة من ارشاداته ، فان تقويم الناس ، وبث روح الفضيلة وحب الحق فيهم من اصعب المشكلات ، وذلك بخلاف اشاعة الرذائل ، ونشر الباطل ، فان النفس ميالة بطبيعتها اليهما ، ومثل الحق والباطل مثل البناء والهدم ، ان البناء يحتاج الى خبرة وتجربة وعلم ودراية ومشقة وجهد ، وبذل الاموال ، وصرف الاعمار ، وذلك بخلاف الهدم ، فانه يتأتى من يد اجهل الناس ، وافقر الناس ، ولا يحتاج من الوقت الا قليلا ، ومن العمر الا ضئيلا .
وفي القرآن الكريم ، والسنة المطهرة ، وقصص الانبياء ، وحكايات المصلحين ، دروس وعبر وعظات بهذا الصدد ، مما يفيد لزوم الصبر والصمود للمبلغ ، والمصلح ، والداعية والمرشد . ففي القرآن الكريم :
* « يأيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون » [ آل عمران : 200 ] .
* « والعصر * ان الانسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر » [ العصر : 1 ـ 3 ] .
* « واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تكُ في ضيق مما

الشيخ الكعبي ـ صوت حزين وعبرة ساكبة 55

يمكرون » [ النحل : 127 ] .
* « فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا تستعجل لهم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون »
[ الاحقاف : 35 ] .
.. وغيرها وغيرها كثير .
اما حكايات الانبياء ، ونبي الاسلام ـ عليهم الصلاة والسلام ـ في هذه الناحية فمما تثير الدهشة وتورث اشد العجب . هذا يونس ـ عليه السلام ـ ، يلبث في قومه خمسا وثلاثين سنة ـ على ما في بعض الآثار ـ فلا يجيب دعوته الا نفران ، عالم وعابد فقط !! واعجب من هذا كله ، انه لم يياس من هدايتهم ويدع عليهم بالهلاك ، يعد ذلك منه ـ عليه السلام ـ ، من ترك الاولى ، حتى ان الله ـ سبحانه وتعالى ـ يخاطب نبي الاسلام في هذا الشان ، وينهاه عن عدم الصبر ، والضجر ، كما اعترى يونس ـ عليه السلام ـ ، اذ يقول القرآن الكريم : « فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم » [ القلم : 48 ] .
الا تكفي هذه القصة ـ وهذه القصة فقط ـ للمبلغ ، ليعتبرها درسا في مهمته التبليغية فلا يياس وان طال الزمان ، بل يثابر ويصمد في الحق ويتواصى بالصبر .
اما قصة نوح النبي ـ عليه السلام ـ ، فمدهشة غريبة ، انه دعا الى الله والى الحق والفضيلة ، ودعا ودعا وكم تقدر زمان دعوته ؟ شهر ؟ كلا ، سنة ؟ كلا ، عشر سنوات ؟ كلا ، خمسون سنة ؟ كلا ، مائة سنة ؟ كلا ، فكم دعا يا ترى؟ انه دعا الى الله تعالى بنص القرآن ، قرونا وقرونا . استمع الى القرآن يقول : « ولقد ارسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين

الشيخ الكعبي ـ صوت حزين وعبرة ساكبة 56

عاما فأخذهم الطوفان وهم ظالمون » [ العنكبوت : 14 ] .
يا الله ! الف سنة الا خمسون عاما يدعو ، فكم عدد الذين اجابوا داعيه ؟
تحدثنا الآثار انهم كانوا بين سبعة وبين ثمانين ، هذا العدد الضئيل . وكيف كانت دعوته ، هل في الاسبوع مرة ، ام في الشهر عشر مرات ؟ اسمعه ـ عليه السلام ـ يشكو الى الله قائلا ـ منا حدثنا القرآن ـ : « قال رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا * فلم يزدهم دعائي إلا فرارا * وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا اصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا * ثم إني دعوتهم جهارا * ثم إني أعلنت وأسررت لهم إسرارا » [ نوح : 5 ـ 9 ] .
وهكذا سائر الانبياء ـ عليهم الصلاة والسلام ـ .
اما نبي الاسلام ، فقضاياه مع قومه مشهورة . انهم كذبوه وآذوه ورموه بالحجارة ونسبوه الى الجنون والكهانة والسحر وحب المال وحب الجاه وارادة تزويج بعض الفتيات مما جعل النبوة وسيلة اليها ، واخيرا قاطعوه وقاطعوا اهله حتى لبثوا في الشعب ثلاث سنوات وكل ليلة كانت مظنة للهجوم عليه وقتله حتى ان ابا طالب عم النبي .. كان يبدل منام رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ كل ليلة مرة او مرات وينيم في فراشه علي بن ابي طالب ـ عليه السلام ـ .
الا تكفي قصة دعوة رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ لنا ـ نحن معاشر المبلغين ـ درسا ومنهاجا !!
والله تعالى يقول: « لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد » [ الممتحنة : 6 ] .

الشيخ الكعبي ـ صوت حزين وعبرة ساكبة 57

ويقول الامام علي امير المؤمنين ـ عليه السلام ـ : فليتأس متأس بنبيه ، والا فلا يأمنن الهلكة .
* * *


الشيخ الكعبي ـ صوت حزين وعبرة ساكبة 58




الشيخ الكعبي ـ صوت حزين وعبرة ساكبة 59

وحننت الى الماضي

حمزة ابو العرب

عرفت الراحل المغفور له ، الشيخ عبد الزهراء الكعبي ـ رحمه الله ـ في اوائل الخمسينات من هذا القرن الذي لم يبق منه الا اقله ( 1993 م ) ، يوم كانت المجالس الحسينية ، تنتشر في ربوع «كربلا» ، فتقام في ساحاتها ، وشوارعها ، في ازقتها وبيوتها .. تبكي حسينا ، ريحانة المصطفى ، وسبطه المحبوب ؛ فتستذكر ـ بها ـ نهضته من اجل الاصلاح وتحقيق العدل ، واقامته في الامة ( انما خرجت لطلب الإصلاح في امة جدي ، اريد ان آمر بالمعروف وانهى عن المنكر ) ..
كان الفقيد ـ رحمه الله ـ من ابرز قراء تلك المجالس ، الذين يشار اليهم بالبنان حيث ، امسى يديرها احسن ادارة ؛ بما كان يلقيه فيها من وعظ وارشاد .. مستهديا بالقرآن الكريم ، والسنة النبوية الشريفة ، مستنيرا في شروحه ، وتعليقاته ؛ بمبادىء اهل البيت ـ عليهم السلام ـ . لا ينسى ما للتاريخ الاسلامي من حوادث غريبة مثيرة .. كان المسلمون يقفون منها ، مفترق الطرق ؛ حيث اصبح بعضهم مثالا مروعا في التغير والتلون ، يلبس لكل حالة لبوسها ، غير عابيء بما يتطلبه الواجب الحق ..
بينما كان البعض الآخر منهم ، مثالا رائعا ، في تزييف الباطل ،

الشيخ الكعبي ـ صوت حزين وعبرة ساكبة 60

وجحده ثم الثبات على الحق ، مسجلا في سبيل هذا ، وذاك اروع مثال في التضحية والفداء !!
كان المترجم له ـ رحمه الله ـ ربعة ، اسمر اللون ، نحيف الجسم ، سريع الخطو ، كثير التوقف في الطريق ، لا يحب ان يمر مرور الكرام امام المعارف والاصدقاء ، دون ان يسال ، او يُسال ؟
ذا خلق رفيع ، تحسه متجسدا ، في تواضع ملحوظ ، مع الصغير والكبير ..
وهبه الله ـ سبحانه ـ صوتا صَيّتا ، ذا نغم متميز عن اصوات معاصريه كافة . فهو الصوت الذي كانت لا تظهر عليه مظاهر التعب ؛ مهما طال هذا المجلس او ذاك ، بل ، كان اخر الاصوات تعبا في عشرة محرم ، حيث صارت مجالسه تعد بالمئات ، فهي تبدا منذ الصباح الباكر ، حتى تنتهي وتختم في وقت متاخر من الليل !!?
وما قراءة المقتل الذي اختص به دون غيره ، الا دليل على ما كان لصوته من قدرة متميزة ، بها استطاع ان يستمر في قراءته لفترة طويلة ، تلك القراءة الحزينة التي اليها صار يتقاطر الناس من جميع المحافظات .. ليصبوا الدموع حزنا واسفا على من وقف في عرصات الطف ينادي ـ بعد ان عز عليه الناصر والمعين ـ هل من ناصر ، ينصرنا !!
وبعدها .. سقط شهيدا ، غريبا عن الاهل ، والديار !!
كان اسلوبه في القراءة سرديا استطراديا ، الا انه لا يبتعد عن وحدة الموضوع ابتعادا ينسيه ما لهذه الوحدة من اهمية في تنبيه المستمع وشده اليه .

الشيخ الكعبي ـ صوت حزين وعبرة ساكبة 61

يتذوق اللغة الفصحى ، ويلتزم بها حتى في شرح النصوص ؛ محلقا عن العامية مع كثرة من يرتاد مجلسه من العوام !
ومن اسلوبه ، يستطيع الانسان ان يستشف ما كان عليه من ثقافة علمية دينية ، والمام واسع بمصطلحات الفقه والمنطق والاصول .
وما ادري لماذا كان يستهل اكثر مجالسه بالقريض الحسيني الذي اعتدنا الا نسمعه من صغار القراء ، اصحاب المقدمات ؟ حيث تجاوز هذه المرحلة ـ مرحلة المبتدئين ـ وشب عن طوقها المعتاد ..
لعل ذلك يرجع الى اعتزازه بهذه القصائد ، يوم ابتدأ بها بدايته الاولى .
كان ـ رحمه الله ـ يحيط نفسه بمجموعة من الشباب المبتدئين الذين يهوون طريقته ، ويحبون التلمذة على يديه ، ليكونوا خير خلف لخير سلف . فكان منهم صديقنا الاجل ، الشاعر الاديب الاستاذ السيد كاظم النقيب .
حملني الشوق ـ يومها ـ الى التفكير بان اكون واحدا منهم . الا انه اعتذر عن قبولي ، بعد ان كتب اليه المرحوم العالم الفاضل السيد علي الكاظمي ( ت 1974 م ) بوصية ، طلب منه ، فيها ، ان يرعاني رعاية تتناسب وما كنت عليه من طموح في هذا المجال .
قبلت اعتذاره ـ آنذاك ـ واقتنعت باسبابه لما يلحق به قبولي من تعب وعناء ، هو غني عنهما .
كان رحيله ـ وهو ما زال في اوج الشباب ، ومقتبل العمر ـ خسارة كبيرة احس بها معظم الناس . كان تقيا ورعا يحب الفقراء ويرعاهم قولا وفعلا لذلك لم تكن حاله المادية مما يحسد عليها مع كثرة مجالسه

الشيخ الكعبي ـ صوت حزين وعبرة ساكبة 62

التي لا تنقطع ليل نهار .
رحم الله الخطيب الفقيه ، وجعل الجنان نزله ، فقد كان خادم اهل البيت ومن كان كذلك فقد فاز بالحظ الاوفر من رضى الله سبحانه ..
وبهذه المناسبة لا استطيع الا ان اوجه جل شكري وتقديري الى استاذنا الجليل ، وشاعرنا الاديب اخينا السيد سلمان هادي آل طعمة لما يبذله من جهد يعجز عنه الآخرون احياء لذكر من اعطوا ـ لهذا البلد ـ اقصى ما في وسعهم من عطاء فكري ادبي اصبح اليوم تراثا حضاريا انسانيا تفخر به مدينة ريحانة الرسول ، حسين الاباء والشمم .
* * *


الشيخ الكعبي ـ صوت حزين وعبرة ساكبة 63

من ارشيف الشيخ الكعبي

بقلم احد تلامذته

فتحت عيني في بيت غذاؤه محبة اهل البيت .. فامي كانت ترضعني محبة فاطمة الزهراء ـ عليها السلام ـ بينما كان ابي يغذيني بحب الحسين ـ عليه السلام ـ ، فقد ولدت في بيت لا يكاد يمر عليه يوم دون ذكر الحسين ـ عليه السلام ـ ولا اتذكر ان طلعت شمس علي في ذلكم البيت ، دون ان اكون جالسا في مجلس عزاء ، او حلقة ذكر .. فقد كانت مواكب العزاء غادية رائحة في البيت الذي ترعرعت فيه وكبرت ..
وذات يوم كنت واقفا وسط احد مجالس عاشوراء التي كانت تعقد في منزلنا بالرميثة في العراق ، وكنت يومها في الرابعة من العمر عندما اقترب مني ابي واعطاني ابريق ماء مع قدح صغير ، وطلب مني ان ادور في المجلس لارواء الناس ، وسقيهم الماء بقصد ذكر الامام الحسين ـ عليه السلام ـ واني لاتذكر كلمته التي القاها علي في ذلك الجمع وفي تلكم السن ، قال لي : بني خذ هذا الماء وطف بالمجلس وارفع صوتك بهذا النداء :

« اشرب الماء واذكر عطش الحسين »

وحين رفعت صوتي باسم الحسين ـ عليه السلام ـ رأيت الناس

الشيخ الكعبي ـ صوت حزين وعبرة ساكبة 64

يشربون الماء فتفيض اعينهم بالدموع حزنا لما يسمعونه من ذكر سيد الشهداء ـ عليه السلام ـ .
اجل .. لقد كنت في الرابعة من عمري حين رفعت صوتي بذكر الامام الحسين .. وناديت : اشرب الماء واذكر عطش الحسين .. ثم اخذت اتدرج في خدمة الامام الحسين حتى اذا صار عمري ست سنوات ، كنت امثل شبيه اولاد مسلم بن عقيل ـ عليهم السلام ـ ثم مثلت شبيه القاسم بن الحسن ـ عليهما السلام ـ ثم مثلت شبيه سكينة بنت الحسين ـ عليهما السلام ـ ثم مثلت وقمت بدور جون ذلكم الزنجي الاسود الذي قتل مع الحسين واذكر انني اديت دوره ببراعة منقطعة النظير .
وصعدت المنبر وانا دون سن العاشرة ، وكنت يومها اقرأ مقدمة لاحد كبار الخطباء وهو المرحوم السيد حسن الشخص ، في الرميثة ، وكان المجلس يضم حشدا كبيرا من الناس ، ومن بينهم العلماء والاساتذة والمثقفون .. ولاني لم اكن قد اتقنت حفظ القصيدة الشعرية بشكل جيد فقد عثرت وكبوت فلم افلح بذلك الجمع ، وفي حالة من الارتباك التي صدمتني ، سمعت احد العلماء يناديني بصوت غليظ فيه بحة الكبرياء وغصة الغضب : ان انزل من المنبر ايها الخطيب الكبير المصقع ـ قالها بشيء من التهكم والسخرية ـ فكانت هذه الكلمات بمثابة سكاكين حادة انغرزت في اعماقي ، فاشعلت نار الحزن والكمد في داخلي ، وقد احسست ـ ساعتها ـ ان مسامير قد دقت في بدني فربطتني بخشبة المنبر الذي انا فوقه ..
وعندما وجدت ان الطرق كلها قد سدت بوجهي ، ولم يسعفني احد ، تحاملت على نفسي ، ولملمت جراحي ونزلت من المنبر غارقا

الشيخ الكعبي ـ صوت حزين وعبرة ساكبة 65

بالعرق ، يلفني الفزع والخجل لفا ذريعا .. فتهاويت تحت المنبر ، والصقت نفسي الى جانبه الايمن ، وكم كانت الصدمة عنيفة ومفزعة حين وجدت الخطيب المذكور يدلق الزيت على النار بنكتة لاذعة مرة ، جعلتني ابكي الليل كله ، على رغم كونها قدمت لي منذ ذلك الحين خدمة كبيرة ، ونفعتني طول حياتي .. وذلك اني ما ان نزلت عن المنبر على تلك الحالة والصفة ، حتى قررت ان اذهب الى الحوزات العلمية لتلقي العلوم ، وقررت الا ارجع الى اهلي حتى اكون خطيبا مؤثرا في الناس متالقا في المنبر . فحزمت حقائبي وارتحلت من الرميثة الى كربلاء المقدسة ، بجوار الامام الحسين ـ عليه السلام ـ الذي كان وما زال يرعاني بكل ادوار حياتي ومراحل عمري . وقد ساعدني على تطبيق هذا القرار ابي ـ رحمة الله عليه ـ حيث اخذني بيده الى كربلاء المقدسة وسلمني الى العلامة الكبير ، والخطيب البارع القدير الشيخ عبد الزهراء الكعبي الذي جعلني واحدا من اولاده ، فكان يعاملني معاملة الاب لولده ، وقد ادبني فاحسن تاديبي ، على الخطابة والمنبر ، وكان لي نعم العون على خدمة الحسين ، ومواصلة الدراسة وطلب العلم ، في الحوزة العلمية عند الحسين ـ عليه السلام ـ .
كانت الحوزة في كربلاء ـ آنذاك ـ حوزة واسعة عريضة كلها نشاط وجهاد ، وسعي من اجل إعداد جيل كبير من حملة الفكر والعلم والادب ،.. كان فيها عشرات بل مئات الابطال من رجال العلم والفكر والخطابة والادب ، وكانت تذكرنا بأيام الشيخ يوسف صاحب الحدائق ، وشريف العلماء ، والبهبهاني من اُولئكم العلماء الفقهاء الابطال الذين نشأوا بظل الحسين ـ صلوات الله عليه ـ وتشبعوا بروحه ، وارواح الشهداء التي حلت بفنائه واناخت برحله .
على ان الحوزة العلمية في كربلاء المقدسة كانت جميلة الى ابعد

الشيخ الكعبي ـ صوت حزين وعبرة ساكبة 66

الحدود باسلوبها الدراسي وكان يزيد جمالها جمالا ، ونورها نورا ، كون الحوزة العلمية الكبرى قائمة في النجف الاشرف بجوار الامام علي امير المؤمنين ، ـ عليه افضل الصلاة وازكى السلام ـ حيث كانت تقوم بدورها الحضاري الرائد ، في حفظ الاسلام ، ونشر فكر آل محمد ـ عليهم افضل الصلاة وازكى السلام ـ .
هذا ، بالاضافة الى وجود حوزة علمية في الكاظمية ، واخرى في سامراء ، وكانت هذه الحوزات تتلاقح بعضها مع بعض ، من خلال السفرات والرحلات التي يقوم بها علماء كل حوزة الى الاخرى ، فتظهر الطاقات وتتفجر العبقريات ، وتنمو الملكات نتيجة الاحتكاك العلمي والثقافي المباشر بين هذه الحوزات المشار اليها .
ولكن رغم كل ما يقال عن هذه الحوزات ، فان لحوزة كربلاء طابعا خاصا ، وطعما مميزا ، على الاقل بالنسبة لي انا حيث كنت اتدرج في طلب العلم في ظل هذا العالم الكبير والخطيب القدير الشيخ عبد الزهراء الكعبي ، انه كان وليا من الاولياء ، وليس فردا عاديا ابدا ..
لقد اذاقني حلاوة الرغبة في طلب العلم ، بل انه غرس في اعماقي هواية الخطابة ومحبة المنبر ، وعلمني ان اتعامل مع المنبر كرسالة مقدسة احملها للعالم اجمع ، وليس وسيلة عيش وارتزاق .
ان المنبر اكبر من ان يصبح بابا للعيش وطلب الدنيا .. انه اكبر من ذلك واعظم .
علمني الشيخ عبد الزهراء الكعبي ان لا اطلب المال ، وافتش عن الثراء وراء المنبر .. وكان دائما يردد على سمعي هذه العبارة فيقول : اقرا يا بني اذا شئت قول الله ـ عز وجل ـ حيث يقول :

الشيخ الكعبي ـ صوت حزين وعبرة ساكبة 67

« اتبعوا من لا يسئلكم اجرا وهم مهتدون » [ يس : 21 ] .
ثم يضيف قائلا : ان طبيعة الناس وفطرتهم قد جبلتا على المشي وراء من لا يطلب منهم مالا ولا حطاما .. ان الخطيب صاحب رسالة ورسالته مقدسة ، فلا تصعد المنبر بقصد جمع المال ، وانما اصعده بنية التقرب الى الله تعالى ..
اصعد المنبر بنية رضى الله ، ونفع الناس ، كما كان الامام زين العابدين ـ عليه السلام ـ يحدث الناس في الشام ، حيث قال ليزيد : ائذن لي ان اصعد هذه الاعواد ، فأتكلم بكلمات فيهن لله رضى ولهؤلاء الجالسين اجر وثواب .
وكانه ـ اي الامام السجاد ـ يخط طريقا مستقيما ناجحا لكل خطيب ومبلغ وداعية الى الله ـ عز وجل ـ .
وهكذا كان الكعبي يحدثني ، ويعلمني .. وكنت اسمع منه ، واستفيد بمواعظه ، وانتفع بارشاداته وتوصياته .
وقد جربت هذا الطريق ، وعرفت عددا من الخطباء الذين نذروا انفسهم لله وللعمل الصالح .. نذروا انفسهم لان يكونوا خداما للحسين مخلصين .. فنجحوا نجاحا منقطع النظير .
على ان اغلب هؤلاء الخطباء الذين ذكرتهم الآن بهذه الاشارة ، كانوا من تلامذة المرحوم الشيخ الكعبي ، فقد كان ـ رحمه الله ـ مدرسة للخطباء والمنبر والخطابة ، وكان ينفق اكثر وقته في توجيه الخطباء المبتدئين ، واعدادهم اعدادا كاملا .. واقول هذه الكلمة ، والالم يعتصر قلبي لاننا لا نملك اليوم مثل اولئك الرجال الذين ركبوا الطريق ومضوا

الشيخ الكعبي ـ صوت حزين وعبرة ساكبة 68

على الحق .
وعلى ذكر الاجر مقابل المنبر كان الشيخ الكعبي يوصي كل تلامذته ان يبتعدوا عن هذا المناخ المادي اللزج الدبق ، وكان هو نفسه في هذا المجال غاية لا تدرك ، فلم يحدث ان تكلم مع احد من اصحاب المجالس ، بخصوص المال والمادة ، او انه سال كم يتقاضى مقابل هذه الخطب التي يلقيها ، بل اكثر من ذلك ، اذكر انني رايته مرة يبتعد عن احد المجالس ويتركه ، لان صاحب المجلس اراد ان يعرف كم ياخذ الشيخ من الأجر مقابل المنبر ، فما كان من الشيخ الا ان تركه واعتذر عن القراءة .. ولم يحدث ان رايته مرة يفكر بالمال وهو يصعد المنبر .. ولقد كان صاحب المجلس يعطيه المال مظروفا فلا يفتح الظرف الا للضرورة ، وكانت عادته ان يترك الظروف التي تاتيه باسم الحسين ـ عليه السلام ـ كهدية تقدم له من قبل اصحاب المآتم فيمر الشهر والشهران دون ان يفتحها .. هذا اذا لم يكن هناك من يستحق اخذ المال ، والا فقد كان يقدم ما ياخذه من المال الى الفقراء والمساكين والمحرومين ، وله في هذا المجال قصص رائعة ومشوقة عشت بعضها انا بنفسي .. فعلى سبيل المثال انقل لكم قسما منها حتى ننتفع بها في حياتنا لعل الله يرحمنا وينزل علينا رحمته وآلاء ونعمه .
* القصة الاولى :
كنت اقرأ مع الشيخ الكعبي مقدمة في مجالسه التي كانت منتشرة في انحاء القطر العراقي .. ومن بين تلك المجالس ، كان له مجلس في البياع وهي منطقة تقع في اول مدخل بغداد العاصمة ، وكان هذا المجلس من السعة والعظمة بحيث يصل عدد الناس فيه الى اكثر من عشرة آلاف بين رجل وامرأة ، وربما بلغ الرقم احيانا الى مائة الف كما هي العادة في مجالس

الشيخ الكعبي ـ صوت حزين وعبرة ساكبة 69

الحسين ـ عليه السلام ـ وخصوصا تلكم التي كان يديرها خطباء كبار على وزن الشيخ الكعبي ..
واستمر هذا المجلس عشرة ايام ، وفي يوم الختام قام صاحب المجلس وبيده ظرف فيه مال واعطاه للشيخ الكعبي .. وطبعا بعد توسل كبير قبله ، والا فالشيخ الكعبي في البداية كان يرفض ان يأخذ مالا او حطاما في مقابل قراءته ومجالسه .. وخصوصا اذا عرف بفراسته ان صاحب المجلس يعطيه في غير راحة ولا انفراج ، فعند اذ كان يرفض المبلغ مهما كان حجمه ، ويرده الى صاحبه ..
على كل حال .. فقد اعطاه ظرفا فيه مبلغ كبير ومحترم خصوصا في تلكم الايام حيث كان للدينار منزلة ومكانة بين الناس . اعطاه على ما اذكر مبلغ 500 دينار ثم رجعنا الى كربلاء المقدسة ، وكان الوقت متاخرا في الليل ، اي بعد الساعة الواحدة بعد منتصف الليل ، وما كنا نصل الدار حتى راينا امرأة واقفة على باب دار الشيخ الكعبي تنتظره .. فما وقع بصرها عليه حتى خاطبته بقولها :
يا ابا علي .. انا واولادي هؤلاء اليتامى لا نملك قوتا ولا مالا ، ولا حتى اجار البيت ، وصار لنا قرابة ستة اشهر لم ندفع فيها شيئا لصاحب البيت وهو يريد ان يطردنا ، انا واطفالي اليتامى ، فقل لي : بالله عليك الى اين اذهب ، ولمن أشتكي .. ثم امسكت عن الكلام وهي تنظر الى الشيخ كيف يصنع ، وماذا يكون رد فعله تجاهها .. وهنا مد الشيخ يده الى ذلك الظرف الذي فيه 500 دينار ودفعه اليها وهو يقول هاك نصيبك من الحسين ـ عليه السلام ـ علما بان الشيخ لا يدري كم في الظرف ، وانما انا علمت عن طريق الصدفة ، حيث اخبرني صاحب المجلس بمقدار المبلغ ، وقد

الشيخ الكعبي ـ صوت حزين وعبرة ساكبة 70

دفعه الشيخ اليها وعيناه مغرورقتان بالدموع ، ثم امرها ان تركب في السيارة لتصل سريعا الى بيتها ..
وقد ذكرتني هذه الحادثة ، بعلي امير المؤمنين ـ عليه السلام ـ وهو يدخل على اليتامى يطعمهم ويملا عليهم البيت راحة وطمانينة .
* اما القصة الثانية ، فاذكر انه ذات مرة كنت جالسا عند بعض الاخوة ، فذكرنا الشيخ الكعبي ، فرأيت شابا كان معنا ، رايته يتفاعل مع اسم الشيخ الكعبي ، ثم تنهمر الدموع من عينيه ، وهو يقول :
الشيخ الكعبي كان وليا .. كان عظيما ، كان ابا رحيما ، كان مؤمنا بالله الى ابعد حدود .
فقلت له : ماذا رايت انت من الشيخ حتى تثني عليه هذا الثناء وانت كنت صغير السن في ايام الكعبي في كربلاء ، فقال لي :
انقل لك حادثة صغيرة حصلت معي في ايام الشيخ ، وقد تركت اثرا طيبا في نفسي وعلمتني كم هو عظيم هذا الشيخ الذي اسمه عبد الزهراء الكعبي .
ثم استمر يقص حكايته علينا فقال :
كنت في سن الثامنة من عمري .. وكنت يومها في الصف الرابع الابتدائي ، وكان عندي امتحان وعلي ان اذهب مبكرا الى المدرسة ، لاكون هناك قبل موعد الامتحان .. وفي هذا الجو .. وانا اريد ان اذهب الى المدرسة فاجاني ابي وهو يطلب مني ان اذهب الى الخباز ، لتامين الخبز الى العائلة لانهم يريدون الافطار وليس عندهم خبز .
وعبثا حاولت الاعتذار من ابي ، فلقد كان ابا قاسيا لا يرحمني ابدا ،

السابق السابق الفهرس التالي التالي