ادب الطف ـ الجزء السابع 117


منزل القائم المائل. قال: ولعل موضع القائم المائل مسجد الحنانة قرب النجف.

وعن يونس بن ظبيان عن أبي عبد الله(ع) في حديث انه ركب وركبت معه حتى نزل الذكوات الحمر وتوضأ ثم دنى الى أكمة فصلى عندها وبكى ثم مال الى أكمة دونها ففعل مثل ذلك ثم قال: الموضع الذي صليت عنده أولا موضع أميرالمؤمنين والاخر موضع رأس الحسين عليه السلام.

القول الثاني ان الرأس الشريف دفن بالمدينة المنورة عند قبر أمه فاطمة عليها السلام وأن يزيد أرسله الى عمرو بن سعيد بن العاص بالمدينة فدفن عند أمه الزهراء ، حكاه سبط بن الجوزي في تذكرة الخواص عن طبقات ابن سعد.

القول الثالث ان الرأس الشريف بالشام حكاه سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص عن ابن سعد في الطبقات انه بدمشق ، حكى ابن أبي الدنيا قال وجد رأس الحسين عليه السلام في خزانة يزيد بدمشق فكفنوه ودفنوه بباب الفراديس 1 عند البرج الثالث مما يلي المشرق ، وكأنه هو المعروف الان بمشهد رأس الحسين عليه السلام بجانب المسجد الاموي وهو مشهد مشيد معظم.
القول الرابع ان الرأس الشريف بمصر نقله الخلفاء

(1) الفراديس بلغة الروم البساتين.
ادب الطف ـ الجزء السابع 118


الفاطميون من باب الفراديس الى عقلان (1) ثم نقلوه الى القاهرة وله فيها مشهد معظم يزار والى جانبه مسجد عظيم والمصريون يتوافدون الى زيارته أفواجا رجالا ونساء ويدعون ويتضرعون عنده.

القول الخامس انه أعيد الى الجسد الشريف بكربلاء ، قال السيد ابن طاوس في الملهوف على قتلى الطفوف: وكان عمل الطائفة على هذا المعنى ، قال الشيخ المجلسي: المشهور بين علمائنا الامامية انه أعيد الى الجسد وعن المرتضى في بعض مسائله انه رد الى بدنه بكربلاء من الشام . وقال الطوسي: ومنه زيارة الاربعين . وهذا القول ذكره العامة والخاصة.
أقول وقد كتب في هذا الموضوع سيدنا البحاثة المعاصر السيد محمد علي القاضي سلمه الله وأشبع البحث دراسة وتحقيقا بكتاب ضخم طبع مستقلا .
وجاء في كتاب (الحسين) لمؤلفه على جلال الحسيني ما نصه: وفي الجملة ففي أي مكان كان رأسه فهو ساكن في القلوب والضمائر قاطن في الاسرار والخواطر ، أنشدنا بعض أشياخنا:
لا تطلبوا المولى الحسين بشرق أرض أو بغرب
ودعوا الجميع وعرجـوا نحوي فمشهده بقلبـي


(1) عقلان : مدينة كانت بين مصر والشام ، والان هي خراب.
ادب الطف ـ الجزء السابع 119


قال السيد المقرم من معاصرينا في كتابه (مقتل الحسين): البيتان لابي بكر الالوسي وقد سئل عن موضع رأس الحسين فأجاب بهما.
أقول وللحاج مهدي الفلوجي بهذا المعنى.
لا تطلبوا رأس الحسين فانه لا في حمى ثاو ولا في واد
لكنما صفوا الولاء يـدلكـم في أنه المقبور وسط فؤادي
ويطيب لي أن أذكر بيتين قيلتا في رأس نصب على رأس رمح وهما:
هامة في الحياة طاولت الشهب وما نالها هبوب الرياح
أنفت بعد موتها الترب ، فاختارت لها مسكنا رؤوس الرماح
* * *


ادب الطف ـ الجزء السابع 136


وقال:
يا آل من ملأ الجهات مفاخرا وأتى بكم للكائنات مظـاهرا
وهم الذي لكم يعد نظـائـرا ان الوجود وان تعدد ظاهرا
وحياتكم ما فيه الا انتموا
أو ما درى اذ راح يعلن بالندا ان الذي هو غيركم رجع الصدا
فوجدكم سر الخليقـة أحمـدا أنتم حقيقة كـل مـوجـود بدا
وجميع ما في الكائنات توهم
وقال متضمنا آية «قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم» على جميع البرايا
أهل العبـا قـل تعالوا
وخصصوا بمزايا من بعضها (قل تعالوا)
وقال:
وجـدكـم يـا آل احمـد اننـي أعد لكم حمدي ومدحي من الجد
ومثلي يراعي منه اذ شاب مفرق بحمـدكـم سميتـه شيبة الحمد
وقال:
لا تعجبوا ان نثرت من كلمي في نعت أبناء حيدر دررا
لأننـي يـوم زرت حضرته ومنه قبلت بالشفـاه ثرى
حشا فمي جوهرا ففهـت به منتظما تـارة ومنـتـثرا
وقال:
أنا في نعت سيد الرسل طاها وعلي القدر الرفيع العماد


ادب الطف ـ الجزء السابع 137


والحسيـن الشهيـد بعـد أخيـه الحسن السبط والفتى السجاد
وابنه باقـر العلـوم مع الصادق والكاظم العمـيـم الايـادي
وعلي الرضا وقدوة أهل الارض بحر العطـا الامـام الجواد
وعلي النقي والعسـكري المنتقى والمـهـدي غـوث العبـاد
يسكت الدهر ان نطقـت ويصغي ملقيا مسعـه الـى انشـادي
وقال ـ وقد وقف بحضرة الامام موسى الكاظم عليه السلام:
أيا بن النبي المصطفى وابن صنوه علي ويابن الطهر سيدة النسا
لئن كان موسى قد تقدس في طوى فأنت الذي واديه فيـه تقدسا

وقال مرتجلا وقد وقف تجاه المرقد عائذا بأبي الرضا لائذا بجد الجواد:
نحن اذا ما عم خطب أو دجا كرب وخفنا نكبة مـن حاسد
لذنا بموسى الكـاظم بن جعفر الصادق بن الباقر بن الساجد
ابن الحسين بن علـي بن أبي طالب بـن شيبـة المحـامد


ادب الطف ـ الجزء السابع 138


الشيخ حسين قفطان

المتوفى بعد سنة 1280

الشيخ حسين ابن الشيخ علي بن نجم الملقب بـ قفطان السعدي القفطاني توفي بعد سنة 1280 بالنجف ودفن في الصحن الشريف في جهة باب الطوسي وقد تجاوز التسعين. كان شاعرا وله قصائد في رثاء الحسين عليه السلام . انتهى عن الاعيان للسيد الامين.

أقول والاسرة مشهورة بالعلم والادب والشعر وجودة الخط يتوارثونه خلفا عن سلف ولا عجب اذا برع في الشعر فالبيئة تحتم عليه ذلك أما شيخنا الشيخ آغا بزرك الطهراني فقد ذكر في (الكرام البررة) ان الشيخ حسين توفي في حياة والده الشيخ علي وذلك في حدود 1255 هـ .
وقال: توجد بعض أشعاره في مجموعة السيد يوسف بن محمد العلوي الحسيني المكتوبة 1302 رايتها في مكتبة الملك بطهران.
مرت بهذا الجزء ترجمة أخيه الشيخ حسن وابن أخيه الشيخ ابراهيم وطائفة من أشعارهم.

ادب الطف ـ الجزء السابع 139


الشيخ موسى محي الدين

المتوفى 1281

وقف على قبر الحسين عليه السلام وقال:
أسبط المصطفى المختار يا من به في كل ما أرجو نجـاحي
وحقـك لـم يكن بحماك مثلي فتى والاك مقصوص الجناح
أرشني يا بـن فاطمـة فـاني هزارك في النواحـي بالنواح
* * *
الشيخ موسى ابن الشيخ شريف يوسف بن محمد بن يوسف آل محي الدين الحارثي الهمداني العاملي ، وتعرف أسرتهم قديما بآل أبي جامع ، وهو جدهم . لقب بذلك لانه بنى جامعا في (جبع) من لبنان في القرن العاشر واستوطنوا النجف منذ ثلاثة قرون أو أكثر ، ونبغ منهم عشرات الرجال من العلماء والادباء ومن مشاهيرهم في القرن الماضي الشيخ موسى المذكور وكان يختص بالشاعر عبدالباقي العمري وقد تكرر ذكره في ديوانه المطبوع كما كان يختص بالشاعر الشيخ عباس الملا علي وكانت وفاة الشيخ موسى سنة 1281 هـ وله ديوان شعر جمعه البحاثة الشيخ محمد السماوي بخطه وأضاف اليه ديوان ابن عمه الشيخ عبد الحسين محي الدين وجعلهما في مجلد واحد وشاعرنا المترجم له

ادب الطف ـ الجزء السابع 140


من شيوخ الادب في عصره وفرسان حلبات الادب . وساق السيد الامين في الاعيان نسبه الى أبي جامع الحارثي الهمداني فقال: الشيخ موسى ابن الشيخ شريف بن محمد بن يوسف بن جعفر بن علي بن حسن بن محي الدين بن عبد اللطيف بن علي بن احمد ابن أبي جامع الحارثي الهمداني العاملي النجفي. من أهل القرن الثالث عشر الهجري ذكره الشيخ جواد آل محي الدين العاملي النجفي في ملحق أمل الامل فقال: كان فاضلا كاملا أديبا شاعرا كاتبا ماهرا له ديوان شعر وقد خمس القصيدة المشهورة المقصورة لابن دريد وحولها الى مدح الحسنين وأبيهما أميرالمؤمنين عليهم السلام . ذكرها السيد الامين وذكر جملة من شعره في مدح الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر.
وجاء في (الحصون المنيعة) ج2 ص 565: كان فاضلا كاملا ، أديبا شاعرا كاتبا ماهرا له ديوان شعر . وقد خمس القصيدة الدريدية ، ومدحه الشيخ عباس الملا علي البغدادي بقصيدة عند قدومه من سفر ، مطلعها:
تجلى فصير ليلي نهارا هلال على غصن بان أنارا
كما راسله عبد الباقي العمري بقوله:
قف بالمطـي اذا جئت العشي الى أرض الغري على باب الوصي علي
وزر وصل وسلم وابك وادع وسل به لك الخير يا مـوسـى الكليم ولي
وذكره السماوي في (الطليعة) بما يقارب هذا ، كما ذكره

ادب الطف ـ الجزء السابع 141


الشيخ الطهراني في (الكرام البررة) . وله قصيدة تعرف بـ (الخالية) تتكون من 32 بيتا آخر كل بيت منها كلمة (خال) وتعطي معنى غير الاخر ، وقد عارض بها قصيدة بطرس كرامة وقد تخلص في القصيدة لمدح العلامة الشيخ حسن آل كاشف الغطاء وأولها:
سقى الخال من نجد وسكانه الخال وأزهر في أكنافه الرند والخال

كما خمس القصيدة الخالية وبعث التخميس الى الآستانة الى ناظمها ، فلما وقف عليه قرضه فقال:
يا بن الشريف الذي أضحت فضائله كالشمس تشرق بين البدو والحضر
خمست بالنظـم ذات الخال مكرمة مطوقا جيـدها عقـدا مـن الدرر
من البديـع ومـن سحر البيان لقد أوتيت سؤلـك يا موسى على قدر

وللحاج جواد بدكت الحائري ـ تخميس الشيخ للقصيدة الدريدية:
ان آيا أبديتهـا فـي القوافي قد هوت سجـدا لهـا الشعراء
ان هوت سجدا فغير عجيب أنت موسى وهـي اليد البيضاء

وللشيخ جابر الكاظمي:
ألقت لموسى الشعراء العصا كما لموسى ألقت الساحرون
في شعره للشعـرا معجـز مثل العصا تلقف ما يأفكون


ادب الطف ـ الجزء السابع 142


ذكر الدكتور عبدالرزاق محي الدين في مؤلفه (الحالي والعاطل) المترجم له في معارضة قصيدة بطرس كرامة (الخالية) أما تخميسه للقصيدة الدريدية المذكورة في (الحالي والعاطل) والتي نظمها ابن دريد في مدح ابني مكيال ـ كما هو معروف فقد حولها شاعرنا المترجم له الى مدح الامامين الحسن والحسين عليهما السلام بتخميسه للقصيدة وها نحن نروي جملة من هذا التخميس:
هما سليلا احمد خير الملا الحسنين الاحسنين عملا
هما اللذان انقعـالي غللا هما اللذان أثبتا لـي أملا
قد وقف اليأس به على شفا
هما اللذان أورداني موردا عاد به روض المنى موردا
وأنشئاني بعد ما كنت سدى وأجريا ماء الحيا لي رغدا
فاهتز غصني بعد ما كان ذوى
كم ردني بعد الرجاء خائبا من خلته ألا يـرد طـالبا
وحين أصبحت له مجـانبا هما اللذان عمرا لي جانبا
من الرجاء كان قدما قد عفا
وأولياني ما به النفس اقتنت عزأ به عن درن الدنيا اعتنت
وعوداني عادة ما امتهنـت وقلداني منـة لـو قـرنـت
بشكر أهل الارض طرأ ما وفى
أحمد ربي الله ما أعاشني اذ في ولاء المرتضى قد راشني
فلم أقل وهو بخير ناشني ان ابن مكيال الامير انتـاشنـي
من بعد ما قد كنت كالشيء اللقى (1)


(1) اللقى: الشيء المطروح.
ادب الطف ـ الجزء السابع 143


ومذ وفى لي بالذي له ضمن وخصني بما به قلبي أمن
قلت أبو السبطين بالوفا قمن ومد ضبعي أبوالعباس من
بعد انقباض الذرع والباع الوزي (1)
ذاك علي المرتضى عقد الولا وصنو طه المرتضى خير الملا
ذاك الذي رام المعالي فعـلا ذاك الذي لا زال يسمو للعـلا
بفعله حتى علا فوق العلا
ومذ علا بالرغم من حسوده لو كان يرقى أحد بجـوده
قلت وحق القول من ودوده بجوده الموفى على وفوده
ومجده الى السماء لارتقى
فعد الى مدح الحسين والحسن تأمن في مدحهما من الزمن
وقل اذا ما فزت منهمـا بمن نفسي الفداء لأميري ومـن
تحت السماء لأميري الفدا
وقال يمدح الامام عليه السلام:
أقـول لمقـتـعـد اليعمـلات يلف الوعـوث على السجسج
أنخها علـى ذكـوات الغـري وفـي بـاب حيـدرة عـرج
على أسد الغـاب بحر الرغاب مغيث السغاب سـرور الشجى
وصي الرسـول وزوج البتول ومعطي السؤل الى المـرتجي
أبي الحسنيـن وطلـق اليدين اذا العـام ضـاق ولم يفـرج
وقل يا يد الله فـي الكـائنات ويا وجهه في الظـلال الدجي
سلام عليـك بصـوت رقيق من الخطب والكرب لم يفـرج
أتـيـتـك ملتجـأ منهـمـا لأنك أنت حمـى الملتـجـي
وجئـت وايقنـت أن يصدرا طريدين عنـي مهـمـا أجي
فمثلك من كـف عني الهموم وألحب في أعينـي منهـجـي (2)


(1) الوزى بالفتح : القصير.
(2) عن الحالي والعاطل.
ادب الطف ـ الجزء السابع 144


الحاج جواد بدقت

المتوفى 1281

الحاج جواد بدكت قال في الحسين عليه السلام:
بـواعـث انـي للـغـرام مـؤازر رسوم بأعـلا الـرقمنيـن دوائر
يعـاقـب فيـهـا للجديـدين وارد اذا انفك عنها للجديديـن صـادر
ذكرت بها الشـوق القديـم بخـاطر به كل آن طارق الشوق خـاطر
وان لـم تـراع لـلـوداد أوائــلا فما لك في دعوى الـوداد أواخر
وتلـك التي لـو لـم تهـم بمهجتي لما أنبـأت أن اللحـاظ سـواحر
لحاظ كألحاظ المهـى أن أتيـتـهـا فواتـك الا أن تـلـك فـواتـر
وجيد يريـك الظـبـي عند التفاتها هي الظبـي ما بين الكثيبين نافر
تحملت حتـى ضـاق ذرعا تحملي ومل اصطباري عظم ما أناصابر
عدمتك فاقلع عن مـلائـمة الهوى ألـم يعتـبر بالأوليـن الاواخـر
أهل جاء أن ذو صبوة نـال طائلا وان جاء فاعلـم ان تلـك نوادر
فان شئت ان تـوري بقلبك جـذوة يصاعدها ما بين جنبـيك ساجر
فبادر على رغم المـسـرة فـادحا عظيما له قلـب الوجودين ذاعر
غداة أبو السجـاد والمـوت باسط موارد لا تلـفـى لهن مصـادر
أطل على وجه العـراق بفـتـية تناهت بهم للفرقـديـن الاواصر
فطاف بهم والجـيـش تأكله القنا وتعبث فيـه المـاضيات البواتر
على معرك قد زلزل الكون هوله وأحجمن عنه الضاريات الخوادر


ادب الطف ـ الجزء السابع 145


يزلـزلـن أعـلام المنـايـا بمثلهـا فتقضي بهول الاوليـن الاواخـر
وينقـض أركـان المقـاديـر بالقـنا امام على نقـض المقاديـر قـادر
أمستـنـزل الاقـدار مـن ملكـوتها فكيف جرت فيما لقيـت المقـادر
وان اضطرابي كيف يصرعك القضا وان القضا انفـاذ ما أنـت آمـر
أطـل علـى وجـه المعـالم موهن وبـادر أرجـاء الـعوالـم بـادر
بأن ابن بنت الوحي قـد أجهزت به معاشر تنمـيهـا الامـاء العواهر
فما كان يرسو الدهر فـي خلدي بأن تدور على قطـب النـظام الدوائر
وتلك الرفيعـات الحـجـاب عواثر بأذيالها بـل انما الـدهـر عـاثر
تجلى بها نور الجـلال الـى الورى على هيئـة لا أنهـن حـواسـر
يطوف على وجـه البـراقع نورها فيحسـب راء أنـهـن سـوافـر
وهب انهـا مـزويـة عن حجابها وقاهرها عن لطمة الخـدر قـاهر
فماذا يهيـهـن البـدر وهـو بأفقه بأن الورى كل الـى البـدر ناظر
ولكن عناهـا حيـن وافـت حميها رأته صـريعا فوقه النقـع ثـائر
فطورا تـواريـه العـوادي وتارة تشاكل فيـه الماضيـات البـواتر
فيا محكـم الكونين أو هي احتكامها بأنك ما بيـن الفـريقـيـن عافر
وانك للجرد الضـواميـر حلـبـة الا عقرت من دون ذاك الضوامر
ألست الذي أوردتها مـورد الـردى فيا ليتها ضاقـت عليها المصادر
فيا ليت صدري دون صدرك موطأ ويا ليت خـدي دون خدك عافر
* * *


ادب الطف ـ الجزء السابع 146


هو الحاج جواد ابن الحاج محمد حسين الاسدي الحائري ـ الشهير بـ (بذقت) أو بذكت (1). ولد بكربلاء عام 1210 هـ وتوفي سنة 1281 بكربلاء ودفن فيها.
كان فاضلا أديبا مشهور المحبة لاهل البيت عليهم السلام من مشاهير شعراء القرن الثالث عشر وديوانه لا يزال مخطوطا وفيه قصائد عامرة ، وقد ساجل جملة من شعراء عصره نخص بالذكر منهم الشيخ صالح الكواز فلقد ذكر الشيخ اليعقوبي في (البابليات) ان الكواز زار شاعرنا المترجم له فرأى عنده عبدا له اسمه (ياقوت) وهو يضجر من رمد في عينيه فقال الكواز:
ألا ان ياقوتا يصوت معلنا غداة غدت عيناه ياقوته حمرا

فأجابه الحاج جواد مرتجلا:
وقد صير الرحمن عينيه هكذا لأني اذا أدعوه ينظرني شزرا
نظم الحاج جواد في مختلف أبواب الشعر فأجاد وأبدع فمن روائعه قوله مخمسا:
قلت لصحبي حين زاد الظما واشتد بي الشوق لورد اللمى
متى أرى المغنى وتلك الدمى قالوا غـدا تأتي ديار الحمى
وينزل الركب بمغناهم
هـم سادة قـد أجزلوا بذلهم لمن أتاهم راجيا فضلهم
فمن عصاهم لم ينل وصلهم وكل من كان مطيعا لهم
أصبح مسرورا بلقياهم


(1) وبذقت لقب جدهم الحاج مهدي ، أراد أن يقول عن الشمس بزغت فقال لتمتمة فيه: بذقت.
ادب الطف ـ الجزء السابع 147


قد لامني صحبي على غفلتي اذ نـظرت غيرهم مقلتي
فما أطـالـوا اللوم في زلتي قلت فلي ذنب فـما حيلتي
بأي وجه أتلقاهم
يا قوم اني عبد احسانهم ولم أزل أدعى بسلمانهم
فاليوم هل أحظى بغفرانهم قالوا أليس العفو من شانهم
لا سيما عمن تولاهم
جعلت زادي في السرى ودهم وموردي في نيتي وردهم
وقلت هم لم يخجلوا عبدهم فحين ألقيت العصا عندهم
واكتحل الطرف بمرءآهم
لم أر فيهم ما تحذرته بل لاح بشر كنت بشرته
كأنمـا فيمـا تفكرته كل قبيح كنـت أحرزته
حسنه حسن سجايايهم
ومن شعره قوله مقرضا تخميس الشيخ موسى ابن الشيخ شريف محي الدين لمقصورة ابن دريد:
أي آي أبديتها فـي القوافي قد هوت سجدا لهـا الشعراء
ان هوت سجدا فغير غريب أنت موسى وهي اليد البيضاء
وله ايضا في تقريضه:
لقد كفرت بالشعر قوم و قد قضى علينا الـردى حزنـا عليه وتبئيسا
فأحييتنا فيـمـا نظمـت فـآمنوا فكنت لنا عيسى وكنت لهم موسى

وللشاعر ملحمة كبيرة يمدح بها الامام أمير المؤمنين عليا عليه السلام نظمها فصولا على عدد حروف الهجاء رأيت أكثرها في مخطوط العلامة المرحوم الشيخ علي كاشف الغطاء المسمى بـ

ادب الطف ـ الجزء السابع 148


(سمير الحاظر وأنيس المسافر) ج 3 ص 325 قال: وقد نقلتها من نسخة بخطة وهي مسودة ومبيضة لا ثاني لها . أقول ورأيت هذه الروضة في مجموعة بمكتبة كاشف الغطاء العامة قسم المخطوطات ـ رقم 872 وهي التي أشار اليها الشيخ.
وكتب عنه صديقنا السيد سليمان هادي الطعمة فقال: ان الديوان يشتمل على جوانب انسانية ووطنية وله ملحمة رائعة يمتدح بها أهل البيت عليهم السلام جارى بها ملحمة الشيخ كاظم الازري المسماة بـ (الازرية) عدد أبياتها 1265 بيتا . أقول ويحتفظ بنسخة منها آل الرشتي بكربلاء ومطلعها:
أهي الشمس في سماء علاها أخذت كل وجهة بسناها

طرق أبواب الشعر فأسمع كل حي وفتح له الشعر أبوابه وأحسن به ترحابه فها هو يصف جلسة اختلسها من الزمان بين أحباب واخوان ولعلها بمناسبة زفاف السيد أحمد الرشتي عام 1279:
هـي والـراح أسـفـرا اسفارا فأعـاد ليـل النـدامى نهارا
أشرقـا حين لاصحـاب فيحمي عن تعاطى اجتلاهما الابصارا
هي عـاطتهـم لمـاهـا ولمـا أسكرتهم به سقتهـم عـقـارا
تتهـاوى فيهم فتحسبـهـم منها سكارى ومـا هـم بسكـارى
كلما رنحت لهم عطفـها هاجوا ارتياحا وأزعـجـوا الاوتـارا
بينهم من بني النصارى طروب ضل فيها احكام دين النصارى
سلبت رشده وقد كسر الناقوس هجـرا وقـطـع الـزنـارا


ادب الطف ـ الجزء السابع 149


ومن شعره في رثاء الامام الحسين عليه السلام:
شجتـك الضعـائـن لا الاربـع وسـال فؤادك لا الادمـع
ولو لـم يـذب قلـبـك الاشتياق فمن أين يسترسل المـدمع
تـوسمـتـهـا دمنـة بلقـعـا فما أنت والـدمنـة البلقع
تعاتبـهـا وهـي لا تـرعـوي وتسألهـا وهي لا تسمـع
فعـدت تـروم سبـيـل السلـو وسهمك طـاش به المنزع
خذوه بـألسنـة الـعـاذلـيـن فقد عاد فـي سلـوة يطمع
تجاهلت حين طلـب الـسـلـو علام قد انضمـت الاضلع
هل ارتعت من وقفة الاجـرعين فأمسيت من صابها تجرع
فأينـك مـن موقف بـالطفوف يحط له الفـلـك الارفـع
بملمومـة حار فيها القـضـاء وطاش بها البطـل الانزع
فما اقلعـت دون قتل الحسيـن فيا ليتها الدهـر لا تقـلـع
اذا ميـز الشمـر رأس الحسين أيجمعهـا للـعـلا مجمـع
فيا ابن الـذي شرع المكرمات والا فليـس لهـا مشـرع
بـكم أنـزل الله ام الكـتـاب وفي نشر آلائكم يـصـدع
أوجهك يخضـبـه المشـرفي وصدرك فيـه القنا تشـرع
وتعدو على صدرك الصافنات وعـلـم الآله بـه مـودع
وينقع منك غليـل السـيـوف وان غلـيلـك لا يـنـقـع
ويقضي لعيك الردى مصرعا وكيف القضا بالردى يصرع
بنفسـي ويـا ليتـهـا قدمت وأحرزها دونـك المـصرع
ويا ليته استـبـدل الخـافقين وأيسر ما كـان لـو يقنـع
لقد أوقعـوا بك يابـن النبـي عزيز على الـدين ما أوقعوا
وخـوص متى نسفت مـربعا تلـقـفـهـا بعـده مـربع
لقد أوقروهـا بنـات النـبي فهـل بعـدهـا جلـل أسفع


السابق السابق الفهرس التالي التالي