تراث كربلاء 152

كربلاء في القرن الثاني عشر الهجري ، ونبغ فيهم السيد محمد حسين المرعشي الحسيني المتوفى 1247 هـ ، ومنهم السيد محمد علي بن السيد محمد علي بن السيد محمد حسين المرعشي المتوفى سنة 1287 هـ ، ومنهم السيد محمد حسين بن محمد علي بن محمد حسين المرعشي المذكور المتوفى سنة 1315 هـ ، وكان هذا من كبار أعلام الفضل ممن له صيت عال ومجد منيف ، وكانت له خزانة كتب حوت نفائس المخطوطات ورثها عن آبائه . ومنها السيد مرزا علي بن السيد محمد حسين المذكور المتوفى سنة 1344 هـ وقد حذا حذو والده في إمامة الجماعة . ومنها السيد زين العابدين بن السيد محمد حسين المرعشي المذكور المتوفى سنة 1356 هـ ومنها العالم الفاضل المعاصر السيد عبد الرضا المرعشي الحسيني الشهرستاني . ولكل من اولئك الأعلام الأفاضل آثار وتصانيف مطبوعة ومخطوطة ورد لها ذكر في موسوعة ( الذريعة ) للشيخ آغا بزرك الطهراني . ومن هذه الأسرة أيضاً الخطيب الفاضل السيد حسين بن السيد مرتضى بن السيد محمد حسين المرعشي الشهرستاني له من الشعر الرائق الشيء الكثير . ولايزال أفراد هذا البيت يقطنون كربلاء .
ال النقيب

من الأسر العلوية العريقة في الشهرة والشرف التي تعرف في كربلاء سابقاً بآل دراج المتفرعة من قبيلة ( آل زحيك ) من ذرية السيد ابراهيم المرتضى ( الأصغر ) ابن الإمام موسى الكاظم عليه السلام . استوطنت كربلاء في مطلع القرن الخامس الهجري . ولاتزال دور آل النقيب في محلة آل زحيك ملاصقة للروضة الحسينية من جهة الجنوب . ولهم أملاك شاسعة في شفاثة ( عين التمر ) وكربلاء تولى منهم رجال بعض المناصب الهامة في هذه المدينة كنقابة الأشراف وسدانة الروضة الحسينية ورئاسة البلدية ، وفيهم رجال فضل وعلم . وقال العلامة الشيخ محمد السماوي :

تراث كربلاء 153

وآل دراج الفتى النقيب فكم لهم من فاضل وأديب (1)

ومن مشاهيرهم : السيد دراج (2) بن سليمان بن سلطان كمال الدين من آل زحيك الموسوي نقيب السادات وسادن مشهد الحسين عليه السلام ، كان حياً سنة 1048 هـ .
ومن أبرز أعلام هذه الأسرة : السيد مصطفى بن حسين آل دراج ، كان عالماً فاضلاً له كتاب ( أصول الدين ) فرغ من تأليفه يوم الخميس تاسع شهر ذي القعدة سنة 1175 هـ (3) . وجاء في مشجرة السادة آل النقيب : أنه كان سيداً عالماً ورعاً تقياً صالحاً توفي في حياة أبيه .
ومنها أيضاً : السيد فاضل بن السيد عباس النقيب المتوفى في صفر سنة 1361 هـ كان تقياًُ ورعاًُ مشتغلاً بطلب العلم ، كتب بخطه كتاب ( اللمعة الدمشقية في الفقه للشهيد الأول ، وذلك بتاريخ 28 جمادى الأول سنة 1330 هـ .
ومنها أيضاً : الخيب الفاضل الأديب السيد كاظم بن السيد محمد بن السيد فاضل بن السيد عباس النقيب المولود سنة 1934 م ، له آثار مطبوعة منها : الدعوة والعقبات ، مجتمعنا وعوامل الهدم والبناء ، نحن واليهود وغيرها . وله خزانة كتب جليلة . ومنها أيضاً الشاعر السيد رضا بن السيد صادق النقيب المولود سنة 1925 م .
ونثبت هنا نسب (4) السادة آل النقيب :

(1) مجالي اللطف بأرض الطف / للشيخ محمد السماوي ص 74 .
(2) راجع بشأن ترجمته : خلاصة الأثرفي أعيان القرن الحادي عشر / للمحبي ج 1 ترجمة أحمد حافظ باشا . وانظر : تاريخ الدولة العثمانية للتون هافر الألماني ، مترجم عن الفارسية باسم ( سلطان التواريخ ) وانظر : أعيان الشيعة / للسيد محسن الأمين العاملي وتاريخ العراق بين احتلالين / لعباس العزاوي ج 4 ص 240 .
(3) الذريعة إلى تصانيف الشيعة / للشيخ آغا بزرك الطهراني ج 2 ص 195 .
(4) نقلت هذه السلسلة الشريفة عن مشجرة السادة آل النقيب التي هي بخط النسابة علي بن عبد الحسين بن طوغان العيسوي الحسيني الحائري الذي كان حياً سنة 1019 هـ .
تراث كربلاء 154

محمد علي بن حسن بن محسن بن عباس بن محسن بن محمد ( الملقب محمد كنعان ) بن حسن بن عباس بن بهاء الدين بن أحمد بن محمد الدراج بن سلمان بن سلطان كمال الدين نقيب النقباء ( الجد الأعلى لأل ثابت وآل النقيب ) ابن إدريس بن جماز بن نعمة بن علي القصير بن أبي القاسم بن يحيى ( ويقال لولده آل زحيك ) بن منصور بن محمد بن يحيى بن محمد بن عبد الله الحائري ابن محمد بن أبي الحرث بن علي أبي الحسن المعروف بابن الديلمية بن عبد الله أبو طاهر محمد أبو الحسن الارم المحدث ابن الطاهر أبو الطيب بن الحسين أبو عبد الله القطعي نقيب النقباء ابن موسى أبو السبحة ابن ابراهيم المرتضى ( الأصغر ) ابن الإمام موسى بن جعفر عليه السلام .

تراث كربلاء 155

الاسر الادبية

هناك في كربلاء أسر أدبية نبغ فيها بعض الأدباء والشعراء الذين احتلوا مكانة مرموقة في الأوساط الأدبية ، ولهم شعر في كثير من المناسبات الاجتماعية والدينية ، وتركوا دواوين ما يزال القسم الأكبر منها مخطوطاً في خزائن كتب كربلاء الخاصة وطبع قسم منها . وقد حاولت في هذا الباب ذكر هذه الأسر والشعراء الذين أنجبتهم مع نماذج شعرية انتقيتها لهم من المجاميع المخطوطة والمطبوعة .

آل أبي الحب

أسرة عربية معروفة هاجرت من الحويزة واستوطنت كربلاء في القرن الثاني عشر الهجري ، تنتسب إلى قبيلة ( آل خثعم ) ، وقد نبغ فيها علماء وخطباء وشعراء كان أشهرهم ذيوعاً الشاعر الكبير والخطيب الجهير الشيخ محسن بن الحاج محمد أبو الحب الخثعمي الحويزي الحائري المولود سنة 1235 هـ والمتوفى سنة 1305 هـ (1) وله ديوان مخطوط باسم ( الحائريات ) توجد نسخة الأصل منه في

(1) اعيان الشيعة / للسيد محسن الأمين العاملي ج 43 ص 202 وشعراء كربلاء / للمؤلف ج 1 ص 168 .
تراث كربلاء 156

خزانة كتبه . والديوان غني بالقصائد الدينية التي رثى فيها آل البيت عليهم السلام ورثى بعض أصدقائه العلماء والأعيان ، ومن بين قصائده التي ذاع شهرتها في المجالس الحسينية قوله :
أعطـيـت ربـي موثقاً لاينتهي إلا بقتلي فاصعـدي وذرينـي
إن كان ديـن محمد لـم يستقـم إلا بقتلي ياسيـوف خـذينـي
هذا دمـي فلتـرو صادية الظبا منه وهـذا بالرمـاح وتينـي
هذا الذي ملكـت يمينـي حبسة ولأتبعتـه يسـرتي ويميـني
خذها إليـك هديـة ترضى بها يارب أنـت وليهـا من دوني
أنفقت نفسي في رضاك ولاأرا ني فاعلاً شيئـاً وأنت معينـي
ماكان قـربان الخليـل نظيرما قربتـه كـلا ولا ذي النـون
هذي رجالي في رضـاك ذبائح مابين منحـور وبيـن طعيـن
رأسي وأرؤس أسرتي مع نسوتي تهدى لرجس في الضلال مبين
وإليك أشكو خالقـي من عصبة جهلوا مقامي بعد ما عرفـوني

ومن هذا البيت الفقيه الخطيب الشهير الشيخ محمد حسن بن الشيخ محسن المذكور المولود سنة 1255 هـ المتوفى يوم الثلاثاء 13 شوال سنة 1357 هـ . ومنها الخطيب الشاعر الشيخ محسن بن الشيخ محمد حسن المذكور المولود سنة 1305 هـ والمتوفى نهار يوم الجمعة 5 ربيع الثاني سنة 1368 هـ ، وكان شاعراً مكثراً مطبوعاً قوي الحافظة ، فصيحاً جريئاً ، له ديوان مطبوع (1) سجل فيه تاريخ عصره واحداث زمانه ، ومن شعره قوله في رثاء الحسين عليه السلام :
لاقى الصلاة بأرض الطف منفرداً وماله من معين ناصر وولي

(1) ديوان أبي الحب / تحقيق مؤلف الكتاب ، نشره الدكتور ضياء الدين أبو الحب 1966 م / 1385 هـ .
تراث كربلاء 157

أصحابه جاهدوا عنه وما نكلوا حتى قضوا بين منحور ومنجدل
والله منهـم شرى قدماً نفوسهم فقدمـوها له طـوعاًُ بلامهـل
عباد ليل فهـم لايهجعـون به فمن مصـل ومـن داع ومنتقل
أماجد كان يوم الحرب عيدهم والموت عندهم أحلى من العسل
شدوا على زمر الأعداء كأنهم أسد تشـد على جمع من الهمل

وقال مناهضاً الحكم البريطاني البغيض ومندداً بسياسته الخرقاء :
ألا فانهضـوا ان الجهـاد لـواجب ولاتقعـدوا ياعصبة المجد والكرم
أماتنظروا اخوانكم دخـلـوا الوغى بعزم وحـزم والشجـاعة والهمم
يحـامون عن أوطانـهـم فكأنهـم أسود شرى عاثت بجمع من الغنم
علـى الكفـر صالـوا والإله يمدهم بنصر ومنهم كافـر قـط ما سلم
لقد تـركـوا أبنـاء لـنـدن اكلـة وأجسادهم صـارت لذؤبانهم طعم
أبادوا جـنود الانكـليـز ومزقـوا من الكفر جمعاً بعـد ذا ليس يلتئم
بريطـانيـا مخـذولـة لا محـالة وقد لبسـت ثـوباً من الذل والعدم
بريطانيا ياعرب ـ خانت وضيعت عهودكـم والله منهـا قـد انتقـم
إلى أيـن يـأوي الانكليـز وكلـما تحاربه بالسيف والـرمـح والقلم
فيرجع مقهـوراَ ذليـلاً وجيـشـه به الذل من كل الجـوانـب قد ألم

ومنها الدكتور ضياء بن الشيخ محسن بن محمد حسن المذكور المولود يوم الغدير سنة 1332 هـ / 1913 م وهو اليوم استاذ الصحة النفسية في كلية التربية بجامعة بغداد ، شاعر مطبوع له آثار في التربية وعلم النفس ، طبع قسم منها وله ديوان شعر مخطوط .
ومنها الدكتور جليل بن كريم بن جواد بن الشيخ محسن بن الحاج محمد ابو الحب المولود سنة 1927 م المدرس في كلية الزراعة بحامعة بغداد ، أديب فاضل له

تراث كربلاء 158

آثار مطبوعة . ومنها المحامي جواد بن رضا بن حمزة بن حمادي أبو الحب وآخرون غيرهم من أصحاب الشهادات العالية .

ال الأصفر

إحدى الأسر العربية التي عرفت في كربلاء في أوائل القرن الثالث عشر الهجري ، وقطن بعض رجالها الكاظمية ، وهم قليلو العدد . لم يكتب أحد بخصوص هجرتهم . كان منهم الشاعر الشيخ موسى بن قاسم الأصفر (1) المولود في كربلاء والمتوفى بها سنة 1289 هـ . اتصل بالسيد كاظم الرشتي وابنه السيد أحمد ولازمهما ، كما اتصل بالسيد علي نقي الطباطبائي فنال عليه قسطاً وافراً من المعرفة ، وعمل عنده كاتباًُ ، وكان من المعمرين له شعر تناول فيه عدة أغراض كالرثاء والمديح والعتاب والمداعبة والغزل .
قال متغزلاً بغادة حسناء معتدلة القوام يزين وجهها نار ونور :
باتـت تميـس بليلـة الميـلاد وبدت تضيء ضياء صبح النادي
حوراء غـانية بغمـد جفـونها ماقـر سيـف اللحظ في الأغماد
فتكت صـوارم لحظهـا ونباله وكذلك ذابـل قـدهـا المـيـاد
في وجههـا نـار ونـور مثلما بلحاظهـا بيـض وسحر صعاد
وبنحرها ليـل وفجـر سـاطع وبصدرها طرس ونقـش سـواد
وحوت أشعـة لعلع وزبـرجد ومن العـوارض جـوهر الأفراد
وترى يواقيـت البهاء بها بدت فأمـدت النـاريـن بـالايـقـاد
قالت برغـم للعـواذل كلهـم نـحـن بـواد والعـذول بـواد

(1) شعراء كربلاء / للمؤلف ج 1 ص 127 .
تراث كربلاء 159

وكتب إلى العلامة السيد مرزا علي نقي الطباطبائي وقد قارب حلول شهر رمضان المبارك :
مسـألـة أتعبـنـي حلـها وأنت فيهـا سيـدي أخبر
رمضان شهرا جاءنا مسرعاً يصومه المفلس ام المفطر ؟

وكان الشيخ محسن الخضري حاضراً ، فاجابه بديهة عن السيد المذكور :
رمضان شهر واجب صومه وغير ذات العذر لايعذر
الصوم إمسـاك وكف ومن أفلس في احـرازه أجدر

ومن هذه الأسرة الشاعر الشيخ جواد بن جعفر بن مهدي بن موسى الأصفر المولود في كربلاء سنة 1293 هـ والمتوفى بها سنة 1358 هـ ، كان شاعراً مغموراً امتهن الخياطة في كربلاء وله شعر قليل يخضع إلى طابع التقليد في الأسلوب والمنحى . قال مهنئاً الخطيب السيد محمد القاري آل قطفون بمناسبة زفافه :
ان قلبـي بسنـا النور انغمر مذ رأيـت الشمـس زفت للقمر
حـرة للحـر لمـا أهـديت فاض بالبهـجة روحي وازدهر
سرت مابيـن الملا محفوفة مثـل نـور يتجلـى للبـصـر
كلما هبـت لنـا ريح الصبا ذكرتنـا وجهـك الزاكي الأغر
يارفيع القدر ياأزكى الورى كـل من رام يحـاكيـك عثـر
ان مدحي لنداكـم قـاصر ولسـاني عـن ثنـاكم قد قصر
وكذا شوقي لكم لـي شاهد عند كل الناس أمـر مشـتـهر
وقد اهتـز لمـدحـي فيكم كل قلـب حينمـا مدحي انتشر
يالها محفوفـة فـي سـادة فضلهـم يعـرفـه كل البشـر
خرجت من بيت مجد شامخ دخلت في صغر عيش مستقـر

تراث كربلاء 160

أدخلوها بيت مجـد سـامـق فأضيء البيت من تلك الصور
وغـدت تسحـب أذيال الهنـا بسـرور مثـل نجـم منتثـر
( هاشـم ) هنيت في خير هناً بمحيـا كـهـلال قـد زهـر
دمت في عـز و فخـر وعلاً وعداك اليـوم أمسـوا في سقر
رحت فـي شعري أشدو هاتفاً أرخو (الشمس زفـت للقمـر)

1350 هـ

واعقب ولده كاظم الذي يمتهن الخياطة في الكاظمية . ومن هذه الأسرة في كربلاء اليوم عبد الحسن بن صبري بن ابراهيم بن مهدي بن موسى الأصفر الذي يزاول مهنة التعليم .

ال بدقت

من بيوت الأدب المعروفة في كربلاء ، يمت بنسبة إلى ( بني أسد ) كما تصرح بذلك المصادر ، نبغ فيه رجال لهم شأن مرموق ومكانة رفيعة ، قطن كربلاء منذ عدة قرون ، واشتهر هذا البيت ببدقت وهو لقب جدهم الحاج مهدي الذي أراد أن يقول عن الشمس بزغت فقال لتمتمة فيه بذقت أو بدكت بالكاف الأعجمية فلازمه هذا اللقب ولذريته ومن يمت إليه . ومن مشاهير هذا المبيت وأعلامه:
الحاج جواد (1) بن الحاج محمد حسين بن الحاج عبد النبي بن الحاج مهدي بن الحاج صالح بن الحاج علي الأسدي الحائري الشهير ببذقت المولود في كربلاء سنة 1210 هـ والمتوفى بها سنة 1281 هـ ، كان شاعراً مجيداً ينظم الشعر الجيد القوي

(1) أعيان الشيعة / للسيد محسن الأمين ج 17 ص 88 والكرام البررة / للشيخ آغا بزرك الطهراني ج 2 ص 278 وشعراء كربلاء / للمؤلف ج 1 ص 72
تراث كربلاء 161

السبك ، وكان متوقد الذهن ، مشبوب العاطفة ، وشعره مدون في كثير من المجاميع المخطوطة والمطبوعة . قال راثياً الحسين بن علي عليه السلام وأولها :
فـوق الحمـولة لـؤلؤ مكنون زعم العواذل انهن غصون
لـم لقبـوهـا بالظعون وانـها غرف الجنان بهن حورعين
هب زعمهم حقاً أيمنعك الهوى أم للصبابة عن هواك يبين ؟

ومنها قوله :
ولقد هـوى صعقـاً لذكر حديثها موسى وهون مالقي هارون
واختار يحيى أن يطـاق بـرأسه وله التأسي بالحسين يكـون
وأشـد ممـا نـاب كل مكـون من قال قلب محمد محزون ؟
فجـزاك يتـم بالضـلالـة بعده للحشر لا يأتي عليـه سكون
برقي منبره رقي فـي كـربلاء صدر و ضرج بالدماء جبين
وبكسر ذاك الضلع رضت أضلع في طيهـا سر الإله مصون

وله في رثاء الحسين أيضاً من قصيدة مشهورة :
شجتـك الضغائن لا الأربع وسـال فؤادك لا الأدمع
ولو لم يذب قلبك الأشتياق فمن أين يسترسل المدمع ؟
توسمتهـا دمنـة بلقـعـاً فما أنـت والدمنـة البلقع
تخاطبهـا وهي لاترعوي وتسألهـا وهـي لا تسمع
فعدت تروم سبيل السلـو و سهمك طاش به المنزع

ومنها قوله :
فيا ابن الذي شرع المكرمات وإلا فـليـس لهـا مشـرع

تراث كربلاء 162

بـكـم أنـزل الله ام الكتـاب وفي نشـر آلائكـم يصـدع
أوجهـك يخضبـه المشـرفي وصـدرك فيه القنـا تشـرع ؟
وتعدو على جسمـك الصافنات وعـلــم الإله بـه مـودع
وينقـع منـك غليـل السيوف و ان غليــلـك لايـنـقـع
ويقضي عليك الردى مصرعاً و كيف القضا بالردى يصرع

ومنها الشاعر الشيخ محمد حسين بن الحاج جواد بن الحاج محمد حسين بدقت التولد في كربلاء سنة 1255 هـ والمتوفى بها سنة 1335 هـ كان كاتباً في الروضة العباسية ، وكان شاعراً ماهراً له بضع قصائد ومقطوعات في مناسبات شتى . ومن شعره قوله راثياً العلامة الشيخ محمد طه نجف :
دهـر العنـا أثكلنـا بالأمين فأورث الأكبـاد داء دفيـن
ودك طور الصبـر منا على من كان ركناً للمعالي ركين
اسمعـنـا واعيـة يـالهـا واعيـة يشيب منها الجنين
محمد طـه الـذي قـد سما لهامة الجوزاء و هو القمين
من غـامـض العلم يبين لنا دقايقـاً منـه بحلـم رزين
كم حـكـم أحكمهـا دقـة على وثوق النص للمسلمين
تبصرة الرشد غدا موضحاً بمنتضى الشك بعين اليقين
أحكامه الأحكام نهج الهدى وفيضـة مرتبـع المسنتين
ويومـه أعظـم يـوم على كل امرئ ذاك تقـي فطين

ولايزال أفراد هذه الاسرة يقطنون كربلاء منهم أسعد بن عبد الأمير بن الشيخ علي بن الحاج جواد بدقت الذي يمتهن التعليم في مدارس كربلاء وعبد الرضا بن جعفر بن الشيخ محمد حسين بن الحاج جواد بدقت أحد خدمة الروضة العباسية .

تراث كربلاء 163

وممن ينتمي إلى هذه الاسرة (1)الأديبان الكربلائيان : مشكور الأسدي مؤلف كتاب ( مذكراتي في افغانستان ) و ( صورة قلمية ... جعفر الخليلي ) والدكتور زكي عبد الحسين الصراف بن مهدي الأسدي استاذ الأدب الفارسي في كلية الآداب بجامعة بغداد ، صدر له : ليالي الشباب ( مجموعة شعرية سنة 1956 والمقالة في الأدب الفارسي المعاصر سنة 1979 .

ال حسون رحيم

وهي إحدى الاسر الأدبية التي تنتسب إلى عشيرة ( الجشعم ) العربية التي قطنت كربلاء في القرن الثالث عشر الهجري . نبغ فيها الشاعر الشيخ فليح بن حسون بن رحيم بن ثويني بن عبد العزيز بن حبيب من آل جشعم المتوفى سنة 1296 هـ . اتصل بالسادة آل الرشتي ، وكان ورعاً يأكل من كسبه ، يكتب المصاحب الشريفة ليحصل على الأجرة. انصرف إلى مديح السيد كاظم وابنه السيد أحمد الرشتي فلازمهما ملازمة الظل بما أوتي من حول وقوة . وقد أثارت عواطفه وأحاسيسه تضحيته الغالية بفلذة كبده الشيخ محمد في حادثة قتل السيد أحمد بن السيد كاظم الرشتي سنة 1295 هـ. فبكاهما مر البكاء ورثاهما بقصائد تجسدت فيها اللوعة الصادقة والعاطفة الجياشة . وللشاعر ديوان مخطوط يضم الأغراض التالية : 1ـ المديح والرثاء لآل البيت . 2 ـ المديح والرثاء للسادة آل الرشتي . 3 ـ الغزل والنسيب . 4 ـ رثاؤه لولده القتيل الشيخ محمد .
قال من قصيدة يهنئ بها السيد أحمد الرشتي لدى حصوله على نيشان عظيم من الرتبة الرابعة :

(1) أطلعني الاستاذ مشكور الأسدي على وثيقة عثمانية ( سند خاقاني ) خاص بأسرته مؤرخ في شباط 1329 هجري رومي ، يتضمن ان والده المرحوم الحاج مهدي من التبعة العثمانية وهو ابن حمود بدكت .
تراث كربلاء 164

سمـا بك المجد للعليـاء لا الطلب وزانك الفضل بين الناس لاالرتب
فالدفـع للعـلـم المـرجـو نائله والزينة الفضـل لاما زين للذهب
تقارن السعـد والإقبـال فيك كما تقارن النسب الوضـاح والحسب
من كان من دوحة المختـار نبعته لاغرو أن جاوز الجوزاء بالنسب
فشـأ وِِشأنـك للنيشـان يـرفقه لولم يكـن لعـزيز الملك ينتسب
هناك عزك فيما حزت من طرف ولاح فيك مـن الإقبـال والغلب

وله راثياً القتيلين السيد أحمد الرشتي والشيخ محمد فليح ويندبهما بقلب مقروح ودمع مسفوح ، فقال :
ما بال عيني فارقـت أنسانهـا ورمـى يميني بينهـا فأبانها
انسان عينـي أحمـد ومحمـد كفي وقـد جذ الحمـام بنانها
هيمات نفسي بعد مصرع أحمد ومحمـد يومـاً ترى سلوانها
هـذا سليمـان الزمـان رئاسة أضحـى وهذا عفـة سلمانها
روحـي فـداء مهذبين كليهما قد ألهبـا بحشاشتـي نيرانها

ومنها الشاعر الشيخ محمد بن الشاعر الشيخ فيلح المولود في كربلاء سنة 1272 هـ والمقتول سنة 1295 هـ ، ورث الشعر عن والده وخاله الشاعر الشيخ محمد عي الشيخ خليل . ارتاد مكتبة السيد كاظم الرشتي فأفاد منها . وكما كان أبوه ملازماً للسيد كاظم الرشتي كان الإبن الشيخ محمد ملازماً لولده السيد أحمد بن السيد كاظم الرشتي وفداه بنفسه في الحادثة المروعة المشهورة سنة 1295 هـ تطرق في شعره إلى الأغراض التالية : 1 ـ المديح 2ـ الرثاه 3ـ الحماسة 4ـ الغزل .
قال من قصيدة رقيقة :
تأوبني همي وفي القلب ساجره فبت وبات الدمع تهمي بوادره
تذكرت أيـام الوصـال فتـارة يبادرني دمعـي وطوراً ابادره

تراث كربلاء 165

ولم أنس معسـول الرضـاب غز يلاً مـوارده محبوبـه ومصادره
وطلعتـه صبـح وطـرتـه دجى وأردانه ريا وكحـلاً نـواظـره
إلى أن حدا حادي الفـراق فليـته أتيح له مـن بطـن خفان خادره
فقام وقـال الركـب قوض راحلاً وموعدنا من عـام قابل هاجـره
لوى فـوق جيـدي للـوداع يمينه ويسراه كفت ماتصـب محـاجره
فأتبعته دمعـاً كصـوب غمـامة وفي القلب من نار الفراق مساعره
مضى ومضى قلبي وراء ضعونه يراجعنـي طـوراً وطوراً يسايره
فلولا التسلـي للمشـوق بوعـده لشقت لما قاسـاه منـه مـرائره

ولايزال أفراد هذا البيت يقطنون كربلاء ويمارسون الوظائف الحكومية منهم : عبد الجبار بن مصطفى بن الشيخ فليح بن حسون رحيم وأخواه محمد و صالح .

آل زيني

إحدى الأسر المعروفة في كربلاء التي يرتقي نسبها إلى العالم الفاضل السيد زين الدين بن السيد علي بن السيد سيف الدين من سلالة الإمام الحسن بن علي ، وقد عرفت بالانتساب إلى جدها المذكور . وهو الذي استوطن كربلاء في أواخر القرن الثاني عشر الهجري حسب ماجاء في الوثيقة المؤرخة سنة 1173 هـ والتي تنص أن السيد زيني بن السيد علي بنى داراً في كربلاء واتخذها مسكناً له وموقعها في محلة آل عيسى أي في القسم الشرقي من محلة باب الطاق اليوم ، واندمج ذووه في سلك خدمة الروضتين .
ومن أشهر أعلام هذا البيت :
السيد محمد بن أحمد بن زين الدين بن علي المولود في النجف سنة 1148 هـ والمتوفى في الكاظمية سنة 1216 هـ ويعرف بالزيني البغدادي ، كان شاعراً

تراث كربلاء 166

مشهوراً من أبطال ( وقعة الخميس ) تلك المساجلة الأدبية التي اتفقت في عهد السيد مهدي بحر العلوم المتوفى سنة 1212 هـ وردتها المجاميع العراقية وكتب التراجم والسير .
قال من قصيدة يمدح بها آل البيت ( ع) وأولها :
هذي منازل آل بيـت المصطفـى فالثم ثراهـا واكتحـل بغبارها
هي بقعة الوادي المقدس فاخلع ال نعلين إن أصبحت من حضارها
هي مهبط الاملاك والأرض التي جبريـل عبد من عبيـد مزارها

وقال مهنئاً السيد مهدي بحر العلوم بولادة نجله السيد محمد ومؤرخاً عام ولادته وذلك سنة 1197 هـ :
بشرى فقد وافي السرور السرمد وقارن الاقبال صبح أسعد
لقد وفـى الـدهـر لنـا بوعده وقلما بنجز منـه المـوعد
وقد تـولى كـل هـم مخلـفـاً لما أتانـا فـرح مـجـدد

ومنها قوله :
يـاأيهـا السيـد والمـولى الـذي ساد به مـن قـال أين سيـد ؟
ليـهنـك الـيـوم محمـد ومـا محمد إلا الحبيـب الأحـمـد
أعيـذه من شـر كـل حـاسـد بالصمـد الفـرد الـذي لايلد
لازلـت مسـروراً به حتى ترى أولاد أولاد لـه تــولــدوا
فقر عينـاً فيـه واسعـد مثلمـا عادت جدود النـاس فيكم تسعد
فاسلـم ودم وطل وعـش منعماً بنعمـة الله الـتـي لاتنـفـد
قد زال أقصى السوء حين أرخوا ( قرة عيـن للـورى محمـد )

1197 هـ

ومنها الأديب الشاعر السيد جواد بن السيد محمد بن السيد أحمد زيني

تراث كربلاء 167

المذكور المولود سنة 1175 هـ والمتوفى بطاعون سنة 1247 هـ ويعرف بالسيد جواد السياه بوش (1) . ذكره السيد محسن الأمين فقال : الشاعر الأديب كان أخبارياً صلباً في مذهبه أخذ ذلك من أستاذه الميرزا محمد الأخباري وقد جفي من الفرقة الأصولية ، له كتاب بمنزلة المجموعة ، وكان هجاء ، وله قصيدة هجا بها أهل بغداد (2) » .
قال من قصيدة في الغزل وأولها :
سطـع الكأس حين وافى السقاة بمـدام لـم تتحـوهـا الحانات
طـاف فيهـا النديم يسعى ولبى للمحبيـن حيـث نحـن دعـاة
بمـجـالـي أسـراره آنسـونا نار موسـى وانسنـا الكلمـات
فاقتبسنـا نـوراً بذاك التجلـي هـو و الله للـحـقيـقـة ذات
عجز الواصفون عن كنه معناه فـأنـى تحيـط فيـه الصفات

وقال مادحاً والي بغداد داود باشا من قصيدة :
عشق السماح فليس قرة عينه إلا بقبضـة كفه المتزايـد
لاتنجلي عيناه في رأد الضحى إلا إذا اكتحلـت بغرة فرقد

ومن هذه الأسرة الخطيب الفاضل السيد عبد الرزاق (3) بن السيد كاظم بن السيد جعفر بن السيد حسين بن السيد أحمد بن السيد زين الدين الحسني المولود سنة 1310 هـ والمتوفى سنة 1373 هـ . ولايزال أفراد هذا البيت يقطنون كربلاء ومنهم في بغداد والنجف والكاظمية . وعميد هذه الأسرة في كربلاء السيد سعيد ابن أحمد زيني صاحب مكتبة السعادة .

(1) لفظة فارسية مركبة من كلمتين معناهما (اللباس الأسود ) وتطلق على من يرتدي هذا النوع .
(2) أعيان الشيعة / للسيد محسن الأمين ج 17 ص 183 .
(3) خطباء المنبر الحسيني / الشيخ حيدر صالح المرجاني ج 2 ص 162 .

السابق السابق الفهرس التالي التالي