شمس ألمرأة لا تغيب 70

مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً » (1) وقول الامام الصادق (عليه السلام) : « النشوز يكون من الرجل وألمرأة جميعا » (2) .
ويقول بعض المفسرين : « قد يكون النشوز من الزوجة فقط وقد يكون من الزوج وقد يكون منهما » (3) الا ان هذه ألآية التي نحن بصددها تتحدث عن نشوز ألمرأة ، ولنشوز الرجل مقام آخر وله احكامه .
وقد فسر اعلام المفسرين والفقهاء بان المراد بالمرحلة الثانية ، اي هجر المضاجع ان يحول الرجل ظهره اليها في الفراش ، وهو ما نصت عليه رواية الامام الباقر (عليه السلام) في قوله : « يحول ظهره اليها » (4) وأما المرحلة الثالثة : الضرب . فعلى فرض ان يكون المراد به هو الضرب المعروف ، فقد ذهب اعلام المفسرين والفقهاء الى ان الضرب يكون بالمنديل ــ وليس بسياط ــ بشكل لا يؤلمها . وقد ورد في حديث الامام الباقر (عليه السلام) : « انه الضرب بالسواك » (5) ، لأن المقصود هو الردع واظهار الانزجار ، وهذا ما يحصل بالمنديل او السواك ، وربما كانت الإشارة على ما يقولون ابلغ من

(1) سورة النساء ، ألآية : 128 .
(2) وسائل الشيعة : 21 / 350 .
(3) الكاشف : 2/317 .
(4) مجمع البيان : 3 ــ 4 / 69 .
(5) التبيان : 3/191 .
شمس ألمرأة لا تغيب 71

التصريح ، وقد ورد في مناهي الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) : « لا يضرب احدكم امراته ضرب العبد ثم يعانقها في آخر النهار » (1) حيث يتبادر من الحديث اراد إقلاع المسلم من ضرب زوجته ، دون ان يشرع الضرب الخفيف ، كما ان سياق ألآية يوحي ان المناسب تفسير مفردة الضرب بمعان اخرى وردت في اللغة والتي منها الاعراض ، اي الاعراض عن ألمرأة ، سواء في العمل الجنسي ، او عن النوم معها في فراش واحد ، ولا حاجة الى تقدير حرف الجر « عن » ليفهم منه هذا المعنى ، هذا ولم يعهد ان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا أهل بيته عليهم السلام ضربوا احدى زوجاتهم . ولا يخفى ان الواو المستخدم في المراحل الثلاثة هي للترتيب من الأخف الى الأثقل (2) ، واما الاقوال الاخرى ، فالظاهر انها بعيدة من روح التسامح الاسلامي المعهود ، كما ان الامر الوارد هنا للإباحة ، وليس فرضا كما عليه معظم الفقهاء والمفسرين (3) . ومن هنا نجد انه سبحانه وتعالى حريص على عدم البغي في تتمة ألآية المباركة .
وهناك بعض الروايات المنكرة والتي ظاهرها توحي بانها موضوعة حيث يروى ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : « لا تضربوا

(1) السنن الكبرى : 7/498 ، ح : 14780 .
(2) راجع قلائد الدرر : 3/148 .
(3)راجع قلائد الدرر : 3/149 .
شمس ألمرأة لا تغيب 72

اماء الله » فجاء عمر الى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال : « ذأرن (1) النساء على ازواجهن ، فرخص في ضربهن ، فاطاف بآل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نساء كثير يشكون ازواجهن ، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : « لقد طاف بآل محمد نساء كثير يشكون ازواجهن ، ليس اولئك بخياركم » (2) ، ويروي ايضا ان سعد بن الربيع (3) ــ وكان نقيبا من نقباء الانصار ــ نشزت عليه امراته حبيبة بنت زيد بن ابي زهير ، فانطلق بها ابوها الى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال : « افرشته كريمتي فلطمها » ، فقال : « لتقتص منه ، فنزلت ــ ألآية ــ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) اردنا امرا واراد الله امرا ، والذي اراد الله خير » (4) .
ومن الملاحظ ان في ذلك تنقيص في حق الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كما يتناقض مع قوله تعالى : « وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى{3} إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى » (5) .
ومجمل الكلام ان الروايات في هذا الباب في الاساس

(1) ذأر : أنف ، إجترأ .
(2) سنن ابي داود : 1/652 ، ح : 2146 .
(3) سعد بن الربيع ، كان خزرجيا ، وكان يتناوب في بعث العشاء الى بيت ابي ايوب الانصاري حين ورد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الى المدينة . قتل شهيدا يوم أحد ودفن هو وخارجة بن زيد في قبر واحد ، وكان يفوح من ترابهما رائحة المسك .
(4) الكشاف : 1/506 .
(5) سورة النجم ، ألآية : 3 و 4 .
شمس ألمرأة لا تغيب 73

قليلة جدا ، وليس فيها ما يثلج الصدر ، واكثرها ضعيفة السند ، فلا يمكن الركون اليها ، فيبقى ان تفسر ألآية بالمعقول وبروح التسامح الاسلامي السامي ما دامت العموميات واللغة ومضامين بعض الروايات وسياق ألآية تساعدنا على ذلك .

شمس ألمرأة لا تغيب 74




شمس ألمرأة لا تغيب 75

تعدد الزوجات

ان التعدد ليس فرضا اسلاميا او خيارا مفضلا ، او منهاجا عاما كما يشيعه اعداء الاسلام ، بل هو قانون غير ملزِم « مباح » لمعالجة حالات اجتماعية مستعصية لا تحل الا بها فيما اذا افترض وجود اغلبية انثوية في قطر من الاقطار بغض النظر عن الاسباب التي ادت الى تلك الكثرة للجنس الناعم (1) او ربما علاج لبعض الحالات الفردية التي قد توصد الابواب بدونها (2) ولكن بشرطها وشروطها ، وليست تلك الشروط بالهينة او

(1) جاء في كتاب ماذا عن ألمرأة : 147 « ان احصاءات المواليد في العالم تثبت بان مواليد الاناث اكثر من الذكور » هذا بشكل عام ، وجاءءفيه ايضا : ان الذكور الصغار اكثر تعرضا للموت من الاناث ، وورد فيه كذلك « ان الرجال يتعرضون الى الموت ومن ذلك على سبيل المثال ان عدد الأيامى من النساء في الحرب العالمية الثانية فاق على 25 مليون امراة » .
(2) كما هو الحال في موارد العقم ، والامراض النسائية الموجبة لتحديد النسل والتوقف عن الانجاب ، فهل ألمرأة العقيمة والتي نسبتها اكثر من الرجال تبقى بلا زواج او ان يحرم الرجل من التناسل ، واختيار الطلاق لأي عقم ، سواء كان رجلا او امراة لا يحل المشكلة ، والحل الافضل هو الجمع بين العقيمة والمنجبة مع الالتزام بالعدالة ، لان نتائج عدم الزواج او الطلاق معروفة سلفا من ناحية الفساد الاجتماعي ، ومن الناحية النفسية .
شمس ألمرأة لا تغيب 76

المستسهلة ، والتي من اهمها : الحاجة ، واداء الحقوق ، والعدالة ، وعدم دفع الضرر بضرر اكبر .
ولا يخفى ان الاسلام ليس المبادر لهذه النظرية بل كانت سائدة في الغرب والشرق منذ القدم (1) وانما جاء الاسلام واصطفى من بين الخيارات ما هو أنجعها وأقلها ضررا ، مما يتوافق مع مفاهيمه العامة وهو اصلاح المجتمع مع رعاية مصلحة الفرد . وما رفض ألمرأة في هذه الايام وفي بعض الاقطار الا لامور غير خافية على من لهم اهتمام في القضايا الاجتماعية والسياسية ومن اهمها :
1ــ ان اعداء الاسلام قاموا بالعمل المضاد تنكيلا بالاسلام ، وذلك عبر جميع الوسائل الاعلامية المتاحة لهم باختلاف انواعها وبالاساليب المتنوعة .
2ــ ان الرجل التجا الى ذلك للتقاص عن زوجته الاولى للخلافات التي ظهرت بينهما ، او انه اقدم على ذلك من دون حاجة الى التعدد ، او انه اخل بالحقوق والواجبات ، او انه اغلف زوجته عن ذلك ، او انه اقدم الى ذلك دون ان يقوم بدراسة حقيقية عن الاوضاع المرتبطة بالعوائل المحيطة بهم .
3 ــ ان ألمرأة عاشت في بيئة معبأة ضد التعدد ، او تثقفت عليها ، وعلى ثقافة امتلاك الرجل ، وانحصار حبه لها ،

(1) راجع كتاب حقوق ألمرأة في النظام الاسلامي : 334 عن قصة الحضارة : 1/71 .
شمس ألمرأة لا تغيب 77

متناسية ان الحب مادة غزيرة لاتنقص مهما اغترف منها ، وان كل جزء منه غني بالمكونات الاساسية لعمق مادة الحب وعدم نفاذ كنهه ، حتى في الحب من النوع الواحد ، اذ ربما يقال ان حب الرجل لأمه يختلف عن حب الرجل لإبنه او ززوجته ، او حبه لله او الوطن ، ولكن الحب من النوع الواحد فان مادته ايضا غزيرة وكنهه لاينفذ ، وفي كل غرفة تغترفها تجد جميع المكونات دون نقص ، وليس الحب مادة تنقص بالتوزيع ، ومثال ذلك : انك اذا رزقت أبناءً وبناتا ، فا ن حبك لكل اولادك موزع على جميعهم ، فلا ينقص حبك لأحدهم عن الآخر ، وان كل حب قائم بحد ذاته على حاله ، نعم ان الحب سوف يختلف بسب المعطيات والمميزات التي يمتلكها كل واحد منهم ، او حسب تعامل كل فرد منهم معك ، فلو ان احد ابنائك عصاك فان حبك له بالطبع ينقص بمرور الايام ، وهذا الامر ذاته ينطبق على الزوجات ، فان حب الرجل لزوجته الاولى هو ذاته لزوجته الثانية دون اي زيادة او نقيصة ، لان الحب شيء واحد ، اللهم الا ان وجود بعض المعطيات توجب الخلل في الحب ، كما ان الامتلاك بحد ذاته في الجنس البشري لا يصح سواء كان الطرف الآخر امراة او رجلا اذ لا تجوز الانانية ، وعلينا ان نتعمق في آيات التعدد لنعرف مقاييسه ، ومن تلك الآيات : « وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ

شمس ألمرأة لا تغيب 78

تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً » (1) وقوله تعالى : « وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ » (2) . ان ضم هاتين الآيتين والتعمق في معانيها يوصلنا على الاقل الى التالي : ان التحرج في التعدد لابد وان يكون كتحرجكم في التصرف باموال اليتامى ، وومع الاضطرار لابد من مراعاة العدالة بينهن ولكنها صعبة جدا ، رغم كل المحاولات ، فلا اقل ان لا تتظاهروا بالميل لاحداهن في الحب دون الاخرى فتجعلوها كالمعلقة ، لا هي زوجة حقيقية ولا هي حرة طليقة .
وعلى اي حال فان التعدد هو الحل الامثل والانجع لحالات العنس والخيانة الزوجية ، او مسائل الانجاب وما الى ذلك (3) ، وقد اقر مجلس الامة الروسي « الدوما » في عام

(1) سورة النساء ، ألآية : 3 .
(2) سورة النساء ، ألآية : 129 .
(3) وقد ذكروا في هذا المجال امورا عدة من وراء فلسفة التعدد موثوقة بالاحصائات والتجارب العلمية والتطبيقية منها على سبيل المثال : ان الرجال تواقون بفطرتهم الى التعدد ، ان البلوغ الجنسي لدى ألمرأة يبدأ قبل الرجل ، وان قانون تعدد الزوجات هو احقاق لحق من حقوق ألمرأة بشكل عام ، حيث ان النساء الاخريات يبقين عوانس ، وذلك لان نسبة الاكثرية بشكل عام في نهاية المطاف من حصة الجنس الناعم ، سواء بالولادة او بالحوادث او بالكوارث او بمقاومة ألمرأة للامراض . راجع كتاب حقوق ألمرأة في النظام الاسلامي : 367 .
شمس ألمرأة لا تغيب 79

2002م جواز تزويج الرجل باربعة نساء ، مبررين ذلك بحاجة الشعب الروسي الى ذلك ، وللعلم فان تعدد الزوجات ليست ظاهرة اسلامية حتى ينتقد من قبل الاعداء ، فعلى سبيل المثال : ان صاحب الدار الذي اسكنه في لندن مسيحي من نيجيريا متزوج من اربعة نساء ، ولما سألته عن مثل هذا التعدد فقال انه شائع عندنا ، وقد التقيت بإحدى زوجاته فوجدت ان الامر بالنسبة اليها طبيعي ، كما وانني قرات عن مطالبات جهات غير اسلامية بالتعدد (1) .
وربما كان سبب تهريج الاعداء ضد المسلمين عبر طعنهم بجواز تعدد الزوجات هو خوفهم من كثرة تزايد عدد المسلمين التي دأبوا الى محاربتها بشى الوسائل حيث اصبح عدد المسلمين امرا واقعا لا يمكن انكاره ، فقد بلغ عددهم ثلث نفوس العالم (2) وهو امر مريع لاعداء الاسلام ، ومن هنا فقد عمدوا الى تحديد النسل في الدول الاسلامية والى

(1) جاء في كتاب ماذا عن ألمرأة : 145 « طالبَ اربعة من كبار القساوسة بزعامة اسقف مدينة كانتربري في اواخر القرن العشرين الميلادي ــ في بريطانيا باباحة التعدد للمسيحين من اجل المصلحة العامة ومصلحة النساء انفسهم » وفي المانيا صرح السيد فون مسلس : « بان قاعدة تعدد الزوجات لازمة ضرورية للسلائل الآرية » ، هذا وقد ايد الكثير من علماء الغرب نظام تعدد الزوجات ، راجع تصريحاتهم في كتاب ماذا عن ألمرأة : 100 .
(2) راجع بشان ذلك المقدمة التمهيدية لمعجم المشاريع الحسينية من هذه الموسوعة .
شمس ألمرأة لا تغيب 80

استخدام الاعلام في سبيل بيان مضار التعدد وكثرة الانجاب ، والى افتعال الحروب ، بل الى تجويع الامة باشكال مختلفة والى استئصال ارحام النساء بطرق ملتوية والتي تم الكشف عن حالات كثيرة في عدد من الدول الغربية والدول العربية ، والى عقم الرجال باساليب دنيئة عبر بعض الماكولات والملبوسات والتي كشف النقاب عنه اخيرا ، والى استخدام الاسلحة الجرثومية والكيمياوية في عدد من الحروب التي اشعلوا فتيلها في الشرق ، مضافا الى استخدام بعض السبل الانسانية ، كالاغاثة وقبول اللجوء لاغراض لا انسانية ، والتي منها تغير المعتقد من الاسلام الى غيره ، وهناك اساليب اخرى لامجال لذكرها وبيان تفاصيلها لانها خارجة عن موضوعنا الرئيسي هنا ، ولعلها تجد مكانها في مقطع اخر من هذه الموسوعة (1) .
واخيرا فقد بثت احدى الفضائيات في اخر عام 1423 هجري حوارا مع بعض التجمعات النسائية فلوحض ان بعض هذه التجمعات والتي مقرها في القاهرة تسعى الى

(1) وفي قبال ذلك نجد ان بعض الاديان الاخرى والذين هم من الاقلية يسعون الى كثرة الانجاب بالطرق الحديثة وقد ذكرت لي احدى الطبيبات المشرفة على بعض الحالات بكثرة مراجعة ابناء هذا الدين الى المستشفيات فبدأوا ينجبون اكثر من عشر اولاد بينما كانوا في السابق يقتصرون على اثنين وثلاث .
شمس ألمرأة لا تغيب 81

الترويج لاجل التعدد لانها ترى بانه الحل الامثل لمشاكل الحياة الزوجية والخيانات الحادثة بكثرة والى تفكك الاسرة والعنوسة والطلاق (1) .
ومن المناسب ننقل ما اورده ول ديورانت (2) عن مسالة تعدد الزوجات في الغرب مانصه حرفيا : « ولاشك ان تعدد الزوجات لاءم حاجة المجتمع البدائي في ذلك الصدد اتم ملائمة ، لان النساء فيه يزدن عددا عن الرجال ، وقد كان لتعدد الزوجات الفضل في تحسين النسل اعظم من فضل الزواج من امراة واحدة الذي ناخذ به اليوم ، لانه بينما ترى اقدر الرجال واحكمهم في العصر الحديث هم الذين يتأخر بهم الزواج عن سواهم ، وهم الذين لاينسلون الا اقل عدد من الابناء ، ترى العكس في ظل تعدد الزوجات والذي يتيح لاقدر الرجال ان يظفروا بخير النساء ، ان ينسلوا اكثر الابناء ،

(1) برنامج خاص للنساء من فضائية الجزيرة الذي يبث كل مساء اثنين من ايام الاسبوع . وجاء في كتاب ماذا عن ألمرأة : 151 « ان تركيا ذات الشعب المسلم لوت وجهها عن الاسلام واصدرت سنة 1926 م (1245هـ) قانونا مدنيا منعت بموجبه تعدد الزوجات ولكن لم تمض ثمان سنوات حتى هال اولياء الامر فيها عدد الولادات السرية ، وعدد الزوجات السرية ، وعدد وفيات الاطفال المكتومة » .
(2) ديورانت ، ول وايريل Dutant Will (Iam James)i ، ولد سنة 1303 هـ (1885م) . مرب و مؤلف امريكي ، ويعتبر احد ابرز الكتاب الذين وقفوا جهودهم على تبسيط التاريخ والفلسفة . ترك اثار منها : الفلسفة والمشكلة الاجتماعية ، قصة الفلسفة . اشتهر بكتابه قصة الحضارة ، وجميعها الفت باللغة الانكليزية . توفي بعد عام 1387هـ (1967م) .
شمس ألمرأة لا تغيب 82

ولهذا استطاع تعدد الزوجات يطول بقائه بين الشعوب الفطرية كلها تقريبا ، بل بين معظم جماعات الانسان المتحضر ، ولم يبدأ في الزوال في بلاد الشرق الا في عصرنا الحاضر ، لانه قد تآمرت على زواله بعض العوامل » (1) .
ويظهر لنا مما قدمنا ان تعدد الزوجات ليس ظاهرة متخلفة والذي تصر عليه الثقافة الغربية غير المتأصلة ، بل انه لابد من حل بعض الثغرات الناشئة من سوء التصرف ومن استغلال الرجال لها لمصالحهم الشخصية الضيقة .
ومن نافلة القول هنا الاشارة الى زواج الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بتسعة زوجات والذي اصبح من خصائصه بمعنى عدم تجاوز الاربعة لغيره ، فقد وضحنا في مكان اخر (2) هذه المسألة واستعرضنا جانبا منها ، وحاصله : ان زواجه من نسائه بعد الهجرة كانت فيها مصالح اجتماعية او قانونية او سياسية ، ولم يكن قد تزوج لاجل النزوات الجنسية والعياذ بالله ، وقد استعرض هذه المسالة جمع من العلماء والمؤلفين (3) ، ونشير على سبيل المثال فان في تزويج ابنة عمته زينب بنت جحش الاسدية لزيد بن حارثة ــ الذي كان عبدا وحرره ــ حكمة رفع

(1) قصة الحضارة : 1/27 .
(2) راجع الجزء الاول من السيرة الحسينية من دائرة المعارف الحسينية ــ المعدة .
(3) راجع حقوق النساء في الاسلام : 89 .
شمس ألمرأة لا تغيب 83

الطبقية التي كانت سائدة ، ثم بعد طلاقها ، قام بتزويجها ، لحكمة ابطال بدعة ، عدم الزواج من زوجة الابن بالتبني ، وما تزويجها لزيد اولا ، ولنفسه ثانيا بعد طلاقها من زيد الا وكان بأمر من الله جل وعلا ، كما ان زواجه من جويرية بنت الحارث المصطلقية كان سببا لاعتاق جميع الاسرى والسبايا من قبل المسلمين حيث وجدوا ان كل منهم قد اسر من اقارب زوجة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فعظم ذلك عليهم فحرروا جميع الاسرى والسبايا ، وهكذا تم زواج الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) من زوجاته فان في كل واحدة سرا وحكمة للمصلحة العامة وللاسلام والمسلمين ، ولاريب انه كان يقوم بذلك تحت مظلة السماء .

شمس ألمرأة لا تغيب 84




شمس ألمرأة لا تغيب 85

الحضانة

ان الحضانة في الاساس مرتبطة بالرضاعة ، وبما ان ألمرأة تمتلك القدرة على القيام بامور الطفل ، فان حياة الطفل ترتبط بها منذ ان اصبح رحمها المكان الانسب لنطفته ، وهو خير بيت يحمي الجنين فيه وينمو بعد خلقته وعلى اثرها جاءت الرضاعة التي هي جزء لايتجزأ من الحمل والانجاب ، ويبقى حليبها هو الغذاء الافضل للطفل كما اعترف العلم الحديث بذلك ، ووردت احاديث من الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) واهل بيته (عليهم السلام) في هذا الاتجاه ايضا ، ومن هنا فان حرمان الطفل من امه ظلم لايغتفر ، وله اثار سلبية تظهر في الكبر ، ولقد اكتشف العلماء حديثا ان الكثير ممن يبتلى بضغط الدم ناتج من حرمانه حليب الام ، كما ذكروا بان افراغ الحليب من ثدي الام يحول دون اصابة الثدي بالسرطان ، بالاضافة الى مص الطفل لثدي امه هو الاخر يقلل من نسبة اصابة الثدي بالسرطان ، الى غيرها من اثار وفوائد للطرفين .

شمس ألمرأة لا تغيب 86

ومن المعلوم ان الرضاعة امدها سنتان بلا خلاف حيث قال تعالى : « حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً » (1) . ورغم ان الرضاعة حق من حقوق الطفل الا ان الام لها الحق في اخذ الاجرة على ذلك من زوجها (2) ان لم تتبرع بذلك ، حيث ان المسؤولية تقع على الاب . ولا خلاف بان الام احق بحضانة الطفل من غيرها ان شائت ، وكانت مامونه على الطفل من عقيدتها وسلوكها ، ولم تتزوج ، واقل الحضانة سنتان ، واكثرها سبع سنين على خلاف في ذلك ، وربما قالوا حتى البوغ او التمييز ، واما بعد ذلك فياتي دور الاب في تحمل مسؤولياته (3) .
ولا تنافي بين كون الام احق بالحضانة وبين ان لها الحق في ان تقبض الاجر على حضانتها للطفل ، وذلك حفضا على حقوقها المادية والمعنوية ، وحقوق الطفل ايضا ، وهذا دليل اخر على ان الاسلام قد حافظ على الطفل والام ولم

(1) سورة الاحقاف ، ألآية : 15 .
(2) في دراسة حول القوانين وحقوق ألمرأة والتي انتشرت في اواخر الثمانينيات من القرن الماضي من خلال مؤتمر ألمرأة العالمي ، كشفت البحوث آنذاك ان الشريعة الاسلامية كقانون اعطت ألمرأة من الحقوق ما لم يوجد في اي من القوانين الوضعية حتى تلك التي تصدرها الدول الداعية الى تحرير ألمرأة . ومما اشارت اليه الدراسة هو ان الاسلام اعطى للمراة حق الاجرة عن ارضاع الطفل ، وترك لها ان تتبرع بذلك ، راجع اليونسيف ــ حقوق ألمرأة ــ المعدة .
(3) راجع الفقه الاستدلالي : 7/742 ، منهاج الصالحين : 2/315 .
شمس ألمرأة لا تغيب 87

يترك جانبا من جوانب المسالة الا وبينها ورعاها . فالطفل في هذه الفترة بحاجة الى الحنان والعطف اللذان مصدرهما الام ، دون الاب ، واما بعد ذلك فان الطفل بحاجة الى مراقبة وتربية ورعاية ، فالاب اقدر على ذلك من الام ، وما يحاك ضد الاسلام حول رعاية الطفل وحرمان الام منه محض افتراء .

شمس ألمرأة لا تغيب 88




شمس ألمرأة لا تغيب 89

حق الطلاق

الطلاق كما هو مروي ابغض الحلال عند الله ، وانه غير محبذ في الاسلام ، وهو من جهة اخرى « اخر العلاج الكي » ، فعندما لايتمكن الزوجان من التفاهم في ادنى مراتب العيش في الحياة الزوجية المشتركة فانهما يعيشان في جحيم مستمر عندها ياتي الاسلام ليشرع لهما الطلاق الذي طالما حرمته بعض الفرق المسيحية الى ان اضطرت الى اباحته ، ومن المعلوم ان للطلاق شروطا صعبة بالاخص حسب منظار مذهب اهل البيت (عليهم السلام) وذلك محاولة منهم لدرء الفصل بين الزوجين مهما امكن ، ومن تلك الشروط شهادة العدلين ، مضافا الى عدم التسرع بالطلاق من قبل الحاكم بل وعليه محاولة التوفيق بين الزوجين ، ومما فرضه الاسلام ان الطلاق لايقع في حالة الحيض (1) ، ومن تلك العوائق :

(1) رغم ان الطلاق انفصال ولا حاجة بالرجل الى ألمرأة او بالعكس فان الشرع اشترط ان لايقع الطلاق في ايام الحيض خلافا للزواج حيث لايشترط فيه ذلك وان كان الغرض منه الاستمتاع بألمرأة ، وكذلك الحال في الشهود .
شمس ألمرأة لا تغيب 90

اخذ العدة لاعطاء المجال امام التعقل والرجوع الى الحياة الزوجية ، ومنها تكليف الزوج بالنفقة ايام العدة ، وعليه رعاية الاطفال بعد الطلاق لان ذلك من واجباته ، كل ذلك عوائق امام وقوع الطلاق ، بالاضافة الى مسالة الحكم (1) ، واخيرا مسالة المحلل بعد الطلاق الثالث ، والحرمة المؤبدة بعد التاسعة .
ان مسالة الطلاق محسومة حيث انه حل سلمي لقضية عالقة وهي عدم التفاهم ، ولابد ان يقع في اجواء هادئة لايسودها الغضب ، والا بطل الطلاق ، ولم يقع ، ومن هنا فقد امر الشرع بان يكون الطلاق بالحسنى حيث يقول جل وعلا : « الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ » (2) وقوله تعالى : « فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ » (3) .
وعلى اي حال ليس هذا هو المقصود هنا ، بل المقصود لماذا الطلاق بيد الرجل دون ألمرأة ، وقد بينا بعض جوانب المسالة لدى البحث عن قيمومة الرجل دون ألمرأة ،

(1) يقول جل وعلا : « وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا » (النساء : 35 ) ، والذي يفهم منه الوجوب على المختار ، اذ على الحاكم ان يقوم بذلك قبل الطلاق .
(2) سورة البقرة : ألآية 229 .
(3) سورة الطلاق ، ألآية 2 .
شمس ألمرأة لا تغيب 91

ونضيف هنا ان الحالات اربع : اما ان ايكون الطلاق بيد الزوج ، او يكون بيد الزوجة ، او يكون بيديهما ، او ان يكون بيد غيرهما ، اما الاخير فهو بالنتيجة اجنبي عنهما ، واما ان يكون بيديهما فلا يحل الخلاف بل يزيده تعقيدا ، ويبقى الامر اما ان يكون بيد الزوجة او بيد الزوج ، ولا مجال الى حل اخر ، فلو دار الامر بينهما لابد من دراسة الموردين واختيار ما هو الانسب واقل مفسدة ، ولا شك بان تسليم زمام امر الطلاق بيده اقل فسادا مما اذا كان الطلاق بيدها لامور عديدة اهمها : انه اكثر عقلانية منها ، وان الامر يتعلق بامور اخرى ، فاذا انيط الطلاق اليها لابد من التغيير الجذري في عدد من المسائل النفسية والجسدية والاجتماعية والقانونية والتي منها مسالة المهر والنفقة (1) . وبقية المسؤوليات الملقاة على عاتق الرجل لتتحول كل هذه المسؤوليات الى ألمرأة ، وهذا يعني تحويل ألمرأة الى الرجل والعكس بالعكس ، والامر يعود الى البدء ، وألمرأة بهذا تكون مكرمة اكثر حين خففت عنها اعباء الحياة المليئة بالمشاكل والمسؤوليات .
ومن جهة اخرى انها تتمكن من ضمانة حقها بامور عدة ، منها الضغط على الرجل بالتزامه القوانين التي وضعها

(1) ومنها نفقة العيال .

السابق السابق الفهرس التالي التالي