معجم أنصار الحسين  (الهاشميون)(الجزء الثالث)

اسم الکتاب : معجم أنصار الحسين (الهاشميون)(الجزء الثالث)

المؤلف : محمد صادق محمد (الكرباسي)
المطبعة : المركز الحسيني للدراسات لندن – المملكة المتحدة

 

 

 

 

 

القاسم بن العباس الهاشمي

ق40- 61هـ = 660- 680م

هو: القاسم بن العباس بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي.

أمه: أم ولد(۱).

من أقدم النصوص التي ذكرته في جملة المستشهدين في كربلاء هو الإسفراييني المتوفى سنة 316هـ، حيث ذكر أن القاسم بن العباس وأخاه عندما سمعا استغاثة الإمام الحسين «عليه السلام» خرجا من الخيمة لنصرته وهذا نصه: «فخرج عليه - أي على الحسين - من الخيمة غلامان كأنهما الأقمار، أحدهما ابن العباس والثاني أخوه القاسم، وهما يقولان: لبيك يا مولانا، ها نحن بين يديك.

فقال: كفاكما قتل والدكما.

فقالا: لا والله يا عمنا بل أنفسنا لك الفداء، إذن لنا بالبراز.

فقال لهما: عند الصباح.

وكان الليل قد أقبل فباتوا وهم مشتغلون بالتهليل والتكبير، ومستغيثون بالله الملك القدير، ولما أصبح الله بالصباح، وأضاء بنوره ولاح ركب القوم وزحفوا على الحسين فقام ولد العباس، وقال ائذن لي يا عماه بالبراز.

 

_________

(1) هامش مقتل الحسين لبحر العلوم: 316 عن نور العين في مشهد الحسين للإسفراييني، إلا أننا لم نعثر على ذكر لأمه هناك.

(33)

فقال له: ابرز بارك الله فيك، فجعل يقول:

أقسمت لو كنتم لنا أعـــــــــدادا

ومثلكم وكنتم فــــــــــــــــرادى

يا شر جيل سكنوا البــــــــــلادا

وشر قوم أظهروا الفســــــــــادا

تركتكم وجمعكم ثـــــــــــــــمادا

أرمي الرؤوس بعد والأجسادا (1)

 ثم إنه حمل على القوم ولم يزل يقاتل حتى قتل منهم مائتين وخمسين فارسا. قال مسلم الخولاني(2) کان بجانبي رجل عظيم الخلقة، فقال: والله لأقتلن هذا الغلام، فإني أراه شجاعاً.

فقلت له: ألم تعلم قرابته من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

فلم يلتفت إلي، وحمل على الغلام وهو مشغول بوهم الحرب فضربه ضربة عظيمة جندله يخور في دمه، فصاح: يا عماه أدركني، فحمل الحسين و فرقهم عنه، وأتي عنده فوجده يضرب الأرض برجليه حتى مات رحمة الله عليه، فبكى الحسين، وقال: يعز على عمك يابن أخي تستجير به فلا يجيرك، ثم حمله ووضعه بين القتلى.

فلما نظره(۳) القاسم، قال: يعز علي فراقك، ثم برز وقال: لا حياة لي بعده ، وكان له من العمر تسع عشرة سنة وأنشد يقول - من الوافر -:

إليكم من بني المختار ضرباً      يشيب لهوله الطفل الرضيع

ألا يا معشر الكفار جمــــعاً       هتموا دونكم ضرب فظيع(4)

ثم حمل على القوم ولم يزل يقاتل فيهم حتى قتل منهم

____________

(1) راجع ديوان القرن الأول: 1/126.

(2) مسلم الخولاني: من المقاتلين في المعسكر الأموي راجع ترجمته في معجم من قاتل الحسين من هذه الموسوعة.

(3) كذا في المصدر: أي نظر إليه القاسم.

(4) راجع ديوان القرن الأول: 2/36.

(34)

ثمانمائة(1)، ثم رجع إلى الحسين وقد غارت عيناه من العطش وهو ينادي أدركني بشربة ماء أتقوى بها على عدوي. فقال «عليه السلام»: إصبر قليلاً حتى تلقى جدك المصطفى يسقيك بكأسه الأوفي شربة لا تظمأ بعدها أبداً فرجع وقاتل حتى قتل منهم عشرين فارساً، ثم استشهد رحمه الله ..»(۲).

وسيأتي في ترجمة محمد بن العباس بأن المقصود بأخي القاسم بن العباس هو محمد بن العباس حيث صرح آخرون باسمه ومشاركته القتال واستشهاده.

ولقد كني العباس ابن أمير المؤمنين «عليه السلام» باسم ابنه القاسم هذا حيث نقرأ في الزيارة التي أنشأها جابر بن عبد الله الأنصاري عندما وقف على مرقد العباس بن علي «عليه السلام» يوم الأربعين قائلاً: «السلام عليك يا أبا القاسم، السلام عليك يا عباس بن علي، السلام عليك يابن أمير المؤمنين ..»(۳) مما بدلنا، أولاً على وجوده، وربما كان نجله الأكبر، وهذا ما سنحدده إن شاء الله حسب المعطيات التي لدينا.

وينقل المظفر(4) من مصدرين آخرين بأن القاسم بن العباس وأخاه محمد حضرا کربلاء واستشهدا، وترجم نصهما الفارسي إلى العربية فكان كالتالي: «إن العباس «عليه السلام» لما ضرب بالعمود وسقط على المسناة، مشی إليه الإمام الحسين «عليه السلام» ورآه بتلك الحالة، ثم إنه لما رجع من عنده جعل ينادي واغوثاه بك يا الله واقلة ناصراه، فخرج من الخيمة محمد بن العباس، والقاسم بن العباس، ينادیان لبيك يا مولانا نحن بين يديك، وأجابهما الحسين «عليه السلام» بشهادة أبيكما الكفاية، فقالا: «لا والله يا عماه وبعد وداع عمهما خرجا إلى الميدان».

______________

(1) إن الرقم فيه شيء من المبالغة ولعله كان ثمانية أو استخدم للمبالغة وأراد جماعة كبيرة، والله العالم، وفي هذا الكتاب بالذات استخدمت الأرقام بشكل عالٍ.

(2) نور العين في مشهد الحسين: 270.

(3) عمدة الزائر: 161.

(4) المظفر: هو عبد الواحد بن أحمد بن حسن النجفي (1310- 1395هـ)، عالم وأديب ومؤرخ، ولد في النجف ونشأ فيها، ودرس على أعلام عصره، من آثاره: البطل الأسدي حبيب، السياسة العلوية، ومستدرك مقاتل الطالبيين.

(35)

ثم ذكرا - أي المصدران - بأنهما قتلا عدداً كثيراً من الأعداء وثلما من جيش أهل الكوفة ثلمة كبيرة»(1).

ويرد على نص الذي أورده الإسفرايني جملة من الأمور:

۱- إنه ذكر بأن أباه العباس قتل يوم التاسع، وهذا سبق وتحدثنا عنه وتوصلنا إلى أن المستشهد يوم التاسع هو العباس الأصغر، وربما كان من الخلط.

۲- إنه ذكر في عدد القتلى على يديه وأخيه عدداً كبيراً تجاوز الألف مما يقلل من وثاقة النص، وربما يقال: إنه استخدم الأرقام هذه من باب المبالغة وإنما قصد بأنهما قتلا جماعة كبيرة، ولكن المفردات المستخدمة ليست من التي تستخدم للمبالغة كالألف والمائة، والسبعين وأمثالها.

۳- إن البيتين اللذين نسبهما إلى القاسم، مناقضان لما نسبه الدربندي - ولكن بتغيير بسيط(2) - إلى موسى بن عقيل، وربما قيل بأن أحدهم أخذ من الآخر، كما لا ضير في مثل هذا الخلط في الشعر بعدما وقع في غيرهما من إثبات أصل الموضوع وهو وجوده واستشهاده.

4- إن هذه العبارات التي صدرت من القاسم أو من الإمام الحسين «عليه السلام» عند مقتل القاسم تشبه إلى حد كبير بما صدر عن القاسم بن الحسن «عليه السلام» أو عن الإمام الحسين «عليه السلام» في حق القاسم وعند مقتله، وربما يقال: إن احتمال التكرار بصيغ مختلفة وارد باعتبار أن جميعهم من أهل بيت واحد، والموقف واحد.

وعلى أي حال فلا مجال للرفض بتاتاً بعدما وجدت بعد المؤيدات، وربما النقاش يقع في بعض الخصوصيات كما في غيره، وأما احتمال أنه متحد مع أحد القواسم الذين ذكرهم ابن شهرآشوب ابن علي أو ابن الحسن أو ابن الحسين فليس بوارد.

 

______________

(1) راجع بطل العلقمي: 3/433 عن الكبريت الأحمر للقائني، وكتاب مطلوب كل طالب.

(2) أسرار الشهادة: 2/237.

(36)

 

هذا وربما فهم البعض من أن القاسم ومحمد أشقاء إلا أنه لا دليل على ذلك.

وأما عن عمر القاسم فليس في اليد ما يحدد عمره ولو على الشكل التقريبي إلا أمرين، الأول: تكنية جابر بن عبد الله الأنصاري القريب من أهل البيت «عليه السلام» لأبيه العباس بأبي القاسم، والثاني: مبارزته في الطف وشجاعته.

أما الأول: فإن تكنية العباس من قبل جابر الأنصاري له دلالته حيث لا يکنى الرجل إلا بأكبر أبنائه عادة ، والعباس لم يكن يعرف آنذاك بهذه الكنى التي عرفت فيما بعد، وفي هذا المجال يقول المظفر: للعباس أربع کنی اثنتان عرف بهما قديماً، واثنتان عرف بهما حديثاً عرفته بهما العوام(1)، فالقديمتان هما: أبو القاسم وأبو الفضل، كني بابنيه القاسم والفضل، وهذه الأخيرة هي المشهورة حتى لا يكاد يعرف غيرها، فقيل إنه کنی بولده الفضل، وقيل إن كل من سمى بعباس من بني هاشم کني بأبي الفضل، كما في العباس بن عبد المطلب، والعباس بن ربيعة بن الحارث ابن عبد المطلب وغيرهما(2). وبما أن الأول لا خلاف في دلالته وفي سبب التكنية، وقد استخدمها جابر الأنصاري منذ ذلك التاريخ مما يدل على أنه كان معروف بها دون غيره، بينما التكنية بأبي الفضل لم تؤرخ في البداية، فإنه ربما أوصلتنا هذه المعطيات إلى أن القاسم هو أكبر أبناء العباس، وربما كان الفضل ثاني أبنائه، وأول أبناء لبابة بنت عبيد الله بن العباس، وقد سبق وأحصينا أولاد العباس في ترجمة أخيه عبيد الله بن العباس، فكانوا كأقصى سقف ستة أبناء واثنتين من البنات، وهم: عبید الله، والفضل، ومحمد، والقاسم، والحسن، وعبد الله، وقد سبق وذكرنا أن عبيد الله ولد عام 50هـ، حيث صرح أرباب المقاتل أنه كان صغيراً حين معركة الطف، كما ذكروا بأن عبد الله كان طفلاً أيضاً حین معركة الطف فأسر وأخذ مع السبايا(۳)، وقد سبق وقلنا إنه ولد عام 46هـ، وأما الفضل

_______
(1) وهما: أبو فاضل وابن البدوية.

(2) بطل العلقمي: 2/8.

(3) بطل العلقمي: 3/429 عن رياض الجنان: 368.

(37)

فبما أنه شقيق عبيد الله، وأنه كان أكبر من عبيد الله بل بكر أبناء لبابة التي سبق وقلنا إنها تزوجت من العباس في حدود عام ۱۷هـ، فلا بد أن تكون ولادته بعد عام 46هـ وأقربها عام 47 أو 48هـ، وهناك من يقول بأن الفضل مات صغيراً(1).

وأما الحسن بن العباس، فليس لدينا عنه شيء يذكر إلا كون أمه أم ولد(2)، وقيل إنه شقيق للفضل وعبيد الله كما سبق وأشرنا إلى ذلك في ترجمة عبید الله، وقد أضاف الفتوني: إن له عقب(۳)، مما يدل على أنه كان حياً بعد شهادة أبيه العباس، ولكن يظهر من رواية أبي نصر البخاري(4) وغيره أن العباس قدم إخوته حتى قتلوا فورثهم العباس، ثم قتل العباس فورثهم جميعا ابنه عبيد الله بن العباس(5)، ويؤيد هذا ما جاء بأن أم البنين كانت تخرج إلى البقيع كل يوم ترثي العباس وإخوته وتحمل ولده عبيد الله فيجتمع لسماع رثائها أهل المدينة(6)، ولكن هذا لا يدل على أن العباس لم يكن له ولد غيره، وربما دل على أنه لم يكن له ولد غيره من نسل أم البنين.

وأما بالنسبة إلى مبارزة القاسم بن العباس وكذلك أخوه محمد في ساحة الحرب بالطف وشجاعتهما فإنها تدل على أنهما كانا من الأبطال الشجعان والذي لا يتحقق بمثل ما وصفا إلا من كان في نهاية العقد الثاني أو ما بعده.

ومن كل هذه المعطيات مع الأخذ بعين الاعتبار أن العباس ولد عام ۱۸هـ على المختار فإن مرحلة البلوغ عنده لا بد وأن تكون عام 34هـ،

__________

(1) وسيلة الدارين: 278.

(2) هامش مقتل الحسين لبحر العلوم: 316 عن حديقة النسب للفتوني.

(3) العباس للمقرم: 353.

(4) أبو نصر البخاري: هو سهل بن عبد الله بن داود المهري (349- بعد 431هـ)، جاب كثيراً من البلدان وقدم بغداد وأخذ من علمائها وحدث بها وراسل جماعة من علماء الأنساب، عرف بكتابه سر السلسلة العلوية.

(5) سر السلسلة العلوية: 89.

(6) إبصار العين: 31.

(38)

فلربما تسرى بعض الجواري بعيد هذا التاريخ وأنجبت له القاسم ثم محمداً، أو أنجبتهما اثنان منهن لتكون ولادة القاسم قبل محمد، وأما على القول الآخر الذي ذهب إلى أن العباس ولد عام ۲6هـ، فإن السن التي تؤهله للزواج ستكون عام 4۲هـ، فإذا تسرى في ذلك التاريخ ورزق ابنین منها أو من اثنين من الجواري بعد سنة من تاريخ التسري، أمكن القول بأن ولادة القاسم وقعت ما بين عام 35هـ وعام 43هـ، وولادة محمد وقعت ما بين 36هـ وعام 44هـ، وذلك لأن القاسم أكبر من محمد، فعليه فإن القاسم لا يقل عمره يوم الطف عن سبع عشرة سنة، ولا يزيد على خمس وعشرين سنة، وحسب ما قدمناه وما اخترناه من ولادة العباس «عليه السلام» فالظاهر أن الولادة تمت في تاريخ متقدم قبل عام 40هـ.

وأما عن عقبه فلا شك أنه لم يعقب، ولكن هل تزوج أم لا، فهذا ما لم نعرفه.

 

(39)

 

78

القاسم بن عبد الله الهاشمي

نحو 50- ب61هـ = 670- 680م

هو: القاسم بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي.

عده القاضي أبو حنيفة النعمان(۱) من جملة الأسرى الذين نجوا من القتل في معركة الطف(2)، ولعل القرشي نقل ذلك عنه(۳).

وابن فندق رغم أنه أحصى عدداً كبيراً من أبناء عبد الله بن جعفر الطيار لم يذكر قاسم من بينهم، وقد سبق وأحصينا أبناء عبد الله بن جعفر فكانوا ستة وعشرين ذكراً وذلك في ترجمة عبيد الله بن عبد الله بن جعفر.

أمه: أم ولد، ولا عقب له، كما سبق وأشرنا إلى ذلك، وبناء عليه فالذي يحيرنا سبب حضوره کربلاء أولاً، وعدم استشهاده ثانياً، وربما لو أفصح عن السبب الثاني لأزال الغموض عن الأول، ويعود سبب الاستغراب والحيرة إلى أن عبد الله بن جعفر لم يحضر کربلاء، ليقال بأنه


__________
(1) القاضي أبو حنيفة النعمان: هو النعمان بن محمد بن منصور التميمي المغربي (359- 363هـ) ولد في المغرب وتوفي في القاهرة، كان مالكياً وتحول اثني عشرياً، وتعاون مع الفاطميين فولوه القضاء حيث كان من العلماء الفقهاء، من آثاره: أساس التأويل، شرح الأخبار، وكتاب المجالس والمسامرات.

(2) شرح الأخبار: 3/197.

(3) حياة الإمام الحسين للقرشي: 3/314.

(4) راجع لباب الأنساب: 1/367.

(40)

اصطحب معه ابنه لأن أمه رافقت مولاها، وربما كان السبب من وراء عدم مقتله ثم أسره أنه كان صغيراً، إذ لا يعقل أن يكون كبيراً ولم يشارك في الدفاع عن الإمام الحسين «عليه السلام»، وإذا شارك لم لا ذكر له ضمن المشاركين والمقاتلين، فالوجه الأقرب على فرض قبول وجوده حضوره کربلاء وأسره، أنه كان طفلاً، ولكن هذا يعقد المسألة أكثر مما لو كان كبيراً لأنه يؤدي إلى السؤال التالي: ما معنى حمل الطفل دون أبيه وأمه، إلى العراق، ولو قلنا بأن أمه كانت معه فالموضوع يزداد غموضاً، حيث إن الأمة لا مجال لها في الحضور عندما لم يحضر مولاها والذي كان حياً، وربما قيل بأن الأم لم تكن حاضرة في معركة الطف، وهو أيضاً غير معقول أن تترك الأم ولدها الصغير مع أناس ذاهبون إلى مقارعة الظالمين، إلا إذا قيل بأن الأم لم تكن على قيد الحياة وكانت السيدة زينب عليها قد تكفلته باعتبارها زوجة عبد الله ابن جعفر، لأنه ربيبها، أو يقال بأن أمه في الأساس كانت تخدم السيدة زینب «عليه السلام» أو كانت مولاة لها فوهبتها لزوجها أو أجازت له التمتع بها، فصاحبت الأم لتخدم سيدتها أو مولاتها زينب علي ومن الطبيعي أن تصطحب ابنها الصغير معها(1).

ورغم كل هذه التحليلات إلا أنه ليس في اليد ما يمكن الاعتماد عليه، ولذلك لا بد من قبول أقربها إلى واقع الحال، وهو أنه كان صغيرة، وربما درج بعد ذلك بحيث لم يعد له ذكر أو عقب.

والقول بأن القاضي أبو حنيفة النعمان قد خلط بين القاسم بن محمد ابن جعفر وبين القاسم بن عبد الله بن جعفر، أو وقع التصحيف بينهما وارد، إلا أن ذکرهما لهما معاً لا يؤيد هذا الاحتمال.

____________

(1) هناك جارية يقال لها قفيرة أهديت لجعفر بن أبي طالب وهو في الحبشة وذلك حين أراد الهجرة إلى المدينة وكانت قيمتها أربعة آلاف درهم، فلما قدم أهداها لعلي «عليه السلام» وكانت الجارية في بيت علي تخدم فاطمة وأولادها إلى أن توفيت فاطمة ثم بعدها انضمت إلى بنتها زينب الكبرى وكانت تخدمها في بيتها إلى أن خرجت زينب مع أخيها الحسين «عليه السلام» من المدينة إلى العراق فخرجت الجارية معها حتى أتت كربلاء- راجع معالي السبطين: 2/230 هذا الاحتمال وارد إذا لم يكن جعفراً قد نكحها حيث لا يجوز نكاح منكوحات الأب، والله العالم.

(41)

 

      وأخيراً فلا بأس بقبوله كشخصية وكحضور وكأسير ما دام لم يتعارض بقول أو نقل، ولا بد حينئذ من القول بأنه لم يكن في سن من يمكنه المشاركة في القتال، وربما كان في العقد الأول من عمره، أو في بداية العقد الثاني، والله العالم.

 

(42)

 

79

القاسم بن علي الهاشمي

39- 61هـ = 659- 680م

 

     هو: القاسم بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي.

ذكره ابن شهرآشوب، بل تفرد به وحاله حال القاسم بن الحسين «عليه الحسين»، وقد ذكره بعد مقتل عبد الله بن علي علي فقال: «وروي أنه خرج أخوه القاسم فقال:

یا عصبة جارت على نبيها        وكدرت من عيشها ما قد نقی

في كل يوم تقتلون ســــيداً        من أهله ظلماً وذبحاً من قفا(1)

فضرب على رأسه عمرو بن سعيد الأزدي فحمل عليه الحسين وضربه، ثم أتى الغلام وهو يفحص برجله، فقال : بعدة لقوم قتلوك وضمهم يوم القيامة فيك جك، وكان عباس السقاء من بني هاشم صاحب لواء الحسين وهو أكبر الإخوان مضى بطلب الماء فحملوا عليه..»(2). وكل من ذكره فقد نقله عن ابن شهرآشوب، ويبدو والله العالم أنه خلط بين القواسم الثلاثة كما يظهر ذلك للمتتبع وذلك لأنه:

أولاً: إن أرباب النسب لم يذكروا لعلي «عليه السلام» ابن باسم القاسم، رغم أننا ذكرناه في ترجمة الإمام أمير المؤمنین «عليه السلام» اعتماداً على ابن شهرآشوب.

 

_____________

(1) ديوان القرن الأول: 1/28 وهو من الرجز التام.

(2) مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 4/107.

(43)

ثانياً: إن كتب المؤرخين وأرباب المقاتل خالية من ذكره.

ثالثاً: إن ابن شهرآشوب لم يذكر القاسم بن الحسن علی رغم أن جل أرباب المقاتل ذكروه بالتفصيل، وذكروا مبارزته كما نقل ذلك أستاذنا السيد الخوئي في معجمه.

رابعاً: إنه ذكر في دعاء الإمام الحسين «عليه السلام» عند مقتله: او خصمهم يوم القيامة جدك، مما يدل أن المراد به القاسم بن الحسن «عليه السلام» لأن الرسول ان لا يكون جداً للقاسم بن علي «عليه السلام»، واحتمال أنه أراد الجد التشريفي بعيد، كما أنه أراد الجد الأبي مستبعد.

خامساً: إن المواصفات التي ذكرها في وقوف الإمام الحسين «عليه السلام» على مصرعه تطابق ما نقل في حق القاسم بن الحسن «عليه السلام»: فحمل عليه الحسين وضربه، ثم أتى الغلام وهو يفحص برجله وقال: «بعداً لقوم قتلوك....».

سادساً: القاتل، فإن قاتل قاسم بن الحسن «عليه السلام» هو ذات القاتل الذي ذكره في القاسم بن علي ألا وهو: عمرو بن سعيد الأزدي، مما يوحي إلى باتحادهما.

سابعاً: إن ابن شهرآشوب يعترف بأن القاسم بن الحسن علی استشهد في كربلاء لدي ذكره للمقتولین جملة ، فهذا يقرب القول بأنه أراد به القاسم بن الحسن علي، وإنما ذكره بابن علي هو من التصحيف.

والاحتمالات الواردة لهذا الخلط هي:

١- إن الخلط جاء من الاعتماد على الضمير حيث لم يكن هناك تصريح بأنه ابن علي إلا عن العطف على ما قبله بقوله اخرج أخوه»، وبما أن قبله كان عبد الله، وهو بدوره اعتمد على ما قبله حيث قال: ثم برز أخوه عبد الله، وقبله كان: ثم برز أخوه جعفر، إلى أن ينتهي الأمر إلى قوله: «ثم برز أبو بكر بن علي»، فربما تخيل أن الذي قبله هو عبد الله بن الحسن فقال: أخرج أخوه القاسم.

۲- إن في الجملة سقط، وربما كان في الأصل : «خرج ابن أخيه القاسم..».

 

(44)

٣- وربما كان تصحيفاً لـ«أخو القاسم» ليصدق على أحد إخوة القاسم بن الحسن.

ولكن رغم أن كل ذلك وارد، إلا أنه لدى الإمعان لا يمكن الركون إلى هذه الاحتمالات لجهات أهمها:

الأولى: إنه ذكر قبل صفحة تقريبا القاسم بن الحسن علي في المبارزين وذكر رجزه، خلافا لما احتمله أستاذنا الخوئي بأنه لم يذكره في جملة المبارزين(1)، وجاء نص ابن شهرآشوب في القاسم بن الحسن بعد ذكر أخيه عبد الله بن الحسن بن علي علي كالتالي:

«ثم برز أخوه القاسم وعليه ثوب وإزار ونعلان فقط وكأنه فلقة قمر، وأنشأ يقول:

إني أنا القاسم من نسل علــــــــــــي

نحن وبيت الله أولى بالنبــــــــــــــي

من شر ذي الجوشن أو ابن الدعي(2)

فقتله عمرو بن سعيد الأزدي، فخر وصاح يا عماه، فحمل عليه الحسين فقطع يده وسلبه أهل الشام من يد الحسین، فوقف الحسين على رأسه، وقال: عز على عمك أن تدعوه فلا يجيبك أو يجيبك فلا تنفعك إجابته ...»(3).

فالاحتمالات السابقة كلها ملغية.

الثانية: إنه نسب رواية مبارزة القاسم بن علي «عليه السلام» إلى القيل مما يتبين أنه يعي ما يقول، وليس فيه خلط أو لبس، بل هو الآخر ربما كان مستغربة حيث قال: «وروي أنه خرج أخوه القاسم.. » حيث يفهم منه أنه غیر مطمئن إلى هذه الرواية فنسبها إلى المجهول.

الثالثة: أن رجزه يختلف عن النسب المنسوب إلى القاسم بن

___________
(1) راجع معجم رجال الحديث: 14/34 وترجمة القاسم بن الحسين.

(2) ديوان القرن الأول: 2/295، وربما كان هذا الرجز أنسب للقاسم بن علي «عليه السلام».

(3) مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 4/106.

(45)

 

الحسن «عليه السلام» ولم يذكر هذا الرجز المنسوب إلى القاسم بن علي علية إلى أحد من الشهداء مما يدل على استقلاليته عن القاسمین.

وأما مسألة اتحاد القاتل لا يمكن أن يكون مؤشرة إلى الاتحاد أو اللبس، بل هناك موارد أخرى نرى أن قاتل الشهيدين شخصية واحدة، ولكن الذي حدا باحتمال الاتحاد هو تشابه اسم الشهيدين، ولكن الذي يمكن طرحه هنا: أنه ذكر في مبارزة القاسم بن الحسن «عليه السلام» أن الإمام الحسین «عليه السلام» هجم على عمرو بن سعيد الأزدي فقطع يده، والذي يكون مقطوع اليد عادة لا يمكنه أن يقاتل مرة ثانية إذا لم يكن مضطراً، والجيش الأموي لم يكونوا كذلك لا من حيث العدد ولا العدة، وليسوا هم المقصودون حتى يراد إفنائهم كالجيش الحسيني، وربما أمكن الجواب عن هذا بأن القاسم بن على لعله خرج قبل خروج القاسم بن الحسن «عليه السلام» إلى القتال فعندما قتل عمرو ابن الإمام الحسن «عليه السلام» کانت يده سليمة، ولا اعتبار بتقديم ابن شهرآشوب ابن الحسن «عليه السلام» على ابن علي «عليه السلام»، حيث لم يلتزم ذلك، ويمكن أن يقال بأن حملة الحسين «عليه السلام» كانت عند مقتل كل واحد منهما، إلا أن ابن شهرآشوب خلط بينهما، فقطع يد القاتل كان بعد  مقتل ابن علي «عليه السلام»، ليكون قد قتل أبن القاسم أولاً ولم يقطع يده، ثم لما قتل ابن علي «عليه السلام» قطع الحسين «عليه السلام» يده، ليكون ذكر قطع اليد مكانه بعد مقتل ابن علي «عليه السلام»، ولكنه مردود بأن أرباب المقاتل ذکروا بأن قطع يد القاتل عمرو بن سعيد الأزدي کان بعد مقتل ابن الحسن «عليه السلام» ولذلك فإن الاحتمال الأول أقرب إلى الواقع، والله العالم.

وأما عموم ذكر النسابة والمؤرخين للقاسم بن علي «عليه السلام» لا يمكن الاستدلال به لأنهم لم يذكروا غيره أيضاً مع أنه ثبت وجودهم وحضورهم واستشهادهم.

وأما تشابه بعض المواصفات أو الأدعية أو ما شابه ذلك، إما من خلط الرواة، أو من باب الصدفة التي قد تحصل.

ولعل الوجه في مثل هذا الإرباك وعدم الوضوح جاء بسبب الاضطهاد الذي كان يمارس في حق أهل البيت «عليهم السلام» وإتباعهم فكراً وتراثاً وشخصاً.

 

(46)

ومن المؤسف أن ابن شهرآشوب لم يوثق كلامه بمصدر أو راوٍ حتى يمكن مراجعة مصدره. وأخيراً لا يمكن الإعراض عنه ما دام ورد ذكره في المناقب، وعن ابن شهرآشوب بذكره. وقد سبق الحديث عنه في أمه، وذكرنا بأن أمه أم ولد، واحتملنا أنها اتصلت بعلي «عليه السلام» في العام ۳۹هـ أو قبله لتكون ولادة القاسم بن علي «عليه السلام» حدود عام ۳۹هـ، والله العالم.

ومن الجدير ذكره أن هناك رجزاً آخر جاء منسوباً إلى القاسم بن الحسن «عليه السلام»(1)، وثلاثة لأحمد بن الحسن «عليه السلام»(۲)، ورجزا آخر لعبد الله ابن الحسن «عليه السلام»(۳)، مما تستبعد أن يكون لشخص واحد أكثر من رجز بالشكل العادي، وربما كانت موزعة على القواسم فاحتمل عدم وجود غیر القاسم بن الحسن علي أو أخوه أحمد وعبد الله ابني الحسن ال فنسبت إليهم، وربما احتملنا أن الرجز التالي والمنسوب إلى أحمد بن الحسن «عليه السلام» يكون للقاسم بن علي «عليه السلام»:

إني أنا نجل الإمام ابن عـــلي

نحن وبيت الله أولاد الــــنبــي

أضربكم بالسيف حتى يلتــوي

أطعنكم بالرمح حتى ينثنـــــي

ضرب غلام هاشمي علــــوي

حتی تولوا ع قتال ابن علي(4)

ولكن لا يمكن الاعتماد على جملة «إني أنا نجل الإمام ابن علي لأنه يصح أن يطلق على الحفيد أنه ابن، كما أن البيت الثاني يناقضه حيث يقول: «أولاد النبي، إذ إنه لا ينتمي إلى الرسول، إلا إذا على التشرف، والله العالم.

 

__________
(1) راجع ديوان القرن الأول: 2/220و 257.

(2) راجع ديوان القرن الأول: 1/273، 2/33، و97، 296.

(3) راجع ديوان القرن الأول: 1/163.

(4) ديوان القرن الأول: 2/296 عن أسرار الشهادة: 305، ناسخ التواريخ: 2/131، معالي السبطين: 1/455.

(47)

 

80

القاسم بن محمد الهاشمي

ق37- ب61هـ =  657- ب680م

 

هو: القاسم بن محمد الأكبر ابن جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب ابن هاشم القرشي(1).

أمه: أم ولد(2)، لم يحدد اسمها.

كان لجعفر بن أبي طالب محمدان، الأكبر منهما ولد في العام الثاني من الهجرة، واستشهد عام ۳۷هـ في معركة صفين، وأما الأصغر فقد ولد في العام الرابع للهجرة، واستشهد عام 61هـ في معركة الطف.

وهذا يعني أن ولادة القاسم لا بد وأن تكون قبل عام ۳۷هـ - ولأبيه آنذاك 35 سنة - ومعنى ذلك أن القاسم حین واقعة الطف كان عمره لا يقل عن ثلاث وعشرين سنة.

وقد أورد القاضي أبو حنيفة النعمان ذكره في لائحة أسرى معركة الطف(3) ولم يشر إلى عمر.

ويقول ابن قتيبة: إن القاسم بن محمد بن جعفر تزوج أم

 

___________
(1) عمدة الطالب: 36.

(2) تنقيح المقال: 2/ باب الفاء: 24، وسيلة الدارين: 244 عن ذخيرة الدارين: 169 عن مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب.

(3) شرح الأخبار: 3/197.

(4) ابن قتيبة: هو عبد الله بن مسلم بن قتيبة المروزي (213- 276هـ) ولد في الكوفة وأقام في بغداد وتوفي فيها، تولى قضاء الدينور، ولذلك نسب إليها، كان من أئمة الأدب وله مؤلفات كثيرة منها: غريب القرآن، مشكل الحديث، وجامع الفقه.

(48)

کلثوم»(1)، ويؤيد الداودي(2) هذا الزواج بقوله: «وأعقب من ولد جعفر بن أبي طالب محمد الأكبر- حيث- ولد عبد الله والقاسم وبنات، فولد القاسم بنتاً أمها بنت عمه عبد الله بن جعفر وأمها زینب بنت علي بن أبي طالب وأمها فاطمة بنت رسول الله»(3).

وقال المامقاني عن القاسم بن محمد بن جعفر: «أمه أم ولد، كان ملازمة الابن عمه الحسين(4) ولم يفارقه أبدا، وقد زوجه «عليه السلام» بنت عمه عبد الله بن جعفر التي خطبها معاوية لابنه يزيده»(5).

ويذكر أن معاوية ابن أبي سفيان كتب إلى مروان بن الحكم وهو عامله على الحجاز- عام 53هـ -(6) يأمره أن يخطب أم كلثوم بنت عبد الله ابن جعفر بن أبي طالب لابنه يزيد، فأتی مروان إلى عبد الله فأخبره.

فقال عبد الله: إن أمرها ليس إلي إنما هو إلى سيدنا الحسين، وهو خالها.

فأخبر الحسين «عليه السلام» بذلك.

فقال الحسين «عليه السلام»: أستخير الله، اللهم وفق لهذه الجارية رضاك من آل محمد.

إلى أن قال: إني قد زوجت أم كلثوم بنت عبد الله بن جعفر بن أبي طالب. من القاسم بن محمد بن جعفر بن أبي طالب- على أربعمائة

___________
(1) المعارف لابن قتيبة: 207.

(2) الداودي: هو أحمد بن علي بن الحسين الطالبي الحسني المعروف بابن عنبة (ن764- 828هـ) أصله من الحجاز، ولد في العراق وتوفي في كرمان، كان من علماء الأنساب المعتمدين، من آثاره: أصول شجرة السادة آل أبي علوي، وبحر الأنساب، وعرف بكتابه عمدة الطالب.

(3) عمدة الطالب: 36.

(4) لابن عمه: المراد لابن عم أبيه.

(5) تنقيح المقال: 3/ باب الفاء: 24.

(6) ولي مروان بن الحكم من قبل معاوية مرتان الأولى سنة 42هـ والثانية سنة 54- 56هـ فالأول لا يناسب لأن المفروض أن يوكل أمرها إلى الأمام الحسن «عليه السلام»، ولكن يبدو أنه كان بعد وفاة الإمام الحسن «عليه السلام».

(49)

وثمانين درهماً، وقد نحلتها ضيعتي بالمدينة(1) وإن غلتها في السنة ثمانية آلاف دينار ففيها لهما غنى إن شاء الله(2).

وهذا يعني أن أم كلثوم بنت عبد الله الطيار ولدت في حدود عام 54هـ، وكذا القاسم بن محمد الطيار فكانا في سن تناسب للزواج، ومن الجدير ذكره أن السيدة زينب بنت علي ولدت عام 6هـ، وأن عبد الله بن جعفر ولد عام 1هـ، وأنها أنجبت له خمسة أولاد كانت أم كلثوم على ما يفهم الخامسة، فمعنى ذلك أن ولادتها ربما كانت بعد السابعة والعشرين حيث كانت ولادة ثالث أبنائها عون حدود عام 25هـ، وأما القاسم فقلنا لا بد وأن تكون ولادته قبل عام ۳۷هـ.

وعلى أي حال تم الزواج في حدود عام 54هـ، يقول المامقاني(۳): «لقد انتقل القاسم مع زوجته أم كلثوم بصحبة الإمام الحسين إلى كربلاء، وخرج إلى القتال بعد ابن عمه عون بن جعفر فقاتل حتى قتل منهم جمعة كثيرة فأثخن بالجراح»(4).

إلى هنا يمكن أن يقال لا خلاف في ذلك، ولكن اختلف أرباب المقاتل والسير، هل استشهد أم جرح وأسر، فذهب القاضي أبو حنيفة النعمان ومن تبعه كما عرفت إلى أنه أسر، وذهب المامقاني ومن تبعه إلى أنه قتل في كربلاء، حيث يقول: ولما «أثخن بالجراح فتعطفوا عليه من كل جانب فقتلوه في حومة الحرب، ولعل أستاذنا الخوئي أشار إلى تصريح المامقاني بقوله: قيل إنه قتل مع الحسين «عليه السلام» في وقعة الطف،

____________
(1) أو قال: أرض بالعقيق.

(2) راجع وسيلة الدارين: 244 وقد أوردناها بتفاصيلها في السيرة الحسينية فلا نكرر.

(3) المامقاني: هو عبد الله بن محمد حسن بن عبد الله الغروي (1290- 1351هـ) ولد في النجف وتوفي فيها، كان من أعلام عصره، من آثاره: منتهى مقاصد الأنام، مطارح الأفهام، وتحفة الصفوة.

(4) تنقيح  المقال: 3/ باب الفاء: 24.

(5) راجع شرح الأخبار: 2/197.

(6) تنقيح المقال: 3/ باب الفاء/ 24، وعنه مستدركات علم رجال الحديث: 6/255.

(50)

ولكن لم يظهر مستند ذلك»(1)، لأن المامقاني لم يوثق كلامه، ولربما كان ترجيح أسره هو الأقرب(2)، حيث مسألة الاستشهاد وردت في مصادر المتأخرين الذي لا يمكن الاعتماد عليها، فهذا كتاب وسيلة الدارين يذكر في ترجمة القاسم بن محمد بن جعفر بن أبي طالب ما يلي:

«قال علماء التراجم والأنساب منهم صاحب كفاية الطالب، كان القاسم بن محمد بن جعفر ملازماً لابن عمه الحسين ولم يفارقه أبداً، فلما خرج من المدينة إلى مكة خرج معه القاسم بن محمد بن جعفر ومعه زوجته أم كلثوم الصغرى(3) بنت زينب الكبرى حتى جاء معه إلى كربلاء.

وقال أرباب المقاتل: فلما كان اليوم العاشر من المحرم وشب القتال وقتل أصحاب الحسين اجتمع آل أبي طالب يودع بعضهم بعضاً، وعزموا على الحرب، ويسارعون إلى القتل بين يديه، ثم تقدمت إخوة الحسین «عليه السلام» وبنو أخيه وبنو عمه عازمين على أن يموتوا دونه فصاح بهم الحسين صبراً يا بني عمومتي صبراً يا أهل بيتي، والله لا رأيتم هواناً بعد هذا اليوم، ثم خرج عون بن جعفر واستأذن الحسين فبرز إليهم وقاتل حتى قتل، ثم برز بعده قاسم بن محمد بن جعفر إلى القوم وهو يرتجز ويقول:

أنا الغلام الأبطحي الطــــالبــــي

من معشر من هاشم من غالــــب

ونحن حقاً سادة الذوائــــــــــــب

هذا حسين أطيب الأطائـــــــــب

من عترة الطهر النقي العاقب(4)

 

وهو يضربهم بسيفه يميناً وشمالاً، ولم يزل يقاتل حتى قتل من القوم

___________
(1) معجم رجال الحديث: 14/47.

(2) وهو في الجملة لا يوجب طرح القولين.

(3) في وصفها بالصغرى محل تأمل لأننا سبق وتحدثنا عن ذلك بأن أم كلثوم الكبرى كانت بنت السيدة زينب بنت علي «عليه السلام».

(4) راجع ديوان القرن الأول: 1/57.

(51)

ثمانين فارساً واثني عشر راجلاً، وقد أثخن بالجراح فعطفوا عليه من كل جانب حتى قتلوه في حومة الحرب، رضوان الله عليه»(۱).

أولاً: إن ما نسبه إلى كفاية الطالب فلم نحصل عليه في الكفاية ولا في غيره إلا من تنقیح المقال، ما يدل على عدم الدقة في النقل، واحتمال أن يكون لديه نسخة غير التي لدينا مستبعد جداً لأنها نسخة واحدة طبعت في النجف وتناولها الناس ثم طبع عنها.

ثانياً: من هم علماء التراجم والأنساب الذي لم يحددهم ولم نتمكن من تحديدهم، بل ولم يتمكن غيرنا من الوصول إليهم، بل من هم أرباب المقاتل الذي نقل عنهم مما لم نعثر على كلماتهم لا في كتب القدامى ولا في كتب المتأخرين.

ثالثاً: إن الرجز الذي أورده منسوباً إلى جعفر بن عقيل كما ذكره ابن شهرآشوب في مناقبه وقد سبق وأورده في ترجمة جعفر بن عقیل منسوباً إلى جعفر بن عقيل، وهذا بعيد عن الدقة والتحقيق.

كما ورد في هامش شرح الأخبار تعليقاً على عد القاسم بن محمد بن جعفر بن أبي طالب من الأسرى ما يلي: «أمه أم ولد، قال الأصبهاني في المقاتل: دخل المعركة مرتجزاً - الرجز السابق -.

وذكر محب الين الطبري(4) في ذخائر العقبی نقلاً عن المناقب : «إنها اشترك في واقعة كربلاء الأليمة، ونجا من المعركة»(5).

___________

(1) وسيلة الدارين: 245.

(2) راجع مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب: 4/105.

(3) الأصبهاني أبو الفرج: هو علي بن الحسين بن محمد الأموي (284- 356هـ) ولد في أصفهان ونشأ في بغداد وتوفي فيها، وأخذ على أعلامها، أصبح كاتباً لركن الدولة ابن بويه، من مؤلفاته: الأغاني، أيام العرب، ودعوة الأطباء.

(4) محب الدين الطبري: هو محمد بن جرير بن يزيد (224- 310هـ) ولد في آمل في طبرستان، استوطن بغداد وتوفي فيها، من أعلام عصره، مؤرخ مفسر، من آثاره: جامع البيان، اختلاف الفقهاء، والمسترشد.

(5) شرح الأخبار: 3/197.

(52)

 

أولاً: لم نعثر على ما أسنده إلى الأصفهاني في مقاتل الطالبيين وقد راجعناه أكثر من مرة، كما راجعنا أكثر من نسخة.

ثانياً: لم نعثر على ما نسبه إلى محب الدين الطبري في كتابه ذخائر العقبی رغم أن لدينا نسختين.

ثالثاً: كما لم نعثر على مثل ذلك أيضا في مناقب آل أبي طالب.

ولا نعلم من أين له ذلك، والله العالم، نعم جاء في معالي السبطين: «وخرجت من المدينة أم كلثوم الصغرى بنت زينب الكبرى مع زوجها القاسم بن محمد بن جعفر بن أبي طالب حتى أتت کربلاء»(1)، والظاهر أنه نقل ذلك من تنقیح المقال فلا يزيدنا تأييداً ويظهر من عبارة الداودي أن القاسم له من الإخوان عبد الله، وله عدد من الأخوات، هذا أولاً، وثانياً أن القاسم بن محمد بن جعفر رزق من زوجته أم كلثوم بنت عبد الله بن جعفر بنتاً تزوجها طلحة بن عمر بن عبد الله بن معمر التيمي، فولدت له إبراهيم بن طلحة، ونصه كالتالي: «وأعقب من ولد جعفر بن أبي طالب محمد الأكبر،- حيث ولد عبد الله والقاسم وبنات، فولد القاسم بنتاً أمها - أم كلثوم - بنت عمه عبد الله بن جعفر، وأمها زینب بنت علي بن أبي طالب، وأمها فاطمة بنت رسول الله، وأمها خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد المعزى بن عبد مناف، خرجت ابنة القاسم بن محمد بن جعفر المذكور إلى طلحة بن عمر بن عبد الله بن معمر التيمي، فولدت له إبراهيم ابن طلحة كان يقال له: ابن الخمس، يعنون أمهاته الخمس المذكورات»(۲).

ولو افترضنا حسب المعطيات السابقة أن الزواج بين أم كلثوم بنت عبد الله بن جعفر وبين القاسم بن محمد بن جعفر قد تم في حدود عام 54هـ، احتمل أن تكون ولادة ابنتهما قد تحققت في حدود عام 55هـ، وهذا لا يمكن أن يساعدنا في كون الأب كان أسيراً أو شهيداً في الطف، لأن بالإمكان أنه قتل في الطف فكبرت البنت وزوجت من طلحة بن عمر،

____________
(1) معالي السبطين: 2/228.

(2) عمدة الطالب: 37.

(53)

نعم ما يمكن أن يفيدنا أن القاسم لم يكن صغيراً لدى الأسر، وعليه فلا بد أنه دافع عن الإمام الحسين «عليه السلام».

ومن المؤسف أننا لم نعثر على ترجمة طلحة ولا على ترجمة أبنه إبراهيم كما لم نعثر على ترجمة أخي القاسم أي عبد الله بن محمد بن جعفر، ولا على أسماء أخواته لنتمكن من الحصول على ما يساعدنا في ترجمة القاسم بن محمد بن جعفر.

وقد سبق ونقلنا كلام ابن قتيبة القائل بأن القاسم تزوج أم كلثوم وبعدها تزوجها الحجاج بن يوسف الثقفي(1) وبعده أبان بن عثمان(2) بن عفان(3).

ويقول ابن قتيبة عن محمد بن جعفر الطيار: «فأما محمد بن جعفر فولد: القاسم بن محمد، وطلحة، وولد طلحة: فاطمة، أمها أم كلثوم بنت عبد الله بن جعفر، وأمها زینب بنت علي، وأمها فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فتزوج فاطمة- بنت طلحة- حمزة بن عبد الله بن الزبير، ثم تزوجها طلحة بن عمر بن عبيد الله ولا عقب له»(4) ومن الملاحظ أن هناك تناقضاً بين قول الداودي وقول ابن قتيبة، حيث ذكرا بأن أم كلثوم تزوجت القاسم، وهنا يقول إنها تزوجت أخاه طلحة وأن فاطمة تزوجت من حمزة ثم من طلحة بن عمر، وهذا التناقض يدعم ما سبق وهو تشکیکنا في زواج أم کلثوم من أمثال الحجاج - راجع ترجمة عمر الأطرف أبن علي «عليه السلام».

هذا كل ما أمكن توضيحه هنا.

_____________

(1) الحجاج بن يوسف الثقفي: هو حفيد الحكم (40- 95هـ) ولد ونشأ في الطائف وانتقل إلى الشام قلده عبد الملك بن مروان عسكره وأمره بقتال عبد الله بن الزبير كما ولاه مكة والمدينة والطائف والعراق، بنى مدينة واسط، وتوفي فيها، كان سفاكاً فاجراً.

(2) أبان بن عثمان بن عفان الأموي (ب11- 105هـ) ولد وتوفي في المدينة المنورة، شارك في وقعة الجمل مع عائشة، ولي إمارة المدينة في الفترة 76- 83هـ، وكان من فقهاء المدينة.

(3) المعارف لابن قتيبة: 207 ولكنه في الصفحة 201 يقول في ترجمة أبان بن عثمان «كانت عنده أم كلثوم بنت عبد الله بن جعفر، خلف عليها بعده الحجاج» وربما كانت الهاء زائدة، وإلا لكان متناقضاً.

(4) المعارف لابن قتيبة: 206.

(54)

 

حرف الميم

 

      81- محسن بن الحسين الهاشمي                        (61- 61هـ)- حلب

      82- محمد بن أبي سعيد الهاشمي                        (35- 61هـ)- شهيد كربلاء

83- محمد الأصغر ابن جعفر الهاشمي                   (4- 61هـ)- شهيد  كربلاء    

84- محمد الأصغر ابن علي الهاشمي                    (38- 61هـ)- شهيد كربلاء

85- محمد الاصغر ابن مسلم الهاشمي                   (53- 62هـ)- شهيد الكوفة

86- محمد الأكبر ابن مسلم الهاشمي                     (33- 61هـ)- شهيد كربلاء

87- محمد الأوسط ابن علي الهاشمي                    (ن12- 61هـ)- شهيد كربلاء

88- محمد بن الحسن الهاشمي                           (37- ب61هـ)- أسير- المدينة

89- محمد بن الحسين الهاشمي                          محمد بن الحسين الهاشمي- لا وجود له

90- محمد بن العباس الهاشمي                          (ب36- 61هـ) شهيد كربلاء

91- محمد بن عبد الله الأكبر الهاشمي (الطيار)         (25- 61هـ)- شهيد كربلاء

92- محمد بن عبد الله الأكبر الهاشمي (العقيلي)        (37- 61هـ)- شهيد كربلاء

93- محمد بن عقيل الهاشمي                            (20- 61هـ)- شهيد كربلاء

94- محمد بن علي الهاشمي                             (57- 113)-أسير- المدينة

95- محمد بن عمرو الهاشمي                           (49- ق113)- أسير- المدينة

96- مسعود بن ... الهاشمي                             (ن44- 61هـ)- شهيد كربلاء

97- مسلم بن عقيل الهاشمي                             (ن3- 60هـ)- شهيد الكوفة

98- مسلم بن مسلم الهاشمي                             (ن40- 61هـ)- شهيد كربلاء

99- معين بن عقيل الهاشمي                             (...- 61هـ)- شهيد كربلاء

100- موسى بن عقيل الهاشمي                                                   (ن38- 61هـ)- شهيد كربلاء

 

(55)

 

(56)

 

81

محسن بن الحسين الهاشمي

61- 61هـ = 680- 680م

 

هو: محسن بن الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي.

إن أقدم المصادر التي كتبت عن محسن بن الحسين بن علي هو معجم البلدان لياقوت الحموي المتوفى سنة 626هـ لدى حديثه عن جبل جوشن في حلب، ونصه كالتالي: «جوشن جبل في غربي حلب، ومنه كان يحمل النحاس الأحمر وهو معدنه، ويقال: إنه بطل منذ عبر عليه سبي الحسين بن علي رضي الله عنه ونساؤه، وكانت زوجة الحسين حاملاً فأسقطت هناك فطلبت من الصناع في ذلك الجبل خبزاً وماءً فشتموها ومنعوها، فدعت عليهم، فمن الآن من عمل فيه لا يربح، وفي قبلي الجبل مشهد يعرف بمشهد السقط ويسمى مشهد الدكة، والسقط يسمى محسن بن الحسين رضي الله عنه»(1).

وقريب منه ما جاء في بغية الطالب لابن العديم(2) المتوفي سنة 660هـ، إلا أن فيه كان دعاؤها: «لا أربح الله لكم تجارة» فما ربحوا بعدها، والسقط يسمى المحسن بن الحسين.

___________
(1) معجم البلدان: 2/186.

(2) ابن العديم: هو عمر بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة العقيلي (588- 660هـ) ولد في حلب، وتوفي في القاهرة، بعدما رحل إلى الحجاز والعراق، مؤرخ محدث، له مؤلفات، منها: سوق الفاضل، الدراري في الذراري، والتذكرة.

(57)