دور ألأب في التربية 164

ـ ألإمتناع عن قبول الطفل بسبب جنسه ، كرغبة ألأب مثلا في الولد الذكر أو البنت بينما يولد له خلافا لرغبته .
ـ عدم شرعية الطفل وسلوكه تكون سببا لإصابة ألأب بخيبة ألأمل .
ـ قبح الوجه حيث يشعر ألأب بأنه غير قادر عل التفاخر .
ـ المشاكل العائلية التي تصل تأثيراتها إلى ألأطفال أيضا .
ـ ألإنهماك في العمل مما يفقد ألأب فرصة الجلوس مع ولده .
ولكن رغم كل ما قلناه فإن الولد يعتبر ضيفا عندكم ، وإنكم السبب في مجيئه إلى هذا الوجود . فعليكم أن تحترموا الضيف خاصة وأنه يمثل وديعة الخالق عندكم .

دور ألأب في التربية 165

الفصل السادس والعشرون
الدعم والتشجيع


تربية الطفل :

تقوم تربية الطفل على أصول ومبادئ لا بد للوالدين أن يلتزما بها ، كتوعيته بالقضايا الضرورية حتى يدرك كيف يتصرف ، والتعامل معه بإخلاص لكي يشعر بالحب وألإلفة فيكون مستعدا لإقامة العلاقة معهما ، والتأكيد عليه بأن يلتزم بتطبيق الضوابط والقوانين لأنها ضرورية لنشأته ونموه ، وألإهتمام به في جميع أموره من أجل سلامته وتحقيق تكامله .
فالطفل جاهل بطبيعته ولا يميز بين ألأمور التي تنفعه أو التي تضره في الحياة . وإنه قاصر عن إتخاذ المواقف الصائبة ولا يدري هل يكرر العمل الفلاني أم أنه قبيح وينبغي تركه ؟
وتقع المسؤولية في مثل هذه الحالات على المربي الذي سيتخذ الموقف المناسب فيرشد الطفل نحو حقيقة ألأمور .

حاجة الطفل إلى الدعم :

يحتاج الطفل إلى الدعم من أجل أن يدرك موقعه ودوره وسلوكه . فلو نال سلوك الطفل السليم إستحسانكم لشعر بالتشجيع ذاتيا ولجأ إلى تكرار ذلك العمل وتوصل إلى الهدف الذي يبتغيه من سلوكه . أما إذا حصل العكس فلم يبال المربي بما قام به الطفل لكانت النتيجة شعور الطفل بألاأبالية إزاء عمله .
إن حاجة الطفل إلى الدعم والتشجيع هي لكي يطمئن إلى عمله

دور ألأب في التربية 166

ويشعر بالثقة بنفسه فيقوم بممارسة دوره بجد ، وهذا ما لا يتحقق إلا من خلال ثناء الوالدين .
ينبغي أن يشمل هذا الدعم والثناء جوانب أخرى كجماله ، وعقله وذكائه وفهمه وإدراكه . فمثلا يجب على الأب أن يمتدح طفله ويثني عليه لأنه عاقل وقادر على الفهم وألإدراك والقيام بأعمال معينة .
وأظهرت التجارب أن هذه المواقف تبني الشخصية وتشبع الميول والرغبات وتدفع الطفل نحو تصرفات عقلانية . والعكس صحيح أيضا إذ أن اللوم والتحقير ونعت الطفل بصفات كالبلادة والتخلف تدفعه نحو الجهل والحمق . وعندها سيصدق تدريجيا أنه غبي ومتخلف فيسمح لنفسه بالتجاهل وعدم الفهم .

مظاهر الدعم :

يمكن للدعم أن يكون على صور عديدة منها الثناء والتشجيع والتبسم وقول كلمة «أحسنت» وإحتضان الطفل وتقبيله وغير ذلك ، إذ إن هذه الأساليب تشجعه وتمهد له ألأجواء في المستقبل لممارسة مختلف الفعاليات .
كما أن دورها في بناء الطفل يفوق دور المنطق وألإستدلال إذ أن الطفل لا يمكنه أن يدرك المنطق الصحيح والحجج البالغة وأنه أشد ما يتأثر بألأمور التي يشاهدها ويلمسها ، وسوف يلتذ الطفل من أعماقه بهذا التشجيع ويشعر بالسعادة بسببه .
إن الثناء والمديح لا يؤثر في الطفل فحسب بل إنه يؤثر في الكبار أيضا . جاء عن أمير المؤمنين ألإمام علي بن أبي طالب (ع) في عهده إلى مالك ألأشتر قوله : «ولا يكونن المحسن والمسيء عندك بمنزلة سواء فإن في ذلك تزهيدا لأهل ألإحسان في ألإحسان وتدريبا لأهل ألإساءة على ألإساءة ».
وبشكل عام ينبغي أن لا ننسى أن الطفل بحاجة إلى إمتداح تصرفه المناسب . ويجب على ألأب أن يلبي هذه الحاجة لا أن يكبتها ، ويقوم

دور ألأب في التربية 167

بتنميتها بسبب تأثيراتها التربوية النافعة العديدة لكي تكون سببا في إحترام الطفل لكم .

تأثيرات أخرى للدعم :

يمكن للدعم والتشجيع أن يكونا عاملين مهمين في التربية والبناء فيما لو إستخدما بشكل صحيح . ويمكننا أن نسميهما بالمعلم لأنهما تدفعان الطفل إلى التغلب على المشاكل والصعوبات التي تعترضه فيتعامل معها بشجاعة وهمة عالية .
ويوفر دعمنا للطفل ألأجواء الملائمة للعب ويقوي عنده قدراته الخلاقة وينمي إستعداداته المختلفة . فيجد نفسه محبوبا في عالمه حتى أنه ينسى العديد من مشاكله الحياتية وأحزانه وهمومه .
إنكم توجهون الطفل ـ من خلال هذا ألعمل ـ نحو الخير والفضيلة ومواصلة هذا الطريق ، وتدفعونه ـ من خلال إرشاده وإثارته ـ للتقدم نحو ألأمام والسير نحو ألإستقلال . لذا فإن عملكم هذا يؤثرعلى شخصية الطفل الذي يجد في نفسه ألجرأة المطلوبة في كل حالاته .

مساوئ فقدان ذلك :

أما لو فقد الطفل التشجيع المطلوب فإنه سيفقد الثقة بنفسه لإنجاز عمل ما ، وسوف ينشأ عنيدا وجاهلا ، ولا يهمه إلا رضاه من أجل القيام بذلك العمل وستكون تصرفاته سيئة ولا تؤثر فيه جهودكم شيئا .
إننا نرى أن بعض ألآباء لا ينطقون ولا حتى بكلمة تشجيع واحدة لأولادهم حتى عندما يكونون راضين عنهم مما يؤدي ذلك بالطفل إلى الشعور باليتم . وإن المن والتفاخر وألإبتعاد والتخويف ، أسباب أخرى لتحقيق هذا الشعور عنده . وينبغي القول بأن هذه الممارسات ـ وخلافا للتصور السائد ـ لا تحقق نفوذ الأب إلى قلب الطفل أبدا بل تسيء إليه وتضره .
فألأب المثالي يحاول بواسطة الدعم والتشجيع أن يزرع الثقة عند طفله

دور ألأب في التربية 168

بأن يحكم على عمله الفلاني بأنه صحيح وسليم ، وإذا ما مارسه مرة أخرى فسوف ينال دعمه أيضا .
وهذا هو أفضل أسلوب لزرع الثقة بالنفس عند الطفل وملء قلبه بالحب . وسوف يزداد إيمانه وإعتقاده بذلك العمل وتنخفض نسبة تأثيرات العوامل المؤدية إلى الحسد .

موارد الدعم والتشجيع :

يمكن اللجوء في الموارد التالية إلى دعم الطفل وتشجيعه :
ـ عندما يلجأ الطفل إلى عمل معين يكون ـ ظاهرا ـ فوق طاقته .
ـ عندما ينجز الطفل العمل المكلف به بمهارة فائقة .
ـ عندما يكون وسط مجموعة معينة فيمتدح ألآخرون أولادهم بينما لا يوجد من يمتدحه ويشيد به . ومن الضروري ـ في مثل هذه الحالة ـ أن يستذكر ألأب نقطة إيجابية في حياة الطفل فيذكرها ويمتدحه بسببها .
ـ عندما يكون الطفل في ظرف يفتقد فيه إلى الجرأة وألإقدام وأداء عمل معين ، فيقف خائفا حائرا . وسوف يؤدي الدعم والتشجيع في مثل هذا الظرف إلى إنقاذ الطفل من حالته .
ـ عندما تراود الطفل الوساوس للجوء إلى العصيان والتمرد فيقضي دعم ألأب وتشجيعه على تلك الوساوس .
وأخيرا فإنه ينبغي الدعم والتشجيع متى ما كان الطفل حزينا ويشعر بعدم ألإرتياح بسبب كثرة التكاليف والوظائف ، أو أنه تعرض للعقاب فيجب مواساته .

الجهد الذاتي للطفل :

يحتاج الطفل بذاته إلى الدعم والتشجيع فنراه يبذل جهده وسعيه من أجل نيل ذلك . وما الرياء وحب الظهور إلا تعبير عن حاجة الطفل إلى الدعم ، ولكن ألآباء والمربين يغفلون عن ذلك عادة .

دور ألأب في التربية 169

ويمن إدراك هذه الحاجة من خلال أسئلة الطفل المتعددة ، وإلحاحه عليكم لتسمعوا له ولجوئه إلى مقاطعة كلامكم وعشرات المواقف ألأخرى .
حاولوا بشكل مباشر أو غير مباشر أن توفروا مقدمات تشجيع الطفل حتى لا يشعر بالحاجة إلى اللجوء لمثل هذه المواقف ، وأن عملكم هذا يؤثر بشدة على نشأة الطفل وتكامله ، علما أنه ستظهر في هذه ألأثناء بعض التأثيرات ألأخرى التي يحتاج إليها الطفل في حياته اليومية .

إهتمامات ضرورية :

ثمة إهتمامات ضرورية في موضوع الدعم والتشجيع لا بد من ألإلتفات إليها وأهمها :
1 ـ أن لا يتخذ التشويق طابع الرشوة فيستعين به الطفل لإنجاز وظائفه .
2 ـ أن لا يكون التشجيع بدون سبب بل يجب أن يكون بمقدار معين يتناسب مع قابلية الطفل .
3 ـ لا بد من ألإهتمام بنوع العبارات والكلمات والمكافآت المخصصة في هذا المجال .
4 ـ لا بأس من اللجوء إلى التشجيع أمام ألآخرين ولكن تكرار ذلك يؤدي إلى بروز ظاهرة ألرياء عند الطفل .
5 ـ أن يكون الدعم والتشجيع مقرونا بألإحترام ولكن بشرط أن ينتبه الطفل في نفس الوقت إلى نقاط ضعفه .
6 ـ إن الهدف من التشجيع هو بناء قدرة الطفل وكفاءته فينبغي الحذر عمليا حتى لا يحدث أي تناقض بين الهدف والممارسة .
7 ـ لا بد أن يتم التشجيع وفق برنامج مدروس وعلى ضوء ضوابط معينة لكي يحسب الطفل لذلك حسابا .
8 ـ ينبغي ألإنتباه إلى أن التشجيع المفرط يكون خطيرا في بعض ألأحيان إذ ستزداد توقعات الطفل منكم ويكون ذلك سببا لإقدامه على ممارسات سلوكية سيئة .
وبشكل عام نقول :
لا بد من مراعاة حد الوسط في جميع ألأمور .

دور ألأب في التربية 170

الفصل السابع والعشرون
ألأب ولعب الطفل


موضوع اللعب :

اللعب هو ذلك العمل الذي تصاحبه الحركة والنشاط ، وبذلك الجهد والطاقة حيث يشغل حيزا مهما في حياة الطفل ويرتبط بوجوده . ومن خلاله يتسلى الطفل حتى أنه ينسى أحيانا تناول طعامه . ويؤثر اللعب على الطفل كثيرا ، ويمكننا أن نصفه بأنه أساس حياته بل كأن الطفل لا يستهدف شيئا آخر سواه .
وبسببه يشعر الطفل باللذة التي تملأ نفسه ويعتبره هدفا مقدسا بالنسبة له . وبواسطته يشعر الطفل بألإستقرار .
ولا توجد أية حاجة لنا لندفعه نحو اللعب ونشوقه به ، إذ إنه يبحث عنه دائما ويفكر به وسوف يشعر بألأذى فيما لو منعناه عنه .

أهميته للطفل :

يعتبر اللعب مهما للطفل لأنه يؤدي إلى بنائه جسميا وإكتسابه الكفاءة والخبرة وقوة ألأعضاء . وبواسطته يتخلص من ألإضطراب ، ويتعلم دروس الحياة ، ويفتح أمامه ألآفاق للإبداع .
ويمكننا أن نقول عنه أنه كالجسر الذي يربط الطفل بالحياة ويخرجه من صومعة الطفولة إلى معترك الحياة والعمل والفعالية .
وإنه يصور له العالم الذي يعيشه ويبنيه عاطفيا , وهو أفضل وسيلة تجعل الطفل يدرك مسؤولياته ، وتنقذه من التشرد والخمول والكسل .

دور ألأب في التربية 171

وبواسطته تتقوى إرادة الطفل وتنمو قابلياته في القضاء والتحكيم ، ويتعلم دروسا في ألأخلاق ويزيد من ذكائه وعزمه .
ويمكن في ظله بناء ألآخلاق وتعلم قواعد ألإنضباط وتوجيه الطفل نحو ألأهداف المنشودة ، وبواسطته يتمرن الطفل على العمل ويتحرك في الطريق الذي نبتغيه ، وإنه وسيلة لإكتشاف هذا العالم على العمل وظواهره المختلفة ، وبسببه يشاهد الطفل عوالم جديدة تقف أمام ناظريه ، وتتغير تصوراته عن الظواهر ويسير تدريجيا في الطريق الصحيح .

اللعب وإكتشاف الطفل :

اللعب وسيلة لإكتشاف عالم الطفل المجهول والتعرف على عالم وجوده ، وثمة صفات عديدة وممارسات مختلفة كالحب والبغض والحقد والعطف لا يمكن أن يكتشفها المربي إلا في ظل اللعب فيشاهد لعبه مثلا معه أو مع ألآخرين.
ويكشف الطفل من خلال لعبه عن شخصيته فيتبين هل إنه قائد أو مقود ، وصبور أم عجول ، وهادئ أم حاد المزاج ، ونشبط أم كسول ، وضعيف أم قوي ، وكفوء أم فاشل ، وقلق أم مستقر ، وعدواني أم مسالم ، وهل يحمل أفكارا جميلة أم لا ؟ وغير ذلك من السمات ، ويمكن ـ من خلال تشخيص الحالات ـ العمل على إصلاح الطفل وإنقاذه من ألأعراض السيئة ودعم الجوانب ألإيجابية ، بل ويمكن إتخاذ اللعب علاجا لمختلف ألإضطرابات التي تصيب الطفل .

اللعب وألأدوار المختلفة :

يتسلى الطفل في لعبه ـ سواء كان فرديا أم جماعيا ـ بممارسة أدوار مختلفة والتمرن عليها . فنراه يحاكي أدوارا عديدة ، وهذه العملية بحد ذاتها جيدة للتمرن على الفعاليات ويمكنها أن تساهم في المستقبل في بنائه وتكامله وممارساته للعمل .
ويسعى الطفل في اللعب الجماعي أن يختار ذلك الدور الذي يكون قادرا على أدائه بشكل جيد مما يؤهله للمشاركة في النشاطات ألإجتماعية .

دور ألأب في التربية 172

وما العمل في أوساط المجتمع إلا عبارة عن مجموعة من التمارين لنشاطات إجتماعية مختلفة حيث يكتشف كل شخص دوره ويسعى للقيام بوظيفته .
ويتعرف ألأطفال خلال اللعب الجماعي أيضا على الضوابط في الحياة ألإجتماعية ويتعلمون طريقة التعامل مع ألآخرين وألأسلوب ألأفضل لتعلم القوانين والقرارات . كما ويهتدي الطفل ـ خلال لعبه الجماعية ـ إلى كيفية إحترام ألآخرين ورعاية حقوقهم . وسوف يشعر بالسعادة لأنه يؤدي وظيفته ضمن المجموعة .

ألأب واللعب مع الطفل :

لا شك أن اللعب هو من المواضيع التربوية المهمة وينبغي للأب أن يلعب مع ولده ويسعى إلى بنائه ويزيل عنه تلك ألأعراض السيئة وألإضطرابات السلوكية . فقد جاء عن رسول ألله (ص) إنه قال : «من كان له صبي فيتصاب له ». وجاء عن أمير المؤمنين ألإمام علي (ع) قوله : «من كان له ولد صبا».
فألأب يلعب مع طفله لتنشأ بينهما ألإلفة ثم يداعبه ويسعده ويجعله نشيطا ويأنس به ويكتشف عالمه الداخلي ويزيل قلقه وتأثره .
نعم فاللعب مع الطفل يعتبر مهما للغاية بشرط أن يكون ذا هدف تربوي . ويتمكن ألأب من خلاله أن يعلم ولده مختلف الدروس والمبادئ وألأعراف والتقاليد . وأن يوجهه نحو جادة الصواب والبناء الفردي وألإجتماعي .
ويجب على ألأب أيضا أن يحث ولده على أن يتحدث معه وهو يلعب لكي يكشف له عن أفكاره وطموحاته ومشاكله وما يواجهه من أمور خارج نطاق البيت وفي المدرسة ليكون مطلعا على وضعه .

الربح والخسارة في اللعب :

لو سلمنا بأن اللعب ينفع الطفل في بنائه لتوجب علينا أن نفكر بأساليب تجذب الطفل وتجره إليه . ومن تلك ألأياليب موضوع الخطأ

دور ألأب في التربية 173

والصح ، والربح والخسارة . وينبغي أن يعلم ألأب ولده من خلال اللعب ويرشده إلى الطريق الصحيح ويحذره من ألأخطاء .
ولكي ندعم الطفل ونبني معنوياته لا بد أن يقوم ألأب بإختلاق بعض المواقف التي يبدو فيها الطفل هو الفائز على والده والوالد هو الخاسر فيشعر بالفخر والثقة بنفسه . أما لو كانت هزيمة ألأب مستحيلة لشعر الطفل باليأس ولنفر من اللعب .

اللعب وألإنضباط :

يمثل اللعب للطفل درسا يتعلم منه القانون وألإنضباط وهذا أدنى ما نتوقعه من اللعب ولا بد أن يلتزم الطفل من خلاله بألإنضباط والقواعد وألأصول .
وينبغي عليكم أن تنظموا حركات الطفل وسلوكه ونشاطه من خلال لعبه ، وأن ترشدوه إلى الطريق الصحيح ، وتعلمونه ما ينفعه وتحثونه لقبول القواعد والمبادئ ، وأن يراعي ألآخرين .
إجعلوه يقتنع بالفشل ويتحمل الخسارة أحيانا ويعتبر هذا ألأمر ضروريا لكل إنسان لأن الحياة لا تعني الفوز والنجاح دائما .
ويمكن بواسطة اللعب أيضا تهذيب تطرف الطفل ووقاحته فيدرك عمليا أنه لا يقدر أن يفعل ما يشاء وكيفما يشاء .

لُعَب ألأطفال :

ثمة حاجة في بعض ألأحيان لتوفير بعض اللعب للأطفال من أجل بنائهم الفكري والذهني ورفع مستوى الكفاءة والخبرة والمهارة عندهم فالطفل بحاجة إلى تلك اللعب مهما كان سنه وعقله .
لكن الشيء المهم هو إختيار هذه اللعب ، فلا داعي للتفكير بلعب غالية ألأثمان أو أن توفروا تلك اللعبة التي ترغبونها أنتم ، يجب أن تمتاز اللعب بخاصية دفع الطفل نحو التفكير والعمل والنشاط ، وأن لا تثيره وتهيجه ، فثمة لعب تضر ألأطفال ولا تنفعهم أبدا لأنها لا تقوم بأي دور سوى أن يقف الطفل ليتفرج عليها .

دور ألأب في التربية 174


إهتمامات ضرورية :

نشير فيما يلي إلى بعض المحاذير وألإهتمامات التي ينبغي مراعاتها في موضوع لعب ألأطفال :
1 ـ إن اللعب مفيد للطفل ، بيد أن علينا أن نمنعه منذ السن الخامسة من ألإفراط فيه ، وأن نمهد له ألأجواء ليتعامل مع بعض ألأمور الجدية والمهمة .
2 ـ لا بأس من ممارسة اللعب مع الطفل ولكن بشرط عدم ألإفراط حتى لا يصاب الطفل بألاأبالية إزاء هذا ألأمر فيضطركم تدريجيا حتى ينفذ صبركم .
3 ـ من الضروري أن يمارس الطفل ألألعاب المرحة وتلك التي تعيد إليه نشاطه ولكن بشرط أن لا يصاب بالهيجان لأنه يؤدي إلى ضعف ألأعصاب والنوم القلق .
4 ـ علموا الطفل من خلال اللعب ما ينفعه وإحذروا أن يلجأ إلى إثارة الضوضاء وإلحاق ألأذى بألآخرين والعبث وتحطيم ألأشياء .
5 ـ إلعبوا مع الطفل وداعبوه ولكن إحذروا أن يتعدى على القانون ويرفض الضوابط .
6 ـ يكون اللعب مفيدا للطفل متى ما لم يكن قسرا أو بألإكراه .
7 ـ لا تحقدوا على الطفل بسبب لعبه ولا تلحقوا به ألأذى لذات السبب وإلا لفرطتم بدوركم التربوي .
8 ـ ليكن اللعب هادفا حتى يتعلم منه الطفل دروسا عديدة تعوض عن تلك الدروس التي تقدم بشكل مباشر .

دور ألأب في التربية 175

الفصل الثامن والعشرون
ألأب والقصة


أهمية القصة :

تعتبر القصة واحدة من العوامل المهمة والمؤثرة في التربية ويتأثر ألأطفال بل وحتى الكبار بها . ويمكن من خلالها ألإشارة إلى مواضيع ومبادئ عديدة لكي يلتزم بها الناس ويعملون بموجبها .
وتثير القصة عند الطفل إحساساته وعواطفه ، وتوجه أطماعه التي لا حد لها . وتقضي على تكبره ، وتحذره بشكل غير مباشر من أخطائه ألأخرى ، وتوفر أجواء ملائمة للقيام بالعملية التربوية .
فجميع ألأطفال يفرحون لسماع قصة ما يتعلمون منها شيئا معينا ، وتثير القصص عند ألأطفال عادة مشاعرهم وتدفعهم ليقلدوا ما يرد فيها من خلال ما يستوحونه منها . لذا ينبغي تخصيص الوقت لذلك خاصة لو علمنا بأن الطفل يتعلم منها أحيانا بمقدار ما يتعلمه من كتاب آخر يستغرق ساعات عديدة لقراءته .

القصة من أجل التربية :

إنه لأمر جميل حقا أن يستفاد من القصة في تحقيق ألأهداف التربوية خاصة وأن ألأطفال لا يتثاقلون منها بسبب أسلوبها الغير مباشر . فهم سوف لا يصابوا بأية ردود فعل عندما يدركون بواسطة القصة بأنهم أساؤوا بسبب الخطأ الذي إرتكبوه .
ويمكننا من خلال القصة أن نعلم الطفل مبادئ وأصول عديدة

دور ألأب في التربية 176

ومهمة ، فمثلا يمكنكم أن تعلموه آداب تناول الطعام ونوع التعامل مع ألآخرين وكيفية النوم وألإستراحة ومسؤوليته إزاء نفسه وألآخرين ، وكيف يستفيد من أعضائه ومختلف الوظائف والمسؤوليات ألأخرى .
ويستطيع الطفل أن يحصل على معلومات مفيدة ونافعة من خلال إصغائه إلى القصة دون أن يزاحمه أحد . ومن الضروري أن تستعين ألأسر التي لها أطفال صغار بالكتب المصورة لأنها تبني عندهم أفكارا جميلة . كما إنهم يفرحون كثيرا عندما يشاهدون الصور الجميلة ويسمعوا المصطلحات الجديدة وألأمثال التي تمر عليهم مسبقا .

القصة وتجسيد البطل :

يسبح الطفل في بحر من الخيال الواسع ويجسد في مخيلته تلك المشاهد التي ينقلها إليه والده في قصصه سواء عن ألإنسان أو الحيوان ، ويتصور نفسه البطل لتلك القصة ، ونراه يحاول محاكاة البطل في سلوكه وممارساته خاصة لو إستحسن سلوكه وتأثر به إيجابيا .
ويندفع نحو النشاط والعمل وألإختراع وسلوك طرق جديدة وأساليب مستحدثة . فالقصة توجه الطفل بشكل غير مباشر إلى ذلك الهدف التربوي المنشود .
وثمة ملاحظة مهمة ، وهي أن ألأطفال يتأثرون بكل ما يعجبهم ولا يملكون قابلية التشخيص (التمييز) بين ألأمور النافعة والمضرة بالنسبة لهم . كما لا يهمهم أيضا أن يستمعوا إلى القصة من أبيهم أو من وسائل ألإعلام ، لذا ينبغي الحذر وألإهتمام بدقة لهذه ألأمور .

القصة وألأخلاق وألإنضباط :

يتعلم الطفل من القصة دروسا في ألأخلاق وألإنضباط وألإلفة . فما أكثر الدروس ألأخلاقية التي لا يتأثر بها الطفل فيما لو إستمع إليها بشكل نظري في حين إنها ستضفي تغييرات على سلوكه فيما لو طرحت على شكل قصة .
فلو أردتم أولادا منضبطين وملتزمين فما عليكم إلى أن تعلموهم أصول

دور ألأب في التربية 177

ألإنضباط وقواعده منذ صغرهم وتبينون لهم ذلك من خلال القصص التي تسردونها لهم . إذ يمكنكم والحال هذه أن تعلموهم مبادئ عديدة تفوق مئات الكتب والدروس .
وأخيرا يمكنكم من خلال القصة أن تألفوا أطفالكم وتأنسوا بهم وتمهدوا لهم ألأجواء لممارسة الفضائل ، فالطفل يأنس بكم ويرتبط معكم بعلاقة حميمة ويصادقكم ويطلبكم دوما بسبب القصص التي تذكرونها له . ويمكنكم في هذه الحالة أن تؤثروا فيه وتنفذوا إليه وتجعلونه مطيعا لأوامركم . وإن أوامركم ونواهيكم تدفعه نحوالشرف والتقوى والصلاح والنزاهة .

شروط القصة :

ينبغي أن تكون القصص المقدمة للأطفال نافعة ومفيدة وهادفة وموجهة . وأن تساهم كل واحدة بزيادة نضجه وتكامله .
ويجب أن تكون بمستوى سن الطفل وإدراكه وفهمه وتلبي حاجاته ألأساسية في الحياة فتزول الحاجة إلى طرح ألأمور بشكل مباشر . وأن يكون الطفل قادرا ـ بسببها ـ على تقييم حاله (حاضره) وماضيه والتفكير بمستقبله .
لا بد للقصة أن تكون بعيدة عن بعض الخرافات كالجن والعفريت وألأمور ألأخرى التي تثير الرعب والخوف عند الطفل وتضطره لمشاهدة أطياف موحشة . كما ينبغي لها أن لا تكون من النوع الحزين أو العنيف والخالية من الحب والعطف والشفقة والرحمة ، وأن لا يتعلم الطفل منها دروسا في التطاول على ألآخرين والغضب والوقاحة ومفاهيم سلبية أخرى .
ينبغي أن تكون القصص واقعية ونابعة من الحياة لكي يتمكن الطفل من مشاهدة مثيل لها في المجتمع ، ويمكن ألإستفادة أحيانا من بعض قصص الحيوانات ولكن بشرط عدم ألإفراط فيها .

القصة وتعليم العقيدة :

إننا نعتقد بضرورة أن يقوم ألأب بترجمة دورة كاملة من قضايا الدين

دور ألأب في التربية 178

والعقيدة إلى قصة يقدمها لطفله بمدة زمنية بحدود عشر دقائق في كل ليلة قبل نومه . فمثلا يتحدث له عن رحمة الخالق جل وعلا وعنايته وقدرته وخلقه ومظاهر عظمته ، وأن يبين له قصص ألأنبياء وألأئمة وألأولياء والصالحين ، ومبادئ الدين وآدابه ، وأن يوضح له عظمة النبي (ص) وخدماته وحروبه وكذلك ألأئمة الطاهرين عليهم السلام وعملهم وغير ذلك .
ولو تمكن ألأب أن يقوم بهذا العمل في كل ليلة بمدة عشر دقائق فقط لأستطاع خلال ثلاث دورات سنية (سبع سنوات لكل دورة) أن يعلم ولده أصول العقيدة ويطلعه على المعرفة وألإعتقادية الضرورية ويجعله خاضعا لتأثيره حتى مرحلة النشوء أو البلوغ .

ضرورة تخصيص الوقت :

نعلم جيدا أن التربية إنما هي علمية مكتسبة ولا يمكنها أن تتم تلقائيا ، لذا ينبغي على الوالدين أن يخصصا وقتا لهذه العملية . وقد جاء ألإسلام ليؤكد على ضرورة ألإتزان في العمل وبذل الجهد من أجل أن يجد ألإنسان الفرصة الكافية فيتابع شؤون أولاده وينظم حياته ويعوض عن القصور والتقصير في هذا المجال .
فالعمل جيد ولكن بشرط أن لا يبعد ألإنسان عن هدفه ألأصلي ، والهدف من العمل إنما هو للحصول على لقمة العيش التي تهب ألإنسان قوة ونشاطا فيكون قادرا على بناء نفسه وأولاده . لذا يجب عليكم أن تخصصوا ساعة لتحقيق هذا الغرض مهما كانت ظروفكم ، وأن تنظموا أوقات فراغكم وتستغلوها لصالح بناء الطفل وتكامله .

محاذير ضرورية :

لا بد أن تكون القصة بمستوى عقل الطفل وعاطفته . وأن تستغل الفرص السانحة في الحياة ، والحوادث الحاصلة في المجتمع والممارسات الحياتية المختلفة ، فتكون دروسا بناءة للطفل .
من الضروري أن تكون القصص واقعية ولكن لا داعي لإحراج أنفسكم كثيرا . إذ يمكنكم أحيانا أن تختلقوا بعض القصص التي تحقق أهدافكم ،

دور ألأب في التربية 179

وأن توجهوا الطفل نحو تلك ألأهداف من خلال ذكر بعض المشاهد ألأخلاقية والمواقف ألإنسانية .
فالقصة هي فرصة جيدة لبناء الطفل وفق السلوك الخاص الذي تبغونه . وينبغي أن تنتبهوافي هذا الطريق إلى ثبات شخصية الطفل والتحذيرات الضرورية التي لا بد من تقديمها له حتى يمكنكم أن تشاهدوا ألآثار العملية لذلك على حياة الطفل . وأخيرا نقول إياكم أن تدفعوا الطفل إلى ألإشمئزاز من سماع القصص والنفور منها ، لأن أهميتها لا تعد ولا تحصى .

السابق السابق الفهرس التالي التالي