تراث كربلاء 168

ال العلوي

من أسر الأدب والفضل التي تنتسب إلى السيد أحمد شاه جراغ بن الإمام موسى الكاظم عليه السلام ، قطنت كربلاء في أواخر القرن الثالث عشر الهجري ، واندمجت ضمن خدمة الروضتين . ومن رجالها : السيد حسين بن السيد محمد علي بن جواد بن مهدي بن هاشم الموسوي الشهير بالعلوي نسبة إلى الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ، المولود في كربلاء والمتوفى بها سنة 1364 هـ ، كان شاعراً مطبوعاً اشتهر بجميل الذكر وحسن المعاشرة ، جمع بين الموهبتين موهبة النظم في الفصحى والعامية وحلق في كليهما . وله قصائد كثيرة في المناسبات الإجتماعية والوطنية . حدثني بعض المعمرين أنه كان يعتمد في قرضه للشعر على السليقة والذوق الأدبي .
قال من قصيدة متحمساً لقضية فلسطين العربية :
ياعرب ليس الصبر يحمد من أمـة إن جـاوز الحد
أولستـم أنتـم أباة الضيم والـتـاريـخ يـشـهـد
أولستـم مـن شـاد قدماً للأبـا صـرحـاً مـمرد
أولستم غـوث الصـريخ وكهـف أمـن للمـشـرد
ولـكم تصـاغـر ذلـة يوم الكـريهـة كل أصيد
يـا أمـة العـرب التـي سمت الورى شرفاً وسؤدد
ردوا الحقـوق لأهـلـها اليوم بالسـيـف المجـرد
فالمـوت أحـلى مورداً ً للعرب من عـيش منكـد
الـداء زاد تـوجـعـاً وداؤه السـيـف المهـنـد
هـذي فلسطـيـن وذا جيش العدو بهـا تحـشـد
لم يـرع ذمة مسـلـم فيهـا ولا شـرفـاً لمعهـد
وبهـا اليهـود تـألبت والإنجلـيـز لهـا تعـهـد

تراث كربلاء 169

في القدس ينصب عرشها ظلماً وعنها العرب تطرد

وقال راثياً الحاج السيد مرتضى آل ضياء الدين سادن الروضة العباسية ومعزياً نجله السيد محمد حسن وأولها :
لحق إذا ناديت والدمـع سـائل أجبني أبا الزاكي فها أنا سائل
رحلت وخلفت القلوب بحسـرة تحن وفيهـا حزن فقدك نازل
فوالله ماعـودتنـا الهجر ساعة فإن الجفـا والهجر لاشك قاتل
حنانيك عطفـاً رحمـة بـأحبة تود وصالاً منـك هلا تواصل ؟
فيا راحلاً لوكنت تهوى منازلاً وحقك ذاكل القلـوب منـازل
لقد كنت نبراسأ لمشكـاة رشدنا إذا أظلم ليـل أو أثيرت قساطل
تسير بنانهج الصـواب وتغتدي إماماً لنا لم يثـن عزمك باطل
أباحسن خلدت ذكـراً وسؤدداً مدى الدهر بـاق ماله قط زائل

ومنها نجله السيد ابراهيم بن السيد حسين العلوي المولود في كربلاء سنة 1343 هـ / 1923 م المتوفى ببغداد ليلة الإثنين 10 ذي القعدة سنة 1381 هـ الموافق نيسان 1962 م كان شاعراً خفيف الروح وكاتباً مطبوعاً . قال مادحاً الإمام موسى الكاظم عليه السلام وأولها :
لله رزؤك فيه الدمـع ينسـكب فقد أصيبت بحامـي عـزها العرب
كنت الكفيل لها في كل معضلة تطيش من هـولهـا الأقـلام والكتب
ياابن الهداة الميامين الذين جلوا ظلم العصور بصبح الرشد مذ وجبوا
فما البليـغ وإن غـالى بمدحته ببالغ نعتهم يــومـاً إذا نـدبــوا

وقال راثياً وهو من أوائل نظمه :
أياعين سحي الدمع قد خانني دهري وياقلب ذب وجداً على من همو فخري
فخار الفتـى فـي جـده وإبـائـه وإلا فإن الـمـوت أولـى من العمـر

تراث كربلاء 170

فمن مات في شرع الابا قط لم يمت و من عاش في ذل فقد عاش في خسر
فلا غـرو لـو أجريت دمعي تلهفاً عليهم وأبدى الحزن مهما يطل عمري
أحباي عطفاً بالمسيـر ترفـقـوا فقلبـي وراء الـركب يقفو على الأثر
تحيرت لما سـرتمـوا بظعـونكم أودع قلبـي أم لـروحي أم صبـري
فوالله إن المـوت أهـون للفتـى إذا فارق الأحباب من حيث لايـدري

ومن هذه الاسرة الكريمة المرحوم السيد جواد الوكيل بن السيد كاظم بن السيد مهدي . ومنها السيد حسن السعدي والسيد محمود نظوة وآخرون غيرهم .

ال الهر

كانت من الاسر الأدبية المعروفة في كربلاء ، وهي فخذ من عشيرة ( الطهامزة ) (1) المتفرعة من قبيلة خفاجة . وان أول من رحل منها إلى كربلاء في أوائل القرن الثاني عشر الهجري واستوطنها هوالشيخ أحمد بن عيسى الهر الحائري ، وتخرج منها رعيل من أهل الفضل والأدب ، ساجلوا أدباء عصرهم وطارحوهم بأفانين الشعر ، وطوقوا أعناق الأعيان بغرر مدائحهم ومراثيهم . وقد توارثوا النبوغ والسبق في الأدب خلفاً عن سلف . أشتهر منهم :
1ـ الشيخ قاسم بن محمد علي بن أحمد بن عيسى الهر الحائري البصير أخيراً المولود سنة 1216 هـ والمتوفى سنة 1276 هـ .
قال الشيخ محمد السماوي :
وآل عيسى الهر والذي نبز قاسم إذ كان قصيراً مكتنز (2)

(1) تاريخ العراق بين احتلالين / عباس العزاوي ج 4 ص 92 ودائرة المعارف / الشيخ محمد حسين الأعلمي الحائري ج 30 ص 58 .
(2) مجالي اللطف بأرض الطف / للشيخ محمد السماوي ص 75 .
تراث كربلاء 171

كان شاعراً ، لبيباً ، حسن البديهة ، حاز على قسط وافر من الأدب ، اشترك في معظم الحلبات الأدبية التي كانت تعقد في بغداد ، وكان قادراً على الإرتجال . له مجموعة قصائد قالها في أغراض شتى دونت في المجاميع المخطوطة (1) توفى في كربلاء ودفن في صحن الحسين عليه السلام بالقرب من باب السدرة ، ومن شعره قوله رائياً الإمام الحسين بن علي عليه السلام :
لما دعـاهـم للقـتـال فـداؤه روحـي وقـل له عظيـم فداء
بالطف نجل محمـد ووصيـه وابن البتـول ووالـد النـجـباء
لم أنسـه لمـا رأى أصحـابه صرعى بلاغسل على الرمضاء
وبقى فريد العصـر فرداً بينهم إذ لانصيـر له علـى الأعـداء
فغدى إلى نحو الخيـام مودعاً حرم النبـي وجمــلة الأبنـاء
أسفي له نـادى لزينـب أخته ياأخـت قومـي قبل وشك فناء
قومي إلى التـوديع ياابنة حيدر لاتجـزعي من موضع الأرزاء
ولتشكري فيـه أخيـه وأحمد الرحمـن فـي السراء والضراء
وعليك بالصبر الجميل وبالتقى بعدي إذا جدلت فـي الغـبـراء
وبطاعة السجاد نجلـي انـه خلف لكم يـاعتـرتـي ونسائي

وقال مرتجلاً جواباً على قصيدة نعمان خير الدين الآلوسي الشهير بأبي الثناء الآلوسى وذلك في 10 شوال سنة 1270 هـ وأولها :
ما شمس كرم في كؤوس تدار كؤوسها اللجيـن وهي النضار
يطوف فيهـا أحـور جـؤذر في وجنتيه يـزهـر الجلنـار
ذو قامة كالغصن مهمـا انثنت كان لمن في الحب مات انتشار
وذو لحاظ كمـواضـي الضبا بها فؤادي قد غـدا مستـطـار

(1) شعراء كربلاء / للمؤلف ج 1 ص 92 .
تراث كربلاء 172

2ـ الشيخ محمد علي بن الشيخ قاسم بن محمد علي بن أحمد الحائري الشهير بالهر المولود سنة 1248 هـ والمتوفى سنة 1329 هـ كان من أهل الوعظ والإرشاد ، أديباً بارعاً تتلمذ على عمه الشيخ صادق ووالده الشيخ قاسم ، وأخذ الخطابة لنفسه وبدأ فيها في الروضة الحسينية ثم طلب إلى البصرة والمحمرة ، وكان ذا صوت جهوري أخاذ . له بضع قصائد في شتى الأغراص وبالاخص مدائحه للسادة آل الرشتي وآل كمونة . ومن جيد شعره قوله في هذه القصيدة التي رثى بها القتيلين السيد أحمد الرشتي والشيخ محمد فليح :
تعـس الـدهر ماله قد جـارا ولم أغتال من لـوي الفخارا
عثرت رجله بقطب ذوي المـ جد فياليـت لا أقيـل العثارا
ماله غـادر المكـارم تبكـي والمعالي فـؤادي مستطـارا
ويله خلف المفاخـر شعثــاً والرزايا دموعهـا تتجـارى
ألبس المكرمات أثواب حـزن زلزل الكون دكدك الأمصارا

إلى ان يصل قوله :
ذلك المجتبى محمد فعلاً من زكى محتداً وطـاب نجارا
قد رأى بعـد قتله عاراً فلهذا اختار الممـات اختيـارا
جاد في حبه بأنفس نفس ولقى مثله المواضـي حـوارا

وله راثياً الحاج مهدي كمونة المتوفى سنة 1272 هـ من قصيدة له :
الله أكبـر أي طـود قـد هوى لو طاولته الراسيات لطالها
إن أوحشت منه المجالس حق إذ قد كان بهجتها وكان جمالها
فكأنما الخضرا تزلـزل قطبها وكأنما الغبرا نسفن جبالـها
لولا التسلي بعده في ( محسن ) كذنا بأن نلقـى بها آجالهـا
فهو الذي بالجود قد فاق الورى وبه المعالـي ادركت آمالها

تراث كربلاء 173

3ـ الشيخ كاظم بن صادق بن محمد بن أحمد الحائري الشهير بالهر المولود في كربلاء سنة 1257 هـ والمتوفى بها سنة 1330 هـ . كان شاعراً مجيداً وهو أشهر شعراء هذا البيت ، وكان سريع البديهة ، أعجوبة في الظرافة والطفة ، سريع الإجابة ، حسن الروية ، له نظم رائق وشعر جزل ، درس الفقه وأصوله على أعلام عصره كالشيخ زين العابدين المازندراني والسيد محمد حسين المرعشي الشهرستاني والشيخ صادق بن الشيخ خلف . له ديوان شعر مخطوط حوى مجموعة قصائد في شتى الإغراض ، وله في آل البيت عليهم السلام مدائح كثيرة . اسمعه في هذه القصيدة التي استهلها بالغزل :
غيـداء من بيض الملاح رداح ألوت عنـان القلب فهو جماح
كم ذا اكتم صبـوتي فيهـا وذا دمعي السفوح لصبوتي فضاح
مهما تنسمـت الصبا سحراً فلي قلب كخفـاق النسيـم متـاح
بالله ياقلبـي المتيـم بالضنـى كم فيك مـن ألم الغرام جراح
طعنتك من هيف القدود رماح وبرتك من نجل العيون صفاح
وسبتك من خود الغواني غادة فيها دمـاء العاشقيـن تـباح

وقال راثياً السيد أحمد الرشتي المقتول سنة 1295 هـ من قصيدة طويلة أولها :
إذا لم أمت حزناً لشمس سمـا الفخر فوا العصر اني ماحييت لفي خسر
وفي العيد إن فاضت سحائب مقلتي فها هي لم تبرح مدامعهـا تجري
وكيف هـلال العيـد يبزغ بعـدما توارى هلال المجد في ظلمة القبر
وتسعـد أيـامي وقـد راح أحمـد شهيداً علـى حـد المهنـدة البتر
أبو قاسـم من شـاد ركـن فخارها وداس بنعليه على هامـة النسـر

توفي بكربلاء سنة 1330 هـ ودفن في الحجرة الأخيرة من الشرف الشمالي للروضة العباسية ، ورثاه جملة من شعراء عصره وبالأخص تلميذه الشاعر الكبير الشيخ محمد حسن أبو المحاسن ومطلع قصيدته :

تراث كربلاء 174

لم يبق لي صبر ولا سلوان غاض السلو وفاضت الأجفان

4ـ الشيخ جعفر بن الشيخ صادق بن محمد علي بن أحمد الحائري الشهير بالهر المولود في كربلاء سنة 1267 هـ والمتوفى بها سنة 1347 هـ درس مبادئ العربية على أخيه الشاعر الشيخ كاظم ودرس المعاني والبيان والمنطق على أعلام كربلاء كالشيخ زين العابدين المازندراني والشيخ حسين الأردكاني والسيد مرزا محمد حسين المرعشي الشهرستاني . كان فاضلاً أديباً شديد الورع ، له ديوان شعر مخطوط يحوي قصائد في أغراض شتى منها مديحه ورثاؤه لآل البيت عليهم السلام ومدائحه ورثاؤه لآل كمونة وآل الرشتي .
قال راثياً شهيد كربلاء علي الأكبر بن الإمام الحسين عليه السلام وهي من قصائده المشهورة :
بقلبـي أو قـدت ذات الوقود رزايا الطف لاذات النهود
شباب بالطفوف قضى شهيداً يشيب لرزئه رأس الوليـد
شبيه محمد خلقـاً وخلـقـاً وفي مشي وفي لفتات جيد
وفي نطق لسان الوحي منه يرتلـه بقـرآن مجـيـد
وفي رجه يفوق البدر نوراً وفـي سيمائه أثر السجود

إلى أن يقول :
فما أدري أهنـي أم أعزي علي المرتضى بابن الشهيد
فطوراً ياعلـي أهنـي فيه وأنظم مدحه نظـم العقـود
علي بالطفوف أقـام حرباً كحربك ياعلي مـع اليهـود
وصير كربلا بـدراً وأحداً ونادى ياحروب الجد عودي
وقاتل بكرهم كقتال عمرو وغادر جسمه نهـب الحديد
وطوراً ياعلي أعـزي فيه وتبكي العين للعقـد الفـريد


تراث كربلاء 175

أقول لها وقد ملأت دموعاً ألا يا مقلتي هل مـن مزيـد ؟
شباب مارأى عرساً ولكـن تخضـب كفـه بـدم الوريد
وعانق قـده سيـف المنايا وضمـت كتفـه ذات الزرود
ولم أنس النساء غداة فرت إلى نعـش الشهيـد بن الشهيد
فقل ببنات نعـش قد أفاقت مناح جـوى على بدر السعود
تقبل هـذه وتشـم هـذي خضيب الكـف أو ورد الخدود
إذا أم تنوح تـقول أخـت : ( أعيدي النـوح معولة أعيدي
فهن على البكا متساعدات الا فاعجب لـذي ثكل سعيـد

وقال راثياً السيد أحمد الرشتي المقتول سنة 1295 هـ وأولها :
مالي أرى ربع المعـالي مقفراً وأولي الحجى كل تراه محسرا
يارزءه ماكـان أعظـم خطبه لن يستطيـع له الفؤاد تصبرا
من مبلغ العليـاء ان عمـادها نشبت به ريب الحوادث أظفرا
أودى به شرك الـردى ولطالما قد حط من عليا نزار المفخرا
من لليتيم وللأسيـر وللـدخيل وللذليـل وللنزيـل وللقـرى ؟
أفهل ترى من راحم مـن بعده من بعده من أرحم أفهل ترى ؟

توفي في كربلاء سنة 1347 هـ ودفن في الرواق الحسيني قرب صندوق صاحب الرياض .
5ـ الشيخ جواد بن الشاعر الشيخ كاظم بن صادق بن محمد علي بن أحمد الحائري الشهير بالهر المولود في كربلاء سنة 1297 هـ والمتوفى بها يوم 10 محرم سنة 1347 هـ . كان من أهل الفضل والأدب ، وتتلمذ على والده ودرس على حملة العلم من معاصريه في مدرسة حسن خان الدينية . نظم في كافة الفنون الشعرية ، وكان يكني نفسه بشاعر آل كمونة (1) . شعره تقليدي حافل بالصور الكلاسيكية

(1) شعراء كربلاء أو الحائريات / علي الخاقاني ( مخطوط ).
تراث كربلاء 176

وجامع الظرافة . وفي هذه القطعة الوجدانية الرقيقة يقول :
نعم زارنـي طيـف الخيـال طروقا فنبه للـوجـد القـديـم مشـوقا
وذكـرنـي أيـام جـزوى ورامـة سقتها الغوادي المعصرات غدوقا
بوادي الصفا منها إلى العيش قد صفا وعشت بها عيش الخليـع رقيـقا
رعـى الله فـي آرام رامـة أهيفـا رعى لي على رغم الرقيب حقوقا
أمص رضـاب الثغـر منه رحيقـا و اطفي من القلـب القريح حريقا
خدود بهـا روض المحاسن قـد زها و أينع من باهـي الـورود شقيقا
وإن أسلو لا أسلـو لييـلات حـاجر ولسـت أري لـي للسلـو طريقا
تخلصت مـن أسـر الغـرام طريقا و قد عاد غصني بالسرور وريقا

وقال مادحاً الشيخ محمد علي بن محسن آل كمونة من قصيدة أولها :
باللقا قلبـي وصدري انشرحا حين دهري بالتدانـي سمحا
ماصحا صبـاً مشوقاً بالنوى بالنوى صباً مشوقـاً ماصحا
عجبـاً يامهجتـي مـن شيق ( شرب الدمع وعاف القدحا)
لاتسل عما جرى كيف جرى كل من رام الغواني افتضحا
حسـب الدنيـا لـه دائـمة والذي عنا مضى لن يصيحا
نائم قـد هـب مـن نـومته فزعاً يصغي إلى من نصحا

6ـ الشيخ موسى بن الشاعر الشيخ جعفر بن صادق بن محمد بن علي بن أحمد الحائري الشهير بالهر المتوفى سنة 1369 هـ ، أحد شعراء الأسرة وأفاضلها أخذ من أبيه بعضَ المبادئ الأولية وتخرج على أساتذة فضلاء . رأيته رجلاً صالحاً ، حسن الأخلاق ، طيب المعاشرة ، له بضع قصائد دينية وتقاريض لبعض الكتب التي كانت تهدى اليه ، غير أن شعره تقليدي ينحى منحى الأقدمين . توفي يوم 18 ذي الحجة سنة 1369 هـ ودفن في مقبرة قرب داره .
قال من قصيدة عنوانها ( في البقيع ) :

تراث كربلاء 177

مصاب دهى الإسلام والشرعة الغرا فأمست بـرغم الدين أعينها عبرى
مصاب له شمس العلـوم تكـورت وأنجم سعـد الـدين قد نثرت نثرا
مصاب له عيـن النبـي بكـت دماً وحيـدرة والطهـر فاطمة الزهرا
وقامت أصول الديـن تنعي فروعه بحادثـة فقمـاء زلـزلت الغبـرا
فأضحت عيون الرشد تهمـل بالدما وأصبـح وجـه الغي مبتسماً ثغرا
فهل نابهـا من فـادح الدهـر فادح أسال عقيق الدمع من مضر الحمرا
وعـادت لنـا الأيـام يـوم مـذلة به أصبح الإسلام منقصـماً ظهرا

ال الوهاب

يتفرع هذا البيت من سلالة آل السيد يوسف (1) الموسويين المعروفين اليوم بآل الوهاب وآل الجلوخان بنو عم السادة آل زحيك . استوطن كربلاء في مطلع القرن الخامس الهجري . وقد سمي بآل الوهاب تيمناً منهم بتخليد السيد محمد موسى (سادن الروضة الحسينية) ابن محمد علي بن محمد بن حسين بن موسى بن أحمد بن محمد بن فخر الدين بن بدر الدين بن ناصر الدين هو وأخوه السيد حسن اللذان استشهدا في حادثة الوهابيين يوم 18 ذي الحجة سنة 1216 هـ وهم غير آل وهاب من آل طعمة علم الدين من آل فائز المار ذكرهم . ومن أشهر أعلام هذا البيت :
1ـ السيد عبد الوهاب بن السيد علي بن سليمان آل الوهاب المتوفى بالوباء سنة 1322 هـ (2) كان علي جانب عظيم من الفضل والورع والتقى ، يزخر شعره

(1) راجع سلسة نسبهم مجلة ( المرشد ) البغدادية ج 1 المجلد الأول ( صفر 1345 هـ ، ايلول 1926 م ) .
(2) حدث في شهر رمضان من هذه السنة الوباء المسمى ( أبو زوعة ) وقد استفحل أمره فأصيب العدد الكبير من ابناء البلد ، وكان عدد الوفيات بموجب الإحصائية التي اجراها المرزا محمد باقر وكيل الراجة 600 شخص يومياً .
تراث كربلاء 178

بحرارة العاطفة وعمق الشعور وصدق التجربة .
ومن شعره قوله في رثاء الإمام الحسين عليه السلام :
ذكـرت السيـوف الغر من آل هاشم غدت بسيوف الهنـد وهي تثلـم
وتلك الوجـوه الغـر بالطف أصبحت يحطمها شـوك الوشيـج المثلـم
تساقوا كؤوس الموت حتى انثنوا وهم نشاوى علـى وجه البسيطـة نوم
قضوا فقضوا حـق المعالـي أماجداً بيوم به الاسـد الضراغـم تحجم
ولم يبق إلا السبط في الجمـع مفرداً ولا ناصر الا حـسـام ولـهـذم
وعـزم إذا ما صـب فـوق يلملـم لخـر إذا أو هـد منـه يلمـلـم
لئـن عـاد فردا بين جيش عرمرم ففي كل عضو منه جيش عرمرم
كأن لديه الحـرب إذ شـب نارها حدائـق جنـات وأنهـارهـا دم
كأن المواضي بالدمـاء خـواضباً لديـه أقـاح بالنقيـق مكـمـم
كأن لديه السمهريـات فـي الوغى نشاوى غصـون هـزهن التنسم
سطى فسقى العضب المهند من دم وأحشاه من فرط الغمـى تتضرم

وقال متغزلاً :
حملوني مالم أطق من هواهم ما كفاهم مالم أطق حملوني
كلفوني كتم الهوى ولعمـري لعظيـم علـي ما كلفـوني

أرداه سلطان الموت نتيجة تسرب مرض الوباء الذي استفحل داؤه آنذاك وتوفي بمقاطعة ـ الفراشية ـ وهي ضيعة قريبة من كربلاء تعود ملكيتها للسادة آل الوهاب ، وهو لم يبلغ العقد الثالث من عمره ، ففاضت روحه في رمضان سنة 1332 هـ ونقل رفاته إلى الروضة الحسينية ودفن بالقرب من مرقد صاحب الرياض .
2ـ السيد مرتضى بن السيد محمد بن السيد حسين ( سادن الروضة العباسية 1251 هـ ـ 1256 هـ ) ابن السيد حسن الشهيد في واقعة الوهابيين ابن السيد

تراث كربلاء 179

محمد علي آل السيد يوسف الموسوي المولود في كربلاء سنة 1326 هـ / 1916 م كان شاعراً مفلقاً من شعراء هذه الاسرة الكريمة ممن له باع طويل في معرفة تاريخ الأحداث شعراً ، وله قصائد ومقطوعات وتقاريض وتخاميس وتشاطير كثيرة في غاية الجودة والإبداع . ومن شعره قوله راثياً الإمام الحسين ابن علي عليه السلام :
وقائـد سجـل التـاريـخ وقفـتـه وكان فـي رحله المحفوظ نسوان
وأهل بيـت كـرام مالـهـم شـبـه في الحرب يتبعهم صحب وأعوان
سبعون شهـمـاً كـريماً لا يضام إذا سيم الهـوان ، وأطفال ورضعان
ضحى بهم إذ تحدى ـ وهو يقدمهم ـ سبعين الفاً وما أثنتـه فـرسـان
هو ( الحسين ) قضى حرالضمير ولم يتبع يزيـد ولـم يرهبـه سلطان

ومن شعره الوطني قوله في هذه القصيدة التي يلتفت فيها إلى مأساة فلسطين الدامية ، وفي نفسه ثورة عربية عارمة :
أمسى بنـو صهيـون في حقلنا جـراد بر يقضم السنبلا
حوقلـة الحيـاء أودت بـهـا وأجلـت اليافع والحوقلا
هذي جموع العرب مطـرودة عن أرضها هائمة بالفلا
تـاركـة جنـات عـدن بها تؤتي جناها القلب الحولا
وانتشـرت تحـصد خيراتها أيدي ذئاب تحمل المنجلا
أنحـت علـى كـل كيان بها وأعملت في هدمه المعولا
علت بغاث الطيـر في جوها طريـدة تطـارد الأجدلا
ان اختلاف الـرأي في أمرها أطمع فيها الصاغر الزملا
لايـرتـضى إلا أخـو همة لكل صعب في الدنـا ذللا
من بات جنب البحر في مده فحقه المهضـوم لايجتـلى

وله من قصيدة عنوانها ( مصرع زنبقة ) وهي في الوصف :

تراث كربلاء 180

ومفتتـن باقتطـاف الزهور وشم الرياحين وقت السحر
تخطى فجاس خلال الرياض وقد بلل الزهر دمع المطر
فلاحت له بين تلك الـزهور زنبقـة تتحـدى القـمـر
تعشق فيها عروس الرياض وراح يصوب فيها البصر
تدله من سحـر إغفـائـها ومن خمر ريا شذاها سكر
فمـد اليهـا يـد الآثميـن مقتطفـاً يـالإثم البشـر
قرفت بكفيه ـ مقطـوعةـ وقد ذبلت بعـدها بالأثـر
فساق اليهـا نـداء الضمير من اللوم مما بـه معتـبر

توفي يوم 2 رجب سنة 1393 هـ المصادف 2/ 8 / 1973 م ودفن في مقبرة السادة آل خير الدين بالروضة العباسية بكربلاء .

تراث كربلاء 181

بعض العشائر والأسر

قطنت كربلاء قبيلتان علويتان هما (آل فائز وآل زحيك ) وكلاهما من ذرية الإمام موسى الكاظم عليه السلام . فآل ابراهيم المجاب هم أول من أستوطنوا الحائر الحسيني ولم يتقدم عليهم أحد في المجاورة من العلويين ـ كما مر بنا في ترجمة السيد ابراهيم المجاب ـ ومن أولاد محمد الحائري ابن ابراهيم المجاب في كربلاء (آل فائز) . وأبو الفائز هو محمد بن محمد بن علي بن أبي جعفر محمد الحبر بن على المجدور بن أحمد بن محمد الحائري بن ابراهيم المجاب . قال العلامة الشيخ محمد السماوي :
لم يك رهـط مثل آل الفـائـز بنائـل نقـابـة أو حائـز
فقد مضـت في كربلاء قرون منهم نقيب كـربلا يكـون
مثل أبـي الفـائز أو محـمد أو طعمة الأول مقول الندي
أو شرف الدين الفتى أو طعمة الثاني أو خليفـة بن نعمـة (1)


ال نصر الله :

طائفة كبيرة من أعيان وسادات البلد ، تفرعت من قبيلة (آل فائز) العلوية ، ولها حق الاشراف على شؤون الحرم . وهي من سلالة السيد جميل ابن السيد علم الدين ابن السيد طعمة ( الثاني ) ابن السيد طعمة

(1) مجالي اللطف بأرض الطف / الشيخ محمد السماوي ص 72 .
تراث كربلاء 182

كمال الدين ( الأول ) نقيب الأشراف ابن أبي جعفر أحمد ( أبو طراس ) ابن ضياء الدين يحيى بن أبي جعفر محمد ابن السيد أحمد ( الناظر لرأس العين المدفون في شفاتة ) ابن أبي الفائز محمد الموسوي الحائري .
ومن رجال هذه السلالة العريقة :
السيد جواد بن السيد كاظم بن نصرالله بن ناصر بن يونس بن جميل بن علم الدين بن طعمة ( الثاني ) وهو جد السادة آل الطويل من آل نصرالله ، تولى سدانة الروضة الحسينية سنة 1217 هـ . ومنها أيضاً المرحوم السيد علي بن السيد أحمد بن نصرالله بن موسى بن ابراهيم بن نصر الله بن ناصر الدين بن يونس بن جميل المذكور المتوفى سنة 1329 هـ كان سيداً جليلاً رفيع القدر والجاه ، ذا همة عالية ، وهو زعيم هذه الأسرة في عصره . رثاه الشاعر الشيخ محمد حسن أبو المحاسن الكربلائي بقصيدة عصماء مطلعها :
أأبكيك أم أبكي الندى والمعاليا وأرثيك أم أرثي جميل اصطباريا

وهو والد السادة : ناصر وعبود وتوفيق .
ومنها أيضاً : السيد محمد أو حمود بن السيد سلطان نصر الله الذي كان رئيساً للتجار المتوفى يوم 19 رجب سنة 1319 هـ وأعقب ولديه المرحوم السيد حسن والمرحوم السيد حسين . ومن هذه الأسرة اليوم السيد هاشم ابن السيد حسن ابن السيد محمد المذكور الذي تولى رئاسة غرفة تجارة كربلاء . ومنها السيد علي (1) ابن السيد عبود ابن السيد علي الأحمد آل نصرالله . ومن الموقوفات العائدة للسادة آل نصر الله في كربلاء ( بساتين يونس ) وقد أطلعت على بعض الوقفيات الخاصة بها ، منها : الوقفية المشتركة بين السيد جواد وأولاد

(1) أطلعني فضيلة السيد علي السيد عبود نصرالله على نسخة خطية من ديوان الشاعر السيد نصرالله بن الحسين الفائزي الحائري المقتول سنة 1168 هـ ، وفيها إضافات لم تدون في النسخة المطبوعة سنة 1373 هـ / 1954 م .

السابق السابق الفهرس التالي التالي